|
مع صديقي الملحد (5) ثقافة الشتم واللعن
أمير السليمي
الحوار المتمدن-العدد: 7848 - 2024 / 1 / 6 - 15:20
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
فخ لا تسقط فيه: لا أطالب الملحد أن يكون صخرة أو روبوت، أعلم أن كلا وطاقته وكلا وحدوده، لكن وضع هدف صعب المنال أو سقف عال مبدأ يشكر ولا يذم..(*)
تذكر أن أعظم أكذوبة(الاله) تجاوزتها، ربما ببساطة ولم تأخذ منك إلا دقائق تفكير صادق وشجاع. تذكر أيضا أن معرفة الأصول تغنيك عن هدر زمن وراء تتبع الفروع: أكثر من 35 قرن يهودية، مسيحية وإسلام، أستطيع تفنيدها انطلاقا من أصل بسيط يعترف به الثلاثة؛ وهو زعم أن الاله الواحد للكون اختار شعبا ما دون غيره، ولست في حاجة لمعرفة أي حرف عن الثلاثة أديان. وكما تعلم، في دراسة أي دين، الأصول هي أهم شيء وتلك الأصول هي التي تحدد كل شيء يليها، كل شيء في الاسلام مثلا من تفسير وحديث وسيرة وفقه وتاريخ لا قيمة له دون الأصول(لا قيمة لأكثر من 120 نص مكي "مسالم" قِبَل آية السيف)، يقال أن تلك الأصول مأخوذة/ مستوحاة من صحيح الدين والحقيقة أنها تؤسس لأديان جديدة تنسف الدين "الخام" في مواضع كثيرة وفي أخرى لن تجد صحيح الدين إلا عندها، لذلك ترى في المذاهب أشياء تعارض هذا الصحيح المزعوم لكنها تقبل ويعمل بها وفي مواضع يكفر من يتركها: عندما يقولك مالك أنك تستطيع سبي أمك وأختك وكل العائلة (والسبي يعني الجنس) ويستند إلى نص قرآني (النساء 23و24 دون الفصل بين النصين) تعلم جيدا أن وحده الغير ملم بالأصول أو المسمح للدين سيزعم أن مالكا أخطأ أو لم يفهم.. مالك ليس فقيها فحسب، وليس "ليس مفسرا مرجعا في القرآن و-علومه-"، بل ملم بالأصول وتبعا لها التفسير والحديث والسيرة و.. الفقه!
مقدمة طويلة للكلام عن الشتائم؟ هل للشتيمة "أصول"؟ .. كل شيء عنده أصول، ولا شيء جاء من -العدم-.. حتى الآلهة لم تتجرأ على الزعم أنها جاءت بشيء من -العدم-.. والبحث في الأصول يعني التاريخ ولا شيء ليس له تاريخا، وإذا كنا أحيانا لا نفهم أحداثا وقعت أمامنا وعايشناها نعرف مدى صعوبة فهم أمور سمعنا عنها أو روتها لنا كتب، والتاريخ المدون كما هو معلوم يكتبه المنتصرون، أولئك الذين يصورون أنفسهم الأكمل في كل شيء وكل من خالفهم شيطنوه..
أكتب الآن بلغة الله الذي اصطفى من العرب رسولا ليتمم رسالاته، وقالت لنا الكتب الإسلامية أن القرآن صيغ بلغة قريش اللغة الأقوم والأرقى، هذا القرآن الذي يشكل أول منتج دون بالعربية ومنه وعنه خرجت لنا آلاف الكتب، فعرفنا أن اللغة العربية قُوِّمت ووضعت قواعدها بعده.. إذن كل ما دون بالعربية أصله القرآن وقد كفانا طه حسين الرد على من سيزعم غير ذلك. والقرآن كما نعلم "بوفاي" كان فيه محمد حاطب ليل وضع فيه كل ما وجد في طريقه وراقه(لو أخذنا بالرواية الإسلامية القائلة أنه كتاب أملاه شخص واحد)، ولقولي في آخر الجزء السابق أني لست خبيرا في اللغة ومع ذلك أنا ملزم بأن أتقنها ما استطعت وأن أكتب بأقل أخطاء ممكنة مقصده هنا، لأن كل شيء تدعيه وتحياه -أمة- "العرب-المسلمين" من ويلات مدون بهذه اللغة وفي قرآنها وكل ما جاء بعده، وكيف سنفهم ما لم يكن عندنا الحد الأدنى من الالمام بهذه اللغة؟ فمن سيف محمد إلى سيف أبي تمام إلى بندقية نزار قباني تعرف أن النبي الحقيقي لهذه الأمة -المزعومة- هو الذي قال عنها أنها "ظاهرة صوتية" وليس ذلك الذي زعم أنها "واحدة وذات رسالة خالدة"..
تاريخ الشتم واللعن مرتبط بتاريخ اللغة، وإذا كانت قمة هذه -الأمة- يجلس فيها على العرش إلهها ورسولها وشعراؤها، والإله يشتم والرسول يشتم والشعراء عندهم "تخصص" كامل اسمه الهجاء، نفهم كيف أن كل من اقترب من القرآن والسنة والشعر والتزم لن يكون إلا .. شتاما لعانا! (على ذكر نزار قباني، مع احترامي يعني.. يقولك شاعر المرأة، نسوا البندقية لكن لا يهم.. المهم هل هذا عمل مهم أن تمضي جل حياتك تتغزل بالنساء لدرجة أن تلقب بشاعر المرأة؟ هل كان نزار قابعا في صحراء جدباء لا يوجد في عقله شيء غير النساء والسيوف على غرار محمد وصحابته -وفطاحل الشعراء قبله وبعده- لدرجة جعله من الاله قوادا ومن الجنة الموعودة ماخورا؟)
طبعا لم أقل أن الشتم نشأ مع اللغة، لأنه وجد مع وجود الانسان وكان غمزا ولمزا واشارة وأصواتا وحركات وتفا ووو قبل أن تكتب اللغات، لكننا عندما نجده مكتوبا موثقا بلغة ما يعتقد مستعملوها أنها اللغة التي بها أرسل اله الكون آخر رسالاته للبشر وشتم بها، وحامل الرسالة أعظم بشر مشى على هذه الأرض شتم بها، وأصحابه شتموا بها، وأعظم من تكلموا بها شتموا بها، نكون أمام ليس ثقافة فحسب بل أمام عقيدة راسخة هي مصدر عزة وفخر، وكل من أنكرها لن يكون الا شيطانا ماردا خارجا من رحمة الاله وخائنا ناكرا لمناقب الأجداد(مثلما لا يستطيع المشايخ التبرؤ من أقوال القرآن ومحمد بل ويفتخرون، كذلك الشعراء والأدباء وما بندقية نزار إلا من سيف أبي تمام).. فكيف ستتقدم أمة هذه أصولها ومناقبها؟ وكيف ستتحضر شعوب صارت عندها هذه الأصول ثقافة؟ والغريب أنك تسمع الكثيرين يستنكرون عندما تعلو الأصوات ويكثر الصراخ والسباب على الفضائيات، وأغلبهم حالهم كالمسلمين الذين يستنكرون فعل داعش وأخواتها أي الجهل بأصول ذلك السلوك ورفض قبول الحقيقة ومواجهتها، أما من يعرفون تلك الأصول فلا يقبلون الا بمواصلة حقنها للشعوب فالمشايخ لن يرضوا بإبعاد الدين وسيصرخون ومحمداه! ومثلهم جلاوزة اللغة.. وأوساه!(أوس بن حجر)، وأعشاه! (أعشى قيس) وجريراه!
اللغة لا تنزل من السماء وعليها نقش "هذه لغة الإله" كما زعم المسلمون وقبلهم اليهود، لكنها تنشأ في بيئتها وتتلاقح مع غيرها فتأخذ ثقافات ومعتقدات شعوب أخرى محمولة في لغاتها وألفاظها، والعربية أخذت من غيرها ككل لغات البشر لكنها أخذت البشع الكثير لأن من أخذوا انتقوا ما توافق مع تصوراتهم وأفكارهم الأصلية، والمؤسسون كانوا بشعين جدا كما تعلم وألوانهم المفضلة كانت الأصفر والأحمر للصحراء والدم.. من ذلك مثلا كل الكلمات الغير عربية في القرآن والتي نقلت لنا خرافات الشعوب الأخرى وليس كما نأخذ نحن اليوم (نات/ لابتوب/آيفون...)... ذلك البدوي البدائي المهووس بالسلطة والجنس ماذا سيأخذ يا ترى غير إرهاب ولعن وسباب من سبقه ومن في عصره من صعاليك(أعظم الشعراء) وأصحاب أديان أخرى خصوصا اليهود(المرجعية الدينية) وهم سادة الخرافة والإرهاب والعنصرية والإبادة الجماعية كما قالت عنهم كتبهم... (التعميم ليس مني بل هو أصل أصيل في الأديان الثلاثة)
من السب نستشف المنطق التوحيدي حامل الحق "المطلق" الذي لا يناقش، الآخر الشيطان الذي لا يردعه إلا الشتم ومضيعة وقت مناقشته بالمنطق والحجج؛ الساب هو حامل راية "المقدس" والمشتوم هو عون من أعيان "المدنس".. أصل السب عند المؤمن ليس تعبيرا وتنفيسا عن الغضب والانفعال، بل هو المنهج السليم والقويم وفي أحيان كثيرة المنهج الوحيد مع من "ختم الله على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة". ولذلك يقول المؤمن دون حرج: [كيف يعقل أن يناقش كلام الله أو يشكك فيه؟ فأنت إما مصدق وإما مكذب، والمكذب لا يمكن أن يكون من غير الشيطان، لأنه يستحيل على بشر يحمل ذرة عقل أن ينكر كل الحقائق التي لا تحتمل التساؤل ولا يجوز حتى السؤال فيها، فهي بينة وجلية ومنطقية يقبلها العقل القويم والذوق السليم.. فهل يوجد أغبى وأجهل وأخس من الملحدين الذين ينكرون ما لا يمكن نكرانه ويقولون ما يخجل الشيطان من قوله وسماعه؟!] (الخسيس هو: التافه/ الحقير/ النذل/ الوضيع/ ناكر الجميل.. الغبي هو الجاهل البليد ضعيف الفطنة..)
عادة ما نرى الاختلاف صحيا وجيدا، لكنه للأسف يبعدنا عن معرفة حقائق الأشياء.. فنحن -يعجبنا- المتدين "المتسامح" "غير المتعصب"، لكن هذا الذي -يعجبنا- لم يأت بتسامحه من دينه وهذا ما لا يجب نسيانه أو تجاهله، ونحن بـ -إعجابنا- ذاك نساهم من دون أن نشعر في بقاء الدين متجاهلين في ذلك رغبتنا الأصيلة -التي لا يجب أن تنسى- في عالم من دونه..
نفس الشيء مع السب الذي منشؤه إقصاء الآخر وشيطنته في الأديان، وحتى مع بدء تكون الجماعات البشرية الأولى حيث كان للتنقيص من المجموعات المعادية ولتقريع الأفراد حتى يلتزموا أكثر بقوانين المجموعة.. فصار الطبيب -النفسي- يوصي به مريضه للتنفيس ولكي "لا ينفجر"، وصارت الأم تستعمله كوسيلة تربوية(غبي/ كسول/ قليل الحياء...) بل وأحيانا للافتخار(شيطان تدليلا على حركية الطفل وذكائه عكس أخيه.. الغبي الكسول!)، وصار بين الخلان وسيلة ممازحة وطرفة(لندع فلان يا رفاق وإلا لن يفلت أحد من صياحه.. ابن العاهرة!)، بل وصار "وسيلة نقد" و"لغة نقد" و "ثورية" يدافع عنها بعض أهل الفكر وعندهم حججهم:
فيقولون شعب يسب خير من شعب ساكت خنوع، الساب غاضب لا يرضى بالظلم وينكسر عنده قيد الرهبة من الحاكم والتقديس له. وأقول السب عنف لفظي قطعا سيتبعه العنف الجسدي/ المادي خصوصا إذا ما كانت الأعداد بالآلاف، أصحاب هذا الكلام يعملون بمنطق "هذا أحسن من هذا" هم براجماتيون يتعاملون مع وضع مزر للغاية ويرون في تحسينه ولو قليلا إنجازا كبيرا، هم يشبهون من يكون هدفه -ولنأخذ مثال مصر- التقليل من التحرش ثم بعد ذلك تحسين علاقة المسلم مع المسيحي ثم فضح المشايخ وهدم الأزهر على رؤوسهم، كأهداف مرحلية في حين أنها كلها وغيرها يمكن أن تدرك جميعا لو فضح الأصل أي الدين ومن أصوله، لكن ذلك صعب المنال مع شعوب مغيبة جملة وتفصيلا كما هو معلوم: هذه إذن لهم وليست لي، لكن! مع تذكيرهم بشعب متخلف قدم لوحة ربما تكون الأروع والأجمل في كل البلدان الإسلامية، وهو الشعب التونسي -أو للدقة من حضر منه- يوم قاولوا لزين العابدين بن علي أمام مبنى وزارة الداخلية (Out/ Dégage) [وهذه لي وليست لهم].
الذي لي -ولا أحكم على النوايا-، هو معاملة الشعوب كرضع وأطفال بل وكما البهائم، الرضيع لا عقل له عندما يجوع يبكي، والطفل لا عقل له عندما يمنع من شيء يصرخ ويبكي، والبهائم لا عقل لها عندما تجوع تنهق وتعوي بل وتزأر مدمرة كل شيء في طريقها ولا يهمها في ذلك إلا بطونها، ولذلك كانت الشعوب المُجهَّلة مفعولا فيها طوال تاريخها فهي لا تفهم من أين تأتي مصائبها ولا تتحرك إلا عندما تخوي بطونها فتكون النتيجة أنها تستبدل "رأس ثوم" بـ "رأس بصل" ظانة أنها "ثارت" وبما أن هذه النخب تعامل شعوبها معاملة الأطفال تكون هي المسؤولة الأولى عن أوضاع شعوبها المزرية لأن الطفل كما هو معلوم غير مسؤول ولا يحاسب.
طبعا هم لا يأمرون بالسب ويرفضونه في منابرهم الفكرية، لكنهم يجدون له الأعذار والتبريرات ومنطقهم في ذلك "الكلام خير من السكوت حتى وإن كان شتما أو ثرثرة، ثقافة البوح والتعبير خير من القمع والخوف"، وربما استطعت تشبيههم بمن يجد الأعذار لحماس ويسمها بـ "المقاومة" وهو العارف بمشروعها الإسلامي وبأصوله التي لا تعترف بالأوطان أصلا وبكل ما يدعو إليه هو من حقوق وحريات وغيرها من الشعارات. (ولتذهب إسرائيل -الدولة اليهودية- "إلى الجحيم" بالمناسبة، وقد قلت في جزء سابق أن الملحد لا يمكن أن يكون في صف أي من الأيديولوجيتين الإسلامية واليهودية)
أما أهل اللغة والأدب فيصفون السب بـ "الإبداع"، و"المبدعون" موجودون في كل لغات الأرض، لكن "أبدعهم" موجودون تحت العالم العبراني وأديانه الثلاثة أي العالم الغربي ذو الخلفية المسيحية ونحن، وأزعم أن عالمنا هو الأكثر "إبداعا" وذلك لتأصل البداوة والتعاليم الإسلامية في الوعي الجمعي حتى صارت وكأنها جينات تورث ولا يفلت منها حتى المثقفون والأكاديميون.. هؤلاء يمكن معرفة صحة قولي فيهم عندما يسكرون ويغضبون، مع السكر لن تسمع شيئا غير النكت الجنسية ومع الغضب أول ما ستسمعه منهم سيأخذك مباشرة إلى مكان خروجك من رحم أمك.
ولنواصل مع اللغة، وأذكر أني لست من أساطينها..
السب والشتم واحد، وهو لغة "نسبة الإنسان إلى عيب ما". أما اصطلاحا فهو:
-"الكلام الذي يُقصَد به الانتقاص والاستخفاف".. ركز مع "يُقصَد" وفيها فتح الباب للحكم على النوايا، أنت عندما تنقد المؤمن وعقيدته، لا يرى شيئا آخر غير أنك تحاول النيل منه.. لا يرى أنك تريد إصلاح خلل ما في تفكيره أو خطأ ما في مواقفه وأحكامه بل المسألة شخصية وأنت لا شاغل لك غير النيل من شخصه "العظيم" وحقيقته "المطلقة" التي من المفروض حسب اعتقاده لا تناقش! مصطلحات كـ "النقد" و "حرية التعبير" و "حرية الضمير" و "حق الاختلاف" وغيرها، مصطلحات حديثة لا علاقة لها لا من قريب ولا من بعيد بالأديان، وكيف يعقل ذلك والدين حامل لحقائق -مطلقة- لا تناقش؟ لذلك نتعجب كيف يتجرأ أي مؤمن على الزعم أن هذه المفاهيم الحديثة موجودة في دينه ومصدرها عقيدته!
-"هو مشافهة الغير بما يكرَهُ وإن لم يكن فيه حَدٌّ".. عندما نقول للأصلع، أنت أصلع أي نحن نصف حقيقة بينة للجميع، وإذا كره ذلك -وهو شأنه الذي لا يعنينا في شيء-، نحن: "نشتمه"! كره محمد أن يقال عنه أنه ليس نبيا -والإسلام كله قائم على الإيمان بنبوة محمد لا على وجود الإله- أي كل نقد له وكشف لحقيقته: "سب"! هل ما نقوله عن الولادة العذراوية يعجب المسيحي؟ أم نحن نكذب بحقيقة لا تناقش عنده؟ أليس قولنا وفقا له "سبا" واتهاما لمريم بالزنا وهي المطوبة التي تطوبها جميع الأجيال؟ الكنيسة تطوبها وتدعو شعبها لأن يعيش حياة القداسة مثلها وسط عالم مليء بالخطية والنجاسة.. فهل يعقل أن "يسبها" -أنجس- من مشى على هذه الأرض أي الملحد؟ أما اليهودي فعندما نقول أن القصة شوية بدو صنعوا لأنفسهم إله وزعموا أنه اختارهم، ثم تبنى قسطنطين الخرافة وفرضها بالسيف، ثم فعل الإسلام نفس الشيء ولولا قسطنطين ومحمد لكانت اليهودية قد انقرضت منذ زمن، أليست هذه أكبر مسبة في حقه؟
-"شتم الإنسان والتكلم في عرضه بما يعيبه".. من أول الأشياء التي لفتت انتباهي يوم بدأت دراسة الأديان، مشاكل آباء المؤسسين، موسى ويسوع ومحمد من آباؤهم؟ يقولك موسى "ابن النيل"، ويسوع "ابن الله"، ومحمد "ابن عبد الله"! وأقتبس من موقع مسيحي(لا نعلم شيئًا عن تفاصيل حياته في هذه المدة [يتكلم عن موسى حتى الأربعين من عمره] كما لا نعلم إلا الشيء القليل عن حياة المسيح قبل الثلاثين سنة من عمره)، أما الكتب الإسلامية فأعلمتنا الكثير عن محمد ليبقى السؤال -البريء- قائما: "أي عبيد من عبيد الله أنجبوا كلا من الثلاثة؟"
هذه عقائد بدائية جعلت الشرف في عضو امرأة (والتوحيد الذكوري انتصر على التعددية وقضى على الآلهة الأنثى)، فكيف يعقل أن يكون مؤسسوها عندهم مشاكل مع ذلك العضو وفق ما قرروه هم أنفسهم؟ لذلك ومن فكرهم البائس المتخلف ذاك، نفهم عقدهم وعقد المؤمنين بهم وماهي أعظم شتيمة يمكن أن تخرج من فم بشر..
قبل كل شيء يجب أن نعي جيدا أن كل الأديان "تعمم" الشيطنة على المخالفين، ومزاعم المتدينين اليوم بأن "كلا يحاسب وحده" مجرد أكاذيب أو مفاهيم عصرية تبنوها وألصقوها بأديانهم، "اليهود قتلوا الرب" تقول المسيحية نعم كلهم عن بكرة أبيهم وإلى الأبد، النصارى ضالون وقالوا أن الله هو المسيح (وليس المسيح هو الله الظاهر في الجسد) واليهود مغضوب عليهم وقالوا عزير بن الله (حتى إن لم يقل منهم أحد ذلك) يقول الإسلام وإلى الأبد، وغير اليهودي مثله مثل البهائم لا روح له تقول اليهودية عن كل البشر وإلى الأبد.. محمد عندما سئل عن أبناء مخالفيه -المشركين- قال "هم منهم"، وأكل آدم المزعوم تفاحة فورثت كل البشرية الخطية، ورأى حام عورة نوح فلعن نسله (نوح يسكر ويتعرى واللعنة على راس كنعان ونسله!)، وغضب من كلامي مؤمن فـ "سب" أمي وعضوها..
سؤالي الأول: هل الملحد لم يتجاوز كل هذا الهراء "المقدس" ليتكلم عن عضو أم فلان؟ الثاني: كيف يغضب الملحد من فلان إذا "سب" عضو أمه؟
أسأل أسئلة بريئة: أنا من يريد الساب إهانتي، فما دخل أمي في القضية؟ هل يعرفها؟ وإن عرفها ما دخلها في كلامي؟ هل أنا طفل صغير لتلام أمي؟ ولماذا لا يلام أبي؟ ولماذا لا ذكر لعضو أبي والحديث يقول للعرب "أعضوه بهن أبيه ولا تكنوا"؟ ولماذا عضو أمي التناسلي وليس شعرها أو عينها أو أنفها أو رجلها؟
أسئلتي -البريئة- تحملنا إلى عقد الجنس والشرف والعار التي ورّثها مؤسسو هذه الأديان لأتباعهم فصارت عقائد وشرائع إلهية نازلة من السماء وليست مجرد أفكار بدائية وجدت في كل أصقاع الأرض وعظمت بالخصوص عند بدو الصحاري "الغزاة الشجعان" و "الشعراء الفطاحل".. والفَطَاحِل جمع فِطَحْل وهذا الأخير من بين معانيه "الغزير العلم" وحاول تفهم كيف يكون صعلوك قتال لا يعرف شيئا غير الغزو والسلب والكلام (الشعر) عن اجرامه وعن النساء و.. الشتم، كيف يكون "غزير العلم"؟ وأي "علم" له خارج ما قيل؟ .. لماذا أقول هذا ومن المفروض أن أتكلم كثيرا عن هؤلاء "العلماء" ولن أفعل لكي لا أطيل؟ الجواب لأن هؤلاء مع محمد وإسلامه هم من وضعوا كل شيء حملته لنا اللغة العربية! ومن أبرز ما جاءنا عبرها ثقافة الكلام عن عضو أمي.. المسكينة!
لماذا عضو أمي إذن؟ ببساطة، لأن موسى ويسوع ومحمد عندهم مشاكل مع أعضاء أمهاتهم ولا يعرف من آباؤهم..لاحظ أني أتكلم عن الشتائم الجنسية ولا أذكر إلا عضو الأم، الكلام عن أعضاء النساء تركته للمجملين وللجهلة الذين يتكلمون عن الأم وعضوها مثلها مثل بقية أعضاء نساء العائلة، وأسأل كل فرد منكم وكلنا نعيش تحت هذه الثقافة البائسة: الساب في قمة غضبه لدرجة فقدان كل ضابط، ماذا سيقول؟ بماذا سيبدأ؟ ألن يبدأ بلعن رب المشتوم ودين رب المشتوم؟ وإذا فقد كل سيطرة يلعن عضو أمه؟ هل سيلعن عضو الأخت (كما يُزعم لأنها عذراء وتحمل شرفه)؟ هل سيلعن عضو البنت؟ عضو الزوجة؟ العمة؟ الخالة؟ أم أنه قطعا سيذهب مباشرة إلى لعن عضو الأم؟ حتى في المجتمعات الغربية وإلى اليوم يبدأ دائما بالأم.. محاولة لتفسير ذلك:
.لعن عضو الأم في مجتمعاتنا: هو ثقافة عربية إسلامية أصيلة، من العرب وبداوتهم وغزوهم لبعضهم كانت المرأة الغنيمة وكان عارا على من سبيت نساؤه، من الإسلام الأصل هو مشاكل نسب محمد المعروفة: المرأة من العرب والعضو من محمد.. إذا من يتكلمون عن أعضاء النساء يحصرون الأصل في العروبة دون أن يشعروا (والعجيب أنهم كلهم تقريبا عروبيون!) ثقافة العرب عندها مشاكل مع النساء وليس مع أعضاء النساء ولنتذكر أنواع -أنكحتهم الكثيرة- وحجهم عراة وجنسهم الجماعي فيه، أما من عنده مشكلة مع أعضاء النساء فهو محمد ومن بعده المسلمون. صحيح أن أصل المشاكل مع أعضاء النساء هو اليهودية وتبعتها مع اختلاف المسيحية، ومحمد كان يعلم ذلك فقد أخذ من الاثنتين الكثير وخصوصا اليهودية لكن ذلك لا يمكن أن ينسينا مشكلته الشخصية مع نسبه والتي كان يعير بها حتى من أقرب صحابته مثل عمر..
.لعن الأم العاهرة في الغرب: هو ثقافة مسيحية أصيلة أصلها الولادة العذراوية، أعظم مسبة للمسيحي هي أن تعير أم ربه بالزنا، وهي -تهمة- تنسف عقيدته برمتها، فإذا كانت مريم لم تحمل من الله يكون يسوع مجرد إنسان ورث الخطية مثله مثل باقي البشر وأيضا مجرد نبي كغيره ممن سبقوه، وبذلك لا يستطيع أن يفدي ويحمل خطايا البشر ثم يقوم ويصعد للأمجاد ومن آمن به واعتمد يخلص.. المسيحي هنا لا تعنيه ثقافة -الفروج- الإسلامية بل ما يعنيه هو النتيجة وهي الكارثة الأعظم عنده.. هذه واحدة. الثانية وفيها أن الغربيين قاموا بنهضتهم الدينية وكسروا أغلب تابوهات المسيحية وكل عقد الجنس، لدرجة أن عضو المرأة والرجل أصبحا يتكلم عنهما وكأنهما قلب أو رئة أو يد بل واليوم -والبركة في الحبايب النسويين والجندريين- ولوبي الـ LGBTQ+ABCD ...XYZ ترى تماثيل لبظور النساء في الساحات العامة وقبلهم -الحبايب اليهود- في "صناعة" البورن التي فتحت كل الأبواب بل والشبابيك وحتى الأسطح (محاولة تشريع البيدوفيليا والجنس مع المحارم كما ذكرت في جزء سابق)، والطريف أنه حتى قمة التحرر من تابوهات الجنس في ثقافتهم اليوم يمكن أن نعرف منها الأصول أي تحقير المرأة وعضوها: جبان بالإنكليزية؟ .. هل ركزت معي هنا؟ هل هناك تناقض في كلامي لأني ذكرت العضو مجددا؟ والجواب لا تناقض، لأن الإنكليز والأمريكان باستعمالهم للعضو أرجع ذلك لليهودية التي عادوا إليها في مسيحيتهم وهم انجيليون أما الكاثوليك فلا يشتمون بالعضو بل بالعهر.
أعود لأسئلتي.. هل يمكن أن يشتم الملحد بأمهات الناس وبأعضائهن وهو يعرف الأصول؟ وسؤالي الأهم وأرجو الوقوف عنده كثيرا صديقي الملحد: كيف يمكن لملحد أن يتأثر عند شتم أحدهم لأمه أو لعضوها؟ هل أستطيع الجزم أن الملحد الذي يتأثر لا يزال متدينا وحاملا لنفس الثقافة؟ ربما انحدر مستواه هذا الملحد، وسب ليغيظ المتدين، لكن لماذا يتأثر عندما يُسَب هو إن لم يكن هو والمتدين سواء؟ .. أعطي وصفتي -ومنذ زمن لم يشتم أحد أمي وعضوها الكريم-، لكن لو حصل ذلك الآن: موقفي أولا هو اللامبالاة، ثانيا هو الضحك لأن ذلك سيذكرني بـ "كريم"، ثالثا هو الشفقة على الفاعل تماما كنظرة الطبيب إلى مريض بسرطان الرئة يطلب سيجارة من أحد الممرضين. عام الباكالوريا، كنا فريقا من الأصحاب ومعنا صاحبة واحدة، لم نكن نراها أنثى بل كنا نعتبرها ذكرا مثلنا لدرجة تذكير اسمها فكنا نناديها "كريم" بدل "كريمة"، آخر شخص شتم أمي وعضوها كانت "كريم"..
أذهب إلى أبعد من كل ما قيل.. وأفترض أن أمي عاهرة بالفعل وأختي تعمل بورن وخالتي عندها ماخور وعمتي جيسلان ماكسويل! وشتم أحدهم كل "الأعضاء المقدسة".. سؤالي: هل أنا مسؤول عن فعل كل هؤلاء؟ ثم -وسيأتي هذا مستقبلا-: من يكون هؤلاء أصلا لأتأثر بسببهن؟ هن وغيرهن؟ إن كن -عاهرات- وفق الثقافة العربية العبرانية التي تجاوزتها منذ زمن؟ أو العكس وإن كن حاصلات على خمسين نوبل؟ السؤال نفسه: أنا ما دخلي؟ لأخجل أو أفتخر وأعتز؟ .. الملحد الذي قتل الله وأخذ مكانه لا يمكن أن يشعر بشيء وإن اجتمع سكان الأرض وسبوا عضو أمه المسكين وإن كان أيضا كل من يعرفهم رؤساء دول وقادة جيوش وحاصلين على نوبل وفيهم من سيوقف الأرض عن الدوران قريبا ويبني المنتجعات على المريخ..
تبقى نقطة أولى وهي اللعن وستأتي، والثانية وبعيدا عن الشتائم الجنسية ما يسمى سبا عامة من قبيل الأحمق والغبي والجبان ووو.. إذا كان الملحد يزعم أنه حامل لمشعل التنوير وهو الحل ضد الجهل والخرافة أي يتصدر المشهد الفكري والسياسي فهل يظن أنه سيهلل له وهو ينسف معتقدات الناس؟ هل يعقل أن يتأثر الشرطي بالسب وهو أمام آلاف المتظاهرين؟ إن غضب وسب أحدهم أو تعارك معه أو أطلق عليه النار حتى، ألن يتسبب في كارثة؟ هل أستطيع طلب طرده من عمله أو منعه من الاحتكاك بالناس ووضعه في إدارة لا يرى فيها أحدا غير البوليس؟ وذلك الطبيب الذي يطرد مريضا لأنه "قليل حياء"، ماذا نفعل معه لو لم يفحص المريض وكان عند الأخير نزيف دماغي وسقط ومات أمام المستشفى؟.. الشرطي والطبيب المذكورين من طبيعة أعمالهما وشروطها ضبط النفس، الشرطي يتعامل مع بعض الناس والطبيب يعالج بعض الناس أما من يدعي أنه الحل لمجتمعه وأنه النور فهو يتعامل مع كل الناس وإن لم يستطع ضبط نفسه فعليه التنحي وفسح المجال لغيره وله كل الحق في ذلك ولن يلومه أحد والملحد تجاوز ثقافة "الكبش العظيم" و "الشهادة" التي روجت لها الأديان والأيديولوجيات وكما قلت سابقا لا يمكن لملحد أن ينتمي لأي أيديولوجيا.. يستطيع أن يأخذ من الجميع نعم لكن الرب والإله الواحد يبقى دائما وأبدا هو! لا إله لا دين لا أصنام مهما كان مصدرها!
لاحظ استعمالي لـ (ضد الجهل والخرافة)، أليست مسبة وفق مفاهيم المتدين؟ أنا قلت بطريقة غير مباشرة هو (جاهل ومخرف) وأقصد معتقداته الدينية فقط، هو يقول عني أفظع بكثير ومشكلتي معه أنه يعمم على كل شيء، وأيضا وهذا الأهم أن نعوته تلك -والتي لا تحرك في ساكنا- يمكن أن تتعدى لسانه إلى يده.. شخصيا لا أرى ما قلته مسبة وأيضا ما قاله المتدين عني، فأنا وهو نقيضان، وإذا كان هو لا يشك للحظة في صحة معتقداته فأنا أيضا لا يمكن وبأي حال أن أشك في بطلانها، أقواله تعكس حقيقة معتقده وله الحق فيها ما لم يتعداها إلى العنف المادي... لكن إن كان هناك حوار أو نقاش، أظن أني وهو سنتفق على عدم استعمالها لأنها لن تفيد في شيء ومن سيستعملها سيكون مشخصنا وسيخسر الحوار مباشرة. (كلامي يخص فقط وصف الجهل والغباء والخرافة والطفولية الفكرية وغيرها من كلام الملحدين -والملحد لا يُعَيِّن مثل المؤمن- لا الوصف بالجبن وعدم الرجولة وغيرها من كلام المتدينين)
نمر الى اللعن الآن.. اللعن هو الطرد والإبعاد من رحمة الاله، وأقتبس من أحد الكتب الإسلامية: (اللعن بين الناس هو السب، وكلمة اللعن كلمة خطيرة جداً، فالإنسان الذي يقول لإنسان آخر: لعنك الله، هذه اللعنة تضيق عنها أرجاء الأرض والسماء، فالكلمة تخرج من فم هذا الإنسان فلا تجد لها مكاناً، فتصعد إلى السماء فلا تجد مكاناً، وتنزل إلى الأرض فتضيق عنها الأماكن، فليس هناك إلا اثنان: القائل والمقول له، فإما أن يكون هذا الملعون يستحق أن تنزل عليه هذه الكلمة فتصيبه، وإما أنه لا يستحقها فترجع على قائلها، إلا أن يكون الذي قال ذلك هو رسول الله صلوات الله وسلامه عليه، فبينه وبين الله عز وجل عهد أنه أيما إنسان لعنه النبي صلى الله عليه وسلم أو دعا عليه وكان لا يستحق ذلك تحولت هذه اللعنة إلى رحمة من الله سبحانه، وأما غير النبي صلى الله عليه وسلم فإذا لعن أحداً ففيه ما ذكرنا.)..
الله في الإسلام لعن الكافرين وغضب عليهم وأبعدهم عن رحمته كما هو معلوم، وفي المسيحية واليهودية (الذي لا يؤمن بالابن لن ير حياة أبدية بل يمكث عليه غضب الله/ (...) اليهود .. الذين قتلوا الرب يسوع وأنبياءهم واضطهدونا نحن وهم غير مرضين لله وأضداد لجميع الناس .. يمنعوننا عن أن نكلم الأمم لكي يخلصوا حتى يتمموا خطاياهم كل حين ولكن قد أدركهم الغضب إلى النهاية/ ملعونة أنتِ.. على بطنك تسعين، وترابا تأكلين كل أيام حياتك (الحية)/ ملعونة الأرض بسببك.. شوكا وحسكا تنبت لك (آدم)/ ملعون أنت من الأرض التي فتحت فاها لتقبل دم أخيك من يدك (قايين)/ملعون من لا يقيم كلمات هذا الناموس ليعمل بها/ انظر أنا واضع أمامكم اليوم بركة ولعنة: البركة إذا سمعتم لوصايا الرب... واللعنة إذا لم تسمعوا لوصايا الرب...)
النص الأخير المقتبس -والاقتباسات مجرد قطرة من بحر-، يعطينا وبكل بساطة ووضوح المنطق التوحيدي ومدى عنصريته ورفضه -المطلق- للمخالف: إذا لم تتبعني فأنت مغضوب عليك وملعون! مهما كان فكرك، مهما كانت إنجازاتك -وإن أوقفت الأرض عن الدوران!-، مصيرك البحيرة والبكاء وصرير الأسنان أو سقر وبئس المصير!
الإله في الأديان الثلاثة يلعن، ونائبه/ رسوله يلعن.. ومثلما لعن محمد، لعن نوح كنعان وذريته، وأما إسحاق فمباركته لابنه يعقوب لم تأت إلا بلعن مخالفيه! (ليكن لاعنوك ملعونين) (-قانون- الاثبات والنفي، والنفي قبل الاثبات: "لا اله"/ "إلا الله")، وحتى يسوع -رمز الحب والوداعة!- لعن شجرة التين (يا سيدي، انظر: التينة التي لعنتها قد يبست) ولعن "الأشرار" (اذهبوا عني يا ملاعين إلى النار الأبدية المعدة لإبليس وملائكته).
الملحد واللعن.. هل يعقل أن يقول شخص عن نفسه -ملحد- وليس يلعن بل يوجد في قاموسه فعل "لعن"؟ اللعن بالمفهوم المقابل للصلاة أو الدعاء، بمعنى الطلب من الاله أن يحل بالملعون لعناته، هذا أظن أنه عيب على الملحد أن يسقط فيه والكارثة عندما يلعن عضو الأم. لكن تبقى مشكلة اللعن بمعنى الاله الذي ينزل لعناته بنفسه على الملعون، هذا وبما أن الملحد قتل الله وأخذ مكانه يمكنه فعله، وحله قلته في مقال سابق أي أن الملحد الحقيقي لا يمكن أن يحكم لأنه موحد ولن يقبل بغيره والسلطة ستجره حتما الى كوارث نستطيع تجنبها بإبعاده عن الحكم لكن قلت عنه أيضا أنه الوحيد القادر على أن يكون همزة وصل بين فرقاء بيئته لأنه لا يتبع أي أيديولوجيا. إذا، من المفروض أن الملحد لا يعنيه في شيء اللعن القولي لكن فقط اللعن الفعلي للمتدين.. لعنات المتدينين عليه لن تضره ولن تنفعه في شيء، وما يعنيه فقط هو عدم تحولها الى عنف مادي يقع عليه وهو اللعن الفعلي الذي يمارسه المتدين نيابة عن الهه.
ولا أحد منا سينسى.. يغضب الإله فيلعن ويضرب ضرباته الموجعة التي لا تستثن حتى البهائم، وأيضا يسلط رجالاته وأتباعهم على الملعونين الظالمين الكافرين فيكون فعلهم أمرا إلهيا واجب التنفيذ ويجزون عليه في الأرض وفي السماء. ويغضب الأتباع فيلعنون قولا أي يطلبون من الإله أن ينزل غضبه على الملعون، وفعلا أي يطبقون العقوبة على الشاتم ولهم على ذلك كل الأدلة فهم يطبقون ما يطلبه إلههم الغاضب ورسولهم المظلوم المشتوم، ولهم أن يفتوا وحدهم دون العودة لأحد مثلما أراد الفقهاء تقييدهم تجنبا للمفاسد والفوضى زاعمين أن ذلك بيد السلطان أو من ينوبه فقط كما في الاسلام.
كلمة عن الصلاة، وطريقها -السيارة- هي واللعن واحدة.. الصلاة لغة الدعاء، وشرعا العبادة بطقوسها الخاصة بكل دين. أصل الصلاة الدعاء أي طلب شيء من الإله، يقول عنها المسلم أنها لا تضيف للإله ولا تنقص منه شيئا إنما هي لفائدة المصلي، صحيح هي مفروضة منه ولكن المنتفع منها هو المؤمن.. ونقول عنها أنها فرضها الأذكياء/ السادة ليجبروا الأتباع والبؤساء على الاجتماع (وفيه تركيز للدين في نفوسهم ولتبعيتهم له ولرجالاته) وليمرروا أوامرهم (الخطب المحمدية بعد نداء بلال "الصلاة جامعة" ليحاسب أتباعه أو يطلب النصرة على أحدهم كما في قصة عائشة وصفوان أو التخطيط والاعلام بغزوة وهكذا..). أما المسيحي فيحدثنا عن روحانيات وسلام داخلي وذوبان في الرب، فهو وحده في مخدعه لا يزايد على أحد ولا ينتظر انبهار أحد(كحال المسلم وزبيبته وصلاته في الشوارع)، لكنه يتناسى أن عنده كنائس تطالبه بالحضور مع غيره من المؤمنين ليكون هو والمسلم سواسية في الذي قيل قبل قليل: اليوم قُلمت مخالب الكاثوليكية وحدثت النهضة، لكني أتساءل ماذا كان يعظ قساوستها أيام الحروب مع البروتستانت والمسلمين والهنود في أمريكا؟ أما الأرثودوكسية فهي لم تقع فيها نهضة لكنها ترضخ لحكم الإسلام، فهل هذه الأيام يعظون عن "هكذا أحب الله العالم" أم أن اليهود "قتلة الرب" و "مغضوب عليهم"؟
من تبعات إلحاد الملحد، ضرورة فهم النص الديني ووضعه في إطاره الزمكاني، وضرورة التوفيق بين نقيض ذلك النص الديني وعصر الملحد والالحاد نشأ من رفض الدين.. ما قيل عن الشتم واللعن تذكير بأن أي حرف يخرج عن حظيرة الدين وإلهه ورسوله وتشريعاته هو شتم وعقوبته اللعن والغضب من الإله فوق ومن أتباعه تحت ولا شيء يهمنا غير -أتباعه تحت-.. فليحذر الملحد شعارات أي متدين يدعي التمدن والعلمنة وليفكر، مرارا وتكرارا قبل الثقة بأي كان.. وأرجو على الملحد أن يتجاوز هكذا ثقافات بائسة وأن يعمل على ذلك ما تنفس، الأمر صعب [(*)هل سقطت في الفخ؟] لكن ليس على من يعلمون يقينا وبالدليل أن الالحاد أبدا لم يكن مجرد موقف من الأديان وآلهتها، بل هو فلسفة حياة الملحد في كل خطوة يخطوها، فلسفة ستبعده عن كل شيء خرج من الدين وكل فكر يدعي دون دليل.. وستحلق به عاليا بعيدا عن كل بشر آخر.
#أمير_السليمي (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مع صديقي الملحد (4)
-
مع صديقي الملحد (3)
-
مع صديقي الملحد (2)
-
مع صديقي الملحد (1)
المزيد.....
-
صورة سيلفي لوزير مغربي مع أردوغان تثير انتقادات وردود فعل في
...
-
سيارة همر -مسروقة- في دمشق تظهر ضمن سيارات الأمن السوري... ك
...
-
-فضيحة الصندل-.. برادا تعترف باستلهام تصميمها من الصندل الهن
...
-
مقتل 18 فتاة في -حادث المنوفية- يهز مصر وسط مطالب بإقالة وزي
...
-
مئات الملايين والمليارات: حفلات زفاف باهظة الثمن في القرن ال
...
-
ترامب: أنا -لا أعرض شيئا على إيران ولا أتحدث معهم-
-
مشروع مغربي طموح يربط دول الساحل الإفريقي بالمحيط الأطلسي
-
توتر الوضع الأمني في الشرق الأوسط : كيف يؤثر على خطة لبنان ل
...
-
بعد شهر من الغياب.. العثور على جثة الطفلة مروة يشعل الغضب في
...
-
حل مئات الأحزاب الأفريقية.. خطوة نحو التنظيم أم عودة لحقبة ا
...
المزيد.....
-
الآثار العامة للبطالة
/ حيدر جواد السهلاني
-
سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي
/ محمود محمد رياض عبدالعال
-
-تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو
...
/ ياسين احمادون وفاطمة البكاري
-
المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة
/ حسنين آل دايخ
-
حوار مع صديقي الشات (ج ب ت)
/ أحمد التاوتي
-
قتل الأب عند دوستويفسكي
/ محمود الصباغ
-
العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا
...
/ محمد احمد الغريب عبدربه
-
تداولية المسؤولية الأخلاقية
/ زهير الخويلدي
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
المزيد.....
|