أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - عبدالله تركماني - في السيرورة التاريخية لربيع الثورات العربية















المزيد.....

في السيرورة التاريخية لربيع الثورات العربية


عبدالله تركماني

الحوار المتمدن-العدد: 7674 - 2023 / 7 / 16 - 00:26
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


ربيع الثورات العربية هو مآل سياسي وثقافي حتمي لعقود من تهميش الإنسان العربي، إنه نهاية رهانات أخيرة لجيل من أتباع عروبة لم تنجز النهضة المنشودة، عبر الأنموذج العسكريتاري الانقلابي وما رافقه من جرائم بحق المجتمع وتحكيم أقلية بأكثرية وعسكرة وسجون وقدسية فرد وتركيب عصبيات ما قبل وطنية.
وعليه، فلا يظنن أحد أنّ هناك لحظة عربية حاسمة تحتاج منَّا درجة عالية من الصدق مع النفس والوضوح في الرؤية مثل تلك التي مر بها ربيع الثورات العربية الجديدة، بموجتيه في سنتي 2011 و2019، ومآلاته التي رسمتها قوى الثورة المضادة.
إنّ الاحتلال الأمريكي للعراق وتداعياته منذ عام 2003 يؤشران إلى السقوط الأخير لنمط معين من الأنظمة العربية الديكتاتورية، هو سقوط أخير لمرحلة من السياسات التي تستعد للحروب وهي تهدّم وتدمّر مجتمعيها السياسي والمدني، وتقيم نظاماً فوقياً، ديكتاتورياً وفردياً. إنه زلزال لحظة في انهيار تاريخي شامل، لا بدَّ من دراسته بروية ونظرة نقدية واستخلاص دروسه وعبره. خاصة وأنّ الرسالة التي بعثها حراك الشعوب العربية في تونس ومصر وليبيا واليمن وسورية والجزائر والعراق ولبنان والسودان تقول: إنّ الشعب اكتشف ذاته، وأكد حضوره بقوة على مسرح التاريخ، ليأخذ مصيره بيده. بعد أن بدا له أنّ قضية الحرية هي إحدى أهم قضاياه المؤجلة، فهو الأقل تمتعاً بالحرية بين شعوب العالم، إذ لم تنشأ في العالم العربي دولة الحق والقانون التي من شأنها أن تشكل ضمانة لحقوق الإنسان وحريته، ولم تراعَ إرادة المواطنين في تنصيب الأنظمة السياسية، فكان العقد الاجتماعي اعتباطياً ومفتقراً إلى الشرعية الدستورية، حتى أنّ دول العالم العربي اعتُبرت استثناء في عصر الديمقراطية وحقوق الإنسان والتنمية المستدامة.
إنّ المقاربة العقلانية النقدية التي نعتمدها بشجاعة، في كل كتاباتنا ومواقفنا، هي التي سترتفع – كما نعتقد – بالرابطة العربية من المستوى التبشيري العاطفي، إلى مستوى القاعدة السياسية الثابتة في الفكر السياسي العربي. ويخطئ من يعتقد أنّ المسألة تنحصر في خطاب أيديولوجي معين، فتيارات الأمة كلها معنية بصياغة خطاب عربي عصري يستوعب مجمل التوجهات الحضارية والمدنية المعاصرة، ويستشرف مصالح وأهداف شعوبنا. وإننا إذ نمارس النقد العلمي للوعي العربي التقليدي نطمح إلى القطيعة مع كل ما هو متأخر فيه لربطه بالكونية والتقدم والديمقراطية، لأنّ هذا المضمون يشكل النقطة المركزية لمستقبل دولنا وشعوبنا.
إنّ المثقف النقدي يختلف عن أي داعية آخر في أمرين رئيسيين: أولهما، أنه يدعو إلى قضية وإلى مبدأ لا إلى حزب أو سلطة. وثانيهما، أنه ينتج معرفة ولا يردد شعارات ولغواً أيديولوجياً.
ولا شك أنه في عالم عربي يعاني من التأخر التاريخي، ويعيش في ظل شبه طلاق بين عالم السلطات الحاكمة وعالم المجتمعات العربية المُستَلبة، من الصعب جداً على أي باحث أو كاتب أن يزحزح المقولات والمفاهيم التي ترسخت عبر عقود من الزمن، لاسيما بعد أن أصبحت الدولة العربية، على اختلاف مسمياتها، قناعاً للاستئثار ولاحتكار السلطة. مما يستوجب إدراك بقايا هذه السلطات أنها هي بالذات من دفع الشعب نحو الثورة، إذ ثمة واقع الإفقار والتهميش، وهدر الثروات، ونهب الموارد، والحرمان من الحقوق والحريات الأساسية. وثمة تغوّل السلطات على المؤسسات والقانون والدستور، والحط من كرامات الناس، وامتهان مفهوم دولة المواطنين.
والثابت أنّ ذهاب الشعوب العربية إلى الثورة حصل لأنّ الحكام سدّوا آذانهم عن المطالبات بالإصلاح، ولأنهم أشاحوا بعيونهم عن معاناة الناس، وعن رغبتهم بالتغيير ومحاكاة العالم، ولأنهم فقدوا صلتهم بمحيطهم، وبواقع مجتمعاتهم، في ظل توهُّم العظمة الذي يتملك معظمهم.
وفي ظل الحديث عن السيرورة التاريخية لربيع الثورات العربية وإحداث تحولات عميقة في العالم العربي، اجتماعياً وثقافياً وسياسياً واقتصادياً، ما زلنا نلاحظ شمول الخطاب العربي على لغة إنشائية خطابية لا تقدم حلولاً ملموسة ولا تتعامل مع الواقع، خطاباً هائماً يسبح في فضاء واسع وفضفاض ولا يتعامل مع قضايا محددة وفق رؤى نابعة من قضايا الواقع ومشكلات وطموحات شعوبنا، مما أدى إلى ما نشهده من مآلات غير سارّة في بعض الأقطار العربية، ولعلَّ الكارثة السورية واحتضان النظام الرسمي العربي لرأس النظام السوري أبرز هذه المآلات.
إنّ مقاربتنا للسيرورة التاريخية لربيع الثورات العربية تريد القول بأولوية معركة التقدم والارتقاء الحضاري على ما عداها. فلو كانت مدارسنا وجامعاتنا من مستوى لائق، وبرلماناتنا تنهض بأدوارها التمثيلية والتشريعية والرقابية، وسلطاتنا القضائية تضمن العدالة للسكان بدل بيعها لمن يستطيع الشراء، ومواطنونا يستطيعون انتقاد حكامهم على نحو ما غدا شائعاً في الدول الديمقراطية، ولو كانت سجوننا خالية من سجناء الرأي والضمير. لو كان كل ذلك لما لاحقتنا الهزائم والانتكاسات منذ نكبة العام 1948 إلى مرحلة التشرذم التي نشهدها منذ الاحتلال الأمريكي للعراق في العام 2003.
إنّ الثورات العربية، التي تأخذ مداها كسيرورة تاريخية، لم تتحرك من موقع التعبئة الأيديولوجية بل استمدت زخم انطلاقاتها من مطالب الإصلاح الشامل وبناء الأوطان على أسس الكرامة والعدالة والنزاهة والمؤسسية الديمقراطية بكل ما تعنيه. وفي ضوء ما تنطوي عليه ثورات الشباب من تصميم على ترحيل بعض الأنظمة القائمة وإصلاح بعضها الآخر من الداخل، فإنه لا بديل عن الشروع المبكِّر لأصحاب الرأي والخبرة بمراجعة الوضع القائم وبلورة مقترحاتهم للإصلاح في مختلف المجالات.
ومن الواضح لجميع من يتابعون الوضع العربي الراهن أنه يمر في طور انتقالي، وأنّ النظم العربية جميعها تجد نفسها في مواجهة الحاجة إلى إصلاح جدِّي. ومن المؤكد أنّ هذا الطور الانتقالي سيفضي إلى قيام نظم تعيد إنتاج الدولة والسلطة والمجتمع في حاضنة المواطنة وحقوق الإنسان والمساواة والعدالة والدولة المدنية، التي تكفل حريات المواطنين، بغض النظر عن دينهم أو انتمائهم الطبقي أو أصلهم، وتعاملهم كذوات قانونية حرة متساوية في الحقوق والواجبات، وفي فرص العمل والتعليم والتقدم. وكيفما ستجري الأمور، ستبقى معايير الدولة الوطنية الحديثة هي المرجعية الدستورية والديمقراطية الأولى التي سترنو إليها الشعوب العربية.



#عبدالله_تركماني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سمات البيئة الإقليمية في الشرق الأوسط
- الشرق الأوسط والتحالفات الإقليمية
- الديمقراطية وتجاوز السلطة الدينية في التجربة التركية
- في الدراسات الاستراتيجية والمستقبلية
- ست وخمسون عاماً من هزيمة العرب الكبرى
- قراءة متمعنة في الفكر السياسي للطيب تيزيني (4 - 4)
- قراءة متمعنة في الفكر السياسي للطيب تيزيني (3 - 4)
- قراءة متمعنة في الفكر السياسي للطيب تيزيني (2 - 4)
- قراءة متمعنة في الفكر السياسي للطيب تيزيني (1 - 4)
- أصول الأتاتوركية وتحولاتها
- إشكاليات الصحراء الغربية وتكلفة اللامغرب (2 - 2)
- إشكالية الصحراء الغربية وتكلفة اللامغرب (1 - 2)
- دور حوار الثقافات في تقارب الشعوب وتعايشها
- إشكاليات الثقافة العربية المعاصرة وآفاقها المستقبلية (2 - 2)
- إشكاليات الثقافة العربية المعاصرة وآفاقها المستقبلية (1 - 2)
- فرص ومعوّقات ديبلوماسية الزلازل في تعويم رأس النظام السوري
- االغزو الأميركي للعراق مرآة لتقاعس النظام الإقليمي العربي
- أضواء كاشفة على الثورة السورية المغدورة
- التحديات التي تواجه التحوّل الديمقراطي في العالم العربي
- إشكالية الهوية والمواطنة في سورية (2 - 2)


المزيد.....




- حزب العمال البريطاني يخسر 20% من الأصوات بسبب تأييده للحرب ا ...
- قادة جامعات أميركية يواجهون -دعوات للمحاسبة- بعد اعتقال متظا ...
- دعوات لسحب تأشيرات الطلاب الأجانب المتظاهرين في امريكا ضد عد ...
- “بأي حالٍ عُدت يا عيد”!.. العمال وأرشيف القهر
- إبعاد متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين من حفل تخرج جامعة ميشيغان ...
- لقاء مع عدد من الناشطات والناشطين العماليين في العراق بمناسب ...
- صادق خان يفوز بولاية ثالثة لرئاسة بلدية لندن.. ويعزز انتصار ...
- الختان، قضية نسوية!
- جرائم الشرف، كوسيلة للإدامة بالأنظمة الإسلامية القومية في ال ...
- الرئيس السوري يؤكد أهمية المحاسبة داخل حزب البعث العربي الاش ...


المزيد.....

- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين
- الأنماط الخمسة من الثوريين - دراسة سيكولوجية ا. شتينبرج / سعيد العليمى
- جريدة طريق الثورة، العدد 46، أفريل-ماي 2018 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - عبدالله تركماني - في السيرورة التاريخية لربيع الثورات العربية