أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نهاد ابو غوش - كل هذا الحديث الإسرائيلي عن حرب أهلية مدمرة















المزيد.....

كل هذا الحديث الإسرائيلي عن حرب أهلية مدمرة


نهاد ابو غوش
(Nihad Abughosh)


الحوار المتمدن-العدد: 7705 - 2023 / 8 / 16 - 10:21
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


نهاد أبو غوش
على امتداد خمسة وسبعين عاما، حافظت إسرائيل على وحدتها ووحدة مؤسساتها، وبخاصة العسكرية والأمنية والرسمية خلال كل الحروب التي خاضتها ضد العرب، كان ذلك من أبرز شروط الفوز أو الحفاظ على الذات كحد أدنى، وتلافي الهزيمة الماحقة لأن ثمة قناعة راسخة في أوساط الإسرائيليين بأن الهزيمة الأولى ستكون الأخيرة، بحيث لن تقوم لهذه الدولة الغريبة عن محيطها، والمطوّقة بالأعداء من كل جانب أي قائمة في حال تعرضها لهزيمة.
لا تخلو إسرائيل من صراعات المصالح والتناقضات الاجتماعية والسياسية والفكرية، بل على العكس، هي حاضرة وعميقة وتعكس نفسها في مختلف جوانب الحياة الإسرائيلية بدءا من أماكن السكن المقسمة حسب الأعراق والمذاهب والأصول، مرورا بلغة البيت والشارع والثقافة التي يُربّى عليها الأولاد، وصولا للحزب الذي تنتخبه التجمعات السكانية المتباينة والمجاميع العرقية والمذهبية، لكن هذه الخلافات كافة تُطوى في أيام الحرب، وقد اعتادت إسرائيل أن تتحد، مُكرهة أو راغبة لكي تتمكن من مواجهة أعدائها.
مع وصول اليمين واليمين المتطرف بزعامة بنيامين نتنياهو للحكم في اواخر العام 2022 بتنا نسمة نغمة التحذير من حرب أهلية وشيكة في كل يوم تقريبا. في مقالات الرأي والتحقيقات والبرامج الحوارية، وفي محطات التلفزيون وعلى وسائل التواصل الاجتماعي. ولا تصدر هذه التحذيرات فقط عن مفكرين وكتاب يغلب التشاؤوم على إنتاجهم، ولا عن قارئي المستقبل ومنجمين من رجال الدين، بل عن قادة سياسيين وعسكريين، أي عن رؤساء وزراء سابقين وقادة الجيش والأسلحة الرئيسية والأجهزة الأمنية فضلا عن قادة الاحتجاجات الجماهيرية التي تعصف بإسرائيل منذ مطلع العام 2023.
لو عدنا قليلا إلى الوراء لوجدنا صدى هذه التحذيرات يتردد في الدوائر الأكاديمية ومراكز الدراسات الاستراتيجية، وتحديدا في مؤتمر الأمن القومي الذي يعقد في مدينة هرتسليا كل عام، ويبحث في التهديدات الأمنية الوجودية الداخلية والخارجية التي تواجه إسرائيل كالخطر النووي الإيراني والخطر الديمغرافي الفلسطيني، إلىى جانب التناقضات الداخلية الإسرائيلية. ومع أزمة عدم الاستقرار التي واجهها النظام السياسي الإسرائيلي مؤخرا والتي تجسدت بإجراء خمس دورات انتخابية خلال أربع سنوات بين العامين 2019 و2022 ، بدأت التحذيرات من خطر الحرب الأهلية تخرج إلى العلن ولعل أبرزها كان ذاك الذي أطلقه رئيس الوزراء السبق إيهود باراك عبر مقال شهير نشرته "يديعوت أحرونوت" في مايو 2022 عرف بمقال "لعنة العقد الثامن" وفيه يحذر باراك من المصير الذي عرفته دولتان يهوديتان قديمتان في التاريخ هما دولة الملك داود ودولة "الحشمونائيم" وهما أطول دولتين عمّرتا في تاريخ اليهود، لكنهما عرفتا الطريق إلى الانهيار والخراب في عقدهما الثامن بسبب صراعات داخلية تناحرية، أي بسبب "حرب الأخوة" وهي كناية عبرية عن الحرب الأهلية.
لم يكن ما جاء به باراك مجرد نبوءة بقدر ما كان صرخة لكبح اندفاع اليمين الإسرائيلي المتطرف، وربط ما كان منتشرا لدى بعض العرافين الناشطين في الأوساط الدينية المتزمتة من خزعبلات وثقافة شعبية منتشرة في بعض أوساط اليهود الشرقيين، بالتحليلات الواقعية والموضوعية الحديثة التي ترصد التغيرات في المجتمع وعناصر ضعفه وقوته وتماسكه وانقساماته. كان واضحا أن تغيرات عميقة أصابت المجتمع الإسرائيلي الناشئ بعد فشل "بوتقة الصهر" التي نظّر لها دافيد بن غوريون في الخمسينات، ثم أثر الاحتلال الإسرائيلي المديد للأراضي الفلسطيني والتحكم بحياة الشعب الفلسطيني وقمع طموحاته الوطنية إلى وصول اليمين للحكم في العام 1977 واستقرار هذا الحكم في العقدين الأخيرين، وتراجع قيم العمل الاجتماعي والمبادرة التي أرساها مؤسسو المشروع الصهيوني ورافقت تجربة الكيبوتس لتحل معها قيم الفردية وحرية السوق المقترنة بمشاعر التفوق العرقي والتطرف.
حتى بنيامين نتينياهو التفت لما يدور من نقاشات حول نهاية إسرائيل قبل اكتمال عقدها الثامن، فوعد في العام 2017 وبما يشبه البرنامج الانتخابي، بأن يتجاوز هذه العقدة، وأن يقود إسرائيل إلى مزيد من الرخاء والتقدم والعمر الطويل ويعزز مكانتها الدولية والإقليمية، فكان هذا الزعيم اليميني بالتحديد هو الذي أدخل إسرائيل في هذه الأزمة العاصفة التي اطلقت كل الهواجس والمخاوف الكامنة.
ولأن الأزمة الحالية في إسرائيل لا ترتبط بخلافات فقهية حول القانون والديمقراطية ولا بمجرد تعديلات قضائية، بل إن هذه الأخيرة ليست سوى بداية تحكُّم قوى اليمين والفاشية الجديدة بكل مفاصل الدولة. فالتغييرات القضائية ستتبعها تغييرات تطاول النظام الاقتصادي وتعيينات كبار المسؤولين، وتسييس أجهزة الدولة بما فيها الشرطة والأجهزة الأمنية، وسوف تقلص مساحات حرية التعبير والهوامش المتاحة ل"الديمقراطية اليهودية"، ثم سينتقل الأمر للحريات الشخصية والمدنية وصولا إلى محاولات فرض نوع من الإكراه الديني على الحياة العامة ومناهج التعليم، وفي المحصلة ستضعف هذه التغييرات كل أركان القوة التي توفرت لإسرائيل، وكل ذك سيؤدي إلى إضعاف ثقة شرائح واسعة بالدولة والجيش، وتشجيع الهجرة العكسية وتأجيج التوترات الاجتماعية والإثنية.
مع إصرار الحكومة على المضي في إجراءاتها للانقلاب على القضاء، وتجاهل النداءات ودعوات الحوار والتوافق، تجددت التحذيرات من خطر الانجراف إلى حرب أهلية، وقد صدرت عن مسؤولين كبار لا يمكن التشكيك في أنهم يطلقون الكلام على عواهنه، أو في مدى اطلاعهم على حقائق المشهد الأمني والسياسي والاجتماعي، من هؤلاء رئيسا الوزراء السابقان إيهود اولمرت، ويائير لابيد، ووزراء دفاع وخارجية سابقون أمثال بيني غانتس وغابي أشكنازي وأفيغدور ليبرمان، وقادة أجهزة أمنية وبخاصة الشاباك والموساد مثل نداف أرغمان وتامير باردو. هذه التحذيرات المتكررة انتقلت سريعا إلى مخاوف الجمهور وفق استطلاعات الرأي التي باتت تظهر خشية الأغلبية من انزلاق إسرائيل نحو حرب اهلية (57% بحسب استطلاع لصحيفة معاريف، وبين 63% إلى 67% في استطلاعات القناتين الثانية عشرة والثالثة عشرة مع ضرورة التنويه إلى أن هذه الاستطلاعات في حد ذاتها متأثرة بالمواقف من التعديلات القضائية، حيث أن ناخبي اليمين هم الأقل تخوفا من الحرب الأهلية). ويذهب محلل سياسي إسرائيلي بارز هو أمنون أبراموفيتش إلى أن الحرب الأهلية في إسرائيل بدأت منذ وقت طويل، أي منذ تشرين الثاني 1995 عند اغتيال رئيس الوزراء اسحق رابين على يد المتطرف اليميني يغئال عامير. وهي تتجدد الآن من خلال عنف الشرطة والتهديدات المتبادلة بين الكتل الاجتماعية المتنافرة كالتلويح بتحشيد التشكيلات الميليشوية للمستوطنين وزجها في صراع الشوارع، أو الاستقواء بكتل جماهيرية معروفة بعنفها مثل جماعة "لا فايميليا" التي هي اساسا التراس الفريق العنصري بيتار القدس. وعلى الرغم من كل هذه الأجواء المحتقنة والقابلة للانفجار، من الصعب توقع خروج هذا الوضع عن السيطرة في الأفق المنظور ، كأن نشهد اشتباكات شوارع ومتاريس كما عهدنا في العالم الثالث، حيث ما زال الجيش الإسرائيلي موحدا وقادرا على التدخل لضبط الأوضاع، وثمة بالأساس الخيارات المدنية المتاحة ومن بينها قرار المحكمة العليا التي ستبدأ في 12 سبتمبر المقبل النظر في الالتماسات حول التعديلات القضائية. ثم هناك بالطبع ما يمكن تسميته " الدولة العميقة" التي تمثل شبكة المصالح والقوى المسيطرة فعليا على الدولة والتي لا يمكن أن تسمح لمجموعة أو لفرد كائنا من كان بجرّ الدولة إلى انتحار جماعي وخراب الهيكل الثالث.



#نهاد_ابو_غوش (هاشتاغ)       Nihad_Abughosh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عنف المستوطنين كجزء من منظومة القمع والهيمنة لدولة الاحتلال ...
- عنف المستوطنين كجزء من منظومة القمع والهيمنة لدولة الاحتلال ...
- عنف المستوطنين جزء من منظومة القمع والهيمنة لدولة الاحتلال ( ...
- تقاعد المحافظين والتفسيرات السلبية
- بعد خيبة العلمين نحتاج إلى مشروع إنقاذ
- الانقسام والاستبداد والفساد تقود للتكيف مع أهداف الاحتلال
- الوحش الذي ربّته إسرائيل ينقلب عليها
- توقعات متواضعة ونتائج أكثر تواضعا لاجتماع الأمناء العامين
- انفلات الفاشية الإسرائيلية
- الفاشية الإسرائيلية تتحرر من الكوابح التي تفرمل سياساتها الع ...
- لقاء الفرصة الأخيرة
- تقويض السلطة ومزاعم دعمها
- ريما وخالد نزال: حب فلسطيني تترصده فرق الاغتيال
- جمدوا خلافاتكم وتعالوا إلى كلمة سواء
- صمود مقاومي مخيم جنين نموذج للجيل الناشئ
- محاولة تحطيم نموذج المقاومة في مخيم جنين
- مواسم الحراكات المطلبية في فلسطين
- ثغرات وفجوات في العمل النقابي في فلسطين
- العجز ليس خيارا سياسيا
- حدود القوة الإسرائيلية وانقلاب الشيء إلى ضده


المزيد.....




- -يديعوت أحرونوت- تتساءل: هل تحالف نتنياهو مع غالانت؟
- نظرية السباغيتي الكونية: ماذا سيحدث لو اقتربنا من ثقب أسود؟ ...
- إسبانيا ترفض استقبال سفينة محملة بالأسلحة متجهة إلى إسرائيل ...
- شاهد: لقطات جديدة لحادث مرعب يُظهر لحظات سبقت تدلي شاحنة من ...
- مقال: الفيزيائيون على بعد خطوة واحدة من -إثبات وجود الرب-
- تحذيرات في إسرائيل من تدهور العلاقات و-انفجار الشعب المصري- ...
- الصحف الغربية تعلق على زيارة بوتين إلى الصين
- -واينت-: سقوط صاروخ بالخطأ من مقاتلة حربية إسرائيلية على مست ...
- هنغاريا تستخدم حق النقض ضد قرار مجلس أوروبا الاعتراف بخطة زي ...
- بيسكوف: إجراءات حماية بوتين بعد محاولة اغتيال فيتسو تظل عند ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نهاد ابو غوش - كل هذا الحديث الإسرائيلي عن حرب أهلية مدمرة