أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبدالرحيم قروي - من أجل ثقافة جماهيرية بديلة63















المزيد.....

من أجل ثقافة جماهيرية بديلة63


عبدالرحيم قروي

الحوار المتمدن-العدد: 7755 - 2023 / 10 / 5 - 17:00
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


الحقيقة الغائبة لشهيد العلمانية الدكتور فرج فوذة
الحلقة السادسة عشر
تابع

أما الباب الثاني المختلف عليه ، فهو ما عرف بزواج المتعة ، ذلك الذي أباحه الرسول في غزوتين ، ثم حرمه في حجة الوداع ، وكانت إباحته لما يمكن أن يطلق عليه اسم ( الضرورة القصوى ) في ظروف الغزو ، وكان تحريمه لكونه إذا أبيح بإطلاق كان أقرب للزنا منه للزواج .
وهنا نتوقف قليلاً حتى لا يحدث للقارئ لبس ، فإباحته للضرورة في واقعتين ( في زمن خيبر وفي عام الفتح ) أمر لم يختلف عليه أحد ، وتحريمه في حجة الوداع أيضاً لا خلاف عليه ، ووصفه باقترابه من الزنا أكثر من كونه زواجاً رأي ابن عمر حين ( قال ـ فيما أخرجه عنه ابن ماجة بإسناد صحيح - : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم " أذن لنا في المتعة ثلاثاً ثم حرمها ، والله لا أعلم أحداً تمتع وهو محصن إلا رجمته بالحجارة " ( فقه السنة – الشيخ سيد سابق ) .
وفي قول علي : لولا تحريم المتعة ما زنى إلا شقي ، وفيما نقله البيهقي عن جعفر بن محمد أنه سئل عن المتعة فقال : هي الزنا بعينه ( فقه السنة – ص43 ) .
أما الحل للضرورة فهو منهج شرعي مقبول شريطة أن يكون تقدير الضرورة صحيحاً ، وليس أكثر من الرسول قدرة على التقدير أو صواباً في الحكم فهو الذي لا ينطق عن الهوى .
وزواج المتعة باختصار شديد هو أن يعقد الرجل على المرأة لزمن محدد يتمتع فيه بها ( يوماً أو أسبوعاً أو شهراً .. ) وذاك لقاء مبلغ معين من المال ، وبمجرد انتهاء الأجل ينتهي العقد تلقائياً ، وفقهاء السنة جميعاً يجمعون على تحريمه تحريماً قاطعاً مستندين إلى حديث الرسول في حجة الوداع :
( يا أيها الناس إني كنت أذنت لكم في الاستمتاع ، ألا وإن الله قد حرمها إلى يوم القيامة ) ( فقه السنة – ص42 ) .
ويجمع أغلب فقهاء السنة ( رغم وصفهم لهذا الزواج بالزنا ) على استبعاد عقوبة الرجم لوجود شبهة ناتجة ـ ( عما روي عن بعض الصحابة وبعض التابعين أن زواج المتعة حلال ، واشتهر ذلك من ابن عباس رضي الله عنه ) غير أن الأمر قد اختلف بالنسبة لأغلب فقهاء الشيعة حين أباحوه ، وفسروا نصاً قرآنياً بما يفيد الإباحة ، ونفوا أن تكون السنة ناسخة للقرآن ، ورد عليهم فقهاء السنة برأي آخر في تفسير النص ، وبمناقشات مستفيضة عن جواز نسخ السنة لأحكام القرآن مستدلين بحكم الرسول بالرجم في الزنا بينما النص القرآني لا يتجاوز الجلد ولم يرد حكم الرجم في القرآن على الإطلاق ، وهي قضية خلافية أخرى لا نريد أن نشغل القارئ بها ، وإن كنا نناشده أن يحلق معنا في سماء التخيل لهذا المجتمع ، ونقصد به المجتمع الإسلامي في صدر الدعوة ولعدة مئات تالية من السنوات ، حيث تعدد الزوجات هو القاعدة ، والطلاق يسير والزواج الجديد أيسر ، والبعض يقنع بالزوجات الأربع ولا يطلق منهن إلا نادراً وللضرورة ، والبعض الآخر يطلق أربعاً ليتزوج أربعاً دون أن يكون ذلك مدعاة لنقد ، أو سبباً لانتقاد ، والجميع يتسرى ومنهم الزاهد القانع بتسعة عشر ، وزهد( علي ) وورعه ونزوعه عن الدنيا واستعلاؤه عن مغرياتها لا يحتاج إلى سند ولا يعوزه دليل .
ومنهم من يصل بالرقم إلى خانات العشرات والمئات والآلاف ، وقطاع كبير من المسلمين هم الشيعة يضيفون إلى ذلك حل زواج المتعة ذلك الذي يبيح للمسلم إن أعجبته امرأة أن يتزوجها يوماً أو شهراً أو بعض شهر ، وينفحها مقابل ذلك مبلغاً من المال ثم يفارقها دون إحساس بذنب أو تأنيب لضمير، هذا كله في إطار الحلال إن جاوزنا زواج المتعة لدى السنة ، أو أوردناه لدى الشيعة .
بينما تمتلئ كتب التاريخ عن أواخر العصر الأموي وأغلب العصر العباسي بأحاديث المغنيات والقيان والغلمان ، وهو ما نطرحه جانباً مقتصرين على الحلال ، متسائلين في هدوء هل هناك ضرورة للزنا في مثل هذا المجتمع ؟ ، وهل يعقل أن يدعي أحد في مثل هذا المناخ أن العقاب بالرجم فيه قسوة ؟
لا شك أن القارئ سوف يتفق معي ، وسوف يؤيدني في أن من يأتي الزنا بعد هذا كله ، ورغم هذا كله وفي ظل هذا كله ، مختل العقل بلا شك ، شاذ الطبيعة بلا مراء ، وربما أنصفناه فتصورناه ساعياً للانتحار، غير أن اختلاله أو شذوذه أو انتحاره لن يصل به إلى حتفه بسهولة أو في يسر ، فدون ذلك من الشروط ما يكاد يصل بعقوبة الزنا إلى الوصف بالاستحالة ، فلابد من توافر أربعة شهود عدول من الرجال ( ولا تقبل شهادة النساء ولا شهادة الفسقة ) ، وأن يشاهد هؤلاء فعل الزنا بما لا يتيسر إلا لمشارك للزناة في الفراش ، بل إن شئت الدقة في الغطاء ، مع تحرز آخر بأن يكون( قصير النظر ) حتى يشاهد عملية الزنا نفسها ( كالميل في المكحلة والرشاء " الحبل " في البئر ) .
ولو شهد ثلاثة منهم وشهد الرابع بخلاف شهادتهم أو رجع أحدهم عن شهادته أقيم على الشهود حد القذف وهو الجلد ، ولعل هذا هو السبب في أننا نعثر في قراءتنا لكتب التاريخ على إشارة ولو من بعيد إلى تطبيق لحد الرجم ، بل إن المرة الوحيدة التي كاد يطبق فيها الحد في عهد عمر ، انتهت ، بجلد الشهود ، على الرغم من تيقن القارئ ، بل وربما تيقن عمر نفسه من الفعل ، بدليل عقاب الفاعل بنزعه عن الولاية ، والقصة تستحق أن تروى ، لطرافة أحداثها ، ولكونها في ذات الوقت نموذجاً يثبت أن البشر هم البشر في كل عصر ، وأن عهد عمر نفسه لم يخل مما لو حدث اليوم لوصفناه بالكارثة ، ولارتفعت الأصوات في كل واد باستنكاره ، لأن الواقعة مست أحد ولاة الأمصار ، وهو ما يمكن أن يقاس عليه في عالم اليوم أحد الوزراء أو على وجه الدقة أحد نواب رئيس الوزراء .
فقد كان ( المغيرة بن شعبة ) والياً على البصرة في عهد عمر ( سنة 17 هجرية ) وحدث منه أو قيل عنه ما يروي الطبري في تاريخه على النحو التالي ( تاريخ الطبري – ج3ص168 – 170 ) :
( عن شعيب عن سيف عن محمد والمهلب وطلحة وعمرو بإسنادهم قالوا كان الذي حدث بين أبي بكرة والمغيرة ابن شعبة أن المغيرة كان يناغيه وكان أبي بكرة ينافره عند كل ما يكون منه وكانا بالبصرة وكانا متجاورين بينهما طريق وكانا في مشربتين متقابلتين لهما في داريهما ، في كل واحدة منهم كوة مقابلة الأخرى ، فاجتمع إلى أبي بكرة نفر يتحدثون في مشربته فهبت ريح ففتحت باب الكوة فقام أبو بكرة ليصفقه ، فبصر بالمغيرة وقد فتحت الريح باب كوة مشربته وهو بين رجلي امرأة ، فقال للنفر قوموا فانظروا ، فقاموا فنظروا ثم قال اشهدوا قالوا ومن هذه ، قال أم جميل ابنة الأفقم ، وكانت أم جميل إحدى بني عامر بن صعصعة ( كذا في الأصل والمقصود إحدى نساء بني عامر ) ، وكانت غاشية للمغيرة وتغشى الأمراء والأشراف ، وكان بعض النساء يفعلن ذلك في زمانها ، فقالوا إنما رأينا أعجازاً ولا ندري ما الوجه ، ثم أنهم صمموا حين قامت ، فلما خرج المغيرة إلى الصلاة حال أبو بكرة بينه وبين الصلاة ، وقال لا تـُصل بنا ، فكتبوا إلى عمر بذلك ، وتكاتبوا فبعث عمر إلى أبي موسى فقال يا أبا موسى إني مستعملك ، إني أبعثك إلى أرض قد باض بها الشيطان وفرخ ، فالزم ما تعرف ، ولا تستبدل فيستبدل الله بك ، … ، ثم خرج أبو موسى فيهم حتى أناخ بالمربد ، وبلغ المغيرة أن أبا موسى قد أناخ بالمربد فقال والله ما جاء أبو موسى زائراً ولا تاجراً ولكنه جاء أميراً ، فإنهم لفي ذلك إذ جاء أبو موسى حتى دخل عليهم فدفع إليه أبو موسى كتاباً من عمر ، وإنه لأوجز كتاب كتب به أحد من الناس ، أربع كلم عزل فيها وعاتب واستحث وأمر،
" أما بعد فإنه بلغني نبأ عظيم فبعثت أبا موسى أميراً ، فسلم ما في يدك ، والعجل " .
وكتب إلى أهل البصرة : " أما بعد فإني قد بعثت أبا موسى أميراً عليكم ، ليأخذ لضعيفكم من قويكم ، وليقاتل بكم عدوك ، وليدفع عن ذمتكم ، وليحصي لكم فيأكم ثم ليقسمه بينكم ، ولينقي لكم طرقكم " .
وأهدي له المغيرة وليدة من مولدات الطائف تدعي عقيلة وقال إني قد رضيتها لك وكانت فارهة ، وارتحل المغيرة وأبو بكرة ونافع بن كلدة وزياد وشبل بن معبد البجلي حتى قدموا على عمر ، فجمع بينهم وبين المغيرة ، فقال المغيرة " سل هؤلاء الأعبد كيف رأوني ، مستقبلهم أو مستدبرهم ، وكيف رأوا المرأة أو عرفوها ، فإن كانوا مستقبلي فكيف لم أستتر ، أو مستدبري فبأي شيء استحلوا النظر إلى في منزلي ، على امرأتي ، والله ما أتيت إلا امرأتي ، وكانت شبهها .
" فبدأ بأبي بكرة فشهد عليه أنه رآه بين رجلي أم جميل وهو يدخله ويخرجه كالميل في المكحله ، قال كيف رأيتهما ، قال مستدبرهما ، قال فكيف استثبت رأسها ، قال تحاملت .
ثم دعا بشبل بن معبد فشهد بمثل ذلك ، فقال استدبرهما أو استقبلتهما ( ينفرد الطبري بذكر هذا الاختلاف ) ، وشهد نافع بمثل شهادة أبي بكرة ، ولم يشهد زياد بمثل شهادتهم ، قال رأيته جالساً بين رجلي امرأة ، فرأيت قدمين مخضوبتين تخفقان ، وإستين مكشوفتين ، وسمعت حفزاناً شديداً ، قال هل رأيت كالميل في المكحله قال لا ، قال فهل تعرف المرأة قال لا ، ولكن أشبهها ، قال فتـَنـَح .
وأمر بالثلاثة فجلدوا الحد ، فقال المغيرة اشفني من الأعبد ، فقال : اسكت ، اسكت الله نأمتك ، أما والله تمت الشهادة لرجمتك بأحجارك ) ( في رواية أخرى بأحجار أحد ) .
والرواية السابقة تقدم نموذجاً رائعاً ودقيقاً لمذكرة اتهام تفصيلية ، يبدو فيها سبب توافر الشهود مقنعاً ، وهو سبب فرضته ظروف البناء في عصر عمر، ويبدو فيه موقف المغيرة ضعيفاً ، ويبدو فيه وصف واقعة الزنا مثيراً ، ويبدو فيه أيضاً أن ظاهرة ( أم جميل ) كانت شائعة لدى علية القوم ، ويبدو فيه أيضاً أن الحد كان على وشك أن يقام لولا أن زياداً في اللحظة الأخيرة تلجلج في جزئية أو رثت شبهة حين قال أنه لم يتحقق من وجهها وإن كانت تشبهها .
يتبع



#عبدالرحيم_قروي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من أجل ثقافة جماهيرية بديلة 62
- ليس كل ما يلمع ذهبا
- من أجل ثقافة جماهيرية بديلة61
- من أجل ثقافة جماهيرية بديلة60
- من أجل ثقافة جماهيرية بديلة 59
- من أجل ثقافة جماهيرية بديلة58
- من أجل ثقافة جماهيرية بديلة 57
- من أجل ثقافة جماهيرية بديلة 56
- من أجل ثقافة جماهيرية بديلة55
- من أجل ثقافة جماهيرية بديلة54
- من أجل ثقافة جماهيرية بديلة53
- من أجل ثقافة جماهيرية بديلة52
- من أجل ثقافة جماهيرية بديلة 51
- من أجل ثقافة جماهيرية بديلة50
- من أجل ثقافة جماهيرية بديلة49
- فصل المقال فيما بين التكتيك و-التكتوكة- من منال
- من أجل ثقافة جماهيرية بديلة 48
- من أجل ثقافة جماهيرية بديلة47
- شرارة هامة من تاريخ النضال الحضاري لقوى التحرر2
- الذكرى الاحدى والاربعين على مجزرة صبرا وشاتيلا


المزيد.....




- بن غفير يعلن تأسيس أول سرية من اليهود الحريديم في شرطة حرس ا ...
- “ابسطي طفلك” تردد قناة طيور الجنة الجديد على نايل سات وعرب س ...
- سوناك يدعو لحماية الطلاب اليهود بالجامعات ووقف معاداة السامي ...
- هل يتسبّب -الإسلاميون- الأتراك في إنهاء حقبة أردوغان؟!
- -المسلمون في أمريكا-.. كيف تتحدى هذه الصور المفاهيم الخاطئة ...
- سوناك يدعو إلى حماية الطلاب اليهود ويتهم -شرذمة- في الجامعات ...
- بسبب وصف المحرقة بـ-الأسطورة-.. احتجاج يهودي في هنغاريا
- شاهد.. رئيس وزراء العراق يستقبل وفد المجمع العالمي للتقريب ب ...
- عمليات المقاومة الاسلامية ضد مواقع وانتشار جيش الاحتلال
- إضرام النيران في مقام النبي يوشع تمهيدا لاقتحامه في سلفيت


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبدالرحيم قروي - من أجل ثقافة جماهيرية بديلة63