أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - تقديم الألم في قصيدة -يا شيخ اثًقَلكَ السراب منير إبراهيم














المزيد.....

تقديم الألم في قصيدة -يا شيخ اثًقَلكَ السراب منير إبراهيم


رائد الحواري

الحوار المتمدن-العدد: 7672 - 2023 / 7 / 14 - 22:17
المحور: الادب والفن
    


تقديم الألم في قصيدة
"يا شيخ اثًقَلكَ السراب
منير إبراهيم
اليوم جاء "
كان لي الم تلفع بالكباسيل الكثيرة
كان يلقيني على إسفلت وجعي
وتنام في الصدر سهام من ضلوا
قد صام دفترنا عن الحبر
وأصبح يرسم الأحرف صمتا في الهواء
وانا أحاولها تَرِف بنا
ربما نحمل وردا في رسائلنا
على مد الجنائز
في ممرات الدمار
ودموعاً من طيورِ الهمس
تقتفينا كي تعود"
الشاعر يكتب ذاته، ما يشعر/ يحس به، وبما أن الشعراء يمتلكون مشاعر مرهفة، تجعلهم يتأثرون/ ينفعلون بأقل الأحداث/الأشياء/ الكلام، فهم كالورقة البيضاء أي غبار/خط تتأثر به، الشاعر "منير إبراهيم" يأخذنا إلى هذه المشاعر الأحاسيس في قصيدة "يا شيخ أثقلك السراب".
نلاحظ أن العنوان طويل، وبما أن هناك حرف نداء ومُنادى "يا شيخ" فهذا يتضمن شرح لما يعانيه "الشيخ" المثقل بهموم ووجع السنين، فالحديث متعلق بشيخ، وبأمل لا يمكن الوصول إليه، "سراب"
إذن الشيخ يعاني من ثقل الزمن، وهذا ما نجده في فاتحة القصيدة: "اليوم جاء" ونلاحظ أن العنوان متعلق بشخص "الشيخ" وليس بالشاعر نفسه، لكن فاتحة القصيدة متعلقة بأنا المُتحدث/المُتكلم، "كان لي" وهذا يستدعي التوقف عنده والبحث في الأسباب التي سنجدها متعلقة بحجم الألم/القهر الذي يعانيه الشاعر، حيث أوجد شخصية خارجية يستطيع من خلالها الخروج من ألم الحديث عن الأنا، إلى الحديث عن شخص خارجي، وهذا يعطيه مساحة ليتحرر ـ ولو شكليا ـ من ألمه، فالحديث عن الألم ألم أضافي، من هنا جاء العنون وأجزاء من القصيدة متعلقة بالشيخ الذي أراد الشاعر من وجوده إن يسقط عليه شيئا من معاناته/ آلامه.
فالشاعر من خلال العنوان "يا شيخ" أعطا لنفسه (استراحة) تقويه على الحديث عما يرد البوح به، من هنا نجده يسهب في الحديث عن الألم الذي نجده في الفكرة وفي الألفاظ القاسية أيضا: "تلفع، إسفلت، وجعي، سهام، ضلوا، صمتا، الجنائز، الدمار، دموعا" فالألم حاضر وبقوة في المقطع، لكن الشاعر يعي هذا الأمر، وهو يهتم بالمتلقي لهذا أوجد مخففات تحد من ذلك الألم التي تتمثل في الصور الشعرية:
كان لي الم تلفع بالكباسيل الكثيرة
كان يلقيني على إسفلت وجعي
وتنام في الصدر سهام من ضلوا
قد صام دفترنا عن الحبر
وأصبح يرسم الأحرف صمتا في الهواء"
أعتقد أن هذه الصورة كافية للقارئ لكي يستمر في الاستماع إلى معاناة الشاعر وبما به من ألم، فقد أخذ مقدرا من الجمال يستطيع به أن يتجاوز (جحيم) في القصيدة وما فيها من نيران وخراب.
وإذا ما توقفنا عند ألفاظ بشكلها المجرد، سنجد أن الشاعر يتحدث عن كونه شاعرا من خلال تناوله للكتابة: "دفاترنا، الحبر، يرسم، الأحرف، رسائلنا" وهذا يأخذنا إلى رهافة المشاعر والأحاسيس عنده، فظهر لنا الشاعر نفسه بكل جلاء من خلال قوله:
قد صام دفترنا عن الحبر"
وأصبح يرسم الأحرف صمتا في الهواء
ربما نحمل وردا في رسائلنا"
لكن نلاحظ أن هذا الظهور لم يأت مباشرة وصريحا، بل وجدناه بين الصورة والألفاظ، وهذا يقودنا إلى (خجل) الشاعر وحياءه من التحدث مباشرة عن ألمه.
ونجد أن هناك وجع شخصي متعلق بالشاعر نفسه: "يلقيني، وجعي" ووجع عام/وطني/قومي: "من ضلوا، دفاترنا، نحمل، الجنائز، تقتفينا، نعود" وهذا يشير إلى اجتماعية الشاعر وعلى أنه جزء من هذا الشعب/الأمة.
بعد هذا اللأم يأخذ الشاعر جرعة أخرى من خلال مناداة الشيخ "يا شيخ أثقلك السراب" فيتحدث بغزارة عن الألم وقتامة الواقع:
" يا شيخ أثقلك السراب
ها نحن وحدنا الكفن
و الفجر في سبطانة الموت يصيح
يوَلِدُ الصبر على جدراننا
كلما هدموا جداراً
يُبّنى بما صرخ العذاب"
نلاحظ أن المقطع قصير نسبيا لكنه غارق في القاتمة: "الكفن، سبطانة، الموت، يصيح/يصرخ، جدراننا/جدارا، هدموا، العذاب" فهناك خراب هائل يدفع بالشاعر ليخرج من كونه شاعر ويتحدث بصورة مباشرة، فحجم الألم كبير ولا يحتمل، من هنا، يظهر لنا هذا الانفعال والخروج عن دوره كالشاعر من خلال: "يصيح/يصرخ" فهل لهذا تبرير، أسباب؟ نجد الإجابة من خلال تشابك وجع/هم الشاعر بالوجع/بالهم العام: "وحدنا، جدراننا" فهو يحمل همين، وجعين، ولم يعد يحتمل المزيد، وما استخدامه للفظ "الصبر" إلا من باب هول الضغط الواقع عليه،:
أيضا يستعيد الشاعر عافيته من جديد: "يا شيخ أثقلك السراب"
" يا شيخ أثقلك السراب
اذهب إليك
وعد بكفيّ السحاب
ها نحن نحلم
إنّا سرقنا تيهنا من أعين الحلم
من صباحات الخنادق
ولم تنفع كباسيل الدواء
كانت حضورا من غياب"
نجد أن حدة السواد بدأت تخبو، من هنا نجد شيئا من البياض كامن في "السحاب، نحلم/الحلم، صباحات" لكن حالة الوجع ما زالت حاضرة أيضا: "سرقنا، تيهنا، الخنادق، غياب" وهذا (التوازن) بين (الألم والفرح) له علاقة باستعادة الشاعر هدوءه/ اتزانه، فقد أفضى ما في نفسه من مشاعر، وأصبح (هادئ) غير مضطرب ولا منفعل، لهذا جاءت خاتمة القصيدة بهذا الشكل:
"هبني أبادلك النهار
أنا أحاول أن الم القوت من لا قوت
لكني وحق الرب
ارفلُ بالرغيف الحاف
على جبيني تضحك الشمس
ويمسي في العروق قمر توضأ بالمساء
صلى امتنانا للالاه
ونام في حضن التراب
ولم تنفع كباسيل الكلام
ولا رسائلنا التي هدت على جسر الحمام
ولا الردود
ولا الوعود
بلا جواب!!!"
نلاحظ حالة من التسليم بما هو حاصل لهذه نجده يكثر من استخدام حروف النفي: "ولم، ولا/بلا (مكرر أربع مرات) وإذا ما توقفنا عن "رسائلنا/الردود/ الوعود وجواب" نصل إلى المكان (الفارغ) الذي اكتشفه الشاعر، وإذا ما توقفنا عند "بلا جواب" نصل إلى حالة يأس وتسليم كامل بالواقع.
القصيدة منشورة على صفحة الشاعر.



#رائد_الحواري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ديوان معلقة جلجامش على أبواب أوراك شاكر مطلق
- تحقيق الذات في رواية -لكي فعلت- إكرام ظاهرة عودة
- الرد على كتاب -الحجار تتكلم- جون إلدر
- الواقعية والرمز في رواية أم سعد لغسان كنفاني
- حقيقة المعري في كتاب -أبو العلاء المعري- زوبعة الدهور مارون ...
- الحركة في ديوان -هزات ارتدادية- سامر كحل
- المرأة والمجتمع الذكوري في رواية -رادا- إسراء عبوشي
- مجموعة شهادات على سياج الضمير حمدي الكحلوت
- طبيعة دولة الاحتلال في كتاب -العقلية الصهيونية ولاهوت الإباد ...
- نصب تذكاري حافظ أبو عبادية ومحمد البيروتي
- الغربة في رواية -على الجانب الآخر من الشرق- مفيد نحلة
- مواجهة الانتهازية والرسمي العربي في ديوان -رمل الذاكر- منير ...
- لفلسطيني في رواية “لقاء البحر” للدكتور محمود السلمان
- التشرد والموت كتاب -الفهرس السوري- علي سفر
- أوسلو والصراع في رواية -معبد الغريب- رائد الشافعي
- على هامش اختراق حدود فلسطين المحتلة
- الشاعر الحضاري في قصيدة -من أي معدن أنا- سامي البيتجالي
- ديوان -هناك حيث أنت- أحمد الخطيب
- التمرد في ديوان-مقام البياض- للشاعر جواد العقاد
- ما بين الأسود والأبيض همام طوباسي


المزيد.....




- رئيس الحكومة المغربية يفتتح المعرض الدولي للنشر والكتاب بالر ...
- تقرير يبرز هيمنة -الورقي-و-العربية-وتراجع -الفرنسية- في المغ ...
- مصر.. الفنانة إسعاد يونس تعيد -الزعيم- عادل إمام للشاشات من ...
- فيلم -بين الرمال- يفوز بالنخلة الذهبية لمهرجان أفلام السعودي ...
- “ثبتها للأولاد” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد لمشاهدة أفلام ...
- محامية ترامب تستجوب الممثلة الإباحية وتتهمها بالتربح من قصة ...
- الممثلة الإباحية ستورمي دانييلز تتحدث عن حصولها عن الأموال ف ...
- “نزلها خلي العيال تتبسط” .. تردد قناة ميكي الجديد 1445 وكيفي ...
- بدر بن عبد المحسن.. الأمير الشاعر
- “مين هي شيكا” تردد قناة وناسة الجديد 2024 عبر القمر الصناعي ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - تقديم الألم في قصيدة -يا شيخ اثًقَلكَ السراب منير إبراهيم