أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - الفضل شلق - فلسطين والدور الفلسطيني















المزيد.....

فلسطين والدور الفلسطيني


الفضل شلق

الحوار المتمدن-العدد: 7771 - 2023 / 10 / 21 - 18:38
المحور: القضية الفلسطينية
    



لا بدّ من استخدام تعابير مثل العنصرية، واليمين المتطرّف، والفاشية، والأصولية الدينية، لوصف الغرب عموماً في موقفه من قضية فلسطين كما آلت إليه. ولا بدّ من التساؤل حول ظهور المكبوت فجأة بعد عملية حماس في غزة. كما لا بدّ من ملاحظة الفجاجة في إظهار هذا المكبوت، فكأن الغرب ضاق ذرعاً بالعرب، وضاق ذرعاً بالفلسطينيين لمثابرتهم على المطالبة بحقوقهم، حتى ولو كانت العمليات العسكرية موضع تساؤل.

أهم هذه التعابير هي العنصرية، أي اعتبار أن للإنسان خصائص مرتبطة بوجوده، مثل لون البشرة، وشكل الجمجمة، وحتى اللغة. وهذه تقرر سلوكه ومستواه الاجتماعي ودرجة ذكائه.
أما الفاشية، فهي المبالغة في الانتماء القوي والإصرار على صفات يمتلكها عرق ما أو قومية تميزه عن غيره، وتمنحه صفات لا تُتاح لغيره. يتظاهر اليمين المتطرّف بالابتعاد عن العنصرية والفاشية، لكنه يؤكد على “صفات” مالية وأوضاع اجتماعية تقرر للفرد موقعه من الحضارة والمجتمع. فالفقراء يستحقون ما هم عليه بحكم فقرهم. أما الأصولية الدينية فهي من قبض على الحقيقة. وهذه لا تكون إلا إلهية. وهي تميزهم عن غيرهم من البشر، ولا تكون إلا ذات أولوية، تهون عندها حيوات البشر الذين لوجودهم مرتبة ثانوية. فهم لا يصلحون إلا وقوداً للقضية.

لا قيمة للإنسان عند أصحاب هذه الأفكار إلا بمقدار إنتمائه للجماعة التي يؤمن بها الواحد منهم، وعلى كل من ليس منهم أن يكون على الصورة التي يستسيغونها هم وإلا كانوا خارج الحضارة والمدنية، معرضين لتهمة الإرهاب حتى ولو لم يرتكبوه.

بغتصبون أرض فلسطين ويهجرون شعبها المرة بعد الأخرى، وإذا عبّر الفلسطينيون عن أوجاعهم أو عندما يبدي هؤلاء احتجاجهم بعملية عسكرية أو حتى بمظاهرة سلمية، فهم في نظر الغرب، الذي تسيطر عليه نزعات العنصرية والفاشية واليمين المتطرّف والأصولية الدينية، إرهابيون دون اعتبار منهم للإرهاب الكولونيالي في فلسطين وفي أنحاء الأرض قبل ذلك وبعده حتى الان. مع صعود النيوليبرالية، كشر الغرب عن أنيابه ولم تعد تلزمه الليبرالية هذه التي سقطت بعد سقوط الاتحاد السوفياتي الذي كان يخيفهم، خاصة من شعوبهم. زال هذا الخوف، فأمعنوا فيما سموه في القرن التاسع عشر “عبء الرجل الأبيض”. كشفوا القناع في أيامنا عن المستور في خفايا نفوسهم. ليس في اعتبارهم احترام لما هو خارج الغرب. وطبعاً الطفل المدلل إسرائيل. حرب إبادة غزة وأهلها أمام أعينهم، ورغم ذلك يبالغون بتأييد إسرائيل ودعمها بالمال والسلاح والايديولوجيا. كتب الكثير في الشرق والغرب حول كتاب “صراع الحضارات”، وفاتهم أنه برنامج عمل للكولونيالية في العصر الجديد أكثر منه تحليل للواقع العام.

عملية غزة ليست منعطفاً تاريخياً رغم براعة التخطيط والتنفيذ. رغم عظمتها، إلا أنها مجرد خدش في الجسد الإسرائيلي والغربي. لكن هؤلاء ينظرون للعرب نظرة استعلاء واستنكار، ولا يعتقدون أن العرب يستحقون مثل هذا الإنجاز، فتنهال عليهم التهم ويكال لهم الهجاء الذي بلغ حد اتهامهم، بالأحرى الفلسطينيين، بانهم وحوش بشرية. معظم العرب لا يوافقون على ايديولوجيا حماس ولا بقية الإسلام السياسي، لكنهم لا يلامون على إلحاق الأذى بإسرائيل، بل يستحقون الإطراء والتأييد لذلك؛ فإن سلب أرض فلسطين وإنكار حقوق الفلسطينيون ومعاملتهم وكأنهم لا يستحقون إلا الاحتقار والمهانة، كل ذلك يجتمع تحت عنوان واحد هو ما نسميه جريمة العصر، والعصور السابقة واللاحقة (إن استمر وجود إسرائيل).

ليست إسرائيل بالنسبة للعرب مجرد دولة يُعترف أو لا يُعترف بها، بل هي الوجه الآخر لما يعانونه من تخلّف وتأخّر وشرذمة وخضوع لشتى أنواع الاستبداد. ليست إسرائيل سبب كل ذلك، ولا أي من ذلك. بل هي نتيجة لما يذكرهم دائماً على ما هم عليه من العجز والهزيمة والضعف. وجود إسرائيل هو في الضمير العربي رمز لنقيض ما يتمناه العرب لأنفسهم من نهوض وتقدم واستحقاق لما يضعهم في صف الأمم التي يُنظر إليها بعين المهابة. إسرائيل عدو، وهي في نفس الوقت تمثّل العدو الكامن في نفس كل واحد منا. الخلاص في الذات العربية من العدو الداخلي في النفوس من تهالك وهلهلة يؤدي بطبيعة الحال الى الخلاص من إسرائيل. لا تجد هذه الدولة مكاناً لها على الأرض العربية إلا لأن العرب على ما هم عليه.

لا تضيق أرض العرب ببضعة ملايين إضافيين من اليهود أو غيرهم، بل هي تضيق بأي وجود ينكر عليهم عروبتهم، وينكر عليهم الرغبة في أن يكونوا حيث يريدون أن يكونوا، أو حيث يجب أن يكونوا، على سلم الوجود الاجتماعي والسياسي. إسرائيل نتيجة لا سبب. وهي نتيجة مهينة لسبب مهين في داخل كل منا قبل أن يظهر خارجياً. الخلل في الروح العربية، إذا كانت هناك روح لأي شعب من الشعوب. هو علة العلل. وما وجود إسرائيل إلا من مظاهر ذلك.

لم تنته الكولونيالية، وإن تغيرت أشكالها. إسرائيل وجه الكولونيالية الجديد في المنطقة. الدعم الكامل غير المشروط من قوى المركز الامبريالي دليل على أنهم يعولون عليها لتلعب دوراً ما؛ إلا في حال انتهت الامبريالية الى غير رجعة، ولم يعد لإسرائيل دوراً، لا سلباً ولا ايجاباً. من أهم أدوارها إثارة الحروب في المنطقة لإهدار الموارد. الدور الثاني، إثارة ردات الفعل ضد الأصولية والفاشية، وهي حالة من حالتهما، وإلحاق فاشيات المنطقة بها، عن حق أو غير حق، من أجل إثارة الحروب الأهلية؛ وقد نجح هذا الدور.

يستطيع أي فريق، سواء كان صغيراً أو كبيراً، أن يضع في سلم أولوياته العقيدية والايديولوجية قضية فلسطين والصراع ضد إسرائيل، ويجذب شعبية بناء على ذلك حتى ولوكان كاذباً، وحتى لو كان يتلاعب بالقضية الفلسطينية. المهم عند من يدفع هولاء الى العمل، أو يقودونهم في النضال، صرف النظر عن القضية العربية. ليست فلسطين على أهميتها جوهر القضية العربية، بل القضية العربية هي الجوهر. الفرق بين الاتجاهين كبير. ما تخشى منه الكولونيالية وقادتها في العالم هو القضية العربية. فكأن القضية القُطرية من ناحية، وقضية الأمة (الإسلامية) من ناحية أخرى، تحاصران القضية العربية. تحقيق ما للقضية العربية هو ما يخشى منه الغرب الامبريالي، وهو ما تجنّد ضده القوى العنصرية والفاشية واليمين المتطرّف والأصولية بأنواعها. هم الكولونيالية هو أن لا نفكّر بخصوص عروبتنا بعقل سوي. من هنا كانت أشكال الخطاب اللاعقلاني من العنصرية الى الفاشية هي ما يسوّق له في ساحة الفكر العربي. ومن هنا كان الدور المحوري للقضية الفلسطينية.



#الفضل_شلق (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حرب لتغيير المنطقة
- عن البيئة الطبيعة والسياسة
- الامبريالية في صنع الثقافة المحلية
- النظام العالمي: امبريالية جديدة
- السياسة تعلو على الثقافة
- الدين السياسي في مواجهة الدين العميق
- جينولوجيا الدولة العميقة
- الثروة سبب الفقر
- حول القداسة والمنع والتحريم
- نهاية الديمقراطية مع بدايتها
- أزمة الوجود في إلغاء السياسة
- هل بدأ أفول الدولة الدينية
- زلزالنا اجتماعي نتائجه مثل زلازل الطبيعة
- صناعة السلاح وضرورات الحرب والاستبداد
- تفوّق الطبيعة على الإنسان
- المطلوب استعادة الدولة والنفط أداة
- وعظ أبو ملحم حول العيش سوية
- انقلاب تدريجي يستهدف الحرية الفردية
- عبيد الأسماء
- دين بلا إيمان


المزيد.....




- فيديو مرعب يظهر لحظة اجتياح فيضانات مدمرة شمال أفغانستان.. ش ...
- مشهد مرعب متداول في الصين.. متسلقون علقوا لأكثر من ساعة على ...
- الدفاع الروسية: هجوم أوكراني بالصواريخ استهدف مناطق سكنية في ...
- -إسرائيل ستدفع ثمن التردد في اتخاذ القرار في غزة- - جيروزال ...
- هاغاري: -العملية الدقيقة ضد حماس في رفح مستمرة-
- رئيس المجلس الأوروبي يدعو إسرائيل لعدم شن عملية برية في رفح ...
- الكويت.. إجراءات للنيابة العامة بحق مواطنين طعنوا في حقوق وس ...
- صحيفة تركية تتحدث عن مخطط أمريكي لجعل تركيا ثقلا موازنا في م ...
- اندلاع حريق ضخم في مركز للتسوق بالعاصمة البولندية وارسو (فيد ...
- لوموند: روسيا تعزز وجودها في ليبيا وسط استياء غربي واسع


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - الفضل شلق - فلسطين والدور الفلسطيني