أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله تركماني - أية شرعية للحكومات العربية؟














المزيد.....

أية شرعية للحكومات العربية؟


عبدالله تركماني

الحوار المتمدن-العدد: 7798 - 2023 / 11 / 17 - 20:48
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لم يعد وجود القائد الملهم الكاريزمي أو التقليد الموروث الراضي بالحكم المطلق مصدري شرعية مقبولين في عصر الدولة الوطنية الديمقراطية الحديثة، القائمة على الدستور والمؤسسات وفصل السلطات وتداول السلطة بالرجوع إلى رأي المواطنين الأحرار من خلال انتخابات حرَّة ونزيهة.
وفي الحالة العربية ثمة فجوة كبيرة تفصل بين الشعوب وأغلب الحكام وأزمة شك تاريخية تغلِّف العلاقة بينهما، إلى حدٍّ أدَّى إلى عزلة من يحوزون السلطة عن الجماهير العريضة بآمالها وآلامها وأحلامها، وهو أمر يؤكدُّ أنّ جزءاً كبيراً من الاحتقان السياسي الذي تشهده عدة أقطار عربية ناجم عن الفراغ السياسي الذي يحتل المساحة بين الحاكمين والمحكومين لدى معظم الشعوب العربية.
إذ إنّ الشرعية السياسية، لدى معظم الحكومات العربية، تعود إلى مرجعيات يصعب الأخذ بها أو التسليم باستمرارها، فالدنيا تتغيَّر والأحوال تتبدل وتبدو مع كل فترة زمنية تجلِّيات لم تكن مطروحة أو كانت مطروحة على استحياء من خلال مقولات صامتة، ترجمها الشباب العربي الثائر إلى فعل ثوري في موجتي ربيع الثورات العربية في عامي 2011 و2019، تتحدث عن الإصلاح والتغيير والديمقراطية. وفي هذا السياق فإنّ وجود قوى معارضة للنظم الحاكمة يحافظ على حدٍّ أدنى من التوازن الاجتماعي، إذ إنّ غياب المعارضة، على حدِّ تعبير الدكتور برهان غليون، هو الطريق المفتوحة نحو نشوء نخبة متحلِّلة من أيِّ التزام وطني كان أم أخلاقي، محميَّة من أيِّ ضغط شعبي ومرفوعة عن أيِّ منافسة أو مراقبة أو محاسبة، أي الوسيلة المثلى لخلق شروط تعميم الفساد وتحويل النخب السائدة إلى كائنات مفترسة لا رؤية سياسية لها ولا مشروع سوى التهام موارد الدولة والسيطرة عليها بجميع الوسائل. وبفقدان النخب الحاكمة لمعنى المسؤولية واستفرادها بتحديد معايير القيادة ومهامها من دون منافسة ولا نقد ولا محاسبة أو مساءلة، لم يكن هناك ما يحول دون استباحتها مصالح الناس وحقوقهم وتحوُّلها إلى عدو رئيسي للمجتمع، تستجلب نقمته أكثر مما يستجلبها العدو الخارجي نفسه.
ومن نافلة القول أنّ أغلب النظم العربية تفتقد لأيَّة شرعية دستورية وتعاني في مجملها من إشكالية في أدائها السياسي، وتفتقر إلى الشفافية في طريقة تعاطيها مع مواطنيها. وهذا يبدو جليّاً عند متابعة الممارسات السياسية التي ينتهجها أكثر المسؤولين العرب على الصعيدين الداخلي والخارجي.
وما يهمنا هنا وصف جديد شاع مؤخراً ربما يكون له أهمية كبيرة بالنسبة لمنطقتنا وهو " الدول الفاشلة "، ويعني تلك الدول التي لا يمكنها السيطرة على أراضيها، وعادة ما تلجأ إلى استخدام القوة، وتعجز حكوماتها عن اتخاذ قرارات مهمة، بقدر ما تعجز عن التأثير في حياة الناس أو اتجاه الأحداث، أو تقديم الخدمات الأساسية لمواطنيها، مع انتشار الجريمة والفساد. ومثل هذه الدول في الحقيقة لم تعد دولاً بالمعنى الحقيقي للكلمة، حيث تمثِّل الدولة الوعاء الأساسي للتنظيم الاجتماعي، وتمثيل المجتمع إزاء العالم الخارجي، وعندما تفقد سلطة الدولة قدرتها على القيام بالوظيفتين فإنها تصبح بؤرة للفوضى الاجتماعية ومصدراً لتهديد ليس سكانها فحسب بل والدول الأخرى حينما تصبح قاعدة للجريمة المنظمة والإرهاب والقرصنة.
إنّ المؤسسات الصورية القائمة، في أغلب الأقطار العربية، أو التي يتمُّ تصنيعها كشكل فارغ للتطوير والتحديث لا تكفي إلا قليلاً ومؤقتاً، كما أنّ الدساتير لا تعني شيئاً ما دامت معطَّلة بحالة الطوارئ الرسمية أو الفعلية. فالنزعة الدستورية مفهوم لا يقبل الالتفاف عليه، والعصر لن يقبل بين ظهرانيه دفاعاً مفبركاً عن الشرعية المبنية على غير العقد الاجتماعي، أي الدستور المنبثق عن برلمان تأسيسي منتخب، الذي هو وحده شريعة المتعاقدين والحكم بينهم.
كما أنّ ذريعة الدولة القوية أيضاً لم تعد كافية، فلا أحد عاقلاً يريد عبور باب التغيير عن طريق النيل من قوة الدولة التي هي بذاتها ضمانة هذا التغيير، لكنّ قوة الحاكم لم تعد التعبير الملائم عن قوة الدولة منذ قرون، فالقهر والغلبة لم يعودا مصدراً للشرعية، وليسا حصناً منيعاً للدولة في الشروط المعاصرة.
إنّ المشكلة التي يواجهها العالم العربي الآن، بسبب غياب الشرعية الدستورية، أنّ هناك دولاً مرشحة للدخول إلى مصفوفة الدول الفاشلة، بكل ما يعنيه ذلك من نتائج استراتيجية موجعة للدول التي لا تزال متماسكة وتقوم بوظائفها في حماية المجتمع من نفسه ومن الآخرين.
لقد سقطت النظم التسلُّطية، كما حال تونس في عام 2011 حتى الانقلاب الشعبوي في عام 2021، بسبب افتقارها للنقد الداخلي وغياب مفهوم الإصلاح، وبالتالي تعفُّنها الداخلي وفسادها المضطرد، واستسهالها استخدام العنف على الاحتكام لمنطق السياسة، وإمعانها في الكذب على الرأي العام وتجاهله، ورهانها على استبطان الدونية والخوف واحتقار الذات الإنسانية للمواطن. فمتى تُلمِّسُ النظم التسلطية العربية على رأسها؟ أم هي تنتظر تداعيات "طوفان الأقصى"؟



#عبدالله_تركماني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تضخم سلطة الدولة وضعف المجتمع المدني في العالم العربي
- كيف تتعامل الحكومات العربية مع الحقل السياسي
- حدود الثقافة السياسية العربية
- هل يكفي الغضب لنصرة الفلسطينيين؟
- محرقة غزة والحاجة إلى الوحدة الوطنية الفلسطينية
- مجتمع المعرفة وأبعاده في العالم العربي
- رؤى لمستقبل سورية بعد التغيير
- مظاهر غدر الثورة السورية
- الاستحقاقات أمام اللاجئين السوريين في العالم
- دروس تعقيدات وقائع الثورة السورية
- الأسباب العميقة للثورة السورية المتجددة
- الحداثة ومكوناتها في مرآة الضرورة العربية
- حول المسألة القومية وتجلياتها في سورية
- أصول التجزؤ العربي (2 - 2)
- أصول التجزؤ العربي (1- 2)
- توصيف عام للعالم العربي
- بعض مظاهر المحنة العربية (2 - 2)
- بعض مظاهر المحنة العربية (1 - 2)
- في السيرورة التاريخية لربيع الثورات العربية
- سمات البيئة الإقليمية في الشرق الأوسط


المزيد.....




- فوائد التدليك العلاجي للجسم
- نسخة صينية مقلدة من شاحنة ماسك المثيرة للجدل
- Beats تعلن عن سماعاتها الجديدة
- وسائل إعلام: خرق أمني أتاح الوصول إلى معلومات تتعلق بانعقاد ...
- بنما: إغلاق صناديق الاقتراع في انتخابات الرئاسة والرئيس السا ...
- قيادي كبير من حماس: النصر قاب قوسين أو أدنى وسننتصر ونهدي ال ...
- مصارعة الثيران: إسبانيا تطوي صفحة تقليد عمره مئات السنين
- مجازر جديدة للاحتلال باستهدافه 11 منزلا برفح ومدرسة للأونروا ...
- الجراح البريطاني غسان أبو ستة يتحدث عن المفاجأة الألمانية في ...
- العثور على جثث يُشتبه أنها لأستراليَين وأميركي فقِدوا بالمكس ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله تركماني - أية شرعية للحكومات العربية؟