أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - زينب هانم لطفي … وداعًا














المزيد.....

زينب هانم لطفي … وداعًا


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 7702 - 2023 / 8 / 13 - 11:26
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


الجميلاتُ/ يقفن على أطرافِ أصابعِهنّ/ من وراء سورِ الحديقةِ/ كي يختلسنَ النظرَ إلى الوسيم الذي يُدخّنُ الغليون. ستخطفُ قلبَه بنتٌ/ تتعثّر في جدائلها البنيّة / وفستانِها القصير/ وخَفَرها/ لكنه/ حين يلكزُها بكتفِه/ كأنما دونَ قصدٍ/ سوف ترمقه بنظرةٍ غضوبٍ/ وتمضي/ سارقةً قلبَه/ في خِبائها. سيطيرُ الفتى إلى السماء/ بعدما يترك لها عصفورين آسرين/ يتعلّمان الشدوَ/ فتقفُ على ضفّة النهر تناديه/ كما نادتْ إيزيسُ أوزوريسَ/ وقبل أن تسمع وجيبَه آتيًا من عمقِ الماءْ/ تُلقي على صفحة النهر "حابي" زهرةً حمراءَ/ وتهمس:/ لا تخفن يا بنات مصر/ تلك آخرُ عروسِ نيلٍ/ قربانًا أقدِّمُها/ للنحيل ذي الأنفِ القيصريّ/ الذي أشعل "الشموعَ السوداءَ”/ لكي ينيرَ قلبي.”
 هذا مقطعٌ من قصيدة "عروسُ النيل" التي كتبتُها قبل خمسة عشر عامًا في السيدة الجميلة "زينب لطفي" زوجة مايسترو كرة القدم كابتن "صالح سليم" حين اصطحبتُها إلى القرية الفرعونية للاحتفال بعيد "وفاء النيل". في القرية الفرعونية ألقت "زينب هانم" معنا وردةً حمراء رمزًا لدُمية الجرانيت الأحمر على شكل "عروس النيل" التي كان أجدادنا القدامى يدللون بها النيل.  وكان التمثالُ على هيئة فتاة جميلة تشبه "إيزيس" التي أغرقت بدموعها الوادي حتى صار الوادي نهرًا، حزنًا على فقد زوجها "أوزوريس”. نظرتُ إلى "أبله زوزا" كما كنتُ أناديها، وهي تلقي وردتها في النيل وقلتُ لنفسي: “لابد أن الربّة إيزيس كانت تشبه هذه السيدة الجميلة!” ولهذا كتبتُ فيها تلك القصيدة، التي أحكي فيها عن لقائها الأول بزوجها الوسيم كابتن "صالح سليم" في النادي الأهلي، وكانت مع رفيقاتها اللواتي يتطلعن لرؤية ومصافحة هذا الشاب الرياضي الشهير. ولكن الجميلة "زينب لطفي" هي التي خطفت قلبه دون غيرها من بنات الدنيا.
في رحلة العودة بالباخرة من جزيرة "القرية الفرعونية" وقت الأصيل، نظرتِ السيدةُ الجميلة "زينب لطفي" نحو السماء ورأت القمر هلالا، فقبّلتني برقّة وقالت: (شاهدتُ ميلادَ القمر وأنتِ معي! كل ما أشوف القمر هافتكرك! ) ثم أذّن المؤذن، فسألتني عن طرحة في سيارتي لتُصلي. وحين لمحتْ في إصبعي خاتمًا فضيًّا مكتوبًا عليه بالخط الكوفي: “والُله خيرٌ حافظًا". أعجبها، فأهديتُها إياه.أطرقت وقالت في عتاب: (بس فين: "وهو أرحمُ الراحمين‘؟) ثم أردفت تقول: (تعرفي، أنا بحبُّ الآية دي جدًّا، ودايما أدعو بها في سجودي لولادي: خالد وهشام.” لهذا أخفينا عنها حقيقة مرض ابنها الأصغر، الفنان الجميل "هشام سليم" الذي امتد شهورًا، لكيلا ينفطر قلبُها. وحين رحل عن عالمنا العام الماضي، أخفينا عنها الأمر كذلك، ومُنعت عنها الجرائدُ والتليفزيون، وكنتُ أتحاشى زيارتها خوفًا من أن ينكشف الأمر حين تتكلم عن "هشام" كالعادة، أو تطلب مني أن أهاتفه كما نفعل في كل لقاء. وفي أحد الأيام قبل أربعة شهور، هاتفتني وقالت: “خلاص عرفت يا حبيبتي، وقريت كمان مقالك عن هشام حبيبي اللي كتبتيه لما مشي. وعرفت ليه مكنتيش بتزوريني كل المدة دي. تعالي بقا.” وعاودتُ زيارتها في بيتها الجميل بالزمالك، لكن الحزنَ كان قد هدّها فرقدت شهورًا طوالا حتى رحلت عن دنيانا الأسبوع الماضي لتترك في قلبي فراغًا كبيرًا ووجعًا.
كانت تهاتفني كلما قرأت لي مقالا في جريدة أو مجلة أو شاهدتني في لقاء تليفزيوني. وكنتُ أزورها كلما مررتُ بالزمالك. واصطحبتُها كثيرًا إلى دار الأوبرا، وكانت ضيفة غالية على صالوني الشهري. وبعد صدور كتابي الأخير عن ابني "عمر": “من الشرنقة إلى الطيران"، قرأته وناقشتني في كل تفاصيله وطلبت من "عمر" أن يأتي بلوحاته، وكانت تشجّعه وتمازحه وتحكي له عن طفولة "هشام" وكيف كان من أجمل أطفال الدنيا، وعن بداية عمله في السينما في فيلم "إمبراطورية ميم"، وكيف عارض والده في البدء وكيف شجعته هي.
رحلتِ الجميلةُ "زينب لطفي" التي كانت أمًّا روحية لي. كانت تتابع تطور علاج ابني وتقول له: "هات ماما وتعالى يا عمور، عاملالك كوسة بشاميل.". ونزور البيت الأنيق الذي ترى في أركانه صورًا بالأبيض والأسود للكابتن "صالح سليم" وابنيها "خالد وهشام". تشير إلى طفليها في الصور وتقول بشغف أم بصغارها: "عمرك شوفتي أطفال بالحلاوة دي؟!" ثم تنظر إلى ابني "عمر" وتقول له: “لوحاتك حلوة جدًّا يا عمر، أنت فنان عالمي.” ثم تمدُّ يدها على طاولة مجاوره وتلتقط كتابي "عُمر من الشرنقة إلى الطيران" وتقول: “كتابك جميل، كل يوم أقرأ منه فصل، وأعيد وأزيد!” 
كانت القراءةُ هي كل عالمها، تقرأ بالإنجليزية والفرنسية والعربية. وكانت حين تريد انتقاد أي ظاهرة مجتمعية لا تروق لها، تكتفي بتلك الابتسامة الشقية التي تجمع دفء الشرق بالأرستقراطية الملكية! عشقها لمصر وتعلّمها في مدارس الفرنسيسكان، عمّقَ مصريتها وأصالتها، فكانت لا تكفُّ عن الحديث عن جمال مصر الذي لم تر له مثيلا في كل الدنيا. رحم الله إحدى جميلات مصر وجميلات قلبي.
***



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مصرُ تحتفلُ بمئوية البابا الذهبي
- (سوسن أحمد) على خُطى (سميرة موسى)
- مسرح صبحي … يبحثُ عن العائلة
- التهمة: يبتسمون في وجوه مَن لا يعرفون!
- استمروا في العزف
- هنّ موجودات في حي الأسمرات
- الذين يرشقونَ نوافذَ القطارات!
- الشِّعرُ …. والقضايا الكبرى
- لكي تعرفَ الزهورَ … كُن زهرةً
- حمدي أبو جليل … أول كتاب قرأتُه
- أولُ ما قراتُ من كتب
- من ملف الإخوان النسائي
- هل نسينا؟ لم ننسَ، ولا ينبغي أن ننسى!
- هدايا عيد الأضحى لابني عُمر… شكرًا للطيبين
- جائزة أحمد عكاشة للطب النفسي
- كل سنة وأنت طيب يا بابا
- ماجدة صالح … الفراشةُ التي طارت!
- عيد ميلاد -المصري اليوم- … طيارة ورق
- المرأة … والدولفين!
- جولة في المتحف المصري الكبير


المزيد.....




- جمعة النصر في طهران .. صفعة كبيرة لأعداء الجمهورية الاسلامية ...
- المجتمعات اليهودية والمسلمة في ألمانيا والسعي نحو التضامن
- عسكريون روس يهاجمون الإسلاميين في منطقة الساحل ويستعيدون جثث ...
- حملها لاطفلك.. اليك تردد قناة طيور الجنة على نايل سات وعرب س ...
- دولة إسلامية للطائفة البكتاشية في ألبانيا تسمح بالخمر وتساند ...
- رئيس الإدارة الدينية لمسلمي كازاخستان: مسجد الظاهر بيبرس وجا ...
- مستشار قائد حرس الثورة الإسلامية العميد ابراهيم جباري: سيمنح ...
- إسرائيل تغلق المسجد الإبراهيمي لفتحه للمستوطنين بأعياد اليهو ...
- المقاومة الإسلامية في العراق تقصف هدفا بجنوب فلسطين المحتلة ...
- مراسل العالم: المقاومة الإسلامية في العراق نفذت اليوم 4 هجما ...


المزيد.....

- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - زينب هانم لطفي … وداعًا