أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله تركماني - كيف تتعامل الحكومات العربية مع الحقل السياسي














المزيد.....

كيف تتعامل الحكومات العربية مع الحقل السياسي


عبدالله تركماني

الحوار المتمدن-العدد: 7787 - 2023 / 11 / 6 - 00:00
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يتطلب الحقل السياسي من الفاعلين السياسيين تقديراً صائباً للموقف، وتحديداً للأخطار، ورسماً للخطط، وبناءً للتحالفات، ويبدو أنّ هذا كله شبه غائب عن حياتنا السياسية العربية، إذ إنّ أغلب الحكومات العربية ترفع قضية أمن النظام إلى رأس سلم القيم والمبادئ والاعتبارات، بينما تخفِّض قيمة الحرية ومفهومها إلى أدنى المراتب.
وتتقاسم العقل السياسي العربي نظرات ثلاث، حسب توصيف فقيدنا الأستاذ ميشيل كيلو: أولاها، ترى أنّ القوة هي سند الحاكم الرئيس. وثانيتها، تعتقد أنّ السياسة هي فن الممكن. وثالثتها، تدعو إلى التوفيق بين هاتين المدرستين وتقول باستخدام القوة والسياسة، بالتناوب والتبادل، حسب الأحوال والظروف.
وفي الواقع تهتم قلة من النظم القائمة في بلداننا العربية بالنظرة الثالثة، وتحصر معظمها اهتمامها بالأولى، التي ترى في القوة وسيلة التعامل الأفضل في الحقل السياسي الداخلي والخارجي. ويرجع ذلك الاختيار إلى رفضها الاعتراف بالاختلاف السياسي وبوجود تعبيرات تجسِّده، ورفضها ما يتوجب على وجودها من توازنات تتولى ضبط حركتها وعلاقاتها بوسائل سلمية وطرق حوارية تحلُّ محلَّ القوة وتكفل إدارة تناقضات وخلافات السياسة بطريقة هادئة. عندئذ، يصير دخول أي مواطن أو حزب أو تجمع إلى حقل السياسة " خطراً " تجب إزالته بالقوة. بالإضافة إلى هذا، تبقي السلطة المواطن بعيداً عن السياسة عبر استخدام القوة بطريقة وقائية، وممارستها كعنف منظم ودائم.
وتبقى الأسئلة الجوهرية: ألا تحمل القوة معها خطر إصابة النظام الذي تحميه بضعف لا شفاء منه، يجسده ضياع توازنات العمل العام، وسيطرة قهر يفتقر إلى القدرة على التعاطي المجدي مع المشكلات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية والبنيوية والروحية؟ ألا تغري القوة من يستخدمها بعدم التخلِّي عنها، وبلعب دور أكبر في العمل العام، على حساب مكوِّناته السياسية الرسمية؟
وفي المحصلة التزييف يمس كل شيء: أصل النظام وآليات عمله وأوضاع السكان في ظله ومواقفهم منه، إذ تضعف ملكاتهم الفكرية والروحية والأخلاقية والسياسية، وتتدنى قدرتهم على الابتكار والتجديد، كما تتدهور صورتهم في عين أنفسهم، فتتولد في دواخلهم عواطف سلبية تجاه أنفسهم وتجاه غيرهم. خاصة أنّ حكماً خياره القوة ضد مجتمعه، تحكمه رغبة الخلود، يجنح إلى تعميم الوشاية في المجتمع ويقدم جوائز للأشد ولاء له، ويروِّع بخصومه. فيؤلب الناس ضد بعضهم، ويعمم مبدأ أنّ في الوشاية السلامة وفي الأمانة الندامة وفقدان الأمان، وعلى هذا النحو ينتج هذا الحكم التفكك الاجتماعي وأزمة الثقة بين الناس، ويتسبب في انقلاب سلم القيم لمصلحة قيم السلطة والولاء. وعلى هذا النحو يظهر قانون تطور غريب في ظل هذه الحكومات: يترقَّى اجتماعياً الأقل استقلالاً والأدنى كفاءة، مما يشجع الخراب الأخلاقي ويفسد أمانة الناس.
فحتى تتحول ديار العرب إلى " مدن فاضلة "، من منظور الأنظمة الحاكمة، فلابدَّ أن يتحول الفرد العربي إلى " مواطن صالح "، لذا أقيمت المؤسسات الخاصة لتنشئة هذا المواطن الصالح، ووضعت له معايير للسلوك إن تجاوزها فقد أهليته كمواطن صالح، ولم تثقل السلطة على المواطن، فكل ما طلب منه هو " الطاعة " ويا حبذا لو كانت هذه الطاعة عمياء ليريح ويستريح، وقد سهَّلت السلطات الحاكمة مسار المواطن على طريق الطاعة بوضع الكثير من العلامات المرشدة على هذا الطريق، فهناك القوانين الاعتباطية التي يسهل على واضعيها إعفائها من الخدمة في معظم الأحيان، وهناك الإعلام الموجَّه وطواقم المهرِّجين التي تجعل من العلقم شهداً، ومن الظلم عدلاً، ومن الهزيمة نصراً. وهناك مناهج التربية الوطنية في المدارس التي تطفح بالنفاق، وهناك النصائح الملزمة للمواطن كالابتعاد عن حرية الرأي، والأهم من ذلك هو الامتناع عن التعبير عنه. أما المشاركة في السلطة فقد خُفِّفت أعباؤها إلى أدنى حد ممكن، ففي الانتخابات قد يتم الاختيار بـ " نعم " أو " لا " للمرشح الأوحد، أو بالانتقاء من قائمة مرْضِيٌّ عنها من قبل أجهزة الأمن.
لقد أضحت البنية الاستبدادية لأغلب هذه الحكومات كامنة بحيث أصبحت تسأل عن استمرارها وبقائها دون السؤال عن شرعيتها وحاجتها إلى التعبير عن رغبات مجتمعها، وهذا ما جعل مستقبل البلاد العربية يكاد ينتهي إلى آفاق مسدودة.
إنّ الحالة بين أغلب الحكومات العربية والرأي العام تحتاج إلى عقد اجتماعي جديد‏،‏ بعد أن فقد العقد الاجتماعي القديم أسانيده‏،‏ وفقد قانونيته ومشروعيته‏،‏ ولم يعد توكيل الشعوب للحكومات بالتصرف ساري المفعول.‏



#عبدالله_تركماني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حدود الثقافة السياسية العربية
- هل يكفي الغضب لنصرة الفلسطينيين؟
- محرقة غزة والحاجة إلى الوحدة الوطنية الفلسطينية
- مجتمع المعرفة وأبعاده في العالم العربي
- رؤى لمستقبل سورية بعد التغيير
- مظاهر غدر الثورة السورية
- الاستحقاقات أمام اللاجئين السوريين في العالم
- دروس تعقيدات وقائع الثورة السورية
- الأسباب العميقة للثورة السورية المتجددة
- الحداثة ومكوناتها في مرآة الضرورة العربية
- حول المسألة القومية وتجلياتها في سورية
- أصول التجزؤ العربي (2 - 2)
- أصول التجزؤ العربي (1- 2)
- توصيف عام للعالم العربي
- بعض مظاهر المحنة العربية (2 - 2)
- بعض مظاهر المحنة العربية (1 - 2)
- في السيرورة التاريخية لربيع الثورات العربية
- سمات البيئة الإقليمية في الشرق الأوسط
- الشرق الأوسط والتحالفات الإقليمية
- الديمقراطية وتجاوز السلطة الدينية في التجربة التركية


المزيد.....




- ألمانيا تعلن عزمها تزويد أوكرانيا بقذائف مدفعية بعيدة المدى ...
- سويسرا.. ابتكار روبوت بـ4 أرجل يقفز كالغزال
- 16 قتيلا من عائلتين في غارات إسرائيلية على رفح
- شويغو: التشكيلات المشاركة في المنطقة العسكرية الشمالية تتقدم ...
- لافروف يوضح سبب مبالغة ماكرون في الترويج لـ-رهاب روسيا- ويذك ...
- البابا فرنسيس يضع شرطا واحدا لحضور مؤتمر سويسرا حول أوكراني ...
- الحوثيون يعلنون إحباط أنشطة استخباراتية أمريكية وإسرائيلية ب ...
- استخدمها ترامب لوصف إدارة بايدن.. ما هي -الغيستابو-؟
- مقابلة مع محافظ نينوى عبد القادر الدخيل
- باريس تستقبل- دكتاتورا-.. احتجاجات في فرنسا على زيارة الرئيس ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله تركماني - كيف تتعامل الحكومات العربية مع الحقل السياسي