أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد المحسن - قصيدة الشاعر التونسي الكبير د-طاهر مشي -بلادي عزي..وفيك اعتزازي- دويّ وجداني..يلهب المشاعر..ويستنهض الهمم (قراءة فنية)















المزيد.....

قصيدة الشاعر التونسي الكبير د-طاهر مشي -بلادي عزي..وفيك اعتزازي- دويّ وجداني..يلهب المشاعر..ويستنهض الهمم (قراءة فنية)


محمد المحسن
كاتب


الحوار المتمدن-العدد: 7892 - 2024 / 2 / 19 - 23:29
المحور: الادب والفن
    


-لاشك ان د-طاهر مشي من أهم الشعراء الشبان في البلاد التونسية وتعود أهمتيه إلى تميز نصوصه الشعرية برقة الاحساس وجمال الصورة ورونق الايقاع ..(الكاتب)

قد لا يحيد القول عن جادة الصواب إذا قلت أن الأغنية الوطنية هي موروث ثقافي يتبادر إلى الذهن مع كل مناسبة تمر بها أي بلد لتزيد من مشاعر حب الأوطان بكلماتها القوية وموسيقاها وطريقة أدائها،كما تعد الأغنية الوطنية تأريخاً للأحداث السياسية التي مرت بها البلاد وتؤثر وتتأثر بكافة المتغيرات الموجودة وتساهم بقدر كبير في تعبئة الشعور الوطني والقومي في جميع المتغيرات والأحداث السياسية.
ولا ننسى جميعنا عرب وتونسيون نشيد بلادي بلادي الذي غناه سيد درويش ليكون مبادرة خلاقة لمئات الأغاني المصرية التي بدأت القرن الماضي ومستمرة حتى يومنا هذا..
ولكن للأسف لا يتم إذاعتها سوى في مناسبات محددة ومن أهمها حالياً ذكرى انتصار السادس من اكتوبر،وهي الحرب التي ارتبطت في أذهان العرب والمصريين بجانب الانتصار الكبير بنوعية جديدة من الأغاني الحماسية التي تفاعل معها الجمهور بصفتها تعكس أحداثا سياسية الى أن أصبحت جزءاً من ذاكرتنا جميعاً وأداة توثيق لكثير من المراحل التي ساهمت في تشكيل وجدان الشعب المصري وعموم الشعب العربي.
إنني من جيل انتمى إلى مرحلة الأناشيد الثورية وتفتح وعيه عليها وهي التي شكّلت يوماً من الأيام معالم المشهد النضاليّ،لا بل حدّدت سمة الصراع مع العدو الإسرائيلي»،وكانت تعبيراً أميناً عن وجدان الناس،واللغة التعبوية المؤمنة بحتمية الانتصار،التي ننطق بها ونبثّ همّنا الوطني المترنّح بين عنت ومعاناة،وجرحنا النازف لتكون المحفّز الحماسيّ والمتنفّس،تعزّز دورها المتّقد.
وعلى هذا النحو ارتقى الغناء العربي،وارتفع بمستوى الذوق الفني للمستمع العربي،ولم يكن ذلك متاحاً أو ميسراً لولا الشعراء وصناع الكلمة الشعرية المنغمة،الذين كان لهم الفضل الكبير في توجيه الأغنية إلى طريق الابتداع والابتكار،بما يجعل الفن الغنائي العربي يضاهي ويتجاوز أحياناً روائع الموسيقى في العالم،وهذا انطلاقاً من كون النص الشعري هو الذي يوجه قريحة الملحن،ويوقظ فيه عبقرية النغم والإلهام.والفنان الملهم هو من يقدر على استنباط الصور والمعاني الجميلة المعبرة التي يوحي بها النص الشعري،وهذا لن يتأتى إلا إذا كان الفنان الملحن صاحب موهبة حقيقية وصاحب ثقافة فنية وتكوين أدبي وحامل رسالة فنية،كما يمكن أن نلمس هذه الحقيقة في قصيدة الشاعر التونسي الكبير د-طاهر مشي" بلادي عزي..وفيك اعتزازي"* التي أبدع في تلحينها الموسيقار"رياض يونس" وأبهرنا في أدائها الشاعر الفنان"قيس الشرايطي"

بلاديَ عِزّي وَفيكِ اعتِزازي

بلادِيَ عزّي وكنزِي الثمين
تغيبين عني وأنت الحياةُ
أراكِ كظِلّي، كَكنزٍ مَصونْ
وعند المساء تُوارَى الظّلالُ
وَتبقَيْ بِقلبي..وَبُبُّو العُيونْ!
وَهبْتُك حُبّى فَلا تهجُرينْ
سأبقى على عهدِ عِشقِي الدّفينْ
وكيف أراكِ فكلّي..حنين؟
فِداؤكِ روحي وعمري الثّمينْ
أخوضُ لأجلكِ أرضِي انتِصارًا
أذودُ؛ لِتحيَيْ وَكُلّي..يقينْ
طَوَيْتُ أَراضِ وَخُضتُ غِمارًا
سجدتُ إلى اللهِ فَهْوَ المُعين
جثوْتُ على ركبتي في الليالي
وَجُبت الفلاةَ بِقلبٍ حَزينْ !
كذا من جفوني ذرفت الدّموعَ
وشوْقي بأعطافِ صدري سجينْ
رأيتُ المدى..شُموخَ الرّواسي
وعند الوغى صُخورًا..تلينْ
بِبأْس الضَّوارِي أهُدّ الحُصون
فأَغدو بأرضِي كَحِصْنٍ حَصينْ
وأمضي بنَصْرٍ كَشبْلِ الأسودِ
وأبني عليها وفيها العرينْ !
وأتلو تباريحَ شَوْقِ انتِصارٍ
وآياتِ رَبّي..كِتابِي المُبينْ!
وما فرّقَتنْا الأعادي بغدرٍ
فَكُلٌّ على العَهْدِ،صانَ اليَمينْ
بلاديَ عِزّي وَفيكِ اعتِزازي
فحبُّك ينمو بَصَدري جَنينْ !

(طاهر مشّي)

للوطن في نفوس أبنائه من الوشائج ما يجعله متوهجا أبدا في القلوب،وقد انبري الشعراء الوطنيون منهم لترجمة ذلك التوهج شعرا ومشاعر،ومن أبرزهم أبو القاسم الشابي بتونس وأحمد شوقي بمصر ومحمود درويش بفلسطين،لذلك يميل بعض النقاد إلى القول:" يعبر الشعر الوطني عن أحاسيس الشعراء تجاه وطنهم ويصور قسوة المستعمر تحريضا علي الثورة
"استنهاضا للهمم."
وهاهو اليوم الشاعر التونسي الكبير د-طاهر مشي ينحت لوحة ابداعية تجلت فيها أحاسيس الوطنية وترجمت حبه لوطنه تونس وتعلقه به تعلق الحبيب بحبيبه،فإذا بالعلاقة بينهما علاقة عشق وهيام يتجاوز حدود الإعتراف بالوجود فيه إلى الوجد به.
فهذا المعجم الغزلي ينفتح بنا إذن على عالم مثال من المشاعر والأحاسيس الراقية التي تؤثث مكانة الشاعر (د-طاهر مشي) في وجدان المتلقي،وتمنحه أيضا في المدى المنظور مكانة مخصوصة في مدونة الشعر العربي..
لقد كان الشعر الوطني على هذا النحو وسيلة فنية اتخذها الشعراء مسلكا إلى النضال لا يقل أثرا في النفوس عن الفعل النضالي المباشر،إذ كانت المشاعر الوطنية منغرسة في أتون القلوب المتوهجة عشقا،فالوطنية بذلك سواء عند الشابي،أو الطاهر مشي أو شوقي أو درويش إحساس مقدس لا تضاهيه أي قيمة أخرى فهو الذي يستمد نفاسته من مشاعر الحب وقداسته من مبادئ الدين.ووجاهته من القيم الإنسانية عامة.
لا يكاد يخلو سجل أعمال د-طاهر مشي الشعرية من القصائد الوطنية المغناة،حيث يحوي مشاعر ملتهبة بالعواطف المتوقدة والمتأججة بحب الوطن،وأقصد بهذه الجزئية أن يبوح الشاعر بمشاعره بصورة ذاتية،بمعنى أن يتغنى بمشاعره الوطنية،في شكل مناجاة،أو مخاطبة ذاتية حميمة للوطن.وأبرز تلك الأعمال:"،بلاديَ عِزّي..وَفيكِ اعتِزازي وهناك الكثير الذي جاد به،ولا يزال في جعبته المزيد.
إن الشاعر الوطني في نهاية الأمر أديب ملتزم بهموم شعبه،إذ يشاركهم أحاسيسهم ومعاناتهم، فيتفاعل معها وينفعل بها،ليترجم ذلك صورة وصوتا،وإيقاعا موسيقيا حماسيا يستحيل نشيدا يصدع به الناس في الساحات العامة،وتتغنى به البراعم التلمذية والطلابية في المدارس والجامعات،على غرار هذه القصيدة الراقية للشاعر التونسي الكبير د-طاهر مشي"بلاديَ عِزّي..وَفيكِ اعتِزازي"التي داعبت وجداني بلحنها العذب،حركت عواطفي وأيقظت فيَّ مشاعر وأحاسيس كانت هاجعة في ذاكرتي منذ زمن بعيد..


* الأغنية الوطنية "بلادي عزي..وفيك اعتزازي"
-كلمات الشاعر التونسي الكبير د-طاهر مشي
-أداء الشاعر الفنان قيس الشرايطي
-ألحان وتوزيع رياض يونسي
-كورال: حسان العبيدي وخولة وخلود بن عثمان
-مونتاج: لطفي بن نصر



#محمد_المحسن (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لقاء خاطف مع أستاذة الموسيقى الموهوبة نورة حمدي
- د-طاهر مشي..شاعر تونسي كبير..منبجس من ضلوع الألم..
- تمظهرات الموت بصوره القاتمة في قصيدة - تقترب منٌي الساعة..ال ...
- الإحتفاء ب-عيد الحب- بقلب مكسور..!
- الومضات الشعرية للشاعرة التونسية القديرة أ-نعيمة المناعي..مر ...
- تجليات صورة الموت في قصة - إلى عاصفة احتضار- للكاتبة والأديب ...
- قراءة في قصيدة الشاعر التونسي الكبير د-طاهر مشي -تقبّلْ دُعا ...
- إشراقات صورة الأم..وتجليات الصورة الشعرية في -مهما كبرت يا أ ...
- حين -يرتدي-الشعر..قناع الوَجَع..تتشكل القصيدة هندسيًا وتشكيل ...
- قراءة-عجولة-في قصيدة -إلى زوربا- للشاعرة التونسية المتمرسة ف ...
- صاحب -الأرملة السوداء- الكاتب التونسي المتمرس محسن بن هنية ي ...
- تجليات الصور الفنية في قصيدة -الكلُّ عائدُ،هكذَا الأدوارُ!- ...
- قراءة-عجولة-في قصيدة (أمّاه..يا مهجة الروح..ونرجس القلب) للش ...
- الشاعر التونسي الكبير محمد الهادي الجزيري-يوصيني خيرا-ببعض ق ...
- مولود إبداعي متميّز (ترانيم العشق )*للشاعر التونسي الكبير د- ...
- هوذا الكاتب التونسي الكبير محسن بن هنية..الذي وضعتني-الأقدار ...
- تأثير الواقع النفسي للشاعر في اتساق اللفظ والمعنى مع واقعه ق ...
- قراءة انطباعية-متعجلة-في قصة قصيرة جدا بعنوان (-رغيف-..مغموس ...
- قصائد تونسية ستبعث في أعماقكم الشعور بالانتماء إلى طين الأرض ...
- وجه من النخبة الفكرية والثقافية التونسية: الشاعر الكبير د-طا ...


المزيد.....




- تحية لروح الكاتب فؤاد حميرة.. إضاءات عبثية على مفردات الحياة ...
- الكاتب المسرحي الإسرائيلي يهوشع سوبول: التعصب ورم خبيث يهدد ...
- من قال إن الفكر لا يقتل؟ قصة عبد الرحمن الكواكبي صاحب -طبائع ...
- أروى صالح.. صوت انتحر حين صمت الجميع
- السعودية تخطط لشراء 48 فدانا في مصر لإقامة مدينة ترفيهية
- هل يشهد العالم -انحسار القوة الأميركية-؟ تحليل فالرشتاين يكش ...
- التمثيل النقابي والبحث عن دور مفقود
- الفنان التونسي محمد علي بالحارث.. صوت درامي امتد نصف قرن
- تسمية مصارعة جديدة باسم نجمة أفلام إباحية عن طريق الخطأ يثير ...
- سفارة روسيا في باكو تؤكد إجلاء المخرج بوندارتشوك وطاقمه السي ...


المزيد.....

- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد المحسن - قصيدة الشاعر التونسي الكبير د-طاهر مشي -بلادي عزي..وفيك اعتزازي- دويّ وجداني..يلهب المشاعر..ويستنهض الهمم (قراءة فنية)