أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالامير الركابي - 14 تموز الثورة العالميه غير الناطقة؟*















المزيد.....

14 تموز الثورة العالميه غير الناطقة؟*


عبدالامير الركابي

الحوار المتمدن-العدد: 7677 - 2023 / 7 / 19 - 22:48
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


من بين الاقوال النادرة المخالفة لركام الاقوال بحق ثورة 14 تموز 1958 العراقية، يحضر قول المفكر والمستشرق الفرنسي مكسيم رودنسن: "إن ثورة 14 تموز العراقية هي الثورة الوحيدة في البلاد العربية"، وهو راي لائق بلا شك بشخص من بلاد الثورة الكبرى الاولى الحديثة، فالعالم الحالي شهد بالاحرى ثلاث ثورات داله على نوعه، وعلى طبيىعة المتغيرات الانقلابيه المجتمعية المواكبه له، الاولى الفرنسية، والثانية الروسية، والثالثة الموافقة تماما للمنقلب الحاصل، هي العراقية اللاارضوية غيرالناطقة التي نتحدث عنها.
والثورات الثلاث تحاكي اشتراطات الانقلابيه الالية، وثلاثتها ظلت من دون ان تحظى بالتقييم المطابق فعلا لطبيعتها، والمؤدى الذي تولد عنها، او حركها، ولان الجانب "الطبقي" بحسب المنظور الغربي ظل غالبا على الجانب الالي، فلقد سادت بناء عليه وجهة تغليب المجتمعية على الالية في التقييم والبحث، بالخصوص في التمييزبين الحدثين الاولين، لدرجة اسباغ صفات عليهما لاتناسب حقيقتها، وهو ماقد رافق الثورة الروسية عام 1917 تحديدا، باطلاق صفة الاشتراكية عليها، علما بان الحاصل في فرنسا وروسيا هو انقلاب آلي، مترافق مع حضور، اما برجوازي اكمل كلاسيكي فرنسي، مقابل حالة روسيا، حيث البرجوازية الاضعف/ ماقد استوجب استعارتها للمفهوم "الطبقي" الاوربي الماركسي، كي تضفي على انقلابها الالي بخصوصيته البراجوازية الضعيفة الامتكافئة، والشرقوية الاستبدادية، مواصفات متعدية للانقلاب الكلاسيكي.
ونحن هنا وفي الحالتين امام توهمية انية، ولدها انبجاس الالة بصيغتها "المصنعية" كعتبة اولى سائرة الى مابعدها من تحورات مفروض على الالة ان تمر بها، وصولا الى "التكنولوجيا العليا" التي هي الغرض والهدف الذي توجد الاله منطوية عليه، وذاهبة لتحقيقه، لاكما يتوهم الغرب انيا، متصورا الصيغة الابتدائية المصنعية وكانها غاية ومنتهى الانقلاب الراهن، مع اجمالي مايترتب على مثل هذا الاعتقاد من توهمات شاملة، رافقت الفترة المعروفة بالحداثية الغربية تفكرا ونموذجا.
بالمقابل يكون هنالك مسار مواز اخر، ينشا منبعثا مع القرن السادس عشر في جنوب ارض مابين النهرين، دال على الدورة الثالثة من تاريخ هذا المكان المحكوم للدورات والانقطاعات، اولى سومرية بابلية ابراهيمه، وثانية عباسية قرمطية انتظارية، وثالثة ولدت اليوم ضمن اشتراطات النطقية، بعدما ظلت اللانطقية غالبة على تاريخها ووعيها لذاتيتها الازدواجية اللاارضوية، فكان مسار تشكلها الصاعد كالعادة تكرارا اليوم من الجنوب، ومن ارض سومر متلازما خلال هذا الطور، مع مغالبة والاصطراع مع اثار ومتبقيات انهيار الدورة الثانيه واستمرارها كحالة "برانيه" متعاقبة، حضورا في العاصمة الامبراطورية المنهارة، من دخول هو لاكو اليها عام 1258، الى ثورة تموز 1958 ،اي خلال سبعة قرون بالتمام والكمال، الامر الذي لابد ان يؤخذ كانقلاب تاريخي اعظم، فالعراق ساعتها ومع اطلالة فجر 14 تموز 1958، كان على موعد مع زوال عصر هولاكو، باسم التحررالوطني، مع محطته الاخيرة الغربية الاسقاطية، التي تبدا مع نزول القوات البريطانيه في الفاو جنوبا عام 1914مغيرة مع حضورها ايقاع الطور البراني وفعله، ونوع حضوره.
هنا تقف فاصلة، نقطة تميز هامه، فالعراق يومها كان بصدد تحقيق جانب اساس من استعادة الذاتيه، الامر الذي لاعلاقة له، ولايمت فعليا بصلة لما متعارف عليه من سرديات ومفاهيم تنتمي للتوهميات الغربية "التحررية"، فالعراق يتبع لهذه الجهة خاصياته التكوينيه، ومايترتب عليها من مسارات ونتائج، تتمثل في حالتنا التي نحن بصددها، بانهيار دورة تاريخيه امبراطورية كونيه، هي تلك التي قامت بعد الفتح الجزيري في القرن السابع، تلك التي رفعت عن الاليات الرافدينيه ثقل الاحتلال الفارسي، لتعود هذه للانبعاث صعدا حتى منتصف القرن الثالث عشر، عندما انهارت لتبدا فترة من البرانيه التعاقبية الاحتلالية، انتهت عمليا يوم 14 تموز.
واستعادة الذاتية لاتعني والحالة هذه، ما هو معروف حسب المفهوم الببغاوي الويرلندي، الكيانوي المفبرك، المفروض على كيانيه متعدية للكيانيه، لم تعرف في تاريخها الاطول بين التواريخ البشرية، "الكيانيه الوطنيه"، فكانت تتجلى ابتداء من سرجون الاكدي، امبراطوريا او كونيا لاارضويا، مع الامبراطورية الكونيه السماوية اللاارضويىة الابراهيمه، وهذا شيء، ونوع الاسقاطية الغربيه ونموذجيتها الخاصة ( الوطنية/ القومية )، وكيانيتها ( الدولة / الامه) شيء اخر، كل منهما نتاج مجتمعية، هي في العصر الحديث الشكل البراني الاخير الذي جرت محاولة فرضة بالفبركة والاكراه، على موضع لاينتمي له، ولايمكن ان يقبل العيش تحت وطاته التي تخص كينونه اخرى مختلفة.
هذا جانب من جوانب الثورة كما تجلت واقعا، اما الجانب الاخر الذي لايقل اهمية كمحرك جوهر، فيعود الى الطبيعة النمطية، والكينونه التي لم يحدث ان جرى التعرف على نوعها، الا كحالة "فوضوية" عزاها الحزب الشيوعي العراقي بعبقرية الى "قلة التربيه"(1)، اشارة الى السلوك المتعدي للارضوية، الذي غمر سلوك الجماهير وقتها كموجه ولحظة تعبيرية طبيعتها مناقضة للمجتمعية التمايزيه، الامر المتفق مع اللحظة كونيا، اكثر من تلك البرجوازية( الليبرالية) الاوربية، او مايسمى الاشتراكية الايديلوجية الارادوية الاحادية، فالعراق تكوينا نمطين وصنفين مجتمعيين، لاارضوية ناشيء عن اشتراطات البيئة الطاردة، والانتاج على حافة الفناء، كما الحال بظل النهرين المدمرين العاتيين، وكل الشروط المحيطة والبيئية المجافية، مايجعل المجتمعية متجههة سماويا لاارضويا، واخرى عادية الى الاعلى في " عراق الجزيرة"من نوع التمايزيه الاجتماعية السلطوية والتملكية الارضوية، تنشا في الاعلى، وتسعى مااستطاعت لبسط سلطتها المستحيله على مجتمعية من نوع اخر، ومقومات مباينه مناقضة كليا، مايحدو بها للنزوع الامبراطوري، والى التوضع خارج المجتمع الاسفل، في مدن كبرى محصنه اشد تحصين هي بالاحرى نوع ( مدينه / امبراطورية)، تمارس بالغزو الداخلي عند اللزوم، لاجل حلب الريع الزراعي، الغزو الداخلي، المكلف للغاية، لتعود بعدها وتنكفيء داخل اسوار مدنها الحصينه، كما بابل وبغداد.
كان النزوع لما يسمى وسمي بالفوضى اليوم، هو التعبير اللاارضوي ضد الارضوية والمجتمعية الجسدية الحاجاتيه، نمطيتها وكبنونتها سعيا لازالتها من الوجود، من هنا تولد الميل الى اكل الدولة القائمه ورموزها، وسندها المجتمعي المصطنع في الريف، وكل اشكالها كاول تعبير " حديث"، و " معاصر" عن الانتقالية اللازمه والضرورية الى مابعد ارضوية، هذا مع التنويه بان اللاارضوية الحاضرة بالصيغة الاولية التي حضرت فيها وقتها، كانت تعاني من نقص الوسائل المادية الضرورية واللازمة لتامين الانتقال الى اللاارضوي، هذا غير شرط الاعقالية والادراكية الواجبة لذاتيتها، وكيفيات واشتراطات تحققها وعيا، مما تسبب في بعض مظاهر التجاوزية غير العملية، والسابقة لاوانها، البكورية الطفولية، مع مايلازم حالة من هذا النوع من بعض الفجاجة.
وهنا تكمن احدى اهم دواعي ومحركات لزوم التبلور المفهومي النطقي، التي ستكون من حينه حاضرة وحية وراء كل مسارات التاريخ العراقي، ومنطويات اصطراعيته الازدواجية مع ماهي ملزمه بالتفاعل معه من ظروف مستجدة، بالاخص بما يتعلق بالذات بالانقلابية الآلية وما رافقها وتولد عنها من اشكال خيارات وافكار، ومختلف تصورات عدت كمنتهى ومنجز اعلى على مستوى المعمورة، وبالذات على مستوى الانعكاسات الايديلوجيه ومناحي الفبركة الكيانيه الجاهزة، المسقطة على واقع مخالف نوعا.
من هنا صار تاريخ العراق اكثر واكثر بعد الحدث المذكور هو تاريخ تبلور النطقية اللاارضوية والانقلابية العالمية على مستوى المحورية وبؤرة التحول الموصول بالاليه ومساراتها، واتجاهات تبدلها، وتغير دورها، من الالة المصنعية الاولى وتوهماتها، التي لازمتها، الى "التكنولوجيا العليا" التي صارت اليوم وشيكة على الابواب، وهو مامن شانه قلب موضع الفعالية الرئيسي، من اوربا التي انبجست فيها الالة، الى ارض الازدواج واللاارضوية التي غدت اليوم على موعد مع الوسيلة المادية الضرورية لتحقق اللاارضوية، ومابعد مجتمعية ارضوية جسدية، مع انبثاق المجتمعية العقلية.
وهنا يحضر شاخطا ملحا "قران العراق"، الكتاب اللاارضوي الرابع المنتظر من سبعة الاف عام على وجه التقريب، فتنتقل التعبيريه اللاارضوية، من الحدسية الالهامية النيوية وقراءاتها الثلاث الكبرى، الى الادراكية العلّية المغيبه المؤجله، وتحل الساعة فلنتطلع الاى الافق ولنرقب التماعة الكتاب الاخير.
ليست الثورة الفرنسية، ولا الروسية هي الثورة الدالة على العصر، وعلى منطواه، بل ثورة تموز 1958 العراقية، الاشارة الاكثر حضورا الى المنتهى التحولي الانقلابي نحو وسيلة الانتاج العقلية، ومجتمعية العقل التي هي السر الواقف خلف الاله وانبجاسها، بخلاف وعلى عكس ماذهبت اليه التوهمية الاوربية واعتقدته بحسب ممكناتها الارضوية.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
• نتوقف عن مواصلة سلسله "العميل الصدامي الوحيد والمحابرات الامريكيه" مؤقتا، لاننا لم نجد انفسنا قادرين على عبور شهر تموز الجاري من دون القاء التحية على الثورة العالمية الاكبر غير الناطقة.
(1) اصدر الحزب الشيوعي الافندوي البراني وقتها وفي غمرة الثورة بيانا يلاحظ فيه "قلة تربيه الجماهير"/ مذكورمع المصدر في مقال سابق.



#عبدالامير_الركابي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العميل الصدامي الوحيد والمخابرات الامريكيه؟/7
- العميل الصدامي الوحيد والمخابرات الامريكيه؟/6
- العميل الصدّامي الوحيد والمخابرات الامريكيه؟/5
- العميل الصدّامي الوحيد والمخابرات الامريكيه؟/ 4
- العميل الصدامي الوحيد والمخابرات الامريكيه؟/3
- العميل الصدامي الوحيد والمخابرات الامريكيه؟/2
- العميل الصدامي الوحيد والمخابرات الامريكيه؟/1
- هل من شيوعية لاارضوية ثانيه؟/ ملحق ب2
- هل من شيوعية لاأرضوية ثانيه؟/ ملحق ب1
- الشيوعية اللاارضوية والشيوعية البريمريه؟/ ملحق أ
- جريمة الغرب والعقل العراقي الكسيح؟/3
- جريمة الغرب والعقل العراقي الكسيح؟/2
- جريمة الغرب والعقل العراقي الكسيح؟/1
- العراق: الابراهيمه الثانيه او الفناء؟/ ملحق 3
- الذهاب للعالم الآخر بدون موت؟/ ملحق 2
- الكونية اللاارضوية مقابل العولمة الانسايوانيه/ملحق
- مابعد-الانسايوان-..بيان الانقلاب الاعقالي البشري؟/2
- مابعد-الانسايوان-..بيان الانقلاب الاعقالي البشري؟/1
- العراق الرابع/ والاله؟!!/2
- العراق الرابع والآله؟!!/1


المزيد.....




- محمد عبده يكشف تلقيه -العلاج الكيماوي-.. ماذا دار في آخر محا ...
- استبدلا جنسيات وأسماء كثيرة. قصة أشهر زوجين في تاريخ الاستخب ...
- فيديو: توقيف ناشطين فرنسيين بعد رشهما قاعة المرايا الشهيرة ب ...
- في اليوم العالمي للصحافة.. الجزيرة ممنوعة في إسرائيل بأمر من ...
- شاهد: اغتيال مسؤول روسي بعبوة ناسفة في مدينة زاباروجيا الأوك ...
- بي بي سي تدخل مخيم احتجاج طلابي مؤيد لغزة في جامعة نيوكاسيل ...
- نبيل بنعبد الله ضيف برنامج Le Debrief – حلقة 4 ماي 2024
- بعد أن حظرتها إسرائيل.. خمسة أشياء يجب معرفتها عن قناة الجزي ...
- حزب الله يرد على القصف الإسرائيلي لقرى الجنو ب باستهداف مستو ...
- -كتائب القسام- تعلن مسؤوليتها عن قصف موقع -كرم أبو سالم- الع ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالامير الركابي - 14 تموز الثورة العالميه غير الناطقة؟*