أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - علي محمد اليوسف - نورث وايتهيد والفلسفة الواقعية المحدثة















المزيد.....

نورث وايتهيد والفلسفة الواقعية المحدثة


علي محمد اليوسف
كاتب وباحث في الفلسفة الغربية المعاصرة لي اكثر من 22 مؤلفا فلسفيا

(Ali M.alyousif)


الحوار المتمدن-العدد: 7732 - 2023 / 9 / 12 - 19:14
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


تمهيد:
الفلسفة الواقعية المحدثة حركة فلسفية ظهرت متزامنة في كل من انكلترا وامريكا في الثلث الاول من القرن العشرين. وهي توازت حضوريا ايضا مع انبثاق فلسفة التحول اللغوي ونظرية المعنى لدى رائدها الاول الفيلسوف البنيوي دي سوسيرمطلع القرن العشرين 1905.
الفلسفة الواقعية المحدثة كانت ردة فعل ضد شتى النزعات المثالية والهيجلية, كما سعت خلق جيل متمرد على الهيجلية الجديدة ممثلة بشخصيتي الفيلسوفين برادلي وبوزانكت. ومن اشهر فلاسفة الواقعية المحدثة صوموئيل الكسندر 1859 -1938, وكذلك عالم الرياضيات نورث وايتهيد 1866-1947.
وايتهيد العالم الفيلسوف
ولد وايتهيد عام 1866 باحدى المدن الصغيرة من مقاطعة (كنت( Kent شمال لندن. عالم رياضيات واستاذ بالفلسفة عمل في جامعة كامبريدج في انكلترا عشرة سنوات تقريبا ثم تلقى دعوة من جامعة هارفارد الامريكية التي بقي استاذا للفلسفة فيها اكثر من 14 عاما.
اصدر وايتهيد عدة مؤلفات اشهرها (الصيرورة والواقع) ثم كتابه المشترك الاهم الذي شاركه التاليف به بيرتراند راسل (اصول او مباديء الرياضيات) ومن غير الوقوف عنده الاشارة الى ان كل من راسل ووايتهيد عالما رياضيات الى جانب ميولهما الفلسفية كفيلسوفين محترفين.
بحكم الزمالة الفلسفية التي جمعتهما والاهتمام المشترك كعالمين بالرياضيات تكاملت رغبتيهما تاسيس الفلسفة الوضعية المنطقية حلقة اكسفورد ضمت الى جانبهما جورج مور وكارناب, ومتاخرا انضم لهم فينجشتين الفيلسوف قبل وفاته بعد افلاته من قبضة راسل كتلميذ نال شهادة الدكتوراه تحت اشرافه. وكانت الوضعية التحليلية الانجليزية وريثة انحلال حلقة فيّنا النمساوية التي كان يتزعمها شليك. ربما يتبادر للذهن ان هؤلاء النخبة من الفلاسفة الانجليز المميزين جمعهتم الاهداف الفلسفية المشتركة والمنهج الموحد لكن الحقيقة تشير عكس ذالك فهم يتوزعون على اتجاهات مختلفة واحيانا متضادة نوجزها:
1. لقد كان تاثير ظهور فلسفة اللغة ونظرية فائض المعنى في فرنسا (الفلسفة البنيوية) مطلع القرن العشرين طاغيا جدا وكان من العبث الوقوف بوجه تياراته المتعددة التي كانت تمجد مباحث فلسفة مابعد الحداثة, وانتقال راية فلسفة اللغة ونظرية المعنى من فرنسا الى الفلاسفة الامريكان الذين ادخلوا فلسفة اللغة وتطوير علوم اللسانيات اللغوية مرحلة متقدمة ومتطورة فلسفيا وعلميا لا زالت مواجهتها ضربا من العبث.
البنيوية لم تتمكن فلسفة اللغة وعلوم اللسانيات تحجيمها والسيطرة عليها. فقد برز فيها عمالقة من الفلاسفة الذين تناولوا مباحث فلسفية جديدة في تاريخ الفلسفة منهم شتراوس, فوكو, التوسير, رولان بارت, وجيل ديلوز, جان لاكان. هؤلاء الفلاسفة البنيويون الفرنسيون تناولوا الماركسية بنقد متحامل غير موضوعي ولا منصف كما فعل ذلك شتراوس وفوكو والتوسير. وبعضهم هاجم علم النفس الفرويدي مثلما فعل لاكان, واخرين اهتموا بقضايا الادب كما فعل رولان بارت وجيل ديلوز.
لهذا عمد التيار الاول من الوضعية المنطقية التحليلية الانجليزية (راسل – وايتهيد) وبتاثير من الفيلسوف السويسري جاتلوب فريجة الذي اقترح عليهما وجوب تطويع فلسفة اللغة والمنطق في (علم الرياضيات ) كي ينقذوا الفلسفة من التجريد اللغوي الطلسمي المعقد الذي اعتبروه حشوا زائدا متعدد المتاهات التاويلية التي تحمله تضاربات الافكارالعقيمة قبل تهمة خيانة اللغة. وبعد مرحلة طويلة صعبة من العمل الفلسفي لتحقيق هذا الهدف باءت المحاولة بالفشل الذي كانت نتيجته كسر العمود الفقري للوضعية المنطقية التحليلية الانجليزية.
2. الاتجاه الثاني الذي تزعمه في الوضعية المنطقية التحليلية الانجليزية جورج مور وهو فيلسوف لغوي وجد ضالته ان يعلن عن فلسفته اللغوية انها يجب ان تكون لغة الناس العاديين بعد ان وجد تراجع فينجشتين عن كل ماذكره في كتيبه الصغير (رسائل فلسفية) وضمنه كتيبه الثاني الصغير ايضا ( قضايا فلسفية ) وقال انه لا توجد لغة تستمد صيرورتها الحيوية وتتجدد وهي خارج الحياة والمجتمع.
ونادى مور من جانبه متماهيا مع طرح فينجشتين المتزّن علينا اخراج فلسفة اللغة من مأزقها ليس في التفتيش عن تراكم الاخطاء الفلسفية التاريخية بسبب تضليل تعبير اللغة لنا في اعطائها المخاتلة الكاذبة عن صدقية المعنى. وكان هذا الطرح مخاتلة زائفة لا تقل زيفا عن تيار فلسفة ادانة اللغة في تضليل المعنى الفلسفي.
من طروحات وايتهيد الفلسفية
دعا وايتهيد الى استبعاد تعبير التجريد الفلسفي عن مبحث الميتافيزيقا. وكان جليّا تاثير خلفيته الاكاديمية كعالم رياضيات وفيلسوف لغوي معاصر تاثيرا قويا على طرحه التطويعي لكل مباحث الفلسفة في منطق العلم خاصة القريب من التجربة الواقعية والرياضيات بما فيها فلسفة اللغة رغم تصنيف وايتهيد فيلسوف ميتافيزيقي يؤسس لواقعية محدثة. الا انه سعى الباس علم الرياضيات جلباب فلسفة اللغة والمنطق فوجد مع راسل بالنهاية الشق العميق الذي يفصل بينهما..
يعزو وايتهيد سبب دعوته هذه الى ان شرح الخبرة بالتجريد اللغوي يقود الى متاهات وتفاصيل تاويلية لا علاقة لها بالنتيجة باصل المبحث الذي هو الميتافيزيقا وليس عالم الطبيعة والاشياء في وجودها الواقعي. الذي هو ادراك وجودي مستقل يعبّر عنه الوعي اللغوي التجريدي حصرا ولا مجال لعزل تجريد التعبير عنه... ما يقصده وايتهيد عن معنى الخبرة ليس هو تراكم المعرفة بكل صنوفها المتعددة الطبيعية والتجريبية بل هي التعبير اللغوي عن مدركات الحس والعقل المباشر.
الميتافيزيقا مفهوم يتسم باللانهائية والمطلق يتفرع الى مفاهيم لا حصر لها هي ذاتها حمولة تجريدية تأبى احاطتها بالفكر وتعبير اللغة. لذا في حال استبعادنا التجريد عن الميتافيزيقا يصبح الحال معنا عدم وجود ميتافيزيقا يدركها العقل بأية وسيلة تعبير عنها من ضمنها تجريد وسيلة التعبيراللغوي المتاحة لنا عنها اليوم. الميتافيزيقا هي ذلك المفهوم المطلق الذي تعجز اللغة الاحاطة به والتعبير عنه.
ينحصر تفكيرنا بالميتافيزيقا بوسيلتي العقل الخيالي وتعبير لغة التجريد الفلسفي الملازمة له وبخلافه ينتفي تفكير العقل الذي لا يقبل التفكير في اللا معنى له ولا الذي يعجز إحاطة خيال التفكيرله. وخاصية الميتافيزيقا الاولى انها عصيّة على الادراك الواقعي او المحدود.ومنطق توصيف الميتافيزيقا لا يكون غيرذلك المفهوم الغامض غير المتعيّن سوى في خاصية ملكة الخيال التجريدي والتفكير الصوري اللغوي اللاواقعي واللاتجريبي معا.
من المسائل التي لم تعد شائكة ولا تداخلها صعوبة تكتنف الاجابات الواضحة التي تضع حدا فاصلا ما بين العلم والفلسفة هي ان العلم محكوم باشتراطات ملزمة له الاخلال بها والحياد عنها يخرجه من خانة العلم مثل التجربة والنتيجة والفرض والمنطق الرياضي ورموز المعادلات الفيزيائية والكيميائية والرياضية وغير ذلك من فرعيات الشروط المتشابكة بها يجعل من استبعاد كل ما ليس له علاقة بالعلم يمكن ان تقبله الفلسفة كونها تجريدا مفتوحا لا تحكمها اشتراطات واقعية ملزمة كقواعد لها.
من جهة ثانية رغم وجود هذا التقاطع مابين الفلسفة والعلم الا انه توجد مساحات كبيرة يلتقيان عليها في تبادل التخارج المعرفي التكاملي مع الحذر الشديد خطورة الدمج بينهما على صعيد المبحث المتعيّن المحدود او اعطائهما قابلية الانابة التناوبية بينهما في ان تنوب احداهما عن الاخرى في التمثيل المطلوب في فهمنا العالم والطبيعة والوجود والحياة.
طريق العلم التجريبي لا يداخل اسلوب الفلسفة التجريدي ولا يوازيها بل يقاطعها وتبقى خصائص الافادة المتبادلة بينهما التي اشرنا لها قائمة. فالعلم يزوّد الفلسفة بمواضيع تشتغل عليها باستمرار وتعطي نتائجها للعلم فالعلاقة بينهما تكاملية.
من نافلة التعقيب على ما سبق لنا المرور عليه ان تكون معاملة الميتافيزيقا حتى بمنطقها الفلسفي اذا ما توفر لنا مثل هذا المنطق غيراللغوي التجريدي يجعل منها مبحثا خارج العلم وخارج العقل وخارج الفلسفة ولغتها التجريدية. وهو محال امام حقيقة الميتافيزيقا هي المبحث الذي لا تستوعبه الفلسفة ولا تحيط به اللغة.
من الامور الفلسفية الشائكة العصيّة على الايضاح التي يطرحها وايتهيد التساؤل هل معيار نجاح الفكرة براجماتيتها اي منفعتها العملانية المشروطة بالتجربة ام الواقع الذي تعبر عنه الفكرة هو الذي يمنحها معيار نجاحها او فشلها؟
من الجدير ذكره ان هيجل يرى في صحة التطابق بين الفكرة والتعبير عنها كاف لتبيان منفعتها وقبول العقل بها يعني صوابها ومنفعتها قوله ان كل ما هو عقلي واقعي وكل ماهو واقعي عقلي. اي يكون بالضرورة صحيحا وليس نافعا على خلاف من البراجماتية التي ترى صدق الفكرة ليس في تطابقها مع الدلالة الواقعية بل صدقها بالمنفعة العملانية التي تؤكدها التجربة . وعبارة هيجل في سعيه صحة وصواب الافكار يكمن في مطابقة الدال مع المدلول ولم يكن في تصوره البحث عن اثبات براجماتية الفكرة بعلاقتها بكل من العقل والاشياء الواقعية.. طبعا واضح جدا هنا هيجل لا يتوخى من مطابقة المدركات مع الفكرة عنها ان الفكرة تكتسب براجماتيتها النفعية وانما يرغب تاكيد مقياس صواب الفكرة هو في تطابقها الواقعي مع الاشياء بدلالة التعبّير عنها فقط..

المصدر:د.زكريا ابراهيم/ دراسات في الفلسفة المعاصرة.



#علي_محمد_اليوسف (هاشتاغ)       Ali_M.alyousif#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عثرات ديكارت الميتافيزيقية
- الجدل الديالكتيكي بين هيجل وكروتشة
- سقطات الفلسفة البنيوية (3) محاورة جان بياجيه
- سقطات الفلسفة البنيوية (2) النزعة الانسانية
- سقطات الفلسفة البنيوية (1) التاريخ البدائي
- العقل والحياة والفلسفة
- اخطاء فلسفية
- خارطة الثقافة العربية اليوم
- الموت والفلسفة المعاصرة
- برينتانو ومبحث فلسفة الوعي القصدي
- كلمات ومعان
- الزمن والوعي
- قضايا فلسفية حوار تحليلي
- صوفية الجوهر وصوفية الفكرة العاقلة اسبينوزا - هيجل
- الخاصية النحوية والجمالية بالحرف اللغوي
- تاثير التفكيكية على كتاب (نقد الحقيقة)
- جيل ديلوز مداخلات الخطاب الشعري
- الطبيعة والانسان ادراك لغوي
- من تاريخ المشاعية الجنسانية
- الجنس والحضارة الغربية المعاصرة


المزيد.....




- رأي.. فريد زكريا يكتب: كيف ظهرت الفوضى بالجامعات الأمريكية ف ...
- السعودية.. أمطار غزيرة سيول تقطع الشوارع وتجرف المركبات (فيد ...
- الوزير في مجلس الحرب الإسرائيلي بيني غانتس يخضع لعملية جراحي ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل ضابطين وإصابة اثنين آخرين في كمين ...
- شماتة بحلفاء كييف؟ روسيا تقيم معرضًا لمعدات عسكرية غربية است ...
- مع اشتداد حملة مقاطعة إسرائيل.. كنتاكي تغلق 108 فروع في مالي ...
- الأعاصير في أوكلاهوما تخلف دمارًا واسعًا وقتيلين وتحذيرات من ...
- محتجون ضد حرب غزة يعطلون عمل جامعة في باريس والشرطة تتدخل
- طلاب تونس يساندون دعم طلاب العالم لغزة
- طلاب غزة يتضامنون مع نظرائهم الأمريكيين


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - علي محمد اليوسف - نورث وايتهيد والفلسفة الواقعية المحدثة