أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - منال أحمد - شعرية الدهشة في ديوان -لا تلومي الوردة لا تأكلي العوسج- لكريم ناصر














المزيد.....

شعرية الدهشة في ديوان -لا تلومي الوردة لا تأكلي العوسج- لكريم ناصر


منال أحمد

الحوار المتمدن-العدد: 7703 - 2023 / 8 / 14 - 04:47
المحور: الادب والفن
    


الطريق إلى وردة الشاعر:

هكذا عنونَ الشاعر كريم ناصر مجموعتة الشعرية " لا تلومي الوردة لا تأكلي العوسج" فالوردة والعوسجة كلمتان ترمزان إلى دلالات عميقة وتشيران إلى رمزية شعرية تجعله متفرّداً بلغته عن باقي أقرانه، كل ذلك ليدفع القارئ ويحضّه على الاستشراف ليجرف الثلوج قبل أن يصل إلى المعنى الحقيقي. إنّ سيكولوجية الشاعر المأخوذة بالحروب والدماء، بالموت والنفي، بالوحدة المؤطرة بانتظار أرض جديدة لم تعفه من أن يقتحم ملذات الحب وجماله من أن يزجره، ينادية، يحلم به، ويذكر تفاصيل تلك اللحظة المتفجرة بحسب أوكتافيو باث.
اللغة = المفارقة والبحث عن الدهشة
الأسلوب = الابتكار والخروج عن المألوف
الصورة الشعرية = المجاز والاستعارات
الخلق الجمالي = الرمزية المشفرة والوعي باللغة

والحقيقة أنّ القصيدة عند كريم ناصر فهم جوهري، فالصورة الشعرية في عرفه تعتمد على قوّة الخيال الذي يخلق تجانساً صورياً فذّاً. فليست التراكيب الشعرية حصراً تولد العمل الشعري بل الأسلوب المبتكر هو الذي يخلق الشعر ويستجلب الدهشة وما يليها من لذاذة ومتعة ورفعة، بعد كل هذا لن يكون هناك تحوّل في بنية اللغة من دون مغامرة ليعمل على انتاج الأشكال كما قال ذلك الشاعر في إحدى حواراته، حيث إنّ حساسية الشاعر المرهفة بالأشياء مكنته من أن يكون مغامراً ليخوض غمار تجربة صعبة جعتله بدورها قادراً على ترجمة الصورة الشعرية بواسطة إحساسه النافذ الذي ما كان له الّا أن يؤهله في عملية الغوص في الأعماق أو التنبؤ بما يحدث ليخلق من ذلك قوّة جبارة مدهشة. فالبحث في أدغال الروح والاستقاء من اللغة والتوغل في عالم المعرفة ذلك إنما للكشف عن أعماق الوجود الانساني المتفرد، انطلاقاً من منهج رصين وحرص لامنتاه وضعاه أمام مسؤولية كبيرة ليقدم مادة جوهرية من خلال بؤرة شعرية مزلزلة، وإلّا فكيف للحيات والطيور والتنانين والأزهار أن تنمو في عالم جديد غريب من غير شعرية يعيد فيها الهدم ويشكله وفق ما يريد لتحقق المتعة والتأثير والتلقّي إنها شعرية الدهشة بسماتها الناصعة.

ففي قصيدة "أرثي الطبيعة لأغنم أيائلك" يخبرنا الشاعر أن تلك الخميلة النضرة التي تعادل الطبيعة أو تكاد تتفوق عليها هي لحظة الانبهار والمتعة في الحياة التي تزدان بوجود هذه اللذه والتي تشهد ولادة الفرح والغطس بعيداً عن المعتاد من الحياة العادية فالشاعر مأخوذ باصطياده لهذه الفراشة:
"يا ليتني اصطدت فراشةٍ،
كعاشقٍ يرسم كوكباً على سجادة"
ما معنى كلّ هذا إذا لم يعرق العصفور ويجد مكاناً ينفض فيه زغبة:
"ما معنى أن يعرق عصفورٌ ولا ينفض زغبة؟
ما معنى أن ينط نمٌر ناقص النمو؟
أنا
الذي نفض من جسمك الوبر"
وأيضاً:
"تمنيت لو تتمغط الشمس كفرس،
تمنيت لو ينقض الباشق على الحيات
لعل الطائر يقلد الكنغر"

هذه الأمنيات هذه الأحلام تتربص بالشاعر فتلكز ذاكرته لذلك فأننا نراه يرغب في أن يتسلق جذع الشجرة ليطليه بالذهب، فهل عليها بعد ذلك أن تلوم هذا العطر والجمال لتأكل العلقم:
"لا تلومي الوردة، لاتأكلي العوسج
فلا تحمل يدي ورداً ذابلاً
لا تقطعي روحي"
أمسى شحرور كريم ناصر الحدث الأغر يوم أطلقة معلناً عن مغامرته تارة وأخرى عن رغبتة في أنفاق الصل حتى يسمع الطائر موسيقى قطنية تعلوه، وكعادة الشاعر تحتل كائناته مكانتها الطبيعية الذي أفسح لها المجال لتحقق أحلامه ورؤاه، فالرمزية الغارقة في مخلوقاته دلالة على تفرد عالمه الغامض الممتد إلى أبعد ما يتخيلة العقل، وإلّا فكيف لصلٍّ أن يمسك بالطائر:
"فلن أرضى حتى ينفق الصلِ،
هنا
يسمعُ الطائر الموسيقى كأفوافِ الضوء"

تحطيم النمط:

هكذا عمدت أيروتكيته الشاعر إلى تحقيق ذاتها الشعرية التي تغدق بأصناف الشهقات وتكافح على أن تتنوع لتحطيم القديم، فمياه الأيكة مشفوعة بوردة الأمل بسمكة لم تلبث بالبحيرة، بتفضيلة لهذه الريح التي انتوت وفاضت بالمياه بروضة تنغلق على قلم:
"حلمت بحديقةٍ وأريكة،
تلك الروضة، وذلك النبع، وهذا القلم: قراطيس تُلول..
هاهي ذي المرأة تتلعُ- تلمعُ- تحت العريشة"

نستخلص من هذا أنّ المعنى المبطن بالصورة الرمزية تجعلنا نقف مشدوهين أمام شعرية تنهل من جماليات اللغة نفسها. فالقارئ الذي يستهويه الشعر ويكون مستعداً للمغامرة في قرارة نصوص الشاعر كريم ناصر عليه أن يحلل الكلمة مراراً قبل أن يصل إلى محتواها الأصلي. فالكتاب والفراشة والتمثال صور تجمع بين الجمال والدهشة بين اللذة والمتعة، فأشعار كريم تحمل رؤية متفرّدة وشكلاً شعرياً جديداً أشعار تحاكي الوجود لتلغي كل الأزمنة بقوة التحدي المسكون بالجمال، ومثلما يحاكي التمثال والفراشة يحاكي الغرنوق الذي يغوي الحسناء بإيقاع توهجه، برقصه الذي يسدل فيه الستائر فيما بعد. فمخلوق كريم الأسطوري يغوي ويكافح ليلتهم الظلام:
"لو تضع الكتاب بين يدي التمثال مثلاً،
فتقعد القرفصاء لتحلم بالحمام،
لو تتدلّى الفراشة من الفم،
لترقش أزرار قميصها"

هذا الانزياح اللغوي المفعم بالتجدد والتجديد هذا التفجر في الوجدان الذي يجعل القارئ يتشظى أمام هذه المخيلة المتفجرة بالدهشة والاستفزازية:
"أعرف فضائلك من حبات العرق..
آهٍ يا قلب السمكة"
إنه يرمي بهامته كعاصفة، يرمم خياله في حديقة ليغنم فاكهتها، إنه يغرس مفردته كما يغرس شجرة في واحة لا وجود للتكرار فيها، فمروجه مجنحة تظهر بأشكال متعددة، إننا أمام مدرسة شعرية لا تشبه إلّا مدرسة كريم ناصر الذي يحمل كائناته ويمضي بها إلى رمزية فسفورية لا تنفتح إلا في رأس يتضور جوعاً لاكتشاف لغة جديدة في قارة كريمة بتنوع أزهارها وجمالها، هكذا فالشعر خلق زمنه الخاص به وحده.



#منال_أحمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سيمياء الشعر والرؤية الجمالية: -لن أطوي عمري على مغزل- لكريم ...
- العراقي كريم ناصر في ديوانه «يا فضائي لا أريد إفناءك»: لغة ر ...
- مياه الحب
- عودة البرابرة
- عودة الكفاءات ام خيبة امل الكفاءات
- أمواتنا أحياء يسيرون
- ما بعد الفنتازيا
- طريق الرمل
- بيت الأفاعي
- زهر الخزف
- من أين تعبر الآن؟
- لمن كان يتحدّث النهر؟
- ذلك ما يلي غيابك
- نعبر البحر بلا قارب
- سفر لن ينتهي
- الليل رفيق رحلتي الدائم
- أفكار
- الساعة الكبرى
- إسمي العراق
- ماء الورد


المزيد.....




- دق الباب.. اغنية أنثى السنجاب للأطفال الجديدة شغليها لعيالك ...
- بعد أنباء -إصابته بالسرطان-.. مدير أعمال الفنان محمد عبده يك ...
- شارك بـ-تيتانيك- و-سيد الخواتم-.. رحيل الممثل البريطاني برنا ...
- برنامج -عن السينما- يعود إلى منصة الجزيرة 360
- مسلسل المتوحش الحلقه 32 مترجمة بجودة عالية قصة عشق
- -الكتابة البصرية في الفن المعاصر-كتاب جديد للمغربي شرف الدين ...
- معرض الرباط للنشر والكتاب ينطلق الخميس و-يونيسكو-ضيف شرف 
- 865 ألف جنيه في 24 ساعة.. فيلم شقو يحقق أعلى إيرادات بطولة ع ...
- -شفرة الموحدين- سر صمود بنايات تاريخية في وجه زلزال الحوز
- من هو الشاعر والأمير السعودي بدر بن عبد المحسن؟


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - منال أحمد - شعرية الدهشة في ديوان -لا تلومي الوردة لا تأكلي العوسج- لكريم ناصر