كاظم فنجان الحمامي
الحوار المتمدن-العدد: 7680 - 2023 / 7 / 22 - 11:19
المحور:
الصحافة والاعلام
وجه علماء الصرف والنحو قبل سنوات انتقاداتهم ضد ما اسموه (لغة الجرائد)، نذكر منهم المفكر الكبير إبراهيم اليازجي الذي له كتاب كبير بهذا الشأن. تناول فيه الكم الهائل للأخطاء اللغوية والمفردات والكلمات والألفاظ الدخيلة، التي طرأت على اللغة العربية في الحقبة التي انتشرت فيها الصحف والمجلات. .
كان هذا في القرن الماضي. اما الآن فقد تعرضت لغتنا إلى هزات عنيفة متعاقبة، هبت عليها مع رياح البث التلفزيوني وترددات الفضائيات. ثم تبعثرت مفردات اللغة وقواعدها على منصات الفيسبوك وتويتر والانستغرام والواتساب، التي صارت منبرا لغير المتعلمين الذين يتحدثون في كل الاختصاصات، وانتشرت كتاباتهم وتعليقاتهم بسرعات عابرة للحدود، من هنا بدأت تسللت إلينا فلول الجحوش الالكترونية المسلحة بالتفاهات، والكلمات المشبعة بالشتائم واللعنات، والالفاظ النابية والعبارات الجارحة، وباسماء مزيفة ومستعارة. وظهرت علينا صفحات مسيئة تتحدث بلغة هابطة مليئة بالضحالة والاسفاف، فارتفعت الاصوات المطالبة بشجبها وردعها ومحاربتها. وما زاد الطين بِلة ان شبكة الفيسبوك لا تطالب المشتركين بشهادات عليا، فهي عبارة عن منتديات عامة مفتوحة للصغير والكبير والعاقل والجاهل، يجد فيها المشترك الابواب مفتوحة للكتابة بمفردات اللغة التي يختارها على هواه، فيكتب بلا قواعد وبلا التزام وبلا معايير اخلاقية، فيدلي بدلوه كيفما يشاء، واحيانا يكتفي بالتعبير عن رأيه بعلامات الرفض والاعجاب، أو بالملصقات والرموز والمختصرات والمؤثرات الشكلية والصوتية. التي تشكل في مجموعها لغات جديدة غير خاضعة للسيطرة. .
قبل بضعة أيام اعترضت على ضابط بحري يكتب عنوان وظيفتة بالشكل التالي: (ظابط بحري) فحاولت تصحيح الخطأ الاملائي باسلوب مهذب، لكنني تلقيت هجمات مشاكسة منه ومن جماعته. واللافت للنظر ان بعض كبار السياسيين لا يحسنون قواعد الإملاء، فيخطئون في كتابة الهمزة، ولا يميزون بين الهاء والتاء المربوطة. ولا يترددون من استعارة المفردات السوقية الشائعة في الأفلام الأجنبية. .
ختاماً ستلقي هذه اللغات بظلالها السلبية على سلوك العام. وستؤثر على قيمة الكلمة ودلالاتها الاخلاقية، وسوف تترك تداعياتها بما لا يقبل الشك على مناهج التربية والتعليم. . .
#كاظم_فنجان_الحمامي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟