فهمي الكتوت
الحوار المتمدن-العدد: 1742 - 2006 / 11 / 22 - 11:44
المحور:
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
يصادف هذا العام الذكرى الثلاثين لوفاة المناضل البارز والقائد الوطني والأممي فؤاد نصار الابن البار للشعبين الفلسطيني والأردني، الذي رحل عنا في 30 أيلول عام 1976، والذي كرس حياته دفاعا عن القضايا الوطنية، وعن العمال والفلاحين والفقراء عامة، قاتل المستعمرين الإنجليز والعصابات الصهيونية في فلسطين، وواصل نضاله ضد المستعمرين البريطانيين في العراق والأردن، بعد نكبة 1948 وتشريد الشعب الفلسطيني. وأصبح فؤاد نصار قائدا سياسيا وكاتبا لامعا ومثقفا ثوريا أتقن عدة لغات، على الرغم انه ترك المدرسة من الصف الرابع ابتدائي ليعمل في صناعة الأحذية للمساعدة في نفقات العائلة، التي كانت تعتمد على دخل والدته، التي كانت تعمل في التعليم. وكرس قلمه لكتابة مئات المقالات في الصحف العربية والعالمية، وكانت كتاباته تلعب دورا كبيرا في تعريف الرأي العام العالمي على نضالات الشعبين الشقيقين الفلسطيني والأردني.
ولد فؤاد نصار في بلودان عام 1914 وعاد برفقة أبويه وإخوته عام 1920 إلى مدينة الناصرة مسقط رأس والديه وعائلته، في عام 1929 شارك في المظاهرات الشعبية ضد الاستعمار البريطاني وضد الاستيطان الصهيوني، واحتجاجا على إعدام الوطنيين الفلسطينيين الثلاثة حجازي وجمجوم والزير، وقد القي القبض عليه وسجن لمدة أسبوع، وكانت بداية حياته النضالية.
في عام 1936 قام فؤاد نصار بتشكيل مجموعة من الثوار كانت تصنع المتفجرات، وتهاجم المواقع البريطانية، اعتقل في نفس العام، وقدم للمحكمة بتهمة الانتماء إلى منظمة سرية معادية للانتداب البريطاني، والقيام بنشاط شيوعي، اكتشف فؤاد نصار حقد البريطانيين على الشيوعيين مما دفعه للبحث عنهم، وتعرض بعد ذلك إلى الاعتقال عدة مرات ، خرج من سجن عكا وفرضت عليه الإقامة الجبرية في الناصرة ، فر إلى الخليل والتحق بالثورة الفلسطينية من جديد ، استدعته القيادة العامة للثورة الفلسطينية في أواخر عام 1938 إلى لبنان ليعود إلى فلسطين قائدا للثورة المسلحة في منطقة القدس والخليل ، بعد انسحاب القائد الفلسطيني عبد القادر الحسيني إلى دمشق بسبب مرضه.
استمر في قيادة الثورة لهذه المنطقة حتى أواخر عام 1939، حين بدأت الحرب العالمية الثانية، وأخذت السلطات الفرنسية في سوريا ولبنان تضييق الخناق على الثوار. قاد عدة معارك ضارية ضد قوات الاحتلال البريطاني بينها معارك كسلا وعرطون وإم الروس ومار الياس وغيرها، حيث كبد العدو خسائر فادحة بالرجال والعتاد، وتجلت في كل هذه المعارك شجاعته الفائقة وحنكته العسكرية وإخلاصه للقضية الوطنية ووفاءه التام ومحبته وصلاته الوثيقة بالفئات الشعبية، أصيب بجروح بليغة في يده اليمنى وكتفه في تشرين أول 1939 وفي منتصف كانون أول 1939 انسحب بناء على توجيهات القيادة العامة للثورة، مع مجموعة من رجاله إلى بغداد، عن طريق الأردن التي وصلها مشيا على الأقدام، حيث وفرت له العائلات الأردنية المكان الآمن، ووصل بغداد عام 1940 ودخل الكلية العسكرية في بغداد وتخرج منها بعد 9 أشهر، وفي آذار عام 1941 قامت ثورة الضباط الوطنيين في بغداد ( حركة رشيد عالي الكيلاني ) ضد الإنجليز، واشترك فيها، وانسحب بعد فشل الحركة مع رفاقه الثوار إلى إيران في حزيران عام 1941، لم تسمح لهم إيران في البقاء على أراضيها، فقد استقر به الأمر في شمال العراق، وتعرض خلال وجوده في العراق للمطاردة والاعتقال من قبل السلطات البريطانية، تعرف على قادة الحركة الوطنية العراقية وقادة الحزب الشيوعي العراقي وفي مقدمتهم الأمين للحزب يوسف سلمان ( فهد )
في أواخر عام 1942 أصدرت حكومة الانتداب البريطاني في فلسطين عفوا عاما، وعاد فؤاد نصار في بداية عام 1943 إلى فلسطين، وفرضت عليه السلطات البريطانية الإقامة الجبرية في مدينة الناصرة. أعاد اتصاله بالعمال والنقابيين الذين كان قد تعرف عليهم في الثلاثينات، وانضم للحركة النقابية الفلسطينية.
في خريف عام 1943 تم تكوين عصبة التحرير الوطني في فلسطين وانتخب ابو خالد عضوا في اللجنة المركزية بينما كان غائبا وفي عام 1944 انعقد المؤتمر الأول للعصبة واقر برنامجها وانتخب أبو خالد أحد أربعة أمناء للجنة المركزية للعصبة. وفي عام 1945 تم تأسيس مؤتمر العمال العرب في فلسطين وانتخب فؤاد نصار أمينا عاما للمؤتمر ومسؤلا عن تحرير جريدة الإتحاد التي أصبحت لسان حال مؤتمر العمال العرب.
اندلعت الحرب العربية الإسرائيلية في عام 1948 وتفاقمت الأعمال الإرهابية لمنظمة الهجا ناه اليهودية الفاشية، ودخلت الجيوش العربية فلسطين، احتلت العصابات الصهيونية معظم الأراضي الفلسطينية وتم تشريد الشعب الفلسطيني، وتمزقت عصبة التحرير الوطني الفلسطيني، ولم يبقى من قيادتها في الضفة الغربية سوى ( 8 ) أعضاء منهم فؤاد نصار وطالب في حينه، بإقامة الدولة الفلسطينية التي نص عليها قرار الأمم المتحدة الصادر في 29/11/1947.
لم يعد ممكنا بقاء عصبة التحرير الوطني الفلسطينية بمعزل عن النضال الوطني الأردني، واعتبرت أن النضال ضد الاحتلال الإسرائيلي في فلسطين والقوات البريطانية في الأردن هدف مشترك للشعبين الشقيقين ولذلك واصلت نضالها السياسي في الأردن من اجل استكمال الاستقلال السياسي، وإلغاء المعاهدة البريطانية، وإخراج القوات البريطانية من البلاد، يقول فؤاد نصار أن التماثل بين مصالح الإمبريالية البريطانية والحركة الصهيونية في العالم العربي وعدائهم المشترك لحركة التحرر الوطني العربية كانا من بين العوامل الأساسية التي جعلت بريطانيا تصدر وعد بلفور. و بناء على المستجدات أعلن في عام 1951عن قيام الحزب الشيوعي الأردني وانتخب فؤاد نصار امينا عاما للحزب ، وفي نهاية 1951 القي القبض عليه وحكم لمدة عشر سنوات وخفض الحكم لست سنوات ، وبقي في سجن الجفر الصحراوي طيلة هذه المدة ، وفي تموز عام 1956 رفضت السلطات اطلاق سراحه، الى ان جاءت الحكومة الوطنية برئاسة الشخصية الوطنية سليمان النابلسي، في أعقاب نجاح الحركة الوطنية في الانتخابات النيابية ، وقررت إطلاق سراحه، ونجح عن الحزب في هذه الانتخابات نائبان د.يعقوب زيادين عن مقعد القدس، وفائق وراد عن مقعد رام الله. وفي آذار عام 1956 تحقق شعار هام من شعارات الحركة الوطنية الأردنية بطرد قائد القوات البريطانية كلوب باشا وتعريب الجيش.
وفي نيسان عام 1957 غادر فؤاد نصار البلاد إلى دمشق بسبب الظروف التي نشأت في البلاد بعد الانقلاب على الحكومة الوطنية، وتنقل بين دمشق وبغداد إلى أن استقر به المقام في أوائل عام 1960 في ألمانيا الديمقراطية وعاد للبلاد بعد حرب حزيران 1967 قائدا للحزب، وكان على رأس كونفرنس الحزب في نيسان عام 1970 الذي أقر تشكيل قوات الأنصار للمساهمة في الكفاح المسلح ضد الإحتلال الإسرائيلي. وفي عام 1972 اختير عضوا في المجلس الوطني الفلسطيني، وواصل عمله على رأس الحزب في النضال من اجل تحقيق الديمقراطية، والعدالة الاجتماعية، ومن اجل حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وإقامة دولتة على ارض وطنه.
#فهمي_الكتوت (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟