أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله تركماني - الحطام العربي في عالم متغيير














المزيد.....

الحطام العربي في عالم متغيير


عبدالله تركماني

الحوار المتمدن-العدد: 7481 - 2023 / 1 / 3 - 16:05
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الحُطام العربي في عالم متغيّر (*)
لم يكن حديث المفكر السوري الراحل طيب تيزيني، في أوائل الألفية الثالثة، عن " الحُطام العربي " مجافياً للحقيقة. فما بالنا اليوم في العقد الثالث من الألفية وما يرافقه من تحوّلات في العلاقات الدولية، حيث تتحول بعض الدول العربية إلى دول فاشلة، ويُسدل الستار في تونس على أول تجربة عربية في الانتقال الديمقراطي؟
وفي ظل التغيّرات الاستراتيجية التي فرضها الغزو الروسي لأوكرانيا، في شباط/فبراير الماضي، وكذلك الصراع الصامت بين الولايات المتحدة الأميركية والصين، والحيرة الأوروبية بين التهديد الروسي والحليف الأميركي، يبدو ثمة توازنات جديدة للقوى على الصعيد العالمي. ومن المرجح أن يكون العالم في منتصف القرن الحالي غير ذلك الذي نعرفه الآن.
إذ يبدو أنّ المرحلة الانتقالية الدولية الراهنة شارفت على النهاية، مما يدفع الأطراف الإقليمية للبحث عن أوراق القوة التي تملكها، وتكريس المكاسب التي حققتها طوال المرحلة، خاصة إيران وتركيا وإسرائيل. مما يستوجب من الحكومات العربية البحث عن أقوم المسالك لضمان مصالح الشعوب العربية، إذ إنّ هذه التغيّرات لا يمكن للدول العربية تجاهلها، أو التنازل لآخرين عن المسؤوليات المترتبة عليها.
ولعلَّ انعقاد القمة العربية/الصينية يوم 9 كانون الأول/ديسمبر في المملكة العربية السعودية، وما رافقها من طموحات، يعيد طرح الكثير من المسائل، وينتج بعض التساؤلات الضرورية، في ظل الأوضاع السياسية المهترئة التي تعاني منها العديد من الدول العربية ومجتمعاتها وحالات النفور السياسية التي تعبر تعبيراً حقيقياً عن انقسامات داخلية مريعة، ليس من المستبعد أن تؤدي إلى توجه بعض الدول العربية لمزيد من التفكك. حيث أنّ سورية مثلاً تحت نفوذ قوى الأمر الواقع حالياً، مرشحة لأن تكون نموذجاً لنظام قائم على المحاصصات الطائفية، كما حال العراق ولبنان.
ومع جردة حساب لمواقف الحكومات العربية، خلال ما يزيد عن أحد عشر عاماً، وتضخُّم كارثة الشعب السوري، ليس من الصعب التأكد أنّ دوراً عربياً سيكون قاصراً، وربما مؤدياً إلى عكس المرجوّ منه، نظراً إلى كثرة الفاعلين على الساحة السورية، والذين سبقوا العرب في التجذر في تربة الكارثة السورية، واقتسام الأرض والشعب السوريين فيما بينهم. كذلك لا مستند لأية دعوة عربية، كون العرب ألفوا الغياب عن جميع قضاياهم التي سبقت القضية السورية أو رافقتها، بل وأدمنوه. وفي قمة " لم الشمل " الأخيرة في الجزائر لم نلحظ آلية عمل من أجل إنهاء الكارثة السورية، وإنما تكرار الصيغة القديمة " تكثيفنا العمل على إيجاد حلّ سلمي ينهي الأزمة السورية، بما يحقق طموحات الشعب السوري ".
وهكذا، يبدو العالم العربي عالماً مفككاً أسير معادلات سياسية صعبة، إذ إنّ الإدراك السياسي لحكّامه والجزء الأكبر من معارضيهم يبدو مقتصراً على الإدانة الخطابية للمؤامرات الخارجية.
ويبدو أنّ توصيف المفكر المغربي عبد الله العروي لحال العرب بعد هزيمة حزيران/يونيو 1967 ما زال صالحاً اليوم " كنت قد مللت التشدّق بخاصيات العرب، وسئمت الكلام عن الفلسفة العربية والإنسان العربي ورسالة العرب الخالدة، كما لو كنا نبدع كل يوم فكرة جديدة ونظاماً جديداً، مع أنّ الأمر لا يتعدّى ضم كل عربي إلى ما هو معروف ومُبْتَذَل عند جميع سكان الدنيا ... فعمّ الغرور وصدعت الدنيا بثرثرة أنصاف المثقفين، ولجأ إلى الصمت كل من بقي له نُزُرٌ من استقامة الفكر والتطلّع إلى إنتاج جدّيٍ ومجدٍ ".
وفي هذا السياق، ثمة احتمالان ينضجان في واقعنا العربي الراهن: احتمال أن نذهب إلى مصالحة تاريخية بين أطراف السياسة والمجتمع، تتيح انتقالاً تدريجياً وآمناً نحو وضع بديل، نقبله جميعاً لأنه من اختيارنا، واحتمال نقيض يعني تحققه ذهابنا من أزمتنا الراهنة إلى حال مفتوح على الاقتتال والفوضى. هذان الاحتمالان هما بديلان تاريخيان للواقع العربي الحالي، يمثل أولهما فرصة وثانيهما كارثة.
وكي يكون فرصة للنهوض ثمة حاجة ماسّة إلى التحديث السياسي بمعناه الشامل وتطوير الثقافة السياسية السائدة وإعادة صياغتها بشكل خاص، مع كل ما يعنيه ذلك من تشييد صرح الديمقراطية وتدعيم أركانها. مما يتطلب المشاركة الشعبية الكاملة في ديناميات العملية السياسية كلها، بما يحوّل الناس من مجرد رعايا تابعين غير مبالين إلى مواطنين نشطاء فاعلين بإمكانهم التأثير في ديناميات رسم السياسات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، فضلاً عن مشاركتهم في اختيار الحكّام وتحديد الأهداف الكبرى.
وفي سياق كل ذلك، تعتبر الحريات العامة، بما فيها التعددية السياسية والفكرية والنقابية، وكذلك العدالة الاقتصادية والاجتماعية، القائمتان على الشرعية الدستورية، ركناً أساسياً من أركان أي تحديث سياسي ومجتمعي. إذ يمارس الناس نشاطهم بالوسائل السلمية والديمقراطية لتحقيق مصالحهم من خلال منظماتهم المدنية، عبر تداول السلطة أو المشاركة فيها عن طريق الانتخابات العامة الشفافة والحرة النزيهة.
(*) – نُشرت في صحيفة " الصباح " التونسية – 31 ديسمبر 2022.



#عبدالله_تركماني (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مرتكزات العدالة الانتقالية في سورية بعد التغيير (3 - 3)
- مرتكزات العدالة الانتقالية في سورية بعد التغيير (2 - 3)
- مرتكزات العدالة الانتقالية في سورية بعد التغيير (1 - 3)
- التحديث السياسي مدخلنا إلى التقدم
- نشأة الدولة السورية الحديثة وتحولاتها (4 - 4)
- نشأة الدولة السورية الحديثة وتحولاتها(*) (3 - 4)
- نشأة الدولة السورية الحديثة وتحولاتها (2 - 4)
- تحولات مفهوم الأمن القومي والشراكات الإقليمية
- نشأة الدولة السورية الحديثة وتحولاتها (1 - 4)
- مكانة الحوار الثقافي في بناء الحضارة الإنسانية المشتركة
- مقاربة الرواد العرب لمفهوم الديمقراطية الحديثة
- العرب بين حضور رقابة السلطة وغياب رقابة المجتمع
- خصائص الحامل الاجتماعي للثورة السورية
- جذور أزمة الديمقراطية في تاريخنا المعاصر
- مقاربة حول أزمة المشروع القومي العربي وآفاقه المستقبلية
- جامعة الدول العربية والشراكات
- العولمة وواقع ومستقبل الثقافة العربية (*)
- حول تعاطي النظام الإقليمي العربي مع الكارثة السورية
- الحاجة إلى التغيير في العالم العربي
- البعد الطائفي في مواقف إيران من الربيع العربي


المزيد.....




- سمكة قرش تهاجم طفلة.. والجراحون يعيدون ترميم يدها الممزقة
- وزير الدفاع الإسرائيلي الأسبق لـCNN: الولايات المتحدة -تمتلك ...
- عُيّن خلفا لغلام علي رشيد.. الجيش الإسرائيلي: اغتيال قائد مق ...
- السفير الإسرائيلي: سترون مفاجآت تبدو معها عملية البيجر بسيطة ...
- تقرير: العالم يتجه نحو سباق تسليح نووي جديد
- تواصل التصعيد بين إسرائيل وإيران ـ ترامب يطالب بإخلاء طهران ...
- ‌‏الجيش الإسرائيلي: قتلنا رئيس أركان الحرب الجديد في إيران ع ...
- نتنياهو يزعم أن إيران حاولت اغتيال ترامب
- بقصف إسرائيلي.. مقتل 20 شخصا على الأقل من منتظري المساعدات ا ...
- السفير الإسرائيلي: سترون مفاجآت تبدو معها عملية البيجر بسيطة ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله تركماني - الحطام العربي في عالم متغيير