أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله تركماني - مخاطر الماضوية على مستقبل العالم العربي














المزيد.....

مخاطر الماضوية على مستقبل العالم العربي


عبدالله تركماني

الحوار المتمدن-العدد: 7813 - 2023 / 12 / 2 - 00:47
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


من المؤكَّد أنّ لا أحد يستطيع الادِّعاء أنه يملك حلاً سحرياً لتعديل صورة المستقبل، أو حتى يملك الرؤية الشاملة للخروج من المأزق الذي تمرُّ به المنطقة. بل أكثر من ذلك، فإنّ محاولة الإجابة الشاملة على التحدِّيات المطروحة هي جزء من تكريس الهوة والعمل على زيادتها، خاصة أننا أصبحنا نعيش في عالم لا يحتمل الشمولية واليقين المطلق في أي من مجالاته. وفي هذا السياق، نستطيع القول: إنّ محاولة الإجابة عن أسئلة المستقبل بأدوات الماضي، هي شكل من الاستعصاء الذي لا يمكن الخروج منه، وهو ما يعيد إنتاج الهوُّة بيننا وبين العالم.
إذ نحن لا نستطيع إعادة تكرار التاريخ وصنعه على طريقة سابقة، وهذا ما يقرُّ به الجميع. إننا نقرأ التاريخ لاستيعاب الحاضر، فالماضي مضى وانقضى، ولكنَّه شكَّل الحاضر ويحاصره ويؤثِّر في المستقبل حتى يكاد يصنعه على صورته. ولأنّ قراءة الحاضر مُختلَف عليها، فإنّ قراءات الماضي أيضاً متعددة ومختلَف عليها، ولم يعد غريباً القول إنّ لنا تواريخ وليس تاريخاً واحداً، والقراءات المتعددة للتاريخ مشروعة. لذلك، علينا الكفُّ عن محاولة حشر أنفسنا في صياغة تاريخ واحد، لأنّ الواحدية شكل قمعي لكل أنواع التطلُّع الجمعي للبشر، لا بالمعنى السياسي فحسب، بل بالمعنى الفكري والحضاري الأشمل.
عندما نقع أسرى الماضي، فلا شكَّ بأننا سنأسر المستقبل معنا بمعايير الماضي، خاصة أننا أمام تاريخ عربي ثقيل، يفرض نفسه علينا بقوة كبيرة، وبالتالي يفرض نفسه على صورة المستقبل التي نحاول تكوينها والبناء عليها. من هنا فإنّ القراءة المتنوعة والمتعددة للتاريخ تفتح خيارات متعددة ومتنوعة أمام المستقبل، الذي لم يعد هناك إمكانية لبنائه شمولياً. فهو مفتوح على الاحتمالات المتعددة، ولا يمكن التعامل مع الاحتمالي إلا بخيارات متنوِّعة ومتعدِّدة، لأنّ تسارع الزمن أصبح أكبر من أيَّة مرحلة سابقة، وهذا ما يتناقض مع الشمولية، ويحتاج إلى خيارات تاريخية مرنة وقابلة للتعديل ومفتوحة على كل الاحتمالات، ما يجعل إمكانية التعاطي مع المستقبل أكثر جدوى.
ومن جهة أخرى، فإنّ شيوع فكرة المؤامرة في الثقافة العربية يعود - في الغالب - إلى أن " العقلية العربية " عقلية اتكالية تراهن على الآخرين في تحقيق مصالحها،‏ وعندما تفشل هذه المراهنات يجري الحديث عن " المؤامرة والخيانة "‏.‏ الخطورة تكمن في أنّ شيوع فكرة المؤامرة يؤدي إلى استمراء أغلب العرب لعب دور الضحية‏،‏ وبالتالي عدم الاعتراف بالمسؤولية والركون إلى الإحباط واليأس بدعوى أنّ الجميع يتآمرون علينا‏.‏ ويبدو أنّ الحكومات العربية - عموماً - تعمِّق هذا التصوُّر المريض في داخل ذهنية بعض أفراد مجتمعاتها، لتخفي من خلال ذلك نهبها لطاقات أوطانها، وزيادة سيطرتها على ثرواتها ومواردها التي تشكِّل قاعدة النهوض والتطور والتنمية.
والواضح أمامنا أنّ هناك حقيقتين يعايشهما الناس في مجتمعاتنا العربية، حسب الكاتب نبيل علي صالح: أولاهما، الشعور العام بانعدام آفاق التغيير والإصلاح نتيجة السياسات الفوقية الظالمة التي طبَّقتها النخب السياسية والاقتصادية العربية الفاسدة عبر العقود الماضية، والتي كانت تحظى برضى المصالح والسياسات الدولية المتصلة مع نظيرتها المحلية. وثانيتهما، استشراء ثقافة العنف والتدمير في مناخ الترهل والفساد والاستبداد السياسي والتخلُّف الاقتصادي والاجتماعي الذي يعيشه اجتماعنا السياسي.
إنّ هذا النوع من الخطابات، الماضوية والمؤامراتية، يعجز عن تفسير تفشِّي الفقر والفساد وتهميش المجتمعات، أو تفسير ضعف العلاقات العربية البينية وتعثُّر مؤسسات العمل العربي المشترك. وهي تحاول أن تسطِّح حال الأزمة في التعاطي معها باعتبارها معطى طبيعياً وعادياً، في محاولة منها لحجب دور العوامل الذاتية في توطُّن الأزمات وتفاقمها في العالم العربي.
لقد حان وقت مصارحة الذات العربية عمَّا تفعله، عوض القعود في السفسطة الكلامية والشعاراتية وإغداق الوعود المعلَّقة في الهواء. فلم يعد الرهان على الغيبيات مدداً تستمطره غيوم " محرقة غزة " بدعاء ملهم تنعشه رائحة البارود، وسند مزعوم آتٍ من جار يتلهف لتبوُّء مكانة الدولة الإقليمية العظمى، بل الرهان على الشباب العربي الذي أثبت جدارته في ربيع الثورات العربية.



#عبدالله_تركماني (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شرعية الأمر الواقع في الدول العربية الفاشلة
- أية شرعية للحكومات العربية؟
- تضخم سلطة الدولة وضعف المجتمع المدني في العالم العربي
- كيف تتعامل الحكومات العربية مع الحقل السياسي
- حدود الثقافة السياسية العربية
- هل يكفي الغضب لنصرة الفلسطينيين؟
- محرقة غزة والحاجة إلى الوحدة الوطنية الفلسطينية
- مجتمع المعرفة وأبعاده في العالم العربي
- رؤى لمستقبل سورية بعد التغيير
- مظاهر غدر الثورة السورية
- الاستحقاقات أمام اللاجئين السوريين في العالم
- دروس تعقيدات وقائع الثورة السورية
- الأسباب العميقة للثورة السورية المتجددة
- الحداثة ومكوناتها في مرآة الضرورة العربية
- حول المسألة القومية وتجلياتها في سورية
- أصول التجزؤ العربي (2 - 2)
- أصول التجزؤ العربي (1- 2)
- توصيف عام للعالم العربي
- بعض مظاهر المحنة العربية (2 - 2)
- بعض مظاهر المحنة العربية (1 - 2)


المزيد.....




- أمريكا تتصدر قائمة أكبر 10 دول مانحة للمساعدات إلى أوكرانيا ...
- تطورات الحالة الصحية للفنّانة الكويتية حياة الفهد
- -ضمانات أمنية وتبادل الأراضي-.. مبعوث ترامب يكشف لـCNN عن -ت ...
- نتنياهو يهاجم المحتجين في إسرائيل: هذا يقوي موقف حركة حماس
- -خططوا لمهاجمة مواقع حساسة-.. إيران: مقتل مسلحين من -أنصار ا ...
- ما تداعيات احتلال إسرائيلي كامل لغزة على سكانها وحماس؟
- -قمة ألاسكا هزيمة للولايات المتحدة وانتصار لبوتين-- في واشنط ...
- قادة أوروبيون يرافقون زيلينسكي للقاء ترامب في واشنطن
- قادة أوروبيون يرافقون زيلينسكي للقاء ترامب في واشنطن
- مشاهد استهداف مسيّرة طفلة تحاول تعبئة الماء بجباليا


المزيد.....

- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله تركماني - مخاطر الماضوية على مستقبل العالم العربي