أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - خميس بن محمد عرفاوي - الإستعمار الفرنسي والأعيان المحليين في سنوات 1920: استراتيجيات متقاطعة. نوّاب المجالس المحليّة بمناطق الشمال الغربي وبنزرت مثالا















المزيد.....



الإستعمار الفرنسي والأعيان المحليين في سنوات 1920: استراتيجيات متقاطعة. نوّاب المجالس المحليّة بمناطق الشمال الغربي وبنزرت مثالا


خميس بن محمد عرفاوي
(Arfaoui Khemais)


الحوار المتمدن-العدد: 7832 - 2023 / 12 / 21 - 07:41
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


يمثّل هذا العمل حول نوّاب المجالس المحليّة بمناطق الشمال الغربي وبنزرت مساهمة في دراسة التاريخ المحلي ويهتم ببعض القضايا مثل التمثيل النيابي المحلي والتنمية المحليّة قي تونس أثناء عهد الاستعمار الفرنسي. وتشمل هذه الدراسة جهتين: الأولى مركزها بنزرت وتضم المراقبات المدنية ببنزرت وباجة وطبرقة وسوق الأربعاء والثالثة مركزها الكاف وتضم المراقبات المدنية بالكاف وتبرسق ومكثر ومجاز الباب (1). وتجدر الإشارة إلى أنّ هذا المجال، الذي لا يقتصر على الشمال الغربي باعتباره وحدة جغرافية ويشمل بنزرت التي تنتمي إلى الشمال الشرقي، له ما يبرّره. ففي التقسيم الإداري المعمول به في عهد الاستعمار الفرنسي كانت بنزرت تمثّل مركز جهة تشتمل دائرتها على مراقبتها المدنية وعلى بعض مناطق الشمال الغربي مثلما رأينا. وبالتالي لا يمكن القيام بدراسة حول نواب مجلس الجهة في هذه المناطق دون أخذ المركز بعين الاعتبار. وقد وقع اختيارنا على فترة العشرينات التّي أجريت خلالها دورتان انتخابيتان شملتا المجالس المحليّة في 1922 و1928، نظرا إلى أنّ العشرينات من القرن الماضي مثّلت محطة هامّة في سياسة الإستعمار الفرنسي في تونس تجاه الأعيان التونسيين. ومن مظاهر هذا الاهتمام تشريكهم في المجالس النيابية التّي وقع إحداثها وهي:
- الحجرتان الفلاحيّة والتجاريّة أحدثتا سنة 1920: الحجرة الشورية للمصالح الفلاحيّة بشمال المملكة التونسية والحجرة الشورية للمصالح التجاريّة والصناعية الأهلية بتونس.
- مجالس محليّة: مجالس الأعمال ومجالس الجهات أحدثت سنة 1922.
- مجلس مركزي هو المجلس الكبير للمملكة التونسية أحدث سنة 1922.
ولقد كانت جهتا بنزرت والكاف معنيتان بهذه الهيئات منذ إحداثها باستثناء الحجرة التجاريّة والصناعية، التّي ألحقت بدائرتها سنة 1928. ويمكن القول أنّ الإستعمار الفرنسي كان يهدف من وراء رعايته للأعيان المحليين إلى أمرين أساسيين:
أوّلا- تعزيز التحالف مع الفلاحين والملاّكين والتجار والصناعيين بتمثيلهم في أطر منتخبة وتمكينهم من إبداء رأيهم في المسائل الاقتصادية في الحجرات الفلاحيّة والتجاريّة والمجالس المحليّة ومناقشة الميزانية في المجلس الكبير.
ثانيا- عزل الحزب الحر الدستوري التونسي الناشئ وإضعافه بالالتفاف على مطالبه المتعلّقة بالتمثيل النيابي واحتواء قاعدته الاجتماعية.
ولا بدّ من الإشارة إلى أنّ الدراسات حول تمثيل الأعيان المحليين في البلاد التونسية قليلة ربّما بسبب ولائهم للاستعمار وتناقض مصالحهم مع أهداف الحركة الوطنية في أغلب الأوقات. وقد يكون مهما أن نتعرّف في هذا العمل على بعض أفراد هذه الفئات للمساهمة في فهم الأسباب التّي دفعت بهم في اتجاه السلطة الاستعمارية وأن نرصد مشاركة نوّاب مجالس محلية في ما يمكن أن نسميه سياسة التنمية المحليّة. ونحن نعتقد أنّ مثل هذه الدراسة تتعلّق بالتطوّر الكمي وهو تطوّر يبدو محدودا وبطيئا ولكنه يمثل مظهرا من التحوّلات الجارية آنذاك. ونشير بالمناسبة إلى أنّ طبيعة هذا العمل تجبرنا على الاختصار وعدم التطرّق إلى جوانب كثيرة مثل التعريف بالنوّاب الفرنسيين في مجلسي الجهتين الأولى والثالثة وردود الإدارات الفرنسية على طلبات النوّاب الأهالي.

I. من هم نوّاب جهتي بنزرت والكاف؟

بعثت المجالس المحليّة غير البلدية بالبلاد التونسية لأوّل مرة في إطار إصلاحات جويلية 1922. وهي مجالس منتخبة ولكن بواسطة نظام الانتخاب المحدود (suffrage censitaire) وعلى عدة درجات. وتهدف السلط بهذه الطريقة إلى التحكّم في العملية الانتخابية وإقصاء المعارضين.

1. مراحل اختيار نوّاب المجالس المحليّة

نصّ أمر 13 جويلية 1922 المتعلّق بإحداث مجالس العمالات ومجالس الجهات على أن يتم تمثيل السكان محليّا على ثلاث درجات أو مراحل.
• المرحلة الأولى: في كل مشيخة يضبط الشيخ قائمة الأعيان المقيمين أو المالكين في المشيخة خارج الدوائر البلدية. وتجدر الإشارة إلى أنّ مصطلح الأعيان المستعمل من قبل الإدارة الفرنسية يحيلنا إلى فئات اجتماعية لها قدرة على دفع الضرائب وليس فقط إلى العائلات القديمة مثل المماليك والعائلات المخزنية التّي تقهقرت مكانتها الاجتماعية واندمج بعضها في النخب الاجتماعية الجديدة (2). فالأعيان الناخبون على مستوى المشيخة هم الوجهاء دافعو الضرائب من الذكور والذين ليست لهم سوابق عدلية(3). ينتخبون أربعة نوّاب من بينهم. ولا يصبح المنتخبون نوّابا رسميين إلا بعد موافقة السلطة المركزية التّي بإمكانها شطب نائب أو أكثر يقع تعويضهم بواسطة الانتخاب كذلك.
• المرحلة الثانية: يجتمع نوّاب المشيخات في مركز القيادة تحت إشراف القايد وينتخبون أعضاء مجلس العمل بحساب نائبين عن كل مشيخة. يخضع هذا الانتخاب بدوره إلى موافقة الحكومة. ويجدر هنا التذكير أنّ مهمة مجلس العمل تتمثل في مناقشة الاحتياجات الاقتصادية للعمل وترتيبها حسب الأولوية. ويكون ذلك في شكل مناشدة أو طلبات (voeux). ونشير بهذا الصدد أنّنا سنستعمل كلمة طلبات في هذا العمل.
• المرحلة الثالثة: ينتخب أعضاء مجالس الأعمال النوّاب الأهليين في مجلس الجهة التّي يتبعونها بحساب نائب قار ونائب معوّض عن كلّ عمل. وتتكوّن مجالس الجهات من: 1) نوّاب مجالس الأعمال، 2) نوّاب المجالس البلدية الموزعين إلى قسمين فرنسي وأهلي، 3) نوّاب الحجرات الفلاحيّة والتجاريّة الفرنسية والأهلية أو المختلطة التي تكون الجهة المعنية تابعة لدوائرها.
وللمجلس الجهوي صلاحيّات عديدة فهو ينظر في طلبات مجالس الأعمال ويناقشها ويعطي رأيه في برامج الأشغال المزمع انجازها من قبل البلديات الموجودة في الجهة والتّي من شأنها أن تؤثر في التنمية الاقتصادية للجهة ويناقش أيضا الاحتياجات الاقتصادية الخاصة بالجهة ويرتّبها حسب الأولويّة وأخيرا يبدي رأيه في برنامج الأشغال المزمع إنجازها بواسطة الأموال المتأتية من الاقتراض العمومي. وقد خوّل أمر 13 جويلية 1922 لمجالس الجهات أن تكون لها ميزانية تتكوّن من الصنتيمات الإضافية ومن المنح التّي تقدمها الدولة.
ولن نهتم في هذا البحث بنوّاب الحجرات الفلاحيّة والتجاريّة ونوّاب المجالس البلدية في مجالس الجهات وإنّما نوّاب مجالس الأعمال. وقد مكّنتنا وثائق الأرشيف من الحصول على إرشادات حول 25 من أصل 46 عضوا قارّا ونائبين انتخبهم زملاؤهم أعضاء في مجلسي الجهتين أثناء دورتي 1922 و1928، موزّعين كما يلي: 13 نائبا في مجلس الجهة الأولى و12 نائبا في مجلس الجهة الثالثة. بحيث تمثّل العيّنة المذكورة 54 % من مجموع النوّاب خلال الدورتين. ولعل أهمّ ما يمكن استنتاجه من تلك الإرشادات هو نموّ فئة من الملاّكين الكبار الرأسماليين كان لها تأثير قوي في المجالس المحليّة.

2. سيطرة كبار الفلاحين الرأسماليين على المجالس المحليّة

يصعب حسب الوثائق التي بحوزتنا، تقدير حجم الثروة وأهمية الأملاك العقارية لنوّاب المجالس المحليّة بجهتي بنزرت والكاف. ولكن تلك الوثائق لا تخلو من إشارات إلى صنف الملاّكين الذي ينتمي له النائب فتذكر إن كان فلاحا فحسب أو من كبار الفلاّحين كما أنّها تشير أحيانا إلى حجم الملكية وإلى طرق استغلال الأرض التّي يستعملها كبار الفلاحين. وانطلاقا من هذه المعطيات نستنتج أنّه كانت توجد فئة هامة من كبار الفلاحين الرأسماليين نذكر منهم النوّاب في مجلس الجهة الأولى:
1) عبد الرحمان اللزام نائب سابق بالندوة الشورية (1907-1922) وهو ملاّك وفلاح وصناعي ببنزرت ويتصرّف في لزمة نقاط جمع السمك بتينجة وسيدي أحمد.
2) عبد القادر بن سعيد محيوز وهو فلاح وملاّك جزائري الجنسية وبالتالي من الرعايا الفرنسيين. قال عنه عامل سوق الأربعاء : » السيد عبد القادر محيوز من أشهر فلاحي عمل سوق الأربعاء يتعاطى خدمة الفلاحة بهناشير على النمط العصري وذلك بالآلات الحديثة من تراكتورات وماكينات دراس وغيرها...ويعد بهذه الجهة من أكبر الأعيان وأكثرهم ثروة. «.
3) سعد بن الحاج إبراهيم بن فريجة الجويني وهو من كبار الملاّكة والفلاحين حسب ملاحظات العامل والمراقب المدني بباجة، يستغل ملكيته بسيدي مهيمش بالأساليب الزراعية العصرية إلى درجة أنّها مستثمرة على نحو جيّد مثل ملكية أيّ معمّر فرنسي وهو أمين الفلاحة بباجة.
4) بشير بن الشاذلي البكري وهو فلاح كبير يملك آلاف الهكتارات بجهة ماطر وجهة مجاز الباب. وفضلا عن ذلك فهو سليل مؤسّس الزاوية البكرية بتونس وشيخها.
5) محمد بن الأخضر بالعشي وهو ملاّك كبير بعمالة بوسالم.
6) بشير بن محمود العنابي وهو ملاك وصناعي ببنزرت.
وفي الجهة الثالثة: 1) تهامي بن تليلي بن عبد الله فلاح بجهة قعفور حيث يملك 450 هكتار أراضي و6 ثيران و7 بغال وفرسين وجرار وآلة دراس وتجهيز فلاحي عصري متكامل.
2) الطاهر بن الحاج أحمد بن عبروق فلاح بعمالة تبرسق يملك مع شقيقه محمد 240 هكتار من الأراضي بمشيخة قعفور الغربية و6 بغال و4 أفراس و10 ثيران و70 رأس غنم وجرار وآلة دراس يستعمل الطرق الزراعية العصرية وله تجهيز فلاحي متكامل.
3) محمد الطاهر بن عمر التوكابري فلاح يملك بجهة مجاز الباب الضيعة المسماة هنشير التفاحة تمسح 763 هكتار اقتناها سنة 1921 بمبلغ 1600000 فرنك وتسبب له ذلك في إرهاق مالي ووضعت جميع أملاكه تحت الحجز. وحسب بعض الدراسات فقد اضطرّ في النهاية إلى التخلّي عن الهنشير لفائدة معمّرين فرنسيين. وهو يملك أيضا بجهة ماطر أرضا تمسح 300 هكتار تقريبا وبجهة توكابر أرضا مساحتها 100 هكتار.
4) عبد العزيز بن الصغيّر الباجي ينتمي إلى عائلة من أكبر أعيان الكاف. شغل والده منذ ما قبل الاحتلال الفرنسي للبلاد التونسية منصب قايد وشغل عبد العزيز نفسه منصب خليفة والده في عمل جلاص. وهو يملك قرابة العشرة مواشي في جهة الكاف وممتلكات أخرى يشترك فيها مع إخوته وأبناء عمومته. يبدو أنّه متحمس للاحتذاء بالفرنسيين إذ قال عنه المراقب المدني بالكاف أنّه يدافع بحماس عن سياسة التعاون بين العنصر الفرنسي والعنصر الأهلي ويدعو لفائدة القرض التعاوني الفلاحي عن طريق الصناديق المختلطة.
5) صدّيق بن صميدة عبّو وهو فلاح غني بعمل الكاف.
انطلاقا من هذه المعطيات يمكن القول أنّ اتجاه تطوّر الإنتاج الفلاحي الكبير في القطاع الأهلي هو الاستثمار الرأسمالي. ولم تسعفنا الوثائق التّي اعتمدنا عليها في معرفة تأثير انتشار نمط الإنتاج الرأسمالي على طبقة المزارعين وهل تشكّل من صلبها فصيل من الفلاحين الميسورين.
وسيكون للأوضاع الاجتماعية للأعيان وسياسة الإغراء التّي انتهجتها السلط الإستعمارية بلا شكّ أثر كبير على توجّهاتهم السياسية.

3. نوّاب دستوريون قايضوا معارضتهم للإستعمار بمقاعد في المجالس المحليّة

عثرنا أثناء البحث على معلومات تفيد أنّ عددا محدودا من النوّاب كانت لهم علاقات مع أحزاب الحركة الوطنية وتحديدا الحزب الحرّ الدستوري التونسي ورغم ذلك فإنّ الفرز السياسي لم يشملهم:
• محمد الصغير بن جابلّه وهو عضو بمجلس العمل بتاجروين ونائب معوّض بمجلس الجهة بالكاف في دورة 1922 ونائب قار في دورة 1928. سجّل عنه أنّه كان يخالط عدول دستوريين بتاجروين وأنّه لا يمثل خطرا رغم ذلك. وسجّل عنه في 1928 أنّه مستقيم. وقد يكون كفّ عن مخالطة مناضلي حزب الدستور. تحصّل على الصنف الأوّل من نيشان الافتخار.
• الطاهر بن محمد بن عمر التوكابري، عضو مجلس العمل بمجاز الباب وعضو بمجلس الجهة الثالثة في دورتي 1922 و1928. ورد في أحد التقارير أنّه دستوري. وربّما لهذا السبب قدّمه محرّر التقرير في صورة تبدو أنّها مشوّهة فقد كتب أنّه ضعيف الشخصية وينقصه الذكاء وأنّ حظوته لدى أهالي المنطقة تعود إلى ثروته فحسب ولكنّه أضاعها بمجرد أن فقد تلك الثروة.
• بشير العنابي، عضو بمجلس العمل ببنزرت وعضو بمجلس الجهة الأولى في دورة 1922. عيّن نائبا بالمجلس الكبير في نفس الدورة غير أنّه استقال سنة 1926 بسبب خلافات مع زملائه حول مسألة الموظفين. جاء في تقرير سري بمناسبة انعقاد الدورة الانتخابية سنة 1928 أنّه دستوري. وقد يكون إقترب من الحزب الحرّ الدستوري التونسي أثناء نيابته أو بعد استقالته إذ لم يسجّل عنه جهاز البوليس السياسي أيّ نشاط قبل ذلك التاريخ. وهو متحصّل على نيشان الافتخار برتبة ضابط.
• عبد الرحمان اللزام، إضافة إلى ما ذكرناه سابقا حول هذه الشخصيّة نشير إلى أنّه انتخب سنة 1928 عضوا بمجلس العمل ببنزرت وعضوا بمجلس الجهة الأولى ووقع اختياره نائبا عن هذا المجلس بالمجلس الكبير. وهو عضو في حركة الشبان التونسيين التّي برزت إلى الوجود سنة 1907. ساهم في تأسيس الحزب الحرّ الدستوري التونسي سنة 1920 وتحوّل مع الوفد الدستوري الثاني إلى باريس (24 ديسمبر 1920-2 فيفري 1921). وعندما وقع انتخابه في دورة 1928 كانت سلط الحماية تعلم أنّه ما يزال يحافظ على علاقته بالحركة الدستورية. تحصّل على عدّة أوسمة: وسام الأكاديمية برتبة ضابط ووسام الاستحقاق الفلاحي ونيشان الافتخار برتبة ضابط.
• أحمد بن علي التونسي، عضو مجلس العمل ببنزرت في دورة 1928. تشير بعض التقارير إلى أنّه كانت له علاقات مع الحركة الوطنية.
• بشير البكري، انتخب عضوا بمجلس العمل بماطر وعضوا بمجلس الجهة الثالثة ونائبا بالمجلس الكبير سنة 1928. جاء في وثيقة إدارية أنّه كان ينتمي إلى الحزب الحرّ الدستوري التونسي ثمّ انسلخ عنه. تحصّل على وسام جوقة الشرف برتبة فارس.
• الطيب العمري، عضو بمجلس العمل بالكاف، كان من النشطاء الدستوريين ثم يبدو أنّه غيّر ولاءه نحو السلط الفرنسية.
• عبد العزيز الباجي تتضارب في شأنه المعلومات. فقد عثرنا على تقرير سرّي يشير إلى أنّه عضو ناشط في الحزب الدستوري وأنّه حضر اجتماع انعقد بمقر الحزب يوم 6 نوفمبر 1922 صرّح خلاله الشيخ الثعالبي أنّ اللجنة التنفيذية قرّرت في بادئ الأمر مقاطعة الانتخابات في المجالس النيابية الجارية غير أنّها عدّلت موقفها ورأت أنّه من الأفضل أن يدخل العدد الأكبر من الدستوريين فيها. وأضاف أنّ تعليمات في هذا المعنى وجّهت لخلايا الحزب واستنادا عليها وقع انتخاب عبد العزيز الباجي عضوا في المجلس الكبير ضدّ منافسه منوبي بوسن الذي يعتبر مواليا للسلطة. ولكن نجد في وثائق أخرى ما يؤكّد أنّ النائب المذكور له علاقات طيّبة مع السلطة. فقد جاء في إحداها أنّه متحصّل على وسام جوقة الشرف وأنّه لم يقم قط ّبتصرّف يتعارض مع ولائه لسلطة الحماية كما أنّه يحظى بسمعة عالية في الجهة ويحافظ عل علاقات جيّدة مع السلط المحليّة.
والحقيقة فإنّ الدستوريين ترشّحوا إلى عضوية المجالس الجهوية لا فقط عن طريق مجالس الأعمال بل أيضا عن طريق الحجرة الشورية للمصالح الفلاحيّة نذكر مثلا بلقاسم بن خملية وهو عدل بسوق الأريعاء، انتخب عضوا بمجلس الجهة ببنزرت عن الحجرة المذكورة. وقد أفاد المراقب المدني في شأنه في فيفري 1922 أنّه قام بأعمال لفائدة الحزب الحرّ الدستوري التونسي منها الدعاية وكذلك المشاركة في عمليات جمع التبرّعات التّي قام بها المناضل الدستوري محمد الشافعي النفطي. وقد يكون ابتعد عن الحزب إذ تشير إحدى التقارير التي يعود إلى سنة 1928 إلى أنّه لم تسجّل عنه إرشادات تثير الشبهة.
نستنتج أنّ بعض الدستوريين بجهتي بنزرت والكاف لم ينضبطوا لموقف الحزب الحرّ الدستوري التونسي الرافض لإصلاحات جويلية 1922 وهو الموقف المعلن عنه رسميّا. وقد أكّد المقيم العام هذا الاستنتاج بقوله: « بيّنت الانتخابات المخصّصة لتعيين أعضاء مجالس الأعمال أنّ جميع أعيان المشيخات الذين يحظون بحق الاقتراع سارعوا إلى ممارسة هذا الحق حتّى وإن كانت لديهم ارتباطات بحزب الدستور ورفضوا بذلك الامتثال للأمر القطعي الذي أصدره الثعالبي بالإمساك (...). وقد انتخب أعضاء مجالس الأعمال في نفس الدورة نوّابهم في مجالس الجهات على أساس نائب عن كلّ عمل. ووقع اختيارهم على رجال معتدلين ومعتبرين وفي المقابل لم ينجح من الدستوريين أيّ شخصيّة هامة رغم المجهودات التّي بذلوها». وحسب السلط الفرنسية فإنّه لم ينجح من المتعاطفين بصفة متأكّدة مع حزب الدستور سوى نائب سوسة محمد السقّا ونائب صفاقس محمد القروي غير أنّهما في نظرها لا يمثلان خطرا نظرا لاعتدالهما. وذهبت تلك السلط إلى حدّ تكذيب نائب الحزب الدستوري بالكاف الذي أعلم اللجنة التنفيذية أنّ أربعة أعيان من الكاف عارضوا الإصلاحات وهم الحاج محمد بن سعيد الخمّاسي نائب مجلس الجهة الثالثة عن تاجروين والنوّاب الذين ذكرناهم سابقا: محمد الصغير بن بشير بن جابلّه وعبد العزيز الباجي وصديق بن صميدة عبّو واعتبرت أنّ الاستثناء الوحيد الخارج عن الطاعة ولكنه قليل الخطورة هو محمد الصغير بن جابلّه وقد بيّنا ذلك سابقا. يبدو لنا انطلاقا من هذه الأقوال أنّ السلط الفرنسية في تونس كانت تضخم من انتصاراتها وتنقص من أهمية خصمها الحزب الدستوري ويتبيّن حرصها على سياسة احتواء الأعيان وسحب البساط من تحته. وقد تكون حقّقت نجاحا كبيرا إذ يبدو أنّ أكثرية النوّاب المتعاطفين مع الحزب ابتعدوا عنه واقتربوا من الإدارة. وحتّى الذين حافظوا على أفكارهم السابقة فإنّهم انخرطوا في توجّهات السلط الإستعمارية وتخلوا عن معارضتهم إياها أو أخفوا مشاعرهم السياسية. وهذه حال بشير البكري على سبيل المثال. فرغم توبته المعلنة عن ميولاته الدستورية نقلت عنه أقوال تفيد أنّه بقي يحتفظ بنفس القناعات الفكرية. ففي حوار أجراه سنة 1931 في مدينة الجزائر مع بعض الجزائريين أعضاء في جمعية آداب إسلامية دافع عن ضرورة معرفة الجزائريين للغة العربية والدّين الإسلامي معرفة جيّدة وأكّد على ما يكتسيه العلم بأصول الأمّة التّي ينتمون إليها من أهمية، خصوصا وأنّ هذه الأمة سيطرت في ما مضى على جزء كبير من العالم بفضل ما تحقق لها من وحدة كان الإسلام قد حثّ عليها. وقال إنّ العرب منقسمين بسبب حالة الجهل التّي كانوا عليها ولكنهم عندما يدركون معنى القرآن فإنّهم سيتوحّدون كرجل واحد لمواجهة كلّ من سيحاول أن يبقيهم في وضع دوني. واستشهد بالتغييرات المتسارعة التّي كانت تجري في تونس ومصر بحيث تحصّلت مصر على استقلالها وتتهيّأ تونس إلى نيل الدستور الذي تطالب به والذي يمثل نهاية نظام الحماية وهو نظام وقتي. ويبدو أنّ البعض كانت تربطه علاقات بالطرفين المتناقضين: الحزب الحرّ الدستوري التونسي والسلط الاستعمارية التّي يبلغها بأخبار الحزب.
أمّا بقية النوّاب فلم تسجّل عنهم أنشطة سياسية معارضة للاستعمار. ولم تسعفنا وثائق الأرشيف بالتعرّف على مترشحين لأحد مجالس الأعمال شمله الفرز السياسي ووقع إسقاط اسمه سوى المناضل الدستوري محمد علي الشواشي الذي انتخبه نوّاب مشيخة المعاتقية عضوا بمجلس العمل بباجة سنة 1928 ولكن أبطلت الانتخابات وأعيدت مرّة ثانية. ويبدو أنّ إعادة الانتخابات تمت من أجل إسقاطه لأنّه معروف لدى السلط الفرنسية بانتمائه للحزب الحرّ الدستوري التونسي وتعتبره "فضّا ومشوّشا".
وحسب الإرشادات المتعلّقة بنوّاب مجالس الجهات فإنّ جلّهم متعلّمين وإن كان ذلك بشكل متفاوت.

4. ضعف نسبة النوّاب المتعلّمين

كان أغلب نوّاب المشيخات ونوّاب مجالس الأعمال يعيشون في الرّيف ولم يكونوا متعلّمين. فعلى سبيل المثال تشير بعض المصادر إلى أنّ أعضاء مجلس عمل عين دراهم المنتخب سنة 1928 كانوا كلّهم تقريبا أميين. وقد يكون الفقر وقلّة الإمكانيات وراء هذه الحالة الذهنية. إذ لا يخفى أنّ المناطق الجبلية لا توجد فيها سوى مستغلات صغيرة جدّا وأنشطة اقتصادية محدودة كما تنتمي الأغلبية الساحقة من النشيطين اقتصاديا في السهول إلى فئتي المزارعين الصغار والفقراء. وبالتالي كانت الأميّة عائقا أمام الكثير من نوّاب المشيخات وأعضاء مجالس العمل للفوز بنيابة في مجالس الجهات(4). وخلافا لذلك فقد احتكر الأعيان الميسورون تلك المجالس. ويبدو من خلال العيّنة التّي اعتمدنا عليها أنّ نوّاب مجالس الجهات متعلّمين ولكن بدرجات متفاوتة حسب ما يبدو من خلال الرسم البياني التالي:


انطلاقا من هذه المعطيات نتبيّن أنّ هناك مجموعة أولى تتكوّن من أغلب النوّاب (16/25) لهم معرفة باللغة العربية قراءة وكتابة. ومن بين أفراد هذه المجموعة عمّار بن الناصر نائب معوّض بمجلس الجهة الثالثة ونائب بمجلس عمل أولاد عيّار ورغم أنّه لا يتكلّم الفرنسية فهو معروف بحبّه لفرنسا (francophile). ونجد من بينهم 3 نوّاب يتكلّمون اللغة الفرنسية ولا يكتبونها. وهناك أيضا مجموعة من ثمانية نوّاب يعرفون العربية والفرنسية قراءة وكتابة ويمكن القول أنّ لهم مستوى تعليمي متوسط نذكر من بينهم بشير البكري المتحصّل على شهادة التطويع له معرفة باللغة الفرنسية قراءة وكتابة ومحمد التوكابري الذي درس بجامع الزيتونة ثم بالخلدونية وعبد الرحمان الباجي وهو نائب معوّض بمجلس الجهة الثالثة وعضو بمجلس عمل مجاز الباب درس بالمدرسة الفلاحيّة بسمنجة وعبد العزيز بن الصغير الباجي عضو قار بمجلس جهة الكاف وخليفة سابق بجلاص والكاف وحامل وسام جوقة الشرف ووسام الاستحقاق الفلاحي ونيشان الافتخار.
نستنتج من هذه المعطيات المتعلّقة بنوّاب المجالس المحليّة أهميّة التحوّلات الجارية في جهتي بنزرت والكاف على كافة الأصعدة. ونلخّصها في بروز قطاع رأسمالي في الفلاحة الأهلية وتطوّر التركيبة الاجتماعية في الريف بنشأة فئة من الرأسماليين الأهليين وكذلك في توسّع فئة المتعلّمين وبالتالي بروز نخب اقتصادية محليّة انتهجت سياسة تعاون مع الاستعمار الفرنسي وسعت إلى أن يكون لها دور هام في مجال التنميّة المحليّة.

II. طلبات النوّاب: تحقيق التنميّة المحليّة في نطاق الاستعمار(10)

تجدر الإشارة إلى أنّ ما يعبّر عنه نوّاب المجالس المحليّة من طلبات كانت تبوّب حسب الإدارات: المالية- الداخلية- الصحة- قسم الدولة- البلديات- الفلاحة- التعليم العمومي- الأشغال العمومية. وقد فوجئت المصالح الإدارية بغزارة الطلبات فقد حصل في بعض الأحيان أنّ بعض مجالس الأعمال سجّلت كافة الطلبات دون أن ترتّبها حسب الأولوية بحيث بلغ عدد الطلبات التّي على الإدارة الواحدة دراستها بالنسبة لكامل الجهة 400 طلب. ولذلك حرصت الإقامة العامة على أن يقع ضبط الطلبات وإخضاعها إلى إمكانيات الجهة والحكومة. وسنحاول في هذا العمل أن نبرز مساهمة نوّاب المجالس المحليّة بمناطق الشمال الغربي وبنزرت في التنمية المحليّة من خلال ما قدّموه من طلبات في دورات نوفمبر 1922 ومارس وجوان 1923. وإنّنا إذ نأتي على ذكر طلبات النوّاب بشيء من التفصيل فلكي نبرز الخصوصيّات المحليّة ومستويات التنمية في مناطق الشمال الغربي وبنزرت وكذلك التفاوت في التعبير عن الحاجات المحليّة بين نوّاب المجالس المحليّة والاتّجاه العام لطلباتهم قي سنوات 1920. ونشير بالمناسبة أنّنا سنقتصر على الطلبات التّي تقع تكاليف تحقيقها على كاهل الميزانية العامة وميزانية المجالس المحليّة.

1) طلبات أساسية: إقرار التعليم المجاني وتطوير الفلاحة

لخّص النائب في مجلس الجهة الثالثة والمستشار في المجلس الكبير عبد العزيز الباجي في خطاب ألقاه في الجلسة الافتتاحية لمجلس الجهة المنعقدة يوم 11 جوان 1923 بحضور المقيم العام (Lucien Saint) "لوسيان سان" (1920-1929) ما اعتبره الطلبات "الأكثر شرعية" والتّي يطلب مجلس الجهة الثالثة تحقيقها فورا وهي: أوّلا- إقرار مبدأ التعليم المجاني في تونس وهو مطلب وطني عام، ثانيا-التشجيع على تطوير الفلاحة النشاط "الوحيد" بالجهة الثالثة، ثالثا- توسيع القرض الفلاحي على كلّ أعمال الجهة الثالثة. وهذان المطلبان يعكسان خصوصية الجهة وبمعنى أوسع جهتي بنزرت والكاف.

أ‌- الطلبات المتعلقة بالتعليم

يظهر من خلال محاضر الجلسات وردود الإدارة على طلبات نوّاب المجالس المحليّة أنّ نوّاب المجالس المحليّة بالجهة الثالثة أكثر وعيا بأهمية التعليم وطلباتهم أشمل. فقد وضع النائب عبد العزيز الباجي مثلما رأينا مبدأ التعليم الإجباري في المرتبة الأولى من الطلبات «الأكثر شرعية» و«العاجلة». وجاء في تقرير محمد صالح بن عون النائب بمجلس عمل الكاف «إنّه لا يسعنا إلاّ التأكيد لدى السلط العمومية من أجل الحصول على الوسائل الضرورية لتعليم أبنائنا. وإنّنا نتمسّك بأن يكون التعليم منقسما إلى صنفين: تعليم عادي باللغتين العربية والفرنسية وتعليم مهني وصناعي». وفي الحقيقة فإنّ هذه الطلبات تعكس مطالب الوطنيين في مجال التعليم(9). وعموما فإنّ نوّاب المجالس المحليّة بجهتي بنزرت والكاف طلبوا بعث مدارس للتعليم باللغتين العربية والفرنسية وتوسيع المحدث منها في بعض المدن أو القرى الهامة نذكر حسب ما هو متوفّر بالوثائق التّي اعتمدنا عليها طلب نوّاب مجلس العمل بسوق الأربعاء في أوّل دورة لهم سنة 1922 بتوسيع المدرسة الكائنة بمركز العمل وبناء مبيت مجاور لها بإمكانه استقبال التلاميذ الذين يقطنون بعيدا عن البلدة وكذلك قبول التلاميذ المسلمين بمبيت المدرسة الابتدائية بسوق الخميس. وطالب نوّاب مجلس عمل بنزرت بإحداث مدرسة للتعليم الفرنسي العربي بنفس المدينة. ومن بين المراكز الأخرى التّي طالب النوّاب الأهليين بالمجالس المحليّة بنفس الجهة إحداث مدارس بها نذكر: فرنانة وسجنان وسيدي نصير وزاوية مدين.
أمّا نوّاب مجالس الأعمال في الجهة الثالثة فقد طالبوا بإحداث مدارس ابتدائية في قرى كسرى وخالد والسرس-المحطة والكريب واللاّز ونبّر ومسرية والقلعة الجرداء وجامة وسوق الأربعاء بالربع وكوكة وتيبار. وطالبوا أيضا بفتح أقسام جديدة مثلا في مدرستي العروسة ومكثر وإحداث مبيت ببوعرادة وإعادة فتح مبيت تبرسق. نستنتج من كثرة الطلبات أنّ الحاجة إلى المدارس الابتدائية في الجهة الثالثة أكثر منها في الجهة الأولى ربما لأنّ هذه الأخيرة تتمركز بها جاليات أوروبية هامة ساعد وجودها على إحداث مدارس ابتدائية.
وقد أولى النوّاب لتعليم اللغة العربية اهتماما خاصّا وذلك بالمطالبة بتعيين معلّمين عرب أو مؤدّبين ببعض المدارس: مدرسة عين دراهم ومدارس السرس-المحطّة واللاّز ونبّر وتاجروين وتبرسق وسليانة. وطالب بشير العنابي بإحداث مدارس قرآنية تموّلها جمعية الأوقاف. وقد ورد في بعض التدخلات أنّ تردّد التلاميذ الأهليين على المدارس الابتدائية سيكون مضمونا شريطة تدريس اللغة العربية. ولعل هذا الرأي يثير بعض التساؤلات: هل أنّ له خلفية وطنية أم أنّه يعكس نفور التلاميذ الأهليين من دراسة اللغة الفرنسية وضعف وعي الأهالي بأهمية التعليم العصري وبما يمكن أن يوفره لهم من فرص عمل في الأنشطة الأخرى غير الأنشطة الفلاحيّة والإستخراجية السائدة بالجهة. وفعلا فقد كان التعليم الفلاحي والصناعي أحد المحاور الأساسية التّي ركّز عليها النوّاب. ونذكر هنا أنّ نوّاب مجلس العمل بباجة طالبوا بإحداث مدرسة أهلية للفلاحة بباجة لتعليم مبادئ وطرق الفلاحة وكيفية استخدام الآلات الفلاحيّة العصرية لشباب العمل والأعمال المجاورة. ولاحظ نوّاب مجلس عمل سوق الأربعاء أنّ الصناعة منعدمة في غار الدماء ولذلك من المستحسن أن يرسل الأولاد الذين يرغبون في الحصول على تكوين مهني إلى القيروان أو إلى مكان آخر ليتعلّموا صناعة الزرابي وحرف أخرى تساعدهم على ضمان مستقبلهم. اما نوّاب مجلس عمل الكاف فقد استقطب اهتمامهم التعليم الصناعي نظرا إلى أنّ الصناعة الإستخراجية مزدهرة بالجهة. وهم يطمحون من وراء طلباتهم إلى تعليم أبناء المنطقة خدمة الحديد والخشب حتّى يصبحوا رؤساء عمال ورؤساء فرق مثل زملائهم الفرنسيين. واقترحوا أن يكون هذا التعليم على مرحلتين: مرحلة أولى في بعض المدارس المفتوحة بالمناجم ومرحلة ثانية يمكن أن تكون في مبيت يقع بناؤه في إحدى المناجم. وفي تبرسق طلب نوّاب مجلس العمل تخصيص قسم لتدريس الأهالي التعليم الفلاحي وخدمة الحديد والخشب.
إنّ ما يمكن استنتاجه من طلبات نوّاب المجالس المحليّة بجهتي بنزرت والكاف فيما يتعلّق بالتعليم أنّ هذا المرفق كان ضعيف الانتشار ويقتصر على بعض المراكز الحضرية وأنّ الجهتين بدأتا تستيقظان على الحياة الحديثة.
ب‌- الطلبات المتعلّقة بالفلاحة

قدّم نوّاب المجالس المحليّة بجهتي بنزرت والكاف طلبات متنوّعة في مجال الفلاحة تتعلّق بالأرض الزراعية والقرض الفلاحي والضرائب وتطوير الفلاحة.
* المطالبة بالأرض الزراعية: لم يطلب نوّاب المجالس المحليّة بجهتي بنزرت والكاف إعادة توزيع الأراضي الزراعية وإنّما طلبوا أن تسند للفلاحين في بعض المناطق أراضي غابية على ملك الدولة أو أراضي أحباس على غرار ما هو معمول به لفائدة المعمّرين. ففي الجهة الأولى مثّلت الأرض الزراعية الحاجة الاقتصادية الأوكد بالنسبة لأهالي خمير. وقد جاء في إحدى مراسلات المراقب المدني بطبرقة أنّه ما عدى فرنانة حيث يمثل التملك الخاص القاعدة ففي أغلب الأراضي الواسعة التّي يقيم عليها الأهالي ويقومون بخدمتها ليس لهم إلاّ حق الانتفاع إذ تعتبر الدولة المالك الوحيد للأرض. ولذلك فهم يطالبون بإقرار حقّهم في الملكية. وعلاوة على ذلك توجد عدّة أجزاء من المنطقة مشعّثة أو قليلة الأشجار ليس لها وضع قانوني واضح فهي تارة تصنّف ضمن الأراضي الغابية وتارة أخرى تخصّص للإستعمار حسب محاضر تحديد أراضي الدولة لسنتي 1907 و1909 وتسلّمها إدارة الغابات شيئا فشيئا إلى مصلحة أراضي الدولة. وبهذا الصدد طالب الأهالي بأن يقع التوسّع في تحديد هذه الأراضي وأن يقع تمكينهم من المشاركة إلى جانب المعمّرين في اقتنائها. ونجد أيضا الحاجة إلى الأرض في عمل ماطر الذي طالب نوّاب المجلس فيه بالسماح لأصحاب المواشي الرعي في الغابة المملوكة من الدولة حيث لا توجد أشجار الخفاف. ونسجّل نفس الحاجة إلى المراعي في الكثير من مشايخ عمل سوق الأربعاء مثل بن بشير والدخايلية والشويشية ووادي غريب والمالح وحكيم التّي طلب نوّابها تمكينهم من الرعي بالمناطق الجبلية والغابية. وطلب نائب بن بشير أن تقتني إدارة الفلاحة هنشير ربيعة الكائن شمال القرية في منطقة جبلية ويمسح 2.000 هكتار وأن تقوم بتقسيمه والتفويت فيه للمربين ببن بشير حسب نفس الشروط التّي يتم بها التفويت في أراضي الإستعمار للمعمرين. وتحدث نوّاب بمجلس عمل بنزرت عن أراضي الأحباس فطلبوا كراء بعض الضيعات في شكل إنزال للأهالي واقترحوا أن يمتد كراء الأراضي التابعة لجمعية الأوقاف على فترة 9 أشهر على الأقل وأن يتم في شهر جوان ويكون تسليم الأرض في شهر أكتوبر.
أمّا بالنسبة للجهة الثالثة فقد عثرنا على طلب الأرض الزراعية جاء في تصريح صادر عن 14 عضوا في مجلس عمل مجاز الباب. فقد أشاروا إلى أنّ هذا العمل يشكو من أزمة اقتصادية مستفحلة نتيجة قلّة الأراضي الزراعية والحال أنّ الفلاحة تمثّل المورد الوحيد لسكّانه وذكروا أنّه توجد أراضي أحباس خاصة وعامة تمسح 2.800 هكتار يستفيد منها المقدّمون ورؤساء الزوايا والمضاربون على حساب المشتغلين بالفلاحة وطلبوا التنازل لهم عن هذه الأراضي عن طريق الإنزال. وقد تبنى المجلس طلبا في الاتجاه المذكور وصادق عليه بالإجماع. وأكّد أحد النوّاب في المجلس المذكور على أهمية إخراج قطع الأراضي الغابية الصالحة للزراعة من نظام الغابات والتفويت فيها بيعا. وطلب مجلس عمل الكاف كراء أراضي الدولة الكائنة في المناطق المشجّرة والمتنازع عليها مقابل أسعار زهيدة واقترح تعيين لجنة يعهد إليها النظر في من تعود إليه ملكية تلك الأراضي نهائيا. وطلب كذلك أن يقع التفويت في الأراضي الغابية بورغة المنتظر سحبها من نظام الغابات وأن يقع كراؤها للفلاحين مع وعد بالبيع. وطلب مجلس عمل أولاد عون توزيع أراضي الدولة خصوصا في منطقة الربع على الأهالي وتبنى مجلس الجهة هذا الإقتراح من ناحية مبدئية على أساس أنّه يساعد صغار الفلاحين ويساهم في القضاء على النزوح.
* توفير القروض الفلاحيّة: جاءت هذه الطلبات من نوّاب أغلب مجالس العمل وهي موجّهة إلى صناديق القرض التعاوني الفلاحي أساسا ويلتمس الفلاحون من اقتنائها توفير الأموال الضرورية لتعاطي الفلاحة ومقاومة المرابين. والجدير بالملاحظة أنّ الصناديق المذكورة لم تكن موجودة في أغلب المراكز الفلاحيّة مثل سوق الأربعاء وسوق الخميس وتاجروين ومجاز الباب. ولذلك طلب نوّاب تلك المراكز بإحداث صناديق محلية أو توسيع نشاط الموجود منها مثل صندوق الكاف ومكثر الذي طلب نوّاب مجالس أعمال الجهة الثالثة الزيادة في رأسماله وتوسيع إشعاعه على عمل تاجروين. وطلب نوّاب مجلس عمل سوق الأربعاء إحداث صندوق بإمكانه مدّ الأهالي بقروض ومساعدتهم على اقتناء الآلات الفلاحيّة. ومن الطلبات المهمّة أيضا طلب نوّاب مجلس عمل مجاز الباب تشريك الأهالي في مجالس إدارة تلك الصناديق. ونذكر أيضا أنّ بعض طلبات القرض وجّهت إلى الشركات الأهلية للحيطة مثلما هو الحال بالنسبة لفلاحي بنزرت.
ومن جهة أخرى سعى نوّاب المجالس المحليّة يالجهة الأولى إلى حثّ الدولة على مقاومة القرض الربوي. ونذكر في هذا الإطار نوّاب عمل عين دراهم الذين طلبوا من الدولة تمكينهم من قروض تقيهم من شراهة المرابين اليهود الذين يتسببون في خرابهم.
ونشير أنّ نوّاب المجالس المحليّة بجهتي بنزرت والكاف ما فتئوا يلّحون على الحكومة تمكين الفلاحين من سلفات البذور وسلفات المعاش في أسرع وقت وبكميات كافية ومراعاة الأحوال في ضبط آجال خلاص هذه القروض العينية خصوصا وأنّ البلاد شهدت سنتين متتاليتين من الجفاف وتدهورت الأوضاع المعيشية للسكان تدهورا شديدا وأصبح أغلب القلاحين غير قادرين على توفير البذور إلاّ باللجوء إلى الاقتراض من الشركات الأهلية للحيطة. وطلب بعض النوّاب في مجلس عمل الكاف تحويل سلفات البذور العينية إلى سلفات نقدية لأنّ ذلك يتيح للفلاّح اقتناء بذور من نوع جيّد وفي فترات يكون فيها السعر أرفق من السعر الذي تشتري به الإدارة العامة للمالية. وتجدر الإشارة إلى أنّ محمد بن أحمد نائب غار الدماء في مجلس عمل سوق الأربعاء أشار إلى أنّ المشايخ يعطون سلفات المعاش للأهالي الذين يدفعون لهم رشوة بينما لا يسعفون العاجزين عن إرضاء جشعهم وأكّد زميله أحمد بالعربي هذه الوقائع واقترح أن تضبط في المستقبل قوائم المنتفعين في مكتب القايد بحضور الشيخ والأعيان.
* قضية الضرائب والمخالفات: تعكس الطلبات التّي تقدّم بها نوّاب المجالس المحليّة في هذا المجال مدى الإرهاق الذي كان الفلاّحون يعانون منه من جرّاء الجباية والخطايا المالية. فقد طلب بعض نوّاب المجالس المحليّة بالتخفيض في الأداء مثل نوّاب رافراف ببنزرت الذين طلبوا بالحطّ من الأداء على الكروم. وهناك من دعا إلى مراجعة المقاييس المعتمدة في ضبط الأداء مثل أداء القانون على الزيتون وذلك باعتماد عمر الشجرة عوض مردودها. وطلب آخرون تأجيل جمع الضرائب إلى فترة الحصاد ومنهم من أشار إلى أنّ اللجنة المكلّفة بجمع ضريبة العشر تقوم بعمليات الإحصاء في وقت مبكّر يصعب فيه التكهّن بنتائج الموسم واقترح أن يكون ذلك في شهر ماي من كلّ سنة. وتعرّض البعض الآخر للظلم الجبائي من خلال الخطايا المشطّة التّي تسلّط على الفلاّح الأهلي عندما تقف اللّجان المكلّفة بالتثبت في التصريح على الزراعات على تقصير ما وطلب إلغاء العقوبات عندما تكون المواسم رديئة وفيما عدى ذلك طلب بإلغاء التصريح على الزراعات وبأن تكلّف الحكومة اللجان بتقديرها. وأُخِذ على اللجان أنّها لا تشعر الفلاحين بالتقصير في الإبان ولا تترك لهم الوقت الكافي للاعتراض على ما ترتكبه من أخطاء وكان من الأفضل أن تسلّم إلى الفلاّح بطاقة إحصاء لتمكينه من الاعتراض عند الحاجة. واشتكى نوّاب المناطق الغابية مثل نوّاب عمدون وعين دراهم من العقوبات المالية المجحفة التّي يسلّطها أعوان مصلحة الغابات على السكان من أجل ارتكابهم لمخالفات مثل قطع الأخشاب لبناء الأكواخ والرعي واستغلال الأراضي الموجودة في الفجوات الغابية وكذلك قطع أغصان «الدردار» لإطعام الماشية. وطالبوا بإلغاء الخطايا المسلّطة عليهم خصوصا وأنّهم عاجزون عن الدفع. وبالمناسبة نفسها احتج نوّاب مجلس عمل عين دراهم على ما يعمد إليه حرّاس الغابات من استغلال فضّ للسكان. ففي الفترة الفاصلة بين أواخر الربيع وبداية الصيف يطلب هؤلاء الأعوان من سكان المناطق التّي يقومون فيها بأعمال سنوية(5) أن يوفّروا لهم ما يحتاجونه من دواجن وبيض وخرفان وكذلك الغذاء لدوابهم وذلك طيلة مدّة إقامتهم في تلك المناطق ومقابل ثمن زهيد لا يساوي حتّى ربع الثمن الحقيقي للمواد وطالبوا بالتنبيه عليهم وإجبارهم على دفع الثمن الحقيقي للمواد التّي يشترونها.
* تطوير الفلاحة: تبرز طلبات النوّاب وخاصّة نوّاب مجالس أعمال الجهة الثالثة طموح الفلاحين في الارتقاء بفلاحتهم بتعصيرها وتوفير مياه الري وتنويع الإنتاج. وقد رأينا أن نذكر تلك الطلبات حسب مجالس الأعمال لإبراز التوجّهات الاقتصادية الخاصّة بكلّ منطقة. ففي الجهة الأولى ركّز النوّاب أساسا على تنويع الإنتاج وتطوير المنتجات التجاريّة مثل نوّاب مجلس عمل سوق الخميس الذين طلبوا التشجيع على غراسة الأشجار المثمرة. وطلب نوّاب مجلس عمل باجة بتعيين مختص لتعليم غراسة الأشجار المثمرة لأهالي نفزة خصوصا وأنّ كثرة الأمطار التّي تنزل بهذه المنطقة لا تلائم زراعة الحبوب بقدر ما تلائم تربية الماشية وغراسة الأشجار المثمرة التّي تنمو بشكل جيّد وتعطي ثمارا ممتازة.
وشملت الطلبات في الجهة الثالثة مجالات عديدة قد تعكس انتقالا إلى الإنتاج التجاري وانتشارا للأفكار العصرية أسرع مما هو حاصل في الجهة الأولى. فقد طلب نوّاب مجلس عمل الكاف أن تشجّع الإدارة العامة للفلاحة على غراسة الأشجار المثمرة بتوزيع مشاتل الزيتون واللوز وأن تعمّم مصالحها إنتاج العلف وزراعة البقول بواسطة توزيع البذور. ونسجّل الأهمية الكبيرة التّي أولاها نوّاب المجلس المذكور لمياه الري من خلال المطالبة بتهيئة الآبار. وطلب نفس المجلس تشجيع زراعة البقول (البطاطا والفول وعدّة أنواع من البقول والذرة الشامية والذرة البيضاء الخ) التّي تلائمها بعض مناطق العمل وخاصة المداينة قرب سوق إبّه كسور. ويكون التشجيع خاصة بزيارة البساتين وتقديم الإرشادات على عين المكان وبتوزيع البذور. كما أنّه طلب تشجيع غراسة الأشجار أوّلها الزياتين في الجريصة والقصور خصوصا ثمّ الزياتين البريّة بسيدي مطير والقصور وقلعة سنان وقرن الحلفايا والقيام أيضا بجولات إرشاد لتفسير التشذيب والتطعيم وكذلك توزيع مشاتل الزيتون وطلب أيضا تشجيع غراسة الأشجار المثمرة كاللوز والتفّاح والأجّاص وغيرها بنفس الوسائل. وطلب بعض نوّاب عمل مجاز الباب بعث حديقة تجارب في تستور لزراعة البقول والغراسات الجنبية (cultures arbustives) والتطعيم والتشذيب الخ. وجاء في تقرير عبد العزيز الورتاني نائب مجلس العمل بالكاف أنّه بالنظر إلى الحالة السيئة التّي عليها الماشية بالكاف ترجى من الحكومة المساعدة من أجل التشجيع على إحداث احتياطي من العلف يستعمل في المواسم الرديئة وعلى بناء ملاجئ للماشية والتأمين على الحرائق والأمراض والإذن للطبيب البيطري التابع للقطاع الإستعماري كي يقوم بجولات دورية وبعث المحطة التجريبية لتربية الماشية التّي سبقت برمجتها وإحداث دروس لفائدة مربي المواشي وانتقاء فحول الأغنام لتطوير هذا القطاع وتقديم ثلاثة فحول بغال لتحسين إنتاجها وأخيرا بعث معرض جهوي للماشية يكون دوريا. وطلب النائب عبد العزيز الباجي بتلقيح الماشية إجباريا. كما طلب مجلس عمل تاجروين المساعدة على تعميم طريقة «موحا دو هنغري» (Moha de Hongrie) التّي كان بعض الفلاحين الأعيان بصدد تجريبها من أجل توفير الغذاء للأبقار في بداية الصيف وتكوين احتياطي من العلف.
لقد اهتم النوّاب في المجال الاقتصادي بالفلاحة فحسب. ولم نعثر بالنسبة للصناعة إلاّ على طلب واحد صدر عن مجلس عمل ماطر ويتمثل في إسناد رخصة لشخص لم يذكر اسمه يرغب في بعث معمل لصناعة الورق.
وقد شدّ إنتباهنا صنف من الطلبات الخاصّة التّي تعكس التناقضات الاجتماعية في أرياف جهتي بنزرت والكاف وهي الطلبات المتعلّقة بالخماسة أو اليد العاملة الفلاحيّة. ويبرز من خلالها أنّ الخماسة ما تزال تمثّل نظام العمل الأساسي في ضيعات الأهالي بجهتي بنزرت والكاف ولم يتم بعد الانتقال إلى العمل المأجور بشكل نهائي.

2) طلبات متعلّقة بالخمّاسة

إنّ ما كان يؤرق الفلاحين في موضوع «عمال» الفلاحة هو ما يعتبرونه إخلال الخمّاس بتعهّداته إذ أنّه يتحصّل على تسبقات من الفلاّح ولكنّه يغادر الضيعة دون تسديد ما عليه من ديون ورغم أنّ القانون يجرّم هذا الإخلال فإنّ القضاء العدلي المحدث في تونس منذ أواخر القرن التاسع عشر لا يساعد حسب أراء الفلاحين على ردع المخلّين(6). وقد طرحت المسألة في جلّ المجالس المحليّة بجهتي بنزرت والكاف ولم يسجّل أن اختلف نائبان حولها. فالخمّاس الذي يريد أن يتحرّر محلّ إدانة من طرف النوّاب، لسان حالهم ما قاله عمر بن الطيّب نائب بمجلس عمل باجة: الخمّاس الذي يفرّ وعليه تسبقات يجب أن يعتبر نصّابا وأن يعامل على هذا الأساس وأعماله ليست أقلّ من دسائس تجاه الفلاّح. والثابت عند النوّاب أنّ المحاكم تمتنع عن تطبيق ما جاء في المجلّة الجزائية التونسية التّي تنصّ في الفصل 298 المنقّح بمقتضى أمر 20 مارس 1920، على عقوبات بالسجن تصل إلى 6 أشهر وبخطية قدرها 300 فرنك ضدّ كلّ من استلم تسبقة ولم يلتزم بما وقع الاتّفاق عليه(7). وقد أكّد أحدهم أنّ خمّاسا وقع إيقافه في المدّة السابقة من قبل القايد وأحيل على محكمة الدريبة بتونس التّي قرّرت إطلاق سراحه ودعت العرف إلى تتبعه مدنيا. وفي هذه الحالة يجب التوجّه بالشكوى وجوبا إلى المحكمة الجهوية(8). ويتطلّب هذا الأمر تنقلاّت وتكاليف كثيرة خصوصا عندما يكون الخمّاس مقيما في دائرة محكمة جهوية بعيدة وهذا ما يحدث غالبا في تاجروين التّي يعمل بها الكثير من الخمّاسة من عرش ماجر التابعين لمحكمة القيروان. كما أنّه يتسبّب في إضاعة الكثير من الوقت لاسيما وأنّ المحاكم تعتمد على إجراءات بطيئة ومكلفة. وفي هذا الإطار ذكر أعضاء في مجلس عمل تاجروين أنّهم رفعوا قضايا منذ عدّة أشهر ولكنّها لم تتقدّم قيد أنملة. وبالتّالي توجد استحالة عملية لنجاح القضية حسب قولهم. وفي رأي النائب عمر بن الطيّب فإنّ ذلك يشجّع الخمّاسة على مغادرة عملهم دون خوف من العقوبات. فما هو الحلّ إذا ؟
لا يكمن الحلّ بالنسبة للفلاحين آنذاك في تحرير اليد العاملة وتأجيرهم وإنّما في الإبقاء على نظام عتيق على غاية من الأهمية بالنسبة لجميع الفلاحين الأهليين حسب الرأي السائد في مجالس العمل. ونكتفي هنا بذكر ما جاء في مداولات مجلس عمل تاجروين من تأكيد على أنّه ليس بالإمكان التخلي عن تشغيل الخمّاس وتوظيف عمال فلاحيين. وفي هذا الإطار يرى النوّاب أنّه يتعيّن على الحكومة دراسة الموضوع جيّدا وإجبار الخمّاس على احترام شروط العقد الذي يربطه بالفلاح من خلال وضع قانون «منطقي» لدى البعض و«واضح» لدى البعض الآخر يقتضي مثلا أن لا يغادر العامل الفلاحي ضيعة فلاّح يشتغل عنده ليعمل في مكان آخر دون أن يحصل منه على شهادة حسن السيرة تثبت أنّه بريء الذمّة. ويفضّل النوّاب أن يؤول تطبيق القانون الجديد إلى قضاء القياد باعتباره قضاء مستعجلا حسب رأيهم على أن يستعين القاضي باثنين من الأعيان. ومثلما يمكن ملاحظته فإنّ مصالحهم تدفعهم إلى التعبير عن مواقف لا تواكب التأسيسات في المجال العدلي.
ويبدو من خلال محضر مداولات مجلس الجهة الثالثة أنّ هناك تطابق في وجهات النظر بين النوّاب الأهليين والنوّاب الفرنسيين في مسألة الخماسة وخصوصا في موضوع مغادرة الخمّاس العمل دون تسديد ما أخذه من تسبقات وما يقتضيه ذلك من عقوبات جزائية. وممّا جاء في إحدى الطلبات المشتركة أنّ المحاكم تتعامل مع تعديّات الخمّاس كمجرد قضية مدنية رغم ما جاء في أمر 20 مارس 1920. وفي هذه الحالة فإنّ الحكم على الخمّاس بتسديد الدين غير ذي جدوى بسبب عدم قدرته الحقيقية أو المفتعلة على الدفع أو استحالة الوصول إليه لتنفيذ الحكم. وأشارت نفس الوثيقة إلى ما يتسبب فيه هذا الوضع من آثار وخيمة على ظروف الإنتاج الفلاحي: سلبية الخمّاس وتفشي ظاهرة الإخلال بالتعهّدات على نطاق واسع والتأخّر في إنجاز الأشغال. وانتهت الوثيقة بالتأكيد على ضرورة تطبيق المحاكم لأمر 1920 بما فيه من عقوبات جزائية وبمطالبة الحكومة اتخاذ التدابير التّي تراها صالحة وتدعيم مطلب النوّاب الأهليين في إقرار إجراءات عدلية أكثر سرعة.
وفي الحقيقة فقد شملت طلبات نوّاب المجالس المحليّة بجهتي بنزرت والكاف الكثير من المجالات الأخرى سنذكر منها الطلبات المتعلّقة بالمرافق : طرق المواصلات والجسور والبريد والهاتف والإنارة الكهربائية والماء الصالح للشراب والصحّة.

3) طلبات متعلّقة بالمرافق

تعكس الطلبات المتعلّقة بالمرافق درجة تجهيز متواضعة وفي حاجة إلى التطوير في جهتي بنزرت والكاف. وتجنبّا لكثرة التفاصيل فإنّنا سنقتصر على بعض الأمثلة. ففي مجال الطرقات طلب النوّاب تهيئة طرق جديدة تربط بعض المناطق العمرانية والأسواق الأسبوعية مثل طريق عمدون وطريق سوق الخميس- فرنانة في الجهة الأولى وعدة طرقات ومسالك في الجهة الثالثة التّي يبدو أنّها تشكو نقصا كبيرا على مستوى طرق المواصلات. وطلبوا بناء طرقات تشقّ قرى مثل منزل عبد الرحمان أو ضيعات كبيرة على ملك أهالي ومعمّرين مثل طريق الحدب بقصر مزوار بباجة. ونظرا لما يبديه السكان من حرص على إنجاز الطرقات وربما تجنبّا لمماطلة الإدارة عبّر بعضهم عن استعدادهم للمشاركة في تكاليف بعضها بقيمة النصف مثل سكان عمل أولاد عيّار. وكان نوّاب بعض مجالس الأعمال يرون في مثل تلك الأشغال فرصة لتشغيل اليد العاملة المحليّة التّي تكابد البؤس وتعاني من المجاعة.
وفي نفس الإطار طلب النوّاب بناء العديد من الجسور والقناطر لتسهيل العبور خاصة أثناء فصل الأمطار وكذلك بناء سدود لمنع اجتياح المياه لبعض المناطق مثل سوق الخميس.

أ‌- المرافق الحضرية

تتمثّل هذه المرافق في البريد والهاتف والكهرباء والماء الصالح للشراب. ففي ما يتعلّق بشبكة الخدمات البريدية والهاتف طلب النوّاب توسيعها وتطويرها بإحداث مكاتب بريد أو ضمان إيصال البريد عن طريق أحد الموظفين كمدير مدرسة أو شيخ أو أحد الخيّالة وطلبوا ربط بعض القرى مثل رأس الجبل وبن بشير بشبكة الهاتف وإحداث غرف للهاتف.
وفي ما يتعلّق بالماء الصالح للشراب فالحاجة تبدو شديدة ويظهر ذلك من خلال كثرة الطلبات بتزويد الكثير من القرى بالماء الصالح للشراب وتهيئة منشآت مائية: آبار، عيون، خزّانات، مساقي واستغلال الوديان والقيام بأشغال للبحث عن الماء الصالح للشراب وإحداث جمعيات مائية. وفي هذا المجال أيضا عبّر سكان بعض الأعمال عن استعدادهم لدفع مصاريف المنشآت المائية كاملة وذلك لقلة الماء أو لأنّ المياه الموجودة ملوّثة.
أمّا بالنسبة للإنارة الكهربائية فإنّ الطلبات قليلة جدّا وهذا ربّما يعود إلى عدم تعوّد السكان على استعمال الطاقة الكهربائية خصوصا وأنّها تتطلّب مصاريف أو بسبب قلّة انتشارها وكلّ ما عثرنا عليه طلبين يهمّان قريتي وادي مليز وسوق الخميس واقتراح من أجل التفاوض مع إدارة منجم جبل حلّوف والاتّفاق معها على إنتاج الطاقة الكهربائية.

ج‌- المرافق الصحية

قدّم نوّاب المجالس المحليّة بجهتي بنزرت والكاف في مجال الصحة مناشدات فيها القليل من الإحداثات الصحية (مثلا محل تمريض بمنزل جميل ومستوصف بنبّر ومستشفى بسليانة) ولكنّها ركّزت بصفة خاصّة على توسيع مجال تدخل أطبّاء الإستعمار عن طريق إحداث عيادات دائمة أو عن طريق الزيارات الدورية. ونقل بعضهم عن الأهالي مثل أهالي نبّر استعدادهم للمساعدة بتوفير محل يستعمل كمستوصف. وطلب آخرون التخفيض في سعر الكينين (Quinine) من 20 فرنك إلى 0،50 وهو دواء صالح لمعالجة الحمّى وتوفيره في مكاتب الأداءات غير المباشرة بطريقة أفضل وقبول المختلّين من المناطق الداخلية بالتكيّة في تونس. وعلى ضوء ما أشار إليه أحمد بن يونس نائب مجلس عمل الكاف من كثرة الوفيات الناتجة عن الأمراض المعدية كالجدري والحمّى والحصبة الخ، طلب المجلس بأن يقوم أطبّاء الإستعمار بعمل أكثر نجاعة في مقاومة الأوبئة وبأن يجرى التلقيح بصفة فعليّة في كلّ مشيخة ونقل بعضهم عن الأهالي مثل أهالي نبّر استعدادهم للمساعدة بتوفير محل يستعمل كمستوصف.

الخاتمة

لقد رأينا أنّ إحداث المجالس المحليّة في العشرينات من القرن العشرين مكّن الأعيان المحليين وتحديدا الفلاحين والملاّكين بالريف من أن يكون لهم تمثيل نيابي على مستوى محلي علاوة على التمثيل النيابي على مستوى مركزي والتمثيل الفلاحي في إطار الحجرة الفلاحيّة. وفي الحقيقة فإنّ تلك المجالس لا تقوم على النظام الانتخابي الحرّ وكانت محدودة الصلاحيّات وكرّست الهرمية الاجتماعية السائدة آنذاك في البلاد التونسية، إذ أنّنا لا نجد في مجالس الجهات وهي تمثّل أعلى مجالس محليّة إلاّ أصحاب الملكيّات الكبيرة والميسورين وهم رأسماليون تحصّلوا على بعض الدرجات التعليمية ويحظون بثقة السلطة رغم أنّ بعضهم كانت لهم تجارب في أحزاب وطنية.
وسعينا إلى رصد طلبات النوّاب الأهالي قي مجال التعليم وفي مسائل اقتصادية وتحديدا الفلاحة وكذلك في مسألة الخمّاسة وأخيرا في مجال المرافق والخدمات. وما يمكن استنتاجه بهذا الصدد أنّ تلك الطلبات بسيطة ولا تتطلّب ميزانيات كبيرة وذلك خلافا لبعض ما كان يطلبه نوّاب المعمّرين في مجالس الجهات أو حتّى أعوان الإدارة أنفسهم. فقد طلب مثلا بعض النوّاب الفرنسيين بتهيئة ميناء طبرقة وبناء مستشفى ببنزرت يخصّص جناح منه للأهالي وأخر بفريفيل (منزل بورقيبة حاليا) إلى غير ذلك من الطلبات في المجالات التّي أتينا على ذكرها واقترح مثلا المراقب المدني بطبرقة تطهير سهل ومدينة طبرقة اللذّان تنتشر بهما حمّى المستنقعات. غير أنّ طلبات نوّاب الأهالي تكتسي أهمية خاصّة لأنّها تعكس درجة في تطوّر الوعي المطلبي لممثلي الأهالي في المجالس المحليّة وتَرْشح بأفكار تعصيرية تتمثّل في التعلّق بفكرة التعليم وتطوير الفلاحة ومؤسسات القرض وتوسيع شبكات المرافق. ولن نحتاج هنا إلى التفصيل في القول أنّ السلط الفرنسية كانت تولي هذه المجالس أهمية كبيرة مثلما رأينا وكانت حريصة على إنجاحها لإفشال برامج الأحزاب الوطنية. وبالتالي فقد كانت تتعامل بشكل إيجابي مع طلبات النوّاب، خصوصا وأنّ تلك الطلبات تتطابق مع توجّهها نحو تكثيف استغلال البلاد التونسية وليس فيها ما يمكن أن تعتبره شططا. وربّما نجد تلخيصا لهذا التعامل في الخطاب الذي ألقاه المراقب المدني ببنزرت ورئيس مجلس الجهة الأولى سنة 1934 في تقييم نتائج أعمال المجلس المنتخب سنة 1928 والذي انتهت مدّته : «أستطيع أن أؤكّد أنّه (مجلس 1928) برهن على الثقة التّي وضعها فيها سكان الجهة الأولى وأنّه قام بوظيفته على أحسن وجه. فكم من طريق ومسلك وقع مدّها وترميمها ونقاط ماء تمت تهيئتها ومواني مثل طبرقة وجالطة عني بترميمها وجعلها آمنة وتجمعّات سكنية وقع تزويدها بالماء والكهرباء ومناطق مثل سهل طبرقة ووادي مجردة الأسفل تحقّق تجفيفها وحمايتها من الفيضانات وتوفّرت فيها بالتالي شروط أفضل للاستغلال وأخيرا كم من مدرسة وبناية عمومية انتهِي من تشييدها». على هذا النحو يمكن القول أنّ كلّ ذلك عجّل بإدماج جهتي بنزرت والكاف في الدورة الاقتصادية الرأسمالية كجهتين في بلد مستعمَر وساهم في تغيير المشاهد الحضرية والريفية بالبلاد التونسية وفي انتشار التعليم والأفكار العصرية وإن لم يكن بشكل شامل ومتناسق وسريع. ونضيف أيضا أنّ حرص السلط الذي تحدثنا عنه كان نسبيا ومقيّدا إذ أنّه ارتبط بالميزانية العامة وبميزانية مجالس الجهات وهي كما نعرف ميزانيات محدودة لعدّة أسباب ليس هنا مجال لذكرها ونقتصر فقط على ذكر سبب واحد تردّد في مداولات المجالس المحليّة وهو تفشي الفقر والاحتياج في صفوف التونسيين الذين يتحمّلون الوزر الأكبر في مجال الجباية فينعكس ذلك على الميزانيات بحيث لا تتطابق دوما مداخيل الجباية مع التوقّعات. ويجدر التساؤل في خاتمة هذا البحث حول دور نوّاب بقية الجهات الداخلية في التنمية المحليّة وحول درجة اندماجها في الدورة الاقتصادية الرأسمالية ؟


هوامش مختصرة

1- نذكّر أنّ أمر 13 جويلية 1922 أحدث خمس جهات تشتمل إضافة إلى الجهتين الأولى والثالثة المذكورتين في المتن على: الجهة الثانية مركزها تونس وتضمّ المراقبات المدنية بتونس وزغوان وقرمبالية، الجهة الرابعة مركزها سوسة وتضمّ المراقبات المدنية بسوسة والقيروان وتالة وأخيرا الجهة الخامسة مركزها صفاقس وتضمّ المراقبات المدنية بصفاقس وقابس وقفصة وتوزر وجربة.
2- أنظر، حول تدهور العائلات القديمة وانصهارها في التشكيلة الاجتماعية الناشئة في عهد الاستعمار الفرنسي:
De Montety (H.), Enquête sur les vieilles familles et les nouvelles élites en Tunisie, 1939, dactylographié.
3- راجع أمر 21 أوت 1922.
4- لمزيد الاستفادة، أنظر: هلالي، عبد الحميد، تاريخ جهة جندوبة (1881-1956) علاقة الحركة الوطنية بالأرياف، أطروحة دكتورا، تونس، كليّة العلوم الإنسانية والاجتماعية، 2000.
5- مثلا جمع الخفّاف وحفر المخارف وهي عبارة عن مسالك تفصل بين صفوف الأشجار تساعد على مقاومة الحرائق.
6- أنظر حول مسألة الخماسة: التيمومي، الهادي، الاستعمار الرأسمالي والتشكيلات الاجتماعية ما قبل الرأسمالية الكادحون "الخمّاسة" في الأرياف التونسية 1861-1943 (2 أجزاء)، دار محمد علي الحامي وكلية العلوم الانسانية والاجتماعية بتونس، 1999.
7- نصّ أمر 20 مارس 1920 المنقّح للفصل 298 من المجلّة الجزائية على ما يلي: "يعاقب بالسجن مدّة ستّة أشهر وبخطيّة قدرها ثلاثمائة فرنك الإنسان الذي استلم مالا على وجه التسبقة لأجل العمل باتفاق ويمتنع بدون موجب من العمل بما وقع به الاتّفاق أو من ترجيعه ما قبضه سلفا."
8- أحدثت المحاكم الجهوية بمقتضى أمر 18 مارس.1896: فإلى جانب محكمة الدريبة أحدثت محاكم في صفاقس وقابس وقفصة ثم في سوسة والقيروان سنة 1987 والكاف سنة 1898 وأخيرا في باجة سنة 1926.
9- - أنظر مثلا:
Anonyme, La Tunisie Martyre Ses revendications, Paris, Editions Jouve et Cie, 1920.
10- اعتمدنا في هذه الفقرة أساسا على محاضر جلسات مجلس الجهتين الأولى والثالثة.



#خميس_بن_محمد_عرفاوي (هاشتاغ)       Arfaoui_Khemais#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحركة النقابيّة التونسيّة وثورة 14 جانفي 2011 تجربة «اللّقا ...
- دور الاتحاد العام التونسي للشغل في الثورة وفي الانتقال الديم ...
- الحركة النقابية للشغيلة في تونس وتلازم البعدين الوطني والاجت ...
- تقديم كتاب -كتابات ومعارك من أجل تونس عادلة ومستقلة-
- اليسار الجديد في تونس ومسألة الدولة بعد 1956
- عودة الديني أم توظيف الدين؟ المستفيدون والمتضررون
- اليسار الجديد في تونس في مرآة الثورة البلشفية
- نَفْحةٌ من الاقتراع التفضيلي في القانون الانتخابي التونسي
- ماذا يبقى من الثورة التونسيّة؟ دراسة آنية واستشرافية


المزيد.....




- بايدن يؤكد لنتنياهو -موقفه الواضح- بشأن اجتياح رفح المحتمل
- جهود عربية لوقف حرب إسرائيل على غزة
- -عشر دقائق فقط، لو تأخرت لما تمكنت من إخباركم قصتي اليوم- مر ...
- شاهد.. سيارة طائرة تنفذ أول رحلة ركاب لها
- -حماس-: لم نصدر أي تصريح لا باسمنا ولا منسوبٍ لمصادر في الحر ...
- متحف -مرآب المهام الخاصة- يعرض سيارات قادة روسيا في مختلف مر ...
- البيت الأبيض: رصيف غزة العائم سيكون جاهزا خلال 3 أسابيع
- مباحثات قطرية أميركية بشأن إنهاء حرب غزة وتعزيز استقرار أفغا ...
- قصف إسرائيلي يدمر منزلا شرقي رفح ويحيله إلى كومة ركام
- -قناع بلون السماء- للروائي الفلسطيني السجين باسم خندقجي تفوز ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - خميس بن محمد عرفاوي - الإستعمار الفرنسي والأعيان المحليين في سنوات 1920: استراتيجيات متقاطعة. نوّاب المجالس المحليّة بمناطق الشمال الغربي وبنزرت مثالا