أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبدالرحيم قروي - من أجل ثقافة جماهيرية بديلة68















المزيد.....

من أجل ثقافة جماهيرية بديلة68


عبدالرحيم قروي

الحوار المتمدن-العدد: 7764 - 2023 / 10 / 14 - 02:48
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


مؤلف جناية البخاري إمام المحدثين

لزكريا أوزون

الحلقة الأولى
إهداء
إلى كل من يحترم العقل ويقدره.
إلى كل من يحتكم إلى العقل فى الحكم على النقل.
إلى كل من أضاء شمعة الإبداع فى ظلام التقليد الأعمى والتبعية.
إلى كل من أضاء شمعة الفكر فى ظلام القياس والآبائية.
إلى كل من أحب الناس على اختلاف أجناسهم وأديانهم ومعتقداتهم.
معًا فى هذا المشوار الشائك الطويل.


المقدمة
إن إشكالية الحديث النبوى من أهم وأعقد الأمور فى الدين الإسلامى، والبحث فيها يتطلب جرأة مدعومة بالعلم والحجة والبينة نظرًا لحساسيتها.
وقد تم انتقاء "صحيح الإمام البخارى" لمناقشة ومعالجة موضوع الحديث النبوى فيه، كونه أفضل وأصح كتب الحديث عند كثير من أئمة المسلمين، وزيادة فى الدقة والحرص فقد تم اعتماد الأحاديث التى اتفق عليها الشيخان بخارى ومسلم والتى يطلق عليها عبارة: المتفق عليه.
وإذا كان ما فى "صحيح البخارى" محاطًا بالهالة والقدسية فإن إعمال العقل والتخلص من أوهام النقل هو ما تم السعى إليه فى هذا الكتاب الذى جاءت أبحاثه مبسطة مركزة مباشرة وبعيدة عن التعقيد والتكرار والاستطراد الذى اتصفت به معظم كتب التراث.
أخيرًا فإن السلف قد رأى أن الأجر والثواب هو نصيب العاملين من الأئمة والسادة العلماء الأفاضل دوما-وإن أخطأوا-لكن الأجدر اعتماد قوله تعالى:
{وقالوا ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا* ربنا آتهم ضعفين من العذاب والعنهم لعنا كبيرا} صدق الله العظيم. (الأحزاب (67-68)

زكريا أوزون


الفصل الأول
زبدة الكتاب فى بدايته
البحث فى الحديث النبوى أمر شائك وعر مملوء بالمصاعب ومحفوف بمخاطر صيحات التكفير والخروج عن الدين والملة، ولكن النيات الحسنة والصادقة التى تترافق مع الجهد والبحث العلمى الموضوعى كفيلة بتذليل تلك المصاعب والمخاطر والوعورة وبتحريك العقول المرنة والضمائر الحية التى لا يمكن للأمة أن تتطور وتستمر بدونها.
ويتوجب على فى البداية أن أبين للقارئ المقصود بمصطلح الحديث النبوى هنا، فهو: أقوال وأفعال وصفات الرسول وكل ما يتعلق بكافة جوانب حياته الفكرية والسياسية والاجتماعية والعلمية والعسكرية... الواردة فى صحيح الإمام البخارى.
وعليه فإن كلمة السنة هنا معتمدة ومستمدة مما جاء فى التعريف اللاحق(1).
وقبل البدء فى الدخول إلى فصول وموضوعات الكتاب، نطرح على مائدة البحث الأسئلة الأساسية التالية:
س 1: هل الحديث النبوى وحى منزل؟
س 2: هل الحديث النبوى مصدر تشريع؟
س 3: هل الحديث النبوى مقدس؟
س 4: هل يفسر الحديث النبوى القرآن الكريم؟
س 5: هل كل رواة الحديث النبوى من الصحابة عدول ثقاة؟
س 6: هل يوافق الحديث النبوى كما وردنا المعطيات العلمية والنظم والأعراف السائدة اليوم؟
س 7: هل وحد الحديث النبوى كما وردنا الأمة وطورها؟
س 8: ماذا نأخذ من الحديث النبوى؟
س 9: هل وفق الإمام البخارى فى صحيحه؟!
وسأقوم هنا بالإجابة عن تلك الأسئلة بشكل موجز مبسط حيث سيجد الباحث بعدها الإجابات المفصلة من خلال أبحاث الكتاب اللاحقة، وهنا أطلب من القارئ الكريم التحلى بالحلم والهدوء والتفكير الموضوعى فى متابعة الاجابات التالية:
السؤال الأول: هل الحديث النبوى وحى منزل؟
الحديث النبوى ليس وحيًا منزلا ولو كان كذلك لأصبح متنه "نصه" قرآنًا يقرأه المسلم عند أدائه فروض صلاته، وهو ظنى الثبوت، نقل بالمعنى وإن حاول البعض إقناعنا بدقة الرواة فى نقل عين لفظ الحديث، وما اختلاف متون "نصوص" رواياته الصادرة عن راو واحد واعتمادها إلا دليل على ذلك.
والرسول الكريم لم يأمر بكتابة الحديث(2)، كما أمر بكتابة القرآن الكريم، وما جاء فى الصحيحين من حديث "اكتبوا لأبى شاه"-الذى سنورد نصه الكامل لاحقا-والذى تم الاستـناد اليه فى كتابة الحديث يتعلق بما قاله الرسول عن تحريم مكة وصيدها وخلاها وشجرها ولقطتها.
وهو ما طلب أبو شاه كتابته تحديدًا ليكون بمثابة وثيقة لوصية الرسول حول مكة يظهرها لأهل اليمن ولم يطلب كتابة أى كلام غيره للمصطفى، وفيما يلى نص الحديث المذكور آنفا:
حديث ‏أَبُو هُرَيْرَةَ،‏ ‏قَالَ: ‏لَمَّا فَتَحَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ‏ ‏(ص)‏ ‏مَكَّةَ‏، ‏قَامَ فِى النَّاسِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ‏: " ‏إِنَّ اللَّهَ حَبَسَ عَنْ‏ ‏مَكَّةَ‏ ‏الْفِيلَ، وَسَلَّطَ عَلَيْهَا رَسُولَهُ وَالْمُؤْمِنِينَ فَإِنَّهَا لا تَحِلُّ لأحَدٍ كَانَ قَبْلِى، وَإِنَّهَا أُحِلَّتْ لِى سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ، وَإِنَّهَا لا تَحِلُّ لأحَدٍ بَعْدِى فَلا يُنَفَّرُ صَيْدُهَا وَلا ‏‏يُخْتَلَى‏ ‏شَوْكُهَا وَلا تَحِلُّ سَاقِطَتُهَا إِلا ‏‏لِمُنْشِدٍ‏، ‏وَمَنْ قُتِلَ لَهُ قَتِيلٌ فَهُوَ بِخَيْرِ‏ ‏النَّظَرَيْنِ‏: ‏إِمَّا أن يُفْدَى وَإِمَّا أن‏ ‏يُقِيدَ".‏ ‏فَقَالَ‏ ‏الْعَبَّاسُ ‏‏إِلا‏ ‏الإِذْخِرَ،‏ ‏فَإِنَّا نَجْعَلُهُ لِقُبُورِنَا وَبُيُوتِنَا؛ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ‏ ‏(ص)‏: "‏إِلا‏ ‏الإِذْخِرَ".‏ ‏فَقَامَ‏ ‏أَبُو شَاهٍ‏، ‏رَجُلٌ مِنْ‏ ‏أَهْلِ الْيَمَنِ‏؛ ‏فَقَالَ اكْتُبُوا لِى يَا رَسُولَ اللَّهِ! فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ‏ ‏(ص):‏ "‏اكْتُبُوا‏ ‏لأبِى شَاهٍ". (أخرجه البخارى فى: 45-كتاب اللقطة: 7 – باب كيف تعرف لقطة أهل مكة)
أما ما رواه البخارى عن أبى هريرة فى قوله: "ليس أحد من أصحاب رسول الله (ص) أكثر حديثًا منى، إلا ما كان من عبد الله بن عمرو، فإنه كان يكتب ولا أكتب" فقد دفعنى إلى الرجوع إلى كتب الأثر لأجد أن مجموع ما رواه عبد الله بن عمرو لا يزيد بأية حال من الأحوال عن ربع ما رواه أبو هريرة(3)، مما يجعل أحدنا يتساءل عما حل بذلك الكم من الحديث الموحى؟!
أخيرًا فإن الصحابة أنفسهم اختلفوا فى جواز كتابة الحديث النبوى حيث كرهها عمر بن الخطاب وعبد الله بن مسعود وزيد بن ثابت وأبو موسى وأبو سعيد وآخرون غيرهم(4).
السؤال الثانى: هل الحديث النبوى مصدر تشريع؟
أغلب الحديث النبوى ليس مصدر تشريع لأن معظم ما وصلنا عن طريقه لم ينفرد به النبى (ص) عن غيره من الناس لكى يتخذ شرعة ومنهاجًا من بعده، فمثلا لم يكن النبى (ص) أول إنسان يأكل باليمين أو يأكل التمر أو يستخدم العود الهندى أو يحتجم أو يبكى على وفاة ابنه أو ينام على جنبه الأيمن أو يقبل النساء... أو... أو... إلى غير ذلك ليعتبر ذلك تشريعا.
وهنا يقول قائل: ولكن النبى هو أول من صلى الصلاة التى نراها وفصل أوقاتها وعدد ركعاتها وهو أول من حدد نسبة الزكاة 2.5% للفقراء!! وتأتى الإجابة: نعم! ولذلك قال تعالى: {وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأطيعوا الرسول...}(النورـ 56).
وهو ما يدل على أن هذين القولين فقط هما ما يؤخذان عنه وقد حصلنا عليهما عن طريق السنة الفعلية المتواترة (وليس السنة القولية).
وهنا لابد من إظهار الفرق بين كلمتى الرسول والنبى(5) اللتين يتم الخلط بينهما عمدًا أو سهوا! فسيدنا محمد بن عبد الله رجل يحمل صفتين معًا هما صفة الرسول (من الرسالة) وصفة النبى (من النبوة) تماما كما يحمل أحدنا اليوم صفتين فى عمله كأن يكون مهندسًا ومديرًا للعلاقات العامة.
ففى مقام النبوة يقوم محمد النبى بالاجتهاد والعمل حسب المعطيات والإمكانيات والأرضية المعرفية السائدة، ويصحح له من خلال ذلك المقام، لذلك نجد أن التصويب يكون دائما من مقام النبوة كما فى قوله تعالى: {يا أيها النبى لم تحرم ما أحل الله لك تبتغى مرضاة أزواجك والله غفور رحيم} (التحريم-1). {يا أيها النبى اتق الله ولا تطع الكافرين والمنافقين أن الله كان عليما حكيما}(الأحزاب-1). {ما كان لنبى أن يكون له أسرى حتى يثخن فى الأرض...} (الانفال-67). {لقد تاب الله على النبى والمهاجرين...} (التوبة-117). لذلك فإن الأحاديث الواردة عنه سميت بالأحاديث النبوية.
أما فى مقام الرسالة والتى تشمل كافة التشريعات والأوامر التى أمره بها الله-عز وجل-عبر جبريل الأمين فى القرآن الكريم، فهو معصوم فيها من الوقوع فى الخطأ، وقد عصمه الله من ذلك، وعليه فإن الطاعة فى القرآن الكريم هى للرسول، {قل أطيعوا الله والرسول}(آل عمران-32). {وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول... واحذروا...}(المائدة-92). {من يطع الرسول فقد أطاع الله...}(النساء-80).
وقد جاء أمر الاقتداء بالرسول فى الصلاة والزكاة من مقام الرسالة كما رأينا فى الآية الكريمة السابقة، لذلك فإنه لا يوجد لدينا أحاديث رسولية، لأن رسالة سيدنا محمد (ص) هى القرآن الكريم، وقد وعى الصحابة ذلك فلم يكتبوا عنه عندما كان يحتضر على فراش الموت ما أراد أن يوصيهم به لأنه قد أدى رسالته ممثلة بالذكر الحكيم المحفوظ فى السطور والصدور(6).
السؤال الثالث: هل الحديث النبوى مقدس؟
بناء على ما سبق فإن الحديث النبوى ليس مقدسا. وهنا أذكر أن معظم ما ورد فى الصحاح والمتون وغيرها عند أهل السنة مثلا لا يعترف به عند الأخوة الشيعة والعكس صحيح، كما أن ثقاة وعدول أهل السنة ليسوا كذلك عند أهل الشيعة وبقية الملل الإسلامية المختلفة.
السؤال الرابع: هل يفسر الحديث النبوى القرآن الكريم؟
لا يفسر الحديث النبوى معظم القرآن ولا يشرحه كما يؤكد السادة العلماء الأفاضل وغيرهم، وهنا أطلب ذكر سورة واحدة من القرآن الكريم يتجاوز عدد آياتها المائة-مثلا-قد تم شرحها من بدايتها إلى نهايتها آية آية من قبل الرسول ذاته!
مع الإشارة إلى أن الأحاديث التى تبحث فى تفسير القرآن فى صحيح البخارى-كتاب التفسيرـ لا تتجاوز نسبتها (6%) من مجمل أحاديث صحيحه، كما أننا نجد حديثًا أو حديثين لسورة كاملة فى حين نجد الكثير من الأحاديث لآية محددة واحدة.
أما الأحاديث التى تبين ما يسمى بأسباب النزول والتى يعتمد عليها فى الأحكام والفقة، فقد رواها الصحابة ولم تنسب للرسول الكريم-كما سنرى لاحقا-ونذكر هنا أن الصحابى الجليل (أبو بكر الصديق) لم يعرف ما تعنيه كلمة (أبَّا) فى قوله تعالى: {وفاكهة وأبَّا...} حسب ما جاء فى الأثر!!
السؤال الخامس: هل كل رواة الحديث من الصحابة عدول ثقاة؟
وهو من أهم الاسئلة المطروحة لأن الإجابة عنه تعنى رفض ونسف كل الأساليب والشروط والمبادئ التى اعتمدها البخارى وغيره من الأئمة فى صحاحهم أو متونهم، وذلك يعنى ببساطة نسف ظاهرة العنعنة (عن.. عن.. عن..) التى تعتمد على النقل لا على إعمال العقل، تعتمد على من قال وليس ما قال!! وإذا قلت: أن الصحابة كغيرهم من الناس يخطئون ويصيبون يضلون ويهتدون يعلمون ويجهلون وأنه نزلت فيهم آيات عديدة من الذكر الحكيم تنقدهم وتصحح مسارهم وأعمالهم حتى أن سورة التوبة سميت بالفاضحة، لأنها أظهرت حقائق الكثير منهم آنذاك(7).
فان الرد سيكون: ومن أنت لتقول؟ ومن أنت لترى؟ ومن أنت لتقيم الصحابة؟ من أنت؟!... لذلك فانى سأورد هنا آراء الصحابة حول بعضهم بعضًا حسب ما جاء فى كتب الأثر المعتمدة وعملا بالقول" أن الحديد بالحديد يفلح"
وما دام الحديث يتعلق بالحديث النبوى فإنى سآخذ أكثر الصحابة رواية عن الرسول الكريم وهم حسب ذلك التصنيف:
1-الصحابى أبو هريرة الدوسى.
2-السيدة عائشة أم المؤمنين.
3-الصحابى عبد الله بن عباس-حبر الامة.
وسأترك للقارئ التوصل إلى الاستنتاج الملائم من ذلك العرض وبالتالى معرفة الاجابة عن السؤال الخامس المطروح.
1-أبو هريرة الدوسى:
يحدثنا الصحابى أبو هريرة عن ذاته، فيقول: "نشأت يتيمًا وهاجرت مسكينًا وكنت أجيرًا لبسرة بنت غزوان بطعام بطنى وعقبة رجلى... وكنيت بأبى هريرة بهرة صغيرة كنت ألعب بها"(8) وغلبت كنيته عليه ونسب إلى أمه لاختلافهم فى اسم أبيه، وهو من قبيلة دوس قدم مع قومه إلى النبى فى غزوة خيبر، وأشهر إسلامه وانضم لفقره إلى أهل الصفة؛ وأهل الصفة أناس فقراء لا منازل لهم ولا عشائر كان إذا تعشى النبى دعا طائفة منهم يتعشون معه ويفرق طائفة منهم على الصحابة ليعشوهم!
والتقى أبو هريرة بالرسول لفترة لم تزد على السنة وتسعة أشهر بأية حال من الأحوال ومع ذلك فقد كان أكثر الصحابة رواية عن الرسول، مما جعل الصحابة-وعلى رأسهم السيدة عائشة-يتهمونه وينكرون علية ذلك. وهكذا فقد كان أبو هريرة أول راوية اتهم فى الإسلام(9).
وحين توفى النبى ولاه الخليفة عمر (عام 20 هـ) على البحرين بعد وفاة العلاء بن الحضرمى وسرعان ما عزله وولى مكانه عثمان بن أبى العاص الثقفى، أما السبب فى ذلك فكان عندما أجاب الخليفة عمر بأنه-أبو هريرة-يملك عشرين ألفًا من بيت مال البحرين حصل عليها من التجارة (بقوله كنت أتجر)(10) وكان رد الخليفة عمر: "عدوا لله والإسلام،عدوا لله ولكتابه، سرقت مال الله، حين استعملتك على البحرين وأنت بلا نعلين ما رجعت بك أميمة (أمه) الا لرعاية الحمير"(11) وضربه بالدرة حتى أدماه. وقد منعه تماما عن رواية الحديث النبوى بقوله: (لتتركن الحديث أو لألحقنك بأرض القرود أو بأرض دوس)(12). ويؤكد أبو هريرة ذلك فيقول: "ما كنت أستطيع أن أقول قال رسول الله (ص) حتى قبض عمر" أو: لو كنت أحدث فى زمان عمر مثل ما أحدثكم لضربنى بمخفقته"(13).
وقد التقى أبو هريرة كعب الأحبار (الحبر اليهودى الذى أسلم زمن عمر بن الخطاب) واختلطت بينهما المعلومات مما شوش الناس بين حديثهما، وهذا ما عبر عنه بسر بن سعد بقوله: "لقد رأيتنا نجالس أبا هريرة يتحدث عن رسول الله (ص) ويحدثنا عن كعب، ثم يقوم فأسمع بعض من كان معنا يجعل حديث رسول الله عن كعب، ويجعل حديث كعب عن رسول الله"(14).
وهنا أكتفى بما جاء فى الأثر عن أبى هريرة، وأتساءل: ألم تصل تلك المعلومات إلى الإمام البخارى قبلنا؟! وكيف أخرج الكثير من أحاديثه فى صحيحه؟!
2-السيدة عائشة (أم المؤمنين):
ولدت عائشة فى السنة الرابعة، بعد البعثة. أبوها أبو بكر الصديق وأمها أم رومان بنت عامر بن عويمر. وقد تزوجها الرسول بعد معركة بدر ودخل عليها وهى بنت تسع سنين أو عشر ومات عنها وهى ابنة ثمانى عشرة سنة، وتوفيت سنة (58 أو 59هـ). وكانت سيرة حياتها مليئة بالخلاف مع الآخرين، ويذكر البخارى فى صحيحه أن نساء الرسول كن حزبين: فحزب فيه عائشة وحفصة وصفية وسودة، والحزب الآخر، أم سلمة وسائر نساء الرسول (ص).
وقد تحدثت بنفسها عن غيرتها من خديجة-زوجة الرسول الأولى-وأم سلمة وزينب بنت جحش وفيها قالت للنبى (ص): " ما أرى ربك إلا يسارع فى هواك". كما إنها تحدثت عن حادثة المغافير وسنأتى إلى ذكرها لاحقا. وقد جاء عن بن عباس أن عمر بن الخطاب أخبره عن المرأتين من أزواج النبى (ص) اللتين قال الله عنهما {أن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما... وان تظاهرا عليه فان الله مولاه}(التحريم-4) (صغت: مالت عن الحق) فقال: هما عائشة وحفصة (15).
وبعد وفاة النبى (ص) اختلفت مع الخليفة الراشدى عثمان بن عفان عدة مرات وقد جاء فى الأثر أن عثمان قال فى رهط من أهل الكوفة استجاروا ببيت عائشة: أما يجد مراق العراق وفساقهم ملجأ إلا بيت عائشة؟!
فسمعت فرفعت نعل رسول الله (ص) وقالت: تركت سنة رسول الله صاحب هذا النعل! فتسامع الناس فجاؤوا حتى ملأوا المسجد، فمن قائل: أحسنت، ومن قائل: ما للنساء وهذا! حتى تحاصبوا وتضاربوا بالنعال(16). وكانت عائشة أول من لقبت الخليفة عثمان نعثلا (يهودى يشبه عثمان فى المدينة) وقالت بصريح العبارة: "اقتلوا نعثلا فقد كفر"(17) وبعد أن قتل عثمان وكسر ضلع من أضلاعه ولم يشهد جنازته-وهو المبشر بالجنة-إلا مروان بن الحكم وثلاثة من مواليه وابنته فقط!! عادت لتطالب بدم عثمان وتقول قتل مظلوما، مما دعا بن أم كلاب للقول:
فمنك البداء ومنك الغير ومنك الرياح ومنك المطر
وأنت أمرت بقتل الإمام وقلت لنا إنه قد كفر...(18)
بعد ذلك قاتلت عائشة الخليفة علىّ فى موقعة الجمل الشهيرة، ولعل أفضل وصف لذلك ما جاء فى "العقد الفريد" حين دخلت أم أوفى العبدية على عائشة بعد وقعة الجمل، فقالت لها: يا أم المؤمنين، ما تقولين فى امرأة قتلت ابنًا لها صغيرا؟ قالت: وجبت لها النار! قالت: فما تقولين فى امرأة قتلت من أولادها الأكابر عشرين ألفًا فى صعيد واحد، قالت: خذوا بيد عدوة الله!!!
أخيرًا فإن السيده عائشة قالت نادمة: "وددت أنى إذا مت كنت نسيًا منسيًا" وقيل إنها عـندما احتــضرت جزعـت فقيل لها: أتـجزعين يا أم المؤمنـين وابنة أبى بـكر فـقالت: إن يوم الجــمل لمعـترض فى حلــقى ليتــنى مت قـبله" لذلك طلـــبت أن لا تـدفن مع النـبى قائلة: "إنى قد أحدثت بعد رسول الله (ص) فادفنونى مع أزواج النبى (ص)" (19).
بهذه العبارة أختم الحديث عن السيدة عائشة وقلبى يعتصر ألما وعينى تدمع لأنها تمثل الوجدان الحى فيها، تمثل الندم والتوبة والاستغفار التى يقبلها الله-عز وجل-من الناس جميعًا دون أن ينعتوا بصفة العدول أو الثقاة!!
يتبع



#عبدالرحيم_قروي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وانها لثورة حتى النصر2
- من أجل ثقافة جماهيرية بديلة67
- وإنها لثورة حتى النصر
- من أجل ثقافة جماهيرية بديلة 66
- من أجل ثقافة جماهيرية بديلة65
- في الحياة ما يستحق الذكرى 12
- من أجل ثقافة جماهيرية بديلة64
- من أجل ثقافة جماهيرية بديلة63
- من أجل ثقافة جماهيرية بديلة 62
- ليس كل ما يلمع ذهبا
- من أجل ثقافة جماهيرية بديلة61
- من أجل ثقافة جماهيرية بديلة60
- من أجل ثقافة جماهيرية بديلة 59
- من أجل ثقافة جماهيرية بديلة58
- من أجل ثقافة جماهيرية بديلة 57
- من أجل ثقافة جماهيرية بديلة 56
- من أجل ثقافة جماهيرية بديلة55
- من أجل ثقافة جماهيرية بديلة54
- من أجل ثقافة جماهيرية بديلة53
- من أجل ثقافة جماهيرية بديلة52


المزيد.....




- عمليات المقاومة الاسلامية ضد مواقع وانتشار جيش الاحتلال
- إضرام النيران في مقام النبي يوشع تمهيدا لاقتحامه في سلفيت
- أبسطي صغارك بأغاني البيبي..ثبتها اليوم تردد قناة طيور الجنة ...
- إيهود أولمرت: عملية رفح لن تخدم هدف استعادة الأسرى وستؤدي لن ...
- “بابا تليفون.. قوله ما هو هون” مع قناة طيور الجنة 2024 بأعلى ...
- قائد الثورة الاسلامية يستقبل المنتخب الوطني لكرة قدم الصالات ...
- “نزلها لطفلك” تردد قناة طيور بيبي الجديد Toyor Baby بأعلى جو ...
- تقرير فلسطيني: مستعمرون يقتحمون المسجد الأقصى
- مصر.. هيئة البث الإسرائيلية تكشف اسم رجل الأعمال اليهودي الم ...
- كهنة مؤيدون لحق اللجوء يصفون حزب الاتحاد المسيحي بأنه -غير م ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبدالرحيم قروي - من أجل ثقافة جماهيرية بديلة68