أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - توما حميد - ماذا يقف وراء الحملة الهستيرية للإسلام السياسي ضد النساء في العراق؟















المزيد.....

ماذا يقف وراء الحملة الهستيرية للإسلام السياسي ضد النساء في العراق؟


توما حميد
كاتب وناشط سياسي


الحوار المتمدن-العدد: 7696 - 2023 / 8 / 7 - 15:29
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لقد أثارات مجاميع وعصابات الإسلام السياسي في العراق حملة شرسة ضد النساء انطلاقا من رفض هذه الجماعات لمصطلح ومفهوم الجندر.

يبدو الأمر لأنسان غير مطلع عن كثب على الأوضاع العالمية وأوضاع منطقة الشرق الأوسط والأوضاع الداخلية للعراق، محيراً. إذ قد يكون من الصعب فهم الأسباب التي تقف وراء انفجار هذا النقاش الحاد وهذه الحملة المجتمعية في هذا الوقت بالذات الذي بات يشغل الحكومة والأحزاب والحركات السياسة ووسائل الاعلام ومنابر الجوامع، والجامعات الخ. لا يمكن إيجاد تبرير لهذه الحملة المسعورة من قبل الإسلام السياسي بخطاب عمار الحكيم قبل سنتين ولا مناقشة موضوع الجندر في البرلمان.

من اجل فهم ابعاد هذه الحملة يجب فهم مجمل الأوضاع العالمية والمنطقة، والمحلية التي تهيأ الأرضية لها.

كما قلت في أكثر من مكان، في هذه المرحلة من عمر النظام الرأسمالي لم يبق للبرجوازية بيمينها ويسارها شيء تقدمه للبشرية وخاصة الطبقة العاملة. في مراحل من تاريخ النظام، كان اليسار البرجوازي المتمثل بأحزاب الاشتراكية العمالية في اوروبا والحزب الديمقراطي الأمريكي ومثيلاتها في الدول الاخرى مرتبطة بالحركة النقابية ودولة الرفاه وبإصلاحات محدودة لصالح العمال. لقد كان هذا اليسار الى حد معين مرتبط بالدفع بالأوضاع المادية للطبقة العاملة وتوحيدها وتجاوز الفروقات مثل الجنس والعرق والدين والميول الجنسية وغيرها ضمن حدود التي يسمح بها النظام بهدف تحسين وضع الانسان. مع صعود العولمة الرأسمالية والسياسات النيوليبرالية وافول دولة الرفاه لم يعد بالإمكان تحسين وضع الانسان، ولم يبق لليسار ربط بالطبقة العاملة. أحزاب اليسار واليمين البرجوازية متفقة حول السياسيات الاقتصادية الداخلية والسياسات الخارجية الى حد كبير. لذلك بدلا من التركيز على المسائل الاقتصادية والاجتماعية والسياسية الأساسية يركز اليسار الغربي على المسائل الثقافية والسياسية المستندة على الهوية مثل وجود النساء في مناصب عليا في القطاع الخاص والعام، حق المرأة في الإجهاض، الميول الجنسية، حقوق المثلين والمتحولين جنسيا، التوعية الجنسية في المدارس الخ وهي كلها مسائل مهمة ولكنها ليست القضايا الجوهرية للطبقة العاملة.

في حين يعتمد اليمين في خلق قاعدة له على مسائل مثل الفردانية ومعاداة أي شكل من اشكال التنظيم العمالي، حق حمل السلاح، دور الدين، " المبادئ العائلية"، معاداة المهاجرين، معاداة المثليين الخ.

فيما يخص السياسات الخارجية، يدعم اليسار البرجوازي العولمة ويدعم إقامة كيانات ومؤسسات عابرة لحدود البلدان مثل الاتحاد الأوربي، والمؤسسات الأخرى مثل الأمم المتحدة، الناتو، منظمة العمل الدولية، ويدعم التدخلات الغربية العسكرية في الدول الأخرى بحجة حماية حقوق الأقليات، في حين ان أوساط اليمين خارج السلطة تدعو الى احترام السيادة الوطنية، القومية الاقتصادية، الحمائية، احترام تقاليد البلدان و " الشعوب"، منع الهجرة الخ.

يتبنى القطب الروسي-الصيني في صراعه مع الغرب نفس المفاهيم والسياسات التي يتبناها اليمين في الغرب من التأكيد على ستاتيكية طبيعة ودور ومكانة الرجل والمرأة، معاداة المثلية، حماية " قيم العائلية"، إعطاء الأولوية " للمصالح الوطنية"، احترام قدسية سيادة الوطن و"عدم التدخل في شؤون الدول الأخرى"، جعل التجارة والمصالح الاقتصادية أساس التعامل بين الدول الخ، لهذا هناك دعم واسع لروسا وبوتين بين اليمين الغربي. ان موقف روسيا من حادثة حرق القرآن وسن قانون يجرم حرق الكتب " المقدسة" جاء ضمن هذا السياق. كما ان قيام روسيا بسن قانون يمنع التحول الجنسي مؤخرا دون ان يكون هذه الموضوع قضية في المجتمع في الوقت الحاضر كان جزء من هذا الصراع.

يستغل اليمين هذا الصراع لشن هجمة على كل اشكال التنظيم وعلى النقابات، حقوق المرأة وحقوق الأقليات والمهاجرين وكل الشرائح الضعيفة في المجتمع تحت حجج منها حماية المجتمع من التفسخ ومن الجريمة. كما يستغل هذا الصراع من اجل التخلي عن مكاسب البشرية مثل عالمية حقوق الانسان وغيرها.

من المعروف ان إيران هي طرف مهم في القطب المعادي للغرب أي القطب الذي تقوده روسيا والصين.

يتمتع موضوع عدم التدخل في شؤون الدول الأخرى وحماية الخصوصيات والثقافة الوطنية بما فيها الدين الإسلامي بأهمية كبيرة بالنسبة لإيران في هذا الوقت وخاصة في مواجهة الغرب الذي يريد ان يستغل الاحتجاجات في إيران لصالحه. تود الجمهورية الإسلامية ان تفرض مسألة ان القمع التي تقوم به هو شأن داخلي لا يحق للدول الأخرى انتقاده. من جهة أخرى، وجهت الاحتجاجات التي عمت إيران في العام المنصرم ضربة قوية لسلطة الجمهورية الإسلامية. لقد بات عدم الالتزام بالحجاب الإسلامي في مدن إيران والسخرية من شخصيات الجمهورية الإسلامية أمرا عاديا. تؤد الجهورية الإسلامية في ايران الاستفادة من المناخ العالمي لتقوية موقعها عالميا وداخليا.

الآن بعد أن خفتت هذه الاحتجاجات، تحاول سلطة الجمهورية الإسلامية فرض التراجع على الحركة الاحتجاجية وخاصة حركة المرأة الإيرانية وهي تقوم بزج بشرطة الآداب الى الشوارع ومحاولة إعادة فرض الحجاب على النساء.

تحاول الجمهورية الإسلامية فرض التراجع على الحركات التقدمية وحركة المرأة في كل دول المنطقة التي لها نفوذ فيها مثل العراق ولبنان واليمن.

ما يحدث في العراق لا يمكن فصله عن الصراعات العالمية والصراع في إيران، لكن للحملة في العراق أسباب وحوافز وخصوصيات محلية. اذ يمر العراق بوضع كارثي ينذر بالانفجار وليس للطبقة الحاكمة المتمثلة بالإسلام السياسي أي حلول للمعضلات التي تواجه هذا المجتمع. لذا تقوم بإثارة هذا الجدال الحاد والمفتعل من اجل اشغال الجماهير ولفت الأنظار بعيدا ان إخفاقات هذه السلطة تجاه القضايا الأساسية التي تواجه المجتمع. ويثار هذا الموضوع من اجل كسب الأصوات في انتخابات مجالس المحافظات. كما استخدم التيار الصدري قضية حرق القرآن في السويد من اجل تعزيز مكانته في العراق، لذا توظف اليوم بقية قوى الإسلام السياسي موضوع الجندر في صراعهم على السلطة بمواجهة التيار الصدري.



كعادة اليمين في كل مكان، يقوم الإسلام السياسي في هذه الحملة بالكذب والنفاق وتزوير الحقائق من اجل تحميق الجماهير. بالرغم ان مصطلح الجندر او "النوع الاجتماعي" في الوثائق العراقية الرسمية يشير الى التفرقة بين الجنسين على أساس الدور الاجتماعي لكل منهما، فالأدوار الاقتصادية والاجتماعية بما فيه الاعمال التي تعتبر مناسبة للرجال والنساء تتفات بين الثقافات وتتغير مع الوقت و تتأثر بالتطور الاقتصادي، والعوامل الاجتماعية والثقافية المختلفة بما فيه العادات والتقاليد والقيم السائدة في المجتمع في فترة زمانية معينة، في حين ان الجنس يشير الى الفروقات البيولوجية والفيسيولوجية بين الرجال والنساء. ورغم ان مصطلح الجندر استخدم من قبل المنظمات الدولية من اجل القضاء على التميز ضد المرأة وعدم مساواتها، تدعي شخصيات الإسلام السياسي بان استخدام مصطلح " الجندر" هو مستورد من الخارج، ومخالف للفطرة الإنسانية، لا يتطابق مع "تقاليد وقيم المجتمع" ويشكل خطر على الاسرة وهو يخلق جبهات حرب في المجتمع العراقي وهو من اجل تشجيع المثلية والنوع الثالث و مجتمع "الميم" و " الشذوذ" في العراق ضمن خطة غربية من اجل تشتيت المجتمع من خلال تفكيك الاسرة.

ان دعوة قادة الإسلام السياسي الى ضرورة قيام الحكومة العراقية بإلغاء أي معاهدة أو التزام بهذا الصدد، مثل معادة سيداو للقضاء على جميع اشاكل التميز ضد المرأة هو محاولة لتقديس " الثقافة الوطنية" وللتراجع عن مفاهيم عالمية حقوق الانسان.

رغم كل الكذب والرياء حول الدفاع عن الاخلاق وحماية المجتمع من التفسخ، في الأخير تكشف نفس هذه الحملة عن الهدف الأساسي الذي يقف وراها وهي اخضاع المرأة، اذ يشيرون ان هذا المصلح لا يتوافق مع نظرة الإسلام باعتبار الرجال قوامون على النساء، وحق الرجل في ممارسة العنف الاسري " تأديب المرأة". كما يدعون بشكل علني الى عدم تمرير أي قانون في البرلمان يحد من العنف الاسري ويحمي حقوق المرأة.

ان الهدف الأساسي من وراء هذه الحملة هو السعي الى المحافظة على مكانة قوى الإسلام السياسي في المجتمع وخاصة بعد ان تلقت ضربة من خلال انتفاضة أكتوبر وانتفاضة نساء إيران على مدار السنة السابقة، ولكن تأثير هذه الحملات رغم الرعب الذي تنشره قصير. ان المجتمع وخاصة الشباب والنساء والشرائح التقدمية تتحين الفرصة للتخلص من كابوس حكم الإسلام السياسي.



#توما_حميد (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حرية التعبير بدون أي قيد وشرط! (حول حرق القرآن في السويد)!
- حول حقيقة الانقلاب الفاشل في روسيا!
- منصور حكمت والنزعة القومية! الجزء الاول
- فوز أردوغان، والتحولات العالمية وانسداد آفاق النظام!
- افول الغرب هو افول نظام!
- الفقر: حرب حقيقية على الطبقة العاملة.
- عواقب الصراع الطبقي في فرنسا!
- النظام الرأسمالي يترنح من جديد: حول انهيار سيليكون فالي بانك ...
- قراءة لخطاب بوتين أمام الجمعية الاتحادية الروسية !
- زلزال تركيا- سوريا: عندما يفاقم النظام آثار الكارثة الطبيعية ...
- نضال عمال فرنسا ضد خطة ماكرون للمعاشات التقاعدية!
- حول تصاعد خطر الحرب في أوكرانيا على البشرية؟
- ارتفاع نسبة الانتحار في العراق دليل افلاس حكم الإسلام السياس ...
- بطولة قطر 2022، بطولة الفساد، والاستغلال، والقمع، والتخلف! ا ...
- بطولة قطر 2022، بطولة الفساد، والاستغلال، والقمع، والتخلف! ا ...
- ظاهرة الوفيات الزائدة وانخفاض متوسط العمر تستدعي تغير النظام ...
- حدث كارثي ينذر بالانتقال إلى مرحلة قاتمة!
- المؤسسة الملكية هي الخندق الأخير للرجعية البرجوازية! حول وفا ...
- لا نهاية في الأفق لصراع القوى الرجعية في العراق!
- العراق والصراع مع -وباء- السرطان! الجزء الثاني والأخير


المزيد.....




- الملك تشارلز يجرد شقيقه أندرو من ألقابه.. ومصادر توضح لـCNN ...
- مصر.. بدء تطبيق التوقيت الشتوي وتأخير الساعة 60 دقيقة
- القضاء الأميركي يجمّد خطة ترامب لنشر الحرس الوطني في بورتلان ...
- فانس يبرّر قرار استئناف الاختبارات النووية: -ضمان لفعالية ا ...
- واشنطن تمنح الهند ستة أشهر إضافية لتسوية استثماراتها في مينا ...
- إسرائيل تعلن تسلم جثماني رهينتين من حماس والتحقق من هويتهما ...
- إعصار ميليسا يتجه نحو أرخبيل برمودا بعدما تسبب في هلاك 20 شخ ...
- هل ستقدم ماكدونالدز وجبات حلال للمسلمين في فرنسا؟
- النواب الفرنسيون يقرون مشروع قانون -يدين- اتفاقية 1968 مع ال ...
- بوساطة تركيا وقطر... باكستان وأفغانستان تتفقان على تمديد وقف ...


المزيد.....

- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - توما حميد - ماذا يقف وراء الحملة الهستيرية للإسلام السياسي ضد النساء في العراق؟