أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - مصطفى النجار - الحرب داخل غرفة الأخبار العربيّة















المزيد.....



الحرب داخل غرفة الأخبار العربيّة


مصطفى النجار

الحوار المتمدن-العدد: 1736 - 2006 / 11 / 16 - 06:56
المحور: الصحافة والاعلام
    


في مكتب عبد الرحمن الراشد المدير العام لقناة العربية التي تبث على مدار الساعة من دبي، ست شاشات بلاسما تعبيرا عن التطور المذهل في عدد القنوات التلفزيونية في مكتب أنيق جدا آخر طراز وهذه الشاشات تشتغل دائما دون انقطاع الأولى على قناة العربية نفسها حيث يدور الراشد أحيانا خلف مكتبه ليستعمل هاتفه الخلوي مبديا أية ملاحظة بخصوص أداء القناة بينما تظهر شاشة أخرى قناة الجزيرة، المنافسة الأولى لقناته، والثالثة تبث صور قناة حكومية إخبارية سعودية حديثة بينما تظهر على الشاشة الرابعة قناة CNN .

يحب هذا المدير الانتقال دوما بين القنوات من الحرة التي أطلقتها الحكومة الأمريكية في شباط/فبراير من العام المنصرم والتي بالكاد يسمع بها الناس إلى الـ BBC وقناة المنار التي يملكها حزب الله اللبناني وهي القناة التي أوقفت فرنسا بثها على أراضيها والولايات المتحدة نهاية العام الأخير بسبب بثها مواد معادية للسامية وأخرى "محرضة على العنف" بحسب متحدث باسم كتابة الدولة.


مهمة الراشد تنحصر في إيجاد مكانة لائقة لقناة العربية وسط هذا الزخم ولم لا المكانة الأولى خصوصا أمام قناة الجزيرة التي بدأت البث خلال العام 1996 إنطلاقا من دولة قطر وهي القناة التي استطاعت أن تكون المعيار والنموذج لكل القنوات العربية فبحسب استطلاع لمؤسسة الزغبي الدولية وجامعة ماريلاند، تمثل الجزيرة الإختيار الأول لما نسبته 62 % من مشاهدي القنوات الفضائية في الأردن وهي بنسبة 66 في مصر و44 في السعودية إضافة إلى أن قناة العربية جاءت في البلدان التي شملتها الدراسة في الرتبة الثانية بنسبة اقل ما يقال عنها أنها بعيدة جدا عن القناة الرائدة، رغم أن البروفسور شيبلي تيلهامي الذي صمم الدراسة قال أن تحقيق هذه النسبة لقناة لم يمض على تأسيسها أكثر من عام يعد مشجعا جدا خصوصا أن نسبة 39 % من الذين شملتهم الدراسة قالوا أنهم يشاهدون العربية يوميا هذا إلى جانب أنه في المملكة السعودية حيث أكبر سوق للدعاية التجارية تجري المنافسة بشراسة والفرق بين النسبتين ضئيلة.



الشيخ وليد الإبراهيم السعودي الجنسية والذي يملك في نفس الوقت قناة العربية والشبكة الأم، مركز تلفزيون الشرق الأوسط أو MBC إختصارا المؤسسة الضخمة والتي من بين قنواتها التلفزيون العائلي MBC1 وهي القناة التي يفوق عدد مشاهديها أي قناة أخرى في الشرق الأوسط وحينما أطلق قناة العربية في شهر شباط/فبراير من العام 2003 أرادها أن تقف في وجه الجزيرة بأن تقدم خطابا أكثر اعتدالا فهدفه كما قال لي أواخر شهر كانون الأول/ديسمبر الماضي هو أن يجعل العربية تمثل بالنسبة لقناة الجزيرة ما تمثله CNN لقناة Fox News وهذا يعني كل ما تقتضيه المنافسة من جذب وموضوعية بعيدا عن التهويل والأراء المتطرفة ويضيف أن الجو صار مهيئا الآن لتنويع مصادر المعلومات بعد أحداث الحادي عشر من أيلول/سبتمبر إذ أنه ـ على حسب قوله ـ " صار الناس يبحثون عن الحقيقة ولم يعودوا يريدون تلقي الأخبار لا من البنتاغون ولا من الجزيرة ".

قناعات الشيخ وليد السياسية تقع تحت طائل عوامل عدة فهو صهر الملك فهد بن عبد العزيز والعائلة المالكة في هذا البلد غير راضية على أداء الجزيرة فهذه القناة تمنح وعلى الهواء أوقات لعناصر القاعدة الذين يجعلون من قلب نظام الحكم في الرياض أحد أكبر أهدافهم إذ قبل ظهور قناة الجزيرة كان رجال الأعمال السعوديون يملكون أغلب وسائل الإعلام العربية بما فيها MBC وهي المحطة الوحيدة التي كانت تبث نشرات إخبارية عن كل منطقة الشرق الأوسط أي ما يعني أن الصحافيين العرب وقتها كانوا نادرا ما يتعدون حدود الأعراف السائدة في تلك الأوطان إلى أن منح أمير قطر الجزيرة صلاحية أن تعامل الحكومة السعودية مثلما تعامل حكومة أي دولة أخرى في الشرق الأوسط.

بخلاف باقي القنوات الإخبارية العربية الأخرى، تستعمل قناة الشيخ وليد تجهيزات متطورة من أعلى التقنيات بالإضافة إلى اعتمادها على تقديم نشرات سريعة إذ لا يتعدى حجم الوقت الذي يعطى لكل خبر مدة دقيقتين ونصف تسبقه إيقاعات درامية على العكس من مقدمي نشرات الأخبار في الجزيرة الذين يجلسون في مقابل الكاميرا أمام خلفية كئيبة تذكر إلى حد بعيد بديكورات المحطات التلفزية الأمريكية المحلية خلال السبعينيات من القرن الماضي. وعلى عكس نظرائهم في العربية الذين يظهرون وسط قاعة يغلب عليها ديكور زجاجي يظهر قاعة التحرير ولون مائل إلى الفضة.

منذ انطلاقتها تميزت العربية عن الجزيرة إذ لم تكن تقدم أي برامج خاصة بها كمثل برنامج "الشريعة والحياة" الذي يعلم الناس في المنطقة كيف يطبقون الشريعة في حياتهم أو برنامج "الإتجاه المعاكس" الذي يقدم حوارات بين أطراف متناقضة في لهجة حادة وعنيفة أحيانا وهاذين البرنامجين كانا يقدمان على قناة الجزيرة أي بإمضائها أما بخلاف هذا فمعظم ما بث عليها خلال أشهرها الأولى لم يكن يختلف كثيرا عما يمكن رؤيته وسماعه على الجزيرة واستغلت كلتا القناتين الحرب على العراق لتحاول جذب أكبر عدد من المشاهدين من خلال إظهار أكثر قدر ممكن من صور ضحايا الحرب من العراقيين وحتى لما دخلت القوات الأمريكية بغداد أذاعت العربية خبرا كاذبا مفاده أن هذه القوات قد نهبت كل محتويات المتحف القومي العراقي.

في العراق حيث القيادة العسكرية الأمريكية ومجلس الحكم الذي عينته هذه القيادة لم يكونا يميزان بين القناتين فاعتبروهما تعملان لصالح العدو ومتحالفتان معه ليقرر مجلس الحكم في أيلول/سبتمبر 2003 منع العربية من نقل كل النشاطات الحكومية الرسمية لمدة أسبوعين متحججا بأن هذه الأخيرة كانت تساند هجمات المقاومة وفي تشرين الثاني/نوفمبر قرر ذات المجلس توقيف القناة مجددا بسبب إقدام هذه الأخيرة على إذاعة تسجيل صوتي لصدام حسين وفي ندوة صحفية في الشهر نفسه وصف كاتب الدولة للدفاع دونالد رامسفلد العربية بأنها "معادية للتحالف" وفي مقابلة صحفية أخرى قال:" هناك الكثير من الأمور الزائفة ينشرها صحفيون مستهترون ومحطات تلفزيونية مستهترة مثل العربية والجزيرة وهذه أمور تترك الشعب العراقي مرتبكا حائرا لا يفهم ما يحدث في بلاده".

في أوائل عام 2004 ولما علم الشيخ وليد أن عبد الرحمن الراشد قد استقال من منصب محرر جريدة الشرق الأوسط اللندنية الذائعة الصيت بدأ في محاولة إقناعه بالمجيء إلى دبي خصوصا وأن هذا المحرر، الأمريكي التكوين، كان قذ اشتهر بما يكتبه على أعمدته من نبرات غاضبة وقاسية ضد الأصولية الإسلامية لعل أشهرها ما كتبه غداة قيام إسلاميون بمهاجمة مدرسة في أوسيتيا الشمالية في أيلول/سبتمبر 2003 وهي العملية التي انتهت بسقوط أكثر من 300 ضحية قائلا:"الحقيقة المؤكدة هي أنه ليس كل المسلمون إرهابيون ولكن بالتوازي أيضا فإنه من المؤكد مع الأسف أن أغلب هؤلاء الإرهابيون هم من المسلمين" وكتب أيضا :"....لا يمكننا أن نترك بيننا هؤلاء الذين يختطفون الصحفيين، يقتلون المدنيين ويفجرون الحافلات لا يمكننا أن نقبلهم بيننا إنهم وبغض النظر عن المعاناة التي يبررون بها إجرامهم هم الذين شوهوا الإسلام ولطخوا صورته".



زيادة على نقد الراشد للأصولية الإسلامية فإن هدفه هو الإعلام العربي وهو مكمن غضبه فهو لا يريد أن يتحدث عن الجزيرة لكن وخلال الثلاثة أسابيع التي قضيتها برفقته وبرفقة طاقم العربية أوضح لي أن منافسته الجزيرة ليست المسؤولة الوحيدة عن التضليل بل إن كل المنطقة تعبأ وبشكل خطير بعدم الدقة والمعلومات الجزئية وأعلمني ـ كان بطبيعة الحال كالباقين يحدثني بالإنجليزية ويحدث غيري بالعربيةـ :" أعتقد أن الناس سوف يتمكنون من أن يضعوا التقديرات الجيدة حينما يمتلكون المعلومات الكاملة الصحيحة التي هي سبب تكون المجتمع العاقل فنحن نفتقد الآن للحقائق وحينما نملكها سوف نغير هذا المجتمع المجنون الذي نعيش فيه".

بوصوله إلى دبي قام الراشد بتغيير مدير الأخبار وعين محررا تنفيذيا جديدا وهؤلاء الثلاثة الان يملكون تصورا لما يجب أن تكون عليه المحطة والأخبار التي سوف تنال تعاطف مشاهديها وهذه القيادة الثلاثية مهتمة حاليا بتتبع أخبار قصص جرائم الشرف وقضايا العنف على النساء في البلاد العربية وهي الظاهرة الواسعة الانتشار وهذه بادرة في الإعلام العربي ونادرة في باقي قنوات تلفزيونات المنطقة. إلى جانب أن الراشد وكبار مساعديه يدعمون بشكل واضح البرامج الأكثر انفتاحا على حياة الناس بعيدا عن السياسة كالبرامج التي تطبع محطات الأخبار في الغرب.



بناء على تعليمات من الراشد صار مراسلو العربية ومذيعوها يشيرون إلى القوات الأمريكية في العراق على أنها قوات متعددة الجنسيات بدل القول بأنها قوات احتلال وأمر معد برنامج "السلطة الرابعة" وهو البرنامج الذي يهتم بما تنشره وسائل الإعلام في الغرب، بالتوقف عن الإستشهاد بصحف اليسار البريطاني كمثل صحيفة الـ The Guardian وصحيفةThe Independent واللتين اعتاد أصحابهما على تزويد مواد العرض كما أن إحدى المضيفات أخبرتني أنها تلقت تعليمات بقطع حديث كل ضيف يسهب في انتقاد أمريكا كما أسرت لي ان مضيفين آخرين كانوا يشجعون على جر محاوريهم إلى الخوض في انتقادات أكثر قسوة.

تحدي الراشد أكبر بكثير من مجرد تجديد تلفزيونه بل الأمر يتعدى هذا إلى رغبته في إيجاد نمط جديد من أساليب الحوار بين العرب وتشجيع الآراء المعتدلة وغير الراديكالية على الإنتشار من أجل إيقاف المد الأصولي فالأمر كما قال لي الراشد خطير جدا حينما يكون منبره التلفزيون إذ، على حسبه دائما، لو أن رسالة متطرفة قرئت في مسجد لتلقاها نحو خمسين شخصا لكن كم سيكون عدد متلقيها لو أنها أذيعت على التلفزيون؟.

لم يعمل الراشد، ذو الـ 49 عاما، قبل مجيئه إلى دبي كامل وقته في التلفزيون مطلقا لكنه يدرك أن التلفزيون هو الوسيلة الوحيدة التي بإمكانها أن تغير الشرق الأوسط نحو الأفضل أو نحو الأسوأ فمثلما أن شخصا بإمكانه حينما يكون جالسا على مفاعل نووي أن ينير مدينة تماما مثلما يكون بإمكانه أن يدمرها يستطيع من يجلس مجلسه أن يفعل الشيء ذاته بأن يختار الجهة التي سوف يمضي نحوها.



في معظم فترات التاريخ القصير للإعلام العربي كانت الحكومات تدير التلفزيونات مستعملة إياها كامتدادات لوزارات إعلامها ولقد غيرت الفضائيات الآن هذا المظهر بشكل ملحوظ من خلال ديناميكية صحفيين عرب غادروا بعيدا عن الديار وعبروا البحار إلى لندن بداية مع قناة الـ MBC حيث استطاعوا العمل من غير خشية إلقاء القبض أو الغلق. لكن بعد إحدى عشر سنة من الريادة عادت الإم بي سي إلى دبي المدينة ذات البريق في عالم السياحة ورؤوس الأموال في الإمارات العربية المتحدة ودبي التي لا تتوقف الأشغال بها طيلة الأربع والعشرين ساعة أو قل هي ورشة بناء ضخمة ففيها مشروع أكبر ناطحة سحاب وبها أرخبيل صناعي على شكل قارات الكوكب وفندق تحت الماء وبها أيضا مشروع أكبر مركز تجاري في العالم به منحدر ثلجي داخلي كل هذا كجزء من النمو في دبي المدينة ذات التجارة الحرة المعفاة من الضرائب مع كل المحفزات المالية لإغواء رجال الأعمال بالإستثمار والتنـزه أما مكاتب العربية فيها فتقع في مبنى سفينة القيادة في مدينة الإعلام في مقابل بحيرة إصطناعية بها موجات غير طبيعية غير بعيد عن مدينة الأنترنت وقرية المعرفة.

فرصة التكوين في العالم العربي لحد الساعة ضئيلة جدا والتطلع إلى الأفضل كان دائما هم الراشد الذي جاء الثاني في ترتيب 14 أخا ولدوا من زوجتين اثنتين في عائلة سعودية متوسطة الحال والذي ترك المنطقة منذ العشرينيات من عمره ليلتحق بالجامعة الأمريكية في واشنطن وهناك قضى سبع سنوات تنويرية تفتح فيها عقله بأن شاهد الثورة الإيرانية من خلال الإعلام الأمريكي فغطى أحداثها منذ بداية سنوات الثمانينيات من القرن المنصرم، لحساب مجلة "المجلة" السعودية الخاصة التي تصدر في لندن، ثم انتقل إلى لندن عام 1985 وهناك استطاع الكتابة في عدد غير قليل من المجلات السعودية الموجهة للنخبة على الرغم من أنه ظل دائما يعتقد أنه لن يعود مطلقا للإستقرار في الشرق الأوسط إلا أن دبي تمثل عنده حالة عربية خاصة فهو يقول عنها "إنها نموذج لما يمكن أن يحققة قليل من الانفتاح مع قليل من الفساد".



في دبي لا يمثل المواطنون الإماراتيون سوى 18 بالمائة من مجموع السكان فكل الباقين غربيون وعرب وعمال من الهند وباكستان وشرق آسيايعيشون في معسكرات إسكان مبنية من الطوب ولا تراهم إلا ذاهبين أو عائدين من عملهم في باصات النقل.يخرج الصحفيون العزاب الصغار العاملون في قناة العربية إلى أماكن مثل المقهى في ميناء دبي أين يمكنهم تدخين النارجيلة بجانب نافورة بتصميم صوتي يحاكي وقع المحيط ويسهرون في جو يطبعه الخجل العربي في ملاه ليلية علهم يستطيعون أن يحكوا ذات يوم أمام أصدقائهم في بلدانهم الأصلية : ذات مرة جلست على طاولة في Royal Mirage مع صديق سني، شيعي أو حتى مسيحي ماروني فالكل من لبنان وفي متنزه ديزني حيث يمكنك أن تشتري من السوق العربية بعض المصنوعات اليدوية التقليدية. دبي تبدو لكأنها مرحلة معقدة في التحديث العربي بواجهات تحمل ناطحات سحاب فارغة حد الساعة إذ لا شيء وراءها غير الرمل.

يعيش الراشد في دبي منذ تسعة اشهر ورغم أنه هو يخطئ في بيته في ضاحية كيسنغتون في لندن حيث كان وحيدا وحيث تبقى معظم أملاكه وهو الآن يمتلك جناح غرفة كاملة في فندق وسط المدينة مليئة بالخدم ولما قابلته صباح الأول من كانون الأول/ديسمبر قابلتنا مضيفة منزله" ألميرا" وهي سيدة أندونيسية أنيقة تضع على رأسها قبعة تشبه الطربوش ورأيت الراشد يقول لها " أخطأتك .. أنت صرت تطيلين أكثر من رمضان".

خلال تناولنا للفطور الذي كان عبارة عن قهوة باللبن وهلالية "Croissant" " رن هاتفه الخلوي برسالة مكتوبة من مدير الأخبار بالمحطة "قبض على عصام وائل من طرف الأمريكيين". عصام وائل، أو عصام المتوحش كما يحلو للراشد أن يناديه هو مراسل العربية من الفلوجة لا يتعدى سنه السابعة والعشرين وكان مشتهرا بكونه جاحدا أو منشقا إلى جانب أنه كان المراسل الوحيد الذي بإمكانه الدخول إلى الفلوجة مع بداية الهجوم حتى قبل التأمين على حياته مع الأمريكيين ومن داخل هذه المدينة كان يرسل للعربية تقارير ملتهبة وكانت كاميراه تبعث دوما صور النار والدخان يظهر هو فيها بحاجبين مشدودين ويقابل المقاتلين الملثمين داخل غرف منارة بالفوانيس حيث يتكلمون بهدوء بخلاف أولئك الذين يتوعدون بقطع الرؤوس على الرغم من أنهم قالوا له أنهم متطوعون للقيام بعمليات استشهادية.

ولد عصام في قطر لأبوين فلسطينيين وسجل للدراسة في جامعة بغداد حيث تمكن من ربط علاقات مع أفراد من حزب البعث الحاكم وقتها ومع عائلات كثيرة في الفلوجة وترأس إتحاد طلبة فلسطين هناك ثم اتحاد الطلبة العرب في بغداد قبل أن ينضم للعمل في فريق العربية مراسلا في العام 2003 وابتداء من نيسان/أبريل بدأ يطلب من رؤسائه ان يكون مراسلا من الفلوجة وهو الطلب الذي رفضه صالح نجم مدير الأخبار قبل مجيء الراشد بسبب أن الأمر في غاية الخطورة قبل أن يستغل عصام فرصة إجازته ويسافر إلى العراق انطلاقا من دبي ليستقر في بيت جماعة من المقاتلين.

في الصيف عاد عصام إلى دبي ثانية وقضى الفصل هناك يعمل في غرفة الأخبار ولما سمع أن المسؤولين الأمريكيين في العراق بدأوا يتحدثون عن التخطيط لاستعادة الفلوجة أحس أنه لم يعد يرغب بالبقاء في دبي وأن عليه أن يكون هناك وأخبر الراشد برغبته فرفض هذا الأخير لعلمه بحدة طباع وائل إلا أن هذا الأخير أعلمه أنه يكره أن يبقى في مكتبه ليتلقى التلغرافات مهددا بالعودة على نفقته إلى هناك وعندها فقط رضخ الراشد وأمضى له بالقبول.

كان الراشد سعيدا جدا بتقارير عصام وكان موقع القناة على الأنترنت يبرزها بشكل لافت وبذل عصام جهده مخترقا خطوط النار وملاقيا المقاتلين داخل المدينة وعلى حدودها مما جعل الراشد يشعر بفرح غامر بأن كان له مراسل وراء الخطوط إذ لم يكن بمقدور أي صحافي بريطاني ولا أمريكي أن يبلغ هذا المبلغ خصوصا بعد أن أوقفت حكومة علاوي في آب/أغسطس عمل الجزيرة في العراق.

لم يبد الراشد قلقا كبيرا على عصام بتلقيه الرسالة على المحمول فهو يقول أنه عند الأمريكيين بخير وأن هذا هو أحسن أسوأ الاحتمالات فالسماع بأنه برجلين ويدين ولم ينفجر أو يختطف كل هذا يعتبر أخبارا سعيدة، كان جائزا أن يكون المدير متفائلا فعصام كان قد حرر بعد هذا بساعات.



قتلت القوات الأمريكية في العراق ثلاثة موظفين من العربية هم علي الخطيب مراسل للقناة وعلي عبد العزيز، مصوّر، قُتِلاَ في شهر آذار/مارس الماضي بإطلاق نّار أمريكيّ قرب موقع هجوم صاروخيّ على فندق في بغداد والثالث هو مازن التميزي الذي قتل بصاروخ أطلق من مروحيّة أمريكيّة في أيلول/سبتمبر بينما كان يبلغ على الهواء على حشد في شوارع بغداد بعد هجوم دمّر مدرعة برادلي .

حتى من قبل المقاتلين في العراق قتل موظفو العربية، ففي تشرين الأول/أكتوبر الأخير قتل فدائي فجر نفسه بسيارته أمام مكاتب العربية بضاحية المنصور ببغداد ليقتل خمسة ويجرح العشرات وكغيرها من محطات الأخبار تلقت العربية رسائل تهديد من جماعات إسلامية بالبريد الإلكتروني. وتبنت هذا الهجوم جماعة تطلق على نفسها إسم "كتائب الجهاديين الإستشهاديين" انتقدت فيه أداء قناة العربية نقدا شديد اللهجة بسبب دعمها الحكومة العراقية المؤقتة واقترحت أن يغير إسم المحطة من لفظ "العربية" وما تعنيه هذه الكلمة إلى لفظ "العبرية".
بعد الهجوم مباشرة توجه الراشد إلى موظفيه في بغداد بمكالمة تلفونية وعلى الجهة المقابلة تلقت الإتصال المذيعة المتعودة على تغطية الحروب نجوى قاسم وحاول المدير من خلال المراسلة أن يرسل رسالة للإرهابيين بأن هدفهم الذي هو إخراج العربية خارج العراق قد فشل وظهرت نجوى قاسم على الشاشة وقد بدا أثر الانفجار واضحا على وجهها وقالت أن الزجاج المحطم تناثر عليها وهي عائدة لتوها من محاولات إنقاذ زملائها لأن الاجسام تشوهت وأن التعرف على القتلى لم يعد ممكنا سوى من خلال إحصاء الغائبين.



شاهدت الشريط في مكتب العربية وهو تسجيل قويّ . يظهر فيه وجه قاسم عار بغرابة - كان غير مناسب وضع المكياج للبرنامج، ـ وتكلّمت على عجل.

في الأيام التي تلت التقرير، أعلنت جماعة تسمي نفسها "مجلس حزب البعث العربي" في موقعها على الأنترنت أنها سوف تقتل كل الذين يسيؤون إلى المقاومة من الصحفيين الذين يساندون السياسة الحالية وذكر ذات البيان نجوى قاسم بالإسم مما جعل الراشد حينما اطلع على البيان وبيانات أخرى يعطي قاسم الأمر بالتوجه فورا إلى بيروت معلما إياها أنها سوف تفصل إن لم تتبع الأوامر الجديدة وبوصولها فقط أخبرت أن حياتها كانت مهددة (يتبع).



الحرب داخل غرفة الأخبار العربيّة (2/2)*

بقلم: سامانتا إم. شابيرو
ترجمة: عبد الحق بوقلقول
كثيرون من موظّفي غرفة أخبار العربية علاقات وثيقة بالنّزاعات التي يغطّونها، ومن بينهم من لا يتّفقون مع أفكار الراشد. هناك عرب سودانيّون، الفلسطينيّون الذين تربوا في مخيمات اللاجئين في سورية والمراسل الذي قد كان عضو حزب بعث صدام حسين. أيضًا هنالك عدّة موظّفين سابقين في الجزيرة. البعض خبرتهم عالية، إنهم يقولون أن إدارة الجزيرة الحالية ذات ميول إسلاميّة صارمة بالنسبة لهم. النّساء منعن من لبسّ البنطلونات الضيقة، وبعض الرّجال يرفضون المصافحة إذا عرفوا أنك لا تتبع الشريعة الإسلاميّة.

مسؤولية الإشراف على توزيع المراسلين الذين يأتون من أماكن متفرقة، جغرافيًّا وسياسيًّا، أسندت إلى شخص يسمى نبيل الخطيب، لم يتصل الراشد بالخطيب مباشرة. بل إتصل برئيسه، ناهكل الحاج، المسؤول سابقا في الإم بي سي وهو الآن مخرج الأخبار في العربية، وأول شيء قام به الحاج لما تولى منصبه الجديد هو الاتصال بالخطيب. تميز الخطيب عن السنوات الـ 12 التي عمل فيها كرئيس مكتب الإم بي سي في الأراضي الفلسطينيّة وإسرائيل ولقد كان الحاج منبهرا به لما رأى فيه من إحساس بالمسؤولية والإحتراف، حتّى عندما سبّب مشكلة للأم بي سي أخذ رئيسه الكثير من الجهد لتغطيته.



يقول الحاج:" في النّدوات والأحزاب، النّاس سوف تتساءل : كيف يمكن أن تكون حياديّا في فلسطين ؟ لماذا لا تقول الشّهيد ؟- -مما يعني أن الخطيب كان ينبغي أن يستخدم "الشهيد"، لوصف الفدائيّين الفلسطينيّين. كنت سعيدًا نحن لم نستعملها" مضيفا:" كان نبيل أعدل مراسلاً في المنطقة".

مكتب الخطيب يقع بالقرب من مكتب الراشد. هناك إيقاع ثابت يحدث في كلّ أنحاءه - - برقيات عاجلة من وكالات الأنباء، صوت تليفون مكتبه ورنين تليفونه المحمول. يجيب معظم النّداءات بنفس التّحيّة المنخفضة الصّوت "حبيبي" هو أيضًا يجد الفرصة للتّمتمة إلى عدد مذهل من الزّملاء.

الحقائب المظلمة ترسم عيونه المحتقنة بالدّم الكبيرة المصوبة دوما نحو الأرض. تبدو رأسه وأكتافه دائمًا مستديرة إلى الأمام، حتّى عندما لا يحدّق في شاشة كمبيوتره. يضع علبة سجائر من Dunhill Lights عادة فوق لوحة مفاتيحه. الخطيب رجل كبير، لكنه اعتاد أن يكون أكبر، وهذه الأيّام يربط مجموعة ملابسه في خصره. في الأربعة أشهر التي عمل فيها حتى الآن بالعربية، فقد 36 رطلا. ذات مرّة شكا لي أنه لم ير طفلته منذ أسبوعين، لأنها تكون نائمة عندما يصل إلى البيت ليلاً، وهي نائمة حتّى الآن عندما يغادر في الصّباح. بشكل يدعو للرّثاء، حكى لي عن المرّة التي جعل فيها زوجته تقابله في مركز تجاريّ مجاور لأجل الغذاء لكي يتمكن من رؤيتها وابنته. كان لديّه فقط وقت للقهوة ولتقبيلها، كما قال:"جاءتني مكالمات طيلة الوقت ".



كان مائلا على مكتبه صباحا لإعداد وتحرير النشرة التّالية، عندما نادى وائل عصام. كان عصام منزعجًا أن أحدث تقاريره من الفالوجة أُذِيعَ مرتين أثناء عطلة نهاية الأسبوع. لم يره الخطيب. أخبرني عصام فيما بعد أنه يلجأ إلى هذا النوع من المكالمات التّليفونيّة بانتظام إلى كل من الخطيب والراشد حينما يتعلق الأمر بالشكوى من أن تقاريره لا تحصل على فترة البث الكافية. "نحن القناة الوحيدة التي عندها هذا الشّريط لماذا لا يبث كلّ ساعة ؟ يجب علينا أن نظهره مرّات كثيرة " ّ.

يضع الخطيب مفاتيح قليلةً على كمبيوتره، وتقرير عصام الأخير مفتوح على شاشته. في هذه اللّحظات، العمليّة الأمريكيّة في الفالوجة كانت تتناقص حدتها. لكنّ طبقًا لتقرير عصام لم تنته التّحرّشات الأمريكيّة. أكثر من 200 عائلةً في الفلوجة تحت الحصار من قبل الجنود.

تأمل الخطيب في وسأل :"ماذا يعنيه ؟ دعنا نرى"

تكلم رجل عراقيّ مع كاميرا عصام بغضب : " لا يسمحون لنا أن نخرج من بيوتنا. يجادلوننا عندما نقول أننا نحتاج للخروج. يقولون أن القناصة سيصيبوننا إذا خرجنا".

حسنا، ذلك لا يبدو مثل حصار، يلاحظ السيد نبيل. ربما حظر تجول. دعنا نرى.ثم يرن تليفونه المحمول. أخذ المكالمة وكتم صوت الكمبيوتر وواصل مشاهدة الشاشة. بينما يظهر التقرير موظفي الهلال الأحمر الباحثين عن رجل مفقود، وصورا أخرى امرأة تبكي في غضب داخل بيتها المدمر. ويدير عصام كاميرته إلى صورة فتحات في حوائطها.

إنتهت المكالمة، رفع الخطيب الصوت وترجم لي. تقول المرأة أنها فقدت ابنها في هذا البيت والآن هو دمر إنها تقول:" أين سأذهب الآن بعد أن فقدت بيتي ؟.. للنوم في الشارع ؟".

أظهر المشهد التالي العائلات التي تترك بيوتها للذهاب إلى مأوى الهلال الأحمر. أعاد الخطيب تدوير الفيديو وتشغيله ثانية،حملت العائلات في السيارة ثانية، أعاد اللف ثانية إلى البداية، حيث يقول رجل أنه غير قادر أن يترك بيته بسبب قناصة. أكمل الخطيب الفيديو إلى النهاية، حيث رأى عصام يجلس على لوحة في مأوى الهلال الأحمر مع مجموعة من العائلات، اللاجئون الجدد في مدينتهم.

اعتقد أنه رأى تناقضا هناك. كان عصام يبلغ أن العائلات لم يكن من الممكن لها أن تخرج بسبب القناصة وحظر التجول، لكن في الجزء الثاني أظهر ترك العائلات بيوتها للذهاب إلى المآوي، تمشي في الشارع خلف الجنود الأمريكيين، الذين لا يبدو أنهم يصوبون نحوهم.

يقول الخطيب : " لدي شعور أن هذا التقرير غير دقيق. أراد شرح أن ناس الفلوجة تعاني في طرق كثيرة فقط ". بعد قليل، يخرج عبر أرضية غرفة الأخبار متجها إلى الكافتيريا حيث يتناول وجبته اليومية. عندما جلس إلى وجبته، يرن تليفونه ثانية. عصام دائما. هو مازال لم ير تقريره على الهواء. سأله الخطيب إذا كان حظر التجول الموصوف قائمًا داخل كل الفلوجة. ثم سأله عن المشاهد التي تظهر الجنود الأمريكيين يقفون حول الناس في طريقهم إلى مآوي. فيشرح عصام أن المشهد الثاني كان من منطقة أخرى في الفلوجة، التي ليست تحت حظر التجول فيخبره :"إذا مازال هناك مكان حيث لا يمكن أن تخرج النّاس، يجب عليك أن تقول أنه فقط ذلك الجزء حيث لا يمكنهم أن يخرجوا. ليس هناك سبب للمبالغة في المأساة. الصور قوية، لكنها مشكلة كبيرة للمشاهدين الإعتقاد أن الجميع في الفلوجة لا يمكنهم ترك مكانهم".


قطعة عصام لم تُذَع ثانية

يتقاسم الخطيب والراشد كثيرا من الرؤى عن الصحافة. هم مثاليون كلاهما يؤمن بالسلطة الاجتماعية للصحافة الموضوعية، وكلاهما يريدان جعل العربية أقل عاطفية، وتمثل رؤية الشرق الأوسط المتوازنة أكثر. لكنهم وصلوا هذه الأفكار من تجارب كانت تقريبا متعاكسة.

تطور نظرة الراشد السياسية بعيدا عن العالم العربي، في الولايات المتحدة وإنجلترا، حيث يبدو أن قد وجد حياة ألطف، منطقية وممتعة أكثر منها في المملكة العربية السعودية. حياة الخطيب ومهنته كانتا على العكس، قيدتا في النزاع المصاب بخوف الأماكن الضيقة هو كان متحملا لذلك فهو الأصغر في سبعة أطفال تربوا مع أم أرملة في نابلس، في الضفة الغربية. قال لي أنه أراد أن يكون صحفيا لما كان في عمر الـ 15، في عام 1978، بعد أن قضى ثلاثة أشهر مستجوبا في سجن إسرائيلي قبل أن يطلق سراحه دون تهم. كان يضرب كثيرا، وأثناء مثل هذا الضرب من قبل ضابط إسرائيلي سمى نفسه الكابتن يوزي، أخبروه أنه قد اعتقل بسبب التحريض. لم يعرف خطيب ما عنته الكلمة. بعد تحريره، سأل أكبر أخوته فقال له أن التحريض هو الصحافة".

عندما تخرج من المدرسة الثانوية، كان مشتاقا أن يعمل أي شيء يجعل الكابتن يوزي أكثر غضبا، لذا في عام 1981 قدم طلبا لمنحة منظمة التحرير الفلسطينية إلى جامعة دولة روسيا البيضاء في مينسك لدراسة الصحافة. دربته مناهجها وفق التفكير السوفييتي على خلق البروباغندا نيابة عن البروليتاريا. أثناء السنة الثانية، عندما حشدت منظمة التحرير الفلسطينيّة الطلبة على الحرم الجامعي للذهاب إلى لبنان لمحاربة الجيش الإسرائيلي إنضم، وأقنع الصديق الذي كان يدرس الطب، للمجيء معه. عندما وصلوا، أدرك كم كانوا بشكل يدعو للرثاء غير مستعدين للحرب. لا أحد أعْطي أي تدريب عسكري. صديقه قُتل أمامه، وبعد أسبوعين أصيب هو بدرجة كبيرة. عندما عاد إلى مينسك، كان لغضبه أسباب مختلفة.

"كنت مستعدا أن أموت لأجل القضية، ونحن كنا جاهزين للجهاد من أجل العدل، لكنه سألني سؤالا صعبا : "هؤلاء السياسيون الذين يقررون أنني ينبغي أن أشن الحرب عندما لا أعرف كيف أحارب - - فعلا لإرسالي إلى حرب عندما لست مقاتلا لأنهم يريدون إظهار أعداد كثيرة؟ من قرر أنه كان الشيء الصحيح لي على ترك دراستي "

بعد أن أكمل الدكتوراه، عاد إلى الضفة الغربية، أسس وكالة أنباء خاصة وفي النهاية أصبح رئيس مكتب للإم بي سي. وصف النزاع الإسرائيلي الفلسطيني جعله قريبا من الموت مرات كثيرة. شاهد كيف اكتشف ناهم بارني زميله الصحفي ليديعوت أحرونوت الجريدة الإسرائيلية، أن ابنه قد قتل في العملية الاستشهادية التي كان كلا الرجلان يغطيها. راسل أيضا عن الخليل في عام 1994، بعد أن قتل باروخ جولدشتاين 29 مسلمًا في الصلاة. كان يطلع على قائمة للموتى عندما سألته امرأة أميّة إذا كان ابنها متضمنا. كان إسم ابنها يظهر الأول على القائمة، لكن الخطيب لم يكن من الممكن أن يتحمل مسؤولية إخبارها بذلك.


لا يناقش الخطيب هذه التجارب بسهولة، لكن أثرها عليه واضح لديه إحساس أن هناك أهمية كبرى للمهمة التي هو مكلف بها : هناك شيئ ما خطأ، عن إساءة فهم المعلومات. هو متأثر بوضوح لمنظر الإعلام في العالم العربي. تحريض وإثارة الناس على الكراهية. يقول:" لقد شممت دم الكراهية، ولا يمكن أن أفهم كيف يمكن لشخص ما في غرفة أخبار مكيفة الهواء أن يشعر أن لديه حق لاستغلال عواطف النّاس، لمضايقة الناس أو للتعميم عن مجموعة، عندما يرى النتائج."

أكثر من أي شخص آخر في المحطة، يحرص هذا الصحفي بشدة على قوانين لعبة صحافة التليفزيون بالعربية فباستثناء المخاوف الأخلاقية الواضحة عن إرسال مراسل إلى الأماكن الخطيرة مثل العراق والضفة الغربية، قال، هناك أخطار أخرى مشتركة في إرسال مراسلين للبلاد العربية حيث هناك القليل وأحيانا لا حرية للصحافة. إذا أرسلت إلى ليبيا أو مصر شخصا ما في أمر سيجعله في تناقض مع السلطات، لا يمكن أن أخبرهم، نحتاج له.لأن من المعروف أن هذا الموضوع خطير. هذا يقدم طلبًا لمعظم القضايا التي تهم كل الأشياء المتعلقة بالفساد والنزاعات السياسية.أخبرني الراشد أن العربية لا يمكن أن تتحدث بحرية عن الحكومة السعودية لأنها سعودية الملكية، والقناة غير قادرة أن تغطي الجزائر بشكل جيد الآن. مراسل العربية منع خلال الأشهر الثمانية الآخيرة من طرف حكومة عبد العزيز بو تفليقة، الرئيس المنتخب حديثًا : أثناء الانتخابات، تنبأ هذا المراسل أن منافس بوتفليقة سيفوز.



المشكلة المركزية، كما يراها الخطيب، لدى الصحفيين العرب بالرغم من أن ذلك مدخل للتكنولوجيا الأحدث، هي المؤسسات المدنية والحكومية التي تحتاج لمساندة صحافة حديثة حرة وهذا لا يتواجد في الشرق الأوسط.

نشاطات السي إن إن في بيئة تساند السي إن إن

في الولايات المتحدة، هناك المجموعات التي تضبط الإعلام وتحمي الصالح العام. هناك سيادة القانون ومدخل للمعلومات.ليس هناك تقريبا في كل بلد عربي. معلومات أساسية حتى مثل الإحصاءات الديموغرافية عوملَت كما لو كان سر دولة، ومستحيل للقناة أن تتكلم عن طرق العمل الداخلية للحكومات العربية،كيف حررت الميزانيات أو كيف أختير الزعماء.

بالنسبة له تلك القصص أكثر أهمية كثيرا من الحصة اليومية للأخبار من إسرائيل التي هي شرط للمحطات العربية، كلا الأفواه الحكومية القديمة والقنوات الفضائية الجديدة. الناس كسولة، كما يقول. وإسرائيل هدف آمن. الوصول إلى المعلومة أسهل هناك من البلاد العربية الكثيرة. لكن هذا لا يساعد الفلسطينيين ليعرفوا أي المترشحين أنسب للتصويت".

هو من الأقلية في غرفة الأخبار. تماما بجانب مكان تغيير ملابسه مكتب عبد القادر خروبي، ثم محرر التكليف. أخبرني خروبي أنه يعتقد أنّ مكتب فلسطين/إسرائيل في العربية الأكبر والأكثر تطورا وهذا يعني الشيء الكثير، لأن ذلك كما قال، مأساة فائقة في التاريخ البشري لم يحدث مثل هذا في أي وقت في العالم. ما حدث في فلسطين هو أبشع قتل في تاريخ البشرية. قال خروبي أنه يعتقد أن مراسلي العربية دائمًا ينبغي أن يشيروا إلى القدس كالقدس المحتلة، بالتّشديد على من احتل."

هناك شعور عامّ حول مكاتب العربية أنّه منذ عين الراشد محررا للأخبار، أصبحت القناة مؤيدة لأمريكا. الأوامر الحديثة من الراشد والخطيب لموازنة التّغطية في العراق قد جاوزت الحدّ، يقول خروبي. أما الراشد فأخبرني أنه يعتقد أنّ تغطية العربية لنزاع العراق بالغت في تأكيد قتلى مدنيين في الفلوجة وقلّلت النّجاحات العسكريّة الأمريكيّة ضدّ الإرهابيّين. في حين يرى خروبي العكس. سألني:" كيف يمكن لك أن توازن قتلى مدنيين ؟. ربّما يمكن أن تظهر الجنود الموتى، لكنّ الحكومة الأمريكيّة لا تريدنا حتى أن نظهرهم. عندما تتكلّم عن آلام المدنيّين، تستحيل الموازنة هم صنف ناس مختلف. تقول الحكومة العراقيّة:ـ من فضلكم ركّزوا على الجوانب الإيجابيّةـ لماذا يجب علينا أن نركّز على الأشياء الجيّدة ؟"

ذهب خروبي حديثًا إلى مكتب الراشد للتّعبير عن قلقه أن عمليّات تصوير المحطّة للقوّات المسلّحة الأمريكيّة والحكومة المؤقّتة العراقيّة كانت "إيجابية" جدًّا. كان قلقًا، قال، أن وضع موظّفي القناة في بغداد في خطر مستمرّ. أحدهم قال أننيّ ذكرت أننا لا نريدهم أن يُقْتَلُوا ثانية فقلت له، يضيف خروبي، "ليس من قبل الأمريكيّين ولا حتى الإرهابيّين".هو أيضًا قال: "أن الاتّجاه الأخير في تغطية العربية يعني خطرً فقد مزيد من المشاهدين. إذا واصلنا القول للمشاهدين العرب كما لو أن هذه الحكومة - - حكومة علاوي في العراق - - ستقدّم الدّيمقراطيّة، كما لو أن أفراد الجيش الأمريكيّ لطيفون جدًّا الذين يقتلون فقط الإرهابيّين، فلن يشغل أحد بعد اليوم قناتنا".

"عندما قُتِلَ مراسلو العربية من قبل الأمريكيّين" قال لي الراشد" تلقّت المحطّة المئات من مكالمات التّعزية من الصّحفيّين في القنوات الأخرى، والمراسلون رُثُوا كشهداء. على العكس، بعد أن قُصِفَ مكتب العربية في بغداد من قبل المتمرّدين قليل فقط من زملاءه عرضوا كلمةً واحدةً عن الخمسة موظّفين الذين ماتوا".

ديار العمري، مراسل للعربية عراقيّ المولد، يرى بقلق أن القناة ينظر إليها بشكل متزايد في العالم العربيّ بكونها متحيّزة جدًّا نحو حكومة علاوي. "في العراق نفقد التّعاطف" مضيفا:" لا تعتمد النّاس على العربية كقناة مستقلّة ".

إيهاب الألفي، الملتحي ذو 30 سنة، مراسل من مصر، كان العمل بالمحطّة ممتعا جدًّا حتّى الأشهر القليلة الماضية، أخبرني ذات مرّة عندما تحدّثت معه وكان قد عاد لتوه من صلاة الظهر ليجد أنه قد كُلِّفَ بكتابة تعليق على خبر نتيجة الهجوم متمرّدين على جنود عراقيّين أمريكيّي التّدريب في الموصل. تألّم عندما وصل إلى الخطّ الذي فيه قال متحدّث عسكريّ أمريكيّ، اثنا عشر جثة مجهولة أخرى وُجِدَتْ بالقوّات المتعدّدة الجنسيّات فقال الألفي:" لا أحد تحديدا أمره بالتوقف عن استخدام عبارة ـ قوّات احتلال ـ في النّشرات، لكنهّ كلّما يكتبها تحُذِفَ". هذا ليس التّغيير الوحيد في عمله إنه متضايق منه. منذ أشهر قليلة، يجري عمليّات البحث على جوجل العربي كل وقت عن معنى كلمات مثل الزرقاوي، اسم زعيم التمرد سيجد الصفحةً التي كانت إلى أعلى ساعات قليلة فقط وفيها تهديد مسجّل بالفيديو أو شريط الرّهينة ويحوله مباشرة إلى محرّره. قال أنّه فخورًا إذ بسبب تلك المجهودات، كانت المحطّة قادرةً أحيانًا أن تبث مثل هذه الأشرطة قبل الجزيرة. لكنّ مؤخّرًا أصبح رؤساءه لا يبدون مهتمينّ. كمسلم مواظب، لا يحب الألفي هذه الأشرطة، قال أنه يعتقد أنهم يخرقون الشرائع المسلمة عن كيفية معاملة أسرى الحرب، بخاصّة النساء والمدنيّين. لكنّ حتّى الآن، اعتقد أنهم يخصون بها التّليفزيون.

وبينما يطبع إيهاب تقريره تدخل رنا أبو عطا، مراسلة العربية الصغيرة من المملكة العربيّة السّعوديّة بالشّعر الأسود المجعّد والقصير متأرجحة مكتبه لرؤية إذا أراد أن يشاركها غدائها إلى بيرجر كينج... تجهّم إلالفاي في وجهها.

"آه، آسفة، نسيت" !قالت ضاحكة.

للسّنوات الثّمانية الآخيرة، قاطع إيهاب المنتجات الأمريكيّة، لأنّه، أخبرني، أن "المنتجات الأمريكيّة تساعد الإدارة الأمريكيّة لتكسب أكثر، ثم تستخدم تلك المكاسب لتزويد إسرائيل بالأسلحة لقتل المدنيّين الفلسطينيّين."

حتّى وقت قريب، كان النزاع الفلسطينيّ الإسرائيليّ هو الذي سيطر على خيال الألفي وعواطفه. أكمل حديثًا روايةً غير منشورة "أنا مع أطيب الأمنيات"، عن صحفيّ مصريّ يخطّط لزيارة المسجد الأقصى في القدس لكنهّ لا يريد الاعتراف بشرعيّة إسرائيل لعبور الحدود قانونيًّا وبدلاً من ذلك يتسلّل عبره الحدود اللّبنانيّة مع فدائيّين. ينصَرِّف بطل الرواية عن القصد في لبنان عندما يحبّ البنت الفلسطينيّة التي تُقْتَل بهجوم جوّيّ إسرائيليّ. وفي حالة من اليأس يقرّر الانتقام لموتها بالمشاركة بدوره في هجوم على جنود إسرائيليّين.

في مبنى الإم بي سي المملوء بالدّخّان - أين يؤدي الموظّفون أعمالهم التي يرافقها إصدار صوتً كالهدير، سجائر وارتشاف Nescafe التي توزعها الماكنة- أخبرني الألفي أن السبب الذي من أجله يريد أن يكون رّوائيّا هو الحثّ على القومية العربيّة. قال أن كلّ الأراضي العربيّة يجب أن تكون بلدا واحدا، إنّ الأمر سخيف، إذ يجب عليه، حسب قوله أن يقدّم طلبًا للتأشيرة لدخول لبنان. جمال عبد الناصر، رئيس مصر الأسبق، والذي هو بطله، عندما نالت مصر الحرّيّة، ساعد كلّ البلاد العربيّة لتصبح حرّة".

بدأ الألفي العمل على رواية جديدة حديثًا. إنّها عن العراق، القضيّة التي انضمّت إلى الوضع الفلسطينيّ بصورة أكثر إلحاحا وأهمية في العالم العربيّ. إنّها تعتمد أساسا في جزء منها على تجربته في العمل الصحفي للعربية عن العراق منذ أشهر قليلة. في العراق، تحدث إيهاب عن القصص التي كانت قريبة من قلبه وأيضًا لم يتردّد إشراك نفسه فيما كان يبلغه. أخبرني عن حادث واحد رأى فيه جنديّ أمريكيّ يمسك عراقيا بعنف قال الألفي أنه أثناء المراسلة من الفلوجة، ساعد في إخراج المدنيّين من تحت الأنقاض. احتفظ بثوب الشّال الأخضر المغطّى بالغبار للفتاة الصّغيرة ووضعه في إطار خشبي. كانت طفلةً إسمها حنين ماتت تمسكه، وأخوها قال "أننيّ يمكن أن أحتفظ به"

جلست مع إيهاب الألفي يوما واحدا عندما طُلِبَ أن يأخذ فقرتين من خطاب علاوي لمدّة 45 دقيقة. أراد متابعة أحد تصريحات رئيس الوزراء العراقي :" العمليّات الانتحاريّة في العراق ليست جهادًا حقيقيًّا بتصريح من إمام. لكنّ رؤساء تحريره سوف لن يدعوه.

"ليس هناك توازن بين النّقاط" قال وهو يهزّ كتفيه، يبدو مهزومًا. عندما أنهى التّقرير، قاد ثانية إلى الحدائق، مجمّع المشمشيّ حيث يعيش عمّال مدينة الإعلام، يدلّك عطر زيت مصريّ على يديه لنزع رائحة السّيجارة، ويلف كوفية فلسطينيّة حول مسند مقعده الأماميّ.

من غير الواضح إن كانت وزارة الدّفاع قد غيّرت رؤيتها للعربية منذ سمّاها دونالد رمسفلد "عنف معاداة التحالف" قبل سنة. " في هذه اللّحظة، لا نريد عرض تقييمنا لمضمون الافتتاحيّة أو اتّجاه منفذ أخبار محدّد"


أخبرني في وقت متأخر من الشّهر الماضي ـكانون الأول/ديسمبرـ، متحدّث وزارة الدّفاع المقدم باري فينابل :" اختار جورج بوش إعطاء العربية مقابلة بعد فضيحة سجن أبو غريب، ومدير أعمال العربية، شفعت خان، قال أنه تلقى زيارة من قبل جنرالات أمريكيّين قليلين في الصّيف الماضي من أجل إقامة علاقات ودودة. لخّصوا رؤيتهم للإعلام العربيّ بالقول أنه بينما ـ كما أفهموه ـ الجزيرة سيّئة جدًّا، والعربية سيّئة."

لكنّ على أرضيّة غرفة الأخبار يقول المنتجون والمحرّرون أنهم يجدون صعوبة في الحصول على المنظور الأمريكيّ عندما يريدون وضعه على الهواء. ففي 19 تشرين الثاني/نوفمبر، اندلع إطلاق النّار في مسجد في شماليّ بغداد. قال الخطيب أنهّ كان لديه فورًا شيخ محلّيّ على الخطّ يعرض تقريره للهجوم : أنّ جيش الولايات المتّحدة فتح النّيران على المدنيّين. لكنّ الخطيب رأى في التّسجيل تبادل نيران وتساءل إذا كان المسجد يأوي المقاتلين. قضى الـ45 دقيقة حتّى فترة البثّ يحاول الحصول على تفسير حكوميّ عراقيّ أو أمريكيّ للحادث، بعد ثلاثة ساعات، لم يصله تفسير من كلتا الجهتين.



"ممّا أدهشني" يقول الخطيب :"المعارضة تعمل أفضل من الأمريكيّون والعراقيّين الرّسميّين، الّذين ليسوا مستعدين بسهولة للتّعليق ولإعطاء تفسيرهم كالمعارضة. المقاتلون مستعدّون لتسجيل الفيديو رجال مقنّعون وشّخص مستعد للتّعليق نصف ساعة بعد نهاية القضية.بدأ الخطيب وأذاع القطعة الخاصة الاشتباك المسلّح في المسجد من غير وجهة النظر الأمريكية، قال أن القطعة بدت غير متّزنة لكنّ لم يكن لديه اختيار بين قطعة ناقصة أو عدم التغطية على الإطلاق.
الاستراتيجيّة الرّئيسيّة لحكومة للولايات المتّحدة بخصوص الإعلام العربيّ كانت خلقً منافسة له - الحرة محطّة أخبار القمر الصّناعيّ وراديو ساوا - - بتكلفة 100 مليون دولار بدلاً من الإنشغال بعدوانيّة محطّات الإعلام العربيّة الحاليّة. لكنّ نتيجة لذلك، ليس هناك آليّة سهلة للصّحفيّين في هذه المحطّات لإيجاد الأصوات الأمريكيّة الكفيلة بخلق حالة تعاطفً من المشاهدين العرب. ذات مرّة، نائل ناجدوي، منتج متوسط العمر تتأرجح نظّاراته على الخيط حول رقبته. سألني إذا كنت أعرف أي شخص من ضحايا هجمات أيلول/سبتمبر. فقلت له أن امرأةً في منطقتي قابلتها عدة مرات فقدت أخاها. فسألني إن كان بالإمكان أن يدعوها للحضور على الهواء مباشرة في نشرة العاشرة؟

المسؤولون في القسم العام للدّبلوماسيّة بوزارة الخارجيّة تجادلوا حول خطة مباشرة مع الإعلام العربيّ. لكنّ نورمان باتيز، عضو مجلس أمناء الإذاعات الدولية الذي خطّط للحرة وراديو سوا، أخبرني أنه يعتقد أن الرّؤية خاطئةً، لأنه يسلّم جدلاً أن الإعلام المحلّيّ هو الحلّ وليس المشكلة. يتكلّم باتيز عن الإعلام العربيّ ككيان. في مقال منشور حديثًا، كتب :" تجاوز الجزيرة والعربية أدوار الإعلام التّقليديّة. تشتغلان، في الواقع، كحركات شبه سياسيّة، تعكسان اثنتين من الميزات المعرّفية للشّرق الأوسط اليوم. الأول هو القصور السياسيّ وحرّيّة الصّحافة. الآخر هو القومية عربيّة. تظهر الشّبكتان العربيّة كلاهما"ّ الجزيرة والعربية" بتغطية الأخبار التي تقمعها نظم عربيّة والقصص التي تثير بشدة العواطف العربيّة، أي النزاع الفلسطينيّ الإسرائيليّ والحرب في العراق".

بين الخبراء الذين يتعقّبون الإعلام العربيّ، هناك نقاش سواء كان نوع التّغطية هذه جيّدًا أو سيّئًا لآمال الديمقراطيّة في الشّرق الأوسط. مارك لينش، المدرّس المساعد للعلوم السّياسيّة في كلية ويليامز، يتّفق مع نورمان باتيز أنّ شبكات القمر الصّناعيّ تركّز على القضايا المثيرة للاهتمام وجد في بحثه الأخير حول تغطيات الجزيرة منذ 1999 أن أعلى ثلاثة موضوعات انتقلت بين العراق، النزاع الفلسطينيّ الإسرائيليّ والإصلاح السّياسيّ العربيّ - - لكنّ بالنسبة للينش، هذا يجعل الجزيرة المؤيّدة للدّيمقراطيّة في كلّ المحطّات في العالم العربيّ : إنها تعكس الرّأي العامّ وتفتح المجال للنّقاش السّياسيّ.

ويليام رف، السفير السابق الولايات المتّحدة والآن ملحق في معهد الشّرق الأوسط، يعتقد بطريقة مماثلة أن الحوار على الجزيرة، ساخن ومع ذلك يفتح المناقشات التي تجبر المسؤولين أن يكونوا أكثر مسؤوليّة. لكنه يقول أن انتباه الجزيرة للقضايا الجدليّة ووجهات النّظر المختلفة لم يترجم في السّياسة الدّيمقراطيّة. تلك الخطوة القادمة لم تُؤْخَذ كما هو متوقّع فيما يخصّ جلب الدّيمقراطيّة إلى العالم العربيّ لم تشكّل النّاس الأحزاب وجماعات الضّغط السّياسيّة. " لا يمكن أن تفترض بما أن هناك الكثير من الصّياح المستمر هناك الكثير من الشّفافيّة والمسؤوليّة التي يجب أن تسير ".

عبد اللّه، مدير مركز أدهم لصحافة التّليفزيون في الجامعة الأمريكية بالقاهرة، يقول لأجل الدّيمقراطيّة السّليمة هناك قواعد لعبة معيّنة للمناقشة. الخطر على الصحافة أن تنتقل إلى أسلوب متسلّط هو الإثارة الواضحة أحيانًا في الجزيرة ويضيف:" ما يقال على تلك الشّبكة لن يُقَال في إنجلترا وأمريكا أبدًا لأنهم ينتقلون في المجال المجهول، ليس هناك حظر، لا تشهير، لا حدود لما يمكن أن يقوله اي أحد."

استمرّ بالقول أنه يأمل أن تكون العربية أكثر حذرًا وطريقة محترفة أكثر ستزوّد وقود للجزيرة: "يمكن أن يكون لديك صحافة حرّة تشتغل لكنّ بالسّلوك، والدّيمقراطيّة تعتمد على السّلوك الحسن ".

قال الخطيب أنه يخطّط للإقامة في العربية لمدة سنة فقط. بالرّغم من أنّ دبي مكان أسهل للعيش من رام اللّه، قال أنه لا يريد البقاء لأنه يُقْلَق من الفجوة الكبيرة بين دبي وبرامج العربية العالميّة يقول :" في نيويورك، أن تعمل كمحرّر، يمكن أن تذهب لتناول قهوة، وكل شيئ حولك يعطيك شعور المكان الذي تعمل فيه. مثال العمل في القاهرة، فقط للذّهاب للعمل في الصّباح قد ترى 10 متسولين يسمعونك 200 قصة. أما في دبي، معظم ما ترى في طريقك إلى العمل اشارات المرور."



يقول الخطيب:" النّاس في دبي لا تعيش في العالم الحقيقيّ، العالم العربيّ، وهذا يؤثّر على العمق والغنى في عملنا". وأضاف مشيرا إلى غرفة الأخبار، قال: ينقلون الحقيقة خلال الزّجاج. هذا تصنّع. لا أريد أن أكون مثل هؤلاء الذين هم بعيدون عن الجمهور. شعرت بهذا منذ أول يوم حللت فيه. إذا نجحت الشّبكة وبقيت، سأخسر كل شيء جعل مني صحفيّا جيّدا".

لكنّ عندما ضُغِطَت، اعترف أنّه غير متحمّسً للعودة إلى مكتبه في الضّفّة الغربيّة. قال أنه يعامل دائمًا على أساس أنه فلسطينيّ أوّلا ثم صحفيّ ثانيا، يكون منشغلا في نقاط التّفتيش لساعات في طريقه إلى المواعيد. وأحيانا الصّراع لعرض التّقارير الهادئة عن وضع مؤلم إنه متعب بمسار السلام ولا أشعر أنه سينتهي في سّنة أو سنتين".

أخذ السيد نبيل العمل في العربية لأنه اعتقد أنّ العالم العربيّ كان غير قادرًا لأنّ يكون عادلا وحراّ لأنهم لا يحصلون على المعلومات الحقيقيّة. أراد أن يكون جسرا بين المثل التي يقتنع بها عن الصّحافة وحقائق صحافة عربية، واعتقد أنّه يمكن أن يكون لديه تأثير حقيقيّ في العربية، لكنّ بعد أن صار له في دبي أربعة أشهر، قال متأخّرًا ذات مرّة في بهو الرّخام لمبنى الإم بي سي، أنّ المسافة بين تلك النّقاط تبدو شاسعةً. "أنا غير متأكّد أننيّ شخصيًّا يمكن أن أتحمّل دفع السّعر لهذا النّجاح، حتّى إذا كان ممكنًا".


الراشد أكثر تفاؤلا بالآمال للعربية، ولخلق صحافة حرّة حقًّا في منطقة غير حرّة. لكنّ عندما تضغط عليه، يعترف أن مهمّته خطرةً، وأنّ تكلفة الفشل ستكون عظيمة. في طريق حقيقيّة، يجب عليّ أن أربح هذا" قال لي ذات مرّة بينما أخذنا سائقه إلى المحطّة. كنت أنصح لفترة طويلة بهذا النوع من الأفكار، وإذا لم أنجح، يجب عليّ أن أخرج وأقول" لم أنجح" أنا وحدي، هذا غير ممكن لأنني سأكون سببا في جرّ الجميع معي....لأجل هذا، يجب عليّ أن أنجح."
------------------------------------------------------------------------------
بقلم: سامانتا إم. شابيرو
ترجمة: عبد الحق بوقلقول
--
• المقال نشر في جريدة نيويورك تايمز بتاريخ 2 كانون الثاني/يناير 2005



#مصطفى_النجار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مجزرة بيت حانون أخر مقطوعة دموية للعدو
- براءة من الله ورسوله
- هيومن رايتس ووتش واسرائيل
- تحديات جديدة وعقبات غريبة أمام الاقتصاد المصرى
- اسرائيل بين فلسطين ولبنان
- الصهيونية كلمة الإرهاب
- اعتداء على الرسول
- حماس ومزاعم الجيش الجديد
- نوادر التعليم المصري
- الاغتصاب جريمة الشعوب
- جرائم المخابرات
- عبادة.. ولكن..!
- تاريخ الحراميه
- من قتل شيرين؟
- أحلام فترة النقاهة
- واحد اتنين البت رايحه فين
- الحرية على النهج العالمي الجديد
- رسالة الي حكامنا العرب
- الرذيلة الدينية بين المسيحية الصهيونية والسماحة الاسلامية
- ظاهرة قتل الأزواج .. الأسباب .. والحالات .. والحل


المزيد.....




- منهم آل الشيخ والفوزان.. بيان موقّع حول حكم أداء الحج لمن لم ...
- عربيا.. من أي الدول تقدّم أكثر طالبي الهجرة إلى أمريكا بـ202 ...
- كيف قلبت الحراكات الطلابية موازين سياسات الدول عبر التاريخ؟ ...
- رفح ... لماذا ينزعج الجميع من تقارير اجتياح المدينة الحدودية ...
- تضرر ناقلة نفط إثر هجوم شنّه الحوثيون عليها في البحر الأحمر ...
- -حزب الله- اللبناني يعلن مقتل أحد عناصره
- معمر أمريكي يبوح بأسرار العمر الطويل
- مقتل مدني بقصف إسرائيلي على بلدة جنوبي لبنان (فيديو+صور)
- صحيفة ألمانية تكشف سبب فشل مفاوضات السلام بين روسيا وأوكراني ...
- ما عجز عنه البشر فعله الذكاء الاصطناعي.. العثور على قبر أفلا ...


المزيد.....

- السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي / كرم نعمة
- سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية / كرم نعمة
- مجلة سماء الأمير / أسماء محمد مصطفى
- إنتخابات الكنيست 25 / محمد السهلي
- المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع. / غادة محمود عبد الحميد
- داخل الكليبتوقراطية العراقية / يونس الخشاب
- تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية / حسني رفعت حسني
- فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل ... / عصام بن الشيخ
- ‏ / زياد بوزيان
- الإعلام و الوساطة : أدوار و معايير و فخ تمثيل الجماهير / مريم الحسن


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - مصطفى النجار - الحرب داخل غرفة الأخبار العربيّة