أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الحركة العمالية والنقابية - خميس بن محمد عرفاوي - الحركة النقابيّة التونسيّة وثورة 14 جانفي 2011 تجربة «اللّقاء النقابي الديمقراطي المناضل» (2009- 2011)















المزيد.....



الحركة النقابيّة التونسيّة وثورة 14 جانفي 2011 تجربة «اللّقاء النقابي الديمقراطي المناضل» (2009- 2011)


خميس بن محمد عرفاوي
(Arfaoui Khemais)


الحوار المتمدن-العدد: 7682 - 2023 / 7 / 24 - 09:17
المحور: الحركة العمالية والنقابية
    


المقدمة

مثّل «اللّقاء النقابي الديمقراطي المناضل»، حسب علمنا، آخر معارضة ديمقراطيّة معلَنة داخل الاتحاد العام التونسي للشغل قبيل ثورة 17 ديسمبر 2010- 14 جانفي 2011 وبعدها. وهو في نظرنا امتداد لذلك التيار الاستقلالي الضارب في جذور الحركة النقابيّة التونسيّة. فقد طلّت الاستقلاليّة المطلب الرئيسي بالنسبة إلى هذه الحركة منذ تأسيس جامعة عموم العملة التونسيّة: استقلاليّة عن النقابات الفرنسيّة واستقلاليّة عن الأحزاب البورجوازيّة وأخيرا استقلاليّة عن السلطة "الدستوريّة"(1). وهو امتداد لذلك التيار النقابي الديمقراطي والمناضل الذي سارت عليه الحركة النقابيّة في مراحلها الأولى قبل أن يكرّس الحزب الدستوري الجديد وهو في السلطة هيمنته على المنظمة الشغيلة بعد 1956. ويبدو لنا أنّنا لا نجازف بالقول إنّ الاستقلاليّة والديمقراطية طرحتا من جديد في علاقة بظهور اليسار الجديد وانخراطه الفاعل في النضال النقابي منذ أواسط السبعينات من القرن الماضي. وفي الواقع لم يقتصر الأمر على هذين المبدأين إذ رفع مناضلو اليسار النقابي متحزبين كانوا أو غير متحزبين شعارات أخرى هي القاعدية والنضاليّة. تلك هي المحاور الأساسيّة التّي أسّس عليها اليسار النقابي بمختلف روافده نضاله داخل الاتّحاد العام التونسي للشغل.
ليست هذه المبادئ جديدة في الحقل النقابي وليست شأنا خاصّا بالحركة النقابيّة التونسيّة، فالحركة النقابيّة العالميّة لم تخل منذ نشأتها من الصراع بين ما يعرف بالخطّين داخلها خطّ النضال العمّالي وخط الوفاق الطبقي. وقد ألّفت عديد الكتب حول هذا الموضوع لعلّ أكثرها تداولا في صفوف النقابيين اليساريين كتب السوفياتي لوزفسكي(2) والألباني فيليب كوتا(3). أمّا في تونس فقد ألّف حول نضال الطبقة العاملة من أجل تحقيق أهدافها المذكورة كتّاب ثوريون مثل فينيدوري و"لوزون"(4) والطاهر الحدّاد(5) والطاهر الهمّامي(6) وجيلاني الهمّامي(7).
يندرج هذا الموضوع في تاريخ الزمن الراهن ويتعلّق بزمن الثورة الذي يجهل خفاياه الجمهور العريض بما في ذلك الكثير من الباحثين في التاريخ المعاصر. فمن البديهي أنّ البحث فيه يساعد على رصد حركات مغمورة وعلى كشف بعض أحداث الثورة التونسيّة وعلى الفاعلين فيها دون أن يثيروا ضجيجا إعلاميّا. وكان من حسن حظّنا أنّنا واكبنا بعض الأنشطة الميدانيّة للقاء النقابي الديمقراطي المناضل بصفتنا نقابي قاعدي ونعرف معرفة شخصيّة أغلب المؤسّسين. ولئن كان هذا القرب عاملا مهمّا يجعلنا على اطّلاع أفضل على الموضوع فإنّه يفرض علينا مزيدا من اليقظة حتّى لا نحيد عن الموضوعيّة التاريخيّة. ولكي نفي بهذا الشرط سنحرص على عرض الوقائع كما هي وكما تثبتها الوثائق مكتوبة كانت أو شفويّة.
وإنّنا لم نجتهد في اختيار الفترة الزمنيّة فهي عمر «اللّقاء النقابي الديمقراطي المناضل» الذي انطلق كفكرة في أوت 2009 بمناسبة انعقاد مؤتمر الاتّحاد الجهوي للشغل بتونس وانتهى سنة 2011 بمناسبة انعقاد المؤتمر الثاني والعشرين بمدينة طبرقة من ولاية جندوبة أيّام 25 و26 و27 و28 و29 ديسمبر.
وقد اعتمدنا في هذا البحث على وثائق «اللّقاء النقابي الديمقراطي المناضل» التّي تفضّل السيدان حسين الرحيلي وراضي بن حسين بمدنا بنسخ منها. وهي تتكوّن من بيانات اللّقاء وقصاصات صحفيّة وغيرها. كما أنّنا اعتمدنا على كتابات نشرها بعض رموز هذا التيار ومناصريه في جريدة "صوت الشعب" السريّة وفي مواقع الكترونية مثل البديل الالكتروني والديمقراطية النقابيّة والسياسيّة وأجرينا حوارات معهم. ونشير إلى أنّ بعض جرائد المعارضة القانونيّة قامت بتغطية فعاليات الحراك النقابي المذكور ونشرت نصوص رموزه ومناصريه منها "الطريق الجديد" و"الموقف"(8).
وإنّنا ننطلق في هذه الدراسة من التساؤل حول دور «اللّقاء النقابي الديمقراطي المناضل» كمعارضة نقابيّة ديمقراطيّة. هل كان تأسيسه يستجيب لضرورة موضوعيّة؟ وهل كان وجوده مفيدا للساحة النقابيّة والسياسيّة؟
للإجابة عن هذه الأسئلة وعن تلك الإشكاليّة سنتعرّض للعناصر التاليّة:
- تأسيس «اللّقاء النقابي الديمقراطي المناضل»
- مكوّناته
- نشاطه

I. «اللّقاء النقابي الديمقراطي المناضل»: التأسيس

باستثناء تجربة الكنفدراليّة الديمقراطيّة للشغل التّي أعلن عن ميلادها يوم 5 ديسمبر 2001(9) والتّي أسّسها عدد من النقابيين ثمّ التحق بهم بعض اليساريين كردّ فعل على انسداد إمكانية العمل داخل الاتّحاد العام التونسي للشغل حسب أقوالهم، خاض النقابيون المنتمون إلى اليسار معارضتهم لتوجّهات ما يسمّونه البيروقراطيّة النقابيّة داخل هياكل الاتّحاد باعتبارهم من المنتسبين إليه.

1 تذكير بأهمّ المحطات في تاريخ المعارضة النقابيّة الديمقراطيّة

تزامن ظهور المعارضة النقابيّة الديمقراطيّة مع عودة الاهتمام بالنظرية الليبرالية في الأوساط الجامعية والسياسية بالولايات المتحدة الأمريكية وانجلترا في أواسط السبعينات من القرن الماضي. ومنذ صعود مارغريت تاتشر سنة 1979 وصعود رونالد ريغان في الولايات المتحدة الأمريكية سنة 1981 بدأت ما يسميه الاقتصادي الفرنسي توماس بيكيتي ثورة محافظة(10) بالتخلّي عما يسمّى دولة الرعاية أو دولة الرفاه(11) وإطلاق العنان لرأس المال والهجوم على المكاسب الاجتماعية والنقابيّة التي حقّقتها الطبقة الشغيلة.
ويبدو أنّ تونس استبقت البلدان الرأسمالية في تطبيق السياسة الليبيراليّة منذ أن وضع الرئيس بورقيبة حدّا لسياسة التعاضد البنصالحيّة(12) وعيّن الهادي نويرة وزيرا أوّل سنة 1970. وبطبيعة الحال ستستفيد شريحة الرأسماليين الكبار المحليين من هذه السياسة علاوة على المستثمرين الأجانب. غير أنّ هشاشة الاقتصاد التونسي وضعفه في مواجهة انعكاسات أزمة 1973 العالمية زاد الصعوبات التي كان يعيشها العمال من نواحي ظروف العمل وظروف العيش إلى جانب التضييق على حريّة تعاطيهم للنشاط النقابي. فكانت هذه الظروف مناسبة لعودة العمل النقابي المناضل الذي عرفته الطبقة الشغيلة التونسيّة في عهد الاستعمار الفرنسي المباشر ولبروز المعارضة النقابيّة الديمقراطية في صلب الاتحاد العام التونسي للشغل.
وحسب بعض المعاصرين فإنّ إضراب أساتذة التعليم الثانوي في 28 جانفي 1975 كان محطة البداية لهذه المعارضة. وهو تتويج لعمل نقابيين ديمقراطيين بدا منذ 1969 وأفضى إلى أوّل إضراب في الوظيفة العموميّة منذ 1956 كانت دوافعه مطلبيّة وسياسيّة (إرجاع مطرودين لأسباب سياسيّة إلى سالف عملهم(13). وقد عارضته قيادة الاتّحاد وعلى رأسها الحبيب عاشور وحلّت المكتب الوطني لنقابة التعليم الثانوي وأوقفت أعضاءه عن النشاط النقابي وهم الذين اتّخذت وزارة التربيّة قرارا برفتهم من العمل.
تلت إضراب 1975 أزمة 26 جانفي 1978(14) التّي أدّت إلى إيقاف القيادة النقابيّة وتنصيب قيادة على رأسها التيجاني عبيد من قبل السلطة بحيث أنّها ليست إفرازا للديناميكية الداخلية للاتّحاد. ولقد نهض النقابيون في مقاومة هذا الانقلاب فتعددت أشكال المقاومة وظهرت معارضات عديدة للقيادة المنصبة لعبت فيها الأطراف اليسارية دورا بارزا. وقد اتبعت هذه الأطراف عدة أساليب في المقاومة. فعلاوة على مواصلة الهياكل النقابية الشرعية لنشاطها في إطار مقاطعة القيادة المنصبّة هناك من الأطراف اليسارية من طبّق أسلوب الافتكاك(15) ومحاصرة القيادات المنصبّة وانتظم في ما يعرف ب“المعارضة النقابية الثوريّة (الم. ن. ث)‟ ومنها من شكّل لجان المبادرة من أجل إحياء الاتّحاد العام التونسي للشغل وأصدر نشريّة أطلق عليها تسميّة "الشعب السريّة" التي تحمل تسميّة وغلاف الجريدة المركزية للاتحاد العام التونسي للشغل "الشعب". ومنها من سعى إلى التنسيق بين النقابات وعرف باسم "انترسنديكال". لقد شكّلت هذه المحطة مجالا لاستقطاب حاد بين الأطراف اليسارية وخاصة بين أنصار من ينسبون أنفسهم إلى تيار المقاطعة وبين من ينسبون أنفسهم إلى تيار الافتكاك.
ومهما يكن من أمر تلك الاختلافات فإنّ هذه المحطة جذّرت اليسار الجديد في الحركة النقابية التونسيّة ولم تحل دون الالتقاء بين الطرفين الأوّلين بمناسبة المسيرة النضاليّة وإضرابات سنة81/82 التي توّجت باتفاقية 12 ماي 1982 ومؤتمر نقابة التعليم الثانوي يومي 30 و31 مارس 1984 وغرة ماي 1984 عندما تشكّل تحالف بين أطراف اليسار النقابي الرافض لاتفاقيّة 13 أفريل من نفس السنة التي أمضتها قيادة الاتّحاد مع محمد المزالي الوزير الأوّل تتضمن تجميد الزيادات الماليّة وتهدف إلى وضع حد لتنامي الحركة الإضرابيّة. وقد تجسّدت حركة الرفض في الاحتجاج بالشعارات والهتافات المندّدة بالاتفاقية أثناء التجمعات العماليّة المنعقدة في بعض الجهات مثل صفاقس وسوسة. وفي تونس لم يتواصل الاجتماع الذي أشرف عليه الأمين العام للاتحاد السيّد الحبيب عاشور في بورصة الشغل. فكان ردّ فعل هذا الأخير الشروع في حملة انتقامية أفضت إلى تجميد عشرات النقابيين عن النشاط النقابي ينتمون إلى العديد من القطاعات وخاصة قطاع التعليم الثانوي الذي جرّد من المسؤوليّة النقابيّة أعضاء مكتبه الوطني وأعضاء هيئته الإداريّة. هذه المعركة من أجل الديمقراطية النقابية سرعان ما خلفتها معركة من أجل استقلالية الاتّحاد الذي وقع احتلال مقراته وحلّ هياكله ونصّب على رأسه الوزير الأوّل محمد مزالي من سمّاهم الشرفاء يقودهم عبد العزيز بوراوي. وأطرد حوالي 200 من إطاراته المنتمين إلى اليسار النقابي من وظائفهم من بينهم 37 نقابي من التعليم الثانوي. وقد دامت هذه الأزمة من 1985 إلى 1989.
كما التقى اليسار بجميع مكوّناته في التصدّي لتسرّب الأصوليين إلى الإتّحاد بحكم معاداتهم للعمل النقابي. ولعل أهم محطة في هذا المجال هو مؤتمر سوسة المنعقد في 17 و18 أفريل 1989 والذي تصدّى خلاله النقابيون اليساريون لشق علي رمضان المتحالف مع حركة الاتّجاه الإسلامي التي غيّرت لتوّها اسمها ليصبح حركة النهضة ونجح في إحباط مخطط الإخوان المسلمين في السيطرة على الاتّحاد.
وبرز اليسار النقابي في معركة أخرى من معاركه الديمقراطيّة أثناء مؤتمر جربة المنعقد سنة 2002 عندما تمكّن بمعيّة بقيّة النقابيين المنتسبين إلى تيار "التصحيح النقابي" من إقرار الفصل العاشر الذي سنعود إليه في الفقرات الموالية. وهو ما اعتبره النقابيون انتصارا ولو جزئيّا على الفساد المالي والتفرّد بالرأي وعقلية التسلط داخل الاتحاد(16).
غير أنّ القيادة النقابية ممثلة خاصة في عبد السلام جراد الأمين العام وعلي رمضان المسؤول عن النظام الداخلي سعت إلى التراجع عن الفصل المذكور في مؤتمر المنستير المنعقد سنة 2006 والذي شهد خلافا حادا تمسّك فيه كلّ طرف بموقفه. وتلت المؤتمر حملة تصفيات ضدّ الإطارات النقابيّة المتمسكة بالفصل العاشر أفضت إلى إحالة عشرات النقابيين على لجنة النظام وإلى تجريدهم من الصفة النقابيّة(17). ومن تداعيات هذه الخلافات تغيير المسؤوليات في الاتحاد الجهوي بتونس سنة 2008 وإيقاف توفيق التواتي الكاتب العام عن النشاط النقابي(18).


2 قضيّة الفصل العاشر

يحدّد هذا الفصل عدد الترشّحات لعضويّة المكتب التنفيذي للاتحاد العام التونسي للشغل بدورتين فقط. أي أنّه لا يسمح بتجديد الترشّح إلاّ مرّة واحدة وبذلك فهو يحول دون التفرّد بالمسؤوليّة والاستئثار بها ويكرّس مبدأ التداول على المسؤوليات النقابية، كما جاء على لسان الأستاذ المنصف الوهايبي(19).
بطبيعة الحال انقسم النقابيون بين مساندين للفصل العاشر وهم شق من القيادة مدعوم من عديد الإطارات الجهوية والقطاعية ومن حساسيات نقابية يساريّة ونقابيين مستقلين عُرف باسم "تحالف الشمال" من جهة ثانيّة وبين رافضين له وهم شق من القيادة النقابيّة وعلى رأسها السيدان عبد السلام جراد وعلي رمضان وعدد من الإطارات النقابية من قطاعات وجهات مختلفة وبعض التيارات اليساريّة من جهة أخرى. وكان علي رمضان أكثر من نافح عن ضرورة إعادة هيكلة الاتّحاد العام التونسي للشغل بهدف التخلّص من الفصل العاشر(20). وقد احتدّ الصراع حول الفصل العاشر مع اقتراب موعد المؤتمر 22 للاتحاد العام التونسي للشغل وهو مؤتمر طبرقة المذكور سابقا نظرا إلى أنّ أغلبية أعضاء المكتب التنفيذي (9 من 13) لم يكن لهم الحق في الترشّح من جديد.
ومن البديهي أن يتبادر إلى الذهن السؤال التالي: لماذا لا تدافع التيارات المكوّنة لليسار الجديد عن نفس الاستراتيجية النقابية؟ فرغم أنّها تنسب نفسها جميعا إلى المذهب الماركسي اللينيني الذي اغتنى خلال نضاله الطويل صلب الحركة العمالية بإرث عظيم في الحقل النقابي من الناحيتين النظريّة والعمليّة إلاّ أنّها انتهجت خطّين متباينين داخل الحركة النقابية: خط النضال من أجل استقلالية الطبقة العاملة وخط التفاهم مع السلطة النقابيّة وإعطاء الأولويّة للمواقع الذي مثّله من خارج اللّقاء مناضلو حزب العمل الوطني الديمقراطي. فقد شغل بعض هؤلاء المسؤوليّة الأولى في بعض النقابات مثل نقابة التعليم الثانوي (الشاذلي قاري) وفي بعض الاتحادات الجهويّة مثل بن عروس والمهدية. وسلك نفس السلوك بعض مناضلي الوطنيّين الدّيمقراطيّين (الوطد) وعلى رأسهم عبيد البريكي الّذي احتل موقعا متميزا في صلب القيادة النقابية منذ مؤتمر 1989 ودافع عن سياسة السحباني الخرقاء وخليفته عبد السلام جراد وساهم في تشتيت اليسار النّقابي. كما اختار نفس الموقف تيار أخر من تيارات الوطنيين الديمقراطيين الذي سيشكّل حركة الوطنيين الديمقراطيين ثم حزب الوطنيين الديمقراطيين الموحّد بعد الثورة وإن التحق بعض مناضليه باللّقاء وكان لهم دور بارز في دعمه نذكر منهم نور الدّين الورتتاني. وتجدر الإشارة إلى أنّ النقابيين المتعاطفين مع تيّار الشيوعيين الثوريين لم ينخرطوا بدورهم في اللّقاء(21).
وقد انعكس التباين الذي نحن بصدد الحديث عنه في الموقف من الفصل العاشر. فاللّقاء النقابي الديمقراطي كان من المدافعين عن الفصل العاشر.

II. «اللّقاء النقابي الديمقراطي المناضل»: المكوّنات

يبدو من الضروري أن نميّز بين العناصر القياديّة في اللّقاء النقابي الديمقراطي وبين العناصر الناشطة ضمن الحراك الذي أنشأه اللّقاء. فقد أنشأ اللّقاء حراكا أوسع من القيادة من ناحية الانتماء الحزبي. ونظرا للصعوبات التّي تجعل من دراسة هذا الحراك أمرا مستحيلا بالنسبة إلينا على الأقلّ في الزمن الحاضر فإنّنا سنتوقف عند العناصر المؤسسة والقياديّة.

1. المؤسّسون

حسب الترتيب الأبجدي
توفيق التواتي: ولد سنة 1960 بسوق الأحد في ودرس تعليمه الثانوي بقابس حيث تحصّل على شهادة البكالوريا سنة 1979. تخرّج مهندسا مساعدا في الالكترو ميكانيك من المعهد الوطني للمهندسين بقابس سنة 1982. عمل بالشركة التونسيّة لصناعة الحليب (ستيل) في السنة الموالية وانتخب كاتبا عاما لنقابتها سنة 1984. شارك بصفته نائبا في المؤتمر 16 للاتحاد المنعقد في نفس السنة وكذلك في مؤتمر سوسة سنة 1989. انتخب كاتبا عاما مساعدا للاتحاد الجهوي للشغل بتونس سنة 1993 ثم كاتبا عاما في سنة 2000 وبقي متحملا هذه المسؤوليّة إلى سنة 2008 تاريخ إيقافه عن النشاط النقابي إلى جانب ثلاثة من زملائه. أما من ناحية توجّهاته فهو يقول عن نفسه أنّه يساري مستقل قريب من حزب العمال الشيوعي التونسي.
جيلاني الهمامي: من مواليد سنة 1957 ببوعرادة من ولاية سليانة. متحصل على الإجازة من المعهد العالي للبريد والاتصالات بتونس العاصمة وعلى شهادة الماجستير في مادة العلوم السياسيّة بكليّة الحقوق بتونس. ناضل في أواخر السبعينات في صفوف الحركة الطلابيّة ثم في صلب الاتحاد العام التونسي للشغل حيث تحمّل مسؤوليات أهمّها الكتابة العامة الجامعة العامة للبريد. أطرد من العمل مرتين ودخل السجن مرتين بسبب مواقفه النقابيّة. ترشّح لعضويّة المكتب التنفيذي الوطني للاتحاد العام التونسي للشغل في عديد المناسبات آخرها في مؤتمر طبرقة سنة 2011. وهو عضو مؤسس لحزب العمال الشيوعي التونسي (حزب العمال حاليّا). له كتابات عديدة في المجالات النقابيّة والاقتصاديّة والسياسيّة صدر بعضها في الأدب السرّي لحزب العمال الشيوعي التونسي "الشيوعي" و"صوت الشعب" و"البديل الالكتروني"، وبعضها الآخر في مجلات فكريّة وجرائد تونسيّة بأسماء حقيقيّة أحيانا وبأسماء مستعارة أحيانا أخرى. وهو، بعد الثورة، محرّر قار في جريدة "صوت الشعب" لسان حزب العمال. ساهم في تأسيس الجبهة الشعبيّة لتحقيق أهداف الثورة في 7 أكتوبر 2012 وانتخب نائبا في مجلس النواب عن ولاية سليانة في انتخابات 2014.
حسين الرحيلي : من مواليد 10 مارس 1965 بالرديف من ولاية قفصة متحصّل على شهادة مهندس اوّل اختصاص جيولوجيا يشتغل مدير بالوكالة الوطنيّة لحماية المحيط. وهو أحد مؤسّسي النقابة الأساسية للوكالة الوطنيّة لحماية المحيط سنة 1997 وكاتبا عاما لها مدة 14 عاما. وتحمّل أيضا مسؤوليّة الكتابة العامة للفرع الجامعي بتونس لجامعة الأشغال العامة والإسكان. كان قبل الثورة مناضلا يساريّا مستقلا وانتمى بعدها إلى حزب العمال. وهو ناشط في مجال الكتابة حول التنمية والبيئة والبطالة والتلوث والتحولات المناخيّة وأصدر عدة مؤلفات سواء بصفة فردية أو بالاشتراك مثل "التنمية في تونس" (2015) و"التداين اختيار أم ضرورة" (2017)" و"الاقتصاد الاجتماعي التضامني آلية مقاومة" (2018).
راضي بن حسين : مولود سنة 1960 بالمرسى وتحصّل على شهادة الباكالوريا قبل أن يشتغل موظّفا في قطاع النفط. بدأ في تحمّل المسؤوليّة النقابيّة سنة 1988 وانتخب عضوا في المكتب التنفيذي للاتّحاد الجهوي بتونس سنة 2001. وفي 2008 وقع إيقافه عن النشاط النقابي. أعيد انتخابه مجدّدا في نفس الهيكل سنة 2013. وهو نقابي يساري مستقل.
زهير الجويني: ولد بالحلفاوين سنة 1951 من عائلة أصيلة مجازالباب. درس بمعهد الصادقيّة ثم بالعلويّة وتحصّل على شهادة الباكلوريا آداب سنة 1970 ثم على شهادة الإجازة في العلوم الإسلاميّة بكليّة الشريعة سنة 1975. اشتغل في البداية موظفا بوزارة البريد وبديوان التكوين المهني ثم انتقل سنة 1981 إلى التدريس في مادة التفكير الإسلامي إلى أن تحصل على التقاعد المبكر سنة 2006. انخرط في الاتّحاد العام التونسي للشغل سنة 1974 وتحمل المسؤوليّة النقابيّة في عديد الهياكل الأساسيّة والجهويّة. وكان آخرها عضويّة النقابة العامة للتعليم الثانوي من 2001 إلى 2005.
ينتسب الأستاذ زهير الجويني فكريّا إلى تيار الإشتراكيين العرب الذي يعرفه كتيار وحدوي عربي اشتراكي. وقد ترجم عن هذا التوجّه بانتمائه إلى تيار الوحدويين الناصريين الذي يعتبر أحد مؤسسيه رفقة المحامي بشير الصيد والشهيد محمد البراهمي والأستاذ زهير العيدودي. وواصل نضاله السياسي بعد الثورة بمشاركته في تأسيس حركة الشعب التّي تولّى خطة منسّقها العام قبل أن ينسحب منها ويشارك في تأسيس منظمات أخرى منها: الائتلاف الثوري الذي دعا إلى مقاطعة انتخابات 2011 والهيئة التحضيريّة للعمل الوحدوي (جانفي 2012) وحزب الكتلة التاريخيّة (منتصف 2012) وحزب القوى الشعبيّة (بداية 2013) والتيار الوطني الشعبي (فيفري 2013).
عرف الأستاذ زهير الجويني بمناصرته الدائمة للقضيّة الفلسطينيّة وشارك في تأسيس خمس جمعيات ضدّ التطبيع إلى جانب جمعيّة الأخوّة والمواطنة العربيّة. حرّر عديد المقالات السياسيّة والنقابيّة نشرها في جريدة الموقف.
الطيب بوعائشة : من مواليد 1962 بجرجيس حيث زاول تعلّمه الابتدائي والثّانوي. أطرد سنة 1980 من جميع معاهد الجمهوريّة بسبب مشاركته في تحرّكات داعمة لثوّار قفصة. وتمّت محاكمته سنة 1984 في القضيّة المتعلّقة بتلك الأحداث واعتقاله بالسجن المدني بحربوب لمدّة ستة أشهر. ولهذا السبب حرم من جواز السّفر ومن السّفر لمدّة ثماني سنوات. التحق سنة 1982 بمدرسة حرّة بالعاصمة حيث تحصل على البكالوريا في نفس السنة. وجّه للدراسة في اختصاص الرّياضيات فيزياء كيمياء بكلّية العلوم بصفاقس. ناضل منذ التحاقه بالتعليم العالي في صفوف الهياكل النّقابيّة المؤقّتة التابعة للاتحاد العام لطلبة تونس فرع صفاقس ونشط ضمن مجموعة الطّلبة الوطنيّين الدّيمقراطيّين (الوطد) وفي نفس الوقت ضمن تجربة اليسار النّقابي الموحّد. تعرّض للإيقاف مدة ثلاثة أشهر بتهمة المشاركة في محاكمة طالب دستوري بالمبيت الجامعي. وبعد حصوله على الاستاذيّة في الرّياضيات من كلّية العلوم بتونس التحق بالتدريس في فوسانة من ولاية القصرين في بداية السّنة الدّراسية 1987-1988. وهناك خاض أوّل تجربة نقابية وساهم في بعث نيابة نقابيّة. ثمّ انتقل الى جرجيس وبعدها الى العاصمة في سنة 1994- 1995 حيث واصل مسيرته النقابيّة التّي كلّلت بانتخابه كاتبا عاما لنّقابة العامّة للتعليم الثانوي سنة 2001 ثم عضوا بها سنة 2005. غادر المسؤولية في النّقابة العامّة للتّعليم الثانوي بعد مؤتمر 2010. تعرّض إلى المضايقة من طرف السلطة بسبب تحرير بيان سياسي في 04 سبتمبر 2002 ومن طرف قيادة الاتّحاد العام التونسي للشغل التّي انهت تفرغّه النقابي سنة 2007 ليعود الى التّدريس في المرناقيّة.
نشط الأستاذ الطيّب بوعايشة ضمن اللجان المنظمة لاعتصامات القصبة 1 والقصبة 2 واعتصام ساحة حقوق الانسان واعتصام الرحيل بباردو وساهم في فعاليات المسار الثّوري ميدانيّا وبصفته قياديّا في حزب الوطد الثّوري وفي التّنسيقيّة الوطنيّة للجبهة الشّعبيّة أثناء مدّة معيّنة. شارك في تأسيس الحزب الوطني الدّيمقراطي الاشتراكي الذي يشغل فيه حاليا خطة عضو بمكتبه السياسي وناطق رسمي باسمه.
عثمان بالحاج عمر: حزب البعث من التعليم العالي: مولود سنة 1955 متحصل على الأستاذيّة في الهندسة الكهربائيّة في جوان 1979 وعلى الأستاذيّة في القانون سنة 1994 ثم شهادة الدراسات المعمقة في القانون العام سنة 1996 من كليّة الحقوق والعلوم السياسيّة بتونس. اشتغل في التدريس في التعليم الثانوي مادة الهندسة الكهربائيّة ثمّ في التعليم العالي بصفة أستاذ باحث في مادّة القانون العام، وخاصة القانون الدستوري. شغل خطّة الأمين العام لحركة البعث. تقلّد العديد من المسؤوليات في النقابات الأساسيّة والجهويّة بقطاعات التعليم الثانوي في بن عروس، وبنزرت وتونس ثم بالتعليم العالي. تطوّع في صفوف المقاومة الفلسطينة إبان العدوان الصهيوني على لبنان سنة 1982.
فرج شباح : ولد سنة 1957 بالمهديّة واشتغل مدرس بالمعاهد الثانويّة اختصاص فلسفة. نشط سابقا صلب الوطنيين الديمقراطيين. تحمّل المسؤوليّة النقابيّة ضمن النقابة الأساسيّة للتعليم الثانوي بباردو وانتخب كاتبا عاما للنقابة العامة للتعليم الثانوي من جانفي 1995 إلى 2001 واحتفظ بعضويته بمكتبها إلى سنة 2011.

2. ما الجامع بين هذه المكوّنات؟

يعرّف مؤسّسو اللّقاء أنفسهم بأنّهم: "نقابيون من حساسيات ومشارب فكريّة ومن قطاعات وتجارب نقابيّة ونضاليّة مختلفة تجمّعوا بدافع الغيرة على المنظمة النقابيّة وتمسّكا منهم بالمبادئ النضاليّة العامة التي انبنى عليها الاتحاد العام التونسي للشغل وشكّلت على الدوام قاعدة للمراكمة والتطوير من أجل أن يظلّ الاتحاد إطارا للنضال العمّالي ضد جميع مظاهر التعسّف والاستغلال والحيف لا أداة للترقية الاجتماعيّة للفئات المتنفذة فيه ومطيّة لنيل المغانم والامتيازات الخاصة"(22).
جمعتهم أيضا نضالات مشتركة سابقة وعلاقات تنظيميّة أو تعاطف مع اليسار: اليسار الماركسي، اليسار القومي واليسار المستقل أو غير المنظّم.
يحملون أفكارا متقاربة فيما يتعلّق بالسيادة الوطنيّة ورفض كافة المشاريع الإمبرياليّة وينتصرون لفكرة السيادة الشعبيّة بواسطة الديمقراطيّة ولفكرة الهويّة العربيّة للشعب التونسي وما تستوجبه من التزام بالقضايا العربيّة وعلى رأسها مقاومة الصهيونيّة وتحرير فلسطين(23).

III. «اللّقاء النقابي الديمقراطي المناضل»: الأهداف والنشاط

كان اللّقاء النقابي الديمقراطي يعمل على توحيد النقابيين من أجل تحقيق أهداف ملموسة ممّا استدعى القيام بنشاط متعدّد الأوجه.

1. أهداف «اللّقاء النقابي الديمقراطي المناضل»

وردت هذه الأهداف في البيان التأسيسي الذي صدر تحت عنوان "بيان إعلامي إلى الرأي العام النقابي والوطني" في 14 جويلية 2010. ويفهم من تاريخ هذا الإعلان عن تأسيس اللّقاء أنّ المؤسّسين بقوا يعدون لهذا الحدث قرابة السنة إذا اعتبرنا أنّ النقاش حول مسألة التصحيح النقابي بدأ منذ أوت 2009. يبدأ البيان بالإشارة إلى الأزمة الحادة ومتعدّدة المظاهر والمستويات التّي كان يمرّ بها الاتّحاد: فقدان ما تحقّق من استقلاليّة في علاقة بالسلطة وتفشي الأمراض الداخليّة مثل التسيير البيروقراطي والزبونيّة وشراء الذمم وظاهرة الولاءات.
وبناء على هذا التقييم، اتّفق مؤسّسو اللّقاء على بعث "إطار للنقاش والنشاط من أجل تجميع كلمة كل الرافضين للمسار الخطير الذي تردّى فيه الاتّحاد بغية العمل جماعيا وبصورة ديمقراطيّة من أجل إنقاذه ووضعه على سكة المسار الصحيح".
وجاء في البيان المذكور أنّ هذه المبادرة تتوجّه إلى عموم العمّال والنقابيين لبلورة تصوّر عام ولتحديد أولويات النضال. وبالتّالي فهي ليست مبادرة قطاعيّة أو فئويّة. وترتكز المبادرة حسب ما جاء في نفس البيان على أرضيّة نقابيّة تتضمّن أساسا برنامج عمل يهمّ القضايا الكبرى المطروحة على الحركة النقابيّة ومنها قضيّة المفاوضات الجماعيّة وسياسة الحوار الاجتماعي والتشغيل والموقف من مشاريع الإصلاح لأنظمة التأمين على المرض والتقاعد ونظام الجباية والتعليم وإعادة هيكلة الاتحاد وغيرها من الملفات الكبرى التي يرى مؤسّسو اللّقاء أنّ قيادة الإتّحاد آنذاك تخلت عنها.
ويتوجه "«اللّقاء النقابي الديمقراطي المناضل»" في البيان التأسيسي إلى كافة المناضلات والمناضلين من كل الجهات والقطاعات ومن مختلف الحساسيات النقابيّة والعائلات الفكريّة والفعاليات النضاليّة النقابيّة داعيا إلى التشكّل جهويا وقطاعيا دون إقصاء أو تمييز على قاعدة الأرضيّة النقابيّة بتفعيل العمل الجماعي والتوافق النضالي والاستفادة من كل الطاقات.

2. الأرضيّة والمواقف

يتجلّى من وثائق اللّقاء النقابي الديمقراطي أنّ تأسيسه لم يكن ردّ فعل على فشل في الانتخابات ولم يكن للتشويش على نضال العمّال النقابي أو على عمل الهياكل النقابيّة المناضلة، وإنما كان عملا واعيا حرص الفاعلون فيه على ضبط منطلقاته وأهدافه التّي تقيّدوا بها عمليّا.
أ‌- الأرضيّة
تحمل الأرضية عنوان: "من أجل إتّحاد عام تونسي للشغل ديمقراطي، مستقل ومناضل". تتضمّن العناصر التاليّة:
- وصف الوضع الدولي المتّسم باستفحال أزمة الرأسماليّة وتوجّه الاحتكارات والبلدان الرأسماليّة إلى إنقاذ نظامها بإلقاء تبعات الأزمة على العمال وعموم الكادحين وشعوب وأمم العالم.
- الوقوف على حالة العمالة التّي تجسدّها الأنظمة العربيّة تجاه القوى الإمبرياليّة وعلى تردّي الأوضاع الاجتماعيّة للشغالين وعموم جماهير الشعب في تونس كما في سائر البلدان العربيّة.
- الإشارة إلى الدور السلبي للاتحاد العام التونسي للشغل الذي تجاهلت قيادته آنذاك المطالب الاجتماعيّة وانخرطت في توجّهات السلطة واختياراتها وحافظت على نفس المنظومة التقليديّة في التسيير والنشاط المضرّة بالعمل النقابي. وفي هذا السياق استعمل مؤسّسو اللّقاء النقابي الديمقراطي مصطلح البيروقراطيّة لنعت القيادة النقابيّة آنذاك. وهي كلمة يعتبرها الكثيرون إساءة للقيادات النقابيّة والحال أنّها تعني نمط تنظيم رائج بشكل متزايد في المجتمعات المعاصرة(24). ولكن يمكن لهذا التنظيم أن يشهد انحرافات أهمّها هيمنة الجهاز الإداري أو بلغة أخرى الغلو في المركزيّة على حساب العمل القاعدي والديمقراطيّة. وفعلا فإنّ مؤسسي اللّقاء النقابي الديمقراطي يؤاخذون القيادة المركزيّة على التّفريط في استقلاليّة الاتحاد ونضاليته وديمقراطيته وعلى اعتماد مفهوم النقابة المساهمة.
ومما جاء في أدبيات اللّقاء في هذا السياق: "لقد أفرز النضال النقابي العمالي شريحة انقلبت، بحكم الامتيازات التي أغدقتها عليها آلة الفساد إلى أرستقراطية عمالية تهيمن على المنظمات النقابية وتتبع في إدارتها مناهج تسيير بيروقراطية تكبح مسار النضال القاعدي وتشوهه وتستغله للضغط من أجل مصالح ومكاسب ومنافع خاصة بها كشريحة معادية للعمال"(25).
- نقد الأوضاع الداخليّة المتأزمة للاتّحاد التّي تعتبر الأرضيّة أنّ أسبابها تكمن في سلوكيات "خطيرة" مثل اعتماد ازدواجيّة الخطاب كأسلوب تعامل بين النقابيين ومع الأطراف الأخرى وعدم احترام دوريّة اجتماعات الهياكل النقابيّة ومحاولات الالتفاف على قرارات الهياكل مثل القرار الخاص بعدم الدخول في مجلس المستشارين (26) وتراجع الممارسة الديمقراطيّة داخل المنظمة وتسخير جريدة الشعب وكل منابر الإعلام النقابي للدعاية لرؤى ومواقف القيادة النقابيّة واستعمال لجنتي المراقبة الماليّة والنظام الداخلي لتصفية الخصوم النقابيين وتواصل اعتماد أساليب تصرّف مالي غير شفّافة وتهميش دور ومكانة الشباب العامل والمرأة العاملة في النهوض بالعمل النقابي والتعاطي مع نضالات الحوض المنجمي بأسلوب المناورة والموقف السلبي والمتواطئ أحيانا تجاه طرد النقابيين في العديد من المؤسسات والجهات.
- الإعلان عن تمسّك المؤسّسين والموقّعين على نص الأرضيّة بالاتّحاد العام التونسي للشغل مستقلا مناضلا وديمقراطيا، منحازا لقضايا الشغّالين والشعب والأمّة وعموم قضايا الإنسانيّة العادلة من أجل الديمقراطيّة والتحرّر الوطني والانعتاق الاجتماعي، ودعوتهم كافة المناضلين النقابيين إلى العمل من أجل تحقيق عدّة أهداف نقابيّة منها إعادة الاعتبار لقيم الالتزام والنضال والتضامن العمالي والتمسّك بالمبادئ وتدعيم الديمقراطيّة داخل الإتحاد والدفاع عن استقلاليّة المنظمة والقرار النقابي وتمتين روابط الاتحاد بمكوّنات المجتمع المدني وبالنقابات المناضلة في الوطن العربي وفي العالم وتفعيل النضال المشترك ومقاومة الإمبرياليّة والصهيونيّة والعولمة والتصدّي لكل مظاهر التطبيع مع الكيان الصهيوني الخ(27).
ب‌- المواقف النقابيّة
لم يحصل لأيّ معارضة نقابيّة في تونس منذ 1956 أن استجاب لها "القدر" فحقّقت أكثر مما تصبو إليه وهو ذلك الحلم الذي راود أجيالا من التونسيين وضحّى الكثيرون في سبيله بأعزّ ما لديهم وأحيانا بحياتهم ألا وهو الثورة مثلما حصل للقاء الذي ناضل من أجل التصحيح النقابي فأصبح عاملا هاما من العوامل المفجّرة للثورة.
أوّلا- مواقف إنقاذ وتصحيح مسار
تبدو مواقف اللّقاء النقابي الديمقراطي المضمّنة في بيانات منسجمة مع ما جاء في الأرضيّة. وقد سعينا إلى ترتيبها حسب محاور واحترمنا التسلسل الزمني في تقديمها. ومن البديهي أن تحتلّ مسألة الهويّة النقابيّة أوّلا والانتماء للاتّحاد العام التونسي للشغل تبعا لذلك مكانة هامة في اهتمامات مؤسّسي اللّقاء النقابي الديمقراطي. فهم يرفضون قطعيّا التشويهات والتهديدات التّي لجأت إليها قيادة الاتّحاد العام التونسي للشغل لثني النقابيين المنتمين إلى قطاعات مختلفة مساندة مبادرة اللّقاء النقابي الديمقراطي ويعلنون عن تمسّكهم بقناعاتهم وعن عزمهم على "مواصلة المسيرة النضالية من أجل اتحاد مستقل ديمقراطي ومناضل بحق"(28). وعلاوة على ذلك عبّر أولئك المؤسسّسون عن تعلّقهم بتراث الاتّحاد من خلال احتفائهم بذكرى اغتيال الزعيم النقابي والوطني فرحات حشاد واستغلال المناسبة لدعوة القيادة النقابيّة إلى استلهام الدرس من نضال شهيد الحركة النقابيّة والوطنيّة وبقيّة الروّاد والارتقاء بأداء المنظمة(29). وأكّدوا مرّة أخرى تمسّكهم بالاتّحاد في بيان8 ديسمبر 2010 الذي تضمّن تقييم مسيرة الذكرى 58 لاغتيال فرحات حشاد بالعاصمة ودعوة كافة المناضلين لتوحيد عملهم على "قاعدة الموقف المناضل القاطع مع مشاريع السلطة والبيروقراطيّة"(30).
إلى جانب التشبّث براية الاتّحاد العام التونسي للشغل تمسّك مؤسّسو اللّقاء النقابي الديمقراطي بوحدة العمّال النقابيّة ورأوا في بعث هياكل نقابية جديدة موازية للإتحاد العام التونسي للشغل خطرا على مصالح الطبقة الشغيلة. وحمّلوا رأسا السلطة والقيادة النقابيّة مسؤوليّة التعدّد النقابي (31). فالسلطة تريد تفتيت صفوف العمال والنقابيين التونسيين. أمّا القيادة النقابيّة فإنّها بممارساتها تدفع البعض إلى البحث عن أطر موازية للإتحاد بصرف النظر عن نواياهم الحقيقيّة والدوافع الشخصيّة لانشقاقهم. فهي المسؤولة عن "تردي أوضاع الديمقراطية داخل الإتحاد العام التونسي للشغل وتفشّي قيم الزبونيّة وشراء الذمم وتقاليد التملّق والولاء الشخصي والجهوي والعشائري ونزعة التسلّط والاستخفاف بدور الهياكل الأساسيّة والقطاعيّة وتصفية الخصوم ومخالفي الرأي إضافة إلى تنصيب بعض النقابات الموالية وتشتيت صفوف النقابات المعارضة على خلفية حسابات انتخابية"(32).
وكان الدفاع عن الحريّات النقابيّة إحدى القضايا التّي شغلت مؤسّسي اللّقاء النقابي الديمقراطي. وسنعنى في هذه الفقرة بتدخلاّت السلطة في الشأن النقابي. فقد تعرّض بعضهم أثناء اللمسات الأخيرة قبل نشر الأرضية للمضايقة من قبل البوليس الذي لم يكتف بالمراقبة بل إنّه سعى إلى تلفيق التهم لبعضهم وإلى استفزاز عائلاتهم. وحسب ما جاء في بيان لهم في هذا الشأن فإنّ القيادة النقابيّة هي التّي أوعزت للسلطة القيام بهذه الإجراءات لترويع المناضلين ومنعهم من الاتصال بالنقابيين(33).
وجدير بالإشارة أنّ كثرة المجالات التّي اهتم بها اللّقاء النقابي الديمقراطي لا يجب أن تحجب عنّا اهتماماته الأساسيّة التّي بعث من أجلها ألا وهي الدفاع عن المطالب الاجتماعيّة والدفاع عن الديمقراطيّة النقابيّة. وليس هذا بغريب إذا اعتبرنا أنّ الجوانب الاجتماعيّة في حياة الشغالين كانت غالبا المبرّر الأساسي لوجود المعارضة النقابيّة وأهمّ نقطة في برامجها. وفي هذا السياق أصدر اللّقاء يوم 16 أوت 2010 بيانا حول ما عمدت إليه السلطة من زيادة في أسعار العديد من المواد. وتأتي هذه الزيادات قبيل المفاوضات الاجتماعيّة المنتظرة آنذاك(34). وفي الواقع كانت تلك عادة السلطة التّي كانت تستبق المفاوضات حول الأجور فتمتصّ مفعولها بزيادات تختار الصيف، وهو فترة ارتخاء بالنسبة للحركة العمالية، لإقرارها. وفي 28 سبتمبر 2010 أصدر اللّقاء بيانا حول التأمين على المرض والتقاعد اللّذين لم تنقطع السلطة قبل الثورة على تغيير أنظمتهما وفق ما تمليه توصيات المؤسسات الماليّة العالميّة ولتجاوز العجز الذي ما انفكّ يتفاقم في الصناديق الاجتماعيّة لأسباب تتعلّق باختيارات السلطة(35). وبمناسبة التحرّكات الاحتجاجيّة في بن قردان والتّي مثّلت استمرارا لتحرّكات الحوض المنجمي سنة 2008(36) وجبنيانة وفريانة أصدر اللّقاء بيان 26 أوت 2010 يدعّم فيه مطالب الأهالي في "الشغل القارّ والحياة الكريمة والعدالة في التنميّة وفي توزيع الثروة"(37). وأصدر يومين بعد إقدام الشّاب محمّد بن الطّيّب البوعزيزى على إضرام النّار في جسده بيانا ساند فيه "نضالات أهالي سيدي بوزيد الهادفة إلى الدّفاع عن حقّ الجهة في التّنميّة الاقتصاديّة والاجتماعيّة والثقافيّة وعن حق شباب المنطقة في الشّغل القار وفي الحياة الكريمة"(38).
وهو ما يحيلنا على مجال آخر كان لمناضلي اللّقاء النقابي الديمقراطي مؤسّسين وأنصارا دور رياديّ فيه منذ 2008 وهو مساندة الحراك الاجتماعي. وقد أحصينا علاوة على بياني 26 أوت و19 ديسمبر 2010 اللّذين أتينا على ذكرهما ثلاثة بيانات أخرى تتعلّق بهذا الشأن وهي "نداء من أجل إطلاق سراح الفاهم بوكدوس"(39) و"من أجل إطلاق سراح موقوفي الحوض المنجمي"(40) وبيان 03 جانفي 2011 مساندة لمطالب مناضلي حركة الحوض المنجمي المعتصمين في دار الاتّحاد المحلّي للشغل بالرديف(41).
ومثلما قلنا سابقا فإنّ محور الدفاع عن الديمقراطيّة النقابيّة لا يقلّ قيمة في اهتمامات اللّقاء عن المحور الاجتماعي. لكن ماذا تعني الديمقراطيّة بالنسبة إلى اللقاء؟ جاء في أحد البيانات حرفيّا أنّها تعني "ضمان لحرّية التّعبير ولحقّ الاختلاف واحترام لقوانين المنظّمة ولقرارات سلطات القرار فيها وتفعيل لدور القواعد العمّالية والهياكل الأساسيّة في عمليّة التسيير وشفافية التصرّف في مداخيل وممتلكات المنظمة وإعادة لهيكلة الإتّحاد بما يضمن تحقيق كلّ ذلك"(42). غير أنّ مدار الصراع داخل الاتّحاد منذ مؤتمر المنستير كان الفصل العاشر من النظام الداخلي الذي تعرّضنا له سابقا. وقد لخّص نفس البيان تهافت القيادة النقابيّة من أجل مراجعته في الفقرة التاليّة: "أمّا سعي القيادة، وفي مقدمتها مسؤول النظام الداخلي (علي رمضان)، منذ مدّة وخاصّة منذ مؤتمر المنستير، إلى مراجعة هذا الفصل حتّى بات تناولها لمجمل الملفّات والمحاور النّقابيّة (ملفّات مطلبيه واجتماعيّة/هيكلة ومؤتمرات/تسيير وعلاقات داخليّة / علاقة المنظّمة بالسلطة) محكوما بهدف وحيد هو توفير أفضل الظّروف لتنقيح الفصل المذكور هو بالضّبط اختزال هيكلة الإتّحاد وكل أوضاعه الراهنة والمستقبلية في مسألة الفصل العاشر". وفي المقابل تشبثّ اللّقاء النقابي الديمقراطي بالفصل المذكور واعتبر أنّ الدعوة لتنقيحه تمثّل "مقدمة لانقلاب على القانون والشرعيّة وعلى أبسط المبادئ والمكاسب الديمقراطيّة".
وتتواصل اليقظة النقابيّة وينبّه اللقاء النقابي الديمقراطي النقابيين إلى عدم الانسياق وراء الأعمال التضليليّة للقيادة النقابيّة التّي عمدت إلى "البروز بمظهر القيادة الرّافضة لمشروع السّلطة والمنتصرة للموقف النقابي المناضل والإيهام بتبني قضايا العمّال والدّيمقراطيّة النقابيّة وبالدفاع عنها"(43). وفي الواقع فإنّها كانت تسعى إلى التقرّب من النقابيين بسبب قرب انعقاد المجلس الوطني، وهو ثاني سلطة قرار في الاتّحاد العام التونسي للشغل بعد المؤتمر، وسعيها إلى كسب الرأي العام النقابي إلى فكرة المؤتمر الاستثنائي حتّى توفّر الظروف المناسبة للانقلاب على الفصل العاشر وتحافظ على موقعها في المكتب التنفيذي.
وحمي الوطيس بمناسبة الإعداد لانعقاد المجلس الوطني للاتّحاد أيام 10،11 و12 فيفري 2011. وكانت اليقظة ضروريّة نظرا إلى إصرار القيادة على التراجع عن الفصل العاشر كما ذكرنا. ولتحقيق هذا الأمر كانت تنوي، حسب ما كان يروج في الساحة النقابيّة والإعلاميّة، تمرير توصية خلال المجلس الوطني لعقد مؤتمر استثنائي غير انتخابي رفضه اللّقاء النقابي الديمقراطي لأنّه غير قانوني ويراد منه أن يكون مطية للانقلاب على الفصل 10 من القانون الأساسي للإتحاد على نحو يصبح لعناصر القيادة النقابيّة الحقّ في الترشّح أثناء المؤتمر العادي المنتظر عقده في آخر السنة(44). من هنا جاءت دعوته إلى النقابيين من أجل جملة من المهام منها الدفاع عن البدائل النقابية التّي تعيد للعمل النقابي مصداقيته وللمنظمة إشعاعها بعد أن تتحرّر من قبضة دعاة الانقلاب على قوانينها.
كما حدث تباين بين اللّقاء وبين القيادة النقابيّة حول الموقف من التحرّكات التضامنيّة مع أهالي سيدي بوزيد بعد 17 ديسمبر 2010. وفي هذا الصدد أصدر اللّقاء بيانا بتاريخ 01 جانفي 2011 يحتجّ فيه على موقف المكتب التنفيذي للاتّحاد العام التونسي للشغل. فقد صرّح الأمين العام وعضو آخر لإحدى الجرائد اليوميّة(45) عن رفضهما للتجمّع التضامني الذي دعت إليه ستّ نقابات عامة وجامعات وتبرّأ من الشعارات التّي رفعت خلاله وأنكرا الصفة النقابيّة لأغلب المشاركين فيه وقالا إنّ العدد المحدود من النقابيّين المشاركين معروفون بانتماءاتهم وألوانهم وهم من المنبوذين من هياكلهم النقابيّة(46). وهذا الموقف يتعارض، حسب ما جاء في بيان اللّقاء، مع حريّة المبادرات النضاليّة ومع الحقّ في الاختلاف داخل الاتّحاد ولا ينسجم بذلك مع الديمقراطيّة النقابيّة. وهو زيادة على ذلك خدمة للبوليس.
ثانيا- الانحياز للثورة
عندما اندلعت الثورة كان اللّقاء حاضرا من الناحية التنظيميّة مثلما رأينا ومن ناحية شبكة العلاقات التّي كانت تربطه ببقيّة المكوّنات المنحازة للثورة وكذلك من ناحية الشعارات(47)، فكان عنصرا فاعلا في الثورة.
منذ بداية الأحداث أصدر اللّقاء بيانا في اليوم الثالث من انطلاق الثورة في سيدي بوزيد يتعرّض فيه للأحداث ولردّ فعل السلطة العنيف ويعبّر عن تعاطفه مع الضحيّة محمد البوعزيزي وأسرته ثم يعلن مساندته المطلقة ودعمه التّام لنضالات أهالي سيدي بوزيد ولمطالبهم ويدين بشدّة الاعتداءات التي تعرّضوا لها ويطالب بإطلاق سراح كافة الموقوفين ومحاسبة الذين دفعوا بمحمد البوعزيزي إلى حد إضرام النار في جسده. وفي الأخير يذكّر بالدور الريادي للإتحاد العام التونسي للشغل في النضال من أجل الحقوق الاجتماعيّة والتنميّة ويهيب بكافّة الهياكل النّقابيّة وقوى المجتمع المدني للعمل على دعم تلك الحركة الاحتجاجيّة والوقوف إلى جانب أهالي الجهة(48).
لقد كان اللّقاء حريصا على جرّ القيادة النقابيّة إلى الالتزام بمبادئ المنظمة وثوابتها وإلى دعم القضايا العادلة لعامة الشعب. وهذا ما يتجلّى في بيان 01 جانفي 2011 الذي ذكرناه وجاء فيه خاصّة دعوة المكتب التنفيذي إلى تجنّب التنديد بالتحرّكات الاحتجاجيّة والأعمال التضامنيّة وفكّ الارتباط مع السلطة التّي شدّدت قبضتها الأمنيّة على النقابيين وجماهير الشعب وحاصرت فيه مقرّات الاتّحاد وأطلقت أعوانها لتعنيف النقابيين يوميّا(49).
لقد كان اللّقاء النقابي الديمقراطي في الموقع المناسب أيّام الإطاحة ببن علي وبدايات الانتقال الثوري. فقد أصدر بيان 17 جانفي 2011 نوّه فيه بالثورة التّي أطاحت برأس النظام الدكتاتوري زين العابدين بن علي وأشاد بالدور الهام الذي لعبته الهياكل النقابيّة المناضلة للإتحاد العام التونسي للشغل ومناضلو «اللّقاء النقابي الديمقراطي المناضل» وعموم النقابيين في الثورة وعبّر عن رفضه لحكومة الغنوشي الثانية أو ما عرف بحكومة الوحدة الوطنيّة المعلنة يومها باعتبارها، تقوم على رموز النظام السابق ودعا إلى إسقاطها ونقد موقف المكتب التنفيذي الصادر في بيان 15 جانفي 2011(50).
لقد اندلعت الثورة رغم إرادة القيادة النقابيّة بل إنّ هذه الأخيرة سعت إلى عرقلتها وتحويلها عن مسارها. وإنّنا لا نبالغ عندما نقول إنّ الاستراتيجيّة التّي انتهجتها قيادة الاتّحاد منذ الثورة إلى تاريخ انعقاد مؤتمر طبرقة كانت شديدة التعرّج وتتراوح بين دعم حكومة محمد الغنوشي والمشاركة في "مجلس حماية الثورة" الذي أحدث في 11 فيفري 2011(51) فإلى الانخراط في "الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي" وهي هيئة أسّسها الباجي قايد السبسي في 15 مارس 2011 ومثّلت بداية الالتفاف على الثورة. كان ظاهرا للعيان أنّ الأمين العام يريد إنقاذ نفسه من المحاسبة وربّما المحاكمة.
ولم وبطبيعة الحال كانت نتيجة هذه السياسات زيادة غضب مناضلي اللّقاء النقابي الديمقراطي الذين صعّدوا في لهجتهم تجاه القيادة النقابيّة. ففي بيان 20 جانفي 2011 اتّهم اللّقاء قيادة الاتحاد بالتفريط في حقوق الطبقة العاملة ومكتسباتها وبتدجين الإتّحاد العام التونسي للشغل وجرّه قسرا إلى ركاب السلطة وأعداء الشعب، وطالب بمحاسبتها لأنّها تقف عائقا أمام مسيرة الطبقة العاملة نحو تحقيق المكاسب والتحرّر والانتصار لقضايا شعبها(52).
+وزاد غضب مناضلي اللّقاء النقابي الديمقراطي إثر التصريحات التي أدلى بها عبد السلام جراد لبعض وسائل الإعلام(53) حول تراجع قيادة الاتحاد على ما وافقت عليه سابقا بمناسبة تشكيل حكومة محمد الغنوشي الثانية (حكومة الوحدة الوطنية) في 27 جانفي(54): رفض أي حكومة تضم رموزا من الحكم السابق وحلّ التجمع الدستوري الديمقراطي (55). وبذلك تأكد أنّها ماضية في مسار الانقلاب على الثورة. حينئذ لم يبق للقاء إلاّ الدعوة إلى "إزاحة التيار البيروقراطي وعلى رأسه جراد وجماعته" وإلى التركيز على هذه المهمّة باعتبارها الهدف الأوّل للمناضلين النقابيين(56).
في الواقع اضطرت القيادة النقابيّة للاتّحاد العام التونسي للشغل إلى مراجعة علاقاتها مع مكوّنات المشهد السياسي والنقابي والحقوقي وتحسين صورتها مع كافة الأطراف بعد أن فكّت الثورة ارتباطها بنظام الاستبداد. فكان من البديهي أن تسعى إلى إظهار الاتّحاد أمام الرأي العام وهو في حالة انسجام ووئام داخلي. وهذا ما يفسّر حسب رأينا افتعال حوار على القناة الوطنيّة يوم الأحد 6 فيفري 2011 بين عبيد البريكي الناطق الرسمي للاتّحاد والسيّد الحبيب بسباس الذي قدّم على أساس انّه من مناضلي «اللّقاء النقابي الديمقراطي المناضل». إلاّ أنّ اللّقاء اعتبر الحوار مغالطة للمشاهدين حينما يُغيّب فيه كتنظيم ويستدعى شخص لا علاقة له به(57).
وتأكّد توجّه القيادة النقابيّة الجديد في علاقة ب"اللّقاء النقابي الديمقراطي المناضل» عندما كلّفت بعض أعضائها بالحوار مع عناصره. وحسب ما جاء في بيان صادر عن هذا التنظيم فإنّ أحد أعضائه وهو راضي بن حسين وجّهت له دعوة لإجراء حوار مع القيادة النقابية حول الأوضاع القائمة آنذاك ومستقبل الاتّحاد العام التونسي للشغل. وكانت ستتمّ جلسة تمهيدية مع ثلاثة أعضاء من القيادة تمّ تكليفهم من طرف الأمين العام للغرض(58). غير أنّ ذلك الحوار لم يتم لأنّ اللّقاء ولئن كان موافقا على إجرائه فإنّه اشترط أن يكون الحوار صريحا وعلنيّا ومفتوحا لوسائل الإعلام وأن يجري في فضاء نقابي لا في المكاتب المغلقة وبمحضر الأمين العام وأعضاء القيادة بلا وساطات. وبذلك انقطع حبل التواصل.
لم يكن وضع اللّقاء النقابي الديمقراطي مريحا. فقد كان يناضل على واجهتين: الواجهة الأولى هي الدفاع عن الإتحاد العام التونسي للشغل ضدّ الهجومات التصفويّة التّي كان يدبّرها أعداء العمل النقابي (الأصوليون الإسلاميون) على خلفية مواقف الأمين العام عبد السلام جراد(59)، أمّا الواجهة الثانيّة فهي الحفاظ على المسار الثوري الذي كان يستوجب آنذاك إنجاز عدّة مهام من بينها تحرير العمل النقابي من سيطرة القيادة البيروقراطيّة. وفي هذا السياق ألحّ اللقاء على القيادة من أجل "التخلّي لصالح المنظمة والعمال نظرا لمواقفها المتقلبة التّي ألّبت الرأي العام ضد الإتحاد".
حقّا كان الوضع ينذر بالانسداد. فلم تكن القيادة النقابيّة مستعدة للتخلّي ولم تكن موازين القوى تسمح بتغيير ما في قيادة الاتّحاد مركزيّا أو جهويّا. وعلاوة على ذلك لم يكن الوضع السياسي وتألّب بعض الأطراف الرجعيّة على الاتّحاد يسمحان بنشر غسيل النقابيين على الملإ أو مزيد التصعيد ضدّ القيادة النقابيّة.
وفعلا لم تتخلّ القيادة النقابيّة بل إنّها حسب عبارة اللّقاء انقلبت على مواقف المنظمة بقبولها بحكومة السيد الباجي قائد السبسي بعد ان ساندت الدعوة إلى تكوين حكومة جديدة بالتشاور مع مكوّنات المجتمع المدني والسياسي واعترفت بالمجلس الوطني لحماية الثورة. وهذا ما حدا باللّقاء إلى الدعوة إلى الإسراع بعقد المؤتمر العام العادي لتصحيح أوضاع المنظّمة ورسم برامج المرحلة الموالية(60).
وتصبح خيانة المبادئ النقابية وأهداف الثورة أكثر فداحة من وجهة نظر مناضلي اللّقاء عندما تقبَل بعض القيادات التعامل مع أشرس أعداء الطبقة العاملة والديمقراطية. وهذا ما قام به الكاتب العام للاتحاد الجهوي للشغل بصفاقس محمد شعبان عندما حضر التجمّع الذي نظمته "حركة النهضة" بجهته ودعا مناضلي الاتحاد إلى دعمها. وفي الواقع لا يمكن لأيّ كان ينتمي ليس بالقول فقط ولكن بالفعل إلى الحركة النقابيّة التونسيّة وإلى اتّحاد حشّاد أن يكون فاقد البصيرة وانتهازيّا إلى هذه الدرجة(61). وهو ما كان عليه أيضا المكتب التنفيذي الذّي تواطأ بالصمت مع محمد شعبان. ولكن اللّقاء النقابي الديمقراطي لم يلتزم الصمت وأدان بكلّ شدّة سلوك القيادتين الجهويّة والمركزيّة(62).
يبيّن هذا الصمت أنّ موقف القيادة النقابيّة لم يكن واضحا في التصدّي للثورة المضادة ممثّلة آنذاك أساسا في حركة النهضة وفي حكومة الباجي قايد السبسي. ومثلما نبّه اللّقاء النقابي الديمقراطي من خطر الحركة المذكورة على المنظمة النقابيّة فإنّه لم يقبل بالإجراءات التّي كانت تتخذّها الحكومة لضرب المسار الثوري مثل تعيين الحبيب الصيد وهو أحد وجوه بن على في منصب وزير داخلية واستعمال القوّة في مواجهة المتظاهرين وكذلك المعتصمين في عدّة جهات واستنكر صمت القيادة النقابيّة حيال هذه الإجراءات واعتبره تواطؤا منها مع حكومة قايد السبسي.
وكان الاحتفال بغرّة ماي 2011 عيد العمال العالمي مناسبة لتدعيم المسار الثوري. فقد أصدر اللّقاء بيانا ثمّن فيه الدور الذّي لعبته الطبقة العاملة من خلال مناضليها بالاتّحادات الجهويّة والمحليّة للشغل والنقابات العامة والجهويّة والأساسيّة في احتضان الثورة وتأطيرها وقيّم الثورة على أنّها نتيجة حتميّة لتراكمات نضاليّة لأبناء الشعب وللعمال من أهمّها انتفاضة أهالي الحوض المنجمي سنة 2008 واحتجاجات أحرار القصرين وتالة سنة 2009 واحتجاجات أبناء الصخيرة وبن قردان سنة 2010. وبعد وصف ما شهدته أوضاع البلاد من تردّي نقد اللقاء الاتحاد العام التونسي للشغل الذي اتّهمه بتزكيّة خيارات النظام اللاشعبيّة وتزكيّة بن علي وتدعيم ظاهرة المناولة والسمسرة باليد العاملة والإمضاء على التفويت في شركات القطاع العام. ودعا البيان الطبقة العاملة إلى المحافظة على المنظمة النقابيّة مناضلة مستقلة وديمقراطيّة وموحدة ومتماسكة. كما دعا إلى التسريع بعقد المؤتمر الوطني للاتحاد العام التونسي للشغل لانتخاب قيادة جديدة مناضلة تستطيع إعادة الاعتبار للمنظمة ودورها الريادي في حماية مصالح الطبقة العماليّة وعموم الشعب والمساهمة من موقعها في إعادة بناء تونس الجديدة بعد الثورة باعتبار أنّ الاتحاد العام التونسي للشغل منظمة بناء ونضال اجتماعي(63).
إنّ ما كان يؤاخذ عليه اللّقاء النقابي الديمقراطي قيادة الاتّحاد بعد الثورة هو أساسا سلوكها نهج الموالاة للسلطة القائمة مثلما كانت تفعل مع بن على ونظامه(64). فهو يعتبر أنّ قرار دعم ومساندة الحكومة المؤقتة الأولى الذي اتّخذه المكتب التنفيذي هو انتهاك صارخ لموقف الهيئة الإدارية الوطنيّة التّي وضعت شرطين لمثل هذا الدّعم وهما استشارة الاتّحاد حول تركيبة أيّ حكومة يتمّ تشكيلها والاعتراف بالمجلس الوطني لحماية الثّورة كهيكل رقابة على الحكومة وذي صلاحيّات تقريريّة. كما أنّ اللّقاء عاب على القيادة النقابيّة مواصلتها حماية رموز التّجمع المتحمّلين للمسؤوليّة داخل الاتحاد وخاصة في بعض الاتحادات الجهوية والجامعات والنقابات العامة(65)، ورفض فتح ملفّات الفساد النّقابي وسوء التّصرّف المالي والتلاعب بقانون المنظمة واستغلال المسؤوليّة النقابيّة لخدمة المصالح الخاصّة(66).

3. الأنشطة الميدانيّة

لم ينفصل الفعل عن القول لدى اللّقاء النقابي الديمقراطي. فكان الفعل متنوّعا وشمل عدة جوانب تنظيميّة ودعائيّة وإعلاميّة وعمليّة.
 النشاط التنظيمي
تشكّل الهيكل التنظيمي للقاء النّقابي الديمقراطي من لجنة قياديّة تتكوّن من المؤسّسين الذين سبق ذكرهم. وهي لجنة مؤقّتة أشرفت على تكوين تنسيقيّات جهويّة نذكر مثلا: بنزرت ومنوبة والكاف وجندوبة وسيدي بوزيد والقيروان وقفصة وتوزر وقبلي وصفاقس وسوسة ونابل وسليانة وبن عروس(67). غير انّ هذا التوسّع لم يتواصل وتوقّف مع حلّ اللّقاء.
ولأنّ هذه الهيكلة ما تزال في بدايتها فإنّ اللّقاء لم تكن له هياكل مسيّرة أخرى ولم يعقد مؤتمرات أو هيئات ممثّلة. وإنّما اقتصر على تنظيم ندوة نقابيّة يوم الجمعة غرة أفريل 2011 خصّصها لمناقشة موضوع "الاتحاد العام التونسي للشغل إلى أين؟". حضر الندوة، التّي احتضنها نزل الهناء الدولي بتونس العاصمة، عدد هام من الإطارات النقابيّة من تيارات وحساسيات نقابيّة مختلفة من عدة جهات وقطاعات تنشط داخل اللّقاء النقابي أو خارجه(68).
 النشاط الدعائي والإعلامي
شكّل إصدار النصوص أهمّ وسيلة في هذا المجال. وقد تعرّضنا لمضمونها في الفقرات السابقة ونكتفي هنا بالإشارة إلى أنّ عددها بلغ 27 نصّا بين بيانات ونداءات ونصوص إعلاميّة إلى جانب الأرضيّة. ومن ناحيّة أخرى أجرى عناصره سلسلة من التدخّلات التلفزيّة في كل من قناة الجزيرة (جيلاني الهمامي يوم 12 سبتمبر 2010) وقناة فرنسا 24 باللغة العربيّة (جيلاني الهمامي والطيب بوعايشة يوم 16 سبتمبر 2010). ووجد اللّقاء صدى هاما في الصحف التّي تابعت أخباره ونشرت المقالات حوله وكذلك تصريحات عناصره، نذكر منها "الموقف" و"الطريق الجديد" و"الشروق" و"الصباح" ومجلة "حقائق" (النشرة الفرنسية) إلى جانب الصحف السريّة مثل صوت الشعب والمواقع الالكترونيّة مثل موقع "البديل" و"الديمقراطيّة الاجتماعيّة والسياسية" و"المرصد التونسي للحقوق والحريّات النقابيّة" الذي كان يشرف عليه الراحل الناشط محمد العيّادي. ولم تقتصر المقالات على الصحفيين بل حرّر مناضلون نقابيون وكتّاب نصوصا تدافع عن الديمقراطيّة النقابيّة وتتشبّث بالفصل العاشر مثل النقابي الجامعي والكاتب منصف الوهايبي والجامعي نور الدّين الورتتاني أحد مؤسسي موقعي "الديمقراطيّة الاجتماعيّة والسياسية" و"ضدّ التجريد" والناشط النقابي والسياسي محمد الهادي حمدة الذي نشر عدّة نصوص منها، على سبيل المثال، رسالة تحمل عنوان: "رسالة مفتوحة لأعضاء المكتب التنفيذي التسعة: نسألكم الرحيل"(69) والنقابي الجامعي عبد السلام الككلي مكلّف بالإعلام في "المرصد التونسي للحقوق والحريّات النقابيّة".
 النشاط العملي
لم تكن تجربة اللّقاء النقابي الديمقراطي مسقطة وإنّما استجابت لتيّار قوي داخل النقابيين. ويتجلّى هذا العمق في عدد الممضين على الأرضيّة التّي نشرت في شبكة التواصل الاجتماعي وأمضى عليها النقابيون الموافقون على مضمونها. وقد جمعت عددا كبيرا من التوقيعات بلغت بعد عشرة أيّام فقط من انطلاق الإمضاء عليها 786(70) وتجاوزت إثر ذلك، حسب ما ذكره لنا أحد المؤسسين 3000 توقيعا(71). ويبدو أنّ بعض الممضين تعرّضوا لضغوطات فأعلنوا عن تبرئهم من الإمضاء ومنهم من سحب إمضاءه مثل الصادق الماجري وفتحي بن علي والنفطي حولة(72).
ومن نافل القول أنّ هياكل "اللّقاء" واكبت الأحداث الثوريّة منذ اليوم الأوّل للثورة في سيدي بوزيد وساهمت مع بقيّة الأطراف تقدميين يساريين وقوميين وحقوقيين ونقابيين آخرين وشباب طلابي وتلمذي في استمراريّة الأعمال الاحتجاجيّة وقيادتها(73). وقد تعرّض بعضهم للإيقاف مثل عطيّة عثموني أستاذ الفلسفة والناشط السياسي الذي وقع إيقافه وإحالته على التحقيق بتهمة الوفاق يوم 28 ديسمبر 2010. وكانت أوّل مسيرة انطلقت من ساحة محمد علي بمقرّ الاتّحاد العام التونسي للشغل بعد انطلاق الثورة يوم 25 ديسمبر 2010 تمت بدعوة من «اللّقاء النقابي الديمقراطي المناضل». وشارك اللّقاء في مسيرة 27 جانفي بتونس التّي دعت إليها قطاعات يقودها اليسار وهي التعليم الثانوي والتعليم الأساسي والبريد والأطباء والضمان الاجتماعي والصحّة(74). وبالطبع شارك مناضلوه في الجهات في مختلف التحرّكات بجهاتهم.
ونظّم اللّقاء التجمّعات النقابيّة مثل التجمّع الذي وقع بساحة محمد علي يوم 5 فيفري 2011 احتجاجا على الأداء النقابي للقيادة في علاقة بالثورة وبالوضع الداخلي للإتحاد. كما أنّه شارك كلقاء نقابي بمناضليه وشعاراته المتميّزة في مختلف التظاهرات التّي قام بها الاتّحاد مثل الاحتفال بذكرى اغتيال فرحات حشاد وذكرى تأسيس الاتّحاد والاحتفال بغرّة ماي. ونظرا لتوسّع اللّقاء جغرافيا فقد كان منشطوه يتنقّلون إلى الجهات ويتّصلون بالمناضلين من أجل بعث التنسيقيات والمشاركة في التجمعات التّي يلقون أثناءها كلمات.

4. نهاية اللّقاء النقابي الديمقراطي المناضل

يجدر بنا أن نقول كلمة حول ما تعرض له اللّقاء من محاصرة قبل أن نتعرض لنهايته.
 محاصرة اللّقاء النقابي الديمقراطي
تعرّض مناضلو اللّقاء لتتّبعات من جراء نشاطهم ضمنه. وتتمثّل هذه التبعات في المضايقات الأمنيّة والمراقبة اللصيقة في الطريق والأماكن العامة وأمام مقرّات السكنى(75). وقد أكّد المرصد التونسي للحقوق والحريات النقابيّة هذه التجاوزات في حق مناضلي اللقاء وذكر بالاسم توفيق التواتي ونور الدين الورتتاني والطيب بوعايشة وفرج الشباح وجيلاني الهمامي الذي وقع إيقافه من طرف الأمن يوم 1 أوت 2010 طيلة كامل اليوم وتهديده بإحالته على القضاء بتهمة المشاركة في وفاق(76). وجاء في إحدى النشريات السريّة أنّ المركزيّة النقابيّة اتّخذت جملة من القرارات بالإيقاف عن النشاط النقابي طالت الكثير من النقابيين من تونس وبنزرت ونابل والقصرين وقفصة وصفاقس وغيرها من الجهات. وبرّرت هذه العمليات أحيانا ب"الدفاع" عن سمعة الاتحاد وتطبيقا للقانون وأحيانا أخرى بالحرص على "الشفافيّة الماليّة" وحتى ب"الاستقامة الأخلاقيّة"(77). كما كانت تتدخل لتزوّر أو على الأقل لتؤثر في عديد المؤتمرات النقابيّة في اتجاه تنصيب موالين لها واستبعاد معارضيها.
وحسب ما جاء في بيان اللّقاء بتاريخ 14 سبتمبر 2010 فإنّ القيادة النقابيّة للاتحاد العام التونسي للشغل شنت حملة تشويه ضد مناضلي اللقاء النقابي الديمقراطي المناضل ومارست تهديدات وضغوطا على الممضين على الأرضية.
 نهاية اللّقاء
بعد كلّ الوهج الذي أحدثه اللّقاء النقابي الديمقراطي وبعد الحراك الواعد الذي أطلقه انتهت التجربة فجأة مثل الجمرة التّي خمد لهيبها. قال أحدهم: » افترق اللقائيون دون سابق إنذار، دون إعلان ودون تقييم، وكأنّ الأهداف التي ناضلوا من أجلها تحققت في مؤتمر طبرقة«(78). فما هي الأسباب التّي جعلت اللّقاء يصل إلى هذه النهاية؟
لقد سبق أن تعرضنا لمحاولات قيادة الاتّحاد لاحتواء الأزمة داخل المنظمة من خلال التفاوض مع اللّقاء. ومع اقتراب موعد المؤتمر الذي انعقد في طبرقة مثلما ذكرنا انقسم قياديو اللّقاء بين من قبل بالتفاوض وبين من رفضه. فحسب بعض محاورينا كرّس جيلاني الهمامي وعثمان بالحاج عمر وراضي بن حسين الموقف الأوّل بينما كرّس السيدان زهير الجويني والطيب بوعايشة الموقف الثاني. وعلى هذا الأساس دخل مناضلو اللّقاء منقسمين مؤتمر طبرقة. فجيلاني الهمامي ترشّح دون الرجوع إلى رفاقه في اللّقاء ضمن القائمة الوفاقيّة وهي القائمة المقترحة من قبل قيادة الاتحاد ولكنه فوجئ أثناء المؤتمر بعدم وجود اسمه في القائمة الرسميّة فالتحق بقائمة كانت تقف وراءها بعض الاتحادات الجهويّة مثل الاتحادات الجهويّة بقابس ونابل وغيرهما بينما ترشّح الطيب بوعايشة ضمن قائمة ثالثة(79). ويقول السيد فرج الشباح أنّ هذه القائمة هي قائمة اللّقاء (80).
ولكن يبقى السؤال التالي مطروحا: هل كانت هناك جدوى من تواصل اللّقاء النقابي الديمقراطي؟ يجيب البعض من القياديين عن هذا السؤال بنعم. فزهير الجويني يقول أنّ اللّقاء كان يمكن أن يتحول من حالة نقابيّة إلى حالة سياسيّة مثل جبهة سياسيّة بالنظر إلى ما يشترك فيه مناضلو اللّقاء على المستويين النقابي والسياسي(81). وفي الواقع فقد تحقّق هذا الأمل بتأسيس جبهة 14 جانفي ثم الجبهة الشعبيّة سنة 2012. وهي جبهة سياسيّة. وقد يكون فرج الشبّاح مستحضرا هذا المعطى الهام في حواره معنا فاقتصر على ذكر الجدوى النقابيّة لاستمرار اللّقاء. فهو يقول إنّ اللّقاء كان يمكن أن يستمر كصوت داخل الاتحاد يعمل على تصويب مواقف الاتحاد والحيلولة دون الوقوع في المحاذير أي كان يمكن أن يكون سلطة مضادة وصوتا عاليا يرفض التواطؤات، صوت يعبر عن يسار مناضل. وكان يمكن أن يكون إطارا لمواصلة النقاش(82). ولكن الجويني على حق لأنّ اليسار النقابي لم يتوحد بعد تجربة اللّقاء بل ازداد تشرذما وفسح المجال في الكثير من المواقع لتسلّل أعداء العمل النقابي من المنتمين إلى التيارات الأصوليّة الإسلاميّة.
إنّ ضرورة الجبهة النقابيّة تبرّرها في نظر الجويني استمرار الاستقطاب على حاله وعدم انخراط الاتّحاد في المسار الثوري(83) بينما يرى الشباح أنّ قيادة الاتّحاد تموقعت ظاهريا ضمن المسار الثوري لامتصاص غضب النقابيين من أدائها ولسحب البساط من تحت أقدام المعارضة النقابيّة(84).
وبالنسبة لبعض القياديين الآخرين فقد تغيّرت الأوضاع بعد الثورة وأصبحت الاهتمامات السياسيّة تشغل مرتبة الصدارة في اهتمامات مناضلي اللقاء ولم تعد هناك نفس التقاطعات بين الأطراف المكوّنة أو المساهمة في اللقاء. ومن ناحية أخرى لم تعد مسألة التراجع عن الفصل العاشر مطروحة بل وقع تطبيقه وتخلّى من تحمل المسؤوليّة طيلة دورتين وعلى رأسهم عبد السلام جراد أثناء مؤتمر طبرقة ليفسحوا المجال لعناصر جديدة. ولكن قبل ذلك قامت قيادة الاتحاد باتصالات ببعض الأطراف اليساريّة من بينها حزب العمال الشيوعي التونسي ممثلا في شخص جيلاني الهمامي. وحسب أقوال هذا الأخير الذي كنّا على اتصال به آنذاك وقع الاتفاق بين قيادة الاتّحاد وبعض فصائل اليسار النقابي على قائمة تمثل فيها كافة الأطراف السياسيّة والنقابيّة ويكون فيها حزب العمال ممثلا في شخصه. ولكن كما ذكرنا سابقا أخلت بقية الأطراف بتعهداتها ولم تضف جيلاني في القائمة الرسمية.
ومهما يكن من أمر فإن التيارات الراديكاليّة فوتّت على نفسها الفرصة في مؤتمر طبرقة لأن تلعب دورا يتناسب مع حجمها مجتمعة وأن تغيّر من موازين القوى داخل الاتحاد وتخلق الظروف الملائمة لتحقيق الشعار الذي ما انفكت تُذيّل به بياناتها ألا وهو ”عاش الاتحاد العام التونسي للشغل حرّا مستقلا ديمقراطيا مناضلا‟. لقد تغلّب كما هو الحال دائما منطق الموقع على المبدأ.

الخاتمة

تندرج تجربة اللّقاء النقابي في مسار التاريخ النضالي للحركة النقابيّة التونسيّة. وعبّرت عن المطالب العميقة الكفيلة بجعل العمل النقابي للشغيلة التونسيّة يصطبغ بطابع طبقي واضح ويجعل الاتحاد العام التونسي للشغل متماهيا مع طبقة العمال وإحدى أدوات تحرّرهم. وقد ضمت هذه التجربة تيارات ونقابيين معروفين بنضاليتهم وتجذرهم. لقد كانت تجربة اللقاء حركة شجاعة اختلفت عن السائد النقابي وتمرّدت عليه وشغلت الرأي العام النقابي بمواقفها وتحرّكاتها. فقد دافعت عن مطالب الشغالين وعن الديمقراطيّة النقابيّة واستقلاليّة المنظمة النقابيّة وبرزت بصفة خاصة في توفيرها إطارات نقابيّة ملأت الساحات النقابيّة أثناء الثورة وساهمت في تموقع الاتحاد على خطّ الثورة. وفي الواقع فإنها تزامنت مع حركة سياسيّة ناهضة ركّزت اهتمامها على المطالبة بالديمقراطيّة وتمثّلت أساسا في تحالف 18 أكتوبر الناشئ عن إضراب الجوع الذي أُعلن عنه بمناسبة القمة العالميّة لمجتمع المعلومات سنة 2005 وشارك فيه عديد المناضلين السياسيين والحقوقيين.
لقد فرضت الثورة التخلّص من بعض النقابيين المسؤولين عن الفساد وعن كافة الانحرافات في الاتّحاد العام التونسي للشغل وخلّصت، إلى حدّ معيّن، المنظمة من وصاية أيّ حزب من أحزاب البورجوازيّة وأجبرت قيادة الاتّحاد على التموقع في مسار الثورة لزمن قصير وبكثير من الاحتشام. وهذا بعض مما كان اللّقاء النقابي يناضل من أجله.
لقد كان من المنطقي بعد الثورة أن تتقارب الفئات المكوّنة للطبقة العاملة والشرائح القريبة منها وأن يتعمّق العمل المشترك بين الفصائل النقابيّة اليسارية. ولكن ما حدث هو العكس فقد تشرذمت القوى وراح كلّ في سبيله دون أن يكون هناك بصيص من الأمل في حصول الوعي بالمسؤوليّة والعمل على تدارك ما فات.
وما يمكن أن نستخلصه في خاتمة هذا العمل أنّ تاريخ الاتّحاد العام التونسي للشغل لا يمكن أن يكون شاملا دون التأكيد على دور المجموعات المناضلة والتّي لم نأت إلاّ على إحدى مبادراتها. وإنّنا لا نشكّ في أنّ ما بقي من تاريخ الحركة النقابيّة هو رصيدها النضالي في خدمة الطبقة العاملة والشعب. وهذا ما ناضلت من أجله فعلا تلك المجموعات. ورغم أنّ القيادات النقابيّة لما بعد الثورة لم تعترف بتلك الأدوار الرائدة التّي حافظت على موقع الإتّحاد في مسار التاريخ والثورة فإنّ البحث التاريخي بصدد إعطاء كلّ ذي حقّ حقّه من خلال الإصدارات والرسائل والأطروحات قيد الإعداد؟

الهوامش

1- نسبة إلى نظام حزب الدستور ثمّ التجمّع الدستوري الديمقراطي في عهدي بورقيبة وبن علي.
2- لوزفسكي، الحركة النقابيّة العالميّة قبل أثناء وبعد الحرب، الجزء الأوّل، تعريب ابراهيم العثماني، تونس، صامد للنشر والتوزيع، التاريخ غير مذكور.
لوزوفسكي (أ)، مقررات وقرارات المؤتمر الاممي الأول للنقابات الثورية (من 3 إلى 19 جويلية 1921 موسكو) ، تعريب ابراهيم العثماني، المطبعة الثقافية، دون تاريخ.
3- Kota, Filip, Deux lignes opposées dans le mouvement syndical mondial, traduit de l’albanais, Paris, nouveau bureau d’éditions, 1977.
4- فينيدوري، جون بول، تعريب خميس عرفاوي، معارك عماليّة جامعة عموم العملة التونسية والامبرياليون الفرنسيون خلال العشرينات. نصوص ووثائق روبير لوزون، الطبعة 2، تونس، دار سحر للنشر، 2016.
5- الحدّاد، الطاهر، تقديم فتحي الرقيق، العمال التونسيون وجامعة عموم العملة التونسية، صامد للنشر والتوزيع، 1997.
6- الهمامي، حمّة، قراءة في تاريخ الحركة النقابيّة، صامد للنشر والتوزيع، 1988. حسب ما صرّح به السيّد حمّة الهمامي في إحدى المناسبات التّي كنت حاضرا فيها، فإنّ هذا الكتاب ألّفه الكاتب والمناضلان النقابيان والسياسيان الطاهر الهمامي وأحمد المانسي. وقد نشر باسم الأوّل ووقع التستّر عن هوية مؤلفه الحقيقي لاعتبارات أمنية إذ أنّ النص عرض كمقرّر في المؤتمر الأوّل لحزب العمال الشيوعي التونسي الذي انعقد في السريّة سنة 1986.
الهمامي، الطاهر، دفاعا عن الديمقراطية النقابية ماي 1984- ماي 1985، تونس، دار النشر للمغرب العربي، 1985.
7- الهمامي، جيلاني، الاتّحاد العام التونسي للشغل نظرة من الداخل، تونس، 2016.
8- يصعب حصر كلّ من كتب حينذاك مقالات مساندة للقاء وسنسعى إلى ذكر ما أمكن ذكره في هذا النص. ونكتفي هنا بذكر الأستاذ والنقابي إبراهيم العثماني الذي ألّف أكثر من مقال منها ”قيادة الاتحاد والتّداول على المسؤوليات‟، الموقف، بتاريخ 13 مارس 2009 و"الفصل "العاشر والعكاكيز النقابيّة" و"قيادة الاتحاد وطاحونة الشيء المعتاد"، صوت الشعب (السريّة).
9- منهم على سبيل المثال: حبيب بن عاشور، الطاهر الشايب، منير كشوخ، منصور بريمة وخليفة مبارك والتحق بهم نقابيون يساريون. مجهول، "محاولة تقييمية :حول تجربة الكنفدرالية"، الشيوعي، العدد 14 - فيفري 2004.
10- بيكيتي (توماس)، رأس المال في القرن الحادي والعشرين، ترجمة وائل جمال وسلمى حسين، القاهرة، دار التنوير للطباعة والنشر ومنتدى البحوث الاقتصادية، 2016، ص 48.
11- أطلق مصطلحا دولة الرعاية أو دولة الرفاه على السياسات الاجتماعية المعروفة باسم الليبرالية الاجتماعية التي انتهجتها الدول الرأسمالية بدءا بالولايات المتحدة الأمريكية لإنقاذ الرأسمالية إثر أزمة 1929 الاقتصادية. وقد بلورها نظريا الاقتصادي الإنجليزي جون مينارد كينز في كتابه: النظرية العامة في التشغيل والفائدة والنقود (1936).
12- نسبة إلى أحمد بن صالح الذي تقلّد عدّة وزارات في بداية الستينات أهمها وزارة التخطيط والمالية وطبّق سياسة رأسمالية الدولة تعرف باسم الاشتراكية الدستورية.
Noura Borsali, Livre d entretiens avec Ahmed Ben Salah : l homme fort de la Tunisie des années soixante, Sfax, Samed, 2008.
13- المقصود بالمطرودين هم مناضلو منظمة العامل التونسي التي تعرضت لحملتي إيقافات ومحاكمات سنتي 1974 و1975. بوقرّة، عبد الجليل، فصول من تاريخ اليسار التونسي كيف واجه الشيوعيون وبرسبكتيف نظام الحزب الواحد؟ 1963-1981، دار آفاق- برسبكتيف للنشر بتونس، 2012، الملحق 4.
14- أنظر حول هذه الأحداث: الهمامي، جيلاني، "أحداث 26 جانفي 1978 الأسباب والمجريات" في: الاتّحاد العام، مصدر مذكور، ص 80-108.
15- أي افتكاك النقابات وهو تقليد لموقف الشيوعيين من النقابات الصفراء.
Losovsky (A), « Destruction ou conquête des syndicats », Librairie du Travail, 1922. Le texte est publié dans : http://ouvalacgt.over-blog.com/article-2832621.html.
بالنسبة إلى تونس أنظر مثلا جريدة "العامل التونسي" العدد 43 بتاريخ أوت 1978، ص 4 و5.
16- شباح، فرج، "الجدل حول الفصل العاشر: مؤتمرا جربة والمنستير وما بعدهما"، البديل، 26 سبتمبر 2010،
17- أنظر مثلا: الفضاء النقابي الديمقراطي "ضد التجريد" عدد 3 السنة الأولى بتاريخ 6 أوت 2007 ومنتدى" الديمقراطية النقابية والسياسية "بتاريخ 2 جانفي 2010.
18- العثماني، ابراهيم (تحت اسم علي بن صالح)، "وجهة نظر: معضلة الديمقراطية النقابية في الاتحاد العام التونسي للشغل"، البديل، 14 جانفي 2009. والهمامي، جيلاني، "ما يجري في الاتحاد الجهوي بتونس ليس في صالح أحد"، الاتّحاد العام، مصدر مذكور، ص 289- 297.
19- الوهايبي، منصف، "رسالة مفتوحة إلى الأمين العام التونسي للشغل"، الديمقراطية النقابية والسياسية، بتاريخ 16 جويلية 2010.
20- الأسود، سفيان (أجرى الحوار)، "علي رمضان للشروق: أعضاء المركزيّة النقابيّة لم يطرحوا إلغاء الفصل 10"، الشروق، 25 أوت 2010.
Haouachi (A), « L’UGTT la polémique », Réalités, n° 1289, du 15 septembre 2010.
21- حوار مع السيّد راضي بن حسين بالحمامات في 28 جانفي 2016.
للتعرّف على هذه التيارات أنظر مثلا: عرفاوي، خميس، قرن من النضال الشيوعي في تونس (1921-2019): بين المنشود والموجود، منشورات جامعة تونس، 2022.
22- اللّقاء النقابي الديمقراطي المناضل، "بيان إعلامي إلى الرأي العام النقابي والوطني"، مؤرخ في 14 جويلية 2010.
23- اللّقاء النقابي الديمقراطي المناضل، "أرضية نقابية"، مصدر مذكور.
24- Dictionnaire de sociologie, bureaucratie, Larousse, 2001.
25- اللّقاء النقابي الديمقراطي المناضل، "ليتحمل كل طرف مسؤولياته التاريخية في حماية الاتحاد الإتحاد العام التونسي للشغل من التشرذم..."، 15 جوان 2011.
26- أحدث مجلس المستشارين سنة 2005. وهو مجلس صوري أحدثه بن علي لشراء ضمائر الوصوليين والطامعين.
27- اللّقاء النقابي الديمقراطي المناضل، "أرضية نقابية، مصدر مذكور.
28- اللّقاء النقابي الديمقراطي المناضل، "إعلام"، مؤرخ في 25 سبتمبر 2010.
29- اللّقاء النقابي الديمقراطي المناضل، " في ذكرى اغتيال الزعيم النقابي والوطني فرحات حشاد مناسبة لاستلهام دروس التجربة وتقييم واقع اليوم"، مؤرخ في 4 ديسمبر 2010.
30- اللّقاء النقابي الديمقراطي المناضل، "بيان مسيرة الذكرى 58 لاغتيال حشاد بالعاصمة، لتكن منطلقا لممارسة أكثر نضجا وأكثر تجذرا"، مؤرخ في 8 ديسمبر 2010.
31- بعثت بشكل موازي للاتحاد العام التونسي للشغل ثلاث منظمات هي: الجامعة العامة التونسية للشغل (2006) واتحاد عماّل تونس (2011) والمنظّمة التونسيّة للشغل (2013). وقبل هذه المنظمات بعث الاتحاد الوطني التونسي للشغل (مرة أولى في 1956 ومرة ثانية في 1984) والكنفدرالية الديمقراطية للشغل سنة 1999 ولكن لفترة قصيرة. أنظر مثلا: العثماني، ابراهيم (تحت اسم علي بن صالح) : "وجهة نظر معضلة الديمقراطية النقابية"، مصدر مذكور، وبن يوسف، عادل، "تأمّلات حول المنظّمة التونسيّة للشغل "O.T.T" ومنظّمة الأعراف المرتقبة": دوافع النشأة، الأهداف والرهانات" (الجزء 1)، البديل، عدد 6، الثلاثيّة الأولى، 2014.
32- اللّقاء النقابي الديمقراطي المناضل، "ليتحمل كل طرف مسؤولياته التاريخية"، مصدر مذكور.
33- اللّقاء النقابي الديمقراطي المناضل، "بيان إستقواء البيروقراطية النقابية بالسلطة لن يوقف برامجنا"، مؤرخ في 12 أوت 2010.
34- اللّقاء النقابي الديمقراطي المناضل، بيان حول الزيادات الأخيـرة فــي الأسعار، مؤرخ في 16 أوت 2010.
35- اللّقاء النقابي الديمقراطي المناضل، "التأمين على المرض ... التقاعد خطوة إلى الوراء ... خطوتان إلى الوراء"، مؤرخ في 28 سبتمبر 2010.
36- عرفاوي، خميس، "قضيّة الوفاق (2008-2009) المحاكمة والدلالات"، الحركات الاجتماعيّة في تونس من الاحتجاج إلى الثورة، تونس، دار سحر للنشر، 2020، ص 67-124.
37- اللّقاء النقابي الديمقراطي المناضل، "بيان بن قردان بعد الحوض المنجمي...تواصل المظالم"، مؤرخ في 26 أوت 2010.
38- اللّقاء النقابي الديمقراطي المناضل، "من الحوض المنجمي إلى بنقردان إلى سيدي بوزيد نضال من أجل الشغل والعيش الكريم"، مؤرخ في 19 ديسمبر 2010.
39- اللّقاء النقابي الديمقراطي المناضل، "نداء من أجل إطلاق سراح الفاهم بوكدوس"، مؤرخ في 8 نوفمبر 2010. كان بوكدّوس من الصحفيين الذين لعبوا دورا بارزا في أحداث الحوض المنجمي.
40- اللّقاء النقابي الديمقراطي المناضل، "من أجل إطلاق سراح موقوفي الحوض المنجمي"، مؤرخ في 3 ديسمبر 2010.
41- اللّقاء النقابي الديمقراطي المناضل، "بيـان"، مؤرخ في 03 جانفي 2011.
42- اللّقاء النقابي الديمقراطي المناضل، بيان حول ما جاء في تصريح السيد عـلي رمضان لجريدة الصباح 19 أوت 2010.
43- اللّقاء انقابي الديمقراطي المناضل، "لنحذر مناورات القيادة البيروقراطيّة وحتى لا ينخدع النقابيون مرة أخرى..."، مؤرخ في 20 نوفمبر 2010.
44- اللّقاء انقابي الديمقراطي المناضل، نداء إلى الأخوات والإخوة الإطارات النقابية للإتحاد العام التونسي للشغل لنجعل من المجلس الوطني المقبل محطة لتقييم الأوضاع ولبلورة البدائل النضاليّة وقطع الطريق على الانقلابيين، مؤرخ في 14 ديسمبر 2010.
45- الصباح، 28 جانفي 2011.
46- اللّقاء انقابي الديمقراطي المناضل، "بيان حول ما جاء في تصريحات قيادة الاتحاد العام التونسي للشغل"، مؤرخ في 01 جانفي 2011.
47- من بين الشعارات التّي كان يرفعها اليساريون خلال المظاهرات نذكر: التشغيل استحقاق.. يا عصابة السرّاق، يا نظام يا جبان.. يا عميل الأمريكان، يسقط حزب الدستور.. يسقط جلاد الشعب، الشعب يريد إسقاط النظام، محاكمة شعبية.. لعصابة الطرابلسية، تونس تونس حرّة حرّة.. والـتجمع على برّة. عرفاوي، خميس، "ماذا يبقى من الثورة التونسية؟ دراسة آنية واستشرافيّة"، الحوار المتمدن (مجلّة الكترونيّة)، 25 جانفي 2015.
48- اللّقاء النقابي الديمقراطي المناضل، "من الحوض المنجمي إلى بنقردان إلى سيدي بوزيد نضال من أجل الشغل والعيش الكريم"، مؤرخ في 19 ديسمبر 2010.
49- اللّقاء انقابي الديمقراطي المناضل، "بيان حول ما جاء في تصريحات قيادة الاتحاد العام التونسي للشغل"، مؤرخ في 01 جانفي 2011.
50- اللّقاء انقابي الديمقراطي المناضل، "بيان"، مؤرخ في 17 جانفي 2011،
51- أنظر النص التأسيسي والمكوّنات في:
http://www.turess.com/alchourouk/181552, visité le 1 août 2016.
ولطيف، شكري، المجلس الوطني لحماية الثورة وصراع الثورة والثورة المضادة، تونس، دار سحر للنشر، 2013، ص 27.
52- اللّقاء انقابي الديمقراطي المناضل، "في ذكرى تأسيس الإتحاد الثورة متواصلة لتدك أركان النظام وحصون البيروقراطية النقابية"، مؤرخ في 20 جانفي 2011.
53- الصباح، 20 جانفي 2011.
54- أنظر تركيبة الحكومة في: الصباح بتاريخ 29 جانفي 2011.
55- هذه القرارات اتخذتها الهيئة الإدارية للإتحاد المنعقدة يوم 18 جانفي 2011. الصباح، 19 جانفي 2011.
56- اللّقاء انقابي الديمقراطي المناضل، "التخلص من القيادة البيروقراطية للإتحاد... دعم لمسار الثورة"، مؤرخ في 3 فيفري 2011.
57- اللّقاء انقابي الديمقراطي المناضل، "بيان توضيحي"، "، مؤرخ في 7 فيفري 2011.
58- اللّقاء انقابي الديمقراطي المناضل، "بيان توضيحي"، مؤرخ في 22 فيفري 2011.
59- اللّقاء انقابي الديمقراطي المناضل، "بيان دفاعا عن الإتحاد العام التونسي للشغل"، مؤرخ في 4 مارس 2011.
60- اللّقاء انقابي الديمقراطي المناضل، "الاتحاد العام التونسي للشغل واستحقاقات المرحلة القادمة"، مؤرخ في 15 مارس 2011.
61- للإطلاع على ما قام به حزب "النهضة" في المجال النقابي أنظر مثلا: بن يوسف، عادل، "تأمّلات حول "المنظّمة التونسيّة للشغل "، مصدر مذكور.
62- اللّقاء النقابي الديمقراطي المناضل، الاتّحاد العام التونسي للشغل في مفترق الطرق (بيان بتاريخ 16 أفريل 2011)، البديل، 16 أفريل 2011.
63- اللّقاء انقابي الديمقراطي المناضل، " بيان غرة ماي 2011 عيد العمال العالمي"، مؤرخ في 1 ماي 2011.
64- اللّقاء انقابي الديمقراطي المناضل، "البيروقراطية النقابية تواصل خدمة حكومة الالتفاف على الثورة"، مؤرخ في 15 أوت 2011.
65- نذكر على سبيل المثال الكتاب العامين للاتحادات الجهوية بسيدي بوزيد وباجة وقفصة ومنوبة والمنستير. وبالنسبة للجامعات والنقابات فأغلبها يشرف عليها تجمعيون باستثناء نقابات التعليم الثانوي والتعليم الأساسي والبريد والأطباء والضمان الاجتماعي والصحّة.
66- اللّقاء النقابي الديمقراطي المناضل، "البيروقراطية النقابية‟، نفس المصدر.
67- حوار مع حسين الرحيلي في تونس يوم 23 جانفي 2016.
68- “ندوة اللّقاء النقابي الديمقراطي المناضل: الاتحاد إلى أين؟” صوت الشعب، العدد 288، بتاريخ 22 أفريل 2011.
69- حمدة، محمد الهادي، "رسالة مفتوحة لأعضاء المكتب التنفيذي التسعة : نسألكم الرحيل" .... في 13 جوان 2010.
70- بن صالح، لطفي، "786 من النقابيين السابقين والحاليين ينتقدون مسار اتّحاد الشغل ويعلنون عن لقاء نقابي ديمقرطي"، الصريح، 17 سبتمبر 2010.
71- حوار مع حسين الرحيلي بتونس يوم 23 جانفي 2016.
72- الأسود، سفيان، "اللّقاء النقابي الديمقراطي نقابيون يتبرّؤون من الإمضاء وآخرون يعلنون سحب إمضاءاتهم"، الشروق، 18 سبتمبر 2010.
73- حوار مع السيّد راضي بن حسين بالحمامات في 28 جانفي 2016.
74- نفس المصدر.
- اللّقاء النقابي الديمقراطي المناضل، بيان استقواء البيروقراطية النقابية بالسلطة لن يوقف برنامجنا، 12 أوت 2010.
76- الككلي، عبد السلام، “حول مضايقة أمنية لمجموعة من النقابيين”، المرصد التونسي للحقوق والحريات النقابية، 2 أوت 2010. والبديل الالكتروني بتاريخ 25 سبتمبر 2010.
77- مجهول، "اللّقاء النقابي الديمقراطي المناضل يصنع الحدث"، صوت الشعب، العــدد 283، 30 أيلول (سبتمبر) 2010.
78- حوار مع فرج شباح بتونس في 16 ماي 2018.
79- حوار مع زهير الجويني بتونس يوم 8 ماي 2018.
80- حوار مع فرج شباح بتونس في 16 ماي 2018.
81- حوار مع زهير الجويني بتونس يوم 8 ماي 2018.
82- حوار مع فرج شباح بتونس في 16 ماي 2018.
83- حوار مع زهير الجويني، نفس المصدر.
84- حوار مع فرج شباح، نفس المصدر.



#خميس_بن_محمد_عرفاوي (هاشتاغ)       Arfaoui_Khemais#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دور الاتحاد العام التونسي للشغل في الثورة وفي الانتقال الديم ...
- الحركة النقابية للشغيلة في تونس وتلازم البعدين الوطني والاجت ...
- تقديم كتاب -كتابات ومعارك من أجل تونس عادلة ومستقلة-
- اليسار الجديد في تونس ومسألة الدولة بعد 1956
- عودة الديني أم توظيف الدين؟ المستفيدون والمتضررون
- اليسار الجديد في تونس في مرآة الثورة البلشفية
- نَفْحةٌ من الاقتراع التفضيلي في القانون الانتخابي التونسي
- ماذا يبقى من الثورة التونسيّة؟ دراسة آنية واستشرافية


المزيد.....




- اعتقال وزير جورجي سابق خلال تجمع حاشد في تبليسي ضد قانون الع ...
- “رسمياً” موعد إجازة شم النسيم 2024 وعيد العمال بعد ترحيلها.. ...
- بعد تعليقها للبعض.. حقيقة تمديد وكالة التشغيل منحة البطالة ل ...
- رسميا الان.. تحديد موعد زيادة رواتب المتقاعدين بالجزائر 2024 ...
- بزيادة” 100 ألف دينار عراقي”.. سلم رواتب المتقاعدين في العرا ...
- “جدد هنا minha.anem.dz” رابط تجديد منحة البطالة الجزائر واحص ...
- عاجل “زيادة 15000 دينار ضمن الراتب”!.. “حكومة الجزائر” تُعلن ...
- “بعد الزيادة” سلم رواتب الموظفين الجديد العراق 2024 وطريقة ا ...
- زيادة عاجلة على رواتب المتقاعدين.. “الحكومة الجزائرية” تزف ب ...
- WFTU Statement on the World Day for Safety and Health at Wor ...


المزيد.....

- تاريخ الحركة النّقابيّة التّونسيّة تاريخ أزمات / جيلاني الهمامي
- دليل العمل النقابي / مارية شرف
- الحركة النقابيّة التونسيّة وثورة 14 جانفي 2011 تجربة «اللّقا ... / خميس بن محمد عرفاوي
- مجلة التحالف - العدد الثالث- عدد تذكاري بمناسبة عيد العمال / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- نقابات تحمي عمالها ونقابات تحتمي بحكوماتها / جهاد عقل
- نظرية الطبقة في عصرنا / دلير زنكنة
- ماذا يختار العمال وباقي الأجراء وسائر الكادحين؟ / محمد الحنفي
- نضالات مناجم جبل عوام في أواخر القرن العشرين / عذري مازغ
- نهاية الطبقة العاملة؟ / دلير زنكنة
- الكلمة الافتتاحية للأمين العام للاتحاد الدولي للنقابات جورج ... / جورج مافريكوس


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الحركة العمالية والنقابية - خميس بن محمد عرفاوي - الحركة النقابيّة التونسيّة وثورة 14 جانفي 2011 تجربة «اللّقاء النقابي الديمقراطي المناضل» (2009- 2011)