أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سامح عسكر - مفهوم النصر والهزيمة في غزة..من المنتصر ومن المهزوم؟















المزيد.....

مفهوم النصر والهزيمة في غزة..من المنتصر ومن المهزوم؟


سامح عسكر
كاتب ليبرالي حر وباحث تاريخي وفلسفي


الحوار المتمدن-العدد: 7821 - 2023 / 12 / 10 - 12:00
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


هذا سؤال يشغل الملايين ممن يستعجلون النتائج، ولا يدركون طبيعة هذه الحرب الجارية، وأنها ليست سوى مجرد فصل واحد من الصراع الإسرائيلي الفلسطيني بشكل خاص، والعربي الإسلامي الصهيوني بشكل عام..

لست ممن يُشغلون أنفسهم بتسمية المنتصر والمهزوم، وأحذر من التفكير بهذه الطريقة لأن آثارها على الفكر والعقل والسلوك قد تكون سيئة، فمن تراه منتصرا سوف تُصدم من خسارته بعد ساعات وأيام..والعكس صحيح، أن من تراه مهزوما سوف ترى خلال ساعات وأيام ما يدل على انتصاره..

هذه حرب كر وفر..ومعاييرها مختلفة عن طبيعة الحروب السريعة أو التي تتصف بها الجيوش النظامية

بالنسبة لإسرائيل: فالنصر لديها يعني القضاء على حماس وتحرير أسراها وتحويل قطاع غزة لعرب 48 آخر لا يهش ولا ينش، ولا مانع من تهجير سكان القطاع لدول مجاورة لتصفية قضيتهم..

أما بالنسبة للمقاومة: فالنصر لديهم يعني البقاء وتحرير الأسرى الفلسطينيين بالسجون الإسرائيلية من خلال عملية تبادل..

هذه أهداف معلنة لكل طرف ، ومن خلالها يتسرع البعض بإعلان النصر والهزيمة

دعونا نفكر بشكل آخر..

أولا: تم تدمير أكثر من نصف منازل ومؤسسات قطاع #غزة، وعمليا لم تعد أغلب مناطق وأحياء القطاع صالحة للعيش، في مقابل دمار متوسط لآلاف المنازل الإسرائيلية كليا أو جزئيا بفعل الصواريخ، والمقارنة من باب إعطاء المثال على قدرة كل طرف على التعويض..ولا شك أن إسرائيل تتمتع بهذه القدرة وبالتالي مدنيا لم تتضرر بشكل يُقارن بالذي حدث في القطاع..

ثانيا: النصر في فلسطين لا يتحقق في عام أو اثنين أو خمسة أو حتى عشرة، هذا عملية بناء طويلة الأمد تعتمد على سلسلة قد تكون طويلة من العمليات والمواجهات، مثال على ذلك عندما تقارن صواريخ المقاومة البدائية قبل 17 عاما بطبيعتها الآن..أو بسلاح الحجارة والطوب قبل عشرات الأعوام بالكلاشينكوف والعبوات الناسفة بالضفة، أو بطريقة تكوين حركة حماس مثلا في بداياتها وأنها مجرد مجموعة ملتفة حول زعيم مُلهِم إلى تيار فلسطيني كبير له أجنحة سياسية وعسكرية واقتصاد موازي وإعلام قوي وداعمين إقليميين وحلفاء ومتحدثين رسميين..

ثالثا: السلطة الفلسطينية بالضفة تعيش أحلك وأضعف فتراتها السياسية على الإطلاق وصارت متهمة عند البعض بأنها مجرد تابع للاحتلال وتقف عاجزة عن وقف الإبادة الجماعية بحق سكانها سوى بلغة التنديد والشجب دون رد فعل مناسب.

رابعا: ضعف السلطة الفلسطينية لا شك يصب في صالح كافة فصائل المقاومة، حيث يزيد من شعبية الفصائل ويطرح الأسئلة والألغاز المبهمة حول مستقبل هذه السلطة خصوصا بعد رحيل عباس..

خامسا: التطبيع مع إسرائيل توقف تماما..ولن يجر الحديث عنه سوى بعد سنوات، أو ربما عقود شريطة تحلي إسرائيل بالمسؤولية والتزامها بالحق الفلسطيني، ومصير من طبّع حاليا على المحك مع شعبه ومحيطه الإقليمي بعد انكشاف حجم الإبادة والجرائم التي تقوم في بعض جزئياتها على أساس ديني يتعارض مع عقيدة وهوية جماهير المُطبّع مما سيُوجد أزمة قرار وشكوك حول بقاء واستمرارية هذا التطبيع من عدمه..

سادسا: إسرائيل على مقربة من عزلة دولية غير مسبوقة بعد سلسلة من قطع العلاقات وسحب السفراء لن تتوقف في الأيام المقبلة، وربما تتوسع بشكل سريع بعد وصول أرقام الإبادة لمستويات مخيفة..

سابعا: فصائل المقاومة الفلسطينية لا شك هي تعاني حاليا ولكنها مستمرة في القتال، والباحث في عقلية حروب المقاومات بالتاريخ يرى أن معاناة أي مقاومة للاحتلال هي جزء من هويتها ونظامها التعليمي..يعني لا تتوقع أن عناصر المقاومة الفلسطينية غير مجهزين ماديا ومعنويا لتلك الأزمة..بل يستعدون لها منذ سنوات ويمكن القول أنها جزء من ثقافتهم بالأساس..

ثامنا: على الجانب الآخر هل جنود الجيش الإسرائيلي وقادته وشعبه مستعدين لنفس المستوى والقدر من المعاناة،أم أن إسرائيل حكومة وشعبا صارت تعطي للرفاهية واللذة أولوية العيش على الحروب والصراعات؟..وهل فكرة سيطرة إسرائيل وتحييدها بعض الدول المجاورة والأحزاب صارت واقعية أم أن تاريخ إسرائيل لا زال به حروب مدمرة لم تبدأ بعد..

تاسعا: لأول مرة في تاريخ الصراع في فلسطين يحدث جدل أمريكي حول أخلاقية الدعم لإسرائيل أو أنه يتسق مع القانون الأمريكي، ولأول مرة في تاريخ أمريكا والغرب يخرج هذا الحشد المليوني الكبير الداعم لفلسطين والمندد بجرائم إسرائيل ويصفها على أنها استمرار للجرائم النازية والفاشية القديمة..ولا شك أن هذا التحول الكبير في الرأي العام الغربي حدث غير اعتيادي يجب النظر إليه كمرحلة فارقة في تاريخ الصراع..بمعنى أن ما قبل 7 أكتوبر ليس كما بعده..

عاشرا وأخيرا: عدد الضحايا لدى كل فريق مؤثر طبعا، لكن وجهة هذا التأثير ليست على مستوى الميدان لأن أغلبية الضحايا مدنيين..والخسائر على مستوى المقاتلين في أقل معدلاتها بالنسبة للأرقام المعلنة، مما يعني أن ارتفاع عدد ضحايا الحرب سيؤثر إعلاميا فقط ناحية (إدانة إسرائيل وحماس) دوليا، وسيشكل ضغطا هائلا على إسرائيل أكثر بوصفها من قتلت 17 ألف فلسطيني نصفهم أطفال خلال شهرين اثنين..لكن تأثير ذلك على مستوى الميدان قليل، يبقى خط النار مفتوح بين الجانبين ربما لشهور مقبلة إذا لم يجد جديد..

باستعراض النقاط العشرة نراها على المستوى الاستراتيجي تشكل حدثا جوهريا فارقا في تاريخ الصراع، ومن خلالها نتعرف على وجهات نظر ومرجعيات من يستعجلون النصر، فمن يريد النصر لإسرائيل يعلن ذلك من خلال حجم الدمار والقتل..والمثير للسخرية أن نفس الحجة يعتمدها من يريد النصر للمقاومة..بمعنى أن (الدمار الكبير والقتل) حجة عند الطرفين لإعلان النصر من خلال المرجعية التي تنطلق منها..

فمن ينطلق من مرجعية (كراهية فلسطين والمقاومة وحماس) سوف يفسر هذا الدمار على أنه استهتار من حماس والمقاومة وتضحية منهم بالشعب الفلسطيني..

ومن ينطلق من مرجعية (كراهية إسرائيل والصهيونية) سوف يفسره على أنه جرائم ودموية صهيونية تتحدى الأديان والشرائع وتتصادم مع كل مقررات الأخلاق والعقل..

لكن لو انطلقنا من مرجعية فكرية تنظر لحجة هذين الطرفين نرى أن المقاومة تتبع نَهَجا يمكن وصفه بالذكاء..أنه لست بحاجة لامتلاك قوة كافية لتهزم إسرائيل، بل من خلال قوة إسرائيل تهزم إسرائيل، بمعنى أن تصوير إسرائيل دوليا بمجرم الحرب والذي يدمر البنى التحتية الفلسطينية ويقتل النساء والأطفال ويتحدى النداءات العالمية ويخالف الإجماع الدولي..كل هذا يحقق أهداف المقاومة..

إن إبعاد إسرائيل عن حلفاؤها وشركاؤها الدوليين وتصويرها كدولة منبوذة، وأن كل حليف لإسرائيل سوف يفكر في تكاليف وأثمان هذا التحالف مما يؤيدي لمنع الدعم لإسرائيل أو تخفيضه والحد منه يحقق أهداف المقاومة..

لذلك قلت: أن هذه معركة النَفَس الطويل والنصر فيها عبارة عن بناء طويل وسلسلة من المواجهات والضربات الخاطفة التي يمكن وصفها (بجولات الصراع المؤقتة) وتقدير حجم مكاسب وخسائر كل طرف هو الذي يحدد بشكل كبير حجم وطبيعة المواجهة القادمة، فما نراه حاليا في غزة لن يكون الأخير..بل الحرب مستمرة ما دام الاحتلال باقيا، والصراع يتجدد ما دامت إسرائيل تنكر حقوق الشعب الفلسطيني وتستمر في مصادرة أراضيه أو حصاره أو قتله وإرهابه لمنعه من الاعتراض ..



#سامح_عسكر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاستشراق كضرورة معرفية للتنوير
- حول مشروع نتنياهو بالتغيير الثقافي في غزة
- خطاب حسن نصر الله والدور المتوقع لحزب الله في حرب غزة
- قراءة في الانتخابات الرئاسية المصرية
- معنى الحاجة للاحتفال بالمولد النبوي
- حقيقة سلطة المحتسب وجماعات المطاوعة..القرآن يرد عليهم
- العرّاف توفيق عكاشة بين الواقع والخرافة
- الأخلاق في الدين الإسلامي..من سلسلة الرد على الإلحاد
- الوباء الأمريكي على الشرق الأوسط
- القرآن براء من السب والشتم
- الحدوث والخلق في الفكر السلفي
- عادل إمام ورسائل بين السطور
- من قصص التكفير في التراث الإسلامي...عجائز نيسابور
- صراع السلطات الدينية والسياسية..الطلاق الموثق نموذج
- حين تدعو الدراما إلى الجريمة
- موقف الإسلام من العبودية
- الحلف بين الإخوان واليسار..يوسف البدري نموذج
- الإسلام بين الفقه والحديث..أيهما أولى؟
- أزمة الفكر الإسلامي..علم الحديث نموذجا
- خرافة أكل المصريين للحوم البشر في الشدة المستنصرية


المزيد.....




- تناول 700 حبة بأقل من 30 دقيقة.. براعة رجل في تناول كرات الج ...
- -كأنك تسبح بالسماء-.. عُماني يمشي على جسر معلق بين قمتين جبل ...
- روسيا غير مدعوة لمؤتمر -السلام- وسويسرا تؤكد ضرورة وجودها -ل ...
- شاهد: موسكو تستهدف ميناء أوديسا بصاروخ باليستي وحريق هائل يص ...
- روسيا تنفي اتهام أمريكا لها باستخدام أسلحة كيماوية في أوكران ...
- بولندا تقترح إنشاء -لواء ثقيل- لأوروبا دون مشاركة الولايات ا ...
- عقيد أمريكي سابق يكشف ماذا سيحدث للولايات المتحدة في حالة ال ...
- سيئول تنوي مضاعفة عدد الطائرات المسيرة بحلول عام 2026
- جورج بوش الابن يتفرغ للرسم.. وجوه من خط في لوحاته؟
- من بيروت.. رئيسة المفوضية الأوروبية تعلن عن دعم بمليار يورو ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سامح عسكر - مفهوم النصر والهزيمة في غزة..من المنتصر ومن المهزوم؟