أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - حسام الحملاوي - المنظومة الأمنية بعد 10 أعوام من الانقلاب















المزيد.....

المنظومة الأمنية بعد 10 أعوام من الانقلاب


حسام الحملاوي

الحوار المتمدن-العدد: 7663 - 2023 / 7 / 5 - 10:12
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    



يسود الاعتقاد في صفوف الثوار حول العالم وفي الأدبيات السياسية أن الثورة المضادة تعيد للحياة النظام القديم الذي ثارت الجماهير عليه، لكن هذه الفكرة يجانبها الصواب في حقيقة الأمر ومن واقع تجربتنا في مصر والبلدان الأخرى التي شهدت ثورات جذرية. إذ لا تعيد الثورات المضادة النظام القديم للسلطة، لأن النظام القديم ببساطة قد فشل. والفشل هنا من وجهة نظر أعدائنا، لا يتمثل في قدرة النظام على تلبية مطالب الجماهير، بل الفشل في إحكام السيطرة على مقاليد الأمور، والفشل في كفاءة ماكينة القمع والاستيعاب، وهو ما أدى إلى اندلاع ثورة في المقام الأول. وهنا تعمد الطبقة الحاكمة (أو جزء منها) على تأسيس نظام جديد يتدارك أخطاء الماضي التي “سمحت” للجماهير بالثورة.

بعد انقلاب يوليو 2013، سارع البعض آنذاك إلى التحذير من عودة فلول نظام مبارك إلى الحكم وتصدُّر المشهد، ولكن بعد 10 أعوام من الثورة المضادة، لا يوجد شك بأننا نواجه نظامًا مختلفًا عن ذلك الذي رأسه المخلوع الراحل. هناك العديد من الاختلافات، منها تكوين الطبقة الحاكمة الجديدة التي أصبحت تتشكل بالكامل من لواءات الجيش والأجهزة الأمنية، مع تراجع دور الرأسماليين التقليديين الذين أحاطوا بجمال مبارك وشكلُّوا رافد الدعم الرئيسي لنظام مبارك، وبزوغ الرأسمالية المعسكرة التي تختلف عن رأسمالية السوق التي تبناها مبارك أو رأسمالية الدولة التي تبناها جمال عبد الناصر.

وقد تكون أخطر التغيرات في بنية نظام الجديد هي إعادة هيكلة المؤسسات الأمنية (الجيش، والداخلية والمخابرات العامة) التي أسستها دولة يوليو 1952، حيث نشأت تلك المنظومة الأمنية مجزأة، دون تنسيق أو قنوات اتصال فعالة بينهم. حدث ذلك عن عمد، وهو أسلوب متبع في بلدان كثيرة حول العالم حينما يخشى الحاكم خطر الانقلاب العسكري، وبالتالي يلجأ إلى تفتيت المنظومة الأمنية، وتتعدد الأجهزة التي تقوم بنفس المهام، وتدفع للتنافس لا التعاون، وتتجسس كل منهما على الآخر. ويجري عسكرة جزء من الشرطة “المدنية” تحت مسميات وذرائع مختلفة، ولكن في الحقيقة لتكون قوة موازية للجيش تستطيع إحباط أي انقلاب عسكري، وهو عادةً ما يقوم به فئة محدودة من الضباط. ورغم وجود “مجالس” وكيانات مهمتها الرسمية التنسيق بين أجهزة الأمن، نادرًا ما تجتمع وتظل خاملة معظم الوقت. بل أن حتى كيان مثل “المجلس الأعلى للقوات المسلحة” في الجيش ذاته، لم يكن ينعقد قبل 2011 إلا بطلب من رئيس الجمهورية، وانحصر دوره في مهمات شرفية.

لم يأخذ حكام مصر الشارع بجدية قبل 2011، ولم يتصوروا أبدًا إمكانية حدوث ثورة شعبية. نعم قد تحدث “قلاقل” هنا وهناك، وقد تحدث “أعمال شغب” يمكن السيطرة عليها، ولكن ثورة جماهيرية مثلما حدث في يناير 2011، فلم تكن في مخيلة مبارك أو أي من قيادات النظام.

وسمح انهيار الشرطة بعد جمعة الغضب 28 يناير 2011 للجيش بالسيطرة على وزارة الداخلية، ولكن ظلت المخابرات العامة بعيدة عن يديه، بل وفي حالة صدام مع المؤسسة العسكرية في بعض المواقف. فور وقوع الانقلاب، وللدقة يوم 5 يوليو 2013، سارع السيسي بالإطاحة باللواء محمد رأفت شحاتة مدير المخابرات العامة آنذاك وتعيين اللواء محمد فريد التهامي، المدير السابق للمخابرات الحربية والرئيس السابق للرقابة الإدارية وهو من المقربين للسيسي، والذي كان يعتبره أبوه الروحي ومعلمه.

ثم شكَّل السيسي “خلية أزمة” أو “مجموعة عمل” غير رسمية تضم رؤساء الأجهزة الأمنية للتنسيق وتبادل المعلومات، بالإضافة إلى إنشاء (أو إعادة إحياء) مجالس رسمية تضم ممثلين من الأمن الوطني والمخابرات العامة والجيش، ومعهم الرقابة الإدارية، لإدارة ملفات بعينها، مع تنوع طبيعة عملها من الإشراف على السياحة إلى الاستثمار مثلًا، بالإضافة إلى ملفات عملياتية دقيقة مثل الإشراف على كاميرات المراقبة.

وارتكزت إستراتيجية السيسي للسيطرة على مفاصل الدولة وعسكرتها على: أولًا سياسة “العصا والجزرة”، فمثلًا لو نظرنا إلى المخابرات العامة، تولى التهامي مهمة تطهير الجهاز من العناصر المشكوك في ولائها للنظام الجديد، وترقية آخرين أبدوا حماسة وولاء. ثانيًا: استخدم السيسي أفراد أسرته وأقاربه في إدارة الملفات الحساسة، فمثلًا ابنه مصطفى في الرقابة الإدارية، ومحمود في المخابرات العامة، أما حسن وهو خريج لغات وترجمة من جامعة الأزهر، فنقله من وظيفة بشركة بترول إلى المخابرات العامة في 2016 لتعزيز سيطرته على الجهاز.

لم تكن السيطرة على تلك الأجهزة بالأمر اليسير، ويتمثل أحد مظاهر الاحتكاك والصراعات الداخلية في سيل التسريبات التي ضمت قادة الجيش والسيسي نفسه خلال السنوات 2014 إلى 2018، والتي تسببت في الإطاحة بالتهامي في نهاية 2014 ثم خلفه خالد فوزي. لم يكن ذلك الصراع حول الديمقراطية أو الحريات، بل كان- وأعلم إني أبسط الأمور هنا وأختزلها- بين توجهين أحدهما يريد العودة إلى أسلوب الحكم القديم المتبع تحت قيادة حسني مبارك، وفريق آخر يرى أن ذلك الأسلوب القديم قد فشل وتسبب في ثورة 2011، وبالتالي يجب قمع أي بوادر للمعارضة بدلًا من “إدارة” المشهد السياسي. ويمكن تفسير محاولة ترشح أحمد شفيق وسامي عنان في مواجهة السيسي في 2018 في هذا السياق، فإلى جانب طموحهما الشخصي، لم يكونا ليتخذا هذا القرار إلا لو كانا مراهنين على كتلة بداخل مؤسسات الدولة تريد العودة لقواعد اللعبة السياسية القديمة.

سحق السيسي منافسيه بلا هوادة في 2018، فخطف شفيق من الإمارات واعتقل عنان وألقاه في السجن مع مساعديه. واستمر على نهجه الجديد المعتمد على توحيد أجهزة الدولة وبالذات مؤسسات الأمن والحكم العسكري المباشر، دون الاعتماد على مؤسسات سياسية مثل حزب حاكم أو غيره.

منذ ذلك الحين شهدت المنظومة الأمنية بعض القلاقل في سبتمبر 2019 و2020، التي عرفت بمظاهرات “محمد علي”، ورغم سيطرة قوى الأمن سريعًا عليها، إلا أن ذلك تبعه إعادة ترتيب للمنظومة الأمنية وصعود سطوة جهاز الأمن الوطني مرة أخرى بعد أن كان دوره أقل أهمية من نظرائه. ولكن مرة أخرى يجب التأكيد على أن ذلك يحدث في إطار منظومة تعاون لا تنافس ترى الشعب في النهاية كعدو أول.

قد لا تستمر طويلا هذه المعادلة التعاونية، فالأزمات السياسية والاقتصادية الخانقة التي يمر بها النظام منذ عامين ستخلق بالضرورة حالة من الارتباك والتخبط- نراها جليًا الآن. وبدأ أحد توابع هذا الارتباك بتواجد هامش- لا يزال ضيقًا- لعودة العمل السياسي العام، مثلما رأينا في نقابة المحامين في نهاية ديسمبر الماضي، أو نقابة الصحفيين في مارس من هذا العام، أو نقابة المهندسين في مايو الماضي.



#حسام_الحملاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اتفاق السودان.. تسليم الثورة على طبق من ذهب إلى خصومها
- مقابلة مع ناشطة نسوية إيرانية في برلين
- الحوار الوطني.. لماذا الآن؟
- الإنترنت والثورة
- حول المظاهرات الجارية في مصر.. أفكار حول العفوية والقمع ومعا ...
- عن الانضباط التنظيمي في الحزب الثوري
- تكنولوجيا الاتصالات والتنظيم الثوري في القرن الحادي والعشرين
- يجب أستكمال الثورة


المزيد.....




- -صور الحرب تثير هتافاتهم-.. مؤيدون للفلسطينيين يخيمون خارج ح ...
- فرنسا.. شرطة باريس تفض احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين في جامعة ا ...
- مصر تسابق الزمن لمنع اجتياح رفح وتستضيف حماس وإسرائيل للتفاو ...
- استقالة رئيس وزراء اسكتلندا حمزة يوسف من منصبه
- قتلى وجرحى في هجوم مسلح على نقطة تفتيش في شمال القوقاز بروسي ...
- مصر.. هل تراجع حلم المركز الإقليمي للطاقة؟
- ما هي ردود الفعل في الداخل الإسرائيلي بشأن مقترح الهدنة المق ...
- بعد عام من تحقيق الجزيرة.. دعوى في النمسا ضد شات جي بي تي -ا ...
- وجبة إفطار طفلك تحدد مستواه الدراسي.. وأنواع الطعام ليست سوا ...
- صحيح أم خطأ: هل الإفراط في غسل شعرك يؤدي إلى تساقطه؟


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - حسام الحملاوي - المنظومة الأمنية بعد 10 أعوام من الانقلاب