أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد المحسن - تَوهُّجُ الرؤى والأحاسيس.. في قصيدة “ارتحال” للشاعر التونسي القدير جلال باباي














المزيد.....

تَوهُّجُ الرؤى والأحاسيس.. في قصيدة “ارتحال” للشاعر التونسي القدير جلال باباي


محمد المحسن
كاتب


الحوار المتمدن-العدد: 7665 - 2023 / 7 / 7 - 12:55
المحور: الادب والفن
    


إنّ من يقرأ للشاعر التونسي القدير جلال باباي سيلاحظ مغزى عنوان قصيدته المسمّىاة(ارتحال)،دون تحديد لجنس النص،يدلّ على وعي الكاتب بأنّ مؤلفها يحوي أو لا يقتصر على جنس نثري أو شعري محدد،فكتب في أكثر من صنف أدبي واحد،بما يظهر الموضوع المحاكي في صورته الدّالة،واللفظ الخطابي المراد إيصاله بما يتناسب مع أكثر من ذائقة قارئة واحدة،فالقراءات متعددة لتعدد قرائها،وكذلك الأجناس الأدبية متعددة لتعدد موضوعتها المختلفة،بحسب ما يرى كلّ مبدع ٍ لموضوعه الذي يريد أن يحاكيه بالصور الأدبية التي يتقنها ومتمكن منها،ومن ثمّ شعوره تجاه كلّ موضوع،ما القالب الأدبي الذي يحتويه وفي أيِّ جنس شعري أم نثري يصل للقارئ..؟.
ما أريد أن أقول ؟
أردت القول أن الشعر مدى واسع من التأمل والبوح والإفاضة الروحية،وهذا السحر الذي ظلت أمة العرب تردد إيقاعاته،وهي تؤرخ فخرا وتشدو أحداثا وتؤكد وقائع ،هو السحر الكلامي الأكثر جدلا بين الفنون التعبيريّة .
ad
وهذا الجدل ارتبط بطبيعة التجديد التي اجترحت ثبات شكله عبر قرون،ليشهد حركة تحويله إلى نمط قصيدة التفعيلة أو ” الشعر الحر” الذي جاء على يد رواده السياب ونازك والبياتي وبعض الشعراء الذين عاصروهم،ورغم التزام قصيدة التفعيلة ببحور الشعر،إلا أنها واجهت ردود أفعال متشنجة من شعراء العمود،الذين اعتبروا الخروج عن- الإطار الفراهيدي-عبثا لا مبرر له..
و لا أريد الخوض هنا في تفاصيل هذا الصراع الذي كتبت عنه مؤلفات ونوقشت فيه رسائل جامعية عديدة ،حتى صار واقع حال وشهد انتشارا وفرسانا أبدعوا وجددوا في جسد قصيدة التفعيلة..
وفي العقود الأخيرة ،أخذ الشعراء يشتغلون على تجربة “قصيدة النثر”التي مازالت حتى هذه اللحظة مثار اختلاف وجدال،بين اعتراف بها كلون من ألوان الشعر،وبين رفض لها كونها خالفت شروط الفراهيدي في العروض والإيقاع وبحور الشعر العربي الستة عشر،وكذلك اجترح شعراؤها لأنفسهم منابر تعبير مختلفة،حتى غدت قصيدة النثر بسبب غياب الضوابط المنظورة،ميدان واسعا ضم الجميع،بجيدهم،ورديئهم،بمن يتمتع بموهبة استثنائية واضحة،وبمن لا يعرف من الشعر غير رصف كلمات معينة،الهدف منها الإثارة أو الإختلاف،أو تحقيق هدف شخصي ما..
ولكوني-أزعم-أني أحد المتابعين للشعر والشعراء،ولاسيّما من يكتبون في مجال قصيدة النثر،فقد استوقفني قليل من شعراء هذا اللون الصعب جدا،لا كما يبدو في ظاهره بسيطا متمكنا منه، سهل الأداء،وهذا القليل من الشعراء،يعرفون أسرار الاشتغال ضمن مضمار هذه التجربة،التي تبدو بلا محددات أو ضوابط واضحة،لكنها مع شعرائها المتمكنين من أدائها أداءً مبدعاً جاداً تجد ضوابط وإن كانت خفية أو غير مؤشرة في قالب أو إطار،إلا أنها تتضح مع حرفية وخبرة وجدية من تعاملوا معها من الشعراء.
أقفُ اليوم مع شاعرٍ تونسي أنهكته المواجع ونالت منه الأزمنة المفروشة بالرحيل في نخاع العظم،لكنه ظل من أبرز الشعراء التونسيين ممن يكتبون الشعر بحبر الرّوح ودم القصيدة..
أعجبتُ بوعيه وجديته في تعاطي القصيدة الجديدة،وعندما قرأتُ قصيدته المسماة”إرتحال” ارتحلت معها صوب الآقاصي دون التفكير في الهبوط على سطح الأرض،إذ وجدتُ في لغته ثراءً،وفي جملته حدة وتوتراً ووجعا يتخفى بين السطور،وفي موضوعته تحليقاً في فضاء من التخيّل المنطلق من هموم الإنسان وأوجاعه وقضاياه المختلفة،فالشاعر التونسي القدير جلال باباي،قادم بقوة،وبخطى واثقة،ليضعنا-جميعا-قسر الإرداة-في طريق الشعر المعبّد بالآمال والطموحات وكذا المواجع ،التي شحذت عزيمته وزادت من ابداعه وهجا والتماعا..
وحتى لا أطيل على القارئ نستمتع معا بمقطع بهذه القصيدة التي لولا بقايا كبرياء عربي لبكيت:
في قصيدة (ارتحال) يقول الشاعر-الأكودي-(نسبة إلى مدينة أكودة من ولاية سوسة الساحلية-موطن شاعرنا الجميل جلال باباي):
“الآن..و هنا أتٌكأ على وتدين..
أفترش الارض منفاي..مستقرا لفوضاي
وأخضر القمم
تلك لغتي تشيٌد حصن نخوتي
وتتطاول على مقامات السقم..
كنت أحسب شذى الوردة وجهتي الأولى
وجرعة المرهم
خلت خريف عمري في حضرتها ربيعا
..فعمٌ اليباس ونضب ياقوت المنجم
تهاوت في مخدعها اهازيج العشق
وأمطرت سحابات يتيمة عويل وجعي ونواح الندم
لبستني وحدتي غشاوة من الألم
هو مجد العزلة في جسدي يتفحٌم
هي مازالت في شقاوتها تنعم
جفٌت ينابيع جنتها وتفشت رائحة الوهم
” كذب المنجٌمون ولو صدقوا “
صدقت نبوءة المتيمين
وجنحت القصائد من حرير الهمم
ثم و بلا هوادة اسامقت ملحمة جنوني الناعم ..”
نتأمل هنا الوجع الإنساني والدور البديل،الذي يضطر كل فرد في المجتمع بسبب الضغوط الحياتية والوجودية إلى تقبّل هذا الدور وتحمّل وجعه..
وهكذا يرصد الشاعر(جلال باباي) بإحساس عالٍ من الرهافة،التحولات التي يعانيها الإنسان -بصبر جميل-،لينتهي أخيرا بنتيجة صادمة تمثّل صرخة،تصلها القصيدة بحدة وإشارة ذكية للذات التي تأبى إلا أن تكون كما يراها الفرد الشاعر،الذي استعار قناعا،ليدلي ببوحه وينسج نصا متوترا جميلا،يعد من نصوص قصيدة النثر المؤثرة حقا..
وسأكتفي بهذا القدر من إشاراتي لبعض مفاصل-هذه القصيدة الموغلة في الإبداع..والمضمّخة في ذات الآن بالوجع-
قبعتي..يا جلال..يا من رفضت الإنحناء..في زمن الإنكسار والرضوخ..



#محمد_المحسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حول -الإبداع النسائي- الشاعرة التونسية المتميزة فائزة بنمسعو ...
- جدلية العشق..والإنعتاق في اللوحة الإبداعية ( بين الضّلع والض ...
- قصيدة رائعة بإمضاء الشاعر التونسي القدير جلال باباي تنتصر لل ...
- إشراقات الحب والجمال..في قصيدة الشاعر التونسي القدير طاهر مش ...
- الشاعر التونسي الكبير د. طاهر مشي..في حوار مدهش..
- التكثيف الدلالي في قصيدة صهيل الرياح..يعانق وجهَ القمر..للشا ...
- قراءة تأملية متعجلة في قصيدة (الجنة الضائعة) للشاعرة التونسي ...
- صفاء الروح..واشراقات الذات في نصوص الشاعر التونسي الكبير د-ط ...
- هاجس الموت في قصيدة -أيها الموت خذني..ولا تسَل عني- للأديبة ...
- قراءة تأملية في قصيدة الشاعرة التونسية السامقة نعيمة مناعي - ...
- تمظهرات الإنزياح اللغوي في قصيدة الشاعر التونسي د.طاهر مشي - ...
- قراءة-تأملية-في قصيدة الشاعر التونسي القدير-د-طاهر مشي (أنت. ...
- الأستاذة/الشاعرة والكاتبة التونسية تتألق في رحاب قرطاج الثقا ...
- مؤسسة الوجدان الثقافية التونسية..تحتفي بصدور مولودها الإبداع ...
- على ربوة الإنتظار..-ها أنا جالس على مقعد لست فيه-.. - قراءة ...
- أنثى الماء..في ثوبها المرمري.. للكاتب المتميز تونسيا وعربيا ...
- حوار مقتضب مع د-طاهر مشي-الشاعر التونسي الكبير:
- حول فوائد الزكاة : الاستظلالُ بظلِّ عرش الله..يوم لا ظلَّ إل ...
- ها أنا شارد..في تفاصيل الغياب- الألم العاري..قصيدة مثيرة للت ...
- قراءة متعجلة في قصيدة الشاعر التونسي السامق جلال باباي..-أنا ...


المزيد.....




- صيحات استهجان في جامعة ديوك الأميركية ضد الممثل جيري ساينفيل ...
- كل عام وأنتم بخير عمالقة السينيما يتنافسون.. أقوى أفلام عيد ...
- بسبب دعمه لإسرائيل.. صيحات استهجان في جامعة أميركية ضد الممث ...
- بالفيديو.. صيحات استهجان في جامعة ديوك الأميركية ضد الممثل ج ...
- أجدد أفلام ومسلسلات الكرتون.. ثبت الآن تردد قناة ماجد MAJID ...
- رابط خطوات الحصول على أرقام جلوس الدبلومات الفنية 2024 عبر ا ...
- “ماما حرامي سرق لولو” تردد قناة وناسة أطفال 2024 شوف مسلسلات ...
- “مترجمة Hd” مسلسل صلاح الدين الايوبي الحلقة 24 عبر قنوات عرض ...
- وفاة الفنان العراقي عبدالستار البصري بعد معاناة مع المرض
- تحت الركام


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد المحسن - تَوهُّجُ الرؤى والأحاسيس.. في قصيدة “ارتحال” للشاعر التونسي القدير جلال باباي