أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله تركماني - إخفاق العرب تجاه المطامع الأجنبية والعدوانية الإسرائيلية














المزيد.....

إخفاق العرب تجاه المطامع الأجنبية والعدوانية الإسرائيلية


عبدالله تركماني

الحوار المتمدن-العدد: 7882 - 2024 / 2 / 9 - 20:50
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ما زالت الأمة العربية تنتقل من إخفاق إلى إخفاق، إذ نعيش اللحظة التي تلتقي فيها النهاية مع البداية، والتي تمتد جذورها في عمق التاريخ العربي الحديث، تاريخ الأزمة الواقعية التي تعيشها المدنية العربية ذاتها، بما هو تاريخ استبعاد العرب من ساحة المبادرة والفعل والمشاركة العالمية.
والسؤال الآن هو: أين يكمن الخلل؟ هل في مستوى البنى الداخلية للدول العربية؟ أم في مستوى التأثير الخارجي؟ أم في تداخل المستويين الداخلي والخارجي؟
إنّ الحقيقة التاريخية الكبرى هي أنّ العالم العربي يمثِّل نظاماً سياسياً مُخْتَرَقاً من قبل الدول الاستعمارية الكبرى. فهو، من حيث كونه منطقة محيطية تربطه بالدول الاستعمارية السابقة علاقات غير متكافئة، لا يستطيع تحقيق أهداف العرب العليا، لأنّ تلك العلاقات تعتبر معوِّقة لمسيرته نحو تلك الأهداف. ذلك أنّ في مقدمة الأهداف الأساسية للاختراق الأوروبي، منذ القرن التاسع عشر، تأتي مسألة تغيير البنى الاقتصادية والاجتماعية لتسهيل الاختراق أولاً، والسعي الدؤوب لدعم المشروع الاستيطاني الصهيوني على أرض فلسطين، وقد ظهر ذلك جلياً في غزة منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر الماضي.
أما النصف الآخر من الحقيقة فيكمن في الأوضاع والقوى الاجتماعية التي سمحت لعلاقات التبعية أن تستمر، فقد دخلت سياسات القوى الخارجية وحساباتها في توجُّهات القوى المحلية، ودخلت القوى المحلية في مخططات القوى الخارجية.
وفي الواقع فإنّ أغلب الدول العربية أقامت في داخلها بنى تحول، بذاتها، دون توجُّه هذه الدول نحو النهضة المنشودة، بل وتخنق القوى التي تتطلع إلى التوجُّه نحو دول حديثة لمواطنيها الأحرار المتساوين في الحقوق والواجبات، أو تعمل لإقامة دولة كهذه. بكلمات أخرى، لقد دأبت قوى الاستعمار القديم والجديد على خلق تحالف طبقي - سياسي تمنعه مصالحه من السير نحو هذه الدولة. بل قامت الدولة العربية بمهمتين متعارضتين: إذ فتتت مجتمعاتها بدل أن تدمجها، وأحيت القوى والمصالح ما قبل الوطنية، بدل أن تميتها. مما أضعف عملية الاندماج الوطني، باعتباره الشرط الأساسي لوجودها السياسي، بينما فتحت الحدود مع الخارج غير العربي.
إنّ المنطقة العربية لم تخرج يوماً من دائرة التنافس الدولي على مصيرها، لأنها قلب العالم القديم ونقطة التوازن بين التيارات والدول الكبرى والموقع الجغرافي والاقتصادي الأكثر أهمية. وقد شكلت إسرائيل عنصر استنزاف سياسي وأمني واقتصادي لجزء مهم من الدول العربية، فهي بشكل أو بآخر لعبت دوراً خطيراً في إعاقة تقدم مصر وتطورها، وحوَّلت المشرق العربي إلى منطقة غير مستقرة.
وبقدر ما أدى التعارض المتزايد بين أجندة إقامة نظام أمني للشرق الأوسط، يلبِّي حاجات الهيمنة الغربية بالدرجة الأولى، وأجندة بناء الدول العربية الحديثة التي تعبِّر عن إرادة مواطنيها وتلبِّي حاجاتهم المادية والمعنوية، من هوية واستقلال وخدمات اجتماعية، إلى حالة من النزاع الدائم، السياسي والثقافي، ولكن أيضاً العسكري (حرب كل عشر سنوات تقريباً) سد الطريق على إمكانية هذا البناء، كما قطع الطريق على إمكانية التواصل بصورة إيجابية مع المنظومة الغربية، ومن ورائها المنظومة الدولية التي يسيطر عليها الغرب.
ومن المؤكد أنّ العدوانية الصهيونية والمطامع الأجنبية ليست هي المسؤولة الوحيدة عما نعيشه من تردٍّ وانحطاط مهما كانت خططهما محكمة، بل يقع وجه المسؤولية الرئيسية على عاتق القوى الفاعلة في بؤر الصراع، على درجة وعيها لحقيقة الشروط القائمة وتحفِّزها لتصويب برامجها وأساليب عملها.
وهكذا، يشترك العرب والقوى الغربية الكبرى سوية في إيصال وضع المنطقة العربية إلى الكارثة التي تعيشها الآن. ولا يعادل فشل العرب في تغيير واقع التبعية المطلقة التي فرضت عليهم سوى إخفاق الغرب أيضاً في تكييف مصالحه مع الحدِّ الأدنى من مصالح الشعوب العربية، فبقدر ما بقيت مشروعاً أجنبياً ووكالة للسيطرة الخارجية وقناة للنفوذ وتنفيذ الخطط والسياسات الدولية، تحولت الدولة العربية، حسب توصيف الدكتور برهان غليون، إلى أداة غريبة سالبة للمجتمع وخارجة عليه. ولأنها أصبحت كذلك افتقدت ديناميات تطورها ونموها المعنوي والقانوني والمادي معاً.
وفي المقابل نحن نعيش حالة مأزومة وشديدة الحساسية، بل ملتهبة في عدائها للآخر، وفي الوقت نفسه غير قادرة على الإنجاز والتوجُّه نحو عمل إيجابي بنَّاء يخرجها من المأزق ويعزِّز قدرتها على حل مشكلاتها. كما أنه من غير الممكن تصوُّر إنقاذ مشروع الدولة من دون تغيير جذري في سياسات القوى الغربية تجاه المنطقة، وتحكُّمها بالقرار الفعلي فيها، وهو ما يستدعي تغييراً جوهرياً في استراتيجية السيطرة الغربية يمكِّن الغرب من تكييف مصالحه، أو ما يعتقد أنه مصالح استراتيجية، مع مصالح شعوب المنطقة، بعد أن بقي ينظر إليها حتى الآن كنقيض لها، ومن دون اعتراف العرب أيضاً بتداخل المصالح الدولية، والقبول بفتح مفاوضات جدِّية حول تبادل المصالح، بما يعني إعادة تعريف واضح للمصالح العربية وضمان الاعتراف بها. فإما أن يحصل تفاهم بين العرب والغرب يقود إلى تعاون يضمن مصالح الجميع ويفتح أمام المنطقة أبواب العدل والتنمية والبناء والاستقرار، أو أن تتحول المنطقة إلى ساحة حرب واسعة وتقبل بأن يكون مصيرها الدمار والخراب الشامل، مع ضياع مصالح الجميع، العرب والغربيين على حد سواء. ولعلَّ تداعيات كارثة غزة تفتح الأفق لتوافق غربي – عربي، قائم على المصالح المشتركة في الأمن والاستقرار والتنمية لشعوب الشرق الأوسط.



#عبدالله_تركماني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تفاقم احتقان الشعوب العربية على الصعيدين السياسي والاجتماعي
- تعثّر التنمية الشاملة في العالم العربي
- الموارد العربية اسُنزفت والإرادة انتُهكت
- هدر الموارد المادية والبشرية في العالم العربي
- مأزق العمل العربي المشترك
- انبعاث الفكر الأصولي والعصبيات ما قبل الوطنية
- الأبعاد الثقافية للتأخر العربي الراهن
- التعاطي العربي الكلامي السطحي مع المشكلات
- محرقة غزة في الذكرى الخامسة والسبعين للإعلان العالمي لحقوق ا ...
- أهم معوّقات النهوض الحضاري العربي
- مخاطر الماضوية على مستقبل العالم العربي
- شرعية الأمر الواقع في الدول العربية الفاشلة
- أية شرعية للحكومات العربية؟
- تضخم سلطة الدولة وضعف المجتمع المدني في العالم العربي
- كيف تتعامل الحكومات العربية مع الحقل السياسي
- حدود الثقافة السياسية العربية
- هل يكفي الغضب لنصرة الفلسطينيين؟
- محرقة غزة والحاجة إلى الوحدة الوطنية الفلسطينية
- مجتمع المعرفة وأبعاده في العالم العربي
- رؤى لمستقبل سورية بعد التغيير


المزيد.....




- مصدر مطلع: إدارة بايدن أوقفت مؤقتًا شحنة ذخيرة إلى إسرائيل.. ...
- كيف تعزز نمو الشعر الصحي؟
- الجيش الروسي يعلن السيطرة على قرية في شرق أوكرانيا
- شاهد: علم فلسطين يرفرف في حفلة تخرج طلاب جامعة ميشيغان الأم ...
- شاهد: استعدادات الجيش الروسي لعرض الاحتفال بالنصر في الحرب ا ...
- شاهد: طلاب بجامعة جنوب كاليفورنيا يغادرون اعتصام مناهض لإسرا ...
- بوندسليغا- ليفركوزن يحقق رقماً تاريخياً بـ48 فوزاً دون خسارة ...
- كتائب القسام تنشر مشاهد قنص جندي إسرائيلي في غزة
- الجيش الإسرائيلي يعلن استهداف مبان عسكرية لحزب الله في جنوب ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل 3 جنود في قصف طال قاعدة عسكرية قر ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله تركماني - إخفاق العرب تجاه المطامع الأجنبية والعدوانية الإسرائيلية