أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحة والسلامة الجسدية والنفسية - فاروق عطية - لماذا يحب القط خناقه















المزيد.....

لماذا يحب القط خناقه


فاروق عطية

الحوار المتمدن-العدد: 7708 - 2023 / 8 / 19 - 07:55
المحور: الصحة والسلامة الجسدية والنفسية
    


إتصل بي قارئ ليعرض علي مشكلته وقال: أحببتها حبا جما وكنت لها مخلصا وعاملتها بمنتهي الرقة والكياسة، لكنها تمردت وانفصلنا دون سبب واضح، وهي الآن واقعة في حب آخر. رجل جلف يعاملها معاملة سيئة، يتعمد إهانتها والتصغير من شأنها وحين تبدي امتعاضا يخرسها ببعض الهدايا. يهينها بمغازلة النساء في حضورها وأمام الكافة مهما كان لونهن أو عمرهن، يغازلهن بأعذب كلمات الغزل ونظرات تنم عن رغبة جنسية متوحشة، وهي بجواره كأنها غير موجودة.
بالأمس كانا في مكان عام فجأة قام وتركها جالسة وانصرف دون حتي أن يلقي عليها التفاتة أو حتي ينظر تجاهها أو يقول كلمة وداع، فملأ الحزن الشديد وجهها. وفي صباح اليوم التالي وكانت بين مجموعة من الأصدقاء في انتظار الحافلة لرحلة ترفيهية، كانت حزينة ملتاعه شبه باكيه، وفحأة ظهر حبيبها قادما فشبت واقفة متهللة فرحى وكادت أن تلقي بنفسها بين ذراعيه لكنه فقط وقف إلي جوارها صامتا كأن شيئا بالأمس لم يحدث.
قلت له: واضح من حديثك عنها أنها سيدة مازوخية التقت في النهاية مع شخص سادي، حدث بينهما تفاعل إيجابي. وكي أوضج لك الصورة باختصار: المازوخية هي مرض نفسي يجعل المريض يعشق أن يكون مهانا ومستعبدا وذليلا لمن يحبه، يستجيب لحبيب يهين كرامته ويعذبه بدنيا ونفسيا وجنسيا، وبالتالي يرفض حبيبا يعامله بالحسنى ويفضل إحاطة نفسه بمن يغذي رغبته في الإهانة والتعذيب، بل يضحي من أجلهم لأنهم يشعرونه بأنه مظلوم ومضطهد. ولا يتضح سر انجذاب الشخص لمن يؤذيه إلا بمراجعة شاملة لتاريخ طفولته والتاريخ الوراثي لأمراض اضطرابات الشخصية في العائلة. فتلقي الإهانات وفرض الطاعة في الطفولة والتعرض لأذى جسدي وجنسي متهمان رئيسيان في تطوير الشخصية المازوخية مع سعي الأبوين للسيطرة على الطفل بشكل مفرط فيتعود على التكفير عن أخطائه لا بالإعتذار بل بالانكسار والإذلال الجسدي والنفسي.
والسادية تعني اكتساب المتعة من رؤية الآخرين يقاسون الألم أو عدم الراحة. وتتميز شخصيات المصابون بالسادية بالقسوة والعدوان المتكرر، كما يمكن أن تشمل استخدم القسوة العاطفية والتلاعب بالآخرين وذلك من خلال استخدام التخويف والعنف. يعبّر الساديون عن السلوكيات الاجتماعية العدوانية والتمتع بإهانة الآخرين من أجل الشعور بالقوة أو السيطرة أو حماية النظام. ولا يصاب الكبار فحسب بهذا المرض بل قد يحدث في إحدى مراحل الطفولة أوالمراهقة. تعتمد السادية أساسا على تنشئة الفرد في الأسرة، كما يصاب بها الذكور أكثر من الإناث. الأشخاص المصابون بالسادية في كثير من الأحيان يكون لديهم أقارب مصابون بأحد أنواع الاضطراب النفسي أيضا. ويعتقد أن التجارب السلبية خلال مرحلة الطفولة أو النمو الجنسي في المراحل المبكرة قد تكون أحد العوامل الرئيسية التي تُسهم في تنمية الشخصية السادية لدى الفرد. كما لوحظ أن الشخصية السادية يمكن أن تتطور أيضا في الفرد من خلال شروط. على سبيل المثال، التواصل المستمر مع مثير محدد كالمتعة الجنسية أو الاستمتاع بعذاب الاخرين يسبب بما يدعى بالسادية أو السادومازوخية. باختصار يستعمل هذا المصطلح لوصف اللذة الجنسية والنشوة التي يتم الوصول إليها عن طريق إلحاق أذى جسدي أو معاناة أو تعذيب من قبل طرف على طرف آخر مرتبطين بعلاقة، يتلذذ بالحصول على المتعة من خلال ألم ومعاناة الآخرين ورؤيتهم يتعذبون ويقاسون اللوعة والألم وعدم الراحة الجسدية والنفسية والجنسية أيضا.
يا صديقي لا تتحامل علي من كنت تحبها والتمس لها العذر، ربما تعرضت في طفولتها لسوء معاملة في الأسرة أو المدرسة، أو ربما تعرضت في مراهقتها وصباها لاغتصاب أو حب فاشل مهين ترك بصماته عليها فصارت مازوخية. لقد صدق الوعي الشعبي حين قالوا في الأمثال أن القط يحب خناقه، بهذا التعبير البسيط عبّر المخزون الشعبي عما عناه علم النفس عن العلاقة بين المازوخي والسادي بصورة مبسّطة. إن كنت مازلت علي صلة بها حاول إقناعها بالذهاب لطبيب نفسي لتعالج نفسها وتعود لصوابها كإنسانة عادية ولك الثواب من رب العباد.
المازوخية والسادية كأمراض نفسية ليست مقتصرة علي الأفراد، بل هي شديدة الوضوح بين الشعوب أيضا. يفول العرب أن أهل مكة أدرى بشعابها، وأنا لا أحب أن أخوض في شعاب مكة أو غيرها من بلدان العرب أو غير العرب، لذا سأتحدث عن المازوخية المصرية وما تعانيه من سادية الساديين تنفيذا للقول أن أهل مصر أدري بشعابها.
يحدثنا التاريخ بأن كميت (إسم مصر الفرعوني) كانت مهد الحضارة أو كما يقولون الآن أن مصر أم لدنيا. وحين وهنت وضعفت وانكسرت هيبتها غزاها اليونانيين ثم الرومان وبعدهم العرب بدو الصحراء الحفاة الذين أهانوها وأذلوها وسبوا أبناءها واغتصبوا تسائها وفرضوا علي أهلها الجزية أن يدفعونها وهم صاغرين حتي لو اعتنقوا دينهم الجديد. وتعاقبت عليها كوارث الُمذلين من أمويين وعباسيين ومماليك وعثمانيين، تكالبوا عليها دون رحمة حتي أنسوها تاريخها ولغتها وأصبحت بعد أن تحولت من دولة كانت تسود العالم وتنشر فيه العدل والحرية إلى ولاية مستباحة لا حول لها ولا قوة. كل هذه المحن الجسام أدي لتقوقع شعبها وترسخت لديه المهانة أمام الطغيان وأصيبت بالمازوخية. استعذبت أن تكون ذليلة لدرجة أنها تصف اجتياحها وغزوها بالفتح ومقاومين غزوها بالكفر والغازين بالسادة الفاتحين. وصار البدو الحفاة الذين لا تاريخ لهم إلا التفاخر بأشعار البطولات الوهمية وبكائيات اللوعات الغرامية ورعي الغنم وحدو الإبل، صارو يشعرون بالقوة والقدرة علي دحر من كانوا أسيدا لهم وصاروا عبيدهم، وهذا التحول أصابهم بالسادية المفرطة فاستعذبوها.
حتي في أيامنا هذه التي نعيشها مازال الأقباط مصابون بالمازوخية. وللتوضيح كلمة أقباط لا تخص دينا بل تخص قومية تعني المصريين. المسلمون وهم الأغلبية (حوالي 80%) هم ألأقباط المسلمون، والمسيحيون هم الأقلية (حوالي %20) وهم لأأقباط المسيحيون. كان الأقباط جميعا قد تخلصوا من التمييز الديني منذ حكم محمد على باشا (1805م) الذي قضي علي الكثير من مظاهر التفرقة والتمييز الديني التي كانت سائدة قبله وعمد إلى تطبيق المساواة بين الجميع في الحقوق والواجبات. بعد وفاة محمد علي استمر أبناؤه وأحفاده على هذا النهج وأكثرهم عدلا كان سعيد باشا (1854-1863م) إذ طبق علي الأقباط المسيحيين قانون الخدمة العسكرية وأنهي الجزية تماما. وفي عصر الخديوي اسماعيل باشا (1863-1878م) سمح للأقباط المسيحيين بالترشح لانتخابات مجلس الشورى وتم تعيين عدد منهم قضاة بالمحاكم. وخلال العهد الملكي ( فؤاد وفاروق) تم تعيين قطبين أقباط مسيحيين في منصب رئيس الوراء ولم يحدث هذا بعد ذلك مطلقا. أولهما هو بطرس غالي باشا وثانيهما يوسف وهبه باشا.
أما بعد حركة ضباط يوليو تغير الوضع للأسوأ خاصة في عهد الرئيس المؤمن أنور السادات الذي غذّا التفرقة الدينية بين نسيج الأمة بمساعدة الوهابية السعودية وبتحريض أمريكي فعاد الأقباط المسلمين (خاصة الأخوان المسلمين) لساديتهم وتقوقع الأقباط المسيحيين قي كنائسهم. وبدأنا مواسم الاضطهاد الديني وخطف النساء والفتيات القاصرات وأسلمتهن. وبدلا من المقاومة والتصدي استكان المسيحيون للمازوخية وإظهارهم المبالغ فيه للود والمحبة للساديين المسلمين.
حتى الأقثاط المسلمين خاصة من ذهب منهم لدول الخليج بحثا عن الرزق خصوصا بعد تكسة 1967م، مارس الأخوة العرب ساديتهم عليهم بأسوأ المعاملات، باحنفاظ الكفيل ببسبور من يعمل لديه ومعاملته كحيوان وللأسف بدلا من الاعتراض استكانوا وقبلوا الوضع المهين تحت ضغط الحاجة والحصول على لقمة العيش واستعذبوا المازوخية اللعينة.



#فاروق_عطية (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحب في زمن المادية:
- الجمهورية الثالثة، الرئيس المؤمن: 7، ثورة التصحيح والاستعداد ...
- العلاقة بين الأنف العلوي والأنف السفلي
- أيام وذكريات لم ولن يمحها الزمن
- الجمهورية الثالثة، الرئيس المؤمن: 6- الصراع مع مراكز القوى
- الجمهورية الثالثة، الرئيس المؤمن: 5 الطريق لكرسي الرياسة
- المصاري يا بنداري:
- الجمهورية الثالثة-الرئيس المؤمن: 4- في الفترة الناصرية
- الحمهورية الثالثة-الرئيس المؤمن: 3- تنظيم الضباط الأحرار
- الجمهورية الثالثة-الرئيس المؤمن: 2- السنكحة
- الجمهوربة الثالثة - الرئيس المؤمن 1- نشأته
- في ذكري المغفور له الحنيه المصر الذي انتحر
- أخطاء ومساوئ فترة الحكم الناصري: -2
- مركز شباب كفر الهنادوة:
- أخطاء ومساوئ فترة الحكم الناصري: -1
- وفاة جمال عبد الناصر:
- عبد الناصر والديمقراطية:
- عبد الناصر وحرية الصحافة:
- كفر الهنادوة ومشكلة اوكرانيا:
- جمال عبد الناصر رئيس الجمهورية الثانية: (الجزء الحادي عشر)


المزيد.....




- السفير التايلاندي في المغرب يكشف تفاصيل جديدة بشأن -القضية ا ...
- الصين والمجر تخططان لعقد 18 اتفاقا في مجال التجارة والصناعة ...
- شاهد: 14 جريحًا في هجوم صاروخي روسي على خاركيف في عيد الفصح ...
- ألمانيا تقاطع وفرنسا تشارك .. انقسام غربي حول تنصيب بوتين
- -إخلاء رفح غير مقبول-.. تحذيرات غربية من هجوم إسرائيلي وشيك ...
- أنطونوف يدعو واشنطن إلى إعادة النظر في خطابها العدواني تجاه ...
- -الصوت لن يخفت والكاميرا لن تكسر-.. إعلاميون على الحدود اللب ...
- مسؤول أمريكي: الجيش الإسرائيلي أسقط 40% من طائراته المسيرة ع ...
- السعودية تطالب المجتمع الدولي بالتدخل لوقف استهداف إسرائيل ل ...
- -حماس- تكشف تفاصيل ما وافقت عليه ضمن المقترح المصري القطري ...


المزيد.....

- الجِنْس خَارج الزَّواج (2/2) / عبد الرحمان النوضة
- الجِنْس خَارج الزَّواج (1/2) / عبد الرحمان النوضة
- دفتر النشاط الخاص بمتلازمة داون / محمد عبد الكريم يوسف
- الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (مقدمة) مقدمة الكتاب / محمد عبد الكريم يوسف
- الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (3) ، الطريق المتواضع و إخراج ... / محمد عبد الكريم يوسف
- ثمانون عاما بلا دواءٍ أو علاج / توفيق أبو شومر
- كأس من عصير الأيام ، الجزء الثالث / محمد عبد الكريم يوسف
- كأس من عصير الأيام الجزء الثاني / محمد عبد الكريم يوسف
- ثلاث مقاربات حول الرأسمالية والصحة النفسية / سعيد العليمى
- الشجرة الارجوانيّة / بتول الفارس


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحة والسلامة الجسدية والنفسية - فاروق عطية - لماذا يحب القط خناقه