أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - نهاد ابو غوش - نزع الصفة الإنسانية عن الفلسطينيين















المزيد.....

نزع الصفة الإنسانية عن الفلسطينيين


نهاد ابو غوش
(Nihad Abughosh)


الحوار المتمدن-العدد: 7772 - 2023 / 10 / 22 - 15:31
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


لا أسباب سياسية ولا عسكرية ولا ثقافية ونفسية يمكن لها أن تفسر كل هذه الوحشية الإسرائيلية في حرب الإبادة والتهجير ضد شعبنا الفلسطيني في قطاع غزة، ولا توضح أسباب التواطؤ الأميركي الغربي مع مجرمي الحرب مع تبني رواياتهم الكاذبة والمفبركة، سوى أن هؤلاء لا ينظرون للفلسطينيين وللعرب عموما كبشر ذوي حقوق إنسانية قبل الحقوق الوطنية والسياسية.
هذا السلوك الإسرائيلي ليس جديدا، بل هو متأصل في الفكر والممارسة الصهيونيين منذ إنشاء إسرائيل وعلى امتداد العقود الماضية وحتى الآن. فكر استعلائي بطبيعته، يظن أن اليهود متميزون ومختلفون عن سائر البشر لكونهم شعب الله المختار، ومع أن النظريات الاستعمارية الصهيونية ليست دينية في الأصل، ولكنها اتكأت على انتقاء ما يلائمها من نصوص وقصص توراتية وتلمودية لا حصر لها تنظر إلى الآخرين (الأغيار) ككائنات دون مستوى البشر، خلقها الرب لخدمة اليهود.
ثمة أمثلة كثيرة في الأدبيات القديمة والحديثة عن أفكار الاستعلاء ونزع الصفة الإنسانية عن الفلسطينيين، من بينها ما كان يردده الحاخام عوفاديا يوسف، الزعيم الروحي لحركة (شاس) بأن العرب هم كالصراصير والعقارب والديدان التي ينبغي معاملتها كما تعامل هذه الكائنات، أي بالقتل والإبادة، ولذلك فإن النتيجة المنطقية لهذا الفكر هي إباحة ارتكاب الجرائم، فكانت المجازر الصغيرة والكبيرة، الفردية والجماعية دائما أدواتٍ معتمدةً لتنفيذ السياسات والأهداف الإسرائيلية مثل تهجير السكان، أو ردع الخصوم، ومعالجة التحديات الأمنية، أو حتى لتفريغ شحنات الحقد والكراهية التي تنتجها حملات التعبئة والتحريض وغسل الدماغ، لكن كل ذلك كان يبدو هامشيا، أو يجري تصويره وتفسيره بأنه مجرد حوادث متفرقة وثانوية. أما الآن فالجريمة منهجية ومخططة ومكتملة الأركان ومترابطة الفصول، وهذه الجرائم ليست مجرد نتائج جانبية أو عرضية للحرب، بل هي أفعال مقصودة لذاتها.
يمكن العثور يوميا على شهادات إدانة دامغة يطلقها مسؤولون سياسيون وجنرالات، وزراء وأعضاء كنيست، ومحللون سياسيون تستضيفهم ستوديوهات التلفزة والإذاعة الإسرائيلية، على امتداد ساعات الليل والنهار، ونقرأ لهم في الصحف العبرية، وكلهم منخرطون في جوقة واحدة لتبرير الحرب الوحشية، فالوزير جدعون ساعر الذي انضم مؤخرا إلى المجلس الوزاري الأمني المصغر يدعو إلى جباية ثمن باهظ من الفلسطينيين عبر احتلال جزء مهم من مساحة قطاع غزة، والمعلق العسكري البارز ألون بن دافيد يرى أن بالإمكان إعادة بناء مستوطنات الغلاف وقد أصبحت لها "إطلالات جميلة" على البحر، أما الجنرال في الاحتياط غيورا آيلاند فيرى أن على الجيش الإسرائيلي التسبب بكارثة إنسانية في غزة، وهو يفضل أن تصل الأمور إلى وضع تكون فيه غزة بدون بشر.
يحرص قادة إسرائيل الرئيسيون على اختزال تصريحاتهم وتنميقها ما أمكن، وخصوصا أثناء المؤتمرات الصحفية ولدى زيارات المسؤولين الأجانب. أكثرهم حذرا هو رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وهو الخبير في العلاقات العامة، ولكنه لم يجد سوى الكذب وفبركة الأخبار ذخيرة لحملته الدعاوية لتبرير وحشية الحرب التي يشنها على المدنيين من نساء وأطفال في غزة. وقد ذرف دموع التماسيح حين أطلق فِرْيَته بشأن قطع الرؤوس وذبح الأطفال واغتصاب النساء، مقتفيا أثر غوبلز النازي في الدعاية، ومعتمدا على نظرية إعلامية تقوم على أن "الانطباع الأولي" هو الذي يرسخ في ذهن الناس، وليس الحقائق والوقائع المدعومة بالأدلة. هكذا فعلوا عند اغتيال الشهيدة شيرين أبو عاقلة، وكرروا ذلك أكثر من مرة خلال هذه الحرب الإجرامية ومنها ادعاء أن صاروخا أطلقته المقاومة تسبب في مذبحة مستشفى المعمدان، والمصيبة أن الرئيس الأميركي بايدن صدقهم في جميع هذه الحالات، لا بسبب نقص الأدلة، ولكن لأن الإدارة الأميركية تريد تصديق هذه الأكاذيب، وسبق لها أن لفقت ادعاءات مشابهة كما حصل عند الادعاء بوجود أسلحة الدمار الشامل في العراق لتبرير غزوه.
في المقدمات التبريرية والتمهيدية للحرب على غزة، ركز نتنياهو مقولاته بالادعاء أن حركة حماس هي أسوأ من داعش، متجاهلا أن الحركة نشأت في بيئة رفض الاحتلال ومقاومته، بل إن نتنياهو نفسه لطالما برر التسليم بوجود سلطة حماس في غزة، وسمح بتمرير الأموال لها، لكونها بحسب رأيه تسهم في إدامة الانقسام الفلسطيني، وهو ما ينسجم ومصلحة اسرائيل الاستراتيجية.
وزير الدفاع يوآف غالانت كان أكثر وضوحا وصفاقة حين وصف الفلسطينيين بأنهم "حيوانات بشرية"، لم يأت ذلك في سياق تبادل الشتائم بين زعران في حارة ما، بل لتبرير الجرائم وانتهاك قوانين الحرب، وخرق المعاهدات الدولية، والامتناع عن تطبيق القانون الدولي الإنساني، وجريمة التطهير العرقي والتهجير، وجريمة الإبادة من خلال استهداف المدنيين بقصف البنايات على رؤوس ساكنيها من دون تمييز بينهم وبين المحاربين، وفرض العقوبات الجماعية القاسية بما يشمل قطع الماء والكهرباء ومنع وصول الغذاء والدواء والوقود. خلال المداولات الجارية في وسائل الإعلام الإسرائيلية يكثر استخدام مصطلح "الإبادة" المستقى من أدبيات العهد النازي والذي لم يستخدم منذ الحرب العالمية الثانية إلا بشكل عابر لوصف جرائم الإبادة في رواندا وكمبوديا أثناء حكم الخمير الحمر.
النظرة للفلسطينيين أنهم دون مستوى البشر لا تقتصر على الحرب وخطابها المتطرف، بل نشأت أساسا في حقلي الفكر والسياسة، فحكام إسرائيل لا يرون الفلسطينيين ندّاً لهم، أو شعبا له حقوق وطنية وسياسية، وأقصى ما يمنح لهم هو التسهيلات الاقتصادية أو السلام الاقتصادي كما ورد في صفقة القرن، وتكرر خلال حملة التطبيع مع الدول العربية من دون الفلسطينيين وعلى حسابهم.
الخطأ الإسرائيلي في تجاهل الفلسطيني وتجاوزه ليس مجرد هفوة أخلاقية، ففي كل مرة يجري تجاهله يثبت الفلسطيني أنه العنصر الحاسم في معادلة الصراع وقضية الشرق الأوسط، ولعل هذه النظرة الاستعلائية الاستعمارية التي تحط من قدر الفلسطيني، هي التي حالت دون توقُّع ما يمكن أن يفعل الفلسطيني حين وجه لإسرائيل أقسى لطمة في تاريخها فحطم أسطورة جيشها وأسطورة تفوقها النوعي وكونها قوة عظمى تكنولوجية وعلمية وعسكرية وهي لطمة ستبقى آثارها حاضرة لأجيال وأجيال.



#نهاد_ابو_غوش (هاشتاغ)       Nihad_Abughosh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خيارات المقاومة في ظل التطورات الميدانية
- عملية طوفان الأقصى تغير معادلات الصراع
- لماذا يشيطنون غزة ومقاومتها (3 من 3)
- لماذا يشيطنون غزة ومقاومتها (2 من 3)
- لماذا يشيطنون غزة ومقاومتها؟(1 من 3)
- الأولوية لحماية المدنيين ووقف حرب الإبادة والتهجير
- لا أهداف اسرائيلية واقعية سوى القتل والانتقام والدمار
- مسؤولياتنا لدرء نكبة ثانية تتهددنا جميعا
- إسرائيل لا تأبه بمصير أسراها
- جيش اسرائيل يقترف جرائم حرب لاستعادة هيبته
- تحطيم أسطورة الجيش الإسرائيلي وهيبته
- المقاومة تقلب الطاولة وتُصَوِّب المعادلة
- إسرائيل لا ترى في الفلسطينيين إلا مشكلات أمنية
- التربية الإعلامية والنضال التحرري (2 من 2)
- التربية الإعلامية والنضال التحرري (1 من 2)
- لا لمشاركة المقدسيين في انتخابات بلدية الاحتلال
- التعليم وفرص العمل وتنمية الصمود الفلسطيني
- بين خطابات عباس ومسؤولياته
- احتجاز الجثامين جرح نازف لمشاعرنا وكرامتنا
- عن إشكاليات الخطاب الوطني الفلسطيني


المزيد.....




- مئات المتظاهرين في تل أبيب يطالبون بصفقة لتبادل الأسرى
- ‏ -الفوضويون- ينفذون أعمال شغب في مونتريال والشرطة تتصدى بال ...
- مدججين بمعدات مكافحة الشغب.. الشرطة الأمريكية تواجه وتعتقل م ...
- ما حقيقة الفيديو المتداول لـ-صريخ- روبرت دي نيرو في متظاهرين ...
- مواجهات بين الشرطة ومتظاهرين في باريس خلال عيد العمال.. وفلس ...
- مباشر: التعريف بأهم قضايا الطبقة العاملة وقرائة أولية لفعالي ...
- مواجهات بين الشرطة ومتظاهرين في باريس
- الغد الاشتراكي العدد 38
- نداء المشاركة بتظاهرات فاتح ماي بالدارالبيضاء
- الاحتجاجات ضد -القانون الروسي-.. بوريل ينتقد عنف الشرطة ضد ا ...


المزيد.....

- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين
- الأنماط الخمسة من الثوريين - دراسة سيكولوجية ا. شتينبرج / سعيد العليمى
- جريدة طريق الثورة، العدد 46، أفريل-ماي 2018 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - نهاد ابو غوش - نزع الصفة الإنسانية عن الفلسطينيين