|
تطورات الوضع السياسي فى السودان و مآلاته 6-1
عبير سويكت
الحوار المتمدن-العدد: 7867 - 2024 / 1 / 25 - 07:19
المحور:
الثورات والانتفاضات الجماهيرية
عبير المجمر (سويكت)
الجزء الأول
الوضع السياسي فى السودان ما قبل و بعد ثورة ديسمبر المجيدة يحمل فى طياته العديد من الاختلاطات، و اختلاف و تباين السياسات و المواقف، بين مختلف التيارات السياسية السودانية منها قوى التغيير الجذري و قوى التسوية السياسية أو ما يسمى بالهبوط الناعم سابقًا و تقدم حاليًا فى زيها الجديد تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية. و لعل من ضمن الاشياء التى تربك المواطن السوداني، و تخلط الأمور فى ذهنه البسيط هذه التسميات المتعددة و المتغيرة لنفس الكيان السياسي الذى وقع سابقًا على إعلان باريس و كان يسمى نداء السودان، و سرعان ما اضاف له بعض اللافتات و الواجهات السياسية لتكبير الكوم و توسيع اللعبة على قول الراحل المقيم على محمود حسنين المحامى المعارض و رئيس الجبهة الوطنية العريضة، الذى رفض آنذاك الانضمام لقوى نداء السودان سابقًا و تقدم حاليًا، و كان يصفها بقوى الهبوط الناعم. و فى سلسلة حواراتى معه الموثقة و المنشورة قبل وفاته كان فى معرض حديثه عن تقدم حاليًا اى نداء السودان سابقًا و شرحه لسياسة تلك الاحزاب فى انشاء الكيانات السياسية الورقية عديمة الانجاز و التنفيذ، و التى لا تتعدى ان تكون مجرد حبر على الورق، وضح ان هذه القوى السياسية فى امكانهم ان يجتمعوا فى اى زمان و مكان لإنشاء لافته سياسية ليدخلون بها كسماسرة فى سوق السياسة، و يحجزون بها مقاعد و مناصب و وزارات مستقبلا، و لكى تضمن لهم كذلك نصيبًا فى اى كعكة سياسية عند تقسيم السلطة ، واصفًا تلك المجموعات السياسية المنضوية تحت مظلتهم بانها مجرد لافتات أتوا بها " لتكبير كومهم "، و اضاف حينها ان حتى المرحوم القانوني أمين مكى مدنى و المرحوم القيادى الشيوعى فاروق ابو عيسى عندما فهموا أستراتيجية هذه الاحزاب الملفوظة شعبيًا و محاولتها " تكبير كومهم" بي لافتات و مجوعات عدمية انسحبوا منهم و تركوا نداء السودان. و اضاف فى ذات السياق، عن انهم يتحدثون عن الاستقلالية و هم "مجرد عملاء" على حد قوله، هكذا وصفهم فى الحوار "بالعملاء "،و كشف عن أنهم يفتقرون للرؤية السياسية و ليس لديهم برنامج و انما تأتيهم اوراق برنامج و اجندة مترجمة من الدوائر ليتبنوها و ينسبوها لانفسهم ثم يطبقوها على السودانيين، متحدثا كذلك عن الورشات التى يتم فيها تجهيزهم و تدريبهم و منها ورشة تنزانيا، مؤكدا على ان ليس لديهم برنامجا وطنيًا، و ان اجتماعتهم تدار بالرمود كنترول من قبل المخابرات الأجنبية التى هى دوماً ما تكون حضورًا فى اجتماعاتهم على حد تعبيره، و سرد فى حوارى معه أيضًا ان لديه "مشروع قانوني " كامل لمحاسبتهم حتى الاعدام، مشددا على ان من تلك الإدانات الموجهة لهم العمالة و الارتزاق السياسي على حد قوله، موضحًا آنذاك ان القانون السودانى يعاقب على هذا الفعل على حد تعبيره كقانونى ضليع و فى عز شبابه قاد ادعاءات قانونية ضد مفسدين ادخلهم بها السجون، كما معروف انه كان صاحب فكرة فتح بلاغات لمحاكمة مدبرى انقلاب 1989 .
و متابعةً لحديثنا عن التحول السياسي المتكرر لهذه القوى السياسية، ان قحت المتحولة انشطرت و انقسمت فيما بعد لعدة واجهات و فصائل و منها قحت المركزية المعروفة تحت تسمية "أربعة طويلة" فى إشارة لسرقتها ثورة الشباب، و امتطاها قطار الثورة، و جنى ثمار المجهودات الشبابية، ثم الذهاب إلى أبعد من ذلك فى اختطاف ارادة الشعب و تنصيبها لنفسها ممثلًا شرعيًا للشعب السوداني فى المحافل الدولية و الاقليمية لعقد الصفقات و بيع القضايا الثورية الحية، و عندما شعرت قحت بكثرة معارضيها و ازدياد منتقديها، و لفظها من قبل الشارع الثورى، و فقدان مصداقيتها عند الثوار، كما و تم طرد كوادرها و قادتها من الندوات العامة الشعبية، و حتى التعدى على بعض قيادتها بالضرب، حيث باتوا يواجهون بهتافات الشباب "بي كم بي كم قحاته باعوا الدم" لتذكيرهم بأنهم باعوا القضايا الثورية الحية و دفنوها، ثم قبضوا الثمن، و مازال الشارع السوداني يتذكر تلك الفترة التى كان فيها قادة قحت يتهافتون للسفر للامارات لعقد الصفقات و قبض الدولارات و سميناها آنذاك بي "موسم الهجرة للإمارات"، و قد أولفت آنذاك و لحنت اغاني ثورية للتنديد بالارتزاق السياسي و الارتهان للخارج. و المعلوم ان هذه القوى السياسية ما زالوا يلهثون وراء التسوية السياسية التى وصفت بالغير اخلاقية تحقيقًا لطموحات ذاتية، و مكاسب شخصية و حزبية ضيقة فى مقابل التنازل عن مطالب الشعب و مطالب ثورة ديسمبر المجيدة. بل و يتباهون بأنهم الاقرب للدوائر الدولية التى تستمع لهم نسبةً لتنفذيهم الأجندة الخارجية و البرنامج المستوردة، مما خلق فجوة بينهم و الشعب السوداني الذى بات يبغضهم ، بل و اصبح الشارع السوداني يصفهم بعديمي القبول و فاقديى الشعبية، و يتحداهم بان يحركوا اذا إستطاعوا أفواج جماهيرية شعبية اذا ما كانوا يصرون على الزعم بان لديهم قاعدة شعبية و رصيد جماهيرى. و المعروف انهى متهمون كذلك بختطاف حتى ارادة احزابهم السياسية المنقسمة و المنشطرة فيما بينها لعدة جناحات و فصائل .
و تكملةً لمسرحية التحول السياسية، فقد تحولت قحت فى فترة من الفترات لتسمى نفسها مرة أخرى بالجبهة المدنية لإيقاف الحرب و إستعادة الديمقراطية "على حد زعمهم"، و السؤال الذى طرحناه آنذاك كان : ما أسباب هذا التحول و ما دواعيه؟ حيث عجزت قحت ان تبرر عملية التحول تلك بزعمها المطالبة بإيقاف الحرب، فكما قلناها سابقا تلك الأهداف التسعة التى نصت عليها فى إعلانها لوقف الحرب كان فى امكانها ان تنشرها و تروج لها بإسم قحت المركزية و تعمل على تنفيذها من غير تغيير و انشاء كيان جديد، و تسمية جديدة؟ و شعار جديد . و لكن و لان ذاكرة الشعب السوداني ليست بسمكية، و يعرف جيدا قحت و أساليبها الملتوية، فقد ذكرها ان الحرب التى تدعى زورًا و بهتانًا انها تدعو لوقفها هى كانت جزء من إشعالها، عندما رددت ام فرض اتفاقها الإطارى مع مليشيا الدعم السريع لشرعنة نفسها سياسيا و فرض نفسها على السودان او الحرب، إضافة الى ان الشعب السوداني لم يغفر لها سكوتها على انتهاكات الدعم السريع فى حق المواطنين من قتل و جرح و اصابات و اغتصابات و احتلال منازل المدنيين و تدميرها و سلب الممتلكات و نهب الأموال و سرقة السيارات، و تحول السودانيين لنازحين و لاجئين، و مع ذلك رفضت قحت ادانت انتهاكات الدعم السريع فى حق المدنيين، كما بات واضحًا للجميع ان قوى قحت السياسية هى الذراع المدنى لمليشيا الدعم السريع، و عليه كلما انكشفت الألاعيب قحت الملتوية كلما سارعت فى تكوين كيان سياسي جديد، و تغيير التسمية و الشعار لتدخل بهم سوق الدعارة السياسية لتسويق نفسها مرة أخرى تحت لافتة دعارة سياسية جديدة ، هذه المرة أتت تحت لافتة "تقدم" و برعاية رئيس الوزراء السابق الدكتور عبدالله حمدوك، عسى و لعل هذه التسمية الجديدة بالإضافة لرئاسة عبدالله حمدوك لها يعطيها فرصة اخرى للمتاجرة بالقضايا السودانية أصالة و نيابة عن الشعب السودانى، حالمةً بان تساعد التسمية الجديدة "تقدم" فى غسلها من الدنس، و التنصل من عار ماضي قحت المركزية و نداء السودان. فهل يا ترى تنجح فى ذلك بعد ان تجاوزها الشارع الثورى و لفظه و اصبحت نسياً منسيا؟
نواصل فى المقال القادم للرد على هذا السؤال.
#عبير_سويكت (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أحر التهانى و التبريكات للمنتخب المصرى و الف تعظيم سلام لمحم
...
-
سيكولوجية الحرب فى السودان من وراءها؟ ما هى أهدافها؟ و من ال
...
-
إنهاء الحرب فى السودان بات مطلبًا شعبيًا و ضرورة إنسانية.
-
لا لإعتقال لجان المقاومة و تشرديهم و ترويعهم
-
الصمت يغذي الجريمة، لا لإعتقال مدير تحرير صحيفة الميدان و شق
...
-
حول انتهاك المجلس الاستشاري لقائد قوات الدعم السريع للدستور
...
-
صرخة أمل من آجل Kfir كفير بيباس أصغر الرهائن فى غزة
-
اجواء أعياد الميلاد تؤكد وصف القرآن -وقفينا بعيسى ابن مريم و
...
-
أساطير حول حقيقة بابا نويل (سانتا كلوز)،القديس نيكولاس ينتصر
...
-
من آجل مجتمع شامل، الإعاقة فيه جزءا لا يتجزأ من قيم الحياة ا
...
-
قراءة ما وراء السطور حول عريضة إصلاح الامم المتحدة و مجلس ال
...
-
فرنسا ما بين الإنجازات و التحديات لمكافحة الأيدز
-
أهمية و فاعلية دور القيادة المجتمعية لمريض الأيدز في صنع الق
...
-
بعد عصف رياح ساخنة حديث إيمانويل ماكرون يوصف بالعبقرية الفكر
...
-
مجموعة الدول السبع تضع النقاط على الحروف بشأن الوضع في إسرائ
...
-
ما وراء تصاعد وتيرة الموقف الاردنى و ضغط الشارع العربي.
-
قطر تكشف عن تمديد الهدنة يومين إضافيين، حماس تؤكد موافقتها و
...
-
نداء طفلة فلسطينية تريد العلاج بالخارج نسبةً لحالتها الحرجة
-
الشرطة الأمريكية تعتقل المشتبه به فى إطلاق النار على طلاب فل
...
-
الرئيس الاسرائيلي يعلن عن إنفتاحه لتمديد الهدنة الحالية مشدد
...
المزيد.....
-
بمناسبة ذكرى الثورة السورية، السويداء شرارة ثورة تعيد امجاد
...
-
م.م.ن.ص// 138 سنة مضت والوضع يعيدنا لما مضى..
-
ربيع کوردستان، تلاحم المأساة والهبات الثورية
-
لماذا لا يثق العمال بقوتهم؟ حركة سلم الرواتب نموذجا
-
الحرب المباشرة بين إيران وإسرائيل، مسرحية إجرامية عُرضتْ فوق
...
-
سياسيون بحزب العمال البريطاني يدعون لتعجيل موعد الانتخابات ا
...
-
بمناسبة اليوم العالمي للسلامة في أماكن العمل
-
حزب العمال البريطاني يدعو لانتخابات تشريعية بعد تفوقه في الم
...
-
خسائر كبيرة للمحافظين في انتخابات المجالس المحلية وموقف حزب
...
-
أول فوز انتخابي لحزب العمال البريطاني قبل صدور نتائج مصيرية
...
المزيد.....
-
ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي
/ الحزب الشيوعي السوداني
-
كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها
/ تاج السر عثمان
-
غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا
...
/ علي أسعد وطفة
-
يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي
/ محمد دوير
-
احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها
/ فارس كمال نظمي و مازن حاتم
-
أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة-
/ دلير زنكنة
-
ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت
...
/ سعيد العليمى
-
عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة
/ حزب الكادحين
-
الأنماط الخمسة من الثوريين - دراسة سيكولوجية ا. شتينبرج
/ سعيد العليمى
-
جريدة طريق الثورة، العدد 46، أفريل-ماي 2018
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|