|
مؤلف قل نظيره في تاريخ العربية
احمد الحمد المندلاوي
الحوار المتمدن-العدد: 7721 - 2023 / 9 / 1 - 16:13
المحور:
الادب والفن
# أجمع العديد من المهتمين بتاريخ الأدب العربي انه ليس هناك من مؤلف في اللغة العربية خلف وراءه مثل هذا الأثر الفكري الضخم كأبي الفرج الإصبهاني (الإصفهاني) حتى كان في رأي الدكتور زكي مبارك اكبر مؤلف عرفته العربية . من هو أبو الفرج الاصفهاني ؟ هو علي بن الحسين بن محمد بن احمد بن الهيثم ،وقد ذكر ذلك المؤرخون الكبار أمثال الثعالبي في يتيمة الدهر . وابن النديم في الفهرست ، وابن الأثير في الكامل . وابن خلكان في وفيات الأعيان وغيرهم وقد ولد في مدينة إصبهان (اصفهان) عام 284 هـ ـ897 م ومن هنا لحقته النسبة الى هذه المدينة الواقعة في ايران ، مع انه لم ينشأ به وانما نشأ في بغداد وجعلها موطنا له ،حتى داره التي كان يسكنها ببغداد معروفة . لمحات من شخصيته وكان أبو الفرج ذا شخصية ثقافية متعددة الجوانب كثيرة المعارف ويكفينا لتعريف شخصيته الثقافية هذه الشهادة التي منحها اياه معاصره القاضي أبو علي الحسن بن علي التنوخي صاحب نشوار المحاضرة الذي يقول فيها: "ومن الرواة المتسعين الذين شاهدناهم أبو الفرج على بن الحسين الاصفهاني فانه كان يحفظ من الشعر والاغاني و الاخبار و الآثار والحديث المستند والنسب ، ما لم أر قط من يحفظ مثله وكان شديد الاختصاص بهذه الأشياء ويحفظ دون ما يحفظ منها علوما أُخر ، منها اللغة ، والنحو ، والخرافات والسير ، والمغازي ، ومن آلة المنادمة شيئا كثيراً ، وعلم الجوارح "البيطرة" ونتفـاً من الطب والنجوم و الأشربة وغير ذلك. وكانت لأبي الفرج مكانته الاجتماعية العالية في منتديات بغداد الادبية ومجالسها العلمية ، بسبب الحظوة الكبيرة التي نالها من ركن الدولة البويهي الذي صيره كاتبا له ، وكانت مثل هذه الوظيفة سببا وجيها لرفع مكان ابي الفرج في الوسط الاجتماعي والسياسي للدولة العباسية ، وثم الحظوة الكبيرة الأُخرى التي حصل عليها ابو الفرج من الحسن بن محمد بن هارون المهلبي - وزير معز الدولة البويهي - وكان معدودا من ندماء المهلبي وأصحابه الخصيصين له و ألف أبو الفرج كتابا بعنوان " نسب المهالبة " وكان يترصد المناسبات المختلفة فينظم القصائد الرائعة في مدح المهلبي وهي في غاية الظرف والملاحة والترسل وكان شعره من السهل الممتنع وقد قال الثعالبي صاحب يتيمة الدهر واصفاً شعره : " يجمع اتقان العلماء واحسان ظرفاء الشعراء " . ولم يكن ابو الفرج يرضى لنفسه الا الإجلال والاحترام ولا يصبر على أي تهاون في ذلك يلقاه من اكابر الدولة في بغدد . ومع كل ذلك كان ابو الفرج عديم العناية بنظافة جسمه وثيابه حتى تناهى في القذارة الى ما لا غاية بعده ـ ينص احد مؤرخيه ـ وكان الى كل ذلك أكولأ نهما لا يتقيد بآداب المائدة وهذه من غرائب أطباع بعض المشاهير ومن مفارقاته العجيبة جمعه بين علوم مختلفة كالرواية واللغة والتاريخ والشعر من جهة والجوارح والنجوم والطب والبيطرة من جهة أخرى وهذه العلوم في نظر الانسان المعاصر متنافرة لا يجمعها جامع من الدراسات الاكاديمية . كتاب " الاغاني " الشهير وعرف أبو الفرج لدى القراء والباحثين بكتابه " الأغاني " الكبير الذي استنفذ تأليفه من الزمن (50 عاما) ويعتبر هذا الكتاب من أجل الموسوعات الأدبية وأعظمها غناء وثروة وبرى البعض ان قيمة الكتاب قيمة أدبية أكثر منها قيمة تاريخية وهذا رأي كثير من الباحثين حتى الاقدمين فقد قال ابن الجوزي ـ ومن تأمل كتاب الاغاني رأى كل قبيح ومنكر " واشار الخوانساري في روضات الجنان الى ذلك أيضاً فقال " اني تصفحت كتاب أغانيه المذكور إجلالا، فلم أر فيه الا هزلا او ضلالا . أو بقصص أصحاب الملاهي اشتغالا " . أما من المعاصرين فيؤكد الدكتور زكي مبارك " انَّ أبا الفرج يعرض للكتّاب والشعراء فيهتم بسرد الجوانب الضعيفة من أخلاقهم الشخصية . و يهمل الجوانب الجوهرية إهمالا ظاهرا يدل على انه قليل العناية بتدوين أخبار الجد والرزانة والتحمل والاعتدال وهذه الناحية من الاصفهاني افسدت كثيرا من آراء المؤلفين الذين اعتمدوا عليه " .بقي أن نشير الى أن العلامة الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء (رحمه الله) اختار شيئا من كتاب الأغاني وسماه ( مختارات من كتاب الأغاني) واخيراً ان كتاب الأغاني يحتاج الى دراسة موضوعية مستفيضة لتقويمه من الوجهة الأدبية والتاريخية . كما ان للمؤلف كتباً أخرى قد ضاعت جميعها ولم يعثر حتى الآن على شيء منها سوى كتابين هما الأغاني الآنف الذكر ومقاتل الطالبيين . كان هذا سردا موجزا عن أبي الفرج وآثاره ولمحات من حياته،الذي اجمع العديد من المهتمين بالأدب العربي بأنّه أكبر مؤلف عرفته اللغة العربية لحد الآن . أحمد الحمد المندلاوي /نشر
#احمد_الحمد_المندلاوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تمهيد التماهيد ..
-
لواهج أحد المثابرين ...
-
نظرة على علم المكتبات ..
-
مائدة بلا طعام ..
-
قل للمليحة في مندلي..
-
حارات مندلي الحبيبة /ديالى
-
مقالة حياتية ترنو الى السعادة..
-
بصمات في ذاكرة الستينات ..
-
المطر و الشتاء و هدير كنكير
-
القلاع الأربع و الملاكون الطيّبون في مندلي
-
وندنيك – مندلي قديماً
-
الشاعر و رجل الضباب
-
لمحات اجتماعية من قره لوس
-
أبو نعيم في ثنايا موسوعة مندلي
-
باحثة كبيرة من ربى مندلي
-
(الفم المملوء باللالئ) - عربي
-
الطيب المختوم من وادي كنكير
-
النية الصافية تثمر رغم التنابز..
-
الليل في اللهجة الفيلية ..
-
الشاعر الضرير نت بندنيج
المزيد.....
-
الفيلم الكوميدي -حادث عائلي غريب-.. رعب اجتماعي غير مضحك
-
-معلقة 45-... فحول الشعر العربي في برنامج تلفزيوني
-
“زويا تقابل والدها”.. موعد عرض مسلسل المتوحش ح 14+ القنوات ا
...
-
الروائي والعاصمة لأبو السعود الخياري خطوة جديدة في مشروع الن
...
-
قرار رسمي بعودة اتحاد كتاب المغرب إلى -الكُتاب العرب-
-
مناداة لجسدٍ متهالك
-
ليست فرعونية فقط.. أسوان المصرية في التاريخين القبطي والإسلا
...
-
أولويات النهوض التربوي والتعليمي.. تأريخ لتطور التعليم في قط
...
-
وفاة الممثل الأمريكي ريان أونيل عن عمر ناهز 83 عاما
-
تدمير مسجد عبد الكريم الشاعر في خان يونس جراء غارة إسرائيلية
...
المزيد.....
-
الهجرة إلى الجحيم. رواية
/ محمود شاهين
-
سعيد وزبيدة . رواية
/ محمود شاهين
-
عد إلينا، لترى ما نحن عليه، يا عريس الشهداء...
/ محمد الحنفي
-
ستظل النجوم تهمس في قلبي إلى الأبد
/ الحسين سليم حسن
-
الدكتور ياسر جابر الجمَّال ضمن مؤلف نقدي عن الكتاب الكبير ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال وآخرون
-
رواية للفتيان ايتانا الصعود إلى سماء آنو
...
/ طلال حسن عبد الرحمن
-
زمن التعب المزمن
/ ياسين الغماري
-
الساعاتي "صانع الزمن"
/ ياسين الغماري
-
الكاتب الروائى والمسرحى السيد حافظ في عيون كتاب ونقاد وأدباء
...
/ السيد حافظ
-
مسرحية - زوجة الاب -
/ رياض ممدوح جمال
المزيد.....
|