أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عباس علي العلي - هل عرف السومريون القدماء مكه ووظيفتها؟.















المزيد.....

هل عرف السومريون القدماء مكه ووظيفتها؟.


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 7833 - 2023 / 12 / 22 - 07:31
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


من الحقائق التي يحاول بعض من يسمون أنفسهم علماء أثار أو الباحثين في أصل اللغات القديمة ولدوافع مشبوهة، ومنهم عرب وعراقيون وهذا ما يؤسف له حقيقة أن يدعوا أن ذكر "مكة" أو بيت مكة لم يأت في العربية إلا لاحقا وفي عصر متأخر جدا، والحقيقة أن بيت مكو أو "مكة" ورد في النصوص السومرية الرافيدينية القديمة لهذا اللفظ العراقي الفريد "بيت مكة" _ "إي _ مكة"، فيأتي المستشرف الذي يحمل أيديولوجية سياسية ودينية ويقرأ النص ليس بلغته الأصلية العراقي، بل بلفظها أجنبيا (E - Makh)، وهذا نقل حرفي من السومرية العراقية إلى اللغات الأربية وينطقها حسب ما هو متعارف في لغتهم (ئي _ ماخ)، وبذلك شاع هذا الأسم دون الرجوع لأصل اللفظ العراقي مثل ما فعلوا مع "عوراق" التي تحولت إلى "أوروك" لأن لفظ القاف لا يتوفر بلغة المترجم.
لكن ما جرى بشأن اسم "مكة" الذي يرد في الالواح المسمارية - أن المختصين الاجانب يسجلون الاسم في كتبهم بالأحرف اللاتينية بلفظ Makh بدون أي خط تحت حرف "H" وهذا هو أصلها فعلاً فيجب أن تقرأ "مكه" وأن تنقل الى العربية بلفظ "مكة" أو بيت مكة مع العلم أن العراقيون وحدهم وإلى زمن قريب لا يلفظو مكة مجردة بل "بيت مكة" وما زال الأطفال في رمضان يرددون اناشيد "الماجينة" التي يرد فيها المقطع "بيت مكة نوديكم"، و حرف "ئي" هو جزء من اسم "ئيل" رمز النسبة لله في مصل جبرائيل وميكائيل وهو لا يكتب كما هو شائع "إيل"، إلا أن المترجمين العرب لا ينتبهون- على فرض حسن النية - الى أن هذا هو لفظ الاسم الأصلي، ولا بأن أخر حرفين هما ( k + h ) ويقابلهما ( ك + هـ )، فيقومون بنقلها إلى العربية بلفظ "ماخ" على أساس ما تعلموه في الانجليزية بأن اجتماع الحرفين (kh) يعطي لفظ حرف الخاء المعجمة، بينما لو كأن أسمها القديم ماخ كان أستعيض بالحرف (خ) الذي يشبه الحرف "h" اللاتيني ولكنه مقلوب للفوق وعصاه معقوفه بينما حرف الهاء كما ورد يشبه نفس الحرف اللاتيني مقلوبا ولكن عصاه ممتدة قريبا من حرف "Y"، ولو كانت اللفظ ماخ ما ورد فيه حرف الكاف العراقي الذي يشبه حرف الكاف العربي تماما رسما ومنطقا، كما ورد حرف الهاء بعده بلفظه وصورته العراقية.
وبهذا التزوير والتحريف المتعمد والغبي يتحول اسم "مكه" الى لفظ "ماخ" . نعم للأسف هذا ما يفعله المختصون المترجمون العرب للكتب والبحوث التي باللغة اللاتينية لأولئك الاجانب، وينقلونها للعربية وكأنه حقائق موثقة من مصادرها الأصلية، إذا الكلمة في الاصل "ئي مكة" ولا وجود فيها لحرف الخاء المعجمة هذه بل هي "Makh" ويجب أن تقرأ وتنقل للعربية بلفظها كما هي لتعطي لفظ صوتي ماكه - ومع مراعاة حذف الالف التي هي حركة الفتح ( َ ) فوق الميم تصبح " مَكه " وقد وردت أيضا في المصادر المسمارية لفظة (Lu . Makh) باعتبار اسم أو لقب لصاحب وظيفية دينية او كهنوتية مشهورة، وهذا المنصب أو الشخصية ليست غريبة على اللغة ولا التسميات العراقية القديمة، فقد ورد لفظ "ل و" منفردا عن المنسوب له بمعنى صاحب أو أمر أو مدير أو معتزل وهو الأرجح بالتسمية، فمكة مكان أعتزال إبراهيم وبنية ليعبدوا الله هكذا في المعنى، وقيل أيضا لوي هو التواء الناس إليها أي يقصدونها بعد أن ينحرفوا عن الطريق الرئيس بين الشام واليمن.
الغريب والمستغرب في التعمد بالتحريف حتى لو جاء صحيحا بلفظه ودلالاته كما حدث مع ما سماها بطليموس عندما أشار إلى مكان مدينة سماها "مكه العروبه"، فيقوم من هم الأولى بنقلها كما هي بلفظها العربي فيحرفها وفقا للفظ الأعجمي ليشكك في وجود أسم عربي لها فيسميها "ماكاروبا"، فنجد ما يسمى مؤرخ تاريخ العرب " جواد علي" الذي رجّح اللفظ الأجنبي " ماكاروبا" وكأنه لا يعرف مكة العرب من سنخ هذا القول في كتابه المفصل، فقال " وإذا صح رأينا في أن موضع "Macoraba" هو مكة، دل على أنها كانت قد اشتهرت بين العرب في القرن الثاني بعد الميلاد، وأنها كانت مدينة مقدسة يقصدها الناس من مواضع بعيدة من حضر ومن بادين، وبفضل هذه القدسية والمكانة بلغ اسمها مسامع هذا العالم الجغرافي اليوناني البعيد، ودل أيضا على أنها كانت موجودة ومعروفة قبل أيام "بطلميوس"، إذ لا يعقل أن يلمع اسمها وتنال هذه الشهرة بصورة مفاجئة بلغت مسامع ذلك العالم الساكن في موضع بعيد, ما لم يكن لها عهد سابق لهذا العهد.
لو عدنا فقط إلى "كلاوديوس بطليموس" والذي عاش في القرن الثاني بعد الميلاد وقد تناول العرب والمسلمون كتاباته مبكراً بالاهتمام والترجمة إلى العربية قد تعرض في كتبه إلى ذِكْرِ مكة في كتابيْهِ " الجغرافية" وكتاب " ملحمة البلاد" وقد لفظها بلغته اليونانية باسم (Macoraba) "مكه عروبه" بفتح العين وضم الراء على وزن فعوله، وسبب التسميه الملحقة لأنها بيت أو مكان يقدسه العرب ويحج له في أيام العروبة وهي أيام الحج في أديان العرب القديمة منها الحنفية الإبراهيمية، تماما كما ورد في السومرية القديمة (لو مكه) أو (ئي _ مكه)، وهذا المخرج معزز برأي بعض المؤرخين والمستشرقين (كارل بروكلمان، موشي بيرلمان) الذين يعرفون مكة بانها هي المراد بقول بطليموس " مكربة “.. " مكة عروبه" (والتي يُسميها بطليموس "مكربة" تعليلا وليس قطعا ربما، لأن مكرب حسب العربية الجنوبية تعني " البيت"، "الهيكل" ) وتقع في الحجاز...".
من المضحك المبكي أيضا الذي يثبت وجود مكة ويحاول التلاعب بالدلالات والتسمية بأن يأت بتفسيرات أعتباطية لا صحة لها ولا وجود إلا في ذهنه، هو ما حسم الأمر به تشارلز فورستر في كتابه الجغرافية التاريخية لبلاد العرب، إذ يرى أن ماكورابا هي تحديداً "مكة" بل يؤكد ويستمر في كتابه لإثبات أن اصل التسمية كان "ماكورابا" بمعنى "مدينة الحرب" وأن مكة ماهي إلا اختِصار لهذه التسْمِية، واعجبي ومكة لم تشهد حربا في تاريخها كله ولم تقربها حرب.
أما ديودورس الصقلي والذي كتب تاريخَهُ في القرن الأول قبل الميلاد يذكر أن هناك بيتا وليس مدينة ولا موقع تحديد باسم "بيت" وسماه بيْتاً في جزيرة العرب يتعبد إليه العرب ويُقدِّسونه، تماما كما هي التسمية في السومرية "ئي مكة" بيت مكة وأنه يقعُ ما بيْنَ الثموديين والسبأيين .. وقد ذهب المؤرخين لترجيح أن هذا البيْت هو بناء "الكعبة" لتميزه كبيت الله وليس مدينة أو تجمع سكاني، فمعلوم أن الثموديين سكنوا شمال الحجاز في مدائِن صالِح تلك المدينة الأثرية في الشمال الغربي من جزيرة العرب وأن السبأيين سكنوا في جنوب الحجاز في بلاد اليمن في الجنوب الغربي من جزيرة العرب .. فعليْهِ يكون هذا البيْتُ الذي يُقدِّسُهُ العرب يقعُ في الحجاز غرب جزيرة العرب في منتصفِ الطريق بين الشمال والجنوب، وهو موقِعُ الكعبة المشرفة بيتُ الله الحرام الذي أجمَعَ على تقديسِها كل العرب، وهذا نص ما كتبه ديودورس كما ورد "وساكنوا هذه الأرض قرب الخليج والمعروفين ببني زومين يحصلون على طعامهم عن طريق صيد حيوانات الارض ويأكلون لحمها (احل لكم صيد البر والبحر)، وعندهم هيكل أقيمَ هناك وهو مقدس جدًا ويوقره العرب إلى أقْصى حد، وقد ذكر ذلك تأكيدا وجزما المستشرق الأسكتلندي السير ويليام موير ( W. Muir 1819- 1905 ) في كتابه حياة محمد يرى ان هذا البيت الذي عناه ديودورس لا يعني الا الكعبة، "لأننا لم نعلم اي بيت قدسه العرب جميعاً غيرها".
هذا البحث جزء يسير مما يمكن تقديمة للدلالة على وجود بيت الله أو بكة أو ئي مكة تاريخيا كبيت عبادة، وليس مدينة ولا محطة قوافل ولا تجمع سكاني ديموغرافي، ذكر كبيت تعبد وذكر معه العرب بأعتبار أنه بيتهم الوحيد، وما يشاع على أن هناك أكثر من مكة يحج لها الناس عند العرب، ما هي إلا توهمات عن محاولات قام بها البعض لغرض صرف الأنظار عن "بيت ئيل" أو "ئي _البيت"، أما لأهداف دينية منحرفة، أو أهداف أقتصادية أو أجتماعية لا تتوقف حتى بعد الإسلام عندما سرق الحجر الأسود، أو تحويل الحج إلى مكان أخر بسبب ما قيل عن وجود قطاع الطرق أو غيرها، كل هذه الأعذار والمبررات وبقت مكة كما هي بيت مكة أو بيت الرب أو مه العروبة قائمة ولا يجرح بوجودها أقوال البعض من هنا وهناك.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إلى من يسألني بعد هذا العمر من أنت؟ 2
- إلى من يسألني بعد هذا العمر من أنت؟
- وجدانيات وطن ذبيح
- مفهوم اللذة بين الرؤية الدينية والمتعارف التقليدي.
- في ثلاثية العلم والعقل والحاجة
- وما ينطق عن الهوى
- قصة الوجود
- الحقيقة المطلقة ومطلق الحقيقة
- ملحمة الدم والبارود...
- الحلقة الأخيرة من رواية عتيق
- دعوى أجر المثل بين الشركاء في العقار بين القانون المدني والش ...
- دعوى أجر المثل بين الشركاء في العقار بين القانون المدني والش ...
- أخطاء القضاء... في تطبيق القانون وأنتهاك الدستور ح1
- أخطاء القضاء... في تطبيق القانون وأنتهاك الدستور ح2
- دعوى أجر المثل بين الشركاء في العقار بين القانون المدني والش ...
- دعوى أجر المثل بين الشركاء في العقار بين القانون المدني والش ...
- دعوى أجر المثل بين الشركاء في العقار بين القانون المدني والش ...
- دعوى أجر المثل بين الشركاء في العقار بين القانون المدني والش ...
- دعوى أجر المثل بين الشركاء في العقار بين القانون المدني والش ...
- دعوى أجر المثل بين الشركاء في العقار بين القانون المدني والش ...


المزيد.....




- بيرنز يعود إلى القاهرة وواشنطن تأمل -جسر الفجوة- بين حماس وإ ...
- -الماموث-.. -أكبر مكنسة- لامتصاص الكربون في العالم تدخل حيز ...
- بايدن يصرح لـCNN بنصيحة أوباما له بشأن الانتخابات المقبلة
- مناورة -غير عادية- لمقاتلات روسية قرب أمريكا.. ومصدر يوضح ال ...
- الجيش الإسرائيلي ينفي دفن فلسطينيين في مقبرة جماعية داخل مجم ...
- الاتحاد الأوروبي يعلن عدم تجديد تفويض بعثة تابعة له لتدريب ا ...
- الرئيس الأمريكي يحذر إسرائيل من تعليق بعض شحنات الأسلحة إلى ...
- 5 دول تتجه للاعتراف قريبا بدولة فلسطين
- بايدن واثق من أن ترمب -لن يقبل- نتيجة الانتخابات الرئاسية
- حماس: إسرائيل غير جادة وتستغل المفاوضات غطاء لاجتياح رفح


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عباس علي العلي - هل عرف السومريون القدماء مكه ووظيفتها؟.