أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - حسن مصطفي - الفراغ السياسي في مصر















المزيد.....

الفراغ السياسي في مصر


حسن مصطفي
(Hassan Moustafa)


الحوار المتمدن-العدد: 7720 - 2023 / 8 / 31 - 22:26
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


قد يستغرب البعض من الفرضية أو القاعدة التي انطلق منها في عنوان المقال والتي تتحدث عن الفراغ السياسي في مصر، وكيف أن ذلك يتعارض مع وجود قيادة سياسية تقود دفة الحكم للدولة المصرية يصول رئيسها ويجول في جو من الأبهة والفخامة المصرية العريقة والمقززة في نفس الوقت.

بالإضافة إلى وجود معارضة سياسية تملأ المجال العام ضجيجاً وصياحاً يميناً ويساراً من أحزاب وشخصيات سياسية لامعة ونشطاء سياسيين وحتى فاعليات سياسية كالحوار الوطني واستحقاقات انتخابية متمثلة في انتخابات رئاسية ويليها انتخابات برلمانية.

كل ما تقدم قد يبدو متعارضاً مع فكرة الفراغ السياسي في مصر الواردة كعنوان لهذا المقال، لكن الحقيقة أن هذا التعارض تعارض شكلي ظاهري وسوف نبرهن هنا على حقيقة حالة الفراغ السياسي والسكتة الدماغية التي أصابت المجال العام المصري التقليدي.

أما عن القيادة السياسية متمثلة في رأس السلطة عبد الفتاح السيسي - فطوب الأرض لا يطيقه - كما في المثل العامي المصري، فالحماقة والرعونة والصلف التي مارس بها السيسي السلطة على مدار عشر سنوات بالإضافة إلى رغبته ونهمه الجشعين في تكديس الثروة على طريقة - من شبع بعد جوع - جعله مكروه المصريين الأول ويقرن اسمه دائماً في أفواههم بأقذع الشتائم.

هذا على مستوى رجل الشارع والرأي العام، أما على مستوى الطبقة الحاكمة والجهاز الحكومي ولنفس الأسباب الواردة سلفاً فإن الجميع يدرك الآن أن السيسي يتجه نحو الهاوية لا محالة والكل ينتظر ويراقب كيف ستكون نهاية فقرة السيسي ونزوله من على خشبة مسرح التاريخ.

ولأن السلطة في مصر هي سلطة شمولية فهي تركز كل القوة والسيطرة في يد الرئيس الفرد، فلا حديث عن أي دور للحكومة أو لمؤسسات وهيئات أخري في الدولة في دائرة صنع القرار السياسي، فالحكومة وتلك المؤسسات والهيئات يقتصر دورها على دور السكرتارية التي تعمل على تحقيق رغبات الرئيس وإنفاذ إرادته، وذلك بتوجيه وإشراف من أجهزة الأمن والمخابرات التي تلعب دور المنظم لحركة الحكومة وباقي مؤسسات الدولة.

إذن فالقيادة السياسية في مصر في حالة غياب وفراغ ما دام السيسي على رأس السلطة، فجل ما يشغل الرجل هو استمراره في الحكم وتكديس الثروة ولا يعنيه شيء آخر بخلاف ذلك، وهو يرى أنه لا يحتاج لتحقيق هذين الهدفين سوي للأدوات التي توفرها له أجهزة الأمن والمخابرات والتي برع الرجل في استخدامهم بما تشهد عليه أعداد المعتقلين والمختفين قسرياً والملاحقين أمنياً والتحكم والسيطرة المفروضة على المجال العام.

فالسيسي لا يحكم وفقاً لأي شكل من أشكال الرضا الشعبي أو القاعدة الجماهيرية، علي الإطلاق ولا يعنيه هذا الأمر من الأساس، فالحكم هو حكم القوه، حكم الحديد والنار والسيسي يحرص على تأكيد هذا المعنى طوال الوقت.

السيسي مقطوع الأمل منه ومصيره مرهون برصاصة الرحمة التي ستطلقها عليه الجماهير في الوقت الذي ستراه مناسباً.

نأتي على المعارضة أو للدقة لنقل المعارضة التقليدية - فمراحل بعد الفراغ - فما بين العمل كشمشرجية ودمي في يد أجهزة الأمن والمخابرات تستخدمها تلك الأجهزة في ملء الفراغ في الفاعليات السياسية من حوار وطني الى انتخابات سواء انتخابات رئاسية أو برلمانية، والكل راضي ومتهني على مائدة السلطان العامرة، فهي صفقة رابحة للطرفين الخاسر الوحيد فيها هو الوطن.

إلى التنطع الإقليمي واستجداء الحضور بزيارة حمدين صباحي أحد قادة تلك المعارضة التقليدية لبشار الأسد سفاح سوريا الأول والذي استخدم أسلحة دمار شامل ضد شعبه هو السلاح الكيماوي، ولو كان أي من معمر القذافي أو صدام حسين أحياء يرزقون ما كان المتنطع حمدين ليفوت فرصة زيارتهم، لكن انحصر عدد زبائنه من الحكام القوميين والبعثيين السفاحين وبقي له الأسد الابن ليقتات من على مائدته التي تقطر دم السوريين.

أما على مستوى الأحزاب والحركات والنشطاء فلا أحد يطرح حلول سياسية أو رؤية أو تصور للتعاطي والاشتباك مع الأزمة السياسية في البلاد، فالجميع يطالب ويشجب ويدين والبعض ينقد ويحلل فقط وبدون التفكير أو إعارة اي اهتمام لرسم ملامح بدائل حقيقية تنقلنا من واقع النقد السلبي العاجز إلى واقع المبادرة والاشتباك الإيجابي النشط عبر صياغة تصور لحلول أسئلة السياسة والاقتصاد والأمن القومي الضاغطة والملحة في الواقع المصري.

فالمعارضة التقليدية لا تطرح نفسها كمنافس أو بديل للسلطة بل هي تكتفي لنفسها بدور سمسار المراهنات الخسيس الذي يتربح من العملية مهما كانت النتائج.

هذه إذن معادلة الحكم في مصر، سلطة سياسية لا ترغب في أي تغيير أو إصلاح حقيقي ومعارضة تقليدية ارتضت لنفسها بأن تقوم بدور المحلل للنظام كي يبدو أن هناك عملية سياسية ويبدو أن هناك معارضة.

إن الانسداد السياسي والأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي نعيشها ستدفع الجماهير للاحتكام الى الشوارع والميادين عبر الثورة من جديد في الوقت الذي ستراه مناسباً.

فاندلاع الثورات مرهون بثلاثة عوامل أساسية هي:
العامل الأول هو الأزمة الاقتصادية وهي لا تخطئها العين في الواقع اليومي لحياة المواطن المصري، فالأزمة الاقتصادية تعتصر وتسحق الطبقات متوسطة ومحدودة الدخل لدرجة غير مسبوقة.
العامل الثاني هو عدم فاعلية السلطة الحكام وانحصار قدرتها على الحكم بشكل هادىء ومستقر عبر نفس منظومات الحكم التي ورثتها واستقر الحكم عليها، وهذا واضح بطبيعة الحال في الحالة المصرية، فالدولة الوطنية ذات أهداف التحرر الوطني التي نشأت عام 1952 انتهت إلي شكل الحكم الاوليغارشي الذي نشهده من سلطة لا تعرف سوى لغة القمع والبطش للحفاظ على وجودها.
العامل الثالث هو عدم قابلية قطاعات متزايدة من الشعب للخضوع للحكم الجائر ورفضها لقوالب الحكم البدائية الظالمة، واعتقد ان هذا واضح أيضاً فعلى الرغم من حملة القمع الواسعة والتجريدة التي مورست على الشعب المصري على مدار عشر سنوات تصاعد رغم ذلك السخط والرفض وحتى المقاومة والنضالات الفردية والتي تشي بعدم قبول قطاعات متزايدة من الشعب أن يحكم بنفس قواعد الحكم القديمة البالية.

نستطيع أن نؤكد بشكل قاطع أن الثلاثة عوامل السالفة الذكر متحققة في الواقع المصري بل وأخذه في التخمر والتعفن، لكن هل يعني ذلك أن الثورة ستندلع غداً ؟ .. بالقطع لا، لكن ما نستطيع أن نؤكد عليه هو أن الثورة ستندلع لا محالة مرة أخرى في مصر كتعبير جماعي عن غريزة البقاء لدى قطاعات عريضة من الشعب.

لكن هل أطراف المعادلة السياسية هي فقط النظام والمعارضة التقليدية ومناخ النشطوية الطافح ؟… لا على الإطلاق فهناك أعداد هائلة من أعمال المقاومة الجريئة والنضالات الفردية الشجاعة وأيضاً والأهم أن هناك قطاعات كبيرة ومتزايدة من المواطنين والمواطنات يمتلكون اليوم فهم واعي ومتطور للظرف الموضوعي الراهن ناتج عن التجربة السياسية المريرة التي مرت على بلادنا منذ اندلاع ثورة يناير 2011 والى الان.

قد تكون هذه المقاومة وهذه النضالات معزولة ومحاصرة وهذا الوعي أيضاً غير مقطر وغير معبر عنه بشكل منظم، لكن يبقى أن ندرك ونعي أننا أمام لحظة تاريخية كاشفة وفارقة فالان حقاً وصدقاً أمًا أن نكون وأمًا أن لا نكون، فأمًا أن نترك أقدارنا بين يد السيسي و طغمته وسماسرة المعارضة ونذهب جميعاً الى مصير مجهول قد يكون أسوأ من أسوأ كوابيسنا أو أن نتحمل مسؤوليتنا وندرك أن بناء قوانا الذاتية وصياغة بدائل سياسية واقتصادية خارج أنساق المعارضة التقليدية هو الطريق الوحيد لأخذ المبادرة وإحداث تدخل واعي يشكل فارق في إحداث تغيير حقيقي في المجتمع يتجاوز سلطة الجنرالات ونخب المعارضة التقليدية.



#حسن_مصطفي (هاشتاغ)       Hassan_Moustafa#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المناضل المصري أحمد دوما حر رغم آنف السيسي
- لماذا يجب الإفراج عن كل المعتقلين كقاعدة لإي حوار سياسي
- رسالة للرئيس عبدالفتاح السيسي
- الخطأ والصواب في ما قال ياسر رزق من فحش المقال
- النظام الجمهوري وأفق الخلاص منه (الجزء 3 والأخير): الشرطة وا ...
- النظام الجمهوري وأفق الخلاص منه (2): الجيش ذروة سنام النظام ...
- النظام الجمهوري وأفق الخلاص منه (1)
- تعديل الدستور للّتمديد.. السيسي يحفر قبره
- فُجر أبواق النظام وتردد ووجل المعارضة
- عن المهمشين والثورة
- إدلب.. المجزرة علي وشك الوقوع
- تعليق علي مبادرة معصوم مرزوق
- الجزر للسعودية والسلام الدافئ للصهيونية والموت والإفقار للمص ...
- مقبرة النظام الجمهوري .. الاصلاحية أم الثورية؟
- لماذا لم يسلم الرفيق ابوحديد نفسة ؟
- لماذا الحزب الثوري ضرورة ؟
- ثورتنا المغدورة*


المزيد.....




- سمير لزعر// الموقوفون، عنوان تضحية الذات الأستاذية وجريمة ا ...
- حاكم تكساس يهدد المتظاهرين في جامعة الولاية بالاعتقال
- حزب النهج الديمقراطي العمالي: بيان فاتح ماي 2024
- تفريق متظاهرين في -السوربون- أرادوا نصب خيام احتجاجاً على حر ...
- بيان مشترك: الاحزاب والمنظمات تؤكد فخرها بنضالات الحركة الطل ...
- رحل النبيل سامي ميخائيل يا ليتني كنت أمتلك قدرة سحرية على إع ...
- رحل النبيل سامي ميخائيل يا ليتني كنت أمتلك قدرة سحرية على إع ...
- الانتخابات الأوروبية: هل اليمين المتطرف على موعد مع اختراق ت ...
- صدور العدد 82 من جريدة المناضل-ة/الافتتاحية والمحتويات: لا غ ...
- طلاب وأطفال في غزة يوجهون رسائل شكر للمتظاهرين المؤيدين للفل ...


المزيد.....

- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين
- الأنماط الخمسة من الثوريين - دراسة سيكولوجية ا. شتينبرج / سعيد العليمى
- جريدة طريق الثورة، العدد 46، أفريل-ماي 2018 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - حسن مصطفي - الفراغ السياسي في مصر