مكانة مجموعة -بريكس- في الاقتصاد العالمي

الطاهر المعز

الحوار المتمدن-العدد: 7763 - 2023 / 10 / 13 - 10:48
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

أعلن ممثلو مجموعة "بريكس" ((البرازيل، روسيا، الهند، الصين، جنوب أفريقيا) ) خلال الخامسة عشرة المنعقدة في جوهانسبرغ، عاصمة جنوب أفريقيا، في الفترة من 22 إلى 24 آب/أغسطس 2023، اعتزامهم التّحَرُّرَ من تأثير القوى "الغربية" وتَشْكِيل قوة اقتصادية وجيوسياسية جديدة، وأكّدت قمة مجموعة الـ77 التي اختتمت أعمالها في هافانا، عاصمة كوبا، يوم السادس عشر من أيلول/سبتمبر 2023، نفس الإتجاه، وتُعاني دول المجموعَتَيْن من الآثار السلبية للإستعمار والنهب والهيمنة، لذلك ترغب العديد من الدّول الحد من الإعتماد على اقتصاد الدّول الرأسمالية المتطورة، لِتُوَسِّعَ هامش القُدْرَة على اتخاذ القرار، لكن هذه المجموعات غير متجانسة، وليست لها خطط مُشتركة لمواجهة الهيمنة، بل تُمثل بعضها أدوات للهيمنة الإمبريالية الأمريكية والأوروبية، وعلى سبيل المثال، انضَمّت ست دول جديدة إلى مجموعة بريكس، من بينها السعودية ومصر والإمارات وهي دول خاضعة للهيمنة الأمريكية وضالعة في التّطبيع مع الكيان الصّهيوني، بالإضافة إلى الأرجنتين والحبشة وإيران، وقد يتم توسيع المجموعة خلال السنوات المقبلة، لكن ما الهدف وما الجَدْوى للدول التي يستهدفها العدوان الأمريكي والأطلسي (مثل سوريا واليمن وكوبا وفنزويلا...) وللشُّعُوب (مثل الشعب الفلسطيني أو الصّحراوي) وللطّبقات الكادحة التي تُعاني الإستغلال الفاحش في جميع دول مجموعة "بريكس"؟

يجدر التّذكير إن العديد من دول إفريقيا وآسيا وأمريكا الجنوبية رفضت إدانة روسيا وتحميلها مسؤولية الحرب في أوكرانيا، رغم ضَغْط أوروبا والولايات المتحدة، ما يترك الباب مفتوحًا لاحتمال إعادة تشكيل ميزان القوى بالأمم المتحدة والمؤسسات الدولية ومن بينها صندوق النقد الدولي والبنك العالمي، وهو ما عبرت عنه مجموعة السّبع والسّبعين منذ نحو 15 سنة، لكن لم تستفد سوى دول قليلة، منها الصين والهند، من زيادة حصصها في صندوق النقد الدّولي، سنة 2015، مع احتفاظ الولايات المتحدة بالأغلبية النسبية المُعطّلة (أي حق النّقض)، وبقيت الدّول الإمبريالية تشكل الأغلبية في سلطة صنع القرار، ولا تزال مجموعة بريكس في وضع ضعيف، رغم تزايد أهمية اقتصاد الصّين التي لا هَمّ لها سوى منافسة الولايات المتحدة، واستخدام نفوذها في بريكس لهذا الغرض، ولما أعلنت الولايات المتحدة حصار الصين – عسكريّا واقتصاديا - أطلقت الصين مبادرة "حزام واحد، طريق واحد" (أو طريق الحرير الجديد)، بداية من سنة 2013، بالتوازي مع إنشاء مؤسسات قد تُصبح بدائل – جُزْئِيّة - لصندوق النقد الدولي والبنك العالمي، مثل المصرف الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية ( 2013 ) ومصرف التنمية الجديد (مصرف بريكس) سنة 2015 ويقع مَقَرُّ المَصْرِفَيْن في الصين التي تعمل (بدون تَسَرُّع) لتدويل عملتها (يُوَان) من خلال استخدامها في المبادلات التجارية الدّولية وفي احتياطي المصارف المركزية وفي سوق الصّرف، ولا يزال الدّولار مُهيمنًا على العملات الأخرى، ويحتل اليوان (أو الرنمينبي)، وتعمل الصين بثبات على تقديم بدائل لا تُحرّر الدّول من الهيمنة ولكنها تُخفّف منها إلى حين...

تتجلّى الغطرسة الأمريكية من خلال تعميم التعامل بالدّولار، ما سمح لها باستخدام قوانينها خارج الحدود الإقليمية، لمعاقبة الشركات الأجنبية وعلى الدول التي تتاجر مع خصومها، واتخذت الولايات المتحدة قرارات خطيرة منها تجميد أُصُول المصارف المركزية والشركات الفنزويلية والإيرانية والرّوسية والأفغانية ما أثار قلق العديد من حكومات الدول المُسمّاة "نامية" خصوصًا بعد تجميد أصول روسيا واستبعادها من نظام المدفوعات الدولي "سويفت"، فاضطرت حكومة روسيا إلى قبول شروط الصين السيئة التي رفضتها روسيا خلال أكثر من عقد كامل، واتفقت مع الصين على زيادة صادرات المحروقات الروسية إلى الصين، والتعامل بنظام الدّفع البديل الذي أنشأته الصين سنة 2015، وهو النظام الذي ساهم في تدويل العملة الصينية (يوان) وإن بِبُطْءٍ شديد، غير إن حصة الدّولار انخفضت، خلال أقل من ثلاثة عقود، من حوالي 71,6% من إجمالي قيمة المدفوعات في المعاملات الدّولية إلى 46,6% بنهاية شهر تموز/يوليو 2023، مقابل و24,42% لليورو، و 3,06% فقط لليُوان الصيني، غير إنه تقدم من المركز السابع إلى المركز الخامس من مدفوعات العملات الأجنبية، خلال سبع سنوات، ولا يزال الدولار يحتفظ بدور مركزي مُهَيْمِن في النظام النقدي الدولي بسبب الثقل السياسي والعسكري والاقتصادي للولايات المتحدة.

إن عدم التجانس بين دول البريكس وتباين مصالحها يجعل من الصعب تنسيق سياساتها، خصوصًا بعد التحاق دول عديدة واقعة تحت الهيمنة الأمريكية والأوروبية، ويبقى الهَمُّ الأساسي لشعوب مجموعة بريكس والبلدان الفقيرة يتمثل في محاربة الفقر والبطالة وتدهور ظروف العيش، ويتطلب ذلك إرادةً سياسية غير متوفرة حاليا

#الطاهر_المعز (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات