أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - محمود عباس - كيف نقيم المبدعين الكورد














المزيد.....

كيف نقيم المبدعين الكورد


محمود عباس

الحوار المتمدن-العدد: 7827 - 2023 / 12 / 16 - 07:54
المحور: القضية الكردية
    


قبل فترة كتب الأخ (بسام مرعي) من على صفحته في الفيس بوك، عن الإحباط الذي حصل عليه أحد الناس بعد اللقاء والحديث المباشر مع أحد الفنانين الذي كان معجبا بصوته وغنائه، وأضاف عليها خاطرة قيمة عن التناقض ما بين المبدع وإبداعاته، أي بين مفاهيمه وما يفعله في الحياة العامة، وهي بشكل ما تندرج ضمن جدلية الانعكاسات السلبية التي يتلقاها البعض عند اللقاء مع الكتاب والفنانين والشعراء الكورد الذين كانوا يحتلون مكانة محترمة أو مبجلة عندهم قبلها. وهي إشكالية عامة ومثيرة وقابلة للجدل، كتب فيها الكثيرون ومن أوجه متنوعة، تأذت منها أغلب المبدعين وخاصة في مجالات الفكر والفن والعلم.
في الواقع الإشكالية ليست في المبدعين، عندما يسقطون من أبراجهم التي وضعهم الناس فيه، وتزال عنهم الهالة والهيبة التي رسموها حولهم قبل اللقاء بهم، وهي جدلية مثيرة ليست وليدة هذا العصر، بل غارقة في القدم، فما يقال اليوم هي ذاتها ما قيل فيهم البارحة، وكثيرا ما نسمع تهكم على حديث لمبدع في تجمع ما، فيتلقفها العامة ليكيلوا النقد تصل أحيانا إلى سوية الاستهزاء به وبإبداعاته. أتذكر أحدهم نقد من على صفحته في الفيس بوك، كاتبا كورديا لغزارة نتاجه، وعلى أنه لم يطلع عليه لأنه يراه إنسانا من شبه المستحيل أن ينتج بهذه الغزارة وهو رجل عادي، دون أن يدرك المتهجم أن المبدع يحمل طفرة جينية خارقة في هذا المجال؛ لا قدرة له في معرفة ملكاتها.
هذه المعاملة وتناقضاتها هي ذاتها كانت مع المبدعين والعظماء طوال التاريخ، أمثال سقراط، وزينون، وسينيكا، وليوناردو دافنشي، وميكيل أنجلو، وكانت، وسبينوزا، وفان كوخ، وبيتهوفن، وموزارت، أو حتى الأنبياء وما يسمون بالعظماء في التاريخ وخاصة السياسيين وقادة الجيوش وغيرهم، معظمهم تألقوا من خلال ما وصلتنا من نتاجهم ومفاهيمهم دون الثانويات من علاقاتهم اليومية. ويدرج في خانتهم البعض من مفكرينا وكتابنا الكورد والفنانين، والشعراء، وغيرهم من المبدعين، الذين في الواقع هم من البسطاء عندما يعزلون عن ملكة الإبداع وحيث الطفرة الجينية الفكرية والمهيمنة على أعمالهم اليومية، دونها فهم يأكلون ويشربون ويذهبون إلى الحمام ويمارسون الجنس كغيرهم من الناس. فسقوط التقدير أو تغيير النظرة إليهم، هي نتيجة غياب الحكمة لدى الناس الذين كانوا يتوقعون عند اللقاء بهم على أنهم سيلتقون بأشباه الآلهة، وليسوا مع أفراد من المجتمع.
تقييم المبدعين بالكلية المطلقة، دلالة عدم الوعي وخطأ فادح، فهم بشر يحملون كل الصفات الإنسانية، السلبية والإيجابية، كالخجل أو العبث في الحياة، الغضب والحلم، السعادة والحزن، أو ضعف ملكية الحديث السلس، البخل أو الكرم، الجبن أو الشجاعة المتهورة، الصحة والمرض، النشاط والكسل، وغيرها من السمات التي خلقت مع الإنسان.
يجب عدم التناسي المهم والأهم، أن يتعاملوا مع السمة التي ظهروا بها كشخصيات منفردة ومختلفة عن الأخرين، والتي هي طفرة جينية متطورة، يتفوقون بها على غيرهم في المجتمع، وعلى عتباتها تظهر مداركهم التي تبهرنا وإبداعاتهم التي نستمتع بها، تضحكنا وتحزننا، تلهينا وتغمدنا، تدفعنا إلى الصراع مع الحياة بعزم أقوى.
على الناس عند ملاقاتهم أو الحديث معهم، البحث عن تلك الطفرة المميزة، وعدم الخروج من جغرافيتها، وحيث سمو ملكاتهم، حينها لن يخسروا تقييمهم السابق لهم، ولن يصيبهم الإحباط، بل سيحافظ الملتقي بهم على تقديره لهم. دونها لن يراهم الناس سوى أحد البسطاء من الناس وربما أدنى في أحاديثهم ومفاهيمهم وأحكامهم، ولبسهم وأسلوب مأكلهم. وقد نوافق إلى حد ما مع قول الأخ بسام التالي "ربما الاحتفاظ بالصورة الجميلة أحسن من المفاجئات التي قد تحملها هكذا لقاءات".
من الخطأ، التعامل معهم كبشر يحملون صفات الكمال السوبرمان أو أشباه الآلهة، فهم دون الطفرة الجينية المميزة يحملون الكثير من النواقص، دونها التقييم هي ناقصة في وعي المتعامل معهم وليس في المبدعين.
المبدعون الكورد الذين نتحدث معهم من على صفحات التواصل الاجتماعي، أو نلتقي بهم في قاعات بعض المؤتمرات أو التجمعات الاجتماعية، نراهم يلبسون كغيرهم ويتحدثون ربما بطريقة أقل تأثيرا من بعض المتكلمين من الناس، وربما أفكارهم في خارج مجال إبداعاتهم بسيطة ولا تجلب الانتباه، يتناسى الناس ملكة الإبداع لديهم، وبماذا يتفوقون، فتخرج أحكامهم كحكم زوجة سقراط عندما كانت تراه إنسان فاشل، لم يتمكن من تأمين أبسط مستلزمات الحياة المعيشية لها ولعائلته، وكما كان الشارع يتعامل مع فان كوخ كإنسان مشرد لا قدرة له على تأمين أبسط مستلزمات الحياة، وكان يعيش عالة على أخيه، وكالحائز على جائزة النوبل في الكيمياء لخجله لم يتمكن من إلقاء كلمة الشكر أمام اللجنة والحاضرين، أو كتقييم خادم نابليون الذي كان يقول غريب أمر العالم وهم يعظمون هذا الإنسان الذي أراه عاريا يوميا، يأكل ويشرب وينام كغيره من البشر، ولم يدرك أن ما كان يقوله نابليون في حضرته؛ والتي لم يكن يجده حديثا مختلفا عن غيره من الناس الذين حوله، كانت تهز عروش أوروبا، وما كان يقوله سقراط كانت تهز حكماء وقادة أثينا، وما رسمه فان كوخ ولم يقيمه المجتمع الذي عاش معه وكانوا يرونه مهترأ الثياب في الشوارع، تباع اليوم بالمليارات، وما فعله ليوناردوا دافنشي وميكيل أنجلوا وبتهوفن وموزارت وتولستوي وغيرهم بنيت عليها الحضارات، وليست ما كانت عليه معاملتهم اليومية مع المجتمع، ولا نستبعد أن مبدعينا في هذا اليوم هم قادة الحركة التنويرية لشعبنا الكوردي.
لذا يتوجب علينا أن نقدر مبدعينا، من المفكرين والكتاب والفنانين والشعراء، حملة الطفرة الجنينية المتطورة، الذين يسخرون نتاجهم لشعبهم، وكثيرا ما ينسون ذاتهم وعائلاتهم، يجب أن نقدرهم عند اللقاء كقبل اللقاء بهم، في حياتهم وليس بعد رحيلهم.
د. محمود عباس
الولايات المتحدة الأمريكية
15/12/2023م



#محمود_عباس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العقد الإجتماعي للإدارة الذاتية
- صبري عباس في ذاكرة الزمن
- إيران تنهب ميليشياتها
- أمريكا لن تخرج من كوردستان
- هدفي من الكتابة
- هل هكذا ستكون كوردستان القادمة
- الأحزاب الكوردية لا تمارس السياسية
- في عصرنا هذا
- إيران تحرق المنطقة
- هل ستخسر إسرائيل
- تواطؤ الدول العربية والإسلامية
- خيانة أردوغان لتاريخ كركوك - 2/2
- خباثة تحريف أردوغان لتاريخ الكورد 1/2
- من يمثل النبي داوود أو جالوت الجبار
- الهوية الوطنية وإدارة التنوع
- ماذا يحتاج الكورد لتشكيل لوبي في أمريكا
- دور روسيا في الصراع الجاري بين إسرائيل وحماس
- الشرق الأوسط لن تكون كما هي عليه الأن
- الإعلام منافق، العربية-الإسلامية والأمريكية مثالاً
- متى سيتم إسقاط نظام بشار الأسد


المزيد.....




- منظمات إغاثة دولية: تعطل الخدمات الطبية بعد بدء إسرائيل عملي ...
- الأمم المتحدة تنتقد قرار إخلاء مدينة رفح وتعتبره -غير إنساني ...
- الجيش الأمريكي يعلق على اعتقال جندي أمريكي في روسيا
- صحيفة إسرائيلية: السجون لم تعد تتسع للمعتقلين الفلسطينيين
- NBC: اعتقال عسكري أمريكي في روسيا
- إعدام دفعة جديد من المدانين بـ-جرائم إرهابية- في العراق
- عاجل | مكتب نتنياهو: مجلس الحرب قرر بالإجماع استمرار العملية ...
- اليونيسيف تحذر : الهجوم البري على رفح الفلسطينية سيهدد 600 أ ...
- نائب رئيس حماس: تبادل الأسرى والمحتجزين سيتم على 3 مراحل
- الأمم المتحدة تدعو إلى تجنب التصعيد بعد إعلان موسكو عن تدريب ...


المزيد.....

- سعید بارودو. حیاتي الحزبیة / ابو داستان
- العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس ... / كاظم حبيب
- *الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 * / حواس محمود
- افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_ / د. خليل عبدالرحمن
- عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول / بير رستم
- كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟ / بير رستم
- الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية / بير رستم
- الأحزاب الكردية والصراعات القبلية / بير رستم
- المسألة الكردية ومشروع الأمة الديمقراطية / بير رستم
- الكرد في المعادلات السياسية / بير رستم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - محمود عباس - كيف نقيم المبدعين الكورد