أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاهان كيراكوسيان - قوانين عباس بن فرناس















المزيد.....



قوانين عباس بن فرناس


فاهان كيراكوسيان

الحوار المتمدن-العدد: 7696 - 2023 / 8 / 7 - 00:19
المحور: الادب والفن
    


كان الخال ياني كما الفراشة، يدخل و يخرج من الحارة دون أن نشعر به. كان خروجه و دخوله إلى الحارة قد ارتبطَ بِ الشمس و القمر و النجوم، و أطوال أخيلتنا على الحيطان و أرصفة الشوارع. كان من مفردات حياة الحارة. و كان هناك شخص آخر مثله، يدخل و يخرج دون أن نشعر به، لولا تحَرّشاتنا به. و لأن ظهوره كان مرتبطا، كما الخال ياني، بِ الشمس والنجوم ...، لذلك كنا نترقَّب مروره بِ الاعتماد على الطبيعة. إنه آنطو القوَّاق، كان هو الآخر من مفردات الحارة. كان أَوَّل معلّم يصنع الجِرار والأباريق الفخَّارية من الصلصال. يقول بِ أنَّه تَعَلَّمَ المهنة مِن أبيه الذي أخَذَها، هو الآخر، من أبيه، وهو أيضا أخذها من أبيه، وهكذا، فَ المهنة كانت منذ تسعمائة سنة محصورة في عائلتهم. كان أجداده الأوائل، بِ حَسَبِ كلامه، يسكنون في قرية طَرْطَبْ. تلك القرية التي تَقع في ضاحية المدينة. هذه القرية حديثة العهد، أمَّا منازل أجداده، كما يقول، فَ هي مطمورة تحتَ التلَّة الكبيرة بِ جانب القرية. فَ التَلَّة تَشَكَّلَت قَبْلَ مئات من السنين، و ربَّما قبل ثمانمائة سنة. فَ تحت التلَّة تنام الضيعة، و ربَّما مدينة كاملة مزدهرة. كان أهالي قرية(أو مدينة) طَرْطَب يتقنون مِهَنأ مختلفة، و كانت لديهم مهارات و معرفة بِ الفلك و علوم متنوِّعة. كان مِنْ بينهم مَنْ يعرف يوم و ساعة الانقلاب الشتوي، و كان يُسَمِّي اليوم التاسع و العشرين مِن شباط في السنة الكبيسة التي سَ تأتي بعد ثلاث سنوات. و مِن بين الشباب المَهَرَة، كان هناك مَن حاول اختراع ما يشبه مروحة، و آخرون كانوا يجيدون صنْع الأفخاخ لِ اصطياد الحيوانات و الطيور على السواء. وكان قسم آخر يدير جلسات سَمَر و مَرَح، و رواية حكايات خيالية. و هناك شابٌّ، يعرفه كل أهالي الضيعة و يحبونه، كان يلعبُ بِ الخشبات و الحِبال والأقمشة. كان الأهالي غالبا ما يشاهدونه يصعد إلى قمَّة التلَّة و ينزل بِ شكلٍ لولبيّ إلى الأسفل، و في أغلب الأحيان كان يرفع الخشبات التي كان يُلْبِسُها أقْمِشَة ملَوَّنة، و يركض من فوق التلّة نزولا إلى الأسفل. و كثيرا ما رأوه و هو يفقد السيطرة على تسارعه في النزول من القمّة. كانت الأقمشة ترفرفُ في الهواء، و لاحظوا بِ أنه كان يَرْبطَ الخشبات بِ شكلٍ متصالب. كان من شأن هذا التصميم أن ينشر الأقمشة إلى مساحات أكبر، و إذا ما أُضيفَتْ رَفْرَفَة جلبابه لِ المشهد، كان يبدو وكأنَّ جسما طائرا يلقي بِ ظلاله على كَتِفِ التلَّة. كان هامبارسوم(اسم الشاب) يُطْلِقُ أصواتا هادرة حين كان يركض نازلا من القمة. و كان الأهالي، حين يكونون قريبين من التلّة، يسمعونه و هو يصرخ و يقول: "ابتعدوا... ابتعدوا... سَ أطير فوقكم! أنا الباشيق (الباشق) الذي يطير في السماء! سَ أطير.. سَ أطير.. ياااا... هاهاهاها..." في مَرَّاتٍ كثيرة رأوه و هو يتعثَّر بِ طَرَف جلَّابيته و يتدحرج من سفح التلّة، و يُصابُ بِ جروح و رضوض في جسمه. و حين يُصاب بِ كَسْرٍ في أحَدِ أطرافه، كانوا يأخذونه إلى القرية المجاورة التي تَبْعُدُ مسافة رُبْع النهار سيرا على الأقدام، حيث كان- الخال بَرْصومو(BARSOMO)- الحكيم الشعبي، والمُجَبِّر الماهر لِ الكسور و مختلف الإصابات العظمية. كان هو الطبيب و الحكيم الشعبي الشاطر في كلِّ المنطقة. كان هامبارسون، هكذا كانوا يلفظون اسمه-النون في الآخر و ليس الميم-، يُغطّي رأسه بِ قماشٍ طحينيّ اللون تجنّبا لِحرارة الشمس القوية في النهار. يَلفُّه كَ الكوفية على رأسه. كان يَنْكُشُ الأرض بِ طَرَفِ عصاه. يرسم خطوطا مستقيمة متقاطعة، و أُخْرى منحنية دائرية. في ظهيرة أحد أيام الصيف، نُقِلَ عن أهالي الضيعة، بِ أنَّه كان يبول واقفاً في أماكن متقاربة و متلاصقة. و أحيانا كان يُطَيّرُ بوله عاليا في الهواء، ثم يقيس المسافة التي وصَلَت، أولى قطراته، إليها. حينذاك كان يهتف عاليا ضاربا الكَفَّ بِ الكَفِّ. و في يومٍ آخر، شُهِدَ يَبْصقُ في الهواء، في أكثر من اتجاه و هو جالس، ثمَّ يبصقُ و هو واقف في نفس الاتجاهات. كان يقيسُ المسافة التي وصَلَت إليها بصاقه في الحالتين، وقوفا و جلوسا. في كلِّ الحالات التي كان فيها يبول أو يبصق، أو يرمي أحجاراً صغيرة، أيضا وقوفاً و جلوسا، كان يَتَقَصَّد أنْ يُصيبَ الحَيّزَ الداخلي مِنْ الأشكال التي كان يحصل عليها مِن شخبطاته التي كان يُحدثها بِ طَرَفِ عصاه في التراب. كان يحصل على أشكال مِن خطوط مستقيمة مُغْلَقة، و أُخْرى مِن خطوط دائرية مغلقة و نصف مغلقة. كانت تلك مِن ألعابه الممتعة. كان خَدوما، مسالما و محبوبا في القرية. و حين كان القرويون يتسامرون في جلساتهم تحت ظلال الأشجار، ويتناولون مواضيع متنوِّعة في أحاديثهم، كانوا، و لِ مُجَرَّدِ التسلية، يُشْرِكونَ هامبارسون في الحديث. و يروح امبارسون(كان حرف الهاء يضيع أثناء نَطْق الاسم) في كلامٍ غير مترايط، يَخْتَرِقُ الموضوعَ و يبتعد عنه، و كان يتحدَّث على سَجِيَّته، و كأنه يلقي خِطابا، و بِ الكاد يُفْهَمُ جملة أو جملتين مما يقول. كانوا يمتدحونه، من باب الفكاهة و المحبَّة، و يقولون عنه: فيلسوف و شاعر، و مع الأيام، و بِ سَبَبِ تجاربه البولية و البصاقية و الحجرية، و غيرها من التجارب التي كان يُجْريها، أضافوا إليه لقَبَ عالم في الرياضيات و لأنه كان يتحدَّى الجاذبية الأرضية، بِتوجيه بوله وبصاقه إلى الأعلى، اكتسبَ لقَب عالم فيزياء. و لأنه كان يراقب الخفافيش في الليالي الصيفية، و يضربها بِالحِجارة، فَ كان جديرا بِ لَقَب عالم فَلَك. و هكذا، فَ حين يتمُّ الحديث عن أبارسون(يتغيَّر اسمه مع الكبار في السن، و يُلْفَظُ بِ أسهلِ ما يمكن بِالنسبة لهم)، يستبدلون اسمه بِاللقب العام الذي خَلَعوه عليه. و هو"العالِم". طبعا في جلسات أُخرى، و في مناسبات مختلفة، كانوا يَدْعونه بِ الفيلسوف أو الشاعر، و ذلك بِ حَسَبِ الموضوع المطروح في الجَمْعَة. و لكي يستمتعوا، في سهراتهم المستقبلية، كان دافيد(كان الأهالي يلفظون اسمه هكذا طافيت، بِ الحرف ط في بداية الاسم، و هو شاب متعلِّم)، قد رسَمَ على أوراق حمراء مائلة إلى اللون النحاسي، الأشكال التي كان أبارسون يشخبط بِقصبته على الأرض. أمّا طافيت، فَ قد رسمَ مثلثات مختلفة الأشكال، و قد رسمَ نقطتين داخل مثلث، و نقطة قريبة من أحد أضلاعه، و ثلاث نقاط خارج المثلث. و كان قد رسمَ أسْهما تَصِلُ النقاط بِ أضلاع المثلث و بِ النقاط التي داخله، و كان قد حَدَّدَ المسافات بينها جميعا. و بِ نفس الطريقة كان قد فعل مع دائرة و نصف دائرة، و أشكال هندسية أُخرى من خياله، و مستقيمات تربط بينها مع أرقام عشوائية فوق و تحت الأشكال، و في داخل الدوائر و الأشكال المنحنية مع أحرف لاتينية. كان طافيت قد استوحى من تجاربه(أمبارسون) البولية والبصاقية، رسومات عديدة. كان قد رسمَ (تجربة تبوّله واقفا) قوسا تبدأ من نقطة تقع على ارتفاع 90 سم من سطح الأرض، ينطلق القوس من تلك النقطة( جهازه التناسلي حيث يضخُّ البول منه) و يبدأ بِ الانحدار إلى الأرض، و المسافة الأفقية بين نقطة تقاطع نهاية القوس مع الأرض، و بين نقطة بداية القوس هي 275 سم، تَقَعُّر القوس كان نحو الأسفل، و أعلى نقطة من حدبة القوس عن الأرض كانت 145 سم. أمّا ارتفاع نفس نقطة الحدبة عن المستوي الأفقي لِ نقطة بداية انطلاق القوس، كان 55 سم. فَ الخط البياني، كما هو واضح، يمثِّل معادلة من الدرجة الثانية، لأنه منحني، و له نهاية حدّية عظمى، و له تقعّر بِ اتجاه الأسفل. و طافيت كان قد عَقَّدَ الموضوع، إذْ أنه رسم مماسا لِ المنحني من الطرف اليمين لِ الذروة، و آخر من الطرف اليسار لِ الذروة، بِ الإضافة إلى مماس في نقطة الذروة موازي لِ الخط الأفقي. وكان قد رسمَ أعمدة على المماسات الثلاثة تتقاطع في نقطة داخل التقعُّر، أي تحت القبَّة. وكان قد كتبَ تحت اللوحة بِ خَطٍّ عريض " قانون أمبارسون الثاني- طرد الجاذبية الأرضية-". وفي أوراق منفصلة، رَسَمَ الأخشاب المتصالبة مع أرقام مثبتة على كلَ جزء من أجزاء الصليب،المقدمة بِ طول محدَّد، الأجنحة بِأطوال مختلفة،الذيل، أو القسم الخلفي بِ رقم آخر. وكان طافيت قد كتبَ تحت الرسمة اسم أبارسون كَ الآتي. " العالم الكبير، ابن طرطب البار، أبَّارسون " و في رَسْمٍ آخر متَّصل بِ الشكل المتصالب، رَسَمَ إنساناً على شكل صليب، و هو منبطحٌ على بطنه في الهواء. يداه ممدودتان إلى أقصاها على الجانبين، مربوطتان بِ حصائر مجدولة من القصب بِ عرض /45/ سم تقريبا(الأبعاد كلّها هي من خيال طافيت ليس إلّا)، و رَبَطَ أرجله الحافية بِ وَريسٍ مدهون بِالشمع الأصفر، موصول بِ حزمة من ريش الطواويس و الدِّيَكَة الرومية و الدجاجات الأهلية. كان هذا الجزء ممتداً بِ طول /30/ سم خارج القدمين عل طول عموده الفقري، و بِ بروزٍ على الطرفين بِ مقدار /30/ سم و بِ عرض /25/ سم. كان في الهواء قريباً من قمة التلَّة. كتبَ تحت الرسمة. "العالم أبَّاسون يطير في السماء".
جاء في وثائق طرطب، موجزاً عن حدثٍ لم يحصل منذ ولادة البلدة و اتساعها و تزايد عدد سكانها و ازدهار ثروتها الزراعية و الحيوانية. في أحد أيام الربيع، و بِ الضبط في بدايات شهر أيار، حيث الحقول و المَزارع في أوج اخضرارها و عطائها. كانت المروج تشعشع من فوق رؤس أهداب العشب الأخضر المُحَمّل بِ الندى، و الأزهار الملوَّنة مِن الأبيض و الأصفر و البنفسجي، و كانت أبقار الأهالي و أغنامهم ترعى بِهدوء و سلام حول المستنقعات العذبة، و قسم منها على المنبسط المحاذي لِ النهر، و أحيانا يقتربون من كتف النهر الذي ينساب من الطرف الجنوبي لِ المرج الكبير. في مثل هذه الأوقات من الغروب، يكون الطقس لطيفا و الهواء نقيّا مشبعا بِ رائحة الحقول و الورود، و رائحة أشجار الحور و الزيزفون المدهش. يجلس قسم من كبار السن في ظلِّ الجدار الشرقي لِ كنيسة البلدة، وقسم آخر من الرجال، متوسطي الأعمار، يتمَشّون بِ محاذاة صَفّ أشجار الحور، حيث قناة الري القادمة من أحد فروع نهر الجغجغ، و الذاهب إلى حقول و بساتين الأهالي في محيط البلدة. أمّا الشباب و الصبايا كانوا يعقدون حلقات اللعب و اللهو، و كانت تتخللها الكلمات و العِبارات الملغَّزة و النظرات الشبقة من عيون و قلوب المراهقين و المراهقات.وكان، قسم من، الأطفال يلعبون بِ القرب من تجمُّعات أمهاتهم، ويخترقون صفوفهنَّ دون مبالاة من الطرفين،الأولاد و الأمهات، لأنَّهم مندمجون في ما هم يفعلون. مجموعة أخرى منهم، يركضون خلف الفراشات، ومنهم مَنْ يجمع البراعم و الأزهار مزقزقين بِ أصواتهم الطفولية التي تختلط بِ أصوات الأبقار و الأغنام و العصافير و البلابل و الإوز الأهلي.
بينما البلدة غارقة في هذا المشهد البهيج، و إذْ بِ طائرٍ ينزلق من أقصى الشرق بِ اتجاههم دون أنْ يُحَرِّكَ جناحيه. كان حجمه يكبر كلما اقترب منهم. و حين صارَ فوقهم، رأوه بِ وضوح، حتى أنَّ بعضهم قال، و ربّما بالغوا في الوصف أكثر من اللازم: لقد رأينا عيونه الصفراء الحادة، كانت تَبثُ الرعبَ من حَدَقاتها الوحشية. اطلَقَ زعيقا مدويّاً، و هو يتجه نحو الشمس بِ طيرانٍ شراعيّ. كان ضخما، حتى أنَّ الأبقار و الأغنام تَمَلَّكها الرعب و بدأوا بِ إطلاق الأصوات و الركض و القفز في مختلف الاتجاهات، و اختبأت القطط و الكلاب في الأوجار والبيوت، و خَلَتِ السماء من الطيور ساعة ظهور هذا النسر العملاق في سماء البلدة. قال أحد الرجال، لِ جَمْعٍ من الأهالي، واصفا النسر: لقد رايته بِ وضوحٍ تام، حين كان يقترب من مكان تجمُّعنا، حتى أنَّ عينيَّ جاءت مباشرة في عينيه، و لِ الأمانة ارتعبتُ من نظرته الوحشية. كان رأسه كبيرا بِ حجم رأس البقرة، و منقاره يلمع، و خاصة الجزء المعقوف، حيث انعكاس أشعة الغروب البرتقاليّ على قمة حدبته. كان المنقار كَ الخنجر المعقوف كبيرا، كان طوله يتراوح بين(35 – 40) سم، هذا التقدير هو مِن الأسفل، حيث كنتُ واقفاً، أمّا طوله الحقيقي عن قُرْب، فَ بِ التأكيد سَ يكون أكبر ممّا قَدَّرته من الأرض. أمّا جناحاه، فَ كلُّ جناحٍ كان بِ طول ثلاثة أمتار، أيضا هذا التقدير هو مِن الأرض، حيث كنتُ واقفا أنظر إليه، و صدره كان كَ صدر الأسد في وضعية الهجوم. و في الأثناء كان أبارسون يركض مع النسر ناشرا ذراعيه على امتدادهما كَ جناحيّ النسر، مصدرا أصواتاً غريبة، كأنه كان يصرخ و يقول: "أنا كمان(أيضا) مثله يطير، هو يرجم كتير لمّا يريد، يرجم.. يرجم.. رجوم.. رجوم". كان يتمايل بِ مرونة يمينا و يسارا. لم يمض أكثر من شتاءين على البلدة، حين كان أمبارسون يمارس لعبته المفضَّلة، إذْ كان يمسك بطائرته، أو بِ نسره و يركض من فوق التلَّة نزولا ل قاعدتها حيث الأرض المستوية. رأوه أكثر من مَرَّة يركض من القمة نحو الأسفل مُقَلِّداً النسر فاتحاً جناحيه(ذراعيه) على امتدادهما. كان يصدر أصواتا مختلفة، تارة كَ طنين الدبابير، و تارة كَ زعيق النسر. كان ينزل بِ شكلٍ لولبيّ إلى الأسفل؛ و حين كان ينزل بِ شكل مباشر، دون الدوران حول التلّة، من القمة إل القاعدة، في هذه الحالات كان يفقد السيطرة عل سرعته، و يكتسب تسارعا بِ حيث يعجز خلاله من ضبط إيقاع الركض. و غالبا ما كان يدوس على طرف جلبابه، أو أنَّ جلبابه كان يعيق خطواته التي من شأنها ضَبْط توازنه أثناء النزول ركضاً. في هذه الحالات، كان يتعثَّر و يتدحرج كَحَجَرٍ، أو أيّ جسم يسقط من فوق التلّة. الشباب البالغين، و الذين يدركون خطورة فقدان السيطرة على التوازن أثناء الركض من أيِّ مكان عالٍ، و خاصة من المنحدر المرتفع من قمّة التلّة إل قاعدتها المنبسطة. هؤلاء الشباب نصحوه و بَيَّنوا له خطورة ما يفعله، وأنَّه سَ يؤذي نفسه، و ربَّما يقضي عل حياته بِ هذه الحركات. و كِبار السنّ أيضا نصحوه، أكثر من مرَّة، كي يَكفَّ عن هذه اللعبة الخطرة على حياته، حتى كبير البلدة، بِ ذات نفسه، نَبَّهه و حَذَّره علىى خطورة ما يفعله، و تحدَّثَ مع والده أيضا بِ خصوص ذلك، لكنه لم يكفّ عن ممارسة هوايته و لَهْوِهِ. اعتذرَ والده من مجلس حكماء البلدة عن تصرفاته، و أبْدى تأسّفه على عدم قدرته التأثير في رغباته و ميوله في ممارسة ألعابه ذات الطابع الطفولي، بِ الرغم من تجاوزه السَنَة الثانية و العشرين من عمره. و أوْضّحَ لهم بِ أنه لم يكبر على المستوى العقلي، فَ هو ما زال طفلاً في تفكيره و سلوكه، و أنَّ مداركه و محاكماته الذهنية لم يطرأ عليها أيّ تطوّر، أو تَغَيُّر عن تلك التي كانت في مرحلة طفولته. اتفقَ الجميع على حمايته من اندفاعه المبالغ أثناء اللعب، و أثناء صعوده إلى قمَّة التلّة، و على أنْ يُقنعوه، بِ شَكْلٍ أو بِ آخر، أنْ يكتفي بِ الصعود إلى منتصف المسافة بين القاعدة و القمة. في معظم سقطاته كان يتدحرجُ بِ شَكلٍ جانبيّ عل كتفيه، و قَلَّما كان يسقط، بِ شَكلٍ مباشر، على وَجْهه و صدره. و إذا ما حدثَ مثل هذه الوَقْعات، فَ غالبا، يكون في الشوط الأخير من سقوطه، أيْ قريبا من الأرض المستوية عند قاعدة التَلَّة. احتفلَتِ البلدة، في الشتاء الثاني بعد ظهور النسر في سماء البلدة، بِ عيد الفصح، عيد قيامة السيد المسيح. كانت المعايدات تبدأ بعد انتهاء القدَّاس الإلهي، صباح يوم العيد، في كنيسة البلدة. كانت زيارات الأهالي و الأقرباء لِ المعايدة، تستمر إلى أسبوع تقريبا، و بعد القيامة بِ أربعين يوما، يبدأ الاحتفال بِ عيد الصعود. قبل حلول عيد الصعود بِ يومين، كان أمبارسون قد أخذَ قماشا زيتيّ اللون، و ربما يكون الجزء الرئيس من برداية الشبّاك(ستائر النوافذ)، و كان قد مَدَّها فوق رأسه، و على امتداد ذراعيه، كَ أجنحة النسر، و كان يركض فوق التلّة بِ شَكْلٍ لولبيّ على القمّة. انحدرَ نحو الأسفَل بِ دوران حول التلّة، وقطعة القماش تتطاير في الهواء فوق رأسه. لَفَتَ المشهد بعضا من الشباب، وراحوا ينظرون إليه وإلى القماش الذي يرفرف كَ الأجنحة. كانوا يبتسمون و يقولون لِ بعضهم: انظروا إلى أمبارسون، إنه يريد أنْ يطير، إنه يقَلِّدُ ذاك النسر الذي مَرَّ في سماء البلدة قبل سنتين. إنه مسكين و بسيط، الله يحميه و يساعده في حياته. بينما هم في هذه الحالة الإنسانية ل رؤيتهم لِ ما يفعله فوق التلّة، و إذْ به يفقد السيطرة على خطواته المتسارعة نحو الأسفل، و في هذه المرّة، يسقط مباشرة عل وجهه، و يبدأ ب التدحرج رأسا على عقب. رأوه يرتفع عن الأرض و يسقط على رأسه، يتدحرج مسافة و يرتفع ثانية عن الأرض و يسقط على رقبته. في الأثناء انتابهم خوف حقيقيّ على حياته جرّاء السقطات الخطيرة. راحوا يصرخون و يركضون في اتجاهاتٍ لا على التعيين، لم يعرفوا ما كان عليهم فعله في تلك اللحظات المصيرية. كانوا ينتقلون من الساحة الرئيسة إلى ساحة الكنيسة، يصرخون، و يعودون إلى أسفل التلّة دون أن يغيّروا في الأمر شيئاً. أمّا أمبارسون، فَ قَد تدحرج بِ قسوة على رأسه و رقبته، و في الأمتار الأخيرة، كان كما كتلة من اللحم يتَقَلَّب كيفما اتَّفَقْ. رَكضَ الشباب بِ اتجاهه لِ مساعدته على النهوض و الوقوف على رجليه و قدميه، و تقديم المساعدة اللازمة، إنْ كان قد تَعَرَّضَ لِ رضوضٍ أو كسورٍ في أيّ عضوٍ من جسده. كان ممدَّدَاً على ظهره، و رأسه مائل لِ اليمين، و كان يلفظُ أنفاسه الأخيرة، و الكلمات الأخيرة التي سمعوها منه هي" طار... أنا... طار". و بعدها سَكَتَ إلى الأبد.
لقد مات أمبارسون، أو قُتِلَ بِ سَبَبِ سقوطه على رأسه، ما أدَّى إلى كَسْر رقبته. حَزِنوا عليه كثيرا. كان مسكينا، طيّبا، مسالما، مسلّيا و بسيطا. كان فاكهة البلدة (كما كانوا يقولون عنه) ونجمها المحبوب من الجميع. و لأنه كان محبوبا، و لأنَّ أفراد أسرته أيضا، كانوا محبوبين، و محترمين، فَ لذلك ما أرادوا أنْ يُشاع عليه تعليقات ساخرة، تنتقص من قدراته العقلية، و في الوقت نفسه، تجرح مشاعر أهله. حاولوا رَسْمَ صورة مغايرة لِ الواقع. صورة جديدة له، و بِصِفات و قدرات و اهتمامات أُخرى، غير تلك التي كانت في حقيقة الأمر، فَ راحوا يخلقون شخصية جديدة لِ أمبارسون. قالوا عنه: إنه كان مهتما بِ أمور علمية، كَ الجاذبية الأرضية، و حركة الأجسام على مسارات منحنية و دائرية، و حركتها على خَطٍّ مستقيم، و أيضا كان يدرس الفرق بين سرعة الأجسام في الحركة المستقيمة و الحركة الدائرية. كان مهتما بِ انواع النجوم و أماكنها. كان يحاول وَضْعَ معادلات فلكية لِ حساب الارتيابات و الانزياحات في المسافات بين النجوم. كان يفكِّرُ، بِ عُمْق، في موضوع الطيران كما الطيور. و قد رَسَمَ أشكالاً مختلفة لِ الأجنحة. و كان يفكِّر في شكل الذيل، ثخنه و طوله. و قد حاول الخوض في تصميم بعض أنواع الذيول. كان يقوم بِ تجارب و محاولات الطيران، و كانت المحاولة الأخيرة له في مسألة تقليد الطيور، تلك التي قام بها، قبل عيد الصعود، و التي، و لِ الأسف، كانت الأخيرة، و القاتلة. لقد ساهم في تطوير الفلسفة و الأدب. و كانت له محاولات في كتابة منهج الاستدلال في استنباط الحقائق الجدلية من المتغيرات التاريخية عند الهنود الحمر. وكانت لديه مخطوطات في علم السيبرنيتيك، و أُخْرى في الإيروتيك السماوي، وهذه المخطوطة، بالذات، كانت مُقَسَّمة إلى أبواب. باب نكاح الجنّيات البوذيّات، باب نكاح الجنيّات الملحدات، باب نكاح الملائكة، وفصل كامل حول نكاح البهائم، وجواز وطئها أثناء الصيام و...إلخ. اجتمع مجلس حكماء البلدة بِ خصوص امبارسون. و بعد المداولات والنقاشات حول موقع ومكانة طرطب بين البلدان الأُخَر، توصَّلوا إلى اتفاق، وتمَّتْ كتابة ما يشبه الميثاق الوطني، وأقسم الجميع على الالتزام و العمل به. كان مضمونه، أن يتم تداول و نَشْر المعلومات و الصفات الجديدة عن أمباسون(عدد كبير منهم كان يلفظ اسمه أبَّاسون، و لأنَّ النون هي في آخر الكلمة، فَ غالبا كانت تُهمَل أثناء النطق، و بالتالي كان الاسم يتحوَّل إلى أبَّاسو). مع مرور الزمن، تحوَّلَ موضوع أبّاسو إلى مسألة وطنية، و فيما بعد، أصبحت مسألة شخصية، و راحَ الدفاع العُصابي عنه يسيطر على وجدان أبناء و بنات البلدة. إنَّ هذا السلوك في التعامل مع الوثيقة الوطنية و الدفاع الأعمى عن أبَّاسو، جعله طوطما حقيقيا. و راحوا يصدّقون ما كتبه الجيل الأول المعاصر لِ أبّاسو، بِ حيث أصبح، مجرَّد السؤال عن حقيقة صفاته الشخصية، خيانة وطنية، لا بل أكثر من ذلك، فَ تَمَّ الربط بين حقيقة علومه و مساهماته في تطوّر الحضارة الأنسانية، و بين تراث و ثقافة شعب طرطب، و في النهاية، الربط بِ عقيدتهم و دينهم. و اعتبروا أيّ مَسّ، أو شَكّ بِ صورته الجديدة، أو أيّ استهزاء و سخرية من حقيقته، هو مَسّ و سخرية من المقدسات و استهزاء من جوهر العقيدة. هكذا تمَّ اختراع خرافة أبَّاسو الطرطبي (نسبة إلى طرطب)، و ربطها بِ العقيدة و المقدّسات. كانت تلك الوثائق و المخطوطات، و خاصة الرسوم و الكروكيات، التي كان طافيت قد رسمها، و أيضا، تلك الوثائق التي كانت تشرح المؤلفات المُنْجَزة، و المخطوطات التي كانت قيد الكتابة، أيْ بِ كلمة، أنَّ معظم مؤلفات و نظريات و مخطوطات أبّاسو(هامبارسوم، اسمه في المعمودية) كانت قد نُقِلَت إلى متاحف و جامعات و مراكز البحوث الفرنسية. حَصلَ ذلك عن طريق العلماء الذين رافقوا حملة نابليون على مصر. إنهم كانوا على علمٍ بِ تراث العالم هامبارسوم(أبّاسو). كان قد ذاع صيته، كَ عالم و فيلسوف، عن طريق التجار الذين كانوا يذهبون، بِ بضائعهم، إلى دمشق و القدس و بيروت، و من هناك، تكون أخباره قد انتقلت إلى شمال و غرب البحر المتوسط. أمّا العلماء الفرنسيون (جان كلود رينو، و شامبليون، و سيمون ايمانوئيل، و غيرهم)، فَ قَدْ حصلوا عليها بِ وسائلهم و طرقهم الخاصة، و تمَّ نقلها إلى باريس. و هناك تمَّ تصنيفها و أرشفتها، و ذلك بِ إعطائها أرقاما و رموزاً خاصة بِ محفوظات مراكز البحوث و المتاحف. فَ مثلا، المخطوط الذي كان يحوي رَسْماً يُمَثِّل تجربة التبوّل واقفا، و الذي كان طافيت قد كتبَ تحته "قانون أبّاسو الثاني - طَرْد الجاذبية الأرضية–". هذا المخطوط كان قد دَخَلَ إلى محفوظات مراكز البحوث و المتاحف في باريس، تحت التصنيف التالي:
TA215/AB03/NA01-EG
TA- الأحرف الأولى لِ مسقط رأس أبّاسو– TARTAB-
215 – الرقم التسلسلي لِ المخطوط.
AB – الأحرف الأولى لِ اسم العالم أبّاسو- ABBASO-
03 – رقم الكروكي لِ حركة جسم في الفضاء.
NA01 – حملة نابليون الأول.
- EG مصر
أمّا المخطوط المتصل بِ الشكل المتصالب، و الإنسان المنبطح في الهواء، و الذي كان قد كُتِبَ تحته " العالم أباسون يطير في السماء"، فَ قد صُنِّفَ هكذا. TA216/AB05/NA01-EG. بعدَ أكثر من قرنين من الزمن، ظهَرَ قسم من مخطوطات(طَرْطَبْ) في دمشق و بيروت. فَ في منتصف الثلاثينات، أو أكثر بِ قليل، من القرن المنصرم، و ربما يكون في عام/1938 /، وخلال الانتداب، كان قد جاء علماء و أكاديميون فرنسيون إلى سوريا. كان العالم الفيزيائي برونو، و الأكاديمي جوليان المتخصّص في علوم الفضاء و الفلك، من ضمن المجموعات المتخصصة التي أوفَدَتْها الحكومة الفرنسية لِ تجهيز البنية التحتية لِ المعاهد و الجامعات، و مراكز الأبحاث في الدولة السورية. و وَضْع الأسس لِ اعتماد الوسائل المتطوّرة، و المناهج الحديثة في التعليم الأكاديمي. كان يعمل معهم بروفيسور سوري، فاضل عزوز، كان قد درسَ في جامعة تولوز، ودافع عن رسالة الدكتوراة في الفيزياء، وبالضبط، في علم الآيروديناميك. البروفيسور، فاضل، كان في الثلاثين من عمره حين عَملَ مدَرِّسا لِ مادة الهيدروليك في جامعة السوربون، و خلال العمل في التدريس، تعَرَّف على زملائه الفرنسيين، برونو و جوليان. كان البروفيسور، فاضل، يُدَرِّس نظرية الجناح، إلى جانب مادة الهيدروليك. استمرَّ في الجامعة إلى أنْ عاد إلى البلاد، بناءاً على طلب الحكومة الوطنية، بِ الاتفاق مع السلطات الفرنسية و رئاسة جامعة السوربون. كان العالم برونو قد أَطْلَعَ زميله الاستاذ عزوز، بعد عام من بدء العمل معاً في سوريا، على المخطوطات التي كان قد حصلَ على عدة نسَخْ منها من مكتبة المعهد العالي لِ الفيزياء، و التابع لِ مركز أبحاث الفضاء. قَدَّمَ برونو نسخة من تلك المخطوطات إلى الاستاذ عزوز، و راح الأخير، فيما بعد، يدرسها بِ اهتمام شديد. يطَبِّق عليها المنهج التحليلي، و نظرية التفكيك، لِ الحصول على إشارة ما، أو لُغْزٍ علميّ يدلّه على فكرة، أو نظرية ما، لِ ظاهرة علمية، أو اكتشاف علمي جديد؛ لكنه لم يصلْ إلى أيّة نتيجة. بَدَّلَ أسلوب البحث و التحليل. لجأ إلى نظرية الانبثاق لَعَلَّه يحصل على معلومة مُخَبَّأة بين الأرقام المدوَّنة على تلك الرسومات. و هذه المرة راح يركِّز على الكروكي الذي يحتوي على شكل إنسان له جناحين و ذيل. و بدأ بِ التعمُّق في القياسات و الأرقام. أخذَ صورة الجناح بِ مفرده، و راح يقيس أبعاده بِ دقّة. الطول، العرض، السماكة و الشكل الانسيابي له، بدءاً من مكان اتصاله بِ جَذْعِ (جسم) الطائر. أراد التحقّق ما إذا كان العرض بِ نَفْسِ المقاس من عند الجذع و حتى نهايته، و هل أنَّ سماكة الجناح هي نفسها على كامل العرض؟ أراد أن يعرفَ ما إذا كان السطح المواجه لِ الأرض مستوياً أم مقعَّراً، أو محدَّباً. هذه المعلومات لا يمكن الحصول عليها إلّا من المقاطع التفصيلية لِ الجناح، و نفس الأمر بِ النسبة لِ السطح الخارجي، المواجه لِ السماء. و بِ سَبَبِ غياب، أو فقدان، المقاطع الجزئية(التفصيلية)، لم يصل إلى معرفة أيّ شيء بِ خصوص الشكل الخارجي و الانسيابي لِ الجناح. مسألة أُخرى كانت تشغله، و تأخذ جهدا كبيرا منه، و هي الدفعة الأولى لِ الجسم الطائر. هل حصل على الدفعة الأولى عن طريق القذف النابضي؟ و إذا كان الجواب إيجابا، فَ كم كانت سرعته البدئية، في هذه الحال، و ما هي المسافة التي قطعها إلى حين سقوطه على الأرض؟. في أيّة نقطة من المنحني، أو المسار، بدأ الجسم بِ الانحدار نحو الأسفل، و كم كانت المسافة التي قطعها، و هو في المستوى الأفقي في طيرانه؟. هناك احتمال أن يكون قد اكتسبَ الدفعة الأولى عن طريق الدفع الميكانيكي. و في هذه الحال، هل كانت سرعته خلال طيرانه، في الوضع الأفقي قُبيل السقوط، أكبر منها في الحالة الأولى؟. راح البروفيسور عزوز يفترض أرقاما، لِ قوة الدفع الأولى، و من ثم، يبدأ بِ حساب السرعة و المسافة المقطوعة، و الزمن الذي قطعه إلى حين سقوطه. و عن طريق المعادلات التفاضلية و التكاملية، حاول معرفة الزمن الذي عنده بدأ الجسم بِ التباطؤ، أو بِ الأحرى، الزمن الذي عنده بدأت سرعته بِ التخامد، طبعا آخذا بِ عين الاعتبار،عوامل الطقس وقتذاك(كثافة الهواء، سرعته، اتجاه الرياح...إلخ). بذلَ البروفيسور عزوز جهدا استثنائيا في الدراسات التي أجراها على تلك المخطوطات، و بِ خاصة، تلك المتعلّقة بِ الفيزياء والطيران. واصلَ العمل في الحسابات والتحليلات والافتراضات، والاستعانة بِ المراجع المعنية في تلك العلوم. استمرَّ في العمل مدة سنتين، وفي النهاية، لم يصلْ إلى نتيجة ذات معنى علمي رصين، لا في مجال الفيزياء، ولا في مجال ديناميك الموائع، ولا، حتى، في مجال الطيران.كان من عادة الاستاذ عزوز، أثناء خوضه في الدراسات و الأبحاث،أنْ يسجِّلَ ملاحظات وحواشي على الهوامش من الوثائق.وحين الانتهاء من عمله، كان يقوم بِ إزالتها(مسْحها). وكان قد فعلَ ذلك على هذه المخطوطات أيضا، لكنه، و لِ أسباب مجهولة، كان قد نسيَ إزالة ملاحظاته من على المخطوطات، وكانت إحداها والمدوَّنة على المخطوط TA216/AB05/NA01-EG. كانت الملاحظة المدوَّنة على هذا المخطوط: "إن هذا الجسم الطائر، بِ التأكيد، كان ينقصه الدَنَب(الذيل)". اعتذر لِ زملائه عن توقّفه و تخلّيه عن متابعة تلك المخطوطات العجيبة، و التي لم يفهم منها أيّة مسألة علمية، و خصوصا في مجال الفيزياء و الطيران.
بعد ربع قرن تقريبا، من الوقت الذي تخلّى، فيه، الدكتور البروفيسور عزوز، عن مهمته في تحليل و دراسة مخطوطات(طرطب)، انتقلت تلك المخطوطات إلى أيدي أكاديميين جُدُد. هم أيضا درسوا علوم الفيزياء و الهندسة الميكانيكية بِ مختلف الاختصاصات(التيرموديناميك، الطيران، الهيدروليك، نظرية الآلات، علم الحرارة و الطاقة...إلخ). هذا الجيل كان متحمّسا لِ الأبحاث العلمية و تطبيقاتها في الواقع العملي. كانوا متحمسين لِ خدمة الوطن، و مدافعين صلبين عن القومية و عن العقيدة الدينية و التراث العربي الإسلامي. منهجهم يختلف عن منهج الاستاذ عزوز في التعامل مع العلم. الاستاذ عزوز كان رجل علْمٍ و منطق. كان يفصل ما بين انتمائه القومي و عقيدته و دينه، و بين العلم و تجلّياته و نتائجه في الحياة. لم يُشَخْصن أيَّة قضية، أو ظاهرة في الحياة. أمّا هؤلاء الأكاديميين الجُدُد، فَ منهجهم كان وليد المنهج الوطني القومي العقيدي. فَالمرجع لِ المقارنة في هذا المنهج، هو الثقافة العربية الإسلامية. فَ كلّ ما يتعارض مع الثقافة و الحضارة العربية الإسلامية، هو خطأ، و الصحيح هو ما ينطبق و يتناغم مع العلوم و الثوابت واللتراث. وعلى هذا الأساس، وهذه المرجعية، بدأ هؤلاء الأكاديميون الجُدُد أبحاثهم ودراساتهم على المخطوطات التي انتقلت إليهم، من بَعْدِ المحاولات التي قام بها الاستاذ عزوز، و التي كانت نهايتها الفشل في الحصول على نتيجة علمية. كانت المخطوطات قد انتشرت في الحجاز و حضرموت و بغداد قبل حملة نابليون الأول على مصر. و كانت قد وصلت إلى الأندلس عبْرَ مضيق جبل طارق. حتى أنَّ بعضا من الباحثين العرب اعتبر أبّاسو مغربيا، و البعض الآخر قال بِ أنّه أندلسيّ من أبوين مسلمين. و قدَّموا أدلّة على الشبه بين اسمه و الأسماء الإسبانية و الإيطالية، حيث أنّها تنتهي، كما اسم أبّاسو، بِ الحرف- - Oكَ (رودريغو، خوليو، رونالدو، سيرجيو...إلخ). و راحوا يفتّشون عن حقيقة اسمه، و ذلك بِ للجوء إلى الاحتمالات، و تفكيك الآسم، و من ثمَّ تركيبه إلى أقرب ما يكون من الأسماء العربية. أخذَ أحدهم الاسم، و كتبه على ورقة أمامه( أبَّاسو)، و قام بِ تفكيكه على النحو التالي.(أَبّا سون)، وفكَّرَ في التأويلات و المعاني الممكنة له. كان صعباً عليه إيجاد تأويل مقبول. ذهبَ إلى احتمال آخر (أبْ باسون)، في هذا التفكيك، حاول أنْ يُقرِّبَه إلى الدارج بين العربان، حيث ينادون بعضهم بعضا بِ الألقاب مثل (أبا جاسم، أو أبو جاسم). فَ قام بِ تأويل الاسم أبْ باسون إلى (أبو باسون، أو أبو باسين، و ذلك بِ الاعتماد على جواز قَلْب الواو ياءً)، كانت لديه عقبة الباء في(باسين)، فَ كيف سَ يتصرَّف بِ هذه الحرف، حيث أنّه أراد أنْ يقلبها إلى الياء. لو أنّه نجح في ذلك، لَ كان المعنى قد استقام، و لَ كان قد حصلَ على اسم لا غبار عليه، كما هو بين العربان(أبو ياسين). فكَّرَ في النتيجة، و كان بِ إمكانه إقناع نفسه بِ هذه التوليفة. إذْ أنَّ اللغة العربية كُتِبَتْ، في بداياتها، من دون تنقيط، حتى أنَّ القرآن أقدس وثيقة تاريخية لدى المسلمين، كان قد كُتِبَ، في البدايات، من غير تنقيط. و بناءً عليه، ربّما كانت الباء ياءً. تأمَّل هذا التفكيك و التركيب، و التأويل، كانت النتيجة جيدة و مقنعة. فَ كل ما افترضه في موضوع أخْذ أحرف مكان أحرف أُخَر، و قَلْب أحرف إلى أحرف أُخَر، كان هذا العلم قد طُبِّقَ في لسان العرب. لكنه كان خائفا من اتهامه بِ المَسّ بِ المقدَّس، أو التطاول على كلام الله، و إخراجه من سياقه الإلهي. لذا صرَفَ النظر عن تلك النتيجة الأقرب إلى ما كان يرغب في إثباته حول هوية العالم أبَاسو. في الأثناء، كان باحث آخر يعمل على نفس الموضوع، محاولة معرفة حقيقة اسم(أبّاسو). خلال دراساته و أبحاثه في علوم اللغة، و تطبيق احتمالات ولادة أحرف من أحرف، و تقمّص أحرف أحرفاً أُخَر. وضّعَ احتمال أنْ يكون أصل اسم(أبّاسو) هو(قبّارسو)، ولأنَّ الأحرف الأخيرة في الأسماء والكلمات، غالبا ما تتلاشى وتغيب عن السمع، لذلك، ربّما كان الاسم (قبّارسون، أو قبّار أسُود)، و كان مرتاحا لِ هذا التأويل، لأنه يعطي رمزية جبّارة لِ عالم على درجة عالية كَ العالم(أبّاسو)، لذلك راح يشتغل على هذا الاحتمال. فَ اعتبر أنَّ أصل اسمه هو( قَبّار أسود). و بدأ بِ تطبيق أدوات علم المورفولوجيا، و علم الصوتيات- Phonetics- عليه. إذن، الاسم( قبّار أسود) يصبح مع النطق في سياق الحديث بين الناس( قَبّارسود) حيث حرف الألف تتلاشى أثناء النطق، و حرف الراء هي الآخرى تضيع لِ ثقلها أثناء اللفظ، و بِالتالي، و مع هذه التطبيقات، يتحوّل الاسم هكذا(قَبّار أسود، إلى قَبّارسود، إلى قبّاسود، و أخيرا إلى قبّاسو)، و هنا راح الباحث يتأمّل اسم (قَبّاسو)، فَ هو قريب جدّا لِ الاسم (أبّاسو). إلّا أنّه وقف طويلا أمام حرف القاف، فَ هناك فئة من العرب تقلبها إلى الجيم (المصرية)، كَ أبناء تهامة و صعدة، و فئة أخرى تقلبها إلى الألف المهموزة، أو الهمزة، كَ أهل الشام و لبنان، و بناءً عليه، يمكنه أنْ يختار الحرف الذي يناسب موضوع بحثه، ألا و هي حرف(الألف المهموزة)، و بذلك يصبح الاسم(أبّاسو). راح ينظر إلى الاسم، و هو بين الشكّ و اليقين من نجاحه. و بعد التعمّق في التغييرات و التحويرات الممكنة، و غير الممكنة، في علم اللغة، و التي طبَّقها على الاسم، كان يسمع صوتا في داخله، غير مقتنعٍ بِ هذه المحاولة التعسفية التي أجراها في بحثه هذا، و بِ التالي، غَضَّ الطَّرْفَ عمّا توصّلَ إليه، و لم يعلن عن النتيجة، و كَ أنّه لم يقتنع بِ محاولته. كان لا بدَّ من إثبات عروبة أبّاسو، أمّا إسلامه، فهو ثابت، يكفي أنّه يعيش في بلاد المسلمين، فَ هو مسلمٌ، حتّى لو قام من القبر وأنكر ذلك. فَ الباحثون، و خاصة العرب منهم، منشغلون على إثبات عروبته، لأنَّ هناك عدد من المسلمين، صُنِّفوا بِ مرتبة العلماء في شتّى المجالات، حتّى دون اعتراف العالم الآخر بِ مرتبتهم العلمية. وأكثر من ذلك، فَ هم يفرضونهم كَ علماء على العالم، حتّى، دون تقديم نظرياتهم وقوانينهم العلمية إلى المحافل الدولية، و المجامع العلمية.هؤلاء الباحثون الجُدُد كانوا قد سمعوا بِ المحاولات التي قام بها باحثون من قَبْلِهم، منذ قرون مَضَت، بِ خصوص حقيقة اسم العالم(أبّاسو). لذا، راحوا يفتِّشون عن الوثائق المتعلّقة بِ أبحاثهم، و النتائج التي توصّلوا إليها، فَ ربَّما تفيدهم في أبحاثهم المستقبلية حول التراث العلمي لِ(أبّاسو). عثر الباحثون الجدد على أوراق تعود إلى حقبة دوكالبيوس الذي تزوَّج إحدى عشر إمرأة، و كانت مناتاسيا أولاهنَّ، و كانت قد أنجَبَتْ تسعة أولاد. و كان مجموع أولاده من نسائه الإحدى عشر/82/ ولداً (ذكر و أنثى)، و كان عدد ذريته، حين بلغ الخامسة و السبعين من عمره /2666/. لقد رَكَّزَ الباحثون الشباب على رحلة حفيده، رخمانديس، الذي قَدِمَ إلى قوم ابراهيم و اسحق، و تزوَّجَ واحدة من بناتهم( آريئيلا). كانت آريئيلا، قد أنجبَت ثلاثة أولاد، خلال أربع سنوات من زواجهما.وفي السنة الخامسة، التحق رخمانديس بِ قافلة متوجِّهة إلى بلاد الهند. خلال مطالعتهم لِ أوراق تلك الحقبة، وقعَ بصرهم على واحدة من تلك المحاولات، في تفسير و توليف الأسماء و تقريبه، قدر الإمكان، إلى اسم العالم(أبّاسو). كانت المحاولة تكمن في العمل على اسم ابن رخمانديس من(آريئيلا)، و هو (بن زيون) = (ابن صهيون). كان رخمانديس قد رُزِقَ بِ بنتين و ولد، و هم(آهافا، و خافا، و بن زيون). آهافا(الحُب) هي الإبنة الكبرى، و خافا (حواء) الإبنة الصغرى، و بن زيون(ابن صهيون) الإبن الوحيد من(آريئيلا). كانوا قد حاولوا تفكيك و تركيب اسم، بن زيون لِ تقريبه إلى اسم، أبّاسو، و هذه المرّة بِ شكلٍ مباشر، وذلك عن طريق الافتراضات. فَ(ابن صهيون) يمكن اعتباره (اب صهيون)،أو(أباصيون)، وهذا يمكن تحويله إلى (أباصون)، و بِ إهمال النون في آخر الكلمة، يصبح الإسم (أباصو)، أو (أبّاسو)، لكنهم رأوا بِ أنهم بالغوا كثيرا في محاولتهم هذه، و لذلك، لم يأخذوا بِ النتيجة، و اعتبروا بِ أنهم قد فشلوا في مسعاهم. قرَّرَ الباحثون الشباب تجميع تلك الوثائق، وَ وَضْعِها على الرفوف، و الانتقال إلى الوثائق التي كانت قد جاءت إلى المركز من علماء أمازيغ. و بينما هم يضبّون الأوراق و يُرَتِّبونها في مَحَافِظَ جلدية، و إذْ بِ وثيقة من الورق البردي تلفتُ انتباههم. اضطلعوا عليها. كان محتواها تتحدَّثُ عن موضوع مختلف، لكنه على علاقة، أو على صِلة بِ المعجزات التي تَزْخَرُ بها العلوم الإسلامية. تقول الوثيقة: أنَّ المهندس سليمان، طبعا سليمان- صاحب الهيكل-، أو بِ الأحرى، كبير المهندسين، سليمان، كان يحلم، و يتمنى أنْ يقوم بِ بناء أبو الهول، و تشرح الوثيقة أنَّ أبا الهول هو جزء من الثقافة الإسلامية، أو بِ الأصح، جزء من التراث الإسلامي. و أنَّه شاهِدٌ على كون الذين بنوه هم من المسلمين، لا بل، أكثر من ذلك، فَ أبو الهول يشهد على أنَّ آل داود هم البناة الفعليون، و على أنَّ آل داود هم من المسلمين. بعد قراءتهم لِ هذه الوثيقة، تمنّوا لو أنَّ هؤلاء الباحثون الأوائل نجحوا في الربط بين اسم أبّاسو و اسم بن زيون(ابن صهيون). راحوا يطالعون الأوراق التي كانت تدور محتواها حول احتمال أنْ يكون الاسم شرقيّاً، عربيا، لكن بِ تأثير التهجئة الإسبانية في نهاية الكلمة، أو الاسم. و من بين عشرات الأوراق التي احتوت على محاولات الباحثين في تحليل و تركيب الأسماء، عثروا على بعض منها مثل. أبا ايسو، و الذي كان في الأصل، أبا عيسو، و لأن العين يُلْفَظ كَ الهمزة، فَ صار الاسم أبا إيسو...إلخ من هذه التأويلات، و كانت جديرة بِ الاهتمام، إلاّ أنَّ أصحابها لم يكملوا بحثهم، لكن كانت هناك وثيقة أُخرى تشرح أصلَ الاسم كما يلي: الاسم هو(أبْ اباس) يعني في الأصل(أبْ عباس)، و الذي هو(أبو عباس). لكن المشكلة في هذا التحليل كانت في أل(O) اللاتينية، لذلك لجأوا إلى تحليل و تفسير آخر، وهو أنَّ الاسم كان في الأصل أبّاس، أيْ عَبّاس، و بِ إضافة اللكنة الإسبانية (O) إلى نهاية الاسم، فَ يصبح (عبّاسو)، و بِ تبديل العين بِ الألِفِ المهموزة(أ) يصبح الاسم (أبّاسو)، أيْ ( عبّاسُ)، و هناك ظاهرة في بلداننا، و خاصة في المدن و البلدات ذات العلاقات العائلية، و العشائرية، الناس- غالبا- ينادون يعضهم بِ هذه الصيغة (عبّاسو، سليمو، محمدو، صامو، خليلو، كبرو...إلخ)، و ذلك إمّا لِ التحبّب، أو التصغير. إذن، فَ مخطوط طرطب، هذا، يتحدَّث عن العالم(عَبّاس). كانت هذه النتيجة مقنعة لِ الباحثين الشباب. و في الحال، شَرَعوا في تشكيل فُرَق و لجان علمية لِ إحياء ذكرى، تراث العالم(عَبّاسوABBASO =) أوَّل مَنْ حاول الطيران، و أوَّل مَن وضَعَ أسس و مبادئ و قوانين الطيران. حين كان يتمّ البحث عن نظريات العالم عَبَّاسُ ( (ABBASOفي الفيزياء والرياضيات و الفلك و...إلخ، في المراجع العالمية لِ العلوم و الاختراعات، و في الويكيبيديا، كانت تظهر مقالات عن شخصيته و عن عبقريته و اكتشافاته و اختراعاته، تفيد بِ أنَّه كان عالما فذّا في الرياضيات و الفيزياء و الفلك و الفلسفة، و كان حكيما و قانونيا و شاعرا و... و في نهاية المقال يقول الكاتب: "مِن المؤسف أنَّ معظم آثاره و مؤلَّفاته و ترجماته فُقِدَتْ، و لم يبقَ منها إلّا بعض أخبارها في بطون المصادر مُسْتقاة مِمَّنْ تَرْجَمَ لِ حياته أو أُخِذَ عنه". عجبا! لماذا لم تضِعْ آثار و نظريات العلماء الذين كانوا معاصرين له، لماذا لم تَضِع قوانين لافوازيه و نيوتن و فيثاغورث؟ و لماذا لم تبقَ حتى مسودة نظرية أو قانون رياضي أو فيزيائي من إبداعاته و اكتشافاته؟! منذ أنْ انتشرت هذه المعلومة، قبل ما يقارب السبعين عاماً، أصبحت طرطب مزاراً، وأصبح لها يوما في السنة. ربّما كان في فصل الربيع، حيث يخرج أهالي القامشلي، مع عائلاتهم، إلى طرطب. و كان ذاك اليوم، أشْبَه ما يكون، يوما كرنفاليا. كان الشباب و الشابات، الصغار والكبار، يلعبون، يصعدون إلى قمّة التلّة، ويفعلون ما كان الشاب البسيط (هامبارسوم) يفعله قبل قرون. لكن الأهالي لم يكونوا يعلموا ذلك، حتّى أنَّ يوم زيارة طرطب، أخذ طابعا دينيا.أمّا الجيل الأول من الدارسين، و الذين كانوا معاصرين لِ هذا الاكتشاف التاريخي، عرفوا حقيقة الأمر، و كانوا مستغربين من الموضوع. لكن الضربة كانت قد أخذت مكانها، كما يُقال، و هامبارسوم كان قد أصبح عالِما على المستوى العالمي، و خاصة بعد أنْ تبنّته الأمة العربية و الإسلامية، و بعد أنْ أصبحت تعقد المؤتمرات العلمية، كلَّ عام، في جامعات الدول العربية، و بِ شكلٍ دوري، تحت عنوان "تاريخ العلوم عند العرب". إذن! نحن أيضا خرج من وسطنا عالِماً، و ما الضير من ذلك، هكذا كان يردِّدُ أهل القامشلي.هل الغرب هو أكثر ذكاءاً من الشرق؟ طبعاً كانوا يقولون ذلك بِ روحٍ فكاهية. هكذا إذن! فَ أنطو القَوَّاق ربَّما يكون من عشيرة(هامبارسوم).
06-08-2023



#فاهان_كيراكوسيان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عجاج يثرب و ياسمين الشام
- فرسان المؤامرة الكونية
- الشعب يريد شوارب السلطان
- انهيار امبراطورية مردوخ
- ثورة الخفافيش
- المخاض التركي الطويل
- دمشق الياسمين
- تحالف الحضارات ضد العصابات
- عاصفة الأناضول
- أمريكا القدوة الحسنة أم....؟
- عليكِ يا سوريا السلام
- حرائق الشرق
- خلاص دمشق في أل - مو معقول


المزيد.....




- الغاوون ,قصيدة عامية بعنوان (العقدالمفروط) بقلم أخميس بوادى. ...
- -ربيعيات أصيلة-في دورة سادسة بمشاركة فنانين من المغرب والبحر ...
- -بث حي-.. لوحات فنية تجسد أهوال الحرب في قطاع غزة
- فيلم سعودي يحصد جائزة -هرمس- الدولية البلاتينية
- “مين بيقول الطبخ للجميع” أحدث تردد قناة بطوط الجديد للأطفال ...
- اللبنانية نادين لبكي والفرنسي عمر سي ضمن لجنة تحكيم مهرجان ك ...
- أفلام كرتون طول اليوم مش هتقدر تغمض عنيك..  تردد قناة توم وج ...
- بدور القاسمي توقع اتفاقية لدعم المرأة في قطاع النشر وريادة ا ...
- الممثل الفرنسي دوبارديو رهن التحقيق في مقر الشرطة القضائية ب ...
- تابع مسلسل صلاح الدين الايوبي الحلقة 22 .. الحلقة الثانية وا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاهان كيراكوسيان - قوانين عباس بن فرناس