أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بوياسمين خولى - عاينت لحظة نهايتي في صمت-على سبيل الأقصوصة














المزيد.....

عاينت لحظة نهايتي في صمت-على سبيل الأقصوصة


بوياسمين خولى
كاتب وباحث متفرغ

(Abouyasmine Khawla)


الحوار المتمدن-العدد: 7779 - 2023 / 10 / 29 - 04:47
المحور: الادب والفن
    


هل تظنين أنه يسمعنا؟
صمت ثم ربما بالكاد نهيدة غامضة هذا ظني لست على يقين تام. .. صوت احتكاك قماش مخملي، حركة عفوية للجسم. . .. كحة خفيفة ربما كشط الحلق
آسفة هل فعلا لا يسمعنا؟
صوت يجيب بكل ثقة
حتى لو كان يستطيع سماعنا، فإن دماغه متضرر للغاية بحيث لا يمكنه فهم أي شيء
اختناق أنثوي ونهيدة نسوية عميقة
- إهدئي...
ضوضاء خفيفة ومتكررة. ربما لمسة يد على الكتف. نعم، ربما شيء من هذا القبيل. على الرغم من الضباب الذي يخيم على ذهني، لا أستطيع إلا أن أتخيل المشهد. أنا مستلقٍ على سرير المستشفى – كيف وصلت إلى هناك ! - شاب يقف أماميا وزوجتي بجانبي...
مستشفى، أنا متأكد بسبب الرائحة. نفس الرائحة عندما ماتت أمي بالمصحة، الفكرة تجمدني فجأة. زوجتي حياة؟ زوجتي، بفضل صوتها، بالطبع، عرفتها. لقد كنا معًا لمدة عشر سنوات! لكنني لست متأكدًا تمامًا من أنني أتذكر ملامح وجهها بالضبط وهذا ما يزعجني. لو أنني فقط أستطيع رؤيتها، ولو مجرد إلقاء نظرة خاطفة عليها!
طبيب، بالتأكيد، نظرا للمحادثة.
يقول
– لا أريد أن أستعجلك، بالطبع، أعلم أن الوضع فظيع بالنسبة لك.
... في هذه اللحظة بالذات، أدرك أنني لا أعاني. ما هو الفظيع إذن؟
كشط الحلق
، ويستأنف الطبيب
– ولكن القرار يجب أن يتخذ قريبا. فيجيبه الصمت. ولا حتى تنهيدة هذه المرة. مجرد الصمت– قرار مؤلم، وأنا أدرك الأمر جيدا.
أتخيل أنني أقفز وأنط داخليا بقوة دون أدنى حراك جسدي. ماذا ؟ أي قرار؟ عن ماذا يتحدث هذا الطبيب؟!

صمت ...، صمت لا نهاية له. لكن أتساءل عما يتحدث! ، لكن هي لا تسأل، لكنه يجيب على أي حال.
- أعلم أن فك اتصال المريض بالمعدات الطبية التي تبقيه على قيد الحياة الاصطناعية يمثل دائمًا محنة، لكن الانتظار لن يؤدي إلا إلى تأخير وتأجيل حزنك.
أصابع تلمس بعنف جفني جانبًا، ضوء يعميني.
- مجرد ردة فعل عصبية لاإرادية بسيطة.
كلاهما يتنهد. يغلق جفني ويتركني في الظلام وتبتعد اليد. لا ! لا ! من فضلك، حياة، قلي شيئا! قمي بعمل ما !
وفي جهد يائس، تمكنت من فتح جفني إلى النصف. مرة أخرى، أرى صورهما الظلية، واقفين أمام سريري.
— بالنسبة للتبرع بالأعضاء التي تحدثنا عنها، لدينا جميع العناصر التي نحتاجها. أفهم من حركة رأس الطبيب الطفيفة موافقة زوجتي. – لذلك ليس هناك سبب للانتظار أكثر من ذلك.
.
تحركا معا حول سريري وفكرة رحيلهما الآن ترعبني. يجب أن أتحرك، لكي يفهما أنني هنا، على قيد الحياة! تخترقني فكرة أن يفتح المشرط قفصي الصدري ببطء لانتزاع قلبي أو كبدي أو أي شيء آخر يخطر على بالي. أحاول أن أحرك. يدي. لا ردة فعل.. أشعر بهذا الجمود بداخلي، الذي لا يمكن التغلب عليه.
يقول الطبيب
- هناك بعض الأوراق للتوقيع، بالطبع.
ربما عليّ تحريك ساقي! ربما القدم ؟ لا. لا شيء يتحرك،! أضغط بقوة أكبر، وأشعر وكأنني سأنفجر، لكنني أبقى ساكنًا. ثم أفكر في أمي، وهي مستلقية أيضًا على سريرها في المستشفى. هل سمعتني أتحدث عن الجنازة؟ قالت أختي "لا تتحدث بهذه الطريقة أمام أمي" ولم أهتم. والأسوأ من ذلك أنني سخرت منها قائلا : “أمي في غيبوبة، ، دعونا نرى! إنها لا تسمع شيئا! ".


ينطق الطبيب
– حسنًا، سأتركك معه بمفردك للحظة.
أجابت زوجتي حياة بنعم مكتومة ، وأسمع إيماءة رأسه ا مرة أخرى، أتخيل شعرها البني الطويل يتراقص على كتفيها. – يمكنك بعد ذلك أن تأتي لرؤية سكرتيرتي لترتيب كل شيء.
عيون ! نعم، العيون! أحتاج إلى فتحهما أكثر. أجمع ما تبقى لي من قوة، وأحاول أن أخترق هذا الضباب اللعين الموجود في رأسي، وبقوة الإرادة المطلقة، أتمكن من توسيع المساحة الهشة لجفني قليلاً. هل سيكون هذا كافيا؟
أسمع الباب يُغلق، وحياة زوجتي تأتي وتجلس على حافة سريري. أشم عطرها، أو بالأحرى عطرًا. عطر لا أعرفه، ربما تكون حاسة الشم لدي قد تغيرت... كانت تستعمل دائمًا نفس العطر، الذي أهديته لها في الذكرى السنوية الأولى لزواجنا.
- هل تسمعني ؟
لقد تحدثت بصوت أعلى هذه المرة. لكن ربما حقيقة أنني تمكنت من فتح جفني أكثر قليلاً تمنحني الشعور بسماعها بشكل أفضل، لا أعرف... رموشي منفصلتان قليلاً عن بعضهما البعض، ومن خلال هذا الفضاء السخيف، تمكنت من عدم رؤية حياة، بل تخمينها، ضبابية وبعيدة. إنها تجلس وأفهم من لفتتها أنها تعيد ترتيب شعرها البني الطويل. أضغط أكثر قليلاً، وأوسع الفتحة بشكل غير محسوس. أستطيع أن أرى يدها الآن. أحب هذه الإيماءة التي تقوم بها لترويض شعرها، وهو فعل كان يغريني دائمًا. أعاهد نفسي بأنني سأخبرها حالما...

-أود حقًا أن تسمعني..
بالكاد أرى وجهها من خلال عيني المغمضتين، قطعة صغيرة منها، لكن هذا لا يهم، لأنه يطمئنني. إن رؤية ملامحها المألوفة - وإلقاء نظرة خاطفة عليها - يمنحني أملًا جامحًا وأشعر بالقوة مرة أخرى، وبتوسيع الفتحة. أعلم، وأشعر، أنني أستطيع القيام بذلك.
يبدو أنها تبتسم الآن... نعم، إنها تبتسم، أنا متأكد! تلك الابتسامة الرائعة، تلك التي جعلتني أذوب عندما التقيتها للمرة الأولى. يجب أن أخبرها بذلك أيضًا، لم أفعل ذلك أبدًا! لكن يبدو أنها لا تلاحظ أدنى حركة، وأصغر علامة على الحياة في داخلي... أضغط بقوة، وأرهق نفسي، ويتكاثف الضباب في رأسي.
لا تذهبي يا حياة، يا عزيزتي، ألا ترين أنني أفتح عيني نصفًا؟ من المحتمل أنها لا تراني، لأنها نهضت ومشت نحو الباب. بين جفني نصف المغلقين، أستطيع رؤية جسدها يتحرك بعيدًا ببطء. يدها بالفعل على مقبض الباب، وهي تستدير.
من خلال جفني نصف المغلق، أرى بشكل غامض الباب يفتح و وسرعان ما يغلق إلى الأبد.
.



#بوياسمين_خولى (هاشتاغ)       Abouyasmine_Khawla#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كيف تساعد ابنك المراهق أن يكون شخصًا صالحًا
- رسالة إلى كل القلقين على البيئة عبر العالم
- لعبة الطب النفسي
- إيران تكشف عن صاروخ باليستي يحمل بالعبرية عبارة -الموت لإسرا ...
- بوليس الصين في جميع أركان العالم
- الضرر البيئي والجيوسياسة - 3-
- إسرائيل نحو ثيوقراطية فاشية أكثر من أي وقت مضى
- الضرر البيئي والجيوسياسة - 2-
- مدعي المحكمة الجنائية الدولية يسعى إلى زيارة فلسطين في 2023
- الضرر البيئي والجيوسياسة - 1-
- مشاكل عبر المحيط الأطلسي: لا يمكن لأي من الجانبين الحصول على ...
- سنة على وشك الاندثار: لها ما لها وعليها ما عليها - مجرد برقي ...
- طلب -بيتزا- ينجي امرأة من العنف
- الأمن السيبراني: ثغرات الجيش الإسرائيلي
- التكلفة الاقتصادية للعنف ضد الفتيات والنساء بالمغرب
- هل معاملة طالبان للمرأة يمكن أن تصنف جريمة ضد الإنسانية؟
- الأمم المتحدة تدين استئناف أحكام الإعدام في جرائم تتعلق بالم ...
- سنتان سجنا - مع وقف التنفيذ - ضد سكرتيرة أحد المعسكرات الناز ...
- تطبيق إسرائيلي: صوتك يكشف قصور قلبك
- هل ستستمر حرب روسيا في أوكرانيا وتنتهي بدون أسلحة نووية؟


المزيد.....




- اضبط تردد قناة روتانا سينما عبر الأقمار الصناعية لمتابعة أجد ...
- سكونية الثقافة وقلق الشعب والوطن
- العُثَّةُ… رواية جديدة للكاتب يوسف أبو الفوز
- موسيقى الاحد: هندل وثيودورا
- -فكيف ليلُ فتى الفتيان في حلبِ؟-.. مختارات القصيد من أشعار ا ...
- إشارة بث قوية.. تردد قناة وناسة كيدز 2025 لمتابعة أهم القنوا ...
- لافروف ينتقد منظم حوار -منتدى الدوحة- بسبب مقاطعته له بشكل م ...
- Yal? Capk?n?.. مسلسل طائر الرفراف الحلقة 86 مترجمة للعربية d ...
- دورة ثانية لمعرض كتاب الطفل والشباب بالدار البيضاء بمشاركة 2 ...
- كاظم الساهر وجورج وسوف يفتتحان مهرجان -دبي للتسوق- برسالة سل ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بوياسمين خولى - عاينت لحظة نهايتي في صمت-على سبيل الأقصوصة