أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - المرأة والمجتمع الذكوري في رواية -رادا- إسراء عبوشي















المزيد.....

المرأة والمجتمع الذكوري في رواية -رادا- إسراء عبوشي


رائد الحواري

الحوار المتمدن-العدد: 7652 - 2023 / 6 / 24 - 14:56
المحور: الادب والفن
    


في الآونة الأخيرة وجدنا مجموعة من الأعمال الأدبية تتناول مشاكل المرأة، خاصة في اعمال الرواية، وهذا يعكس حقيقة الواقع الذي تعيشه المرأة في المجتمع الذكوري، فرغم الإرث الديني والاجتماعي الذي يمتلكه المجتمع، إلا أن ذلك لم ينجح في الحد من الظلم الواقع على النساء، فبدا وكأن هناك جدارا/ سدا يحول دون التعامل بسوية معهن.
في رواية "رادا" والتي تعني رامية الحجر، تتناول الساردة واقع النساء في فلسطين تحديدا، من خلال مجموعة نساء "سارة، رادا، عروبة، حنين، آية، شادن" وإلى حدا ما "مهما" وكيف أنهن تعرضن لقسوة الأهل والمجتمع الذي ينظر إلهن بفوقية وسادية، وهذا ما جعلهن يشاركن في مسابقة للإبداع الأدبي حتى يحققن ذاتهن، وينتصرن في إثبات تفوقهن وتألقهن كنساء بعيدا عن الذكورية المهيمنة، من هنا نجد لكل مشاركة في المسابقة هدفها وتطلعها إلى ما يعنيه فوزها، فبمجملهن أردن تأكيد حضورهن وأنهن صاحبات مشاريع اجتماعية/ أدبية يستطعن أن يتفوقن فيها.
هذا هو العمود الفقري للرواية، لكن هنا تفاصيل متعلقة بالظلم والقهر الذي تتعرض له النساء، فمن مظاهر القمع الذي تتعرض له الأنثى وما تعانيه "دارا" نفسيا بسبب كونها أنثى: "إحساس يعكر صفو أوردتها، التي تنصهر شوقا لأمل ينجيها من عقدة الأنوثة، أصبحت تمقت أنوثتها، وتعتبرها سبب شقائها... الصراع داخلها شتتها، كون منها شخصية مقيدة مهزوزة" ص5، هذا الوصف يكفي لتبيان حجم الظلم الذي تعانيه "رادا" فالساردة استطاعت أن توصل للقارئ ما هو داخلها، وإذا علمنا أن الخطأ الذي اقترفته "رادا" هو كونها أنثى فقط، وليس أي شيء آخر، نصل إلى طبيعة المجتمع الذكوري وكيف أنه يمارس سطوة (استعمارية/ عنصرية) بحق النساء.
من هنا نجد "سارة" شقيقة "رادا" تموت بمرض السرطان دون أن تجرؤ على البوح بمرضها لأسرتها: "إن فات الأوان مع سارة فرادا ما زالت هنا، تلك الفجوة بينكم وبين البنات جعلت سارة تكتم مرضها عنكم، إلى أن رحلت ـ رحمها الله ـ كان الأجدر أن تفتحي حضنك لبناتك، وتقتربي منهن" ص8، وجود عبد الرحمن" خال "رادا" أعطى أحداث الرواية شيئا من التوازن في نظرته وتعامله مع النساء، فهو طبيب ويعامل بناته بحرية مطلقة بعيدا عن عقلية المجتمع الذكوري، من هنا كان له الفضل في مشاركة "رادا" في المسابقة، وأيضا في إخراج "شادن" من حالتها النفسية ومعالجة جسدها الذي تعرض لمادة حارقة بعد أن سكبها زوجها عليها بدعوى أنها تخونه وتريد الطلاق منه.
ونجد في هذا الحوار بين "عبد الرحمن" ووالدة "رادا" الطريقة المتخلفة التي ينظر بها المجتمع الذكوري للمرأة:
"ـ والدها يا أخي لا يعير اهتماما لأوجاعنا نحن الإناث.
ـ لهذا الحد يا أختي، ليس له قيمة! أنت أضعف من أن تكوني أما ترعى بناتها، تحافظ على كيانهن ومشاعرهن التي خلقن عليها.
ـ النظرة تختلف، ما تراه خصائص، هي بنظرهاهن عيوب.
ـ جهلكم يراها عيوبا.
ـ لن تكون الأنثى كالذكر يوما، وحرصنا عليها ليس ذنبا." ص10، دائما الحوار يكون له أثرا خاصا على المتلقي، فهو يقدم وجهات النظر بحيادية، وعلى المتلقي أن يفكر ويختار الجهة التي يريد أن يكون معها وتتوافق والمنطق الذي يفكر به، وبما أن الساردة تحدثت عما تعانيه "رادا" نفسيا، وعن وفاة "سارة" بسبب عدم فتح المجال أمامها لتتحدث عن مرضها، لكونها أنثى، فهذا جعل القارئ ينحاز لموقف "عبد الرحمن" المدافع عن النساء وحقوقهن.
أما "شادن" فتتعرض لجريمة تشويه جسدها حتى (لا ينعم به أحدا بعد تطليقها): "لم يكن يقبل خسارتي في أي حال من الأحوال، وحين فرضت عليه خسارتي ظن أنه سيمتلكني للأبد فقام بتشويهي" ص39، وهنا تكون الساردة قد تناولت العقلية الذكورية التي تنظر إلى المرأة على كونها من (أملاك) الزوج وله حق التصرف بها كيفما شاء، وليس لها الحق في الانفصال عنه، كونها (امرأة) فهو السيد وهي العبدة، وعليها أن تطيعه في كل ما يريد ويرغب، لهذا كان تشويه جسدها عقابا لها وقصاصا لأنها تجاوزت قوانين المجتمع الذكوري، وكما يعامل المستعمر/ الاحتلال المحتلين بقسوة وشدة مفرطة يعامل الذكور الإناث، فكلاهما استعمر ويفكران ويسلكان عين السلوك.
مشكلة عدم الإنجاب دائما تكون ضحيتها المرأة، أما الرجل حتى لو كان هو السبب فلا يقع عليه ذنب، وعلى المرأة أن تتحمل وتتعايش مع هذا الواقع حتى الممات، تحدثنا "شادن" عن عدم قدرتها على الإنجاب، وعندما تفاتح أهلها بحقها بأن تنفصل عن زوجها بعد أن قرر الزواج من أخرى، نجد موقفهم بهذا الشكل: "ـ قدر الله يؤمنون به حين ينصب على الذكر لا على الأنثى، للذكر دائما خيارات، وللأنثى الاستسلام للأقدار." ص40، بهذه العقلية يتم التعامل مع النساء في المجتمع الذكوري، أليست هذه عقلية الصهاينة الذين يرفضون أن يعتقوا رقبانا من سطوتهم وعنجهتهم؟
أما "عروبة" فتتعرض لقسوة زوج الأم وسطوة زوجة الأب، فهي ينطبق عليها المثل: "لا أنا مع أمي بخير، ولا مع مرة أبوي بخير" لهذا كانت ضحية سهلة لأبن الجيران الذين صورها واستغل الصور لتكون تحت امره فيما يريد.
كان من المفترض أن تقترن "عروبة" ب"ساري" لكن زوجة أبيها التي تخطئ أبنتها مع خطيبها قبل الزواج، فتقرر إخفاء فضيحتها من خلال إجبار "ساري" على الزواج بها، بعد أن هددته بالصورة التي أخذتها "لعروبة" من تلفون ابن الجيران: "ـ زوجة والدك كانت تريد أن تحمي ابنتها من الفضيحة، فقد أخطأت مع خطيبها الذي تخلى عنها بعد أن سلمته نفسها، قبل عقد قرانهم رسميا، فكادت لك وأخذت صورك من هاتف جاركم الذي كان يهددك، كان يحتفظ بنسخ أخرى للصور" ص95، هذا الطرح يأخذنا إلى نظرة المجتمع للمرأة وعلى أن شرفها يكمن بين فخذيها، أما الرجل فلا شرف له، لأنه ليس له ما للمرأة بين فخذيه، فهو من حقه ومن الطبيعي أن تقبل به أي أثنى أخرى رغم أنه فاقد للشرف، بينما الأنثى التي أخطأت عليها أن تدفع ثمن خطئها إلى نهاية عمرها، أو أن تجد من (يخضع) لهذا الواقع ويقبل به مجبرا ومكرها، من هنا "كان "ساري وعروبة" هما الضحية لهذا الخطأ، وعليهما أن يضحيان بسبب نظرة المجتمع الخاطئة للشرف وللوفاء.
ملاحظة: الرواية الفائزة بجائزة الاستحقاق لجوائز ناجي نعمان الأدبية الدولية لعام 2021، وقد تم نشرها عام 2023.



#رائد_الحواري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مجموعة شهادات على سياج الضمير حمدي الكحلوت
- طبيعة دولة الاحتلال في كتاب -العقلية الصهيونية ولاهوت الإباد ...
- نصب تذكاري حافظ أبو عبادية ومحمد البيروتي
- الغربة في رواية -على الجانب الآخر من الشرق- مفيد نحلة
- مواجهة الانتهازية والرسمي العربي في ديوان -رمل الذاكر- منير ...
- لفلسطيني في رواية “لقاء البحر” للدكتور محمود السلمان
- التشرد والموت كتاب -الفهرس السوري- علي سفر
- أوسلو والصراع في رواية -معبد الغريب- رائد الشافعي
- على هامش اختراق حدود فلسطين المحتلة
- الشاعر الحضاري في قصيدة -من أي معدن أنا- سامي البيتجالي
- ديوان -هناك حيث أنت- أحمد الخطيب
- التمرد في ديوان-مقام البياض- للشاعر جواد العقاد
- ما بين الأسود والأبيض همام طوباسي
- العقل الباطن في -اسمي وشم ذاكرة- عبد السلام عطاري
- الصراع الصهيوني الفلسطيني في رواية قناع بلون السماء باسم خند ...
- النكبة في الرواية الفلسطينية
- رواية المرافعة حسام الديك
- السواد والغضب في ديوان -ركاب الرحيل- نائلة أبو طاحون
- ذرة تراب على جبين عاشق شخصيات عربية فلسطينية، سير ذاتية، الج ...
- التنوع والتعدد في رسائل أسامة الأشقر


المزيد.....




- -طقوس شيطانية وسحر وتعري- في مسابقة -يوروفيجن- تثير غضب المت ...
- الحرب على غزة تلقي بظلالها على انطلاق مسابقة يوروفجين للأغني ...
- أخلاقيات ثقافية وآفاق زمنية.. تباين تصورات الغد بين معمار ال ...
- المدارس العتيقة في المغرب.. منارات علمية تنهل من عبق التاريخ ...
- تردد قناة بطوط كيدز الجديد 2024 على نايل سات أفلام وأغاني لل ...
- مصر.. نسرين طافش تصالح بـ-4 ملايين جنيه-
- الفنان عبد الجليل الرازم يسكن القدس وتسكنه
- أسعدى وضحكي أطفالك على القط والفار..تردد قناة توم وجيري 2024 ...
- منصة إلكترونية أردنية لدحض الرواية الإسرائيلية في الغرب.. تع ...
- “نزلها الان” تردد قناة نيمو كيدز الجديد Nemo kids 2024 لمشاه ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - المرأة والمجتمع الذكوري في رواية -رادا- إسراء عبوشي