أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله تركماني - االغزو الأميركي للعراق مرآة لتقاعس النظام الإقليمي العربي














المزيد.....

االغزو الأميركي للعراق مرآة لتقاعس النظام الإقليمي العربي


عبدالله تركماني

الحوار المتمدن-العدد: 7558 - 2023 / 3 / 22 - 13:26
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الغزو الأميركي للعراق مرآة لتقاعس النظام الإقليمي العربي (*)
مع تهاطل صواريخ كروز وتوماهوك الأميركية على بغداد فجر 20 آذار/مارس 2003 عاودتني مشاعر الألم والقلق، التي انتابتني أثناء زيارتي ملجأ العامرية في سنة 2000، حيث كانت قنبلة " ذكية " قد اخترقت فجر 13 شباط/فبراير 1991 سقف الملجأ وقُتل على الفور 400 طفل وامرأة وعجوز اعتقدوا أنهم بدخوله قد أمّنوا على حياتهم من الغارات الكثيفة التي كانت تستهدف بغداد آنذاك. كما داهمتني تلك الأيام التي تركت فيها عراقَين: عراق الناس الطيبين الخائفين على مستقبلهم، وعراق النظام الذي لم يكن يملُّ الخطابات والشعارات البعيدة كل البعد عن واقع التحوّلات العميقة في السياسات الإقليمية والدولية.
وفي الذكرى العشرين للغزو الأميركي للعراق، الذي أدى إلى تدمير أسس الدولة وبنيتها التحتية، فإذا كان هذا الغزو قد نجح في إسقاط وتغيير النظام السياسي، بيد أنّ الطائفية السياسية التي جاء بها سعت إلى إسقاط العراق كبلد بكامله.
إنّ ما حصل في العراق ليس مجرد سقوط نظام ديكتاتوري، إنه انقلاب على الصعيد الإقليمي لا يقلُّ في خطورته عن زرع دولة إسرائيل في أرض فلسطين، بل انطوى على إخلال بتركيبة المنطقة تمهيداً لإعادة النظر فيها، وهو بمستوى أهمية ما جرى في مرحلة ما بعد سقوط الدولة العثمانية.
إنّ العراق بهذا المعنى أضحى ساحة الصراع الرئيسي والاستراتيجي والحاسم بين الآليتين الدافعتين لوقائع السياسة والتناقض في العالم العربي: آلية الانقسام والتقسيم وتفكيك الكيانات والأوطان، وآلية الدفاع عما تبقى من محصلة تلك الكيانات والدول من وحدات وعلامات تماسك على ما قد يكون فيها من هشاشة.
لا يحتاج المرء إلى أكثر من نظرة سريعة ليكتشف أنّ العراق الجديد أضحى فيديرالية طوائف ومذاهب وأعراق وعشائر. فعندما تتحرك قوى سياسية بدوافع التقسيم المذهبي والطائفي، وتقويض انتماء العراق العربي، بينما يطالب عراقيون آخرون بالحفاظ على هوية العراق العربية، ويطالبون بالحفاظ على وحدة العراق كوطن ودولة، وبأن يستمر العراق في ممارسة دوره الإقليمي التقليدي، فهناك حالة انقسام عميقة تحتاج إلى تعاطٍ عقلاني معها.
وهنا تبدو مشكلة ميليشيات الحشد الشعبي مستعصية في ظل غياب الدولة ومرجعيتها وهيبتها وقوتها العسكرية، وفي ظل سياسات التخبّط والتشظي والتفتت، وكذلك في ظل تصاعد الاحتقان الطائفي والمذهبي.
وفي الواقع لم تكن الحرب على العراق واحتلاله، ولم يكن إخفاق العالم العربي في التنمية والتقدم بداية لأزماتنا ولا نهاية لمصائبنا إنما هو مرآة مكبرة لتقاعسنا عن إصلاح أنفسنا، ولعجزنا عن تشكيل أفضل لمجتمعاتنا، ولتكاسلنا في عملية الذود عن موقعنا في العالم. إنها مرآة لواقعنا، وصورة عن اللامبالاة بضرورة التغيير، وعن غياب التضامن العربي الفعلي والمجدي، وعن التلكؤ في دخول العصر.
وهكذا، يبدو أنّ البدائل والخيارات المطروحة على العالم العربي، منذ الغزو الأميركي للعراق في سنة 2003، تتمثل في ثلاثة بدائل مستقبلية: أولها، استمرار حالة التشتت والفوضى والبعثرة العربية، بما ينطوي عليه من هيمنة إسرائيلية على المشرق العربي. وثانيهما، إعادة تنظيم المنطقة في شكل شراكات إقليمية ضمن إطار الشرق الأوسط الموسّع. وثالثها، العودة إلى النظام الإقليمي العربي بعد إنعاشه وتطويره وتغيير سلوكيات أطرافه وتحديثه.
وفي هذا السياق، من مصلحة العرب الاستثمار في العراق، ليس فقط لصد الهيمنة الإيرانية عليه واستعادته إلى البيت العربي، وإنما أيضاً لاستعادة ثقة شعبه بالعرب شعوباً وحكومات. كما هو الحال مع التلكؤ العربي إزاء الكارثة في سورية، التي تخضع لقوى الأمر الواقع الروسي والإيراني والأميركي والتركي.
إنّ القوى والأحزاب الطائفية، التي لها امتدادات وولاءات إيرانية، لن تستسلم بسهولة لأي تطور قد يهدد مكتسباتها ومصالحها في الهيمنة، بعد أن وفّر لها الاحتلال والمرجعيات الدينية الأطر التشريعية في الانتخابات والدستور. وقد تلجأ تلك القوى للدفاع عن مصالحها إلى تصعيد استخدام القوة ضد خصومها تحت شعارات وتبريرات مختلفة.
وفي الواقع، قبل الغزو الأميركي كان هناك صدّامٌ واحدٌ مستبدٌّ، اليوم هناك أكثر من صدّامٍ، كلهم ينظرون إلى البلاد وأهلها على أنها غنيمة حرب لا مفرَّ من استغلالها والتحكّم فيها والاستفادة منها. هذا ما يؤمن به الكثير من العراقيين الذين احتفلوا بسقوط نظام عزلهم عن العالم وأدخلهم في حروب وأزمات ليجدوا أنفسهم بعده مسجونين في دوامة من العنف والفوضى.
وإذا كان من المؤكد أنه ليس هناك سيادة وطنية يمكنها أن تضفي شرعية على الاستبداد، ففي المقابل ما من حرب أميركية من أجل الديمقراطية. بل لعلّنا ندقُّ أبواب المستقبل وننهض لإطلاق خطاب عربي عصري، عناوينه في توجهاته ومضامينه وفي تجديدنا له، يحتمل دائماً التأويل والتعديل لصالح شعوبنا العربية. إنها إعادة قراءة واجبة، ليس فقط في تجديد هذا الخطاب وإنما في تجديد العقل العربي المدعو إلى خوض مغامرة المستقبل بأدوات جديدة وأفق مفتوح وحوار دائم على المصالح والأهداف والممكن والمستحيل.
(*) – نُشرت في صحيفة " الصباح " التونسية – 21 آذار/مارس 2023.



#عبدالله_تركماني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أضواء كاشفة على الثورة السورية المغدورة
- التحديات التي تواجه التحوّل الديمقراطي في العالم العربي
- إشكالية الهوية والمواطنة في سورية (2 - 2)
- إشكالية الهوية والمواطنة في سورية (1 - 2)
- عوامل نشوء وأسباب تفكك الجمهورية العربية المتحدة
- تواتر القمم المصغّرة وتغييب البوصلة العربية
- الشرق الأوسط الجديد .. إلى أين؟
- من أجل تعزيز المسعى الديمقراطي في العالم العربي
- العلاقة بين الثقافة السياسية والتوجهات الرئيسية للدولة الوطن ...
- الشعبوية تعطّل سيرورة التحوّل الديمقراطي في تونس
- الحطام العربي في عالم متغيير
- مرتكزات العدالة الانتقالية في سورية بعد التغيير (3 - 3)
- مرتكزات العدالة الانتقالية في سورية بعد التغيير (2 - 3)
- مرتكزات العدالة الانتقالية في سورية بعد التغيير (1 - 3)
- التحديث السياسي مدخلنا إلى التقدم
- نشأة الدولة السورية الحديثة وتحولاتها (4 - 4)
- نشأة الدولة السورية الحديثة وتحولاتها(*) (3 - 4)
- نشأة الدولة السورية الحديثة وتحولاتها (2 - 4)
- تحولات مفهوم الأمن القومي والشراكات الإقليمية
- نشأة الدولة السورية الحديثة وتحولاتها (1 - 4)


المزيد.....




- في اليابان.. قطارات بمقصورات خاصة بدءًا من عام 2026
- وانغ يي: لا يوجد علاج معجزة لحل الأزمة الأوكرانية
- مدينة سياحية شهيرة تفرض رسوم دخول للحد من أعداد السياح!
- أيهما أفضل، كثرة الاستحمام، أم التقليل منه؟
- قصف إسرائيلي جوي ومدفعي يؤدي إلى مقتل 9 فلسطينيين في غزة
- عبور أول سفينة شحن بعد انهيار جسر بالتيمور في الولايات المتح ...
- بلغاريا: القضاء يعيد النظر في ملف معارض سعودي مهدد بالترحيل ...
- غضب في لبنان بعد فيديو ضرب وسحل محامية أمام المحكمة
- لوحة كانت مفقودة للرسام غوستاف كليمت تُباع بـ32 مليون دولار ...
- حب بين الغيوم.. طيار يتقدم للزواج من مضيفة طيران أمام الركاب ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله تركماني - االغزو الأميركي للعراق مرآة لتقاعس النظام الإقليمي العربي