أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - أحمد رباص - رهانات تمازيغت بالمغرب















المزيد.....


رهانات تمازيغت بالمغرب


أحمد رباص
كاتب

(Ahmed Rabass)


الحوار المتمدن-العدد: 7843 - 2024 / 1 / 1 - 23:05
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


استحقت الهوية الأمازيغية التي طالما تجاهلتها الدولة المغربية، منذ عام 2001 اعترافا مؤسسيا تجسد في إنشاء المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية والإدماج (الجزئي) للغة الأمازيغية في المدرسة العمومية ووسائل الإعلام. يبدو أن خطاب الملك الذي ألقاه يوم 9 مارس 2011 كان خطوة جبارة على الدرب الذي أدى إلى الاعتراف الدستوري بالأمازيغية.
تتبع هذه الدراسة عملية صياغة هذا المطلب الهويتي من قبل الحركة الأمازيغية وتوثق لمختلف الرهانات والنقاشات الحالية حول تطور المسألة الأمازيغية: الاعتراف مقابل الاسترداد؛ التوحيد والمرور إلى الكتابة؛ اللغة “الوطنية” مقابل اللغة “الرسمية”.
في المغرب، يعود ظهور المطلب الأمازيغي إلى نهاية الستينيات وبداية السبعينيات. وفي هذا الوقت توحد المثقفون (من الطبقة الوسطى الحضرية والمتعلمة) والمنظمات الثقافية النقابية في ما بعد تحت اسم “الحركة الثقافية الأمازيغية”، وبدأوا يناضلون من أجل الارتقاء باللغة والهوية الأمازيغيتين. كان عليهم إعادة تعريف الأمة المغربية على ضوء التعدد الثقافي. وحتى ذلك الحين، كانت العقيدة الرسمية للهوية المغربية، المكونة من العروبة والإسلام، تنطلق من التجانس الثقافي.
على مستوى بناء الهوية الخطابية، يسلط المثقفون الأمازيغ الضوء على تبني اسم مشترك. يختارون مصطلح “أمازيغ” ويرفضون رفضا قاطعا تسمية “البربر” التي تعتبر قدحية وتحقيرية. رمزية الاسم مهمة في هذا التعيين الذاتي حيث تصحح المجموعة الاجتماعية التي تبني هويتها الأسماء التي يعينها الآخرون وترفضها. لاحظوا، مع ذلك، أنه في بداية الجهر بمطلبهم، خلال الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي، كانت كلمة “البربر” هي التي استخدمها المثقفون الأمازيغ في أغلب الأحيان.
يفسر السياق السياسي في ذلك الوقت الذي كان مغلقا أمام أي حرية تعبير وكذلك هشاشة الحركة الناشئة هذا التكتيك. لم يتم استخدام مصطلح “الأمازيغ” بشكل صريح إلا في الثمانينيات.
المفهوم الآخر الذي استمد منه خطاب الهوية الأمازيغية نقاشاته في أيامه الأولى هو “الثقافة الشعبية”. بالنسبة للمثقفين الأمازيغ، فإن تعزيز الثقافة الشعبية يعني تعزيز الثقافة البربرية. سمحت هذه الفكرة المركزية للحركة الناشئة بالتأكيد على أهمية التراث الشفوي كجزء من التراث المغربي.
ومع ذلك، ظلت النقطة الأهم هي التركيز على الأمازيغية كلغة. ردا على المعارضين الذين يعتبرون اللهجات البربرية أدنى من اللغة العربية المقدمة على أنها لغة القرآن والبلاغة، يعتمد المثقفون الأمازيغ، الذين يتكون جزء كبير منهم من اللغويين، على تعريفات اللغة المقدمة من قبل لغويين معترف بهم على الصعيد الدولي لإثبات أن معيار الكتابة في تعريف اللغة نابع من رؤية أيديولوجية. اللهجة ليست لغة بدون نظام كتابي، لكنها لغة فشلت سياسياً.
مر المطلب الأمازيغي بعملية طويلة من بناء الهوية على مستوى الخطاب (الإنتاج اللغوي، الأدبي، الأيديولوجي)، على مستوى التنظيم (الجمعيات، التنسيق، التدويل) وعلى مستوى المطالبات (من الثقافية إلى السياسية).
إليكم، في ما يلي بعض الإشارات التاريخية.
في عام 1967، تم إنشاء الجمعية المغربية للبحث والتبادل الثقافي في الرباط. وقد حددت لنفسها أهداف الترويج للثقافة والفنون الشعبية والقيام بأعمال جمع وتسجيل التقاليد الشفوية. كان اختيار اسم الجمعية عملا استراتيجيا. تجنب مؤسسوها كلمة “أمازيغ” وأكدوا على الطابع الوطني “المغربي” للجمعية.
في ذلك الوقت، اتسمت سياسة المغرب المستقل حديثا بالرغبة في بناء الوحدة الوطنية والقطع مع المفهوم الاستعماري للتقسيم العرب/الأمازيغ. كان الحديث عن البربر من المحرمات لأنه كان مرادفا للاستعمار والهجوم على مقومات الوحدة الوطنية.
منذ السبعينيات، تم إنشاء جمعيات أخرى في الرباط والناظور وأكادير والدار البيضاء. شهدت سنة 1980 بروز الحركة الثقافية الأمازيغية الوليدة. لقد تزامنت مع انعقاد الدورة الأولى لجامعة أكادير الصيفية حول موضوع “الثقافة الشعبية: الوحدة في التنوع”.
بعد عشر سنوات، في عام 1991، سوف نشهد التوقيع على ما اعتبر بمثابة عقد تأسيسي لـلحركة الثقافية الأمازيغية، ألا وهو الميثاق المتعلق باللغة والثقافة الأمازيغيتين في المغرب. ويجمع “ميثاق أكادير”، الذي وقعته ست جمعيات، المطالب الرئيسية للحركة مقسمة إلى سبعة أهداف يتعين تحقيقها، بما فيها التنصيص في الدستور على الطابع الوطني للغة الأمازيغية إلى جانب اللغة العربية، دمج اللغة والثقافة الأمازيغية في مختلف مجالات الأنشطة الثقافية والتعليمية وإدماجها في البرامج التربوية؛ حق المواطنة في وسائل الإعلام .
وفوق كل شيء، أتاح هذا الميثاق جلب المطالب الأمازيغية إلى الساحة العامة دون الاختباء وراء مفهوم “الثقافة الشعبية” أو وراء الاعتبارات العلمية والأكاديمية. وقد أدى ذلك إلى إنشاء العديد من الجمعيات حتى في المدن والقرى الصغيرة. كما شهدت السنوات التالية ظهور حركة طلابية أمازيغية بفكرة العمل سياسياً داخل الاتحاد الوطني لطلبة المغرب للترويج للقضية الأمازيغية.
اكتسب الاهتمام المتزايد بالمسألة الأمازيغية زخماً عام 1994 باعتقال سبعة أعضاء من جمعية تيليلي (الحرية) من كلميمة في إقليم الرشيدية بعد استعراض عيد العمال. وخلال المسيرة رفع نشطاء تيليلي لافتات ورددوا شعارات تطالب بإدخال اللغة الأمازيغية في المدارس والاعتراف الدستوري بها.
وقد تسبب اتهامهم في سياق الانفتاح السياسي والتسامح مع الحركة الثقافية الأمازيغية في مفاجأة عامة. كما أنه ولد حشدا قويا داخليا ودوليا لصالح المعتقلين. واقتصر تأثير هذه القضية على رد فعل الحكومة المغربية عبر التفاتة وصفت بأنها “رمزية”. أعلن الوزير الأول الجديد، عبد اللطيف الفيلالي، في خطاب ألقاه أمام البرلمان في 14 يونيو 1994، أن التلفزيون المغربي سيبث من الآن فصاعداً الأخبار “باللغة الأمازيغية”.
وأشاد الملك الحسن الثاني في خطابه 20 غشت 1994 بما أسماه “اللهجات الأمازيغية” وأعلن عن إدخال اللغة الأمازيغية في المدارس الابتدائية. كان التأثير الوحيد للخطاب الملكي هو إنشاء نشرة إخبارية تلفزيونية باللهجات الأمازيغية الثلاث، مدة كل منها بضع دقائق. لكن خطاب الحسن الثاني اعتبر خطوة “تاريخية” في إطار المعالجة الرسمية للمسألة الأمازيغية. لأنه، بحسب نشطاء أمازيغ، كسر المحرمات وتناول جوهر القضية.
ونظرا لكونها فرصة سياسية، فقد ولّدت ازدهارا في الجمعيات عبر جميع أنحاء البلاد. نشأت فكرة توحيدهم وأسفرت عن إنشاء مجلس التنسيق الوطني للجمعيات الأمازيغية في المغرب.
من عام 1993 حتى عام 2000، شهدت الحركة مرحلة التدويل. بدأت الجمعيات الثقافية الأمازيغية في الانخراط في هيئات دولية واستخدام مفهوم السكان الأصليين كرهان مطلبي. أصبح هذا التدويل “رسميًا” مع إنشاء المؤتمر الأمازيغي العالمي في عام 1995؛ كمنظمة دولية غير حكومية مستقلة عن الدول والأحزاب السياسية، هدفها هو تعزيز الحقوق اللغوية والثقافية الأمازيغية.
النقاش الآخر الذي أضفى دينامية على الحركة تناول آنذاك الانتقال إلى السياسة. في مارس 2000، وقعت “مجموعة من المثقفين الناطقين باللغة الأمازيغية الذين يستمعون باستمرار للرأي العام الأمازيغي على “البيان الأمازيغي”، الذي بادر إليه محمد شفيق. تمحور هذا البيان حول الحاجة إلى الاعتراف الرسمي بأمازيغية المغرب. أثار ذلك نقاشا كبيرا حول تسييس حساب تحدي الألفية.
في بداية العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، قدمت الحركة الثقافية الأمازيغية نفسها على أنها حركة مهمة في المجال السياسي المغربي، وذهبت، قبل كل شيء، إلى أنها تعددية. في الواقع، حازت دعم العديد من الجهات الفاعلة (الفردية والجماعية على المستويين الداخلي والدولي) والتي تتباين أهدافها واستراتيجياتها على نطاق واسع.
لكن تخترقها التوترات والصراعات، وأكثرها وضوحا بين أكبر جمعيتين، الجمعية المغربية للبحث والتبادل الثقافي وتماينوت، حول استخدام مفهوم “الشعوب الأصلية”. على عكس تماينوت، اعتبرت الجمعية الأخرى أن المفهوم لا يتوافق مع الحالة المغربية، لأن الأمازيغية هي قضية وطنية ولا يمكن تقسيم المغرب إلى شعبين، أصليين وغير أصليين.
شهد عام 2003 جدلًا كبيرا آخر بين النشطاء الأمازيغ والإسلاميين تناول اختيار حروف الكتابة لتدريس اللغة الأمازيغية في المدرسة العمومية. كان على الجمعية المغربية للبحث والتبادل الثقافي الاختيار بين ثلاثة احتمالات: تيفيناغ واللاتينية والعربية. في الأخير، تبنت الجمعية المذكورة حروف تيفيناغ كنظام رسمي لكتابة الللغة الأمازيغية. كان هذا الاختيار مكلفا من الناحية التقنية ولكنه مهم للغاية: أصبح للغة الأمازيغية أبجديتها الخاصة، تيفيناغ، رمز وضمان الأصالة الأمازيغية.
إن إضفاء الطابع الرسمي على الأبجدية، والذي حدث قبل اللغة، وضع حداً لـ “الفوضى الخطية” التي سادت من قبل، لكنها أنهت بالكاد الجدل.
إن عملية التوحيد الطويلة والمعقدة للأمازيغية تحيي الجدل بين مؤيدي خط تيفيناغ الذي تبنته الجمعية السالفة الذكر، وأولئك الذين يدافعون عن تيفيناغ من المعهد الوطني للغات والحضارات الشرقية أو أولئك الذين يطالبون من الأكاديمية البربرية باعتماد تيفيناغ.
بمجرد اعتماد أبجدية تيفيناع، انطلق العام الدراسي في 15 سبتمبر 2003 بإطلاق وزارة التربية الوطنية لتدريس “تجريبي” للغة الأمازيغية في 317 مدرسة في البلاد، على مستوى السنة الأولى من المدرسة الابتدائية، بغلاف زمني مدته ثلاث ساعات في الأسبوع، موزعة على 5 أيام. تم التخطيط لتعميم هذا التدريس في عام 2008.
أثارت صعوبات الدعم المؤسسي للأمازيغية في التعليم والإعلام انتقادات واحتجاجات ضد الجمعية المغربية للبحث والتبادل الثقافي وسجلها الذي يعتبر غير كاف. لنأخذ، مثلا، عام 2005 ، الغني والحافل بالاضطرابات.
في 21 فبراير 2005، استقال سبعة أعضاء من مجلس إدارة الجمعية المغربية للبحث والتبادل الثقافي. تم تبرير هذا الانسحاب الجماعي في بيان صحفي نُشر على الملأ، من خلال تقييم إجراءات الجمعية المذكورة والحكومة، التي وصفت بأنها غير كافية و “بدون آثار ملموسة” لأن “الواقع اليومي للأمازيغية لا يزال على حاله كما كان قبل عام 2001”، وأن “الصفحة المؤلمة من الماضي الشاهد على التهميش والازدراء والإبادة الجماعية الثقافية ضد الأمازيغ لم تُطو بعد”. أراد المتظاهرون بانسحابهم إخراج النقاش إلى الخارج ولفت انتباه الرأي العام إلى “الركود الذي يبدو أنه يسود عمل الجمعية المغربية للبحث والتبادل الثقافي، وكذا إلى فشل المعهد في تحقيق الاعتراف بـاللغة والثقافة الأمازيغيتين. في الواقع، لم يكن المعهد قادرا على القيام بأي من المهام الموكولة إليه.
استهدف النقاد الوزارتين الرئيسيتين المكلفتين بالدعم الرسمي للثقافة واللغة الأمازيغيتين في المغرب، وهما وزارة التربية الوطنية ووزارة الاتصال. استنكر المستقيلون تصرفات وزارة التربية الوطنية التي أعلنت تعميم تدريس اللغة الأمازيغية خلال الموسم الدراسي 2008-2009، لكنها تواصل الإعلان رسميا عن ارتباطها بـ”الكتاب الأبيض” و “الميثاق الوطني”.
ومع ذلك، فإن هاتين الوثيقتين، اللتين تم إعدادهما قبل عام 2001، تحجزان للغة الأمازيغية “الوظيفة المهينة لدعم تعلم اللغة العربية خلال العامين الأولين من المدرسة الابتدائية. في ما يتعلق بجودة التدريس، لم يتم تنفيذ ولو واحدة من التوصيات (تكوين المعلمين، توفير الوسائل البيداغوجية والموارد المادية إلخ..) “
بدأ دمج اللغة الأمازيغية في التعليم الابتدائي في سبتمبر 2003، ليبلغ عامه الثالث في 2005. وازداد عدد المدارس التي تدرس فيها الأمازيغية من 354 في 2003-2004 إلى 914 في 2004-2005. في بداية الموسم الدراسي 2005-2006، تم التعامل مع 204 2 مدرسة. رافق هذا العام الدراسي الجديد تطوير ونشر دليل جديد Tifawin a Tamazighte 3. كان هذا الدليل مخصصا لتدريس اللغة الأمازيغية في السنة الثالثة من التعليم الابتدائي. وكان يهدف إلى مراجعة وتوحيد إنجازات العامين الأول والثاني من خلال Tifawin a tamazighte الأول والثاني. وكما هو الحال بالنسبة للأخيرين، فقد تم إنتاج هذا الدليل الجديد من قبل باحثين من (ج م ب ت ث) بالتعاون مع مديرية البرامج والمناهج في وزارة التربية الوطنية، على أساس المنشور 108 (2004) الذي حدد أهداف ومقاصد تدريس اللغة الأمازيغية وكذا المبادئ العامة التي يقوم عليها هذا التدريس، وهي كالتالي:
* تعميم تعليم الأمازيغية عموديا (في الوقت المناسب) على جميع مراحل ومستويات التعليم؛
* تعميم تعليم الأمازيغية أفقياً (في الفضاء) ليشمل جميع مناطق المملكة؛
* الطبيعة الإلزامية لهذا التدريس لكل من المتعلمين الناطقين باللغة الأمازيغية والمتحدثين باللغة العربية، والتي يجب أن تخضع للتقييم مثل الدروس الأخرى؛
* التدريس التدريجي للغة القياسية الموحدة في بنياتها الصوتية والصرفية والمعجمية والنحوية بمعدل ثلاث ساعات في الأسبوع.
في مجال الاتصال، أشار المستقيلان إلى أن “الأمازيغية ذات علاقة ضعيفة بوسائل الإعلام العمومي سولء كانت مرئية أومسموعة أو مكتوبة. هذا الحق في المواطنة في وسائل الإعلام بأنواعها طالبت به منذ فترة طويلة الحركة الثقافية الأمازيغية منذ ميثاق أغادير لعام 1991.
ومع ذلك، لم نشهد حتى عام 2004 اختراقا صغيرا في هذا المجال مع توقيع اتفاقية شراكة إطار بين وزارة الاتصالات و الجمعية المغربية للبحث والتبادل الثقافي. كانت هذه الاتفاقية تهدف إلى ترسيخ وتشجيع مكانة الثقافة الأمازيغية في مجال الإعلام والاتصال.
وهكذا، ابتداءً من 15 نوفمبر 2005، قامت القناة الأمازيغية في الإذاعة الوطنية بتمديد مدة بث برامجها بأربع ساعات من الساعة الثامنة صباحا حتى منتصف الليل بمعدل 16 ساعة يوميا. وهكذا مرت الإذاعة من 12 إلى 16 ساعة من البث اليومي ببرنامج أمازيغية متنوعة 100٪.
بالإضافة إلى ذلك، تم بشراكة مع وزارة الاتصالات، إنشاء لجنة دراسة مشتركة (ج م ب ت ث ووزارة الاتصالات) لتحقيق هدف زيادة دمج اللغة الأمازيغية في مجال التلفزيون الوطني.
بيد أنه لم يتم إنشاء قناة الأمازيغية حتى عام 2010. كانت هذه القناة التلفزيونية المغربية العمومية تهدف إلى تعزيز الثقافة الأمازيغية والحفاظ عليها في المغرب ومنطقة شمال إفريقيا.
وختتم البيان الصحفي بالحل الذي يطالب به المستقيلون للتخفيف من حدة هذه المشاكل، ألا وهو دسترة اللغة الأمازيغية.
وفي إطار رهانات دسترة الأمازيغية، نجد ان ممثلي الحركة الأمازيغية الذين يعتبرون أن الاعتراف بالهوية والثقافة واللغة الأمازيغية من قبل القانون الأعلى للبلاد يضمن حمايتها. ولم ترد الدولة على طلب الدسترة هذا إلا عندما اندلعت مظاهرات السخط التي أطلقتها حركة 20 فبراير.
في خطابه الذي ألقاه يوم تاسع مارس 2011، تناول الملك محمد السادس قضية الأمازيغية في سياق المراجعة الدستورية. ورأى البعض في ملاحظاته انتهازية سياسية خالصة ونوعا من إلهاء النشطاء الأمازيغ عن التقييم السلبي لدعم الأمازيغية (فشل تعليم الأمازيغية ، تحريم الأسماء الشخصية للأمازيغ ، خلق “إنشاء قناة تلفزية أمازيغية ضعيفة وصغيرة، إلخ).
سلطت النقاشات حول المراجعة الدستورية الضوء على تيارين مختلفين بشأن شكل الاعتراف بالأمازيغية في المغرب: من ناحية، هناك الذين يدافعون عن اللغة الأمازيغية كلغة وطنية. من ناحية أخرى، هناك مؤيدو الوضع الاعتباري للغة الرسمية.
تضمنت النسخة الأولى من النص الدستوري المقدم من الهيئة الاستشارية لمراجعة الدستور جملة واحدة تنص على أن “اللغة العربية واللغة الأمازيغية هما اللغتان الرسميتان للمغرب”. لكن مع اقتراب انتهاء المشاورات التي أجراها مستشار جلالة الملك محمد المعتصم مع الأحزاب، تم تعديل هذه الصيغة وتخفيفها بضغط من حزب الاستقلال وحزب العدالة والتنمية.
ويعتبر المتشددون الأمازيغ أن هذين الحزبين هما حزبان محافظان يدافعان عن مواقف يُنظر إليها على أنها مناهضة للأمازيغ.
أخيرا، أضفى النص الدستوري الذي تم تبنيه بعد استفتاء فاتح يوليوز 2011 الطابع الرسمي على الأمازيغية ، لكنه أفرغ هذه الصفة الرسمية من اي مضمون. تم تخصيص فقرتين منفصلتين لكل من اللغتين د، تنص على أن: “تظل اللغة العربية هي اللغة الرسمية للدولة. وتعمل الدولة على حماية اللغة العربية وتطويرها وتعزيز استعمالها. وبالمثل، فإن الأمازيغية هي لغة رسمية للدولة، كإرث مشترك لجميع المغاربة دون استثناء. يحدد قانون أساسي عملية تنفيذ الطابع الرسمي لهذه اللغة، فضلاً عن طرق دمجها في التدريس وفي المجالات العامة للحياة العامة، من أجل تمكينها من تلبية اللغة الرسمية على المدى الطويل .
تبعا لذلك، وحتى يكون إضفاء الطابع الرسمي على الأمازيغ فعالا، وجب اننتظار التصويت على قانون تنظيمي ذي صلة.
تباينت ردود فعل الفاعلين الأمازيغ في مواجهة النص الدستوري الجديد. اعتبر البعض إضفاء الطابع الرسمي على اللغة الأمازيغية إنجازا مهمًا للحركة الأمازيغية بعد سنوات طويلة من النضالات والمطالبات. في حين شجب آخرون هذا الشكل الرسمي باعتباره حلما كاذبا وانتقدوا اللغة التي كتب بها النص بحيث جعلته موضوع تفسيرات متباينة، على الرغم من أن النص الدستوري يجب أن يكون واضحا ودقيقا. كان البيان الصحفي الصادر عن المرصد الأمازيغي للحقوق والحريات، بتاريخ 17 يونيو 2011، صريحا في هذا الصدد إذ رأى في إضفاء الطابع الرسمي على اللغتين العربية والأمازيغية في فقرتين منفصلتين إشارة إلى أن هناك بالتأكيد علاقة هرمية بين لغة رسمية أولى عربية وثانية أمازيغية.
ونظرا لأن اللغة مرتبطة ارتباطا وثيقا بالهوية، فإن الفكرة التي ظهرت هي أنه، للأسف، يقسم الدستور الجديد المغاربة إلى فئتين متميزتين للغاية: مواطنون من الدرجة الأولى ومواطنون من الدرجة الثاني.
إن استحضار قانون تنظيمي يحدد عملية تطبيق الطابع الرسمي لهذه اللغة وكذلك طرق دمجها في التعليم وفي المجالات ذات الأولوية في الحياة العامة دفع ببعض النشطاء الأمازيغ إلى طرح أسئلة معينة، مشروعة، بعد عقود من انتهاك كرامتهم وتدمير تراثهم الحضاري. هل سيضع هذا القانون التنظيمي الجديد كل شيء موضع تساؤل ويبدأ الأمور من الصفر؟ أم أنه سيأخذ بعين الاعتبار الإنجازات التي تحققت في السنوات الأخيرة خاصة في مجال التعليم رغم كل العراقيل بسبب عدم وجود حماية قانونية للغة الأمازيغية؟ كم من الوقت سيستغرق اندماج الأمازيغ؟ ماهو الحجم الذي ستأخذه ميزانيته؟
يبدو أن معركة أخرى أشد قسوة تنتظر المدافعين عن الأمازيغ. بدات هذه المعركة عندما حذر بيان المرصد الأمازيغي للحقوق والحريات من نقطتين أساسيتين أخريين: عدم دستورية الجمعية المغربية للبحث والتبادل الثقافي، على عكس المؤسسات الاستشارية الأخرى؛ وعدم احترام التسلسل الزمني في الجزء المتعلق بأبعاد الهوية المغربية “مع العلم أن الأمازيغ هو العنصر الأول والأصلي في كل هذه الهوية.
ونتيجة لذلك، دعا العديد من النشطاء الأمازيغ إلى اليقظة في مواجهة مستقبل غامض. هذا الموقف تم تلخيصه بشكل جيد في كلمات مريم دمناتي، الباحثة في (ج م ب ت ث) وعضو في المرصد الأمازيغي للحقوق والحريات: “في هذا السياق، تم تشكيل لجان عمل في الأيام الأخيرة بين عدد قليل من الجمعيات الأمازيغية والأحزاب السياسية المتحالفة معها، مثل حزب التقدم والاشتراكية أو الحركة الشعبية لوضع خارطة طريق للإدماج الرسمي للغة الأمازيغية في المجالات العامة والإعداد لمحاربة القوى الأمازيغية المحافظة عن كثب.



#أحمد_رباص (هاشتاغ)       Ahmed_Rabass#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لحظات مؤثرة ومفجعة: أهم الأحداث التي طرأت خلال عام 2023 في ا ...
- الخلافات الفلسفية وتحدي التكامل والتحقيق المفاهيمي (الجزء ال ...
- تأسيس لجنة وطنية لدعم حراك فكيك ومطالب فكيك وعموم جهة الشرق
- بوزنيقة: منع وقفة أحتجاجية ضد افتتاح متجر كارفور
- الخلافات الفلسفية وتحدي التكامل والتحقيق المفاهيمي (الجزء ال ...
- عيشة قنديشة.. ثلاث روايات لقصة الكونتيسة اللعينة
- النائبة البرلمانية نبيلة منيب تدخل على خط حملة الاعتقالات ال ...
- بوزنيقة: المجلس الوطني لفدرالية اليسار يعقد دورته بوزنيقة: ا ...
- الرعاية الصحية بالمغرب: انضمام الطلبة والمهنيين إلى الاحتجاج ...
- عزيز عقاوي يرد على إدريس لشكر دفاعا عن الحراك التعليمي
- غميمط يقدم عرضا وافيا لتفاصيل الحوار الذي أجرته اليوم نقابته ...
- حسن الحيموتي نائب الكاتب العام لنقابة الإفنو يسرد تفاصيل الح ...
- إطلالة على لوحة قيادة الاستراتيجيات القطاعية في الاقتصاد الو ...
- رد الجامعة الوطنية للتعليم على إغلاق الحوار من طرف الحكومة ( ...
- جدل فيسبوكي: أربع نقابات وتقابات أربعة
- نقابات اربعة وأربع نقابات
- رد الجامعة الوطنية للتعليم على إغلاق الحوار من طرف الحكومة ( ...
- من وحي ذكرى الشهيدين عمر بنجلون وسعيدة المنبهي
- مناوشة الذاكرة: أمازيغية عجوز تتراجع عن إسكاني
- خلاصة اجتماع النقابات التعليمية الأربعة مع اللجنة الوزارية م ...


المزيد.....




- بعد مظاهرات.. كلية مرموقة في دبلن توافق على سحب استثماراتها ...
- تل أبيب.. اشتباكات بين الشرطة وأفراد عائلات الرهائن في غزة
- مقتل رقيب في الجيش الإسرائيلي بقصف نفذه -حزب الله- على الشما ...
- دراسة تكشف مدى سميّة السجائر الإلكترونية المنكهة
- خبير عسكري يكشف ميزات دبابة ?-90? المحدثة
- -الاستحقاق المنتظر-.. معمر داغستاني يمنح لقب بطل روسيا بعد ا ...
- روسيا.. فعالية -وشاح النصر الأزرق- الوطنية في مطار شيريميتيف ...
- اكتشاف سبب التبخر السريع للماء على كوكب الزهرة
- جنود روسيا يحققون مزيدا من النجاح في إفريقيا
- الأمور ستزداد سوءًا بالنسبة لأوكرانيا


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - أحمد رباص - رهانات تمازيغت بالمغرب