أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جاسم الفارس - قراءة في ادب محمد سامي عبد الكريم -رؤية في الخصائص العامة















المزيد.....


قراءة في ادب محمد سامي عبد الكريم -رؤية في الخصائص العامة


جاسم الفارس

الحوار المتمدن-العدد: 7862 - 2024 / 1 / 20 - 00:07
المحور: الادب والفن
    


قراءة في ادب محمد سامي عبد الكريم
رؤية في الخصائص العامة

الاديب المهندس محمد سامي عبد الكريم اديب موصلي يشتغل في حقل القصة القصيرة والرواية، ما ان أحيل إلى التقاعد لبلوغه السن القانونية في سنه 2017 حتى فاجأ الساحة الادبية بفيض من القصص القصيره والروايات وهي حسب صدورها،
اولا: القصص القصيرة
احلى السنين2019 دار نون لطباعه والنشر
مقهى المغني العربي 2021 دار نون للطباعه والنشر
السير تحت المطر 2021 دار نون للطباعه والنشر
سيعود الربيع حتما 2021 دار نون للطباعه والنشر
برائم عطشى 2022 دار نون للطباعه والنشر
اعصار في الافق 2023 دار نون للطباعة والنشر
حكايات مقهى الامراء 2023 دار نون للطباعة والنشر
ثانياً: الروايات :
1-المفتش 2021
كان هناك بيت 2022-2
دموع عند الحافه 2023 -3
تحت الطبع اعمال اخرى-4
الاديب محمد سامي مسكون بحب مدينته الموصل فاستقى من ذاكرته وتاريخها موضوعات قصصه ورواياته، اهتم بتفاصيلها الدقيقه في التاريخ والتراث الشعبي واللهجة والامثال والثقافة والاساطير والعادات وشخصياتها الشعبية والمثقفة وفي هذا المكان تشكلت رؤيته الواقعية الصارمه الامر الذي فتح مجالا واسعا امام نقاده ليختاروا ما يشاؤون من موضوعات تخص عالم السرد في القصه والرواية: المشهد والعرض والمحاكاه والحوار واللغة والجمال والشخصية والحدث التاريخ والحاضر والزمان..
يمتلك محمد سامي تصوراً عن الحياه سجلته قصصه ورواياته، فهو يضع لنفسه صورة من خلال كتاباته، وهذه قضيه مهمه في الادب الروائي، هي التي تجعل من الكاتب انموذجا اكثر معقولية من قبل قرائه، وهو لا يجعلنا نفكر ان هذه الشخصيات موجودة ام هي من صنع الخيال، بل يقرر من خلال واقعيته الصارمة انها موجودة واقعية حية يعيش معها كما هو مجسد بشكل دقيق في مجموعته (يوميات مقهى الامراء).
واقعيته لم تسمح لنا بالانتقال الى عوالم اخرى تفجر فينا الخيال نحن قراؤه المعاصرون له، لان ايغاله في الواقعية انهى عمل الخيال انما جعلنا نفكر في الحدث الاجتماعي والتاريخي والوظيفي والاقتصادي والسياسي عبر احداث المدينه والبلد الحديثه جدا والتي تمكن من سردها بلغة يومية بسيطه سهلة.
ترتبط شخصياته بعضها ببعض بخيوط معقده مرة فنية ومرة ادبية واخرى سياسية واقتصادية وتاريخية.
تتحاور شخصياته بلغه يومية سهلة وعفوية تعكس صدق حياتهم وعمق معاناتهم وجميل احلامهم ليعبر بذلك عن حقيقة ان الادب هو انعكاس للواقع الاجتماعي بكل معطياته.
استخدم التاريخ في سرده، والتاريخ عامل خطير في الروايه ذلك إما انه يجعل الكاتب مؤرخا او يجعل التاريخ ادبا ممزوجا بالخيال الذي هو عنصر خلق جديد للحدث التاريخي برؤية الادب وجمال لغته وحيوية شخصياته.
في روايته التاريخيه (المفتش) امتلكه التاريخ اكثر من الادب، فالروايه تحكي قصه عبد الوهاب التي تبدا مع احداث الموصل بعد سنه 1920 اذ عاشت الموصل مجهولة المصير والمستقبل، فهي رغم سيطرة الانجليز عليها الا انها كانت مهددة بالضم لتركيا الدولة الناشئة، ولكن بعد ان تقرر مصير الموصل بالضم للعراق استقرت الامور بها الى حد ما وبدا سيطرة الانجليز واضحة من استبدال للنظم الاداريه وتوفر البضائع الهندية والإنجليزية وقلة استعمال اللغة التركية التي كانت سائدة، ثم يبدأ متابعة نمو عبد الوهاب وهو يسرد احداث المرحلة عالمياً ومحليا: الكساد الكبير سنه 1929، وسنه 1937 مقتل بكر صدقي في الموصل، ويصل عبد الوهاب الى المعهد والدراسة في بغداد، ليتخصص في هندسة سكك الحديد والتخرج سنه 1940 وتعيينه بوظيفة (معاون مفتش سكة) ويستمر في عرض احداث تاريخ البلد وكيف عاش فيها المهندس عبد الوهاب منذ تاريخ الحكم الملكي الى العصر الجمهوري الاول عام 1958 والجمهوريات الاخرى انتهاء بالاحتلال.
قدمت الرواية وصفاً دقيقا لمرحلة تاريخية مهمة في العراق، تمكن محمد سامي من تلوين الروايه بنسمات اجتماعية جميله تعكس اخلاق المجتمع العراقي وكرمه ذلك عندما ينتقل عبد الوهاب الى محافظات البلد مديرا لمحطات سككها الممتدة من شمال البلد الى جنوبه.
كانت العلاقات السائدة بين العوائل الاجتماعية والاصدقاء نقية خالية من المصالح يظللها الحب والاحترام، (فجورج كان مسيحيا يوصله عبد الوهاب الى الكنيسة هو وعائلته لأداء شعائرهم، وعبد الوهاب يستأذن من جورج لأداء الصلاة عندما يحين وقتها)ص 192
الروائي ليس مؤرخا، لكنه يحتاج الى التاريخ لاكتشاف قيمة وجوديه معينة، وكلما تحقق الاكتشاف كان السرد اجمل واكثر قيمة، وابتعدت الرواية عن ان تكون عملا تاريخيا، تؤثر في هذا الكشف جمله من العوامل اهمها اللغة والجمال والفن
وفي اطار الادب يحتاج التاريخ الى اعادة صياغة الحدث بما يضيء للحاضر مسيرته، ويحتاج الروائي التاريخ في اطار زياده الوعي بالواقع، فكلما زاد الوعي بالتاريخ
زاد الاهتمام بالتاريخ، ذلك ان التاريخ يشكل جدلا زمنيا نحو المستقبل، لذلك فان وعي هذا الجدل يضبط مسيره الواقع نحو الأمام وهو دور يؤديه الاديب بكفاءة حين يعي موقعه بين التاريخ والادب.
بدا محمد سامي مسيرته الأدبية بكتابة القصة القصيرة معتمدا الواقعية منهجا والتاريخ والذاكرة مرجعيات معرفية ومادة في بناء القصة، مجموعته الاولى (احلى السنين) فيها سمة خاصه وحضور جميل من خلال انشغالات النماذج المطروحة، ففي عشاق الحرية مشهد جميل لشاب في سوق الطيور يمارس عملا جميلا بعد ان علم ان العصافير تستخدم طعاما للسكارى فيقرر شراء العصافير هو ومن حضر معه السوق واطلاقها في الجو لتعود تمارس حريتها، فيواجه نقدا اجتماعيا يعبر عن ضيق افق في فهم الحرية يقول احدهم:( انه مهرجان للبطر والتبذير هؤلاء الناس بالتاكيد قد حصلوا على اموالهم دون عناء وبطرق الله اعلم ما تكون ولهذا يبعثرون اموالهم بهذه الطريقة دون وجع قلب)ص8
وهناك موقف اخر يواجه هذا الوعي (هؤلاء عشاق الحرية لقد ساءتهم معاناة العصافير وهي محصورة داخل الشبكة فحركت في اعماقهم نوازع انسانية نبيلة ولهذا قرروا منح العصافير حريتها ولو على حساب اموالهم)ص8
في (امراة أعياها الحب) يعالج موضوع الحب من خلال علاقة فتاه قروية تنزح عائلتها الى المدينه تاركة ابن عمها حبها الاول، وتواصل دراستها وتنهي المرحلة الجامعية بعد ان انهت علاقه حب اخرى مع شاب يدرس معها، متنقله من حب الى اخر لتنتهي في علاقه حب مع موظف يعمل معها في المؤسسة (يسرق قلبها) انه مدير عام المؤسسة التي اقامت معه علاقة حب جديدة، وبعد نقل المدير الى مؤسسة اخرى التقت بشاب تعين جديدا في المؤسسة فاقامت معه علاقة حب جديدة وهكذا
تعالج القصة اثر التحولات الاجتماعية من الريف الى المدينة وما توفره المدينة من حرية وحياة اكثر حيوية من الريف وما تحدثه هذه التحولات من اثار نفسيه في الانسان.
في قصه (الذئب والحمل) يعالج محمد سامي قضية ثقافية خطيرة، الا وهي استغلال جهد الاخر الابداعي لقاء مبلغ زهيد يضطرالمبدع لقبوله تحت وطاه الفقر والحرمان، ويتمتع الذئب بهذا الاستغلال ليبني مجدا كاذباً
في قصه (الفنان والعبث) رؤى فلسفيه من خلال الموقف من الايمان والدين والله عز وجل، من خلال شخصيه الفنان (لطفي غسان) الذي هاجر بعد انهاء دراسته الى اوروبا لانه كان يعتقد انها المكان الذي (يجد الفنان من يحس به ومن يقدر فنه)ص40 وفي احدى زيارات صديقه الى فرنسا في رحلات العمل.. يلتقي به في ساحه المدينه التي اعتاد ان يرسم صورا شخصيه لمن يرغب.. لقد تغير لطفي في اوروبا، تبنى فلسفة العبث (وغدا رجلا عبثي التفكير سوداوي الرؤية)ص45
يؤمن ان كل (فعلنا وكل ما يجري في الحياة هو عبث ..مجيئنا الى الحياة عبث.. ذهابنا الى العدم.. طالما اجبرنا على المجيء الى هذه الحياة دون ان نستشار فمن السخف ان نلام على ما نقوم به من افعال مهما كانت طالما لا تؤذي الاخرين)ص45
ولطفي عكس المرأة التي ستهاجر الى اوروبا في روايته (دموع عند الحافة) التي حافظت على اصاله انتمائها لحضارتها وقيمها الإسلامية كما سنرى عند دراستنا الرواية .
في قصه (فن النخبة) يعالج محمد سامي الموقف من الفن التشكيلي الحديث معزز’ بلوحات فنية حديثة منتقاة للانتصار لموقفه الرافض لهذا الفن من خلال حوار مع فنان حديث وزائر
(واذا سمحت لي استاذ انا رأيي ان اللوحة كي تكون مؤثرة يجب ان تشرح نفسها بنفسها دون الحاجه الى شروحات مبدعها لأنك ان استطعت الان ان تشرح لنا فانك لن تستطيع شرح وجهة نظرك لكل الناس.. لمئات بل الالاف من الذين سيمرون باللوحة.. وغدا يمكن ان تباع اللوحة لبلد اخر او توضع في كتاب عندها كيف سيتسنى للناس فهم وجهه نظرك.. قاطعني والغضب في كلامه قائلا”- انا عندما ارسم يهمني راي النخبة الذين يتحسسون اللوحة والذين عندهم ثقافة فنية تمكنهم من فهم اللوحه دون الحاجه للشرح.. وهنا سحبه صديقي واجابه بعنف - ماذا هل تقصد باننا قليلي الفهم)
هنا القصه بدت اقرب الى مقالة نقدية في الفن الحديث والموقف منه او هي مشهد مسرحي جميل.
قصه (على المحك) متميزة ببنائها الفني وموضوعها الذي يعكس سلوك بعض البشر اثناء المحنه وبعدها من خلال تعرض مجموعة من الشباب زملاء في العمل لكل منهم صفات سلبية وسلوك يؤذي الاخرين، كل شاب من الشباب التسعه الذكور والاناث تحول الى كائن اخر في المصعد العاطل.. السكير صار مؤمنا والشجاع صار جبانا مستسلما والمغرورة صارت كتلة من التواضع.. وما ان تصلح المصعد وعادت اليه حركته الطبيعية، عاد السلوك الاول الى وضعه
نسوا المحنة.. اول شيء لفت انتباهي هو ما سمعته من عصام الذي قال:( لو تعرفون اشكدعطشان علوا على بطل بيره بارده.. والله اليوم راح اعلكها علكة (في المحنة صار مؤمنا) اما صلاح فقد سحب جهاد من ياقة قميصه وقال له شلون تصيح عليّ اجيبك هسه بوكس اكسر اسنانك طرطور.. لكن حمدون تدخل وسحب صلاح قائلا اتركه انا اعرف شلون اتصرف وياه الظاهر نسي نفسه والله لاكتب بيه تقرير اكسر ظهره... اما مياده فرايتها في الباص تنادي على سعاد وبيدها منديل تحاول ان ترميه لها وهي تقول: سمعه.. سمعه (لقب كان يطلق على الممثل اسماعيل ياسين) هذه تشفيه مالتج ..ورمت لها بالمنديل)ص77
لولا الحكاية لم يحفظ التاريخ احداثه المتعددى، والحكاية هي خلود الامة والانسان في. حكايات محمد سامي تدخل في هذا الاطار فهي حكايات حديثه يعشقها محمد سامي فكتبها قصصا قصيرة وروايات وثق فيها برؤية عميقه احداثها وهمومها ومشاغلها واشواقها وعمقها وسطحيتها وسلامها وصراعها في كتبه. يتجاوز فيها ذاتية الشعر الى جماعية القصة القصيرة والرواية، فهما يكتبان المجتمع والتاريخ : كيف يفكران وكيف يحلمان وكيف يصنعان الانسان.
لقد انشغل محمد سامي بالموصل وجودا اجتماعيا، انشغالا واقعيا حتى انه سار في شرايين المدينة بعيون كاميرا راصدا حياته اليومية بدقة وتفاصيلها ولهجتها وامثالها واكلاتها وملابسها واساطيرها من خلال الشخصيات التي نقلها كما هي في الواقع لم يتدخل في سيرورتها الاجتماعية، الناس العاديون والمثقفون على السواء، ويبدو ذلك واضحا في مجموعته (حكايات مقهى الامراء) التي اختزلت كثيرا من احداث المجاميع السابقه ويبدو ذلك واضحا، على سبيل المثال ، من خلال عنوانات بعض القصص مثل (مقهى الامراء) التي تذكرنا ب (مقهى المغني العربي) وبقية القصص التي تعيد تفاصيل حياة المدينة من خلال الحكايات الدائرة في المقهى التي يحكيها التربويون والمعلمون في المدارس الأهلية والكتاب والنقاد ونقاشاتهم والرياضيون والمتقاعدون والشحاذون والفنانون والمدعون والمسحوقون والمعوقون وما يتخلل ذلك من اوضاع نفسيه واقتصاديه واجتماعيه واحاديث في العلم والمستقبل والنسب والوراثة ومهرجان الربيع وأزمة المياه حتى توقيع كتاب القاص محمد سامي صار حدثا ثقافيا في المقهى ليعبر عن وعي ثقافي عميق بنقل الثقافة الى مختلف الميادين الاجتماعية ومنها المقاهي فهي صوره مصغرة للمجتمع.
من المعروف في القصة القصيرة ان الشخصية تحتل مكان الصدارة في عملية القص، ذلك لأنها تحمل الافكار والرؤى التي يسعى الكاتب الى ايصالها للقراء.
يعيد محمد سامي كتابة معظم الشخصيات كما هي في الواقع، الامر الذي افقد الشخصية امكانية ان تكون رمزا او فكرة ما، نـأخذ على سبيل المثال، قصة (رحلة في باص المصلحة رقم _1_) في مجموعته (براعم عطشى) فالحفيد مولع بصور المدينة ايام زمان، جاء يسال جده عن كلمة (الامانة) وهي الكلمة التي تطلق في اللهجة الموصلية ايام زمان على باص مصلحى نقل الركاب الحكومية، فطلب الجد من حفيده (كرم) ان يخبر اخاه (مصطفى) واخته (ريم) ان لدينا اليوم سهره في رحله بباص الامانة رقم واحد، وتبدا السهرة باستعراض الجد سير الباص من محطه الانطلاق في الشارع الموازي لمحطة قطار المدينة مرورا بالمحطات في مناطق معينة من المدينة، فيذكر الاسواق والدكاكين والاشخاص والمقاهي القريبة من تلك المحطات على جانبي الشارع الذي يسير فيه الباص الى ان يعود الى محطة الانطلاق مع مقارنة بين ماضي المدينة وحاضرها. القصة اشبه بتقرير صحفي عن المدينة التي انتهت الى خرائب بفعل الحرب.
بينما تمكن في قصص اخرى من رصد حالة الحب عند نساء مختلفات البيئة والثقافة، شكل الحب عندهن قيمة عليا رغم تحديات المجتمع، وهو واضح في القصص التي تناولت (الحب) وهي،
( امراة اعياها الحب) /احلى السنين (الحب وخريف امراة)/ مقهى المغني العربي امراة وحب بعد الستين)/ السير تحت المطر( للحب صدى)/ اعصار في الافق(
فالمراة في قصه امراة اعياها الحب تحكي قصة فتاة قروية نزحت الى المدبنة فاندهشت بشبابها فبدات تنتقل من حب الى اخر كلما وجدت في الشخص الجديد ما يغري، كما ذكرنا سابقا، وفي (الحب وخريف امراة) امراة تعاني من حب اشبه بالوهم فقد افنى شبابها في حب شخص لم يقم لشوقها وزنا ولا ترهقه في حبها الا غيرتها عليه.
اما في (امراة وحب بعد الستين) قصه فتاة تتزوج من شاب معها في الكلية رغم معارضه اهلها لاختلاف القيم والاخلاق بينهما اكتشفت بعد الزواج انه يحبها على طريقته هو وكما توجهه امه اذ كل شيء يجب ان يبدا باهله ومن بعدها نحن انا والاولاد.. الامر الذي افقد الحب جماله والحياة حيويتها، وفي زحمة احباطها يظهر في حياتها رجل جديد كان زميلا لها في الجامعة، يعبر لها عن حبه لها منذ ايام الجامعه، وهو يتابعها منذ ان تزوجت، وانه لما يزل يحبها.. اوقعها الامر في دهشة اذ تقع في حبه وهي في الستين، يتركها الكاتب في حيره عبر اسئلتها الصعبة هل الحب مقترن بفترة الشباب فقط ويتلاشى ويخبو عندما تكبر المراة هل ان قلب المراة المسنة يختلف عن قلب المراة الشابة هل حرام ام عيب ان يخفق قلب من بلغت الستين
تختلف رؤيه الكاتب للحب في قصة ( للحب صدى) ذلك ان الشخصية هنا رجل (فيتنامي) يعمل في مؤسسة حكومية، علمته احد امه منذ الصغر معنى الحب ( هؤلاء الناس عندما تحبهم بقوه فانهم سيحبونك بأقصى ما يستطيعون والعبرة التي خرج الكاتب بها من حكاية الفيتنامي ان (للحب صدى) فهو صوت يدوي في جبال الحياة
تغيب الاسماء في معظم قصص محمد سامي القصيرة والاسم في الرواية او القصة القصيرة يعد احد ملامح الشخصية التي فيها يدخل القارئ لعالم الشخصية، فالنكرات احيانا اقل قيمة في العمل الروائي، أواحيانا يريد ان يجعل الكاتب من الشخص نموذجا انسانيا عاما، والاسماء كذلك تجسد الثقافه والتاريخ والمجتمع فدلالتها مهمة في العمل الروائي والقصص
لقد تمكن محمد سامي من تقديم قصص قصيرة كانت سلسله من المشاهد الموصوفه التي تنشا خلالها حالة مسبِبة تتطلب شخصيه حاسمه ذات صفات مسيطره تحاول ان تحل نوعا من المشكلة من خلال بعض الاحداث التي ترى انها الافضل لتحقيق الغرض وتتعرض الاحداث لبعض العوائق والتصعيدات حتى تصل الى نتيجة قرار تلك الشخصية النهائي كما يذكر ولسون ثورنلي في الصفحة 20 من كتابه (القصة القصيرة) الذي ترجمه الدكتور مانع حماد الجهني والصادر عن النادي الثقافي بجده سنه 1992
فجاءت المشاهد في قصصه القصيرة قائمة على وحدة البناء الرئيسية في كتابة القصة القصيرة وهي المشهد والعرض واللغة غير ان المشهد في معظم القصص لم يهتم كثيرا بالوصف بل ركز على عرض الشخصيات كما هي برؤيه واقعيه تصويرية، ولهذا كانت معظم الشخصيات شعبيه جدا وهو امر مهم في الواقعية التي تنشغل بالناس في ممارساتهم اليومية، ناس عاديون جدا تراهم في الشارع في المطعم في المقهى في السوق في وسائل النقل في الوظيفة،
قصة (زهايمر) نموذج رائع لبناء القصة ولغتها ورصد نفسي جميل للمريض، غير ان هذا لم يجنبه الفشل في بناء بعض القصص التي لا تعدو ان تكون خبرا صحفيا او حدثا صحفيا كذلك مثل قصه (براعم عطشى) في المجموعة التي تحمل العنوان نفسه، اكثر من حدث في القصه والنبرة الخطابية المباشره واضحه جدا.
في قصه (الحرية) ضمن مجموعة براعم .. رؤيه فلسفيه ناضجه برؤية ادبية ناضجه تدين غياب الحرية، والوعي في ادراك التاريخ، والتاريخ له حضوره في روايات محمد سامي، وكذلك في بعض قصصه القصيرة، غير انه في كل هذه المعطيات يتعامل مع التاريخ حدثا تاريخيا وليس ادبيا، ويبدو ذلك واضحا في روايته (المفتش) كما سنرى لاحقا في قصة (الدونية) في براعم ,, تعرية لسلوك لا اخلاقي يعيشه البعض وهو يخفي ماضيه الاجتماعي فيغطي احساسه بالعار من الفقر ويدعي الغنى ويعيش حياته في الكذب والادعاء الفارغ، لم يحترم مواقف صديقه الذي قدم له مساعدات كثيرة اثناء دراسته في معهد النفط، والذي سيصبح وزيرا للنفط فيما بعد، يحضر حفل تكريمه بمناسبة إحالته إلى التقاعد وعندما القى الوزير كلمته بالمناسبة متفاخرا بماضي حازم صديقه الغني بالملابس الفاخرة ابن الغنى ويتعجب من عدم مواصلة دراسته في الخارج وهو ابن عائلة غنية في حين ابناء الفقراء تمكنا من ذلك.
هزت كلمات الوزير كيان حازم وصدمته بقوه حتى انه لم يعد يعي ما يدور حوله اخذته حاله ضحك كان وهو يضحك يحس بالدونية والوضاعة واحتقار الذات.
في قصه ما ذنبي في مجموعة براعم... رصد جميل لرؤيه الجمال في مجتمع متخلف، رؤيه قاصرة.. يحرم الزوج على زوجته الجميلة النظر الى جانبي الطريق حين تكون معه في السيارة ويمنعها من التعامل مع الاخرين لقد دفعت هذه المراة ثمن جمالها تعبا وقيودا تكبلها ليل نهار
في مجموعه براعم عطشى تصوير جميل لشخصيات جسدت احداثا اجتماعيه وسياسيه وفيها رصد لما تعرضت له مدينه الموصل من دمار، وفيها اصرار على الحياه من خلال تمسك الشخصيات بالفن والموسيقى والغناء براعم عطشى بيان انساني وجمالي في الاصرار على الحياه وتجاوز المحن
قصص محمد سامي القصيرة موقف من الحياة، الحياة في جانبها البسيط السهل، تجسد هذا الموقف في شخصيات بسيطة عادية تعيش حياتها بيسر وقناعه تمارس الغواية ثم سرعان ما تتراجع الى نقائها، شخصيات تحلم بالحرية والعدالة والحب وشخصيات يؤرقها جمالها بسبب ضيق افق البعض وقصور وعيه بالجمال الذاتي وشخصيات يؤرقها المجهول وعندما يتدخل الكاتب في مسار الحدث تعرفه من لازمته المعروفه اخوان اخوان صوت انساني جميل ونبيل يستجيب له الجميع ويعود الوئام الى الجلسة.
الان ساقف عند روايته دموع عند الحافة) (

لتميزها عن سابقتيها (المفتش) و(كان هناك بيت) اللتين يجمعهما التاريخ.
في دموع عند الحافه تجربة انسانية متميزة في معالجة العلاقة مع الغرب من خلال رحلة امراة فرضت عليها ظروف احتلال العراق ومقتل زوجها الذي عمل مترجما عند القوات الأمريكية المحتلة. الرواية كما يتناولها محمد سامي هي في الاصل (مذكرات زوجة مغدور) فيها حياتها منذ الولادة وحتى الهجرة الى الغرب/ النرويج. تحكي المذكرات حياة فتاة تعيش في (وادي حجر) وهو احد احياء مدينة الموصل، في المذكرات وصف دقيق للحي اجتماعيا وثقافيا وسياسيا، والدها كان رجلا متميزا بكثره القراءه وسماع الاغاني، عاصرت مراحل صعبة في حياتها، الحرب العراقية الايرانية، ثم غزو الكويت. تزوجت في زمن الحصار من ابن عمتها وبدات حياتها الاسرية وتاثيث البيت، فقد بدات بتأسيس مستلزمات العائلة بعد ولادة ابنتها البكر، بدات تشعر بخيبة امل في الزواج والاحساس بالوحدة في شقتها الجديدة، تجاوزت هذه المحنة بالقراءة، غير ان خيبتها ما زالت وهي تحلم بالحرية والانطلاق ومشاركة الناس في العمل، بدات مواصلة الدراسة للحصول على الشهادة العلمية، واصلت دراستها في قسم اللغه الانجليزية، بعد سنه 2003 تغيرت اوضاع البلد باحتلاله من قبل امريكا، عمل زوجها مترجما عند قوات الاحتلال لأنه هو الاخر كان متخصصا في اللغه الانجليزية، هدد اكثر من مره بالقتل ان لم يترك العمل مع الاحتلال، ورغم تركه العمل الا انه قتل، دخلت مرحلة التأمل، فزاد قلقها واضطربت قواها النفسية، غير ان اصرارها على الحياة لم يقف، تمكنت من النزوح الى سوريا عند احد اصدقاء زوجها،احتوتها العائلة السورية بحب، وضعت لنفسها مبدأ اعانها في مواجهه المحن والصعوبات
(ان استمد القوه من داخلي )ص64
حصلت الموافقة على هجرتها الى النرويج البلد المجهول بالنسبة لها، استقرت في النرويج وحصلت على مقومات الاستقرار والراحة لتبدا عملية الاندماج في المجتمع النرويجي، تحقق الامر مع ابنتيها اللتين سرعان ما توافقتا مع المجتمع لا سيما الصغيرة، أما ابنتها الكبيرة فظلت تحمل الاشواق الى ابيها، والام تحمل الاشواق للأهل والزوج والحي
دخلت السيدة مدرسة اللغة وبذات تتعلم اساسيات المجتمع من اجل مواصلة العيش والعمل، فقد توظفت في دائرة الهجرة، وبذات عملية التحول الكبير حين تعرفت على السيدة النرويجيه وعائلتها وابنها (كيفن) خاصة الذي يصارحها بحبه ليفتح امامها باب الزواج، فتبدا المحنة والتساؤلات كيف ستتزوج رجلا من غير دينها ..ما الذي سيقول الاهل وابنتاها.. ما الذي يقول الدين في هذه الحالة.. رفضت ابنتاها الفكرة، ولكن سرعان ما عادتا للموافقة فقد تبين ان كيفن ابن تركي مسلم ولم يعد في الامر مشكله وكيفن هذا رجل هادئ وذكي لا يتخذ قراراته بسرعة، دائم البحث عن كنه الاشياء
تلد السيدة من كيفن ذكرا سمته (روبن) لم يظهر كثيرا في الرواية، بعد غياب ستة عشر عاما عن البلد قررت زيارته، ولكن هذه المرة مع عائلتها الجديدة، ينتمي زوجها كفن الى الاسلام عمليا بدأ يمارس طقوس الصلاة والصوم وزيارة مساجد الموصل والاطلاع على معالمها وجوامعها واسواقها وحرفها وامه تصور مشاهداتها بكاميرتها الخاصة.
تطرح الرواية قضية مهمة ألا وهي العلاقة مع الغرب، فالسيدة لم تتخل عن قيمها ومبادئها وهي الحالمة بالحرية والانطلاق، اخذت من النرويج ما لا يعارض دينها واخلاقها وحين قررت الانتماء انتمت الى رجل مسلم هي التي اعادت دمجه من جديد في الاسلام من خلال تعميق الوعي بمبادئه واحكامه العامة
ان النماذج التي اعتمدتها من قصص محمد سامي القصيرة ورواياته تمكننا من تحديد اهم خصوصياتها وصفاتها، ذلك ان الادباء هم بصمات عيون الثقافة ولكل اديب بصمته الابداعية التي هي خصوصيته، فما هي خصوصية محمد سامي:
1- اعتماده الذاكرة في تناول موضوعاته الاجتماعية والنفسية من خلال معالجة الموضوعات التي حدثت له ومعه في حياته الوظيفية والاجتماعية
2- اعتماده التاريخ كما في رواية (المفتش) الذي يتناول فيها تاريخ العراق الحديث من خلال استعراضه لسيرة عبد الوهاب الموظف في محطة السكك الحديد
3- لغته منسجمة مع شخصياته، فترى لغة الفنان تعكس رؤيته للحياة، ولغة الموظف تنسجم مع ثقافته وموقفه وهمومه، وهكذا بالنسبه لفئات المجتمع الاخرى.
, 4- بروز الاسلوب الصحفي في عدد من قصصه
5 كثره الاخطاء اللغوية التي لم ينقذه منها المراجعون اللغويون.
6- قدرة عالية على السرد، وافتقار كثير من القصص الى اللغه الادبيه وتجلياتها البلاغيه وذلك سبب منهجه الواقعي الذي طغى على اعماله كافه.



#جاسم_الفارس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التكامل بين الثقافة والاقتصاد ضرورة حضارية
- الإنسان والتاريخ في (حارس المنارة). رواية الأديب فخري أمين
- عن التنوير والتنويرين
- وقفةعلى عتبات الظما للشاعر ماجد الحسيني
- نشوة التحول الحضاري - قراءة في فلسفة داريوش شايغان
- العراق الذي نستحقه
- النهضة والثقافة والتاريخ -قراءة في مشروع مالك بن نبي الحضاري
- قراءة في كتاب (جدلية نهج التنمية البشرية المستدامة ..منابع ا ...


المزيد.....




- خبيرة صناعة الأرشيف الرقمي كارولين كارويل: أرشيف اليوتيوب و( ...
- -من أمن العقوبة أساء الأدب-.. حمد بن جاسم يتحدث عن مخاطر تجا ...
- إعلان أول مترجم.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 166 مترجمة على قص ...
- رحال عماني في موسكو
- الجزائر: مهرجان وهران الدولي للفيلم العربي يستقبل ضيوفه من ج ...
- أحلام تتفاعل مع تأثر ماجد المهندس بالغناء لعبدالله الرويشد
- شاهد/رسالة الفنان اللبناني معين شريف من فوق أنقاض منزله بعدم ...
- عندما يلتقي الإبداع بالذكاء الاصطناعي: لوحات فنية تبهر الأنظ ...
- فنان تشكيلي صيني يبدع في رسم سلسلة من اللوحات الفنية عن روسي ...
- فيلم - كونت مونت كريستو- في صدارة إيرادات شباك التذاكر الروس ...


المزيد.....

- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل مسرحية "سندريلا و ال ... / مفيدةبودهوس - ريما بلفريطس
- المهاجـــر إلــى الــغــد السيد حافظ خمسون عاما من التجر ... / أحمد محمد الشريف
- مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية / أكد الجبوري
- هندسة الشخصيات في رواية "وهمت به" للسيد حافظ / آيةسلي - نُسيبة بربيش لجنة المناقشة
- توظيف التراث في مسرحيات السيد حافظ / وحيدة بلقفصي - إيمان عبد لاوي
- مذكرات السيد حافظ الجزء الرابع بين عبقرية الإبداع وتهمي ... / د. ياسر جابر الجمال
- الحبكة الفنية و الدرامية في المسرحية العربية " الخادمة وال ... / إيـــمـــان جــبــــــارى
- ظروف استثنائية / عبد الباقي يوسف
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- سيمياء بناء الشخصية في رواية ليالي دبي "شاي بالياسمين" لل ... / رانيا سحنون - بسمة زريق


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جاسم الفارس - قراءة في ادب محمد سامي عبد الكريم -رؤية في الخصائص العامة