أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد عبد الشفيع عيسى - بين حرب الإبادة الشاملة، والمقاومة المُميتة التي لا تبقى ولا تذر















المزيد.....

بين حرب الإبادة الشاملة، والمقاومة المُميتة التي لا تبقى ولا تذر


محمد عبد الشفيع عيسى

الحوار المتمدن-العدد: 7887 - 2024 / 2 / 14 - 02:37
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يقولون "حرب الإبادة البشرية" Genocide ولا يقولون شيئاً عن مقاومة الإبادة بصناعة الموت "المقدس" الذى لا يبقى ولا يذر .
ويتحدثون عن الاستعمار ولا يذكرون حركة التحرر الوطنى، وعن الاستعمار الاستيطانى يتكلمون، ولكن لا يتكلمون عن " نزع الاستيطان " بقوة السلاح الشعبى أو (البدائى) إن شئت، بغير مواربة .
وعن العنصرية يرفعون العقيرة، ولا نسمع عن ضرب العنصرية بالوطنية الخالصة المســـــــــلحة، أما عن " التهجير القسرى " فحدّث ولا حرج، ولكن لا حديث عن مقاومة التهجير باستنبات الأصالة- فلماذا ؟
و إنّ لنا تصوراً معينا فى رؤية الظاهرة الاجتماعية فى بعدها الفلسفى المكين ، حيث كل ظاهرة اجتماعية لها وجهان متناقضان ولكن متكاملان، أو هما ضدان يجتمعان، وكل منهما يكمل الآخر فى وحدة (جدلية) أو (ديالكتيكية) : التناقض فى داخل الوحدة، أو الوحدة التناقضية العتيدة.
قل مثل ذلك تماما عن حرب (قطعان الهمج الصهاينة) هذه الأيام ضد أهل (غزة) الفلسطينية، وكتائبها المقاتلة، المُعمّدة بالدم .
فالعنف الصهيونى الجارى، الاعتباطى ربما بغير نسَق مرسوم، يقابله عنف (ثورى) لا يخشى شيئاً، ولا بصبر على ضيمْ. عنف يقابل العنف، ودم يسيل على جنبات الدم، وعنصرية فائضة تقابلها على الضفة المقابلة، نزعة " للتمركز حول الذات " الوطنية دون وجل أو خجل .
هذا ، و إن وجهى الظاهرة التناقضية، لا يختلفان من حيث " التميز " Distinction، بحيث إن كلا منهما لا نجد له شبيهاً كاملاً، وأن وجدنا نظيراً إلى حد معين هنا أو هناك.
كل منهما، العدو والنقيض، الظالم والمظلوم، أى الدم والدم، نبتة لا نعرف كيف نشأت وتنامت، عبر الزمن.
بالتطبيق على ظاهرة (غزة) الراهنة فإن الوجه التناقضي القائم على العدوان، والعنصرية والتهجير، والتعميد بالدم القانى الخالص، يقابله وجه تناقضى يسعى إلى (اقتلاع) و (نفى) العدَو الذى سبق بممارسة (رقصة الموت) كل آن .
كلَ من العدوَين "اللدودين" له شخصيته المستقلة حقاً دون اختلاط، بملامح لم يسبقها إليها أحد، كأنه كائن فريد، أو كأنه " إنسان " مثلاً، ولكل إنسان " بنان " مختلف تماماً عما سواه، كما نص القرآن .
الطرف الصهيونى يمارس العنف الاعتباطى ضد الشعب الفلسطينى الآن؛ وربما لم يسبقه أحد بهذه السمات طوال التاريخ، برغم أوجه الشبه الكثيرة أو الاختلاف .
قام الأوربيون فى القرن السادس عشر والسابع عشر والثامن عشر بالتسلل والتلصص على ثغور إفريقيا، وقاموا باصطياد البشر وساقوهم (زرافات و وحدانا ) على سفن الموت، شحنا إلى، قارة أمريكا الشمالية بالذات، والوسطى والجنوبية، فمات منهم أثناء عملية الشحن والنقل ملايين؛ ثم تحولوا إلى عبيد لممارسة العمل بالسخرة فى مزارع القمح وغيره، لدى البيض المهاجرين من أوروبا.
ولم يكتف المهاجرون بذلك بل مارسوا الإبادة البشرية، العنيدة عن طريق نصب المَقاتل للسكان (الأصليين) الذين أطلقوا عليهم مسمَى (الهنود الحمر)، فانتزعوا أرضهم وما يملكون، وسلبوا حضارتهم وما يرثون، سعياً إلى مسح ذكراهم من سيرة التاريخ. حتى ليقال (الهنود الحمر) ولا يقال عن هؤلاء ما يشير إلى هوية كانت يوماً ما أو ستكون .
هنا وجه شبه مع الغزو الصهيونى العنصرى الجاري،الذى يسعى إلى تهجير أهل البلد، بل ومحوهم من خارطة التكوين التاريخى-الجغرافى، كأنهم لم يكونوا يوماً ما . وما القتل الجماعى في غزة اليوم بالقاذفات المقاتلة وبالمدفعية الثقيلة سوى نوع من التكرار لإبادة من أسموهم (الهنود الحمر) يوماً ما .
ولما دخل التتار بغداد وأسقطوها كعاصمة للدولة الإسلامية (العباسية) عام 1258م ، فإن ذلك يشبه ما فعل ويفعل (قطعان الهمج الصهاينة) اليوم فى مدينة غزة و جباليا و خان يونس وغيرهما كثير .
وأما نزح موارد البلدان المتوسطية من قِبَل روما القديمة، خاصة القمح، فذلك ما يشبه نزح موارد فلسطين، ثغراً وحجراً، وماءً ونهراً، وزرعا وضرعا، وتحويلها إلى قطعان (المستوطنين) القادمين من بعيد .
أما ما فعله " النازي" فى الثلاثينات من القرن العشرين فهو يشبه ما فعله ويفعله الصهاينة بشكل أو آخر. كما أن ما فعله (الفاشيون) الطليان عند غزو و استعمار ليبيا منذ 1911 ، ومن ثم ممارسة "لإبادة" بمعنى معين ضد الليبيين بالنفي والتهجير والاستغلال الاقتصادى والقتل، فذلك أيضا مما لا يختلف عن بعض ما يقوم به (قطعان الهمج الصهاينة) حالياً ، على نحو ما أوضح د. على عبد اللطيف أحميده في كتابه عن "الإبادة البشرية في ليبيا".
وكذلك ما فعله الاستعمار اليابانى فى منشوريا أو غيرها بين الحربين، يشبه ما يقوم به (القطعان) فى بعض الأوجه أيضا.
ولكن كل أوجه الشبه هذه، لا تجعل من ممارسة العنف الصهيونى (نسخة) مما جرى هنا أو هناك. فما يجرى فى غزة ليس بالضبط كما جرى فى أمريكا الشمالية أومنشوريا وليبيا و غيرها .
هذا، واذهب إلى الوجه الآخر للظاهرة الاجتماعية الفلسطينية و "الغزاوية" لترى أن المقاومة الوطنية (الحمساوية مثلاً) متميزة وليس لها شبيه تام، وإن كان لها نوع أو آخر من النظير .
هناك شىء عن التشابه والتناظر مثلاً مع ممارسة (حرب العصابات) "شرق الآسيوية" بين الحربين العالميتين في القرن العشرين، ضد اليابانيين ثم الفرنسيين. ولكن "حرب عصابات" (حماس) تختلف ..!
وأعمال البطولة الفلسطينية و (الحمساوية) – إن صح التعبير-ضد الصهاينة الساعين إلى الحلول محل أهل البلاد ،والاستيطان والسكنى بدلاً منهم، هذه أيضا ليس لها شبيه تام، برغم إمكان وجود نظير .
الخلاصة أن العدوان الصهيونى الآن، والعنف الممارس، له سماته الخاصة به تماما، وكذلك المقاومة الوطنية الفلسطينية المقابلة.
وتتلاحم عنصرية وعنف الهمج الصهاينة، مع مقاومة الفلسطيني البطل، ليكون من امتزاجهما الملحمي تكوين فريد لظاهرة لم يسبق لها مثيل .
تلك إذن هى (فينو مينولوجيا) –أو "ظاهرية" العدوان والمقاومة؛ و بتعبير أدق هو (ديالكتيك) العنف والدم على جانبىْ صفحات الملحمة ، حيث تنطبق قوانين "الديالكتيك" العتيدة؛ من الترابط المتبادل والتغير المستمر، و "التناقض في داخل الوحدة".
و قد يكون لنا حديث نستكمله حول صفحات الملحمة هذه فيما بعد بإذن الله .



#محمد_عبد_الشفيع_عيسى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الادخار والاستثمار و تطور هياكل الإنتاج
- من -باكس أميريكانا- إلى -الأول بين المتساوين- ..؟ الغرب الأم ...
- صراعات الزمان و المكان الراهنة في العلاقات الدولية؛ و أين نح ...
- تاريخ ما اهمله التاريخ حول النظام العالمي
- هل هي حرب نووية عالمية على الأبواب..؟
- الجذور الاجتماعية للعنف والحرب: دروس غير مستفادة من الأزمة ا ...
- جولة قصيرة في عالَم -الجراثيم الدولية-..! شبه أقصوصة من الفا ...
- ملامح من الأزمة الروسية -الأوكرانية الراهنة : بذور و مقدمات
- أوربا تنتحر .. ! وداعا للغرب و للشرق أيضا.. و مرحبا بالعالم ...
- التاريخ البشري يكتبه المتحيزون و يصدّقه العوام؛ فأين علم الت ...
- جائزة نوبل و علم الاقتصاد... أيُّ علمٍ هُو ..؟
- - دراما عربية -: آسيوية – إفريقية ..! تأملات -طائر مُحلِّق-
- كيف نفهم الاقتصاديات الدولية الراهنة..؟ أثر السياسة على الاق ...
- نظام دوليٌّ مهترِئ، و عالمٌ ممزّق
- قيام و سقوط -القوة العظمى الوحيدة-..!
- الوجود العسكري الأمريكي في الشرق الأوسط: ملاحظات من وحي تقري ...
- حول مقولة -التقدم الإنساني- : مساهمة أوّليّة في البحث الفلسف ...
- فكرة -التقدم التاريخي-؛ هل هي صحيحة تماما؟ و إلى أيّ مدى ..؟ ...
- بين سلطة العلم و سطوة الهوى خيطٌ رفيع ..!
- (الدولة القومية للشعب اليهودي !) تأبَى الاعتراف ؛ و -اليمين ...


المزيد.....




- قطة تشق طريقها إلى ولاية أمريكية أخرى دون علم أصحابها.. شاهد ...
- صفقة التطبيع بين إسرائيل والسعودية على الطاولة من جديد
- المسؤولون الإسرائيليون في مرمى الجنائية الدولية
- الاحتجاجات تتصاعد ضد الحرب في غزة.. عشرات الطلبة يتحصنون في ...
- الولايات المتحدة: مقتل 4 ضباط شرطة في مواجهة استمرت 3 ساعات ...
- محامون حكوميون يحثون بايدن على وقف تسليح إسرائيل لإنتهاكها ا ...
- الحوثيون يهاجمون أربع سفن بالمحيط الهندي والبحر الأحمر
- اتصالات أميركية قبيل تسلم رد حماس بشأن وقف إطلاق النار بغزة ...
- قاعدة أميركية في الأرجنتين لتضييق الخناق على الصين!
- اجتماعات عربية أميركية في الرياض لبحث تطورات الحرب الإسرائيل ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد عبد الشفيع عيسى - بين حرب الإبادة الشاملة، والمقاومة المُميتة التي لا تبقى ولا تذر