أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - قيس كاظم الجنابي - كامل شياع.. ورسائل من دفتر المنفى















المزيد.....

كامل شياع.. ورسائل من دفتر المنفى


قيس كاظم الجنابي

الحوار المتمدن-العدد: 7720 - 2023 / 8 / 31 - 16:24
المحور: الادب والفن
    


-1-

في حالة قراءة (دفتر المنفى.. بين النزّل والبيت) لكامل شياع، الذي أعده فيصل عبد الله،[دار المدى ، بغداد – بيروت،2023م)..] ثمة محاولة تجنيسية قسرية من معد الكتاب للنشر، فلو كانت هذه الراسائل والنصوص التي تركها السياسي (كامل شياع) لانسان عادي، ليس له دور سياسي ، لرميت في سلة المهملات، مما يعني ان الإطار الأيديولوجي هو الذي يحكمها ، وجعل هذه الرسائل إلى فيصل عبد الله وغيره نصوصاً سردية ،او مذكرات سياسية ، أو اعترافات وتصورات وتجليات؛ مما يجعل نصوص الساسة الأدباء، أو الأدباء الساسة ذات وجوه متعددة، تلعب على حبال العلاقة بين الأدب والايدلوجيا، ونحاول إغواء القارئ بالاقتراب منها، لأنه في صدد اقناع المقابل بفكرة الأيديولوجي، في نصوص الرسائل بالذات تتجلى عدة أمور تحمل معها بعدد من التساؤلات ، انها رسائل شخصية،أفكارها غير عامة، فيها اعترافات وتصورات غير قابلة للنشر، ولهذا تبرز العلاقة واضحة بين صدق المشاعر الداخلية والموقف السياسي،وتكشف عن تصورات ربما لا يكون كاتبها راغباً في نشرها ، وان فكرة تبجيل الموتى،ونشر أعمالهم هي التي كانت وراء نشر هذا الكتاب الاحتفائي التأبيني، وللكاتب رسالة جامعية حول اليوتوبيا؛ والسبب في اختيار مثل هذا الموضوع هو المنفى، بوصفه مكاناً خيالياً، بعيداً عن منغصات البقاء في الوطن، وهو وطن محكوم بالتحولات والصراعات التي لا تنتهي،ومن خلال هذا الإحساس يتحول الوطن إلى جحيم في الداخل، فحال ما تخرج منه يتحول إلى يوتوبيا، في ظل أحلام للبحث عن الفردوس المفقود، لقد كان هروب كامل شياع خوفاً من الموت في حرب عبثية، ومحاولة لأدلجة فكره وثقافته،ولكنه حين عاد وجد الوطن فخاً للأفكار والأجساد التي تنتظر موتها التراجيدي، على الرغم من كل المتغيرات التي حصلت بفعل قسري كان ينتظره، وبفعل إرادات ذيلية ليس لها هم سوى تفكيك الوطن،وهنا تحولت اليوتوبيا إلى يوتوبيا مضادة، فكيف يتمكن شخص يعد نفسه مناضلاً، ومشروعاً لوطن ديمقراطي ان يكون ذلك الوطن، حتى نظرته لرفاقه كانت محمّلة بالاستياء والقبول بالامر الواقع، بعد تقاسمت القبائل جسد الوطن وأحلامه ولم يبق منه سوى الاسم.
-2-
وعلى العموم، فان هذه الرسائل،هي رؤى تجمع بين النص والرسالة،أو بين تفريغ الازمات الذاتية عبر الرسائل الخاصة، وبين بعض النتف من النصوص التي تقلل من شعوره بوطئة النفي والغربة، فالكتابة هروب من النفي،وقد تكون غاية لتوثيق النفي، حين يكون الشعور بأن النفي هو إبعاد مكاني، وضرب من التحول الخيالي من جحيم الحرب والايديولوجيا ،إلى رحاب الفراديس الخادعة، لهذا تبدو الرسالة نوعاً من الترويض للسيرة واحالتها إلى نوع من اليوميات والاعترافات والمذكرات.
يشير بعض النقاد إلى أنّ"كتابة اليوميات أو الرسائل شكل من السرد، رغم ان من يكتبها قد لا يكون قاصداً ذلك، أو قد يكون واعياً بما يرويه. من جهة أخرى، يعتقد تشاتمان "ان تدوين اليوميات لا يكون بحاجة إلى الرواية على الرغم من انه كثيراً ما قد يروي. فقد تُنظم قصة ما في شكل رسائلي لا تعبر فيه كل جملة الا عل علاقة هنا – الآن بين المراسلين ". وعوض ثنائية تشاتمان بين الراوي الغائب والراوي الحاضر، اقترح تمييز أشكال ودرجات الادراكية للراوي في النص".[ ص133/التخييل القصصي، الشعرية المعاصرة: شلوميت ريمون كنعان، ترجمة لحسن احمامه، مط النجاح الجديد ــ دار الثقافة، ط1 (الدار البيضاء، 1995م).]

وهذا يعني ان الرسالة، نص نثري له خصائصه، وهو على عدة أنواع لدى العرب:الرسالة الأدبية والرسالة الديوانية والرسالة الإخوانية، والكاتب هنا يحاول ان يتخلص من الضغوط التي تحيط به فيحولها بطريقة ما إلى كلمات ورؤى وأفكار.
ثمة إشكالية بين أدب الرسائل التي كتبت لنتشر ، مثل رسائل الاحزان للرافعي وزهرة العمر لتوفيق الحكيم، وغيرها من الرسائل التي هي في الغالب رسائل مختلفة أو دخلها قدر كبير من الاختلاف،وبالتالي فأدبيتها مستمدة بالدرجة الأساس من هذا المنظور الاختلافي في أكثر من منظور كونها رسائل حقيقية بين شخصين حقيقيين. أما الرسائل التي لا تكتب بهدف النشر فما زال الموقف منها غير واضح ،ونحن لا نملك تلك المعايير النقدية التي تصنفها كنص أدبي "تسهل علينا تحقيق قدر لا بأس به من التوافق حول ما يشكل النص الترسلي الادبي الجيد. وربما يعود السبب في ذلك إلى تنوع الخلفيات الثقافية والفكرية لمن يكتب الرسائل في عالمنا العربي الحديث، فبالاضافة إلى الادباء، هناك المؤرخون والمفكرون والصحفيون والأطباء والسياسيون ...الخ،وكل منهم ينتج نصاً ترسلياً مختلف الأسلوب والمضمون والهدف. ففي كثير من هذه الرسائل يكون الهدف التوثيقي والفكري أبرز بكثير من الهدف الادبي".[ص171/ كتابة الذات، دراسات في السير الذاتية:د. صالح معيض الغامدي ، المركز الثقافي العربي ،الدار البيضاء – بيروت،1013م)..]
ومن هنا تتجاذب هذه الرسائل التي كتبها كامل شياع أكثر من جهة ومحاولة، تجمع بين الأيديولوجيا والادب، ولكن جانب اليوميات والاعترافات ع=هو الأكثر احتمالاً لها واستيعاباً لقراءة تاريخ هذه الشخصية ،والمؤثرات السياسية والنفسية والثقافية عليها.
لقدوصف معد هذا الكتاب تلك النصوص بقوله:
" بين الرحيل الاضطراري عن الوطن الأول والعودة إليه، تراكمت أوراق هذا الدفتر على شكل سيرة يوميات لقاموس المنفى أو هي أقرب إلى نصوص المذكرات الشخصية المبكرة ، كما يصفها صاحبها".[ص9]
في رسالة له مؤرخة في 11/ تشرين الثاني/ 1988م، إلى موسى الخميسي ،وهو كاتب وفنان تشكيلي عراقي مقيم في إيطاليا ، يقول:
- ان المنفى كما أراه هو فراغ هائل ومفاجئ يستحثني لإملائه بكل ما هو متاح .. بامراة ، باوراق ،آه أكداس من الأوراق بجواز سفر، ببطالة إقامة ،بأوراق سيرة ذاتية ناقصة، بدفتر عناوين، بخرائط سياحية، برسائل لم ترسل،برسائل محفوظة من أصدقاء بعيدين .. بكل ما يجعلني قادراً على تمييز نفسي وعلى ان أكون مميزاً .. المنفى يبحث عن لغة الضحية.. وقد يكون هو نتاج هذا البحث![ص158]
ثم يسترسل في كشف العلاقة بين الرسالة والسيرة بطرية او بأخرى، فيقول:
- إن كتابة الرسائل بخلاف كل أنواع الكتابة تتيح لصاحبها فرصتين للترقب وللفرح أحياناً: ان يكتب ما يريد قوله دون تأجيل وبشكل مباشر وان يتصور ذلك الصديق المحد وهو يقرأ ما كتبه له. أي تداخل؟ أي مشاركة؟ [ص158]
كما وصف المنفى بأنه "يشبه بشكل من الأشكال كتابة المذكرات الشخصية !.."؛[ص82] فهي توثيق لهموم شبه يومية للكتابة التي تحاكي أدب الاعتراف اليومي بطريقة ما، كما يصفها بأنها محاولة استظهار براءة دون استعطاف، فهذه الكتابات افراغ يومي لأزمة المنفى، مع محاولة لتوفر شروطها المهمة، كاللغة والأسلوب والرؤى، لأنه مشحون بطاقة أيديولوجية خاصة، يعبر عنها بطريقته التي يراها مناسبة ، ومن هنا كانت هذه الرسائل نصوصاً أدبية تتأرجح في تجنيسها بين النثر وأنواعه المختلفة.
-3-
في الغالب تنوه البدايات بالنهايات، وبما أن الرسالة نشاط ذاتي، وليس نشاطاً عاماً أو جماعياً، كالنقد والبحث، حالها حال اللوحة والقصيدة والرواية والقصة، فإنها تعكس الجانب الذاتي الذي يشير بطريقة ما إلى معاناته في المنفى، ذلك لأن المنفى اضطراب مكاني، تحول من مكان أو بيئة إلى آخر، يحمل معه مؤثرات كثيرة، منها نفي الهوية ونفي اللغة ونفي المحيط، فيتضاعف الإحساس بالنفي، والرسالة أدب فضفاض لماح يغلب عليها طابع البوح والاسترسال والاعتراف ؛فهي أقرب إلى أدب المقالة الإنشائية، تعكس المعاناة الذاتية وتعطي صورة حية وانفعالية/وجدانية عن ذات الكاتب، وهي كاليوميات غير خاضعة للمتغير الخارجي، وغير خاضعة للتدبيج والزخرفة اللفظية، وإنما هي ذات طبيعة عفوية وآنية، وغالباً ما يتفاعل المرسل مع المرسل إليه، ويتماهى معه عاطفياً ونفسياً، يشكو له غد الزمن وضيق العيش ومرارة الغربة، بحيث تصبح الرسالة تعبيراً عن حاجة ملحة للتنفيس عن أزمته الذاتية وهواجسه المختلفة حول الجنس والحب والمنفى والوطن؛ فقد كنت البداية مع(ايثاكا) بعد المقدمات الأولى، كالاهتمام باللغة ورسم الصورة؛فقد كان(كافافي) اليوناني شاعراً وصحفياً،ولد في الإسكندرية بمصر سنة 1863م، وتوفي سنة 1963م، يقول عن ايثاكا:
"إيثاكا"
عندما تنطلق إلى "ايثاكا"
أدعو ان يكون طريقك طويلاً،
مليئاً بالمغامرة،
مليئاً بالاكتشافات. [ص20]
لقد جعل الكاتب من (كافافي) دليله في الانتقال من الشرق إلى الغرب ،ودليله في البحث عن اختيارات صحيحة ، بعد فشله،وحركته بين فرنسا والجزائر وإيطاليا وبلجيكا، الاختيار صعب، وإشكالية الاستمرار كمسافر أو سائح تؤرقه خشية إن يطرد من ذلك البلد، فهو يقول عن وجوده في إيطاليا:" إيطاليا التي لا تعني لي أكثر من مكان لتقطير الغربة، وكفاني من زمنها المؤلم انه كان عزيزاً، واني اقتنعت بما افترضته شمعاً أحمر على سنتين من الزمن".[ص35] وما يزيد الغربة ان رسائله إلى أهله ورسائل أهله إليه لا تصل، لأنه في قطيعة فكانت رسائله إلى فيصل تعويضاً عن ذلك الهم اليومي والذي وصفه أسهل أنواع الهموم هضماً، وانه يكتب لتدعيم الوضع اليومي للكتابة.
ويبدو ان تعلقه بـ(كافافي) كان بسبب ما يشكله المنفى من نفي مكاني وثقافي، مع تحديات سياسية وفكرية، لهذا توجهت فلسفته نحو تفسير النفي القسري،والشعور بالاضطهاد، فارتبطت فلسفة النفي لديه بالمؤثرات والفنون ذات الطبيعة المكانية؛ كالفن التشكيلي فوجه عدداً من رسائله إلى مجموعة من الفنانين ، منهم صادق الصائغ الذي مزج الهندسة بالشعر، ثم حاول الاستثمار علاقة السينما بالادب، كنوع من العلاقة بين المكان والمنفى الذي وصفه،بالقول:" هو الوطن منظوراً اليه من الخارج"؛ ففي المنفى "تتاح فرصة فريدة للمنفي .. فرصة تعلّم رؤية العالم من حوله. ومن يخسر هذه الفرصة فانه سيخسر معرفة وجوده في كل من الوطن والمنفى".[ص81]
ومع ذلك فانه يرى ان الوطن هو المتن،والمنفى هو الهامش، فيقول:" لا نختلف في ان المنفى مهما طال يبقى هامشاً. لكنه هامش لن ينغلق إزاء مطالبنا ولم يصادر منا الرؤية. لذا ينبغي إيفاؤه حقّه لأنّه متن بالقوة، لأنه الوجه الآخر للوطن ... حين نحلم بأيثاكا ينبغي ان نشهد الرحلة!".[ص90]
ولعل واحدة من الأسباب التي تدفع المنفى للكتابة، هو الشعور بحجم الخسارات التي يتعرض لها الإنسان المنفي فيحاول إن يعوّض تلك الخسائر بالكتابة للتنفيس عن إحساس بالفجيعة، فجيعة خسارة الهوية والاهل والأصدقاء،ولهذا بدت رسائله الى الفنانين التشكيليين من أصدقائه محمّلة بالحيرة أمام سطوة المكان ،ويبدو ان قدرات كامل شياع النقدية، باستثناء رسالته عن الفلسفة ،وهي لها علاقة بانتمائه للحزب الشيوعي العراقي، هي ليست اكثر من هوامش ثقافية عامة، استطاع ان يكتبها من خلال تطفله على مجموعة الفنانين العراقيين التشكيليين المغتربين الذين يجد في رفقتهم استدعاء لهويته العراقية،ولم تكن ثقافته التشكيلية بالمستوى الذي يجعل منه ناقداً تشكيلياً ، فغايته هو ترسيخ الجانب الأيديولوجي.
يشير ادوارد سعيد الى ان المنفى بخلاف القومية، هو في جوهره حالة متقطعة من حالات الكينونة.
فالمنفيون مجتثون من جذورهم ، من أرضهم ،ومن ماضيهم. وهم عادة بلا جيوش او دول،مع انهم غالباً ما يبحثون عنها. ولذا يشعر المنفيون بتلك الحاجة الملحّة لإعادة تشكيل حيواتهم المحطمّة.[ ص122/ تأملات حول المنفى ومقالات أخرى: ادوارد سعيد ،ترجمة ثائر ديب، دار الآداب، بيروت،2007م].
ومن هذا المنطلق حين يستذكر موضوع دراسة التفكير اليوتوبي عند آرنست بلوخ، يقول:" ولا أعلم لماذا أنا مولع بكتابة الهوامش، ربما لإدراكي الخفي بان كل ما تبقى لا يصلح الا ان يكون هامشاً: هامش على أطروحة ماركس الحادية عشرة، هامش على نظرية السلطة عند فوكو، هامش عن اللغة المحكية واللغة المكتوبة، هامش عن مذهب التأويل ، هامش في الشكل الفني وطموح الناقد ، هامش في المنفى والكتابة، هامش في العقل في القرآن.."[ص159]
وسبب ذلك شعوره بانه في هامش الوطن وليس في متنه، وكل تبريراته للإساءة إليه غير منطقية، وليست في مكانها، فليس من المعقول ان يقف المنفي ضد وطنه في الزمن الصعب، مهما كانت الأسباب، على الأقل عليه ان يقف في الحياد، فهو مع الوطن في الداخل ،وضد الحاكم فيه.
-4-

يشكل التاريخ والموقف من نظام الحكم مفردة مهمة في موقف المنفي، وكيفية النظر الى الوطن وتاريخه، وحياة مواطنيه فيه، لهذا كان يرى تاريخ لا يحل نفسه فعلاً بل يعقدها أيضاً، وهو يلج التاريخ من باب علاقته السياسية بالنظام السياسي،وعلاقة حزبه به، وخصوصاً منذ عام 1979م، حيث جرى تفتيت الجبهة الوطنية،وتحول العراق الى نظام الحزب الواحد الخانق سياسياً، ثم اشتعال الحرب العراقية – الإيرانية؛ فكانت سلسلة من الأخطاء التي تجر بعضها بعضاً.
وفي موقفه من الحرب يشير في رسالة منه إلى فيصل بتاريخ 11/آب/1982م، فيقول:" من يعلم قد يسقط النظام على الدكات القوية للحرب التي بدأت تصدعه في بغداد وتخترقه من أي موقع على طول جبهة الشرق مع إيران. الهجوم الإيراني الأخير يقف بين قطبين متباعدين كثيراً ، اذا ما سيصب في تمام الرغبة الخمينية باعتلاء اتباع الحكم في بغداد. او سيطرح مرة واحدة كل المبررات التي تم تجاهلها سابقاً لايقاف الحرب والتفاوض مع عصابة البعث".[ص27]
ثم بدأ ينوه بمشروع أمريكا في العراق ، مجيباً فيصل عبد الله برسالة له في 27/أيار/ 1984م، فيقول:" وتستقبل منفى آخر لن يعيد في آخر الأمر للمنفي كرامته، ولا يشفي الصدر من غصة الوطن..(عيني على وطني!)، حسناً ليحترق المنفى .. المنفى ، فذلك آخر الحلول وثمة أشياء خضراء لا تقبل الاحتراق أبداً، أشياء فيها سر الانتماء. ماذا عن مشروع أمريكا، هل هو ناضج ومهيأ للدرجة التي فهمتها في سطور رسالتك القصيرة ؟".[ص52]
ويبدو ان ثمة متغيرات في موقفه كما تشير إلى ذلك رسالته في 6/شباط/ 1987م، بعد ان طالت الحرب ،وكان يأمل ان يسقط الإيرانيين العراق في هذه الحرب، فصار يخشى من المتغيرات التي قد تؤدي بالوطن وأهله، الى الهاوية؛ نتيجة ضعف الاتحاد السوفيتي ،وبروز الولايات المتحدة الأمريكية كقوة عالمية مهيمنة على مقدرات العالم، فكان يقول:" والمستجدات وخصوصاً ضلوع الغرب وأمريكا في هذه المذبحة وطبيعة النظامين المتحاربين،إن الاستدلال على مستقبل الوضع صعب جداً".[ص62]
مشيراً الى ان الوضع المستعصي وقسوة الصراع واستفحال التناقضات أفقده قوة الرؤية التنبوئية. وفي رسالة له إلى فيصل بعد الضربات الكبيرة التي تلقاها العراق في حرب الكويت مستهل عام 1991م، يقول بفرح غامر:" ان العراق قد انتهى وكذلك المنفى ولا أحد منا كان ينتظر هذا الافتراق.. ولا أحد كان يريده: من كان يتوقع ان "يموت"العراق ويبقى أبناؤه المنفيون أحياء يرزقون؟
إنني لا استطيع ان أغالب شعوري بأن اللحظة قد حانت أو أوشكت ان تحين للعودة، وانا أريد أن أكون من أوائل العائدين: ان الشوق صار اكبر مني وأقوى ، شوق الى القليل الذي سيبقى او الى اللاشيء! شوق لاكتشاف هويتي التي ألبست في أعوام الصمت الرصاصي، شوق إلى رؤية أمي... وكلهم واحداً واحداً.. شوق غريزي أغالب فيه شعوراً هائلاً بالفقدان".[ص94]
وهذا يعبر عن التباس الفصل بين الحاكم والوطن والشعب،واعتقد بأنه بالرغم من ثقافته الماركسية مازال يفكر بطريقة قبلية في الفصل بين هذه المسميات.



#قيس_كاظم_الجنابي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اتجاهات نقد السرد العراقي
- مائة ليلة وليلة.. وأصول الليالي العربية
- يوميات نسوية في رواية (سمعت كل شيء)
- علي بابا والخيانة المضادة
- المحجر.. المكان والموقف
- صندوق الغائب *قراءة جديدة في قصص(المملكة السوداء)*
- المقالة الأدبية وحكاية (الرجل الفسيل)
- المفارقة في حكايات (الفاشوش في حُكم قراقوش)
- شعرية الخيانة في كتاب (مخاطبات الوزراء السبعة)
- ذكريات مؤجلة في (الرحلة الناقصة)
- السرد والمقام في كتاب (العبرة الشافية والفكرة الوافية)
- هل كانت قصيدة النثر سومرية..؟
- شعرية التزوير في حكايتين عربيتين
- ذكريات سياسية في كتاب (مقتطفات من الذاكرة)
- بنية التوقيع في قصائد : اكليل موسيقى على جثة بيانو - للشاعر ...


المزيد.....




- “استقبلها الان” تردد قناة الفجر الجزائرية لمتابعة مسلسل قيام ...
- مونيا بن فغول: لماذا تراجعت الممثلة الجزائرية عن دفاعها عن ت ...
- المؤسس عثمان 159 مترجمة.. قيامة عثمان الحلقة 159 الموسم الخا ...
- آل الشيخ يكشف عن اتفاقية بين -موسم الرياض- واتحاد -UFC- للفن ...
- -طقوس شيطانية وسحر وتعري- في مسابقة -يوروفيجن- تثير غضب المت ...
- الحرب على غزة تلقي بظلالها على انطلاق مسابقة يوروفجين للأغني ...
- أخلاقيات ثقافية وآفاق زمنية.. تباين تصورات الغد بين معمار ال ...
- المدارس العتيقة في المغرب.. منارات علمية تنهل من عبق التاريخ ...
- تردد قناة بطوط كيدز الجديد 2024 على نايل سات أفلام وأغاني لل ...
- مصر.. نسرين طافش تصالح بـ-4 ملايين جنيه-


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - قيس كاظم الجنابي - كامل شياع.. ورسائل من دفتر المنفى