أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد حسين النجفي - تربية المُسلسلات















المزيد.....

تربية المُسلسلات


محمد حسين النجفي
رئيس تحرير موقع أفكار حرة

(Mohammad Hussain Alnajafi)


الحوار المتمدن-العدد: 7817 - 2023 / 12 / 6 - 10:21
المحور: الادب والفن
    


كنا نقضي معظم أوقات طفولتنا في بيوتنا او نلعب في الحارة مع أبناء الجيران. كنا ننام مبكراً ونستيقظ مبكراً، الى ان دخل التلفاز الى بيوتنا وأصبح مهماً في حياتنا، وبدأنا نشاهد الأغاني والأفلام والمسلسلات العراقية والعربية والاجنبية. كانت القصص تدور حول البطل والبطلة والمجرم، وتنتهي بانتصار البطل، وكنا نسميه "الولد" لأنه مع الحق، ويخسر المجرم لان الشر يجب ان يخسر. كان هذا السيناريو مفهوم ومقبول ومحبوب اجتماعياً ومن قبل الإباء والابناء.
تطورت التكنولوجيا وتغير الزمان، ولم تعد قصص الماضي تشد القارئ او السامع او المُشاهد في القرن الواحد والعشرين. والإنتاج الفني صناعة تجارية لا بد من استمرارها وضمان ربحيتها، وهذا حق مشروع لا ننازع فيه أحد. ما يمكننا ان ننازع فيه هو ما الذي يقدمه هذا الفن الذي دخل بيوتنا ولا نقدر على منعه وعدم مشاهدته. نعم انه لهو وتسلية بالدرجة الأولى، انه ليس مُنتج إرشادي ديني او علمي أكاديمي، انه "بزنس" (تجارة)، نعم انه بزنس، ولكن ما تأثير هذا النوع من وسائل الترفيه علينا وعلى الشباب وعلى الكيان العائلي! هل يقدم لنا النموذج الأفضل من ان الجريمة لا تجدي، وان المجرم سيُقتل او يسجن!
لا أنكر من انني أحد المشاهدين للمسلسلات اللبنانية والسورية والمصرية والتركية المدبلجة. كذلك اشاهد الأفلام والمسلسلات الامريكية. لا تندهشوا إذا قلت من ان الأفلام والمسلسلات الغربية ذات قيمة معنوية واخلاقية أفضل وأرقى من المسلسلات العربية. الغرب أضاف الرعب والدماء والغموض والالفاظ البذيئة الى انتاجه الفني، إلا انه لم يفقد بوصلة النهاية، "الحكمة من الحكاية".
تُقدم لنا المسلسلات الحديثة سيناريوهات تعيد نفسها، اخوة يتصارعون على نفس الفتاة، خيانة زوجية مع اخ الزوج او اخت الزوجة، الكل لديهم أبناء غير شرعيين يظهرون فجأة في منتصف المُسلسل، غنى فاحش، سلطة ونفوذ غير محدود، قصور فارهة لا يملك مثلها حتى الامراء والملوك.
كي يطلب اليد للخطبة يحجز المطعم برمته، مصحوباً بغابة من الورود وموسيقى تعزفها شابة انيقة، يختات في البحار، طائرات خاصة، اما الملابس فحدث ولا حرج، كلها ماركات مشهورة وغالية، لم تظهر الفتاة بنفس البدلة أكثر من مرة واحدة، احياناً نفس اليوم بدلتين او أكثر. بذخ مفتعل وسخيف ورخيص، ونفس السيناريو يعيد نفسه مرات ومرات ومرات، وتتحول قصة قصيرة الى خمسين او ستين حلقة او أكثر.
دعك من كل هذا لان ذلك ربما حشوٌ لتسويق عدد أكبر من الحلقات! المهم القيمة والحكمة والدرس والإرشاد الذي سيستفيد منه المشاهد الكريم في النهاية. سابقاً كان المجرم وحده الذي يرتكب الجريمة، اما في مسلسلاتنا العربية والتركية، فإن الجريمة حق مشروع للجميع! وكأنها جزء من العادات والتقاليد الموروثة.
أما الخيانة الزوجية، الجريمة النادرة المخلة بالعرض والشرف فإنها لم تعد حكراً على الرجل الذي كان يمارسها مع بنات الهوى، وانما أصبحت ضمن حقوق المساوات بين الرجل والمرأة، والخيانة أصبحت خطأ او زلة لابد من تفهمها وتقبلها وعدم تحطيم اسرة اُسُسَها مرصوصة بالمجوهرات والجاه والقصور والمال والبنون.
أما "البزنز"، فكلهم يتعاملون بمليارات الدولارات، وكلهم نكتشف لاحقاً، انهم يتاجرون في المخدرات والأسلحة والأدوية المغشوشة، وانهم متغلغلين في أجهزة الشرطة والقضاء، ولا أحد في الدولة لا يُشترى او يُباع. والعجيب كلهم خبراء في الكمبيوتر والنت والفوتوشوب والتزوير والمكائد.
يُعرض حالياً مُسلسل لبناني "كريستال" ومُسلسل تركي مُدبلج "فريد"، ومُسلسل مصري "أنا شهيرة_ أنا خائن". دعني احدثكم عن الأخير أنا شهيرة، وشهيرة دكتوراه صيدلة، اعترف لها زوجها بندم انه خانها، لم تُضع وقتاً ابداً ذهبت في نفس اليوم وضاجعت زوج صديقتها المقربة اليها، وهي بذلك سددت الدين وانتقمت من زوجها بهتك عرضها وعرضه. مُسلسل فريد يتزوج من فتاة جميلة زواج عائلي علماً ان لديه حبيبة وهي لديها صديق، لا ينامون على فراش واحد وحوار لا نهاية له بينها لم ينتهي بالموسم الأول وانما مُستمر الى الموسم الثاني. أما مُسلسل كرستال الرائع! مبنيٌ على صراع بين فتاتين بنت العائلة الغنية مصممة الأزياء المشهورة مع بنت السائق التي تخدم في البيت، نافستها في مهنة التصميم وعلى الدكتور الذي يُحبها. مسلسل طويل عريض مليء بالخيانات والسرقات والمكائد والصراخ وأجمل عرض للأزياء، حتى الخادمات يلبسن ماركات مشهورة.
نتيجة هذه المسلسلات ان "كلوا محصل بعضوا" ليس مُهماً ان تكون طيباً او حريصاً او شريفاً، المهم ان تعيش برفاهية وتملك قصور وسيارات وطيارات وووو. وإذا كان هذا يتطلب ان نغش بمنتوجاتنا فبها، او نتاجر بالمخدرات والأسلحة ماكو مشكلة إذا لم نوفرها نحن سيوفرها غيرنا ويكسب مكسباً نحن أحق به.
هل فكر المجتمع، ما هو تأثير هذه المسلسلات التافهة على الشباب وعلى الروابط العائلية. أنا شخصياً لا أؤمن بالرقابة الحكومية الصارمة، التي مهمتها كتم الأصوات، وحذف الانتقادات الموجهة للحكام، ومنع مشاهد الخلاعة، وحذف الكلمات البذيئة، وغير ذلك. ولكن هناك رقابة تربوية واجتماعية، وتوجيهية لمجمع أفضل مفقودة من المعادلة. لا أتوقع ولا أشجع تلقين مجتمعنا ما هو صح وما هو خطأ، لكن ذلك لا يعني ان اخضعهم لغسيل دماغ مستمر صورة وصوت وتشويق، كل دلالاتها تشير ان لا تكون غبياً في هذه الدنيا، لأنها لا تؤخذ إلا غلاباً.
لا أدرى هل لاحظ اساتذتنا في علم النفس والاجتماع هذه الظاهرة، هل بحثوا مدى تأثيرها على العلاقات الاجتماعية، هل هناك بحوث اكاديمية على مستوى الماجستير والدكتوراه، هل درسوا ما تأثير ان تكون الخيانة الزوجية مجرد خطأ، يُحل بالاعتذار، وما هو تأثير ذلك على خريجوا الجامعات الذين لم يحصلوا على وظائف، ويشاهدون في المُسلسلات كيف ان المجرمين يعيشون حياة بذخ دون حساب او كتاب. أسئلة كثيرة نطرحها امام المختصين بالسلوك الإنساني كي يُبدوا رأيهم، لأننا امام كارثة سلوكية حالية ومستقبلية من أجيال متأثرة بما تتعلمه من المُسلسلات التافهة التي احكمت سيطرتها على الإنتاج الفني الأكثر رواجاً. المُسلسلات أضحت المؤثر الأقوى على تربية الأجيال الحالية والقادمة.
رئيس تحرير موقع أفكار حُرة
www.mhalnajafi.org
www.afkarhurah.com



#محمد_حسين_النجفي (هاشتاغ)       Mohammad_Hussain_Alnajafi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشعوب لا تُفنى ولا تُستحدث
- قراءة في يوميات كاتب في المنفي: مسارات الحروف وكواليس الكتاب ...
- يجب ان لا ننسى
- المناضل الصغير
- لقائي مع نجيب محفوظ
- أين اليسار العراقي (2)!
- امتحان الحرية الفكرية: سلمان رشدي أنموذجا
- أين اليسار العراقي؟
- سيتذكرونك يا مُظفر
- تبعات التبعية: قصة فتاة كربلائية
- يوم تحولت النوادي الرياضية الى معتقلات
- بيروت: مازلتِ ألاحلى في عيوننا
- التعليم العالي بين الأمس واليوم: الطالبة (س) نموذجاً
- قوة الأشياء
- مقاطعة الأنتخابات: البديل الأضعف
- نوري باشا السعيد: ملك العراق غير المتوج
- جَلسة عمل ساخنة في الحرم الجامعي
- رمضانيات(3): دروس مبكرة في العطاء
- رمضانيات (2) أموري في الصحن العلوي
- رمضانيات (1): في حضرة الأمام علي (ع)


المزيد.....




- أقوى أشارة لتردد قناة روتانا سينما 2024 لمشاهدة أحلى الأفلام ...
- زوج الممثلة الإباحية يتحدث عما سيفعلان -بعد نهاية محاكمة ترا ...
- الممثل الأمريكي هاريسون فورد لم يساند في هذا الخطاب المظاهرا ...
- مسلسل قيامة عثمان الحلقة 160 مترجمة باللغة العربية وبجودة HD ...
- لأول مرة.. مهرجان كان يخصص مسابقة لأفلام الواقع الافتراضي
- مشاهدة ح 160 مترجمة… مسلسل قيامة عثمان الحلقة 160 والموعد ال ...
- ضجة وانتقادات تحيط بزيارة محمد رمضان لمعرض الكتاب بالرباط
- اليابان بصدد تطوير منظومة قائمة على الذكاء الاصطناعي للترجمة ...
- بالغناء والعزف على الغيتار بملهى في كييف.. بلينكن للأوكرانيي ...
- وفاة -سيدة فن الأقصوصة المعاصر- الكندية أليس مونرو


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد حسين النجفي - تربية المُسلسلات