أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله تركماني - أهم معوّقات النهوض الحضاري العربي














المزيد.....

أهم معوّقات النهوض الحضاري العربي


عبدالله تركماني

الحوار المتمدن-العدد: 7818 - 2023 / 12 / 7 - 22:48
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أهم معوِّقات النهوض الحضاري العربي
ينطوي الوضع العربي على عدد من المعوِّقات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي تحول دون النهوض الحضاري: تضخُّم دور سلطة الدولة وغياب الدور الأساسي لمؤسسات المجتمع المدني، وضعف الالتزام باحترام القانون في أغلب المجتمعات العربية، بل الافتقار إلى سيادة القانون وتساوي كل المواطنين حكاماً ومحكومين أمام القانون، مما جعل معظم الناس يعيشون ثقافة تولد أجيالاً عربية لا تحترم القانون وتنظر إليه على أنه تنظيم لردع الأقلية غير المنضبطة، وليس نظاماً لضبط الحقوق والواجبات وتحديد المسؤوليات.
ثم أنّ مسألة الفشل والنجاح قد بلغت عندنا حدَّاً تجاوز المعمول به لدى سائر الشعوب تحت أيَّة اعتبارات، إذ يحمل مفهوم الانتصار مضامين خرافية في ظل " النزعة الظافرية " التي تعمُّ فضاءنا العربي، غير خاضعة لمعيارية عقلانية، تستمد المشروعية والزخم في ذاتها، ولا تأبه بالوقائع والحسابات العقلانية.
وإذا كان ليس عيباً أن تنظر الأمم إلى ماضيها كي ترسي دعائم تقدُّمها، فإنّ عيبنا أننا منبهرين بماضينا لا ننظر إلا لما هو مشرق فيه حتى توقفنا عن التقدم. إنّ العرب هائمون بماضيهم لأنهم كتبوا صفحات مشرقة من التاريخ الإنساني لقرون، لكنهم ظلوا خارج هذا التاريخ لقرون أيضاً. لقد أضاعوا الطريق الذي قادهم ذات يوم نحو الحضارة فبحثوا عنه، ولكن دون جدوى، فالالتحاق بركب الحضارة مجدَّداً ودخول التاريخ من بابه الواسع يقتضي معرفة كيف خرجوا منه من الباب الضيِّق.
ومن المهارات التي يحتاجها العالم العربي، والتي تنقصنا كأفراد ومجتمعات، تأتي مهارة تحديد الأولويات، حسب تعبير الدكتور عبد الملك خلف التميمي: هل هي قضية فلسطين بعد مرور 75 عاماً على اغتصابها وقيام إسرائيل؟ أم الأمن المائي العربي؟ أم الحروب الأهلية وقضية المكوّنات الأقلوية في بعض الدول العربية؟ أم مشكلات الحدود الموروثة عن الفترة الاستعمارية؟ أم أزمة الديمقراطية وحقوق الإنسان والتنمية المستدامة؟ أم أزمة الفساد وضرورة الإصلاح؟ أم الخلل في التركيبة السكانية لبعض الدول الخليجية؟ أم أزمة التيارات الفكرية والسياسية؟
إنّ غياب سلُّم للأوليات في حياتنا - كأفراد ومجتمعات - له نتائج سلبية لا تُعدُّ ولا تُحصى، وقد آن لنا أن نتعلَّم من تجاربنا، وندرِّب الجيل القادم على مهارة بناء سلُّم الأولويات في حياته.
ومن المعروف أنّ معظم دول العالم تعمد إلى وضع استراتيجيات خاصة بها، تحدِّد من خلالها الخيارات المتاحة وطريقة تعاطيها مع شؤونها السياسية والاقتصادية والأمنية والاجتماعية لفترات زمنية معينة، وبعض هذه الاستراتيجيات توضع للتعاطي مع الشؤون الإقليمية والدولية، وتكون بمثابة " خريطة طريق " تستدل من خلالها على السبل والوسائل التي تمكِّنها من اقتناص الفرص وتحقيق أهدافها. والاستراتيجيات تستهدف جمع كل الطاقات والإمكانات وعوامل القوة بمختلف جوانبها التي تمكِّن الدولة من استخدامها لمواجهة الاحتمالات كافة، وبما يمكِّنها من النجاح. فهل لدى دولنا العربية استراتيجيات واضحة ومحدَّدة تتعامل من خلالها مع الواقع الراهن ومع التطورات والمستجدات والمتغيِّرات المحلية والإقليمية والدولية، بحيث لا تجد نفسها فجأة في مأزق أو أزمة لا تعرف كيف تتعامل معها أو تواجهها؟
ومن خلال ما هو واضح وقائم، لا يبدو أنّ الأمر كذلك، فمعظم دولنا العربية تتعامل مع المستجدات يوماً بيوم من دون وجود خطة أو رؤية أو استراتيجية، وإلا لما كان وضعنا العربي في مثل هذه الحالة من الهشاشة والتراخي والضعف والتمزُّق، حيث تم التخلِّي عن المسؤوليات في تحمُّل وزر كل المشكلات والأزمات التي تهدِّد الدول العربية، وترك الساحة للآخرين يعبثون بها وبمقدِّراتها ويرسمون لها حاضرها ومستقبلها.
في حين أنّ الحكومات التي تحترم شعوبها وتحافظ على مصالحهم، لا تتخذ موقفاً من قضية من القضايا إلا بعد دراسته في مراكز أبحاث استراتيجية تضم أفضل الخبراء وأقدر الباحثين في مختلف التخصُّصات. ولا أعتقد أنّ أغلب حكوماتنا العربية تعتمد هذه الطريقة، لأنها أولاً تعوَّدت أن تسمع من الحاشية المحيطة بها أنها على درجة كبيرة من العصمة تجعلها لا تحتاج لغيرها، وثانياً لا تستمد قراراتها من المؤسسات التي هي شبه غائبة أصلاً، وثالثاً هي لا تملك حريةً في اتخاذ القرار واستقلالاً في الإرادة.
إنّ مشكلتنا تكمن في إخفاء الواقع المرير ودفن الرؤوس في الرمال، هروباً من مواجهة الحقائق والمصارحة في تحديد الأسباب وتوصيف العلاج. فالتأجيل هو الأساس، والتسويف هو سيد الموقف، والتجميد هو سيد القرارات، لعلَّ الزمن يحلُّ المشاكل من دون جهد يُبذل، أو لعلَّ عامل الوقت يتكفَّل بدفنها وطيِّها في عالم النسيان!
بل أنّ بعض خبراء هذه الحكومات دأبوا على التشكيك في عالمية الخبرة السياسية الإنسانية، وما أفرزته من صياغة لعلاقة الدولة والمجتمع والفرد المواطن، والدفع بعدم صلاحية المعايير الأممية والشرعة العالمية لحقوق الإنسان للاسترشاد بها في البلدان العربية. وواقع الأمر أنّ فساد مثل هذه النظرة لا يرتبط أساساً بعدم دقة بعض جزئياتها، وإنما بتجاهلها المشترك الإنساني في الخبرات التاريخية المتنوعة ومعايير التقويم الموضوعي للأخيرة، فضلاً عن تناسيها مغزى ما تنطوي عليه تدفقات العولمة في عصرنا الراهن.
إنّ رهان إخراج العالم العربي من أزمته الحالية يتوقف على إعادة قراءة التاريخ قراءة واقعية، بعيدة عن اليأس القاتل والتفاؤل الحالم. هذا هو المسار الأمثل للتغيير، مسار يجعلنا قبل كل شيء نغيِّر ما بمجتمعاتنا العربية من عيوب ترسَّخت عبر التاريخ، فنضع بذلك اللبنة الأولى لتطوُّر قد يلحقنا بركب الحضارة من جديد ويمنحنا فرصة جديدة لدخول التاريخ مرة أخرى. لم تعد القضية هي معرفة طرق التقدم، فتاريخ الإنسانية والأمثلة التي نشاهدها أمامنا في كل مكان قد أشارت منذ أمد طويل إلى المسالك التي تقود إلى الصعود.



#عبدالله_تركماني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مخاطر الماضوية على مستقبل العالم العربي
- شرعية الأمر الواقع في الدول العربية الفاشلة
- أية شرعية للحكومات العربية؟
- تضخم سلطة الدولة وضعف المجتمع المدني في العالم العربي
- كيف تتعامل الحكومات العربية مع الحقل السياسي
- حدود الثقافة السياسية العربية
- هل يكفي الغضب لنصرة الفلسطينيين؟
- محرقة غزة والحاجة إلى الوحدة الوطنية الفلسطينية
- مجتمع المعرفة وأبعاده في العالم العربي
- رؤى لمستقبل سورية بعد التغيير
- مظاهر غدر الثورة السورية
- الاستحقاقات أمام اللاجئين السوريين في العالم
- دروس تعقيدات وقائع الثورة السورية
- الأسباب العميقة للثورة السورية المتجددة
- الحداثة ومكوناتها في مرآة الضرورة العربية
- حول المسألة القومية وتجلياتها في سورية
- أصول التجزؤ العربي (2 - 2)
- أصول التجزؤ العربي (1- 2)
- توصيف عام للعالم العربي
- بعض مظاهر المحنة العربية (2 - 2)


المزيد.....




- مفاجأة غير متوقعة.. شاهد ما فعله ضباط شرطة أمام منزل رجل في ...
- بعد فشل العلاقة.. شاهد كيف انتقم رجل من صديقته السابقة بعد ت ...
- هيئة المعابر بغزة ومصدر مصري ينفيان صحة إغلاق معبر رفح: يعمل ...
- لماذا يتسارع الوقت مع التقدم في السن؟
- بلجيكا تبدأ مناقشة فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات ضد إسرائيل
- رداً على -تهديدات استفزازية- لمسؤولين غربيين .. روسيا تعلن إ ...
- تغطية مستمرة| الجيش الإسرائيلي يستعد لاجتياح رفح ويدعو السكا ...
- غارات إسرائيلية ليلية تتسبب بمقل 22 فلسطينيا نصفهم نساء وأطف ...
- أول جولة أوروبية له منذ خمس سنوات.. بعد فرنسا، سيتوجه الرئيس ...
- قاض بولندي يستقيل من منصبه ويطلب اللجوء إلى بيلاروس


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله تركماني - أهم معوّقات النهوض الحضاري العربي