أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسن مصطفي - النظام الجمهوري وأفق الخلاص منه (الجزء 3 والأخير): الشرطة والقضاء مطرقة النظام وسندانة















المزيد.....


النظام الجمهوري وأفق الخلاص منه (الجزء 3 والأخير): الشرطة والقضاء مطرقة النظام وسندانة


حسن مصطفي
(Hassan Moustafa)


الحوار المتمدن-العدد: 6371 - 2019 / 10 / 6 - 22:36
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


هذا المقال تكملة لسلسلة مقالات تحت عنوان (النظام الجمهوري وأفق الخلاص منه)، والتي اتناول فيها تفنيد بنية النظام الجمهوري ووسائل سيطرته الناعمة منها - والتي كانت تمثل محتوى المقال الأول - والعنيفة التي تناولت إحدى مكوناتها البنيوية الرئيسية في المقال الثاني وهي مؤسسة القوات المسلحة - الجيش - تحت عنوان (الجيش ذروة سنام النظام الجمهوري وعموده الفقري)، في المقال الثالث استكمل تناول دراسة الوسائل العنيفة لسيطرة النظام من خلال تسليط الضوء على الدور الذي تلعبة كل من الشرطة والقضاء والمخابرات في خدمة النظام، وفي النهاية وبنائاً على هذا التفنيد لبنية النظام اقوم باستخلاص بعض النتائج التي اضعها أمام القارئ لتكون موضع نقاش وتفنيد بالشكل الذي يتيح لنا التقارب في تحليل وقراءة المشهد الراهن الأمر الذي يجعلنا قادرين على بناء رؤية وتصور عن كيفية مواجهة النظام ووسائل العمل التي يجب أن نستخدمها والأرضية النظرية التي يجب أن ننطلق منها.

أن السيطرة الحديدية التي يفرضها السيسي ونظامه باستخدام الوسائل القمعية لم ولن تكون نهاية التاريخ، بل العكس من ذلك فتعقد المشهد الاقتصادي وسياسات الإفقار الممنهجة التي يفرضها النظام بالإضافة إلى تصدر المؤسسة العسكرية للمشهد وتحالفها الفج مع رجال الأعمال والاستثمار الأجنبي يدفع الوعي الشعبي للامساك بجذر المعضلة التي يمثلها استمرار النظام الجمهوري في الحكم، الأمر الذي يشي بمواجهة مفتوحة مع النظام في المستقبل القريب، لا خيار لنا في هذه المواجهة سوى امتلاك الأدوات والوسائل التي تسمح لنا بهزيمة النظام والقضاء علية نهائياً، ولن يتأتى لنا ذلك سوى بالتأسيس النظري السليم وقراءة ودراسة الواقع بتأني لاستشراف المستقبل والمشاركة فيه بفاعلية.

أ- الشرطة والقضاء مطرقة النظام وسندانة

لا يمكن لأي شخص يعيش في مصر وتحديداً على مدار السنوات التي شهدت هزيمة الثورة أن لا يفهم أو يستوعب أن كلآ من الشرطة والقضاء يمثلاَ كلب حراسة النظام الجمهوري وعصاه الغليظة فهم أهم الأدوات التي تستخدمها الطبقة الحاكمة لاصباغ حكمها بالشرعية القانونية والدستورية من خلال منظومة القوانين التي وضعتها هي ذاتها والتي يطبقها أبناء الطبقة الحاكمة من مستشارين وضباط شرطة والتي تمنحهم امتيازات وصلاحيات هائلة بأسم "القانون" وذلك لكي يتم ضبط ايقاع النهب الممنهج وتلبية احتياجات النظام الجمهوري والطبقة الحاكمة من رجال الأعمال والقيادات العسكرية في حفظ النظام والسلم الأهلي "الزائفين" والذي يُفرض قسراً عن طريق السيطرة الامنية والقمع البوليسي الممنهج وليس عن طريق أي حد أدنى من الرضي الأهلي الحقيقي الذي يمكن أن يتحقق عبر سياسات مبنية على العدالة الاجتماعية وعدالة توزيع الثروة.

ففقط عبر فوهات البنادق وحديد قضبان السجون الشرطية ومحاكم القضاء الصورية يمارس النظام الجمهوري مهمته الوظيفية في سحق عظم ولحم أغلبية الشعب المصري الفقير البائس.

نشأت الشرطة والقضاء في الأساس مع نشأة الدولة الحديثة بهدف أساسي وهو تنظيم قمع وظلم الطبقة الحاكمة للطبقات المفقرة وحسم تعارض المصالح الطبقية لصالح طبقة الحكم والحيلولة دون دخول الطبقات المتعارضة المصالح في صراع دائم يؤدي إلى فنائها، لذلك فهي تحاول دائما أن تظهر كقوة محايدة - وهي بالتأكيد ليست كذلك - ترتفع فوق الطبقات وتحديدا فوق الطبقتين الرئيستين في المجتمع طبقة المستغلين (بكسر الغين) وطبقة المستغلين (بفتح الغين) أي بين من يملكون كل شئ من وسائل إنتاج ورؤوس أموال وبين من لا يملكون أي شيء سوى بيع قوة عملهم للتمكن من البقاء على قيد الحياة.

هذا التضاد في المصالح استلزم حزمة من القوانين واللوائح ليتم صبغ استغلال ونهب طبقة الملاك ورجال الأعمال لقوة عمل طبقة العمال بصبغة قانونية يقوم على حمايتها رجال مسلحين يطلق عليهم (الشرطة) ويطبق هذه القوانين واللوائح الجائرة والمنحازة بشكل سافر من يطلق عليهم (قضاة)، ليكونوا ومن ورائهم ترسانة من الأسلحة والمدرعات والسجون في خدمة وحراسة طبقة الملاك ورجال الأعمال والمستثمرين، وفي المقابل يحصل كل من رجال الشرطة والقضاء على امتيازات مادية واجتماعية هائلة تتمثل في حياة رغدة وفرصة في الترقي والوصول لأعلى المناصب القيادية داخل الجهاز الإداري للدولة، تلك المناصب التي تعتبر حكراً في النظام الجمهوري على الضباط والقضاة.

الإنسان في مجتمع خالي من الطبقات ومن قيم الربح والتملك لن يحتاج الى منظومة قوانين ومؤسسات فوقية تمارس دور التحكيم والفصل في النزاعات فالشعب المنظم والمسلح سيكون قادر علي القيام بمهام الشرطة والقضاء ذاتيا وفي شكل عادة يومية روتينية، لكن للوصول لهذا الوضعية يجب أن يمر المجتمع بطور انتقالي يحدث مع اندلاع الثورة وإسقاط النظام.

يحتاج المجتمع الانتقالي إلى قوانين وقضاة وضباط شرطة لكن دون أن يشكلوا مؤسسات خاصة منفصلة عن الشعب، ذلك أن الأمراض الاجتماعية التي خلقتها الدولة الاستبدادية عليِ مدار عقود لن تختفي بين ليلة وضحاها.

لكن ما هي شكل هذه القوانين التي يجب أن تحكم المجتمع الانتقالي؟

وما هو شكل الشرطة والقضاء الذين سيقومون بتطبيق تلك القوانين؟

لا شك أن تلك التساؤلات ستجد إجابتها الموضوعية بشكل وافي عندما تتولى الجماهير زمام أمرها وتشرع في تنظيم نفسها ذاتيا وبناء مجتمعها الجديد بعد أن تكون قد اتمت مهمتها الأولي وهي تحطيم وهدم الة النظام الجمهوري وأدواته الحاكمه والإجهاز نهائياً على الدولة الجمهورية - تلك المهمة التي لن تكون بالمهمة السهلة بأي حال - ولا شك أيضا في أن ذلك يجب أن يتم في إطار عام من الحق في الانتخاب والعزل لكافة المسؤولين والحق في التسلح الشعبي كبديل عن القضاء والشرطة النظامية.

عبر هذا الإطار نستطيع أن نمنع إعادة بناء قضاء وشرطة كمؤسسات منفصلة عن الشعب، فتعيين أفراد وقيادات الشرطة والقضاء في الفترة الانتقالية يجب أن يكون عبر الانتخاب الحر العام المباشر مع خضوعهم الدائم للمراقبة والمحاسبة الشعبية والتي تعطي الناخبين الحق في عزل من انتخبوا في أي وقت عن طريق الاقتراع الحر العام المباشر ايضا.

ولان ذلك سيجري في ظل ما يعرف بازدواجية السلطة (أي نشوء سلطتين يتنازعان الحكم هما سلطة الطبقة الحاكمة البائدة وسلطة الثورة) فأن أولى المهام التي ستتولاها كل من الشرطة والقضاء الثوريين في تلك الفترة هي مهمة تنظيم عمليات قمع واسعة لطبقة الحكم البائدة، ليس بدافع الانتقام أو الثأر بل كإجراء وقائي يضمن شل قدرة تلك الطبقة علي المقاومة لمنع وتلافي خطر الثورة المضادة، لأنه لا يتصور أن الطبقة الحاكمة ستستلم بسهوله ويسر دون محاولات حثيثة لاغتيال الثورة والتي بانتصارها ستفقدها مركزها الفوقي كطبقة حاكمة تحتكر الثروة والسلطة في البلاد، الأمر الذي سيجعل الشرطة والقضاء الثوريين في الدولة الانتقالية هم اداة الأغلبية الجماهيرية التي ظفرت مؤخرا بالسلطة.

سجل حافل من الجرائم يزخر به تاريخ جهاز الشرطة و قضاء النظام الجمهوري من أول التعذيب وانتهاكات حقوق الإنسان وصولا للتصفية الجسدية والقتل الجماعي وتلفيق جرائم لم يرتكبها من اتهموا بها - قضية عرب شركس على سبيل المثال وليس الحصر(1) - إلى الخطف والإخفاء القسري وتلك المحاكمات والتحقيقات القضائية الصورية التي يجريها القضاء بشكل يرثى له لإضفاء صبغة
قانونية على ممارسات جهاز الشرطة الإجرامية.(2)

من الأدوات الرئيسية التي تستخدمها الشرطة في القمع الواسع للاحتجاجات والمظاهرات جهاز الأمن المركزي والذي أنشأه النظام الجمهوري كجهاز شبه عسكري خاص تابع للشرطة يختص بقمع الانتفاضات والاحتجاجات الشعبية وذلك عقب اندلاع انتفاضة الخبز في يناير 1977 والتي اضطر السادات لقمعها عن طريق الجيش، ويعتمد قوام الأمن المركزي علي مجندين التجنيد الإلزامي العادة - أي الغير حاصلين على تعليم متوسط أو عالي - والذين يصل فترة تجنيدهم إلى ثلاثة سنوات أي أن النظام الجمهوري يقمع المحتجين الفقراء والمهمشين من خلال ابناء هؤلاء الفقراء والمهمشين أنفسهم والذين لم يتسنى لهم الحصول على أي قدر من التعليم لإضطرارهم للعمل في سن مبكر وترك التعليم لإعالة أنفسهم وأسرهم.

توسع استخدام الأمن المركزي خلال فترة حكم مبارك ليصبح في آخر عشر سنوات من عهده الأداة الرئيسية للحكم بجانب الأجهزة الأمنية والمخابراتية، إلا أنه لم يستطع الوقوف أمام الموجات العاتية للجماهير الثائرة في 28 يناير 2011 فتقهقر وانهار جهاز الأمن المركزي تمامآ هذا اليوم ومعه الشرطة المصرية بأكملها، وهذا يعطي دلالة واضحة لا لبس فيها أن مهما كانت كفة القوى المادية تميل لصالح النظام بتشكيلاته العسكرية فإن الجماهير في حالة اتحادها واتخاذها خط المجابهة الثورية المسلحة تحت ضغط قمع النظام العسكري تستطيع أن توجد التكتيكات المنظمة المناسبة والتي تسمح بحدوث توازن في كفة القوى يتيح لها فى نهاية الأمر تحقيق الانتصار.

ب- الأجهزة الأمنية والمخابراتية شبيحة النظام الجمهوري وجلاديه

تمثل أجهزة المخابرات عقل النظام وخلاياه العصبية التي بتحريك أحد أطرافها يتحرك جسم عملاق يتمثل في كل أجهزة الدولة الإعلامية والإدارية والعسكرية التي تعمل من خلال توجيهات أجهزة المخابرات والتي هي ليست جهازا واحدا او جهازين بل يمتلك النظام الجمهوري المصري اربعة أجهزة مخابرات ومعلومات (الأمن الوطني - المخابرات الحربية - المخابرات العامة - جهاز رئاسة الجمهورية)، وقد يفسر ذلك علي قدر كاف كيف استطاع النظام الصمود أمام ثورة 25 يناير والتي تعد في مصاف الثورات الكبريَ من حيث كثافة المشاركة الشعبية.

ولمعرفة وفهم لماذا اكتسب النظام المصري تلك السمعة العالمية الواسعة بأنه نظام مخابراتي بوليسي، وهذه الحرفية الإجرامية التي تتسم بها أجهزة المخابرات المصرية يجب أن نعرف أن أمن الدولة المصري هو أقدم جهاز أمن سياسي في الشرق الأوسط حيث أنشئ على يد الإنجليز في 1913 في ظل احتلالهم لمصر لتتبع الوطنيين والقضاء على مقاومتهم للاحتلال.

بعد قيام جمهورية يوليو في 1952 أُعلن عن حل كل أجهزة الأمن السياسي لكن ذلك لم يكن صحيحاً فقد ظل الجهاز يعمل كما هو لكن لصالح النظام الجديد وفقط تم تغيير أسمه (3)، ثم وأبان فترة التقارب المصري مع الكتلة الشرقية تم اعادة هيكلة جهاز أمن الدولة المصري سنة 1957 عن طريق تدريب ضباطه وتزويدهم بأحدث أدوات ومعدات العمل المخابراتي وذلك على يد الشتازي - وزارة أمن الدولة لألمانيا الشرقية - الجهاز صاحب السجل الحافل بالجرائم البشعة التي ارتكبها علي مستوي المانيا بشطريها الشرقي والغربي وحتي علي مستوي العالم، هذا الجهاز هو من درب ووضع منهجية عمل ضباط أمن الدولة المصري (الأمن الوطني حاليا).(4)

تنحصر وظائف أجهزة المخابرات والمعلومات للنظام في التجسس على المعارضين والمواطنين وحتى على كبار موظفي ومسئولي الدولة بل وحتى علي أجهزة المخابرات بعضها البعض لضمان سير دولاب العمل الامني بالشكل الذي يخدم بقاء النظام الجمهوري واستمراره وذلك بسجل عريض من الجرائم والقتل تحت التعذيب والمقرات سيئة السمعة التي تحولت لسلخانات بشرية، بالإضافة الى التعاون النشط مع أجهزة مخابرات الكيانات والدول التي يعتبرها النظام حليفة وعلى رأسها الكيان الصهيوني والولايات المتحدة الأمريكية هذا التعاون الذي وصل إلى حد أن الولايات المتحدة الأمريكية قد كشفت على لسان وزيرة خارجيتها السابقة كونداليزا رايس أنها أرسلت معتقلين للتحقيق معهم في دول حليفة من ضمنها مصر.(5)

بقي أن نضيف أن ضباط المخابرات يتقاضون أضعاف ما يتقاضاه أقرانهم من ضباط الجيش والشرطة العاديين بالإضافة اليَ تمتعهم بنفوذ وسلطة غير محدودة على كافة الأصعدة وذلك بالطبع ثمن ومقابل قيامهم بالأعمال القذرة للنظام وكونهم شبيحة النظام وجلاديه الأكثر إخلاصا، ومقابل ذلك أيضا وبخلاف رواتبهم الاستثنائية يحصل ضباط المخابرات علي عوائد أرباح عدد كبير من الشركات التي تمتلكها أجهزة المخابرات أو تمتلك بها حصص تتشارك بها في كعكة السوق المصري والتي تدر عليها أرباح لا يمكن تخيلها يتقاسمها قيادات وضباط تلك الأجهزة (بما يتراءى لهم).(6)

الخَلاص من النظام الجمهوري: نتائج واستنتاجات

النتيجة الأولى التي يبرزها ما تقدم من تفنيد لبنية النظام الجمهوري هو أن هذا النظام تعفن ووصل لدرجة من الاضمحلال التي أصبح معها نظام عميل يعمل لصالح تنفيذ مخططات وطموحات الكيان الصهيوني في مقابل تأمين الأخير الدعم السياسي له عبر حليفه الاستراتيجي الولايات المتحدة الأمريكية وليس أدل على ذلك من تنازل النظام عن جزيرتي تيران وصنافير للسعودية لصالح الكيان الصهيوني (راجع مقال: الجزر للسعودية والسلام الدافئ للصهيونية والموت والإفقار للمصريين).*

أيضا إطلاق يد إثيوبيا في بناء سد النهضة بعد توقيع السيسي الاتفاقية الإطارية في 23 مارس 2015 بالعاصمة السودانية الخرطوم ما سيدخل البلاد مع بدء أثيوبيا ملء خزان السد في فقر مائي شديد في السنوات القادمة المستفيد الأول منه هو الكيان الصهيوني أيضا الأول عالميا في تكنولوجيا الرى الحديث.

أضف على ذلك حفر قناة مائية هي تفريعة قناة السويس الجديدة بالتوازي مع قناة السويس القديمة ما يعني إضافة مانع مائي آخر يحول دون عبور قوات عسكرية للضفة الشرقية للقنال إذا ما أقدم الكيان الصهيوني على احتلال سيناء، بالإضافة إلى تهجير أهالي سيناء وإخلاء شمال سيناء من سكانها بالقوة الجبرية عن طريق تفجير بيوت المدنيين فوق رؤوسهم وتجريف أراضيهم الآمر الذي لا يمكن أن يخدم بأي حال سوى الكيان الصهيوني والأنشطة الإجرامية لجماعات التهريب والمجموعات الإرهابية التي أصبح جليا أنها تعمل برعاية وتحت مظلة أجهزة مخابرات النظام الجمهوري.

المحصلة أن النظام الجمهوري أصبح يمثل تهديد حقيقي على غالبية السكان سواء كانوا من الطبقة المتوسطة أو الطبقات المفقرة والمهمشة ما يجعل النضال من أجل إسقاطه قضية حياة أو موت.

النتيجة الثانية هي أن النظام الجمهوري لم يعد قابل لأي شكل من أشكال الإصلاح وذلك لعدة أسباب، الأول هو اعتماد النظام على الغطاء والدعم السياسي الذي يوفره له الكيان الصهيوني ومن ورائها الولايات المتحدة الأمريكية والقوى الغربية بشكل عام وفي مقابل هذا الدعم يلتزم النظام بأن يسير وفقا لأجندة الكيان الصهيوني السياسية ومخططاتة الإقليمية، السبب الثاني هو اعتماد النظام اقتصاديا على حلفائه الإقليميين الرئيسيين سواء الرجعية السعودية أو الإمارات الصهيونية بالإضافة إلى البنك الدولي وصندوق النقد ما يجعل النظام ملتزم بشروط وسياسات الدائنين الاقتصادية.

السبب الأخير هو توغل الجيش في النشاط الاقتصادي إلى حد بات معه يسيطر على ما يقرب من 45% من الاقتصاد الوطني يحول دون محاولة إحداث أي إصلاح قد يحد من تدفق هذا الكم الهائل من الأرباح على طبقة الحكم والمتمثلة في جنرالات وضباط الجيش والمخابرات والشرطة والقضاة ورجال الاعمال كما أسلفت والتى ستدافع عن امتيازاتها وعن أرباحها بكل ما تملك من قوة وذلك عبر دفاعها عن هذا النظام العفن والذي يكفل لها هذه الامتيازات وهذه الأرباح.

الاستنتاج الرئيسي الذي يمكن أن نخرج به بعد مناقشة ما تقدم هو أن النظام الجمهوري يندفع نحو الهاوية لا محالة فقد أصبح يمثل عبء وتهديد حقيقي على المجتمع أو على غالبيته العظمى، هذا العبء الذي لن تتحمله الجماهير طويلا لا سيما مع الضغوط الاقتصادية التي تزداد يوما بعد يوم مهما حاول النظام أن يظهر عكس ذلك عبر تشديد قبضته الأمنية وزيادة القمع والشاهد على هذا تلك التظاهرات العفوية التي خرجت في 20 سبتمبر 2019 والتي اعتقل النظام على إثرها أكثر من 2300 مواطن.(7)

لكن يبقى العامل الأهم في معادلة إسقاط النظام وهو قدرة الجماهير على تنظيم صفوفها والتحول من العفوية إلى العمل المنظم، فبدون تنظيم سيؤول أي تحرك جماهيري عفوي الى لا شيء مهما كان حجمه وحتى إذا اضطر النظام لارتكاب مجازر فإنه لن يتردد في ذلك ثانية واحدة.

أن بناء جبهة موحدة تضع على جدول أعمالها كأولوية قصوى إسقاط النظام والحلول محله لفترة إنتقالية هو السبيل الوحيد لمواجهة النظام والتغلب عليه، لكن يجب أن لا تخايلنا أي أوهام حول قدرة أو رغبة المعارضة التقليدية واحزابها على بناء مثل هذه الجبهة، فتلك الأحزاب التي تدعي معارضتها للنظام هي مجرد ديكور باهت لوجه النظام القبيح والتي يوجهها ويسيطر عليها النظام بشكل كامل.




الهوامش:

1- قضية عرب شركس أوعدم فيها ستة شباب بعد محاكمتهم عسكريا على الرغم من أن اثنان من المتهمين قد تم خطفهم واخفائهم قسريا من قبل أجهزة الأمن قبل تاريخ الواقعة المتهمين بها في القضية بشهرين عامان على إعدام متهمي قضية "عرب شركس": قتل غير مبرر وأحكام إعدام مستمرة …
2- راجع التقرير السنوي 2019 لمنظمة هيومن رايتس ووتش عن مصر في الرابط التالي:https://www.hrw.org/ar/world-report/2019/country-chapters/325594
3- ويكيبيديا، الموسوعة الحرة، مباحث أمن الدولة.
4- المعرفة، شتازي، أيمن زغلول.
5- اعترفت كونداليزا رايس وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة بأرسال معتقلين للتحقيق معهم في دول حليفة للولايات المتحدة، وتعد أشهر القضايا في هذا الشأن قضية أبو عمر المصري الذي خطف من إيطاليا على يد عناصر المخابرات الأمريكية (CIA) وسلم للسلطات المصرية التي مارست عليه أسوأ أنواع التعذيب.
6- (بما يتراءى لهم) هو مصطلح متعارف عليه على مستوى القيادات العسكرية والمخابراتية وهو يعني توزيع العوائد والمخصصات المالية بما يتراءى للقائد أو المسؤول عن تلك التوزيعات على نفس طريقة توزيع الغنائم في العصور البدائية.
7- تقرير منظمة العفو الدولية: مصر: أكبر موجة من الاعتقالات الجماعية منذ وصول الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى سدة السلطة https://www.amnesty.org/ar/latest/news/2019/10/egypt-largest-wave-of-mass-arrests-since-president-abdel-fattah-al-sisi-came-to-power/

* http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=563499



#حسن_مصطفي (هاشتاغ)       Hassan_Moustafa#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النظام الجمهوري وأفق الخلاص منه (2): الجيش ذروة سنام النظام ...
- النظام الجمهوري وأفق الخلاص منه (1)
- تعديل الدستور للّتمديد.. السيسي يحفر قبره
- فُجر أبواق النظام وتردد ووجل المعارضة
- عن المهمشين والثورة
- إدلب.. المجزرة علي وشك الوقوع
- تعليق علي مبادرة معصوم مرزوق
- الجزر للسعودية والسلام الدافئ للصهيونية والموت والإفقار للمص ...
- مقبرة النظام الجمهوري .. الاصلاحية أم الثورية؟
- لماذا لم يسلم الرفيق ابوحديد نفسة ؟
- لماذا الحزب الثوري ضرورة ؟
- ثورتنا المغدورة*


المزيد.....




- ماذا قالت إسرائيل و-حماس-عن الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين ف ...
- صنع في روسيا.. منتدى تحتضنه دبي
- -الاتحاد الأوروبي وسيادة القانون-.. 7 مرشحين يتنافسون في انت ...
- روسيا: تقديم المساعدات الإنسانية لقطاع غزة مستحيل في ظل استم ...
- -بوليتيكو-: البيت الأبيض يشكك بعد تسلم حزمة المساعدات في قدر ...
- -حزب الله- يعرض مشاهد من رمايات صاروخية ضد أهداف إسرائيلية م ...
- تونس.. سجن نائب سابق وآخر نقابي أمني معزول
- البيت الأبيض يزعم أن روسيا تطور قمرا صناعيا قادرا على حمل رأ ...
- -بلومبرغ-: فرنسا تطلب من الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات جديدة ض ...
- علماء: 25% من المصابين بعدم انتظام ضربات القلب أعمارهم تقل ع ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسن مصطفي - النظام الجمهوري وأفق الخلاص منه (الجزء 3 والأخير): الشرطة والقضاء مطرقة النظام وسندانة