أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - إبراهيم ابراش - عندما يبكي رجالات غزة














المزيد.....

عندما يبكي رجالات غزة


إبراهيم ابراش

الحوار المتمدن-العدد: 7880 - 2024 / 2 / 7 - 13:55
المحور: القضية الفلسطينية
    


حرب الإبادة الجماعية التي يتعرض لها أهلنا في قطاع غزة ليست فقط لا سابقة لها تاريخياً من حيث حجم التدمير للمنازل والمستشفيات والجامعات والبنية التحتية بل أيضاً غير مسبوقة في حجم المعاناة الإنسانية للمدنيين وللعاملين في القطاع الطبي والدفاع المدني، وإن كان الحديث يدور غالباً عن معاناة الأطفال والنساء حيث نصف الضحايا تقريباً منهم فإن الرجال يعانون أيضاً ومعاناتهم مركبة معاناة شخصية نتيجة تعرضهم للموت أو الجرح أو الأسرـ يضاف لها معاناة ثقيلة تفرضها عليهم مسؤوليتهم عن جميع أفراد عائلتهم من الأطفال والنساء والشيوخ، وإن كان رجالات غزة ككل رجال فلسطين تعودوا على الحروب إلا أنه لأول مرة أشاهد وأتعايش مع رجال يبكون وينتحبون بحرقة وقد عهدتهم شامخين جبارين يواجهون الموت بشجاعة.
ليس عيباً أن يبكي الرجال، مع أن الثقافة الاجتماعية السائدة في العالم العربي تعتبره عيباً وضعفاً في الشخصية، ولكن في قطاع غزة يكون لبكاء الرجال طعم مختلف، حيث تأتي في سياقات مختلفة لم يمر بها كل رجال العالم في كل الحروب التي مروا بها عبر التاريخ.
قوة الإرادة والصمود والشجاعة عند رجالات غزة التي طالما تغنى بها الأدباء والشعراء لا يعني أنهم بلا قلوب وعواطف، في حروب الكيان اليهودي الصهيوني على شعبنا وخصوصاً في حرب الإبادة الأخيرة لم ينج رجل من فقدان شهيد من أبناء أسرته أو إصابة جريح أو وقوع ابن أو ابنة في الأسر وأحياناً يفقد كل أفراد الأسرة، وقد شاهد العالم كيف ينبش الرجال بأيديهم العارية البيوت المقصوفة بحثاً عن أحياء أو جثث أو بقايا أشلاء لابن أو أخ أو زوجة أو أب أو أم الخ، وكيف يدفن الرجال جثث موتاهم أو بقاياها بقبور جماعية بدون أي طقوس جنائزية، وكيف بتر طبيب رجل ابنة أخيه بدون بنج وكيف يجوب الرجال الشوارع في شمال غزة حفاة عراة بحثاً عن الماء أو أي شيء يقتات به الأبناء حتى الحشائش وأعلاف الحيوانات وكثيرون منهم تلاحقهم طائرات كوادكابتر فيسقطون شهداء أو بإعدامات مباشرة ان واجهتم قوة معادية. في تراجيديا الموت هذه يستشهد الأب فيواصل الابن أو الزوجة البحث عما يسد الرمق وتجنب الموت عطشاً، هذا ناهيك عن الوقوف يومياً في طوابير تمتد لساعات للحصول على ربطة خبز أو كوبونة غذاء حيث ذل الانتظار وتنمر المتبرع أحياناً لا يقل عن قساوة الجوع.
الرجال في غزة لا يبكون ضعفاً بل قهراً لعدم قدرتهم على القيام بواجب الأبوة ومتطلبات الرجولة والشهامة تجاه أبنائهم ونسائهم، وعدم قدرتهم على مواجهة المجرم المتحصن في الدبابة المصفحة أو في طائرات الموت التي تجوب السماء. بعد أربعة أشهر من الحرب اتصل رجل أعرفه جيداً من شمال القطاع بعد أن تمكن من الحصول على مكالمة نت من صديق وخلال المكالمة أجهش بالبكاء وهو الرجل المقتدر وله مكانته في بلدته، بكى بحرقة وأبكاني وهو يصف ما يعانون من جوع وكيف يجوب الشوارع بحثاً عن أعشاب لإطعام أفراد أسرته وكيف فقد من وزنه ٣٠ كيلو جرام...
عندما يبكي الرجال قهراً وذلاً وهم يشاهدون أبنائهم يتضورون جوعاً ويشربون المياه الملوثة ويرتجفون برداً في الخيام وتفتك بهم الأمراض ويطاردهم شبح التهجير القسري إلى جحيم سيناء ... حينها فلتصمت كل الأصوات التي تتحدث عن الصمود وبطولات المقاومين وأن النصر صبر ساعة وقد طال الصبر دون أن يتحرك هذا العالم الظالم، ومؤشرات النصر ومفهومه ملتبسة ولم يعد المواطنون في غزة يتابعون سير المعارك أو يترقبون انتصار المقاومة بقدر اهتمامهم بالبحث عن كيس الطحين أو مياه للشرب أو خيمة تقيهم البرد القارص ووقف الحرب بصفقة أو هدنة دون الخوض في تفاصيلها فالمهم أن تتوقف ألة الموت اليهودية، فلا قيمة لأي نصر عندما يتعرض القطاع لكل هذا الدمار ويسقط كل هذا العدد من الشهداء والجرحى، أكثر من مائة ألف، وعندما تمتهن كرامة المواطنين ويبكي الرجال.
[email protected]



#إبراهيم_ابراش (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما هو خفي في (الحرب على غزة)
- بصراحة حتى وإن كانت مؤلمة
- ما كان لقرار محكمة العدل الدولية أن يكون أفضل من ذلك
- ماذا ينتظر الشعب الفلسطيني؟
- سنستمر في طرق جدران العقل
- كان من الممكن تفليل الخسائر
- أهمية إعمال العقل في الحروب:اسبابها وتداعياتها
- الحرب ومستقبل قطاع غزة والقضية
- هدف حماس من (طوفان الأقصى) وهدف إسرائيل من اعلان حالة الحرب
- بعد خمسين عام حرب أكتوبر/تشرين بنسخة فلسطينية حمساوية
- تطبيع مكة و (أورشليم) و(السلام الإبراهيمي)
- قد يكون المعارضون للنظام السياسي أسوأ من النظام ذاته؟
- المخاض العسير للانتقال الديمقراطي في افريقيا
- ما بين (خطة الحل النهائي) النازية إلى (خطة الحسم) الصهيونية
- اتفاقيات أوسلو ما زالت حية وفاعلة لغياب البديل
- هل سيكون مصير أبو مازن نفس مصير أبو عمار؟
- (محور المقاومة) وإسرائيل وبروباغندا (الحرب الشاملة)
- خروج (مسيرات العودة) عن منطلقاتها الأولى
- لماذا لجنة لتعيين المحافظين؟
- مقاومة وطنية وليس أجندة خارجية


المزيد.....




- مصدر إسرائيلي يعلق لـCNN على بيان -حماس- بشأن مفاوضات وقف إط ...
- الجنائية الدولية: ضغوط سياسية وتهديدات ترفضها المحكمة بشأن ق ...
- أمطار طوفانية في العراق تقتل 4 من فريق لتسلق الجبال
- تتويج صحفيي غزة بجائزة اليونسكو العالمية لحرية الصحافة
- غزة.. 86 نائبا ديمقراطيا يقولون لبايدن إن ثمة أدلة على انتها ...
- هل تنجح إدارة بايدن في تطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل ...
- -ديلي تلغراف-: ترامب وضع خطة لتسوية سلمية للنزاع في أوكرانيا ...
- صحيفة أمريكية: المسؤولون الإسرائيليون يدرسون تقاسم السلطة في ...
- رسالة هامة من الداخلية المصرية للأجانب الموجودين بالبلاد
- صحيفة: الولايات المتحدة دعت قطر لطرد -حماس- إن رفضت الصفقة م ...


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - إبراهيم ابراش - عندما يبكي رجالات غزة