أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - غازي الصوراني - اسباب عجز الفكر العربي المعاصر عن التطور الفلسفي















المزيد.....

اسباب عجز الفكر العربي المعاصر عن التطور الفلسفي


غازي الصوراني
مفكر وباحث فلسطيني


الحوار المتمدن-العدد: 7660 - 2023 / 7 / 2 - 00:42
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    



لقد عجز الفكر العربي المعاصر عن الفلسفة بسبب عوامل عديدة ، فالعرب علي امتداد تاريخهم الحديث قد غلبوا الافكار السياسية والمعتقدات الايديولوجية المتنوعة علي تفكيرهم المعرفي فحادوا عن طرائق العقل، وكانوا وما زالوا يتغّلب الايديولوجي عندهم علي المعرفي.
والمعاصرون اليوم عندنا قد فتحت الاجيال الاولي منهم عيونها واسماعها ومشاعرها وكل جوارحها علي ما يسّمي بـ " النهضة " و " التقدم "، وبعد ان اخذها هذا شمالا وسحبها الاخر يمينا وجدت الاجيال الجديدة نفسها وقد افترستها مشروعات مؤدلجة ومواعظ ملالي وممنوعات ومحرمات شيوخ وخطب سياسية ازحمت بالشعارات والمقدسات والتعليمات، فصمّت الاذان وتعطلت لغة العقل وقفل علي الالسنة واضطهدت المشاعر وكممت الافواه واختنقت الانفاس..
هل كانت الكتابة في موضوعات كالداروينية او المثالية او الماركسية او الوجودية او النسبية او البنيوية.. الخ فلسفة؟ هل نجحت ثقافتنا في اثراء المعرفة الانسانية نظريا وميدانيا لانتاج اعمال مميزة يلتفت اليها العالم؟ حياتنا الفكرية مجرد ندوات ومؤتمرات وشعارات وخطابات .
لماذا لم تشهد حياتنا العربية حتي اليوم اي ثورة نقدية وفكرية حقيقية او اكاديمية منهاجية لدراسة تراثنا ونقده وكشف مستوراته وفضح عوارضه وتعرية مفاسده وتقويم اعوجاجاته الي جانب احترام رجالاته وثمار ابداعاته بعيدا عن النرجسية وعن التقديسية وعن التكفيرية .
متي يتم التخّلص من الوعظية وتوزيع الاحكام المجانية والقاء الاتهامات القاصمة علي الاحرار والمفكرين والنقاد الحقيقيين؟ متي تفرز الحياة العربية النقاوة من المفاسد والبياض من العتمة والنظافة من الاوساخ والعقل من الجهالة والحداثة بعيدا عن اقانيم التخلف..؟؟ وتعالوا نسأل: اين ( الفلاسفة ) العرب اليوم من بحثهم عن حقائق الاشياء وتوليد المعاني وتخصيب التفكير وابداعات الروح والعقل؟
لو كان لديهم فقط حركة نقدية وفكرية وفقهية اجتهادية جريئة وحرة لنفضوا عنهم وعن انفسهم وعقولهم غبار الاختناقات وترسبات الماضويات وعفونة الواقع.
نعم، لو بدأت مشروعات تجديدية وتحديثية في التفكير العربي ، لو كان لدينا فلاسفة حقا لأنتجوا حكماء يتدبرون امر حياتنا الصعبة ولتغير وجه حياتنا العربية واسرعت خطاها نحو ركب التحولات في العالم كله!
أخطر ما في الأمر، هو تفاخر بعض الناس عندنا بعدائهم للفلسفة وحجّتهم أنّ الغزالي أعلن، في نهاية القرن الحادي عشر، من موقع دينيّ، «تهافت الفلاسفة» وبطلان الفلسفة... ويضيف آخرون أنّ كارل ماركس عاب على الفلاسفة «تأويل» العالم فيما المقصود «تحويله» من أجل رفع الظلم وإقامة العدل، وأنّ مارتن هايدغر أعلن، في النصف الثاني من القرن الماضي، من موقع فكريّ، وصول الفلسفة إلى نهاياتها،لأن الفلسفة من وجهة نظره ، حققت كل الانجازات العلمية التي كانت تحتويها ، فأصبحت عملية اندماج الانسان في محيطه الطبيعي مهمة التكنولوجيا لا الفلسفة .
وكذلك فقد أكد ميشال فوكو بأن الفلسفة المتمثلة بالميتافيزيقا قد انتهت مع حلول الحداثة المتميزة بسيطرة الاقتصاد والبيتولوجيا والألسنية والتي تنطلق من تحليلية التناهي ؛ أي تنظر إلى الإنسان ككائن متناه يستعمل لغة لا يتحكم بكل دلالاتها ،ويخضع لقواعد العمل دون أن تكون له السيطرة على الإنتاج ، ولا يوجد إلا بأعضاء بدنه وداخل تشعب أعصابه. إن الميتافيزيقا انتهت لأن الحداثة حين تطرح الإنسان ككائن يعمل تندد بها كفكر مستلب وأيديولوجيا ، وحين تطرح الإنسان ككائن يستعمل لغة معينة فإنها تظهر الميتافيزيقا كحقبة ثقافية Episode culturel قد مرت ومضت إلى غير رجعة .
أما إذا تحدثنا عن ما يسمى بـ "العالم الثالث" بما في ذلك بلداننا العربية فإننا سنلاحظ بوضوح شديد، أن هناك تناقضاً ، أو هوة كبيرة بين فكر العالم الثالث وواقعه. فهذا العالم لم يشارك حتى في حركة التنوير العالمية، بل كان تابعاً صغيراً جداً لها، ومع ذلك نجده من جهة يتكلم كثيراً عن الحداثة وما بعد الحداثة كما لو كان عنصراً فاعلاً، في حين تراه من الناحية العملية تابعاً ملحقاً ليس له أي مشاركة في التكنولوجيا العصرية، بل إنه لم يشارك حتى في الثورة الصناعية.
إن العالم الثالث تنقصه حتى مقومات المرحلة الصناعية، ومع ذلك يتعاطى أفكاراً متقدمة مذهلة، مما يؤدي به إلى الشعور بمركب نقص يزيد من تعقيده ويورثه أمراضاً تزيد من هزاله. إن هذا العالم لم يستطع أن يقيم المؤسسات المؤهلة لجعل المجتمع يتقدم بسوية متقاربة.
إن القرون برمتها تعيش في هذا العالم، ففي الشارع الواحد تجد آثاراً من التاريخ السابق على الميلاد، كما نجد آثاراً لأحدث المخترعات.
لقد شكلت الحداثة قوام الفكر التنويري العربي في أطيافه المختلفة، منذ بدايته الأولى في منتصف القرن الماضي إلى نهاياته المأساوية بعد حرب حزيران عام 1967.
في شروط ما قبل الحداثة، وهي شروطنا العربية، لا ينشغل الوعي الحديث بصفات الحداثة وتعريفاتها ، بل بالأسباب التي لم تسمح بظهورها . وهو ما يقوده إلى توزيع سؤال الحداثة إلى أسئلة متعددة أخرى تتضمن طبيعة السلطة السياسية ومناهج التعليم ونتائج السيطرة الاستعمارية .. وأمام هذه الأسئلة ، تستظهر "الحداثة العربية المتأخرة" ممارسة إنشائية تستحضر الحداثة الشفهية لتُرحل قضايا الحداثة الحقيقية إلى فضاء مجهول.
ولقد هجس فرانتز فانون بحداثة أخرى، أي بمشروع ثقافي تحرري مختلف، لأنه وعي تباين الأزمنة التاريخية، وأدرك أن " نعمة المركز" لا تحمل إلى سهول "الأطراف" إلا مطراً مسموماً، ذلك أن المركزية الأوروبية، الممجدة للعقل والإنسان، تلحق إنسان "الأطراف" المتخلف بالطبيعة الصماء، التي تقوضها وتنهبها الآلة الحداثية الأوروبية.
لقد سعت قوى الحداثة العربية، قبل هزيمة حزيران، إلى الاقتراب من مواقع الدولة، غير أن الهزيمة قادت إلى سلطات سياسية متماثلة، تتساوى فيها، بنيوياً ، ممارسات الحزب الحاكم وممارسات الأسرة الحاكمة . ومثلما أن إقصاء المجتمع خارج الدولة ، يضع الأخيرة خارج الزمن الحديث، فإن اشتقاق شرعية السلطة من ذاتها يضع المجتمع خارج السياسة.
تقدم السلطة في العالم العربي، في صيغها المختلفة ، صورة تنتمي إلى زمن ما قبل الحداثة، لأنها تدمر في ممارساتها حيز المجتمع وحيز الدولة في آن؛ تدمر الحيز الأول في علاقات القهر والإفقار ، وتحطم الحيز الثاني في تحويله إلى ملكية خاصة خارج القوانين.
تفضي علاقة الطرد المتبادل بين المجتمع والسلطة، في العالم العربي، إلى إشكالية التبعية والدولة التابعة. في أغلب الأحيان، فإن التسلط المعبر عن ضعفها والمكثف له ينتج ويعيد إنتاج التبعية، شرطاً لحماية السلطة وبديلاً عن شرعيتها الداخلية المفقودة.
إن "الحداثة العربية المتأخرة" تخلط بين التملك المعرفي و "الموضة الفكرية" وبين المعرفة الكونية والتسليع الثقافي.
ولعل الفرق بين التملك الموضوعي للمعرفة الكونية واصطياد الأمواج الثقافية، هو الذي أمد الثقافة العربية بمساهمات جليلة، أخذت سمة المشروع العلمي، كما هو حال كتابات عبد الله العروي وسمير أمين ومهدي كامل وفؤاد زكريا وياسين الحافظ وآخرين. وإضافة إلى الحضور العملي المتواتر لمرجعية السوق، فإن الحداثة الرثة تأخذ بمنهج "الأيديولوجيا الثقافية العالمية" ، أو بأوهام "الثقافة العالمية" ، كما لو كان تاريخ الثقافة منعزلاً عن تاريخ المجتمعات البشرية.
والحقيقة أن أزمة الفلسفة الغربية تكمن بالأساس في غياب رموزها الكبيرة التي ساهمت في تألقها منذ نهاية الحرب العالمية الأولى وكذلك غياب المدارس الفلسفية الكبرى مثل البنيوية والوجودية والهجلية، والظاهراتية والماركسية..، التي أنتجت مناهج فكرية وأطر معرفية .. لكن الحراك المعرفي والعلمي والمعلوماتي الراهن سيؤدي بالضرورة إلى إنتاج مدارس فلسفية كبرى، جديدة ومعاصرة، تتواصل مع ما سبقها، معلنة استمرار الفلسفة وصيرورتها بدلاً من الحديث عن نهايتها، وذلك انطلاقاً من وعينا بأن الفلسفة قادرة على العمل المنهجي، والتفاعل مع المستجدات والكشف عن الحقائق، وتحليل الظواهر المعاشة أو الظواهر الذهنية المجردة، إلى جانب دور الفلسفة النقدية ، المادية الجدلية، في الاسهام الفعال ليس فقط في ما يتعلق بالتأمل بل في التغيير الذي بات هدفاً أو حاجة ملحة من حاجات الأغلبية الساحقة من البشر في كوكبنا، إذ أننا ننفق على أن نزوع المضطهدين للتغير والثورة لم ولن يتجاوزها التاريخ، وستظل على جدول أعمال الفكر والفلسفة حتى لحظة انتقالها للحركة والتحقق في إطار صيرورة الصراع أو الاختلاف والتعددية.
في ضوء ما تقدم، تكمن أهمية الفلسفة العقلانية عموماً من أجل التنوير واعمال الفكر في كل الظواهر المحيطة بنا، وهو امر هام ، لكن أهمية الفلسفة الماركسية تكمن في كونها تجمع بين إعمال الفكر والعقل من أجل التغيير والثورة على كل أشكال الاضطهاد والاستغلال والقهر خصوصاً... وهي بالتالي تجيب على كل أسئلتنا إذا ما استخدمنا منهجها المادي الجدلي وطبقناه على واقعنا الفلسطيني بصورة جدلية وواعية... وهو هدف لا بد ان يحمله ويناضل من اجله كل مثقف تقدمي إذ اننا أمام تحديات هائلة .. تحديات الصراع مع العدو الصهيوني وتحديات العولمة الإمبريالية.. وتحديات التحرر والاستقلال وحق العودة والدولة المستقلة كاملة السيادة... تحديات التبعية والتخلف الاجتماعي والاصولي .. تحديات الواقع الفلسطيني والعربي المفكك والمهزوم ... تحديات الاقتصاد والتنمية المستقلة والأمن الغذائي والمياه .. تحديات البطالة والفقر ... تحديات المستقبل الذي تسوده الحرية والعدالة الاجتماعية والاشتراكية والوحدة العربيـة ... وكل ذلك مرهون بمراكمة وانضاج ومن ثم خوض المعركة الثقافية –بمنطلقاتها ومحدداتها السياسية - انطلاقاً من البنية، كنقطة انطلاق أو ارتكاز من ناحية، وكشرط موضوعي ليس لخوض المعركة الثقافية داخل فصائل وأحزاب اليسار الماركسي في بلداننا العربية، بل أيضاً لضمان التفاعل بين الحزب والجمهور عبر لجان تنظيمية متخصصة – في إطار مراكمة وتشكل الوعي النقيض لكل من الثقافة الغربية الليبرالية ومن ثم إدراك الأسس والآليات المطلوبة في مواجهة التحالف الإمبريالي الصهيوني باعتبار أن تناقضنا معه هو تناقض تناحري ووجودي في آن ، وإدراك ومواجهة واقع التخلف والتبعية والإرتهان من أجل تجاوزه في إطار الصراع السياسي الديمقراطي الداخلي ضد التحالف الطبقي البيروقراطي الكمبرادوري المهيمن راهناً ، بما في ذلك الصراع الديمقراطي مع كافة مكونات التيار الديني السلفي أو ما يسمى بالإسلام السياسي من ناحية ثانية بما يضمن تحقيق الوعي ووضوح الرؤية الفكرية ارتباطاً بثبات الهدف ومرونة الوسائل وحركة الواقع، وهنا يكون الوعي بمثابة الشرط النوعي لبلورة وتطور ما أسماه جرامشي بـ "الكتلة التاريخية" تمهيداً لحرب المواقع.
وفي هذا السياق فإن طرح "جرامشي " جاء في فترة ركود الصراع الطبقي عموماً في إيطاليا، وفي جنوبها بشكلٍ خاص ، حيث كانت تتجلى حينذاك ظاهرة التخلف وغياب التبلور الطبقي قياساً بالشمال المتطور ، لذلك تحدث "جرامشي" عن دور المثقف العضوي والحزب الجمعي ، كحامل اجتماعي "بديل " للطبقة غير المتبلورة –كما هو الحال في بلادنا-، وفي هذا المناخ الاجتماعي بلور "جرامشي" فكرته حول تأسيس "الكتلة التاريخية" بهدف خلق تيار شعبي تقدمي يستطيع أن يحقق "الهيمنة الثقافية" ضد أفكار السلطة والطبقة الحاكمة او السائدة آنذاك، وصولاً إلى " حرب المواقع" التي دعا الحزب إلى القيام بدوره الطليعي في تفعيلها ونشر مبادئها وآلياتها عبر النقابات والمدارس والنوادي والجمعيات...الخ بهدف الوصول إلى مراكمة العناصر والمقومات المطلوبة لتحقيق الهيمنة الثقافية من قبل الحزب على المجتمع، ما يعني أن الهيمنة الثقافية – من وجهة نظر غرامشي- تسعى إلى مركسة الحزب ووعي الواقع الاجتماعي الاقتصادي في إيطاليا في آنٍ واحد، ومن ثم بناء ذهنية تفكير على أساس المنهج المادي الجدلي.
إذن المسألة المركزية في طرح غرامشي هي: كيف تصبح أفكار الحزب الماركسي أو الشيوعي متغلغلة بين جماهيره وتحظى بتأييدهم ودعمهم والتحاقهم به. لكن الإشكالية عندنا- في فلسطين والبلدان العربية – تكمن في بعدين، الأول: موضوعي يرتبط بطبيعة التطور الاجتماعي المشوه والعلاقات الطبقية غير المتبلورة، خاصة في صفوف ما يسمى بالشرائح "البرجوازية" التي لن تتحول إلى برجوازية صناعية مستنيرة وعقلانية وواعية لمصالحها في الحفاظ على سوقها الوطنية، كما أن كافة الشرائح الرأسمالية أو الطبقية العليا من "البرجوازية" في الصناعة أو التجارة أو الزراعة أو المصارف والعقارات والمقاولات...الخ، ستظل تحمل طابعاً كمبرادورياً مرتبطاً بالبيروقراطية الحاكمة، ولذلك لا يمكن أن نطلق عليها سوى البرجوازية التابعة أو الرثة، وستظل كذلك طالما بقي التطور الاقتصادي في بلادنا محتجزاً وتابعاً سواء بالمعنى التاريخي أو في ظل مقتضيات العولمة الرأسمالية التي تتجسد عبر دور ووظيفة دولة العدو الصهيوني التي تحولت اليوم إلى ما اسميه بـ"الدولة الإمبريالية الصغرى"، تسهم بدورها في احتجاز التطور العربي عموماً والفلسطيني خصوصاً بصورة واضحة ومباشرة، إلى جانب دور التراث السلفي السالب وتأثيره المتكيف مع شروط العولمة راهناً ومستقبلاً.
أما البعد الثاني: فهو ينحصر تحديداً في العامل الذاتي أو الحزب الماركسي، حيث نلاحظ في قراءتنا لأوضاع الأحزاب اليسارية العربية والفلسطينية عموماً، سيادة حالة من المتاهة أو الفوضى الفكرية التي تتداخل في بعض جوانبها بالمصالح "الذاتية" أو "الطبقية" الطارئة أو المستحدثة، كما هو الحال في علاقة عدد من أحزاب اليسار ببعض الأنظمة العربية القائمة بما في ذلك السلطة الفلسطينية، وهي علاقة لا يمكن إدراجها إلا ضمن الموقف الانتهازي على الصعيدين الطبقي والسياسي.
وبالتالي فإن حالة التوهان أو الفوضى الفكرية، أو الإنتهازية السياسية والتراجع عن الهوية الفكرية، لم تكن وليدة الصدفة –فالصدفة لا يستخدمها إلا من كان جاهلاً بأسباب الحدث أو الظاهرة- إذ أن تراجع الجانب النضالي بالمعنى الكفاحي والسياسي الشعبي أو الجماهيري، إلى جانب ضحالة النضال الطبقي الاجتماعي، وغياب الوعي بتفاصيله في واقعنا، أدى كل ذلك إلى غياب الترابط الضروري بين مفهوم التحرر ومفهوم النضال الديمقراطي أو المطلبي، وهذا الأخير شرط –في هذه المرحلة- لتقدم اليسار في نضاله التحرري أو الوطني، سواء في فلسطين أو في أي بلد عربي آخر.
أخيراً .. لقد استهدفنا عبر كل ما قدمناه من نصوص مكونة لهذه المحاضرة، ليس فقط للفهم والتأمل العقلاني الفلسفي أو المعرفي فحسب، بقدر ما هي أيضاً دعوة لمزيد من الحركة النضالية والمجتمعية- خاصة في صفوف شاباتنا وشبابنا - على جميع المستويات، بعيداً عن كل أشكال ومظاهر الثبات أو الجمود أو العقائدية من ناحية، والوعي العميق بكل مكونات واقعنا الفلسطيني والعربي بالاستناد إلى رؤية نظرية حداثية عقلانية وديمقراطية تعزز المشروع التحرري النهضوي العربي بما يمكننا من الإسهام بصورة واضحة في تطبيق شعاراتنا وسياساتنا على طريق النضال من أجل تغيير هذا المشهد السوداوي الذي نعيشه اليوم .



#غازي_الصوراني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في فهم الماركسية المعاصرة وواقع العالم الثالث ...وجهة نظر لل ...
- من نحن .. وما هويتنا ؟
- الرؤية الموضوعية في الحكم على نظام التعليم العالي في الأراضي ...
- دروس وعبر الوعي بتاريخ الفلسفة .........
- الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والتركيبة السكانية في قطاع غز ...
- الأوضاع السياسية والاجتماعية في قطاع غزة أثناء الاحتلال بعد ...
- قطاع غزة قبل تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية وأجواء ما قبل هز ...
- الاوضاع القانونية والسياسية والثقافية/خاصة الصحافة في قطاع غ ...
- أزمة التعليم في الجامعات الفلسطينية
- سبل النهوض بجبهة مقاومة التطبيع في مشرق ومغرب الوطن العربي
- راهنية جبهة مقاومة التطبيع في مغرب ومشرق الوطن العربي لدعم ا ...
- صعود وهبوط الهوية القومية العربية في التاريخ المعاصر
- لماذا لم تتطور الأوضاع الاجتماعية و الاقتصادية العربية في ال ...
- بمناسبة الأول من أيار ....عن العمال والفقراء في الوطن العربي
- في مناسبة يوم العمال... الطبقة العاملة الفلسطينية ومخاطر توط ...
- .سنظل الاوفياء في رفع راية الطبقة العاملة وكافة الفقراء والك ...
- على طريق استنهاض قوى اليسار الماركسي في الوطن العربي لتحقيق ...
- عن اخفاق وفشل أحزاب وفصائل اليسار الماركسي في بلداننا وسبل ن ...
- الفلسفة في الوطن العربي في مائة عام
- ماركس والاستغلال الرأسمالي ومستقبل الطبقة العاملة.


المزيد.....




- مصر.. صورة دبابة ميركافا إسرائيلية بزيارة السيسي الكلية العس ...
- ماذا سيناقش بلينكن في السعودية خلال زيارته الاثنين؟.. الخارج ...
- الدفاعات الروسية تسقط 17 مسيرة أوكرانية جنوب غربي روسيا
- مسؤولون في الخارجية الأمريكية يقولون إن إسرائيل قد تكون انته ...
- صحيفة هندية تلقي الضوء على انسحاب -أبرامز- الأمريكية من أمام ...
- غارات إسرائيلية ليلا على بلدتي الزوايدة والمغراقة وسط قطاع غ ...
- قتلى وجرحى جراء إعصار عنيف اجتاح جنوب الصين وتساقط حبات برد ...
- نصيحة من ذهب: إغلاق -البلوتوث- و-الواي فاي- أحيانا يجنبك الو ...
- 2024.. عام مزدحم بالانتخابات في أفريقيا
- الأردن.. عيد ميلاد الأميرة رجوة وكم بلغت من العمر يثير تفاعل ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - غازي الصوراني - اسباب عجز الفكر العربي المعاصر عن التطور الفلسفي