أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - احمد الحمد المندلاوي - شاعر بندنيجي بأربع لغات















المزيد.....

شاعر بندنيجي بأربع لغات


احمد الحمد المندلاوي

الحوار المتمدن-العدد: 7721 - 2023 / 9 / 1 - 20:29
المحور: الادب والفن
    


#هو السيد ظاهر بن السيد عبد الواحد بن السيد خليل البندنيجي (1)عالم موسوعي،وشاعر بارع بأربع لغات سائدة آنذاك في مدينة مندلي:(العربية،الكوردية،الفارسية،التركية)،وهو من علمائنا وشعرائنا الكبار المنسيين،يرجع نسبهم الى الإمام الهمام أبي محمد الحسن بن الإمام علي بن أبي طالب(عليهما السلام)، فهم سادة حسنيون تجلببوا بالعلم والزهد والتقوى منذ نشوئهم،أما تاريخ قدوم هذه العائلة الكريمة الى مندلي فمجهول ولكن توجد في خزانة ورثة السيد ظاهر المذكور وثائق تؤيد بأن السلطان العثماني سليمان القانوني عند فتحه العراق سنة 1534م – 941هـ،قد أصدر أمره بإنشاء جامع في مدينة مندلي،وعيّن أحد أفراد أسرة البندنيجي إذ ذاك متولياً على الجامع المذكور،والذي يسمى الآن (الجامع الكبير) الواقع في محلة السوق الكبير المسمى محلياً بـاللغة الكوردية بــ (بازار طةورا)، ويستدل من هذا إنَّ هذه الأسرة الكريمة كانت تسكن مندلي قبل هذا التأريخ وهو سنة 1534م – 941هـ (2)كما جاء آنفاً، حيث كانت مندلي آنذاك خضراء يانعة ومنتجعاً للعلماء، والشعراء لكثرة بساتينها،وصفاء جوها وخرير شلالاتها،وأريج قداحها،هذا ما تشهد لها متون الكتب،وما عشناه في خمسينات القرن المنصرم.

ولد شاعرنا الكبير السيد ظاهر (أبو عدنان) في هذه المدينة الجميلة مندلي/ في محلة قلعة بالي سنة 1902م – 1326هـ،ودرس مبادئ القراءة والكتابة في كتاتيبها؛والعلوم الأولية في المدرسة الرشدية العثمانية في مندلي، وتخرج منها في سنة 1914م،ثم درس الفقه واللغة على قاضي مندلي السيد أحمد فائق الأعظمي، وعلى المرحوم عبد
الوهاب أفندي النائب،فبرز في آداب اللغة العربية بما فيها علم العروض،وبالمناسبة كنّـا مجموعة من الشباب أواخر الستينات ومعنا أمين المكتبة العامة الأستاذ المرحوم علي جمعة (أبو سامان) وعنده الحاج غائب (أبو جمال)، والحاج نافع (أبو عامر) من رواد مضيفه الذي أصبح شبه منتدى ثقافي لنا،وجذبنا اليه بإسلوبه الرائع،ومجاملاته اللطيفة وأحاديثه الشيقة،و ذكرياته مع كبار الشعراء منهم شاعر العرب الأكبر محمد مهدي الجواهري؛أو نلتقي في إدارة مكتبة مندلي لدى المرحوم علي جمعة.
السيد ظاهر و نهمه للقراءة:
السيد ظاهر معروف بين أقرانه و أصدقائه و أهل البلدة بنهمه الشديد للقراءة، له مطالعات شخصية كثيرة،وهو رجل موسوعي،حدثني مرة عن تصنيفه للكتب وكيفية مطالعاته لها فقال:
عندي ثلاثة تصانيف للمطالعة،الكتب العلمية البحتة عند الصباح،والقصص والأشعار لدى الظهر،وفي المساء قبل النوم لديَّ مجموعة سمّيتها فاكهة الكتب للمطالعة،و هي تبحث عن عادات الشعوب،والنوادر،والأمثال ،وحتى قصص الأطفال، والتراجم المختصرة و غيرها،لما فيها متعة ذهنية،وبذلك يقضي ما يقارب عشرين ساعة بالمطالعة يومياً حتى في سنيه الأخيرة، كان لا يقوى على حمل الكتب التي يستعيرها من المكتبة العامة فيستعين على ذلك بشخصٍ يكريه لحملها الى منزله وبالعكس،وكان

يضع علامة صغيرة جداً بالقلم الأحمر على الزاوية اليسرى العليا من الكتاب الذي أتمَّ مطالعته،فلم نعثر في المكتبة العامة على كتاب يخلو من هذه العلامة،وبذا قد طالع صاحب السيرة جميع الكتب الموجودة في مكتبة مندلي العامة و البالغ عددها (40) ألف كتاباً فقط من هذه المكتبة ،و يمكن إعتباره أول مطالع ليس على مستوى القضاء،بل على مستوى المحافظة (ديالى) إن لم نقل على مستوى العراق .
السيد الظاهر عالم موسوعي :
هذا وكان السيد ظاهر عالماً موسوعياً يتقن أربع لغات حيّة إجادة تامة قراءةً وكتابةً وهي:العربية و الكوردية والتركية والفارسية إضافة الى اللغة الكوردية (اللهجة الفيلية)، ويمارس كتابة الشعر في اللغات الأربع بشكل متوازن،وأحياناً بعد نظم القصيدة باللغة العربية يقوم بترجمتها الى اللغتين الأُخريينِ (الفارسية و التركية) بادئاً بالأولى،وأصبحت العلاقة بيننا وطيدة عندما أحس بي بأنَّني أهوى الشعر،وأتذوقه ولي آنذاك محاولات متواضعة أوليّة في هذا المجال،أخذ ينشد عليَّ قسماً من أشعاره الكثيرة باللغتين العربية والفارسية، ومنها قصيدة (النوروز) الربيع التي سنذكرها في ذيل هذه المقالة،كما كان له آراء خاصة في بحور الشعر لا سيما بحر السريع وأصل تفاعيله:(مستفعلن فعلن مستفعلن فعلن) (3)،كما كان له آراء خاصة في بعض تفاسير القرآن المجيد،وكذلك في كتب التاريخ والسير،ولا يسمح المجال لذكر بعض تلك الآراء،ومناقشاته – كما سمعته منه - في هذا الباب ..
كان السيد ظاهر صديقاً لوالدي المرحوم ،حيث كانا بنفس العمر،و معاً يدرسان مبادئ القراءة والكتابة في كتاتيب مندلي،على يد الملا مير ولي (رحمهم الله جميعاً) من سكنة محلة قلعة بالي.
مكتبة عامرة بالكتب والتحف:

وللسيد صاحب السيرة( ظاهر البندنيجي) خزانة عامرة بالكتب والمجلات و الوثائق، والتحف من السيوف والأزياء التراثية،ورثها عن آبائه و أجداده حيث انّه وريث العلماء والشعراء، فلذا تراه قد درس الكتب الموجودة فيها،وحفظ الشيء الكثير منها كما وانه قد راسل كثيراً من المجلات العربية المعروفة كالهلال والمقتطف وغيرهما .
السيد ظاهر إماماً وخطيباً وشاعراً:
أما على مستوى المهنة والعمل فانّه يعتبر من الملاكين الكبار في القضاء، حيث يملك بساتين كثيرة ورثها عن آبائه وأجداده، و يشرف عليها، و بذا فهو يزاول مهنة الزراعة والبستنة ،وله سوق كبيرة في البلدة قرب الجامع،كما بقي مدة إماماً وخطيباً في جامع مندلي الذي تولاه حسب الوراثة،حيث كان جدّه السيد خليل الزاهد المشهور والمدفون في الجامع نفسه ؛ يعتني بهذا الجامع كثيراً وقد سار شاعرنا السيد ظاهر على طريقة جده المذكور، وبعد أن عينت دائرة الأوقاف للجامع خطيباً تركه،وأُنتخب عضواً في مجلس الإداري لقضاء مندلي عشرات المرات، ولما بدأت الهجرة من مندلي لانقطاع مياهها تركها وذهب الى بغداد وسكن بها،حيث عيّن في وزارة الخارجية كمترجم من العربية الى الفارسية وبالعكس،وفي سنة 1936 م حتى 1941م بقي بهذه الوظيفة، وبعده نقل الى وزارة الداخلية لتعيينه كاتب تحرير لقضاء مندلي، وكذلك عمل في قنصلية العراق في خانقين، ثم نقل منها الى قائمقامية قضاء مندلي، وبقي فيها موظفاً الى أن أُحيل الى التقاعد،وأخذ يشرف على أملاكه،وللسيد مواقف مشهودة مع الأهالي بصورة عامة لا سيما مع فلاحيه و سركاره (أحمد أبو طاهر) أو سركال (4) و سركار: هو الوكيل المطلق عن المالك الأصلي، هنا نذكر حادثة طريفة للسيد مع وكيله:
أقبل عدد من أشخاص مناوئين (لوكيله) يذكرونه بسوء لدى السيد فعلم أنَّ هؤلاء يضمرون حسداً و نفاقاً لصاحبهم ،فأمر باستدعاء وكيله غداً لدى دائرة التسجيل

العقاري"الطابو" ليسجل أحد بساتينه الجيدة باسمه رداً على أخلاقهم السيئة تجاه صديقهم،فألقمهم حجراً ، وأعطاهم درساً لا ينسى بل لكل من يضمر شراً للآخرين (5).
والسيد ظاهر المعروف بـ"أبي عدنان" ليس بغريب على الأذهان اذ إنَّـه شاعر وأديب وكاتب،وذو علم غزير ومعرفة ممتازة اذا جالستُه وتباحثتُ معه،و كان يحبُّ المثقفين و المتابعين للشؤون الأدبية، رأيتُه عبقرياً فذاً لبقاً ذكياً يأتيك بالشواهد تلو الشواهد حتى يقنعك،ويحفظ نوادر كثيرة،وطرائف مستطرفة وملحاً حلوة،وله مآثر طيبات في البلد في الجود والسؤدد وله سمعة طيبة ، محمود السيرة، ومحبوب من العشيرة، جميع السكان يودونه، وشعره سلس، ذو عبارات منسجمة،ويمتاز بالعاطفة الصادقة والمعاني الجزيلة والوصف الرائع،وكان ينشد قسماً من أشعاره الدينية في الجامع الكبير،وكانت مساجلاته الشعرية معروفة مع الشاعر المندلاوي ناصر الحاج حسين آغا،والشاعر الكوردي ملا نامدار تيموري القره لوسي،وملا أحمد غيرهم من شعراء المدينة،والمساجلات تتم باللغات الثلاث العربية والتركية والفارسية، هذا وقد توفي السيد ظاهر البندنيجي في 23/1/1971.وآثاره محفوظة لدى ولده الأصغر الاستاذ السيد سعدي الباقي من أولاده الثلاثة (عدنان،علي،سعدي)،آملين نشر ما يمكن منها على يده الكريمة،خدمة للعلم والتراث .. وعن طريق الصدفة عند تصفحي في الشبكة العالمية (الأنترنت) حفيده الأستاذ بشّار عسى أن يساعدنا في التعرف على آثاره جدّه خدمة للعلم و العلماء.
نماذج من شعره:
بقي لنا أن نذكر نماذج من شعره،فهذه أبيات من قصيدة بعنوان:
بين الحق والباطل
أيُّ حالٍ هذا الذي انا فيه
أيُّ نهجٍ هـــذا الذي أنا انهجْ
كنت في كل زلّـة ذا تناد
بينما الجم الهوى لي و أسرجْ

ثم لم أغد ذا تقى واستماع
حيث داعي الهوى دعاني واحرجْ
فيم أبقى مذبذباً بين حـق
لا يمارى وبين بين وبهرجْ
وطالما أنشدني السيد هذه القصيدة باللغتين العربية والفارسية،ثم أخبرني بأنَّه في كل عام جديد ينظم قصيدة جديدة بمناسبة قدوم يوم نوروز في 21/آذار/1970م وهي بعنوان:


فصل الربيع
مرحى فقد جاءَ الربيعُ و مرحباً بالقادمِ
فصلٌ بـه هــــوجُ الرياحِ تبدلتْ بنسائمِ
وبدت بـه الأشجارُ فاتنةً بحسنِ كمائمِ
وتبرجـت أغصـانُــها، وتزينتْ ببراعمِ
نصغي لزقزقـةٍ وشدوٍ لا لصفرِ قشاعمِ
أهلاً بـه و بصحوه و بهائـه المتعاظـمِ
أهلاً بـه و بوبلِـه وسحابٍـــه المتراكمِ
فصـل الفتوةِ ،والمفاتنِ والشبابِ العارمِ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ الهوامش:
1- مندلي تسمى قديماً بـ(بندنيجين)، و منها لقب صاحب السيرة.
2 – مندلي عبر العصور/الحاج عمران موسى البياتي
3- لقد صحح لي قصيدة بعنوان العيد ألفتها بعد نكسة حزيران 1967م
4- مرايا مندلي



#احمد_الحمد_المندلاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مؤلف قل نظيره في تاريخ العربية
- تمهيد التماهيد ..
- لواهج أحد المثابرين ...
- نظرة على علم المكتبات ..
- مائدة بلا طعام ..
- قل للمليحة في مندلي..
- حارات مندلي الحبيبة /ديالى
- مقالة حياتية ترنو الى السعادة..
- بصمات في ذاكرة الستينات ..
- المطر و الشتاء و هدير كنكير
- القلاع الأربع و الملاكون الطيّبون في مندلي
- وندنيك – مندلي قديماً
- الشاعر و رجل الضباب
- لمحات اجتماعية من قره لوس
- أبو نعيم في ثنايا موسوعة مندلي
- باحثة كبيرة من ربى مندلي
- (الفم المملوء باللالئ) - عربي
- الطيب المختوم من وادي كنكير
- النية الصافية تثمر رغم التنابز..
- الليل في اللهجة الفيلية ..


المزيد.....




- مهرجان كان: السعفة الذهبية... منحوتة فاتنة يشتهيها مخرجو الس ...
- مزرعة في أبوظبي تدّرب الخيول لتصبح نجوم سينما.. شاهد كيف
- ثلاثة وزراء ثقافة مغاربة يتوجون الأديب أحمد المديني في معرض ...
- مشاهدة المؤسس عثمان ح 160.. قيامة عثمان الحلقة 160 على فيديو ...
- فروزن” و “موانا” و “الأميرة والوحش” وغيرها من الأفلام الرائع ...
- جامعة كولومبيا الأميركية تنقل الرواية الفلسطينية الى العالم ...
- مالك بن نبي.. بذر من أجل المستقبل
- عودة رويا من الموت… مسلسل المتوحش الحلقة 33 على أون تركي وقص ...
- حتى المشاهير لم يسلموا من الهجمات العشوائية.. الاعتداء على ن ...
- صيحات استهجان في جامعة ديوك الأميركية ضد الممثل جيري ساينفيل ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - احمد الحمد المندلاوي - شاعر بندنيجي بأربع لغات