مؤمن سمير
شاعر وكاتب مصري
(Moemen Samir)
الحوار المتمدن-العدد: 7871 - 2024 / 1 / 29 - 00:06
المحور:
الادب والفن
كنتُ دائماً وأنا أقرأ أتأنى لأقبض السر وألمح الكلمات وهي تحلِّق وكذلك ألوان اللوحة وبلاغتها وهي تحلِّق والنقوش الغائرة في المجسمات وهي تحلق الخ.. كل ما تتوسل به قريحة الانسان لتوصل المعنى والفلسفة و الفكرة، كنتُ أوقن بروحي وعقلي أنه حر طليق يقتحم الأفهام ويدلف إلى ما تحت الجلود.. وكلما تعقدت وسائل التوصيل كان الإيمان بدور الكلمة المقروءة أو المهموسة أو المنظورة يخفت في مقابل الجبروت والغلظة والثقل وكأنها تتزيا بزي شاعري وحالم وبعيد عن الواقعي الجارح المهيمن الذي قد لا يفضل أنه تشاركه قيمة أخرى في فضاءه كدأب كل قاسٍ وأناني.. لكنَّ تاريخنا مع وسائلنا الطيبة الأصدق التي تشبهنا في إنسانيتنا الحقة، يحمينا، ويضمن احتفاظ جدران أرواحنا بذكريات النبل والتأثير الأعمق.. سوف تظل الكلمةُ يماماً ناعماً وقنابل وانفجارات وبراكين في الآن ذاته، كم جمَّعت شعوباً وقبائل وكم فرَّقتهم شيعاً وكم رسمت خرائط للمحبين وكم سطَّرت خططاً للقتل.. لا يستطيع أحد أن ينكر أزمة نشر الكتاب الورقي من جهة صعوبات إنتاج المنتج ككل ولكنَّ وسائل التواصل الحديثة تكفَّلت بالتوزيع وتحقيق الانتشار ولفتت الانتباه بشدة للآليات الالكترونية والصوتيات في خلق واقع جديد ومتطور تصل فيه الكلمة مهما كانت المعوقات المادية والسياسية.. حتى وقتنا الحالي تنطلق المظاهرة الشعبية وترفع كلماتٍ فتجد شعوباً بأكملها ترددها وتفتح بها آفاقاً تخصُّ واقعها هي.. ربما الخطر الأعمق على الكلمة في ظل هذا التجبر الأغبى ومحاولته الدائبة لإيصالها إلى التواري والانكفاء والتنازل عن مساحاتها التاريخية في الوعي، هو نقص الإيمان بقدراتها النورانية على الفاعلية وكونها دائماً وأبداً واحدة من أهم آليات وأدوات النضال البشرى التي قد لا يصيبها البلى إلا من روح اليأس والإحباط.. إنها تطور أدواتها طول الوقت، إنها ممسوسة دائماً وأبداً بكونها من روح الإله، فلا تركنوا أبداً لسرطانات الخوف والإحباط من واقعنا المهزوم والمحبط والمرير، تأبطوا الكلمة وسيروا أيها الأخوة..
#مؤمن_سمير (هاشتاغ)
Moemen_Samir#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟