أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - فهمي الكتوت - نقد الفكر الرأسمالي بين نظريات القرن التاسع عشر ومستجدات العصر2















المزيد.....

نقد الفكر الرأسمالي بين نظريات القرن التاسع عشر ومستجدات العصر2


فهمي الكتوت

الحوار المتمدن-العدد: 1685 - 2006 / 9 / 26 - 07:18
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


الانهيار المدوي الذي هز العالم
منذ مطلع تسعينيات القرن الماضي ويجري البحث عن إجابة على سؤال جوهري، حول أسباب انهيار التجربة السوفيتية، فبعد أكثر من سبعة عقود على انتصار ثورة أكتوبر وقيام الدولة السوفيتية، والاعتقاد أن التجربة الاشتراكية قد انتصرت في وجه الظلم والاستغلال والطغيان، جاء الانهيار المدوي الذي كــــان أثره كالصاعقة ليس فقط على شعوب الاتحاد السوفيتي فحسب بل على شعوب العالم اجمع وبشكل خــــاص على الــــدول النامية وفي عدادها الدول العربية، وهذا ليس تقيما فكريا بل سياسيا، فمن لم يقدر أهمية وجود الاتحاد السوفيتي قبل انهياره، اعتقد انه الآن يستطيع إدراك ذلك، وما مدى الضرر الذي لحق في مختلف شعوب العالم من تفرد الولايات المتحدة الأمريكية وهيمنة الليبرالية المتوحشة على العالم والتحكم بمصيره، وما مدى أهمية وجود دولة عظمى تحمل مبادئ وأفكار سامية وتؤمن بحق تقرير المصير لشعوب العالم، وهذا لم يقلل من فداحة الأضرار الناجمة عن غياب الديمقراطية وغياب التعددية السياسية في الاتحاد السوفيتي، والتي أسهمت في انهياره. فإذا كان انتصار الثورة عام 1917 قد هزّ العالم على حد تعبير الكاتب الأمريكي جون ريد في كتابه الشهير عشرة أيام هزة العالم فالانهيار أيضا قد هزّ أركان العالم، وكان صدى وأثار ونتائج الحدث الثاني عكس تماما صدى وأثار ونتائج الحدث الأول على مختلف الطبقات والشرائح الاجتماعية في كافة أركان المعمورة، من هنا اختلفت الأجتهادات والآراء في الإجابة على السؤال الرئيسي حول أسباب الانهيار:- هل هذه الأسباب لها علاقة في نظرية ماركس حــــول نقد الرأسمالية والبحث عن سبل تجاوزها، أم في التجربة السوفيتية ذاتها، وإذا كان الجواب يتصل بالتجربة، هل يكمن السبب بفكرة قيام الثورة في روسيا، أم بالأسلوب الستالينيي البيروقراطي المركزي الذي طبق في الاتحاد السوفيتي، وهنا أود أن اطرح بعض الأضاءات والأفكار لأبرز قادة الفكر الاشتراكي في العالم حول هذا الموضوع.
القراءات الأولى للتجربة الروسية في بداياتها خلصت ألى أنّ الثورة ضد "منطق رأسمال " أي منطق ماركس حسب تعبير المفكر الإيطالي غرامشي، كونها جاءت في أكثر الدول الرأسمالية تخلفا، وان نظرية لينين بإمكانية قيام الثورة في روسيا باعتبارها اضعف حلقات الإمبريالية، حققت غرضها في استيلاء الطبقة العاملة على السلطة، وكان التطور الرأسمالي في روسيا بمراحله الأولى، والطبقة العاملة أقل خبرة وتجربة ولكنها الأكثر تنظيما من الناحية السياسية بفضل دور حزب البلاشفة.
كانت الطبقة العاملة متواضعة من حيث الحجم، وكاد ينحصر وجودها بشكل رئيسي في مدينتي موسكو وسان بطرسبرغ أمام جماهير غفيرة من الفلاحين الذين اجتذبتهم الثورة في مواجهة الإقطاع وملاكي الأراضي، لا شك إن شعار تحالف العمال والفلاحين والجنود في ظروف الحرب الذي طرحه لينين شكل قوة محركـــة ومـــؤثرة وفاعلة من اجل انتصار الثورة، والوصول الى السلطة السياسية، إلا أن الحلم تبدد بعد ذلك بسبب العقبات الرهيبــــة التي واجهت الدولة الحديثة، مما اضطر القيادة السوفيتية بزعامة لينين من إجراء تعديلات على مسارها، وقد طرح لينين بوضوح في المؤتمر العاشر للحزب في عام 1921 بأنه" لا يمكن إنجاز الثورة الاشتراكية في بلد تتكون فيــه أغلبية السكان من منتجين زراعيين صغار ألا بجملة من التدابير الانتقالية الخاصة، التي لا حاجة إليها إطلاقا في البلدان الرأسمالية المتطورة. أن الحالة تختلف في روسيا حيث عمال الصناعة أقلية وحيث صغار المزارعين أغلبية" وكانت هذه التوجهات هي المقدمة لطرح السياسة الاقتصادية الجديدة" النيب " في عام 1922 والتي انطلقت من إعادة النظر بالتوجهات المبكرة التي تبناها لينين في بداية الثورة، وخاصة ما يتعلق بالتـأمين والمصادرة وإلغاء الإنتاج البضاعي الصغير، وقدم رؤيته الجديدة التي انطلقت من حفز وتشجيع رأس المال الأجنبي والمحلي للإسهام في بناء اقتصاد الدولة الفتية كمرحة انتقالية لمحاولة إنجاز ما لم تنجزه البرجوازية الروسية قبل الثورة.
اعترض بليخانوف وكاوتسكي على توجيه الثورة في روسيا نحو سلطة العمال منذ البداية منطلقين من ان بلد مثل روسيا يتشكل اقتصاده أساسا من الإنتاج البضاعي الصغير وأغلبية سكانه من الفلاحين لا يستطيع النهوض بمهام الثورة الاشتراكية، وحذرا من نشوء نظام استبدادي, وتنبأ كاوتسكي في مطلع الثلاثينات بتعذر استمرار التجربة.
أدرك لينين لهذه الحقيقة وكان ينتظر الثورات العمالية في القارة الأوروبية وبشكل خاص في ألمانيا وفرنسا وإيطاليا لقد زكى لينين هذا الاتجاه في كتاباته بمناسبة الذكرى الرابعة لثورة أكتوبر حيث قال في صريح العبارة " كنا نفترض دون حساب كاف، بأننا سنتمكن بالأوامر الصريحة التي تصدرها الدولة البروليتارية من أن ننظم على الطريقة الشيوعية في بلد من صغار الفلاحين، إنتاج وتوزيع المنتجات من جانب الدولة إلا ان الحياة بينت خطأنا وتبين انه لا بد من سلسلة من الدرجات الوسيطة، رأسمالية الدولة، ففي بلد كهذه لا يمكن للثورة الاشتراكية إن تنتصر الا بشرطين:
الأول:- تدعمها في الوقت المناسب الثورة الاشتراكية في بلد أو عدة بلدان متقدمة.
الثاني:- التفاهم بين البروليتاريا التي تتسلم زمام السلطة وبين أغلبية السكان الفلاحين، إن الفلاحين مستاءون من شكل العلاقات وإنهم لا يريدوا أن يعيشوا بعد اليوم على هذا النحو، وينبغي لنا أن نأخذ رغبتهم بعين الاعتبار، وبذلك قرر المؤتمر العاشر للحزب الشيوعي في روسيا الاستعاضة عن التأمين والمصادرة بالضريبة العينية.
حققت المرحلة الانتقالية السياسة الاقتصادية الجديدة " النيب" نجاحات ملموسة في مجال إعادة بناء الاقتصاد السوفيتي المدمر من أثار الحروب الداخلية والخارجية، لم تدم هذه المرحلة طويلا فقد أعاد ستالين اقتصاد شيوعية الثكنات من جديد، ورافق هذا التوجه حملة واسعة من القمع والإرهاب طالت ملايين البشر لفرض النموذح الستاليني بالقوة، باستيلاء الدولة على مختلف إشكال الملكية في الأرياف والمدن، وإدارة الاقتصاد بأسلوب أوامري بيروقراطي.
كان لتصدي شعوب الاتحاد السوفيتي للعدوان النازي، والتحام الدولة والحزب والشعب في معركة واحدة ضد المحتلين النازيين، والانتصار العظيم الذي حققته الدولة السوفيتية، ودخول الجيوش السوفيتية برلين وعواصم شرق أوروبا اكبر الأثر على خروج الاتحاد السوفيتي من عزلته، وإعطاء الدولة السوفيتية دعما وزخما هائلا, مكنها من البروز كقوة عظمى لا يمكن تجاهلها في أي قضية تطرح على بساط البحث، وكاتجاه رئيسي في الصراع الدولي والحرب الباردة التي نشأت بعد الحرب العالمية الثانية، وتعزز هذا الدور بفضل الدعم الذي قدمه الاتحاد السوفيتي لشعوب الدول المستعمرة في أسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية في نضالها من أجل الاستقلال والتحرر الوطني، كل ذلك اكسب الدولة السوفيتية شرعية وطنية وأممية، الا ان أحلام خورتشوف الوردية بإقامة النظام الشيوعي قبل نهاية القرن العشرين قد تبددت، ودخل الاتحاد السوفيتي في كوما في عصر بريجينيف وخاصة في المرحلة الاخيرة، ولم يتمكن من احراز أي تقدم في المجالات الاقتصادية والاجتماعية، وبدأت مظاهر الأزمة في الربع الأخير من القرن الماضي في البروز دون علاج ، وقد أسهم كل من غوربتشوف ويلتسن بالتسريع في انهيار الدولة السوفيتية، والسؤال الهام هل كان الانهيار حتمية تاريخية ..؟ والسؤال الأخر هل كان من الممكن تحقيق الاشتراكية التـــي كتب عنها لينين عشية الثورة او في بداياتها الأولى وقبل طرحه السياسة الاقتصادية الجديدة النيب ..؟ ، اعتقد ان الانهيار لم يكن حتمية تاريخية وكان من الممكن تفاديه لو توفرت الإرادة السياسية لدى قيادة الدولة السوفيتية في وقت مبكر بتحقيق إصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية تخرج الدولة السوفيتية من ألازمة، ليس باتباع سياسات حقبة شيوعية الثكنات، كما إنها ليست الصيغة المبنية على فكرة " كل حسب حاجته" أي بمعنى إنها ليست المساواتية التي تفقد القدرة على التنافس الحر في ظل تكافؤ الفرص، ولن تقوم على التأميم والمصادرة لكافة الفروع والقطاعات الاقتصادية بغض النظر عن حجمها، وتحويل الطبقة العاملة والفلاحين والمثقفين والمبدعين الى موظفين في مؤسسة بيروقراطية، فالثروات الأساسية للدولة هي ملك للشعب وينبغي عدم التفريط بها ، كما ان للدولة دور هام يجب القيام به في مجال التنمية الاقتصادية، وفي مجال تحسين وتطوير الخدمات العامة للمجتمع، ووضع الضوابط الكفيلة لمنع الجشع والاستغلال، أي بمعنى الوصول الى صيغة جديدة ،وهذه الصيغة ليست الليبرالية المتوحشة، كما انها ليست رأسمالية الدولة البيروقراطية، لكن الحياة نفسها كفيلة بتقديم صيغ جديدة تلائم مستجدات العصر، شريطة ان تتوفر لدى قيادة الحزب والدولة الدوافع الحقيقية لتوفير الحوافز الكفيلة لتطوير مؤسسات الدولة وتحقيق إصلاح كامل في مختلف مجالات الحياة ، مع ضمان وجود ديمقراطية حقيقية تعكس نبض الشارع ، وتعكس مدى نجاح أو إخفاق القيادة بتحقيق إنجازات سواء في الوضع الاجتماعي وما يتصل بتحسين وتطوير الخدمات الصحية والتعليمية وتوفير السكن المناسب، وتحقيق رفاهية المجتمع ، مع العناية الفائقة لتحقيق نمو اقتصادي بوتائر عالية تتناسب مع إمكانيات دولة كبرى،
يمكن الاستخلاص مما تقدم أن الماركسية ذاتها تحتاج إلى مراجعة وتجديد، ومع انهيار التجربة السوفيتية لم يعد هناك محرمات، وقد برز العديد من المفكرين وبشكل خاص في أوروبا وأمريكا الذين أشاروا إلى الحاجة الموضوعية لرؤية ماركسية نقدية للنظام الرأسمالي بشكله الحالي" النيوليبرالية"، الرأسمالية العولمة، لقد نقد ماركس الرأسمالية ضمن مرحلة تاريخية من تطورها، ونجحت الرأسمالية من الإفلات من أزماتها عبر الصيغ التجديدية التي طرحتها بمراحل مختلفة، مستفيدة من الثورات العلمية والتطورات الهائلة في مجالات التكنولوجيا، أما الماركسية فكان الاقتراب منها من المحرمات وتحولت الى عقيدة جامدة.
الفرصة التاريخية مهيأة الآن للاستفادة من الأزمة التي تمر بها النيوليبرالية في علاقاتها مع قوى اجتماعية داخلية وصراعها العنيف مع دول آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية، أي بين المركز والأطراف " حسب توصيف الدكتور سمير أمين" لتحليل مظاهر الاستغلال الرأسمالي بشكله الجديد وإمكانية تجاوزه والتحرر من الاستغلال والاستلاب والتمييز، وقد برزت حركات سياسية واسعة في طول العالم وعرضه في مواجهة الرأسمالية المتوحشة " العولمة الرأسمالية" وكان للحركات السياسية التي برزت في أمريكا اللاتينية الدور الأبرز والاهم حيث نجحت هذه الحركات في العديد من الدول في الوصول الى السلطة عبر صناديق الاقتراع، تحت شعارات يسارية بمضمون اجتماعي " اليسار الاجتماعي"



#فهمي_الكتوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نقد الفكر الرأسمالي بين نظريات القرن التاسع عشر ومستجدات الع ...
- مشروع قانون ضريبة الدخل يعمق الفجوة بين الفئات الاجتماعية
- مشروع قانون ضريبة الدخل يعمق التشوهات الهيكلية للاقتصاد ولا ...
- الذكرى التاسعة لوفاة شيخ النقابيين والابن البار للطبقة العام ...


المزيد.....




- مقتل 5 أشخاص على الأقل وإصابة 33 جراء إعصار في الصين
- مشاهد لعملية بناء ميناء عائم لاستقبال المساعدات في سواحل غزة ...
- -السداسية العربية- تعقد اجتماعا في السعودية وتحذر من أي هجوم ...
- ماكرون يأمل بتأثير المساعدات العسكرية الغربية على الوضع في أ ...
- خبير بريطاني يتحدث عن غضب قائد القوات الأوكرانية عقب استسلام ...
- الدفاعات الجوية الروسية تتصدى لمسيرات أوكرانية في سماء بريان ...
- مقتدى الصدر يعلق على الاحتجاجات الطلابية في الجامعات الأمريك ...
- ماكرون يدعو لمناقشة عناصر الدفاع الأوروبي بما في ذلك الأسلحة ...
- اللحظات الأخيرة من حياة فلسطيني قتل خنقا بغاز سام أطلقه الجي ...
- بيسكوف: مصير زيلينسكي محدد سلفا بوضوح


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - فهمي الكتوت - نقد الفكر الرأسمالي بين نظريات القرن التاسع عشر ومستجدات العصر2